في
الأصحاحين
السابقين إذ
قدم لنا الوحي
شريعة
التقديس
معلنًا أن
غايتها الإلتصاق
بالله
القدوس،
ومكررًا
للعبارة "أنا
الرب إلهكم" في
نهاية كل وصية
تقريبًا،
مطالبًا
إيانا أن نتقدس
له فتكون لنا
سماته عاملة
فينا تفرزنا
عن الوثنين...
الآن يقدم
عقوبات صارمة
ضد مرتكبي
الشر خاصة
السحر والزنا.
أما علة هذه الصرامة
فهو الكشف عن
فاعلية الشر داخل
النفس، هذا من
جانب ومن جانب
آخر تطهير الجماعة
المقدسة من
الخميرة
الفاسدة حتى
لا يفسد الكل.
إن
كانت
العقوبات
تناسب رجال
العهد القديم
لكنها في نفس
الوقت ترعبنا
كرجال عهد
جديد، إذ توضح
لنا بشاعة
الخطية والتزامنا
الهروب منها.
2. عقوبة
السلوك
الوثني
[1-8].
3. عقوبة
إهانة
الوالدين
[9].
4. عقوبة
الزنا
[10-21].
5. تأكيد
الإلتزام بالوصية
[22-27].
كانت
العقوبات في
العهد القديم
قاسية، ربما
لأن الله كان
يتعامل مع شعب
بدائي في معرفته
لله غليظ
الرقبة، فمن
محبته لهم استخدم
الشدة لا
للإنتقام
وإنما لردع
الكل بسقوط
البعض تحت عصا
التأديب
القاسية. فما
سمح الله به
من تأديبات أو
عقوبات كان
علامة إهتمام
الله بشعبه
ورغبته في خلاصهم
وتقديسهم. هذا
بجانب ما كان
لهذه التأديبات
من كشف عن
فاعلية
الخطية في القلب
والحياة
الداخلية...
فرجم الزاني
إنما يكشف عما
أصاب قلبه في
الداخل من
هلاك حقيقي
وموت أبدي،
فإن كنا نئن لرجم
إنسان يليق
بنا بالحرى أن
نحترق من أجل
هلاك نفسه.
أما في العهد
الجديد فإن
الكنيسة لا
تستخدم
العقوبات
الجنائية
القاسية إذ تتعامل
مع أولادها
على مستوى
النضوج، لكنه
من حقها فرض
العقوبة
التأديبية
لتجتذب الساقطين
نحو التوبة،
كما فعل بولس
الرسول مع
الشاب الذي
إرتكب الشر مع
إمرأة أبيه (1
كو 2: 6-7). إذ أفرزه
عن الكنيسة
حتى قدم توبة
صادقة، فأسرع
الرسول يكتب
إلى الكنيسة
أن تقبله حتى
لا يهلك من
فرط الحزن (2 كو
2ك 6-7). من
جانب آخر العقوبات
الواردة في
العهد القديم
تمثل القانون
الجنائي
بعقوباته،
أما في العهد الجديد
فتركت
المسيحية
التشريعات
المدنية والجنائية...
إلخ، يضعها
رجال القانون بما
يناسب العصر
والبلد، إذ
جاءت
المسيحية تهب
الفكر
والنضوج
وتترك
التنظيم والتشريع
للجماعة.
جاء
الحكم على من
يعطي من زرعه
أي من نسله
للإله مولك
ذبيحة بشرية يُرجم
[2]، سواء كان
يهوديًا أو
متهودًا
(الغرباء النازلون
في إسرائيل)،
فإن تهاونت
الجماعة في
أمره ولم
ترجمه يقف
الرب نفسه ضد
ذلك الإنسان [3]
ويحسبه
مقطوعًا من
الشعب [3] كما
يقف ضد عشيرته
كلها.
هذا
الحكم أيضًا
ينطبق على من
يلجأ إلى الجان
يستشيره أو
يطلب معونته
[6]، ومن يجري وراء
الأرواح
الشريرة
(التوابع)،
فيُحسب زانيًا،
إذ ترك الله
عريس نفسه
وطلب لنفسه عريسًا
آخر [6].
وقد
جاء الحكم
بالرجم في
الحالات الآتية:
تقديم
الإنسان من
نسله ذبائح
بشرية للإله
مولك (20: 2)، الزنا
مع الأم (20: 11)، أو
مع زوجة الأب (20:
12)، أو الكنة (20: 12)،
أو مع عذراء مخطوبة
(22: 23-24)، أو من
يضاجع ذكرًا (20:
15)، أو بهيمة (20: 16)،
أو يلجأ إلى السحرة
(20: 27)، ومن يسب
أحد الوالدين
(20: 9)، أو من يدعى
النبوة كذبًا (تث
13: 6)، أو من يجدف (24: 10-16)،
أو من يكسر
السبت (تث 20: 32-36)،
أو يحث الناس
على عبادة
الأوثان (تث 13: 6-11)،
أو يمارسها
(تث 17: 2-5)...إلخ[258].
وكان
الرجم يتم
بأحد طريقتين:
الأول، كان المحكوم
عليه يُطاف به
في المدينة
حتى إن كان لأحد
اعتراض
يتقدم، ومن
ناحية أخرى ليكون
عبرة للكل.
وقبيل الرجم
كان يلزم أن
يعترف
بخطاياه
أولاً ليظهر
أن الحكم عليه
عادل ولكي
تتزكى روحه
ويجد رحمة لدى
الله. تُربط
يداه وهو على
مكان مرتفع في
أسفله حجر
ضخم، يقوم
الشاهد الأول
بدفعه من المكان
المرتفع
ليسقط
مرتطمًا
بالحجر السفلي،
ثم يقوم الشاهد
الثاني
بإلقاء حجر
كبير على
صدره، فإن لم
يمت ترجمه الجماعة
حتى الموت.
أما الطريقة
الثانية فتتلخص
في الرجم
بالحجارة
مباشرة،
وغالبًا ما
يعطى للمحكوم
عليه خمرًا
ممزوجًا
بمرارة تخفف
آلامه.
"كل
إنسان سب أباه
وأمه فإنه يقتل...
دمه عليه" [9]. من
يسب الله أباه
والجماعة
المقدسة أمه
خلال تقديم
إبنه أو إبنته
ذبيحة بشرية
لمولك إله
العمونيين
يُرجم،
وأيضًا من يسب
أباه أو أمه
حسب الجسد
يُرجم.
يعلق
العلامة
أوريجانوس على
هذه الشريعة
بقوله: [من بين
الخطايا التي
عقوبتها الموت
في الناموس
الإلهي: "كل إنسان
سب أباه أو
أمه فإنه
يُقتل". لقب "أب"
يعني سرًا
عظيمًا، وأيضًا
لقب "أم" يحمل
كرامة. حسب
الروح الله هو
أبوك
وأورشليم السماوية
هي أمك (غلا 4: 26،
عب 12: 22). هذا ما
نتعلمه من
التصريحات
النبوية
والرسولية،
إذ يكتب موسى
في نشيده: "أليس
هو أباك
ومقتنيك؟!" (تث
32: 6)، ويقول الرسول
عن أورشليم
السماوية: "هي
أمنا جميعًا،
فهي حرة" (غلا 4:
26). الأب الأول
بالنسبة لك هو
الله الذي ولد
روحك، إذ يقول
"ربيت بنين
ونشأتهم" (إش 1:
2)، ويقول
الرسول بولس: "إخضعوا
لأبي الأرواح
فتحيا" (عب 12: 9).
أما الأب
الثاني فهو
أبوك الجسدي
الذي أنجبك
فجئت إلى هذا العالم...
فلأن لقب "أب" مقدس
وذو جلال لذلك
من سب أباه أو
أمه يُقتل... فإنك
إن لم تكرم
أباك الجسدي
تكون إهانتك
له موجهة إلى
أبي الأرواح
(عب 12: 9). إن شتمت
أمك الجسدية
فإن هذا السب
يُنسب للأم أورشليم
السماوية. من
يهين العبد
(أباه أو أمًا)
يسيىء إلى إله
المجد[259]].
مرة
أخرى يقول: [إن
كان الحكم هذا
لمن يسب أسرته
الجسدية، فكم
بالأكثر من
يهين الله
بكلمات سب
وينكرون إنه
خالق العالم؟!
أو من يسيئ
إلى أورشليم
السماوية
التي هي أمنا
كلنا (غلا 4: 26)؟![260]].
ربما
يتساءل البعض
إن كانت شريعة
العهد القديم
قد حكمت برجم
من يسب أباه
وأمه، فهل صمت
العهد الجديد
عن إصدار حكم
كهذا يعني
تساهله؟
يُجيب العلامة
أوريجانوس هكذا:
[يقول بولس
الرسول: "فكم عقابًا
أشر تظنون أنه
يحسب مستحقًا
من داس إبن
الله؟!" (عب 10: 29)...
لا تظن أن
الإنجيل
سهلاً بطريقة
مطلقًا من أجل
فتحه باب
المغفرة[261]]. كأن
العهد القديم
حكم على من
يسب أحد
والديه
بالرجم، أما
العهد الجديد فحسب
ذلك إهانة لدم
إبن الله
نفسه.
يؤكد
الآباء إلتزام
المؤمن
بالطاعة للوالدين
لكن في الرب،
فمن كلمات القديس
كيرلس
الأورشليمي: [عندما
تكون مشاعرنا
نحو آبائنا
الأرضيين
مضادة لعلاقتنا
بالآب
السماوي يلزم
العمل بقول
الرب "من أحب
أبًا أو أمًا
أكثر منيّ فلا
يستحقني" (مت 10:
37). لكنهم ماداموا
لا يعارضون
تقوانا نُحسب
ناكرين
للجميل إن
احتقرنا
حسناتهم نحونا
ونستوجب الحكم:
"من لعن أباه
أو أمه فليقتل
قتلاً" (خر 21: 7،
مت 15: 4)[262]].
بعد
أن أعلن عقوبة
العبادة
الوثنية، سبّ
أحد الوالدين،
تحدث عن عقوبة
الزنا بوجه
عام ثم حدد
بعض الحالات
الشائنة،
ويلاحظ في حديثه
عن هذا الأمر
الآتي:
أولاً: جاء
الحكم بقتل
الزاني
والزانية إن
كانت الزانية
متزوجة [10]،
ويكون ذلك
بالرجم.
وينطبق ذات
الحكم على
المخطوبة
لرجل وأخطأت
بإرادتها (تث 22:
23-24)، أما إذا
كانت غير مخطوبة،
فيلتزم
الزاني بدفع غرامة
والزواج من
الفتاة.
أما
إذا أخذ رجل
إمرأة وأمها،
سواء وهما على
قيد الحياة أم
ماتت الواحدة
فتزوج بالأخرى
فجاء الحكم
هكذا: "بالنار يحرقونه
وإياهما لكي
لا يكون رذيلة
بينكم" [14].
ويسقط تحت ذات
الحكم إن سقطت
إبنة كاهن في
الزنا (تث 21: 9)،
أو سقط إنسان
في الخطية مع
إبنته أو
حفيدته، أو مع
بنت زوجته أو
حفيدتها أو من
يرتكب الخطية
مع أم حماته
أم حميه.... يتم
الحرق غالبًا
بعد الرجم،
فإن كان الرجم
بالحجارة يكشف
عما فعلته
الخطية
بالإنسان، إذ جعلته
كحجر بلا
إحساس، أو كأن
الإنسان الزاني
يرجم نفسه
بنفسه بقلبه الحجري،
أما حرقة
بالنار
فيُشير إلى
بشاعة شره إذ
ألهبت مشاعرة
بنيران تهلك
نفسه.
أما
العقوبة
الأخرى فهي
متى ارتكب
إنسان شرًا مع
إمرأة عمه
يقول: "يموتان
عقيمين" [20]، ويسقط
الإنسان تحت
نفس الحكم إن
صنع شرًا مع
إمرأة أخيه [12].
هنا ربما يعني
أن الله
يضربهما بالعقم
(هو 4: 10)، أو بموت
نسلهما
وحرمانهما
منه، أو أن
هؤلاء
الأولاد
يُحسبون نغولاً
لا بنين، أي
أولاد غير
شرعيين ليس
لهم حق
البنين.
ثانيًا:
تبرز
الشريعة مدى
كراهية الله
للنجاسة بحكمه
حتى على
البهيمة التي
بلا ذنب ارتكب
معها الشر
بالقتل [16]، حتى
لا يُترك أثر للخطية...
أو لإعلان
إنها مفسدة
حتى للخليقة غير
العاقلة.
ثالثًا: حين
يرتكب
الإنسان شرًا
مع سيدة يُهين
رجلها، فإن
ارتكبه إنسان
ما مع إمرأة
أبيه مثلاً
يقول: "فقد كشف
عورة أبيه" [11].
فإن كانت
السيدة شريرة
وقبلت برضاها
الخطية فإنها
تنجست وفي نفس
الوقت أساءت
لرجلها لأنها
معه جسد واحد.
يختم
حديثه هنا
بتأكيد
الإلتزام
بالوصية الإلهية
حتى لا تقذفنا
الأرض نفسها
كما سبق فقذفت
الكنعانيين
بسبب شرهم،
ولكي يكون لنا
سمة خاصة
وشهادة حق لله
القدوس
العامل فينا،
أما ما هو أهم
من هذا كله
فهو كما يقول الرب:
"وتكونون
ليّ قديسين
لأنيّ قدوس" [26].
يريدنا له نحمل
سماته
لنشاركه
أمجاده
كأولاد
مقدسين فيه...
إنه يؤكد: "تكونون
ليّ"!
[258] الأرشيدياكون نجيب جرجس، ص312.
[259] In Lev. hom
11:3.
[260] Ibid.
[261] ibid 11:2.
[262] Cat. Lect. 7:15.