الأصحاحان
الخامس
والسادس
التقى
موسى بالله
خلال
العُلِّيقة،
ثم التقى
بهرون في جبل
الله، وخرج
الاثنان إلى جميع
الشيوخ وكل
الشعب، والآن
لابد أن
يَدخُلا إلى
فرعون نفسه
ليلتقيا مع
الأسد في
عرينه.
1.
لقاء داخل
القصر
[5: 1-5].
2.
تشديد
السُخرة
[5: 6-15].
3.
تذمر
الشعب
[5: 16-23].
4.
تأكيدات الرب
لموسى
[6: 1-13].
5.
رؤساء بيوت
الآباء
[6: 14-28].
6.
أنا أغلف
الشفتين
[6: 29-30].
أ.
إذ طلب موسى
وهرون من
فرعون أن يطلق
الشعب ليتعبد
له علي مسيرة
ثلاثة أيام،
أي خلال قوة
قيامة الرب،
هاج فرعون
قائلاً: "من هو
الرب حتى أسمع
له؟!... لا أعرف
الرب" [2]. أليس
هذا هو ذات
الروح الذي
نطق به المجمع
حين دعى الرسولين
بطرس ويوحنا
"وأوصوهما أن
لا ينطقا البتة
ولا يعلِّما
باسم يسوع" (أع
4: 8). وكما كتب
الفيلسوف
أثيناغوراس
إلى الإمبراطورين
مرقس
أوريليوس
أنطونيوس
وكرمودوس أن
الاتهام
الحقيقي ضد
المسيحيين هو
"الاسم"،
إنهم يحملون
اسم السيِّد
المسيح
عليهم، الأمر
الذي لا يطيقه
العالم.
ب.
سبق فرأينا أن
حديث فرعون
هذا "لا أعرف
الرب" يكشف عن
ظُلمة الجهل
التي يعيش فيه
عدو الخير...
ج.
يرى العلامة
أوريجانوس
في شكوى فرعون
أن موسى وهرون
يبطلان الشعب
[4]. هي شكوى عدو
الخير في كل
جيل، إذ يرى
الكثيرون أن
تكريس الشباب
حياتهم
للعبادة
والخدمة هو مضيعة
للطاقة
البشرية.
ففرعون إنسان
مادي لا يعرف
إلاَّ اللبن
والطين، يود
أن يغمس حياة
الكل فيها،
أما مَن تحرر فكره
إلى الروحيات
فهو إنسان
يبطل وقته!
بدلاً
من إطلاق
الشعب ليعبد
الرب شدد
فرعون أوامره
ضد الشعب
لإذلالهم،
متهمًا
إيَّاهم أنهم
متكاسلون.
ويعلق العلامة
أوريجانوس
علي ذلك
قائلاً: [حقًا
قبل أن تُعرف
الكرازة لا
توجد الضيقات
والتجارب. لا
تبدأ الحرب
قبل أن يبوَّق
بالبوق. لكن
ما أن يبوَّق
بوق الكرازة
حتى تُعطى
العلامة
للحرب (الروحية)
وتحل الضيقة[115]].
يقول
أيضًا: [قبل أن
تبدأ معارك
الفضائل ضد الرذائل...
تعيش الرذائل
في سلامٍ داخل
نفسك. لكن إذ
تبدأ محاكمة
كل رذيلة تحدث
حركة واسعة
وتتولد داخلك
حرب بلا
هوادة، لأنه
أي خلطة للبرّ
مع الإثم،
للزنا مع
العفة، للحق
مع الضلال؟!...
إذن لا تضطرب
كثيرًا إن
كانت رائحتنا
قد أنتنت أمام
فرعون، لأن
رائحة
الفضيلة عند
الرذيلة هي
نتانة[116]].
إذ
تشدد فرعون في
الأمر قال
الشعب لموسى
وهرون "ينظر
الرب إليكما
ويقضي،
لأنكما
أنتنتما رائحتنا
في عين فرعون
وفي عيون
عبيده حتى تعطيا
سيفًا في
أيديهم
ليقتلوننا" [21].
إذ
دخل الخوف قلب
الشعب تحولت
كلمة الله في
فمي موسى
وهرون التي
لها الرائحة
الذكية،
رائحة حياة للحياة،
إليهم رائحة
موت لموت (2 كو 2: 15-16).
هذا
التذمر ليس
علته عنف
فرعون وتشديد
السُخرة،
لكنه طبيعة
لازمت هذا
الشعب طوال
سيرهم في
البرية
بالرغم من
عناية الله
الفائقة لهم... لذلك
يليق بنا في
تذمرنا ألاَّ
نلوم الظروف
المحيطة بنا
بل قلبنا
المملوء
خوفًا وعدم
ثقة في الله
المخلص.
إذ
تذمر الشعب،
صرخ موسى إلى
الرب وقال: "يا
سيِّد، لماذا
أسأت إلى هذا
الشعب؟ لماذا
أرسلتني؟
فإنه منذ دخلت
إلى فرعون
لأتكلم باسمك
أساء إليَّ
هذا الشعب،
وأنت لم تخلص
شعبك" (5: 32-33).
ما
أجمل أن يدخل
الخادم مع
الله في عتاب
حين يشعر كأن
خدمته قد
فشلت، مقدمًا
لله حسابات عمله؟!
تقبَّل
الله هذا
العتاب
واستجاب
لمرارة قلب خادمه.
إن كان فرعون
قد أعلن جهله
بالله قائلاً:
"لا أعرف
الرب" (5: 2)، فإن
تأكيدات الله
المتكررة
لموسى هي "أنا
الرب" (2:6، 7، 8، 28).
هو الرب الذي
عمل في الآباء
قديمًا إذ ظهر
لإبراهيم
واسحق ويعقوب
(6: 3)، ويعمل في الحاضر
إذ يسمع آنات
شعبه ويخرجهم
من تحت الثقل
ويُحررهم من
العبودية (6: 5-6)،
ويُدبر لهم
المستقبل
فيدخلهم إلى
الأرض التي
وعد بها (6: 9).
إنه
الرب الذي يعمل
لأجل اسمه
القدوس الذي
يُقاومه
إبليس، ومن
أجل مواعيده
لأولاده،
الذي يبقى
أمينًا،
وأيضًا يعمل
ليُقيم له
شعبًا مقدسًا
يدخل معه في
شركة
"وأتَّخذكم
ليّ شعبًا
وأكون لكم إلها"
(6: 7).
بعد
أن أكد الرب
لموسى أنه
يحرر الشعب من
العبودية،
ذكر الكتاب
أسماء بيت
آبائهم... وكأن
الرب يريد أن
يؤكد أنه ليس
فقط يهتم بالشعب
كجماعة، لكنه
يهتم بكل واحد
فيهم باسمه.
علاقة الله مع
شعبه دائمًا
علي المستوى
الجماعي
والشخصي في
نفس الوقت، في
رعايته لهم
كجسد السيِّد
المسيح
الواحد
المقدس، شعرة
واحدة من رأس
الجماعة لا
تسقط بدون
إذنه!
لقد
وجد بعض
الآباء معانٍ
كثيرة لهذه
الأسماء،
نذكر علي سبيل
المثال ما رآه
العلامة
أوريجانوس[117] في أسماء
بني قورح:
أسير وألقانه
وأبيأساف (6: 24)،
هؤلاء الذين
نظموا صلاة
تسبحة جميلة
بروح واحد منسجم،
جاءت مقدمتها:
"كما يشتاق
الإيل إلى جداول
المياه هكذا
تشتاق نفسي
إليك يا الله"
(مز 42)، أما سرّ
إنسجامهم
معًا في
الصلاة
والتسبيح فهو
أن أسير يعني
"تعليم"
وألقانه تعني
"ملكية الله"
وأبيأساف في
رأيه ترجع
لليونانية
وتعني مجمع
الأب، وكأنه
إذ تكون النفس
كقورح ويكون
لها هؤلاء
الأبناء معًا:
حب التعلم المستمر،
والشعور
بالتكريس لله
أي في ملكيته،
والارتباط
بروح الجماعة
الواحدة،
يفيض في القلب
قصيدة حب
وصلاة مقبولة
يفرح بها
الله.
حاول
موسى أن يعتذر
للرب قائلاً:
"كيف يسمعني
فرعون وأنا
أغلف الشفتين؟!"
(6: 2، 30)، لكن
تأكيدات الرب
له "أنا
الرب"... أنا
أُخلص...
ما
أجمل أن يشعر
الإنسان
بضعفه الروحي
وخطاياه كسرّ
فشل لخدمته،
فيقول: "أنا
أغلف الشفتين"...
ليست فيهما
قداسة لتعمل
كلماتي
بسلطان ضد
إبليس، أو كما
يقول نحميا
حين سمع عن
أخبار الخدمة
المحزنة "أنا
وبيت أبي قد
أخطأنا" (نح 1: 6).
لم يلم الظروف
ولا الآخرين
ولا نسب لله
أنه قد نسي
أولاده، بل ألقى
باللوم على
نفسه هو وبيت
أبيه لأنهم
أخطأوا.
لقد
أدرك موسى
مفهوم الختان
والغرلة علي
مستوى روحي
داخلي، لذا
حسب شفتيه في
حاجة إلى ختان
داخلي... وجاء
بعده إرميا
يتحدث عن ختان
القلب الخفي
(إر 4: 4)، وختان
الأذن (إر 6: 4).
وتحدث معلمنا
بولس الرسول
في أكثر وضوح
عن الحاجة إلى
الختان
الروحي في
المعمودية،
حيث يخلع
المؤمن أعمال
الإنسان
القديم ليحمل
جدة الحياة
ويكون على
صورة خالقه.
[115] In Exod, hom 3: 3.
[116] Ibid.
[117] In Matt, hom 3: 1.