يهوذا
وثامار
إذ
يأتي السيد
المسيح من نسل
يهوذا كان
لابد للكتاب
المقدس أن
يعرض لنا
سلسلة مواليد
يهوذا حتى
نتتبع أنساب
السيد.
حقًا
لقد أشار
يهوذا – في
محبته للمال –
على إخوته أن
يبيعوا أخاهم
يوسف، لكن
الله حول خطأه
إلى تحقيق
مقاصده
الإلهية،
فصار يهوذا
للأمة
اليهودية
التي خانت
يوسف الحقيقي.
والآن ينطلق
يهوذا ليتزوج
بكنعانية،
لكن نعمة الله
الفائقة حولت
حتى هذا العمل
لإعلان تدبير
الله
الخلاصي...
١.
أولاد يهوذا
١-٥
٢. عير
وثامار
٦-١١
٣.
يهوذا
وثامار
١٢-٢٦
٤.
ولادة فارص
وزارح
٢٧-٣٠
"وحدث
في ذلك الزمان
أن يهوذا نزل
من عند أخوته
ومال إلى رجل
عدلامي اسمه
حيرة، ونظر
يهوذا هناك
ابنة رجل
كنعاني اسمه
شوع، فأخذها
ودخل عليها،
فحبلت وولدت
ابنًا ودعى
أسمه عيرا" [١-٣].
أنفصل
يهوذا عن
إخوته ومال
إلى حيرة
العدلامي،
ربما كان
صديقًا له،
وهناك اقترن
بابنة رجل
كنعاني يدعى
"شوع" أي
"غنى". وكأنه
يمثل الأمة
اليهودية
التي جحدت
يوسف الحقيقي
وانطلقت خلال
محبتها لغنى
العالم تقترن
بالفتاة الوثنية
أي عدم
الإيمان.
حبلت
ابنة شوع ثم ولدت
أونان،
وللمرة
الثالثة
أنجبت شيلة
وكان في كزيب
حين ولدته.
هذا الالتصاق
والإنجاب من
الكنعانية
إنما يشير إلى
إصرار الأمة
اليهودية على
رفض الإيمان
بالمخلص، وفي
المرة الثالثة
تم الإنجاب في
كزيب التي
تعني "كاذبًا"،
إذ تحمل الأمة
ثمارًا كاذبة
خلال التصاقها
بالجحود.
هذا
وعدلام التي
ينسب إليها
حيرة والد شوع
هي إحدى مدن
كنعان
الكبرى،
معناها "مخبأ
أو ملجأ"، وهي
تقترب من
مغارة داود
المشهورة في
وادي إيله
الممتد من
حبرون إلى
فلسطين على
غاية ميلين أو
ثلاثة أميال
جنوب شوكوة و١٥
ميلاً
تقريبًا شمال
غربي حبرون.
أما كزيب فقد
دعيت في نبوة
ميخا "إكزيب"
(مي ١: ١٤، ١٥)،
تقع عند عين
كذبة شمال
عدلام
وبالقرب منها.
أخذ
يهوذا لبكره
عير ثامار
زوجة له التي
يعني أسمها
"نخلة".
إن
كان يهوذا قد
أخطأ
باقترانه
بامرأة كنعانية،
فإن ثمر هذا
الخطأ قد تجلى
في أولاده،
فيروي لنا
السفر عن ابنه
البكر عير أنه
قد مات قبل أن
ينجب ليكون
درسًا
لعائلته
وليتعظ بالأكثر
يهوذا وبقية
أولاده. لكن
الدرس لم يكن
له أثره في
حياة إخوته،
فعندما ألزم
يهوذا ابنه
أوثان أن
يتزوج ثامار
لينجب طفلاً
باسم الميت
عير تصرف
بطريقة غير
إنسانية في
حياته
الزوجية حتى
لا تنجب
ثامار. ولعله
كان يهدف بهذا
أن ميراث
والده يوزع
عليه وعلى
أخيه الأصغر
شيلة ولا يكون
للميت (عير)
نصيب. هكذا من
أجل الطمع في
النصيب
الأكبر رفض أن
ينجب طفلاً باسم
أخيه الميت...
لذلك أماته
الرب أيضًا [١٠].
كان
يليق بيهوذا
أن يراجع
حساباته،
ويدرك أنه فشل
في تربية
أولاده، وها
هو قد فقد
عيرًا وأوثانًا
ولم يبق سوى
شيلة... فعوض
التفاهم مع شيلة
ليسلك بروح
آبائه يعقوب
وإسحق
وإبراهيم طلب
من ثامار أن
ترجع إلى
بيتها تحت
ستار صغر سن
ابنه الثالث،
أما في قلبه فقال
"لعله يموت
هو أيضًا
كأخويه" [١١].
ما أحوجنا في
علاج أمورنا
أن ندخل إلى
العمق، فنرى
السبب
الحقيقي
للفساد
وننزعه، عوض
التصرف
بطريقة شكلية
خارجية. لو أن
يهوذا انتزع الخطية
من أسرته لما
كانت هناك
حاجة للمخاوف التي
ملأت فكره
وقلبه ولما
كانت هناك
ضرورة لرد ثامار
إلى بيت
أبيها.
كبر
شيلة ولم يف
يهوذا بوعده،
إذ لم يقدمه
زوجًا
لثامار... وإذ
كان يهوذا
صاعدًا إلى
تمنة ليجز
غنمه، خلعت
ثامار ثياب
ترملها وتغطت
ببرقع وجلست
في مدخل
عينايم التي
على طريق
تمنة، وإذ
حسبها يهوذا
زانية دخل
عليها بعد أن
قدم لها خاتمه
وعصاه رهنًا
حتى يرسل لها
جدي معزي من
الغنم. وإذ
أرسل يهوذا
جدي المعزي لم
يجدها الرسول
فرده إلى
يهوذا. وبعد
ثلاثة أشهر
أُخبر يهوذا
بأن ثامار
حامل، فقال
يهوذا: "أخرجوها
فتحرق" [٢٤]،
أما هي فأخرجت
الخاتم
والعصا، وإذ
تحققهما يهوذا
أدرك خطأه،
فقال: "هي أبر
مني، لم أعطها
لشيلة ابني" [٢٦].
ويلاحظ
في هذه القصة
الآتي:
أولاً: "تمنة"
بالعبرية
تعني "النصيب
المعين[407]"، يوجد
أكثر من موضع
يحمل هذا
الاسم، أما
المذكورة هنا
فتبعد حوالي ٧
أميال من عدلام
حيث كان يهوذا
وحيرة، وهي
تقرب من بيت لحم،
وتسمى حاليًا
تبنة.
لقد
انطلق يهوذا
إلى تمنة أي
نصيبه الخاص
به بعد أن
تعزى إذ كانت
ابنة شوع قد
ماتت... ولم يكن
يهوذا يفكر في
نصيب غيره،
يهتم بما
لنفسه ولا يهتم
بما لثامار
كنته
الأرملة...
لهذا صدق في
قوله: "ثامار
أبر مني".
ثانيًا: ثامار
التي كانت
تشتهي ككل
سيدة عبرانية
أن يأتي من
نسلها المسيا
المخلص قبلت
أن تعرض حياتها
للخطر، فخلعت
ثياب ترملها
وارتدت برقعًا
على وجهها ولم
تخجل من أن
تظهر كزانية
ليس من أجل
شهوة الجسد
إنما من أجل
الإنجاب. فقد
التصقت
بحميها وهو
رجل قد كبر في
السن... وتظهر
طهارتها أنها
إذ كشفت الأمر
لم تطلب
بعد الزواج
بأخي رجلها
إنما عاشت مع
حميها، وقد
قيل "لم يعد
يعرفها
أيضًا" [٢٦].
من أجل
إيمانها
اشتهت أن تنجب
أما يهوذا ففي
كبر سنه أرتكب
الزنا... لذا
يقول: "هي أبر
مني" [٢٦]... وقد
صارت ثامار
مثلاً حيًا
يمنعنا من
الإدانة مهما
كانت علامات
الخطية تبدو
واضحة
وملموسة. وقد
علق القديس
أمبروسيوس
كثيرًا على
هذه العبارة
"هي أبر مني"
في حديثه عن
التوبة،
سائلاً كل
إنسان – حتى
الأسقف – ألا
يدين أحدًا بل
يترفق ويحنو
على الخطاة،
فمن كلماته:
[يارب
هب لي أن تكون
سقطات كل
إنسان أمامي،
حتى أحتملها
معه، ولا أنتهره
في كبرياء، بل
أحزن وأبكي،
ففي بكائي من
أجل الآخرين
أبكي على
نفسي، قائلاً
"هي أبر مني".
لنفرض
أن فتاة قد
سقطت، إذ
خدعتها
وجرفتها ظروف
مثيرة
للخطايا –
حسنًا، ونحن
الأكبر سنًا قد
نسقط أيضًا –
إنه فينا نحن
أيضًا ناموس
الجسد يحارب
ناموس
أذهاننا،
ويجعلنا أسرى
للخطية، حتى
أننا نفعل ما
لا نريده (رو ٧: ٢٣).
قد يكون صباها
عذرًا لها،
لكن ما هو
عذري أنا؟!
إنه يجب عليها
أن تتعلم، أما
أنا فيلزمني أن
أعلم إنها "هي
أبر مني".
إننا
قد نسب طمع
الآخرين، لكن
لنتأمل إن كنا
لم نطمع قط.
وإن الطمع أو
محبة المال
أصل كل
الشرور، يعمل
في أجسادنا
كالأفعى
المخيفة في
وكرها. لذلك
ليقل كل منا:
"هي أبر مني".
عندما
نحتد بشدة على
إنسان، يكون
هذا العلماني
أقل تهورًا
مما أرتكبه
الأسقف، لذلك
يجب علينا أن
نتمعن في
الأمر،
قائلين بأن
ذاك الذي انتهرناه
أبر منا. فإنه
إذ نقول ذلك
قد حفظنا
أنفسنا مما قاله
لنا الرب
يسوع... "لماذا
تنظر القذى
الذي في عين
أخيك، وأما
الخشبة التي
في عينك فلا
تفطن لها... يا
مرائي أخرج
أولاً الخشبة
من عينك وحينئذ
تبصر جيدًا أن
تخرج القذى من
عين أخيك" (مت ٧:
٣، ٥).
ليتنا
إذن لا نخجل من
أن نعترف بأن
خطأنا أبشع من
خطأ من نرى
أنه مستوجب
الانتهار،
لأن هذا هو ما
صنعه يهوذا الذي
وبخ ثامار،
فإذ تذكر
خطيته قال: "هي
أبر مني"... لقد
أتهم نفسه قبل
أن يتهمه
الآخرون[408]].
ثالثًا: بهذا
العمل
الإيماني
تأهلت ثامار
أن تكون جدة
للسيد
المسيح، دمها
يجري في
عروقه، حتى
سجل الإنجيلي
متى أسمها في
نسب السيد
المسيح (مت ١: ٢٣)
بينما لم يسجل
أسم سارة ولا
رفقة ولا
غيرهما من
الأمهات
المباركات.
كانت
ثامار رمزًا
لجماعة الأمم
التي صارت كنيسة
مقدسة للرب،
هذه التي كانت
قبلاً بلا ثمر
كثامار، أشبه
بأرملة
مهجورة ليس من
يسندها ولا من
يعينها. لم
يتزوجها
وليها الأول
شيلة بل
التصقت بالولي
الثاني
يهوذا... هكذا
لم تلتصق
جماعة الأمم
بالوليّ
الأول أي
بالناموس
الموسوي ولا
التزمت
بالختان
والتهود إنما
التصقت
بالوليّ
الثاني أي
يهوذا
الحقيقي،
ربنا يسوع
المسيح الخارج
من سبط يهوذا.
والعجيب
أن تصرفات
ثامار حملت
الكثير من الرموز
التي تطابق ما
تمتعت به
كنيسة الأمم
نذكر منها:
أ.
خلعت ثامار
ثياب ترملها
لكي تلتصق
بيهوذا، وهكذا
خلعت الأمم
ثياب الإنسان
القديم لتلبس
الإنسان الجديد
الذي يليق
باتحادها مع
العريس
الأبدي، بل صار
السيد المسيح
نفسه ثوبها
الجيد.
ب. غطت
ثامار وجهها
ببرقع،
والأمم إذ
قبلوا الإيمان
يعيشون هنا
كما في لغز
حتى يلتقون
بالعريس
وجهًا لوجه
فيرونه في
كمال مجده
وعظمة بهائه
ويتعرفون على
سمو أسراره
الفائقة.
ج.
جلست ثامار في
مدخل عينايم
أي مدخل
ينبوعين،
وكأنها بكنيسة
الأمم التي لم
تنعم بينبوع
العهد القديم
وحده بل
وأيضًا
بينبوع العهد
الجديد معه.
د.
تمتعت ثامار
بخاتم يهوذا
وعصابته
وعصاه، أي
بخاتم البنوة
لله والإكليل
السماوي مع
خشبة الصليب
المحيية.
هـ.
ظهر علامات
الحمل بعد ثلاثة
شهور، وكأنها
بكنيسة الأمم
التي حملت ثمارًا
روحية خلال
إيمانها
بالثالوث
القدوس (٣
أشهر) وتمتعها
بالحياة
المقامة في
المسيح يسوع
الذي قام في
اليوم الثالث.
رابعًا: يرجح بعض
الدارسين أن
الزانية
العادية لم تكن
تتغطى ببرقع،
إنما تفعل ذلك
المرأة التي
تنذر نفسها
للزنا لحساب
الآلهة خاصة
العشتاروت
إلهة القمر،
تفعل ذلك
لتجمع من كل
رجل جدي معزي
تقدمه لهيكل
الآلهة. لذلك
جاءت كلمة
"زانية" في
النص العبري
"قدشه" أو
قديسة أو
نذيرة للآلهة.
بفعلها
هذا احتلت
ثامار مركز
الفتاة
الأممية
المتعبدة
للوثن لتمثل
جماعة الأمم
الذين
انغمسوا في
النجاسات وقد
التصقوا
بالإيمان بيهوذا
الجديد
لينعموا
بالحياة
المقدسة الطاهرة
ويكون لهم
نصيب في الرب.
أخرج
زارح يده
فربطت
القابلة يده
بخيط قرمزي أحمر،
لكنه أدخل يده
ليخرج فارص
أولاً وبعده زارح.
ويرى بعض
الآباء في
زارح مثلاً للشعب
اليهودي الذي
كان يجب أن
يكون البكر،
وقد مدّ يده
واستلم
الشريعة التي
تركزت حول الذبيحة
(الدم
القرمزي) لكن
خلال عدم
الإيمان خرج
فارص ممثلاً
الأمم الذين
صارت لهم
باكورية الروح
عوض نازح
(اليهود)[409]].
[407] New Westminster Dict. of the Bible, P. 948.
[408] ترفقوا بالخطاة!!... للقديس أمبروسيوس ١٩٦٨، ص ٦٠، ٦١.
[409]
للمؤلف:
الإنجيل بحسب
متى ١٩٨٣، ص ٤٣.