الأصحاح
الخامس
الأستعداد
للحرب
الروحية
كانت
الأذهان
منحصرة في افتتاح
الأرض
الجديدة
وتقسيمها
والتمتع بخيراتها،
لكن الله
أوقفهم
قليلاً في
الجلجال لكي
يكشف لهم
حقيقة روحية
هامة، أن
النصرة لا تقوم
على كثرة
العدد ولا قوة
الذراعين،
وإنما خلال
الحياة
المقدسة في
الرب الواهب
للميراث. لقد
قدم الله لهم
الأسلحة
الروحية التي
خلالها يعمل
فيهم حتى
ينعموا
بمواعيده
المجانية،
بالرغم من
المقاومة
الشديدة التي
يثيرها عدو
الخير.
1.
هياج الأمم
ضدهم
[1-2].
2.
الختان
الثاني
[3-9].
3. عمل
الفصح
[10].
4.
التقوت بغلة
الأرض
[11-12].
5. ظهور
رئيس الجند
رب
[13-15].
1.
هياج الأمم
ضدهم...
إذ عبر
الشعب نهر
الأردن هاج
جميع ملوك
الأموريين
والكنعانيين
عليهم جدًا،
وبدأ التكتل ضدهم،
بل ضد إلههم!
هذه معركة
ظاهرة تحمل
صورة للمعركة
الأصيلة التي
تقوم بين الله
وإبليس، فإن
الأخير لا
يقدر أن يحتمل
النور، ولن
يقبل دخول أحد
في العضوية في
ملكوت الله.
فمع كل نجاح
روحي يثور
العدو ويحارب
إن لم يكن
علانية
فخفية، وإن لم
يكن خلال
الغرباء
فخلال
الأقرباء، بل
خلال الجسد
نفسه
وأحيانًا
خلال من
يحملون اسم
الخدام في
الكنيسة...
لهذا ينصحنا
السيد قائلاً
إن أعداء
الإنسان أهل
بيته (مت 10: 36).
عبورهم
نهر الأردن
ليس نهاية
الجهاد بل
بدايته،
وتمتعنا
بالمعمودية
المقدسة لا
يعني بلوغنا
كمال النصرة،
إنما يعني
تمتعنا
ببركات إلهية
جديدة تثير
بالأكثر
الشيطان ضدنا.
ومع كل غلبة
وكل نصرة
تزداد الحرب
الوحية،
وهكذا يرتفع
المؤمن من مجد
إلى مجد خلال
نصرات متوالية،
وهجوم الخطية
المستمر ضده.
إن أول
عمل أوضحه
الله لشعبه
بعد عبور نهر
الأردن هو
الكشف عن وجود
مقاومين وكأن
أول خطوة تلزمنا
في حياتنا
الروحية هو
إدراكنا
لحقيقة الموقف:
وجود عدو خطير
يحدق بنا، ليس
من لحم ودم،
بل كما يقول
الرسول:
"أجناد الشر
الروحية في
السماويات"
(أف 6: 12). هذا
العدو لا
يتوقف عن
مصارعتنا بكل
الطرق
الظاهرة
والخفية،
ليلاً
ونهارًا حتى يحطم
إيماننا
ورجاءنا في
المسيح يسوع.
لكنه يجب
علينا ونحن
نكتشف خطورة
هذا العدو
وخداعاته
المرة أن ندرك
إمكانيات
يشوعنا الحق
القادر أن
يحطم إبليس
ويبدد حيله
ويسحب سلطانه
علينا. لهذا
يصرخ القديس
أغسطينوس
قائلاً: [هوذا
المجرب
يأتيني كجيش
قوي لكنه لا
يقدر أن
يغلبني، لأنك
كسرت مهابته
وأعطيتني
شجاعة أمامه[99]].
أما
الأسلحة
الروحية التي
صارت لنا في
المسيح يسوع
فتبدأ
بالختان
الثاني، أو
الختان
الروحي.
2.
الختان
الثاني...
"في
ذلك الوقت قال
الرب ليشوع:
أصنع لنفسك
سكاكين من
صوان، وعُد
فأختن بني
إسرائيل
ثانية" [2].
حين
وعد الله
إبراهيم بأرض
كنعان لتكون
له ولنسله
ملكًا أبديًا
(تك 17: 8) كان
الختان هو ختم
العهد بموجبه
تتحقق مواعيد
الله.
لماذا
يقول الله
ليشوع: "إختن
بني إسرائيل
ثانية"؟ حقًا
لم يكن بني
إسرائيل في
ذلك الحين مختتنًا،
لأن كل الذكور
الذين خرجوا
من مصر هلكوا
في البرية،
ولم يدخل
كنعان منهم
سوى يشوع وكالب.
فلكي ينعم نسل
إبراهيم هذا
بالوعد التزم
بالختان في
الجلجال لكي
يدخلوا في
العضوية
المقدسة لشعب
الله، فقد حذر
الله إبراهيم:
"أما الذكر
الأغلف الذي
لا يختن في
لحم غرلته
فتقطع تلك
النفس من
شعبها، إنه قد
نكث عهدي" (تك 17:
4). كانت الضرورة
ملحة أن
يختتنوا ما
داموا قد
تركوا البرية،
ووجدت الظروف
المناسبة للختان...
لكن لماذا
يقول "إختن...
ثانية"؟ يجيب العلامة
أوريجانوس
على هذا
السؤال: [إننا
نقول عمن تهذب
تحت الناموس
وتلقى تعاليم
موسى تاركًا
أخطاء الوثنية
وهاجرًا
عبادتها
وخرافتها أنه
قد تمم الختان
الأول الذي
حسب الناموس.
لكننا إن كنا
قد انتقلنا من
الناموس والأنبياء
إلى الإنجيل
فإننا نختن
ثانية بواسطة "الضخرة
(التي) كانت
المسيح" (1 كو 10: 4)
وعندئذ تتحقق
فينا كلمة
الرب ليشوع:
"اليوم قد
دحرجت عنكم عار
مصر" [19][100]].
هذا
أيضًا ما
أوضحه الأب
لكتانتيوس بقوله:
[لا يكون هذا
الختان
الثاني للجسد
كما كان
الختان الأول
الذي لا يزال
اليهود
يمارسونه،
إنما هو ختان
القلب والروح
الذي يهبه
المسيح، يسوع
الحقيقي[101]]. وقد
التجأ القديس
كبريانوس إلى
هذه العبارة
من بين العبارات
التي اقتبسها
من العهدين
القديم والجديد
ليؤكد لليهود
الحاجة إلى
ختان الروح وبطلان
ختان الجسد[102].
لقد تم
الختان
الثاني في
الجلجال قبل
الاستيلاء
على مدن كنعان
مباشرة، كان
ذلك لكي يؤكد
لكل عضو في
الجماعة أن
الدفن في
الأردن
والقيامة
يخصان السيد
المسيح نفسه
الذي دُفن
وقام، حتى
باتحادنا معه
نُصلب معه
ونُدفن ونقوم
أيضًا. إنه
تحقيق
للمعمودية على
المستوى
الشخصي لكل
عضو في
الجماعة. ففي
الجلجال نرى
الإثنى عشر
حجرًا
المحمولين من
قاع الأردن
يمثلون جسد
المسيح في
كليته وقد تمتع
بالدفن
والقيامة،
أما في الختان
فنرى كل عضو
في الجماعة
ينعم بالدفن
والقيامة.
يؤكد
الكتاب: "صنع
يشوع سكاكين
من صوان وختن
بني إسرائيل
في تل القلف" [3].
إن كان الصوان
أو الصخر
يُشير إلى
السيد المسيح
(1 كو 10: 4)، فإن هذه
السكاكين
إنما تُشير
إلى صليب
السيد الذي
يقبله المؤمن
ليصلب معه
ويختن عن كل
أعمال الإنسان
العتيق،
متمتعًا
بالإنسان
الجديد المقام
من الأموات!
هكذا
يظهر الختان
كقوة حياة
داخلية، حيث
ينعم الإنسان
بالشركة
العملية مع
قائده الحقيقي-
يسوع المسيح -
يقبل صلبه
لينعم بقوة
قيامته واهبه
الغلبة
والنصرة على
إبليس، بل
وعلى الموت
نفسه!
لقد "أقاموا
في أماكنهم في
المحلة حتى
برئوا، وقال
الرب ليشوع:
قد دحرجت عنكم
عار مصر فدعى
اسم ذلك
المكان
الجلجال إلى
هذا اليوم" [9].
كلمة
"جلجال" تعني
"دحرجة"، فإن
الله يريد أن
يدحرج عنهم
عار العبودية
الذي ارتبط به
ذهن الشعب
القديم بمصر. يقول
العلامة
أوريجانوس: [لنقترب
إلى معنى هذه
العبارة، فإن
كل الناس حتى
إن كانوا تحت
الناموس
وقبلوا
تعاليم موسى ففيهم
عار مصر أي
عار الخطية.
من يمكن أن
يُقارن ببولس
حتى في حفظ
الناموس؟ إذ
يقول: "من جهة
البر الذي في
الناموس بلا
لوم" (في 3: 6), ومع
هذا فإنه يعلن
بنفسه: "لأننا
كنا نحن أيضًا
قبلاً أغبياء
غير طائعين
ضالين
مستعبدين
لشهوات ولذات
مختلفة عائشين
في الخبث
والحسد
ممقوتين
مبغضين بعضنا
بعضًا" (تي 3: 3).
ألاَّ يعني
هنا عار مصر؟!...
لكن جاء يسوع
وأعطانا
الختان الثاني
"بغسل
الميلاد
الثاني" (تي 3: 5)،
وطهّر أرواحنا
وطرح عنا هذا
العار
وأعطانا
عوضًا عنه الوعد
بالضمير
الصالح نحو
الله. إذن
الختان الثاني
هو الذي نزع
العار وطهرنا
من رذائلنا
وأخطائنا...
إذن إن كنا
بالإيمان قد
عبرنا مجرى الأردن
بفضل الإنجيل
وتطهرنا
بالختان الثاني
فلا نخشى عار
الخطية
السابقة.
أتسمع: "لقد
دحرجت عنكم
عار مصر؟![103]]. كما
يقول أيضًا:
[هذا ما يريد
الرب أن يقوله
في الأناجيل
إذ يقول:
"مغفورة لك
خطاياك" (مر 2: 5)،
لكنه يقول: "لا
تخطيء أيضًا
لئلا يكون لك
أشر" (يو 5: 14). فإن
كنت لا تخطيء
قط بعد نوال
غفران
الخطايا يكون
بالحقيقة قد
دحرج عنك
العار. أما
إذا ارتكبت
خطايا جديدة
فإنك بهذا
ترجع إلى
العار القديم،
بل بالحري
تكون في حالة
أشر كمن "داس
ابن الله
الوحيد وحسب
دم العهد الذي
قدس به دنسًا"
(عب 10: 29)... نعم من
يُسلّم نفسه
للزنا بعد
قبوله
الإنجيل يكون
عاره أكثر
جسامة من الذي
يفعل ذلك وهو
تحت الناموس.
لأنه كما قيل:
"أفآخذ أعضاء
المسيح
وأجعلها أعضاء
زانية؟!" (1 كو 6: 15).
أترى كيف
بالتكاسل
يتراكم العار
الراجع إليك
ويثقل عليك؟!.
آه! إنه لا يكون
اتهامك هو
النجاسة إنما
تدان كمنتهك
للمقدسات،
فقد قيل عنك:
"أم لستم تعلمون
أن جسدكم هو
هيكل الله" (1
كو 6: 9)، "إن كان
أحد يفسد هيكل
الله فسيفسده
الله" (1 كو 3: 17)[104]]. كما
قال: [أضف إلى
ذلك أن "الذي
يزني يخطيء
إلى جسده" (1 كو 6:
18)، ليس إلى جسده
الذي صار
هيكلاً لله بل
إلى جسد
الكنيسة كلها،
فمن يدنس
جسده؛ فكعضو
ينتشر الدنس
في الجسد كله...
إذن لكي يكمل
فينا الختان
الثاني ويُنزع
عنا عار مصر
العتيق،
لننفصل
تمامًا عن هذه
الأدناس،
فنكون أنقياء
في الجسد
والروح لنرفع
"أيادي
طاهرة" (1 تي 2: 8)
وفم طاهر وشفاه
طاهرة،
ممجدين الله
بقلب صادق،
بصلواتنا
وأعمالنا، في
المسيح يسوع
ربنا الذي له
المجد
والسلطان إلى
الأبد الآباد[105]].
إذ
نعرف عدونا
الروحي
ونقتني
الختان
الثاني الذي
يُطهرنا من كل
دنس ويحررنا
من كل سلطان لهذا
العدو لكي لا
يكون له في
قلبنا ميراث
يلزمنا أن
نتسلح أيضًا
بالفصح
الجديد.
3.
الفصح
الجديد...
"فحّل
بنو إسرائيل
في الجلجال
وعملوا الفصح في
اليوم عشر من
الشهر مساءً
في عربات
أريحا" [10].
في
دراستنا لسفر
الخروج
تحدثنا في شيء
من التفصيل عن
الفصح،
وارتباط
الفصح القديم
بالجديد. وأما
هنا إذ عبروا
الأردن إلى
أرض الميراث
التزموا قبل
البدء في
الجهاد أن
يتمتعوا
بالختان
الثاني حتى
متى برئوا من
جراحاتهم في
الجلجال
يقيموا الفصح
الجديد في
الرابع عشر من
الشهر مساءً
في عربات
أريحا. وهنا
نلاحظ:
أولاً:
إرتباط
الختان
بالفصح إنما
هو ارتباط
المعمودية
بالأفخارستيا،
الفصح الجديد؛
فلا يمكن
لمؤمن أن
يتمتع بسرّ
الفصح ويشترك
فيه ما لم يكن
قد خُتن
قلبيًا في
المعمودية. ففي
مياه
المعمودية
ننال العضوية
في جسد المسيح،
وبالأفخارستيا
ننعم بالجسد
المقدس لنثبت
فيه وهو فينا.
هذ الارتباط
يذكرنا بطقس
المعمودية
القديم حيث
كان غالبية
الموعوظين
ينالون سرّ
العماد ليلة
عيد الفصح
المجيد، عيد
الغلبة على
الموت ونوال
قوة القيامة
في المسيح يسوع
القائم من
الأموات،
ويخرج
المعمدون حديثًا
لابسين ثياب
النصرة
البيضاء
ومعهم السرج
المنيرة،
ليدخلوا إلى
خورس
المؤمنين ينعمون
بالتناول من
الأسرار
المقدسة "سرّ
الأفخارستيا"
بعد العماد
مباشرة.
بالمعمودية
عبروا من الإنسان
العتيق إلى
الإنسان
الجديد،
وبالأفخارستيا
يعبرون من
الأرض إلى
السماء عينها باتحادهما
مع الله في
المسيح يسوع
فصحنا الحقيقي.
ثانيًا: لم
يكن ممكنًا
للشعب أن يترك
أماكنه في
المحلة
لينطلقوا
للحرب ما لم
يبرأوا أولاً
بعد ختانهم [8]،
فإن كنا قد
نلنا الصلب مع
إنساننا
القديم في
مياه
المعمودية
فيلزمنا أن نهّم
بالأبراء
التام بخلع
عاداتنا
الشريرة تمامًا.
وكما يقول العلامة
أوريجانوس:
[إنه نوع من
الجهاد
المؤلم أن
نترك عادات
الخطية القديمة
لندخل إلى
طريقة حياة
جديدة
تمامًا... في
رأيي هذا هو
الوقت الذي
يقول عنه
الكتاب يلزمنا
أن نظل فيه
مقيمين في
مواضعنا كما
في ألم الختان
حتى يتم
الإلتئام
والبرء. يتم
الإلتئام
عندما نقوم
بواجباتنا
الجديدة بدون
ضجر ونتعود
على ما كنا
نظنه قبلاً
أنه صعب بسبب
عدم تعودنا
عليه. ونقول
إننا قد برئنا
بالحق عندما
تختفي
نقائصنا بقوة
العادة
الجديدة وتتحول
الفضيلة فينا
إلى طبيعة
ثانية[106]].
4.
التقوت بغلة
الأرض...
مّر
شعب بني
إسرائيل في
طعامهم بثلاث مراحل:
المرحلة
الأولى عند
خروجهم من
مصر: "حمل
الشعب عجينهم
في ثيابهم" (خر
12: 34)، وإذ نفذ
العجين ولم
يعد لهم خبز
دخلوا في
المرحلة
الثانية وهو
أن الله أمطر
عليهم المن من
السماء، هذا الذي
قال عنه السيد
المسيح:
:آباؤكم أكلوا
المن في
البرية
وماتوا" (يو 6: 49).
وأخيرًا إذ
دخلوا أرض
الموعد "أكلوا
من غلة الأرض
في الغد بعد
الفصح فطيرًا
وفريكًا في
نفس ذلك اليوم
وانقطع المن
في الغد عند
أكلهم من غلة
الأرض ولم يكن
بعد لبني إسرائيل
منّ" [11-12].
في
المرحلة
الأولى ارتبط
العجين
بثيابهم (خر 12: 34)
أي بجسدهم،
فيأكلون من أجل
حاجة الجسد،
حيث كانوا في
مرحلة
الطفولة الروحية،
مرتبطين
بالجسد
والأرضيات.
ولكنه إذ خرج
بهم إلى
البرية قدم
لهم المن من
السماء ليؤكد
لهم أنه هو
الذي يعولهم
ويهتم بهم
روحيًا
وجسديًا فلا
يقلقون على
أجسادهم، أما
في الأرض
الجديدة
فيقدم كلمة
الله نفسه
الخبز السماوي،
قائلاً: "أنا
هو الخبز
الحيّ الذي
نزل من
السماء، إن
أكل أحد من
هذا الخبز
يحيا إلى الأبد،
والخبز الذي
أنا أعطي هو
جسدي الذي أبذله
من أجل حياة
العالم" (يو 6: 51)
وكأن المؤمن
يمر بثلاث
مراحل، في
المرحلة
الأولى يأكل
ليعيش، وفي
المرحلة
الثانية لا
يضطرب متكلاً
على الله الذي
يقوته بكل
طريقة، أما
الثالثة
ففيها يجد
الإنسان في
الله نفسه
طعامه الأبدي
المشبع!
5.
ظهور رئيس جند
الرب...
إذ عبر
يشوع بشعب
الله نهر
الأردن
وانطلق إلى الجلجال
يقيم الحجارة
التذكارية
وقد تقدس الشعب
بختانه
الثاني
وتمتعه
بالفصح
والغلة الجديدة...
صار كل شيء
جديدًا
بالنسبة لهم...
تقدم يشوع نحو
أريحا [14]، ربما
كان بمفرده قد
أدرك أنه وحيد
بلا موسى، يرى
حربًا من صنف
جديد، مدينة
بأسوار عالية
وحصون تقدر أن
تبقى فترة
طويلة تحت الحصار،
ولا يمكن
ليشوع أن
يتجاهلها
وينطلق إلى
مدينة أو قرية
أخرى فإنها تمثل
عدوًا يبقى
خلفهم يضربهم
من الظهر!
ولعل يشوع كان
يفكر في هياج
الأمم
والشعوب
الكنعانية
عليه [1-2]... على أي
الأحوال كان
يشوع رجل
الإيمان،
لهذا تقدم
إليه كلمة
الله كرئيس
جند الرب ليسنده!
إن كان
الله نفسه هو
الذي
يُطهّرهم
قلبيًا بالختان
الجديد،
ويثبتهم فيه بالفصح
الجديد
ويشبعهم
بالغلة
الجديدة، فإنه
لا يمتنع عن
أن يظهر كلمته
الحيّ بصورة
ملموسة ليؤكد
ليشوع: "أنا
رئيس جند
الرب، الآن
أتيت" [14]. إنه
ليس مجرد ملاك
أو رئيس
ملائكة بل
كلمة الله
نفسه، إذ يقول
له: "اخلع نعلك
من رجلك لأن المكان
الذي أنت واقف
عليه هو مقدس"
[15]، الحديث
الذي قيل
لموسى النبي
أيضًا حين ظهر
له الرب في
شكل عليقة
متقدة نارًا
(خر 3). وقد سبق
فرأينا بأكثر
تفصيل أن خلع
النعلين إنما
تأكيد بضرورة
خلع
الاهتمامات
الأرضية المميتة
وترك المجد
الباطل،
وتأكيد أن
الخادم ليس هو
عريس الكنيسة
بل خادمها أما
العريس الحق
فهو يسوع
العامل فينا[107]. ويقول العلامة
أوريجانوس:
[عرف يشوع
بالروح ليس
فقط أنه من
عند الله، إنما
هو الله نفسه،
فإنه ما كان
يعبده لو لم
يعرف أنه هو
الله[108]]. أما
دعوته رئيس
جند الرب،
فليست بغريبة
عن كلمة الله
الذي قيل عنه
في أشعياء
"هوذا قد
جعلته شارعًا
للشعوب،
رئيسًا
وموصيًا
للشعوب" (55: 4)،
ويظهر في سفر الرؤيا
جالسًا على
فرس أبيض،
متسربل بثوب
مغموس بدم
والأجناد
الذين في
السماء كانوا
يتبعونه على
خيل بيض
لابسين بزًا
أبيض ونقيًا
ومن فمه يخرج
سيف ماضٍ (رؤ 19: 11-15).
عجيبة
هي محبة الله
وعظيمة هي
رعايته، فإذ
يُدخل مؤمنوه
في حرب ضد
إبليس
وأعماله
الشريرة يتقدم
إليهم كرئيس
جند غالب ولكي
يغلب بهم. وإذ
يظهر عدو
الخير كأسد
يزأر يفترس (1
بط 5: 8) يتقدم أيضًا
كلمة الله
الأسد الخارج
من سبط يهوذا
(رؤ 5: 5). إذ نجوع
يقدم نفسه
خبزًا حيًا من
يأكل منه لا
يجوع، وإن
شعرنا
بالوحدة يتقدم
كصديق فريد
يسندنا بل
كعريس روحي حق
يملأ كل فراغ
فينا، وإن
شعرنا
بالضياع يقدم
نفسه الطريق
والحق، وإن
أصابنا الموت
يتقدم إلينا
بكونه
القيامة! في
محبته يقدم
لنا كل شيء
لكي يسد كل
عوز فينا!
أخيرًا
يرى القديس أنبا
أنطونيوس
الكبير في
حديث يشوع بن
نون مع رئيس
جند الرب
مثلاً حيًا
للتمييز بين
الرؤى
السماوية
والشيطانية،
إذ يقول:
[عندما تُشاهد
رؤيا لا تسقط
خائفًا، إنما
مهما كان
الأمر اسأل
بشجاعة: من
أنت؟ ومن أين
جئت؟ فإن كانت
الرؤيا مقدسة
فإنك تتأكد من
ذلك بتحويل الخوف
إلى فرح. أما
إن كانت من
الشيطان ففي
الحال تتضعف
الرؤيا أمام
ثبات ذهنك...
هكذا سأل ابن
نون ليعرف من
هو هذا الذي
يعينه[109]].
[99] مناجاة 16.
[100] In Jos. Hom. 5:5.
[101] Divine
Inst. 4:17.
[102] Treat. 12 to Quirinius 1:8.
[103] In Jos. Hom. 5:5.
[104] Ibid.
[105] Ibid.
[106] Ibid 6 C 1.
[107] راجع تفسير سفر الخروج، أصحاح 3.
St.
Cyprian: Treat
12:2:16.
[108] In Jos hom. III.
[109] Vita Antonii 43.