يوسف
في السجن
دخل
يوسف السجن لا
لذنب ارتكبه
وإنما ثمنًا لشهوة
امرأة
فوطيفار،
وهكذا نزل
الرب إلينا واجتاز
المعصرة لا عن
شر ارتكبه
إنما فدية للبشرية
التي تنجست.
وفي السجن
التقى بخصيى
الملك وكأنه
بالسيد
المسيح بين
لصين.
١.
الخصيان في
السجن
١-٤
٢.
حلمًا
الخصيين
٥-١٩
٣.
تحقق
الحلمين
٢٠-٢٣
إذ سخط
فرعون على
خصييه رئيس
السقاة ورئيس
الخبازين
ووضعهما في
حبس بيت رئيس
الشرطة في بيت
السجن، ولم
يجدا من
يخدمهما
بأمانة ورقة
مثل يوسف. لقد
عاش يوسف في السجن
- كما يقول القديس
يوحنا الذهبي
الفم – كما في
بيته، يهتم
بالمسجونين
كأعضاء معه في
بيت واحد.
أتسم
بالوداعة
والرقة
والطاعة. لم
يخجل من
عبوديته ولا
من سجنه بل
كان مترفقًا بالجميع
يخدم حتى قساة
المسجونين.
هكذا نجح يوسف
أينما وجد[422].
قلنا
قبلاً أن
"الخصي" هنا
لا يعني
المعنى الحرفي
وإنما يشير
إلى مركز سام
في بلاط
فرعون. لقد
حلم الاثنان
في ليلة واحدة
وفي موضع واحد،
وكان الاثنان
مغتمان... لكن
يوسف استطاع
بالله أن يفرز
بينهما،
قائلاً:
"أليست لله
التعابير؟! قُصَّا
عليّ" [٨].
ماذا
يعني هذا؟
أولاً: لعل
الخصيين
يشيران إلى
اللصين الذين
كانا حول
السيد المسيح
المصلوب[423] - يوسف
الحقيقي –
يعيرانه، لكن
اللص اليمين
عاد فأعلن
توبته واغتصب
الفردوس
ليبقى مع الرب،
إما اللص الذي
على اليسار
فبقي في شره
وتعييره فخسر
حياته
الزمنية وأبديته.
الخصيان
يشيران إلى
جنس البشرية
الساقط، لكن
قسمًا
بالإيمان
يجتاز الغضب
ويعبر إلى
الملكوت
والآخر في
جحوده يفقد
حياته أبديًا.
من هو
الذي أغتصب
مراحم الله
إلاَّ رئيس
السقاة الذي
حمل عصير
العنب في
الكأس ليقدمه
للملك، كأنه
بجماعة
المؤمنين
الذين يقبلون دم
السيد المسيح
في كأس حياتهم
ويجتازون بالإيمان
معه المعصرة
فيسر الآب
بذبيحة ابنه
القادرة على
الخلاص. أما
رئيس
الخبازين فقد
حمل من جميع
طعام فرعون من
صنعة الخباز
وكان الطيور
تأكله من
السّل الذي
على رأسه.
يبدو لي أن
هذا الطعام
الذي تختطفه
الطيور إنما
يشير إلى
أعمال
الناموس التي
اتكأ عليها
اليهود خلال
عبادتهم
الحرفية أو
أعمال البر
الذاتي، الأعمال
التي لا ترتبط
بالإيمان
فيخطفها عدو الخير
ولا تكون موضع
سرور الله.
ثانيًا: يشير
الخصيان إلى
العذارى
الحكيمات
والجاهلات (مت
٢٥: ١–١٣)،
فرئيس السقاة
كان خصيًا أي
كالعذراء وقد
قدم في كأسه
عصير الكرمة،
وكأنه
بالعذارى
الحكيمات
الحاملات
مصابيحهن
ممتلئة بزيت
الإيمان الحي
العامل
بالمحبة[424].
ثالثًا: رأى رئيس
السقاة كرمة
ذات ثلاثة
قضبان وقد أفرخت
وطلع زهرها
ونضج
عناقيدها
عنبًا [١٠]،
ورأى رئيس
الخبازين في
الحلم ثلاث
سلال حواري
على رأسه...
وفسر يوسف رقم
"٣" بثلاثة
أيام في
نهايتها
يتمتع الأول
بالتكريم
والثاني
بالموت.
في
دراستنا
لسفري الخروج
ويشوع رأينا
أن رقم ٣ يشير
إلى القيامة
من الأموات مع
السيد المسيح
القائم في
اليوم الثالث[425]،
وكأن الحلمين
بالنسبة
لرئيس السقاة
يشير إلى
قيامة السيد
المسيح
(وقيامتنا
معه) وما تحقق
بالنسبة
لرئيس
الخبازين
يشير إلى موت
السيد المسيح
(إذ ندفن
أيضًا معه)، وقد
بدأ بالقيامة
حتى لا نرتعب
من الموت والدفن،
كما فعل
الرسول بولس
حينما قال:
"لأعرفه وقوة
قيامته وشركة
آلامه متشبها
بموته" (في ٣: ١٠).
ولعل
رئيس السقاة
يشير إلى
جماعة
المؤمنين الحقيقيين
الذين قبلوا
سمات القيامة
فيهم رائحة
حياة، أما
رئيس
الخبازين
فيشير إلى
الذين صار لهم
عمل المسيح
رائحة موت
بسبب جحودهم.
وكما يقول
الرسول: "ولكن
شكرًا لله
الذي يقودنا
في موكب نصرته
في المسيح كل
حين ويظهر بنا
رائحة معرفته
في كل مكان،
لأننا رائحة
المسيح
الذكية لله في
الذين يخلصون
وفي الذين يهلكون،
لهؤلاء رائحة
موت لموت
ولأولئك رائحة
حياه لحياة" (٢
كو ٢:١٤–١٦).
ومع ما
وصل إليه يوسف
من هذا السمو
الفائق فصار
رمزًا للسيد
المسيح في
موته
وقيامته،
ورمزًا له في
صلبه بين
اللصين لكنه
في ضعف بشري
أتكل على ذراع
بشرية،
طالبًا من
رئيس السقاة
أن يذكره أمام
فرعون، وإن
كان قد تحدث
في أدب لم يجرح
مشاعر
فوطيفار أو
امرأته، إذ
قال: "لأني قد
سُرقت من أرض
العبرانيين،
وهنا أيضًا لم
أفعل شيئًا
حتى وضعوني في
السجن" [١٥].
الله
في محبته
ليوسف أدّبه
على هذا
التصرف، وكما
يقول القديس
يوحنا الذهبي
الفم: [إذ كان
يوسف متعجلاً
في الهروب من
السجن تُرك
هناك زمانًا...
حتى يتعلم ألا
يضع رجاءه أو
ثقته في البشر
وإنما في الله
وحده[426]].
تحقق
الحلمان في
اليوم الثالث
كقول يوسف، يوم
ميلاد فرعون،
حيث صنع وليمة
لجميع عبيده،
ونال رئيس
السقاة العفو
والعودة إلى
عمله بينما
عُلق رئيس
الخبازين كما
عبر يوسف. إنه
يوم ميلاد جديد
فيه يحيا
الإنسان
الجديد (رئيس
السقاة) المجتاز
المعصرة
بينما يموت
الإنسان
العتيق المتعجرف
إذ وضع الخبز
على السلة
العليا.
[422] In Tit. hom 4.
[423] Asterius of Amasea: On Ps. 5 hom 19.
[424] St. Augustine: Ser. On N.T. Hessons 43: 1-5.
[425] راجع تفسير خر ٢: ٢؛ ٥: ٣؛ يش ١: ٣١.
[426] In
Tit. hom 6.