المحبة
والحكمة
1. المحبة
والحكمة: الحب
يعني رفضنا ما
يضاد روح الرب
١ - ٦.
2. المحبة
الحقيقية
مصدرها
الصليب
٧ - ١١.
3. كيف
نتذوق
المحبة؟
أ.
خلال حبنا
لإخوتنا
١٢ - ١٦.
ب.
خلال
انتظارنا يوم
الرب بفرح ١٧
- ٢١.
1.
المحبة
والحكمة
"أيها
الأحباء لا
تصدقوا كل
روح،
بل امتحنوا
الأرواح هل هي
من عند
اللَّه،
لأن
أنبياء كذبة
كثيرين قد
خرجوا إلى
العالم" [1].
يهب الحب
للإنسان
بساطة، فيصدق
كل شيء. لكن ينبغي
أن يكون
ملازمًا له
روح التمييز
أو الحكمة،
حتى لا ينخدع
الإنسان
بالمعلمين
الكذبة، الذين
يأتون تحت اسم
"المسيح"
ويتسترون بكلمة
"المحبة"
ليخفوا اسمهم
في بريق كلمات
جذابة وفلسفة
باطلة، مدعين
أنهم مرشدين
بالروح القدس.
ولقد
حذرنا ربنا من
هؤلاء قائلاً:
"انظروا لا يضلكم
أحد فإن
كثيرين
سيأتون
باسمي...
ويضلون كثيرين"
(مت 14: 4-5).
ويحذرنا
سليمان
الحكيم ألا
نشرب من ماءٍ
غريبٍ، مهما
بدا عذبًا
وحلوًا وظهر
مقدسًا (أم 9: 18)،
وقد أشار ربنا
عن الروح
القدس بالماء
(يو 7: 37). إذن،
لنحذر ممن يدعون
أنهم مرشدون
بالروح وهم
غرباء عن الكنيسة.
لقد خاف
الرسول على
الكنيسة من
أمثال هؤلاء قائلاً:
"فإني أغار
عليكم غيرة
اللَّه، لأني
خطبتكم لرجل
واحد، لأقدم عذراء
عفيفة للمسيح.
ولكنني أخاف
أنه كما خدعت
الحية حواء
بمكرها هكذا
تفسد أذهانكم
عن البساطة
التي في
المسيح. فإنه
إن كان الآتي
يكرز بيسوع
آخر لم نكرز
به، أو كنتم
تأخذون روحا آخر
لم تأخذوه أو
إنجيلاً آخر
لم تقبلوه..." (٢
كو 11: 2-4). إنه يخشى
خلال بساطتها
تتقبل مسيحًا
آخر أو روحًا
آخر أو
إنجيلاً آخر، وهو
ليس آخر ولكن
يعلنونه
بفهمهم الخاص
وأهوائهم (غل 1:
6-9). والخطير
فيهم أنهم
"يغيرون
شكلهم كخدام
للبرّ" (٢ كو 11: 15).
يقول الأب
موسى: [يلزمنا
أولاً أن
نختبر بكل حرص
كل فكر يدخل إلى
قلوبنا، وكل
تعليم نقبله،
لنرى إذا كان
قد تنقى بنار
الروح القدس
الإلهي السماوي،
أو ينتمي إلى
خزعبلات
اليهود، أو هو
ثمرة كبرياء
الفلسفة
البشرية التي
ليس لها إلاَ
سطحيات
التدين.
فينخدع البعض
بهذا النوع، إذ
يغويهم حسن
التنسيق
وتجذبهم
التعاليم الفلسفية
التي تخدع
لأول وهلة بما
فيها من بعض المعاني
الورعة التي
تتفق مع
الدين... ومن
جهة أخرى
يلزمنا أن
نحرص لئلا
يُوضع أمامنا
تفسيرًا
خاطئًا للذهب
النقي الذي هو
الكتاب المقدس
فنُخدع.]
لكن
قد تسأل: وما
هي علامات
الروح
الحقيقي؟
"بهذا
تعرفون روح
اللَّه.
كل روح
يعترف بيسوع
المسيح انه قد
جاء في الجسد
فهو من اللَّه.
وكل روح
لا يعترف
بيسوع المسيح
أنه قد جاء في الجسد
فليس من
اللَّه.
وهذا هو
روح ضد المسيح
الذي سمعتم
أنه يأتي والآن
هو في العالم"
[2-3].
المعلم
الحقيقي هو
الذي يشهد
للسيد المسيح
الذي جاء إلى
العالم ليخلصنا.
توجد بدع
كثيرة لم تنكر
مجيء ربنا
يسوع في الجسد،
لكن منها من
أنكر لاهوته
أو لاهوت
الروح القدس
مثل
الأريوسية أو
أتباع
سابليانوس،
فهل هذه البدع
من اللَّه؟
إنهم بلا
شك ليسوا منا،
وإلا ما كانوا
خرجوا عنا.
لقد خرجوا عن
الكنيسة جسد
المسيح
الواحد، وصار
لهم إيمان
مخالف وفكر
مغاير، وبهذا
صاروا ضد المسيح
حتى ولو نسبوا
أنفسهم له.
والآن
بعدما بلغ في
الخارج عدد
الطواِئف ما يقرب
من ٦٠٠ طائفة،
الكل يؤكد أن
إيمانه هو
إيمان الكنيسة
السليم، فكيف
نتحقق
الإيمان
الحقيقي
الخالص من
الإيمان
المزيف؟ لنعد
إلى إيمان
الكنيسة الواحد
بروح الكنيسة
وفكرها
الواحد من
أقصى المسكونة
إلى أقصاها
قبل الانقسام
في مجمع خلقيدونية
المشئوم (في
القرن الخامس)
فإن الكنيسة
خلال الأربعة
قرون الأولى،
بالرغم من
انتشارها
شرقًا
وغربًا، ومع
اختلاف
البيئات وتعدد
الإيبارشيات
وكثرة الرعاة
وضخامة الكتابات
المسيحية
إلاَ إنها
تمتاز بوحدة
الفكر، فلا عجب
إن رأينا
كتابات القديسين
باسيليوس
الكبير أسقف
قيصرية
وهيلاري أسقف
بواتيه
ويوحنا الذهبي
الفم أسقف
القسطنطينية
وأثناسيوس
الرسولي أسقف
الإسكندرية
والبابا
كيرلس الكبير
الخ. آلاف من
الآباء
القديسين
كتبوا وفسروا
وبعثوا رسائل
لبعضهم البعض
أو لرعاية
شعبهم. وكأن
الكل قد تتلمذ
في مدرسة
واحدة بفكرٍ
واحدٍ.
هذا هو
الحق الذي
تشربته
الكنيسة
الواحدة وتتشربه
جيلاً بعد
جيلٍ، فيه
نتتلمذ
لآبائنا بغير
كبرياء ولا
تشامخ أو
اعتداد
بالذات. هذا ما
دفع
بالكثيرين
إلى نشر
كتابات
الآباء الأولين.
إذن
لنحذر من
المخادعين
الذين
يعتمدون على قدرتهم
الذاتية في
الإقناع
الشخصي
ومظهرهم الخارجي،
ولا نخف أو
نضطرب لأنه
كما يقول الرسول:
"أنتم من
اللَّه أيها
الأولاد وقد
غلبتموهم،
لأن الذي
فيكم أعظم من
الذي في
العالم" [4].
هكذا
يشجعنا
الرسول، لأن
الذي فينا روح
الحق الذي لا
ينهزم، به
صرنا أعضاء في
جسد المسيح
السري، هذا
الذي قال: "أنا
قد غلبت العالم"
(يو 16: 33)، وبه صار
لنا روح
الغلبة
والنصرة ضد الشر.
"هم من
العالم، من
أجل ذلك
يتكلمون من
العالم، والعالم
يسمع لهم" [5].
إنهم من
العالم. وهنا
لا يقصد كل
سكان العالم،
بل الذين
تعلقت قلوبهم
بمحبة الأمور
الزمنية. لذلك
فإن دوافعهم
في الكرازة
دوافع زمنية،
"يتكلمون من
العالم"،
إمّا لمكسب
مادي أو سياسي
(كما نرى
للأسف في بعض
الإرساليات
الأجنبية)، أو
بدوافع
الاعتداد
بالذات وحب
الظهور. هؤلاء
يستخدمون
الخدع
المنمقة
والمظهر المملوء
لينًا ولطفًا
دون أن يكون
لهم الحب في
الداخل.
"نحن من
اللَّه، فمن
يعرف اللَّه
يسمع لنا،
ومن ليس
من اللَّه لا
يسمع لنا.
من هذا
نعرف روح الحق
وروح الضلال"
[6].
يضع
الرسول
"الاستماع
لنا" هو الحد
الفاصل بين
روح الحق وروح
الضلال،
وماذا يعني
كلمة "لنا" إلاَ
التلاميذ
والرسل الذين
سلموا
الإيمان للكنيسة
نقيًا. ليت
الكل يرجع إلى
الإيمان الرسولي
المسلم
للقديسين،
رافضين كل فكر
فلسفي محدث.
2.المحبة
الحقيقية
مصدرها
الصليب
"أيها
الأحباء،
لنحب بعضنا
بعضًا،
لأن
المحبة هي من
اللَّه،
وكل من
يحب فقد ولد
من اللَّه
ويعرف اللَّه.
"ومن لا
يحب لم يعرف
اللَّه، لأن
اللَّه محبة"
[7-8].
يقول
الرسول "لنحب"
وليس "لنحاول
أن نحب"، لأنه
قد وهبت لنا
إمكانية الحب
الذي من
اللَّه. بهذا
الحب نتمثل بأبينا
إذ هو "محبة".
يقول القديس
غريغوريوس
النزينزي: [اللَّه
محبة وينبوع
كل حب... كذلك
جعل الخالق المحبة
من سماتنا
قائلاً: "بهذا
يعرف الجميع أنكم
تلاميذي إن
كان لكم حب
بعضًا لبعض"
(يو 13: 35). فإن لم
توجد فينا
المحبة، نكون
قد غيرنا
الخاتم الذي
به نتشكل بشكل
اللَّه.]
ويقول يوحنا
الدرجي: [إن من
يود أن يتكلم
عن الحب،
التزم أن
يتكلم عن
اللَّه ذاته.
فالمحبة
المقدسة هي
مشابهة
اللَّه على
قدر ما يستطيع
البشر.]
ويقول القديس
أغسطينوس: [يمكن
للإنسان أن
يعتمد ومع ذلك
لا يتجاوب مع عمل
الروح القدس
الساكن فيه،
وربما ينال
روح النبوة
ويتنبأ مثل
شاول (١ صم ١٩: 23).
وقد يتناول من
جسد ربنا ودمه
بغير استحقاق
(١ كو 11: 29) وقد
ينسب نفسه
للمسيح
فيُجدف على
اسم اللَّه
بسببه... ولكن
أمر واحد لا
يقدر عليه وهو
أن يبقى فيه
الشر ويحب،
لأن من يحب
حبًا مصدره اللَّه،
لا يقدر أن
يتمسك بعد
بشره. هذا هو
الحب الحقيقي
الذي أعلنه
اللَّه.]
ننال
بذور هذا الحب
في المعمودية
وينمو فينا
بالتوبة المستمرة
والتناول من
الأسرار
المقدسة والصلاح
مع الجهاد
والمثابرة.
هذا الحب هو
هبة من اللَّه
الذي أحبنا!
"بهذا
أظهرت محبة
اللَّه فينا،
أن
اللَّه قد
أرسل ابنه
الوحيد إلى
العالم لكي
نحيا به.
في هذا هي
المحبة، ليس
أننا نحن
أحببنا
اللَّه،
بل أنه هو
أحبنا، وأرسل
ابنه الوحيد
كفارة لخطايانا"
[9-10].
أعلن
الحب الحقيقي
على الصليب.
أحبنا الآب فبذل
ابنه عنا
"الذي لم يشفق
على ابنه بل
بذله لأجلنا
أجمعين كيف لا
يهبنا معه كل
شيء!" (رو 8: 32). والابن
"أحبني وأسلم
نفسه لأجلي"
(غل 2: 20). هكذا نجد
في الصليب
ينبوع الحب
الفياض. كلما تأملنا
فيه نخجل أمام
محبة اللَّه
اللانهائية،
وإذ أحبنا
أولاً قبل أن
نعرفه يليق
بنا كأولاد له
أن نحب نحن
أيضًا. "أيها
الأحباء إن
كان اللَّه قد
أحبنا هكذا ينبغي
لنا أيضًا أن
يحب بعضنا
بعضًا" [11].
أحبنا
اللَّه نحن
العبيد رغم
عدم
استحقاقنا
لحبه، فكم بالأولى
نلتزم نحن بحب
إخوتنا مهما
يكن طبعهم أو حالهم
أو تصرفاتهم
تجاهنا. هو
يحب... فأي فخر
لنا كأولاد له
أن نتمثل
بأبينا لنحب
الإخوة على مثاله!
3.
كيف نتذوق
المحبة؟
أ. خلال
حبنا لإخوتنا:
"اللَّه
لم ينظره أحد
قط.
إن أحب
بعضنا بعضًا
فاللَّه يثبت
فينا،ومحبته
قد تكملت
فينا" [12].
محبة
اللَّه
كاملة، لكننا
لا نتمتع بها
إلاَ عندما
نفتح قلوبنا
لإخوتنا. بهذا
الحب تتنقى قلوبنا
بالروح
القدس،فتقدر
على معاينة
اللَّه."طوبى
لأنقياء
القلب لأنهم
يعاينون اللَّه".
"بهذا
نعرف أننا
نثبت فيه وهو
فينا انه قد
أعطانا من
روحه" [13].
حيث
يكون فينا
الحب نكون
عاملين
بالروح القدس
المعطى لنا
"لأن محبة
اللَّه قد
انسكبت في قلوبنا
بالروح
القدس" (رو ٥: 5).
والحب
الحقيقي هو
الترمومتر
لمعرفة ثباتنا
في اللَّه.
"ونحن قد
نظرنا ونشهد
أن الآب قد
أرسل الابن مخلصًا
للعالم" [14].
أي
لم يعد الحب
مجهولاً بل
نظر التلاميذ
والرسل
وشهدوا عظم
محبة اللَّه
المعلنة على
الصليب. هذه
الشهادة
الرسولية
تسلمتها
الكنيسة لترضع
أولادها بها
ليشبوا على
مثال أبيهم.
"من
اعترف أن يسوع
هو ابن اللَّه
فاللَّه يثبت
فيه وهو في
اللَّه" [15].
فمن
يقبل شهادة
الكنيسة
ويعترف بحب
اللَّه العملي
المعلن في
الخلاص
اعترافًا
عمليًا يثبت
اللَّه فيه
وهو في اللَّه
وبهذا لم يعد
الحب غريبًا
عنه بل في
داخله.
"ونحن قد
عرفنا وصدقنا
المحبة التي
للَّه فينا"
[16].
فإذ صار
الحب فينا
نكون قد
عرفناه
وتذوقناه وصدقناه،
فنتجاوب معه
أكثر فأكثر.
ب.خلال
انتظارنا يوم
الرب بفرح:
"بهذا
تكملت المحبة
فينا،
أن
يكون لنا ثقة
في يوم الدين،
لأنه
كما هو في هذا
العالم، هكذا
نحن أيضًا"
[17].
إذ نتذوق
حب اللَّه
ونتجاوب معه،
فإن كمال حبنا
هو اشتهاء يوم
الرب في ثقةٍ،
لأننا كما
نسلك هنا على
مثاله يكون
لنا نصيب معه
هناك.
حسن أن
نبدأ
بالمخافة،
فنرهب يوم
الرب، فنتيقظ
ضد أعدائنا،
أي الخطية...
لكن قدرما
نستعذب محبة
اللَّه ونحب
إخوتنا نتوق
إلى ربنا وتشتهي
النفس قبلات
العريس
منتظرة في فرح
يوم عرسها
كعذراء عفيفة
متحلية
بالإيمان
والرجاء
والمحبة.
وهكذا ينتزع
الخوف ليحتل
الحب مكانه إذ
يقول الرسول:
"لا خوف
في المحبة،
بل
المحبة
الكاملة تطرح
الخوف إلى
الخارج" [18].
يقول القديس
أغسطينوس:
[كلما تزايدت
المحبة تناقص
الخوف. وكلما
قلت المحبة
تزايد الخوف
لكن إن لم يكن
خوف فليس هناك
حب. وكما نرى
في الحياكة أن
الخيط يطرز
بمخراز، فإن
لم يخرج المخراز
لا يدخل الخيط
ليحتل مكانه،
هكذا يشغل
الخوف النفس،
لكنه لا يظل
فيها بل يترك
مكانه للحب.]
يقول القديس
مرقس الناسك:
[الخوف من
جهنم يشجع
المبتدئين
حتى يتركوا شرهم.
أما
المتقدمون
فإن رغبتهم في
المكافأة تحفزهم
على تنفيذ
الصلاح. وأما
سرّ الحب فهو
أنه يسمو بالعقل
ليرتفع فوق كل
المخلوقات
خافيًا عن عينيه
كل شيء غير
اللَّه.]
"لأن
الخوف له عذاب".
يقول القديس
أغسطينوس:
[عندما
يعرف الإنسان
خطيته يتألم...
وإذ تدخل المحبة
إلى النفس
تبرئ كل
جراحات الخوف.
فخوف اللَّه
يسبب جراحات
كما من مشرط
الطبيب الذي
ينزع الجرح،
ولو أدى ذلك
إلى اتساعه...
إذن
ليشغل الخوف
نفوسنا حتى
يحل الحب
محله، ويلتئم
الجرح!...
الخوف
الأول،
فيه يخاف
الإنسان لئلا
يُطرح في
الجحيم ويحترق
بالنار
الأبدية مع
إبليس وجنوده.
أما الخوف
الثاني،
ففيه يخاف
لئلا يفقد الصلاح
ويتركه
اللَّه، إذ هو
مشتاق إلى
التمتع
باللَّه ذاته.
ويمكننا
إدراك الفرق
بين الخوف
الذي تطرحه المحبة
إلى خارج،
والخوف النقي
الثابت إلى الأبد
إذا ما
قارناهما
بنوعين من
النساء:
1. سيدة
تشتهي ارتكاب
الزنا وتتلذذ
بالشر، لكنها
تخاف نقمة
زوجها. تخافه
لكنها لا تزال
تحب الإثم،
ووجود زوجها
يسبب لها ضيقًا
وحزنًا. وإن
حدث أن سلكت
في الشر تخشى
مجيئه... هكذا
يخشى البعض
مجيء الرب.
2.
والثانية تحب
زوجها وتشعر
أنها مدينة له
بقبلاتها
الطاهرة،
فتحفظ نفسها
من الزنا مشتهية
مجيئه
والوجود معه.
هكذا كل
من الاثنتين
تخاف رجلها...
الأولى تخشى
مجيئه،
والثانية
تخشى لئلا يرحل
عنها. الأولى
تخاف عقابه،
والثانية
تخاف تركه
لها.
فالنفس
التي لها
الخوف النقي
تئن متألمة "رحمة
وحكمة أغني لك
يا رب أرنم.
أتعقل في طريق
كامل متى تأتي
إليّ" (مز 101: 1). في
طريق كامل
تتعقل فلا
تخاف، لأن
المحبة تطرح
الخوف إلى
خارج، وعندما
يأتي العريس
إلى ذراعيها
تخاف لكن كمن
هي في أمان...
تخاف لا من أن
تطرح في جهنم،
وإنما لئلا
يكون فيها إثم
أو خطية
فيتركها
عريسها.]
يؤكد الأب
شيريمون نفس
المعنى
معلمًا إيانا
عن قيمة مخافة
الرب موضحًا
الفرق بين خوف
العبيد الذي
هو بداية
الطريق
والمخافة
الكاملة
النابعة عن
الحب العظيم.
هذه المخافة
التي وصفها
النبي على أنها
غنى خلاصنا
(إش 3٣: ٦)، وهي من
صفات ربنا
يسوع نفسه، إذ
يقول النبي: "يحل
عليه روح
الرب... روح
المعرفة
ومخافة الرب...
لذته تكون في
مخافة الرب"
(إش ١١: 1).
ويقول مار
فليكسينوس:
[يوجد من يخاف
لئلا يجلد،
وهذا خوف
العبيد، ويوجد
من يخاف لئلا
يخسر وهذا خوف
الأجير. ويوجد
من يخاف لئلا
يغيظ وهذا خوف
الصديقين.]
يقول القديس
مقاريوس
الكبير:
[الرسل أنفسهم
مع أنه كان
فيهم المعزي
إلاَ أنهم لم
يكونوا خالين
من الخوف
مطلقًا (١ كو
9: 27)، لأنه مع
الفرح
والبهجة كان
فيهم أيضًا الخوف
والرعدة (في 2: 12-13)
الناشئين عن
النعمة ذاتها،
وليس عن
الطبيعة
الفاسدة. ولكن
تلك النعمة عينها
كانت حارسة
لهم لئلا
يزيغوا ولو
قليلاً.]
هكذا حتى
الشاروبيم
وكل طغمات
السمائيين يحبون
اللَّه لكنهم
يقفون أمامه
بخوف ورعدة،
ليس خوفًا من
نار جهنم، لكن
مهابةً
واحترمًا.
تفسير آخر
يقول العلامة
ترتليان في
حديثه عن
الاضطهاد عن
الخوف
المطروح خارجًا،
انه الخوف
بالمعنى
العام، أي خوف
الإنسان على
حياته
الزمنية. فإذ
يعلمنا
الرسول يوحنا
أن نضع أنفسنا
لأجل الإخوة (١
يو 3: 16)،
فبالأولى
جدًا يليق بنا
أن نصنعه من
أجل الرب. أما
الذي يخاف من
أن يتألم،
فهذا لا يستطيع
أن ينتسب للذي
تألم. أما
الذي لا يخاف
من أن يتألم
فإنه يكتمل في
الحب، أي في
حب اللَّه.
"نحن
نحبه لأنه هو
أحبنا أولاً"
[19].
أحبنا
ونحن بعد خطاة
(رو ٥: ٣٨)
واختارنا
عروسًا له،
فأي فضل لنا
إن أحببناه؟
إننا نرد له
هذه المحبة في
أولاده
إخوتنا.
"إن قال
أحد أني أحب
اللَّه،
وأبغض أخاه
فهو كاذب".
وعلامة كذبه
هو "لأن من لا
يحب أخاه الذي
أبصره، كيف
يقدر أن يحب
اللَّه الذي
لم يبصره؟" [20]
فبحبنا
للإخوة
المنظورين
تزول عنا
الغشاوة
الداخلية،
فتعاين
قلوبنا اللَّه.
وبحبنا
لإخوتنا نكون
قد نفذنا
وصيته، مبرهنين
على حبنا له.