يعقوب
والسماء
المفتوحة
إذ
بارك إسحق
ابنه يعقوب
أوصاه - كطلب
رفقه - أن ينطلق
إلى خاله
لابان ليتزوج
من بناته زوجة
له تقدر أن
تسنده في طريق
إيمانه ولا
يرتبط كأخيه
ببنات حث
الوثنيات...
وفي الطريق
انفتحت السموات
ليرى يعقوب
سلمًا رأسه في
السماء
وملائكة الله
صاعدون
ونازلون
عليه، والرب
واقف عليه...
وإذ استيقظ من
نومه مسح الحجر
الذي كان
مستندًا عليه
ليكون عمودًا
في بيت الله.
1. وصية
إسحق ليعقوب
1-5
2. عيسو
يتزوج ابنة
إسماعيل
6-9
3.
السلم
السماوي
10-15
4.
يعقوب وبيت
الله
16-22
إن
كانت رفقة
سألت يعقوب أن
يهرب من وجه
أخيه عيسو حتى
يهدأ غضبه، فقد
تيقنت هي وزوجها
إسحق أن يعقوب
هو وراث
البركة، وفيه
تتحقق
المواعيد، لهذا
في حديثها معه
كانت متأكدة
من عودته إلى
أرض كنعان (27: 44، 45)
ليرث أرض
الموعد...
الأمر الذي
أوضحه أيضًا
إسحق بقوله
له: "يعطيك
بركة إبراهيم
لك ولنسلك
معك، لترث أرض
غربتك التي
أعطاها الله
لإبراهيم" [٤]. حقًا
كان يمكن
لإسحق أن يرسل
عبدًا يأتي
إليه بزوجة
ليعقوب كما
فعل إبراهيم
عند زواج
إسحق، لكن بسبب
حقد عيسو فضل
إسحق ورفقة أن
ينطلق ابنهما
إلى خاله
ويقيم عنده "
أيامًا
قليلة"، هذه
الأيام
القليلة
امتدت حوالي 40
عامًا... خلالها
ماتت رفقة ولم
تنظر ابنها
يعقوب.
بارك
إسحق ابنه
يعقوب قبل
انطلاقة إلى
لابان خاله
الذي وصفه
الكتاب هكذا: "أخ
رفقة أم يعقوب
وعيسو" [٥].
هنا تدعى رفقة
أم يعقوب إذ
حُسب البكر
والمتمتع
ببركة
إبراهيم.
رأى
عيسو أن أخاه
قد نال
البكورية
فالبركة، وتثبت ذلك
بإرساله إلى
فدان آرام
ليتزوج من بنات
خاله، كما شعر أن
زواجه ببنات
حث الوثنيات
حرمه من
الكثير لهذا
عزم أن يتزوج
من نسل
إبراهيم ليسترضى
والديه فأخذ
لنفسه زوجة
ثالثة هي محله بنت
إسماعيل بن
إبراهيم أخت
نبايوت.
والآن
انطلق يعقوب
هاربًا من وجه
أخيه عيسو، محرومًا
من عاطفة
والديه
واهتمامهما، صار في
الطريق عند
غروب الشمس
وحده معرضًا
لمخاطر
كثيرة... وسط
هذا الضيق وضع
يعقوب رأسه
على حجر
واضطجع في ذلك
الموضع ليرى
السموات
مفتوحة، وسلمًا
سماويًا
منصوبًا على
الأرض رأسه
يمس السماء، الأمر
الذي لم يكن
ممكنًا أن
يشاهده حين
كان مدللاً في
الخيمة تهتم
به والدته
وتضع الوسائد
الناعمة تحت
رأسه! وسط
الضيق
والحرمان
يتجلى الله
ليسد كل عوز ويعطى
بفيض أكثر مما
نسأل وفوق ما
نطلبه. كما يقول
القديس
جيروم: [الحجر
الذي تحت رأسه
هو المسيح، إذ لم
يكن له من قبل
حجر تحت رأسه، إنما
صار له في ذلك
الوقت الذي
هرب فيه من
مضطهده. عندما
كان في بيت
أبيه
مستريحًا حسب
الجسد لم ينعم
بحجر تحت
رأسه. لقد ترك
بيته كفقير
وصار كوحيد، ليس
لديه سوى عصا، فوجد
في نفس الليلة
حجرًا يضعه
تحت رأسه. وإذ صارت
له وسادة من
هذا النوع
استراحت رأسه
خلال الرؤيا
التي شاهدها[370]].
إن كان
الحجر هو
السيد المسيح
فإننا لا ننعم
به في حياتنا، يسند
رأسنا بالرؤى
السماوية
والمعرفة
الإلهية
الفائقة
مادمنا نعيش
مدللين نطلب
الاتكاء على
الآخرين...
يرى الأب
قيصريوس[371] أسقف Arles أن
يعقوب يشير
إلى السيد
المسيح، وأن أباه
إسحق الذي طلب
منه أن يترك
بنات المنطقة
يشير إلى الآب
الذي طلب منه
أن يترك المجمع
اليهودي
ليذهب إلى
موضع بعيد حيث
يقتنى كنيسة
الأمم عروسًا
له. هذا قد
تحقق عندما
قال الرسولان
لليهود: "كان
يجب أن
تُكلموا أنتم
بكلمة الله، ولكن
إذ دفعتموها
عنكم وحكمتم
أنكم غير
مستحقين
للحياة
الأبدية هوذا
نتوجه إلى
الأمم" (أع 13: 46).
كما
يرى الأب
قيصريوس في
الحجر رمزًا
للسيد المسيح
أيضًا، الذي عليه
تقوم
الكنيسة، وقد مسحه
الآب للعمل
الخلاصي، فبينما
ظهر السيد
المسيح على
السلم في أعلى
السماء بكونه
السماوي، إذا به تحت
رأس يعقوب
كحجر الزاوية
الذي عليه
تتأسس الكنيسة
بتجسده. يتحدث
القديس
أغسطينوس عن
هذا الحجر، قائلاً:
[في هذا الحجر
نفهم المسيح...
وضعه عند رأسه
بكونه رأس
الرجل (1 كو 11: 3).
وقد مُسح
الحجر، لأن
"المسيح" دعي
هكذا إذ هو
"ممسوح"[372]].
أما
السلم الذي
رآه يعقوب فهو
صليب ربنا
يسوع المسيح
الذي
بالإيمان
نرتفع خلاله
لننعم بالسماء
عينها، وخلال
الجحود به
انحدر اليهود
إلى الهاوية، وكما
يقول القديس
جيروم: [أظن أن
صليب المخلص
هو السلم الذي
رآه يعقوب. على
هذا السلم
كانت
الملائكة
نازلة وصاعدة.
على هذا
السلم، أي على
الصليب كان
اليهود
نازلين
والأمم صاعدين[373]].
كما يقول: [لقد
رأى ملائكة
يصعدون، إذ رأى
بولس صاعدًا؛
ورأى ملائكة
ينزلون، إذ رأى
يهوذا الخائن
ساقطًا إلى
التمام. رأى
ملائكة
يصعدون،إذ
رأى قديسين
يرتفعون من
الأرض إلى
السماء، كما رأى
ملائكة
ينزلون أي الشيطان
وكل جيشه
ينحدرون من
السماءّ[374]].
إذ نرى
السلم لا
نستصعب
الصعود
خلاله، فإن الرب
واقف عليه
يسندنا
ويرفعنا
إليه، كما يقول
القديس جيروم:
[لا تنظر إلى
الدرجات بل
تطلع إلى فوق
حيث الرب[375]].
ويشجعنا القديس
جيروم على
الاستمرار في
الصعود بلا
توقف، قائلاً: [إن
كان واحد منا
واقفًا على
الدرجة الأولى
فلا ييأس من
بلوغ
الثانية، ومن كان
على الثانية
فلا يفقد
رجاءه في
بلوغه
الثالثة. يا
لغبطة
الشهداء إذ
تأهل الكثير
منهم إلى
الصعود حتى
الدرجات
النهائية، إلى
القمة عينها.
نحن الذين
نعيش في
العالم لا
نقدر على صعود
كل الدرجات
دفعة واحدة من
أسفل إلى
أعلى، لكنه
ليتنا لا
نكتفي
بالوقوف على
الدرجة الأولى
إنما يليق بنا
أن نجاهد
صاعدين درجات
أعلى[376]]. كما
يقول: [الدرس
الذي نتعلمه
من السلم أنه
لا يليق
بالخاطي أن
ييأس من
الخلاص، ولا البار
أن يستكين
مطمئنًا
لفضيلته[377]].
ويعلل الأب
قيصريوس
توقيت ظهور
هذه الرؤيا في
الطريق بقوله:
[لماذا حدث
هذا في الطريق
قبل أن يقتنى
يعقوب زوجته؟
لأن ربنا – يعقوب
الحقيقي -
انحني أولاً
على السلم أي الصليب
وبعد ذلك شكل
الكنيسة
لنفسه. في
الوقت الذي
فيه قدم لها
دمه مهرًا
لملكوته![378]].
في
دراستنا
للكنيسة كبيت
الله تحدثنا
عن بيت إيل[379] بكونه
أول بيت لله
أقامه
الإنسان
بعدما تمتع بالسماء
المفتوحة
ورأى السلم
المنصوب على الأرض
رأسه يمس
السماء، والملائكة
صاعدين
ونازلين عليه
كما سمع الرب
الواقف عليه
يقول له: "ها
أنا معك".
فبكر يعقوب
وقال: حقًا، إن
الرب في هذا
المكان!... ما
أرهب هذا
المكان!... ما
هذا إلاَّ بيت
الله، وهذا باب
السماء ! ثم
أخذ الحجر
وأقامه
عمودًا وصب
عليه زيتًا، ودعي
الموضع "بيت
إيل" أي (بيت
الله).
أراد
الله أن يقدم
للجماعة
المقدسة خلال
أبيهم يعقوب
حقيقتين
إيمانيتين، هما:
معييته معهم، وانفتاح
السماء على
الأرضيين.
فمن
جهة معييته مع
شعبه، نجد تأكيد
الرب "ها أنا
معك"، في الوقت
الذي لم يجد
فيه يعقوب من
يقدر أن يسنده...
ومن
جهة انفتاح
السماء على
الأرضيين، فقد
تمت المصالحة
خلال السلم
الحقيقي، وصارت
الكنيسة بيت
الله ومسكن
ملائكته. وكما
يقول القديس
يوحنا الذهبي
الفم: [يرسل
الله
الملائكة إلى
البشر، عندئذ
يقود البشر
إلى السمويات.
هوذا السماء تُقام
على الأرض، حتى
تلتزم السماء
بقبول
الأرضيين[380]].
وقد
سبق لنا
الحديث عن
الكنيسة (بيت
إيل) وارتباطه
بالجماعة
المقدسة
والسماء[381].
[370] On Ps. hom 46.
[371] Ser. 83: 2.
[372] On Ps. 45.
[373] On Ps. hom 21.
[374] Ibid 41.
[375] Ibid.
[376] Ibid.
[377] Ep. 132: 5.
[378] Ser. 87: 3.
[379] Church, House of God, P 20-22.
[380] Sunday Sermons of the Great Frs. Vol. 1, P. 113.
[381] الكنيسة بيت الله، ١٩٨٢، الباب الثاني.