فوجئ
شمشون أن
زوجته قد
أخذها صاحبه
امرأة له،
فكان ذلك
انطلاقة صراع
مع العدو الذي
أذل شعبه
سنوات طويلة.
1. حرق
حقول العدو
[1-7].
2. قتله
ألف رجل
[8-17].
3. خروج
ماء من الكفة
[18-20].
1.
حرق حقول
العدو:
بعد
مدة إذ خمد
غضب شمشون
أراد أن يرجع
إلى امرأته
فأخذ معه جدي
معزي كهدية
للمصالحة،
وكان جدي
المعزي من
الهدايا
المألوفة
كثيرًا (تك 38: 17؛
لو 15: 29)، وإذ نزل
إلى تمنة منعه
والدها من
الدخول،
قائلاً: "إنيّ
قلت أنك قد
كرهتها
فأعطيتها
لصاحبك،
أليست أختها الصغيرة
أحسن منها؟!
فلتكن لك
عوضًا عنها" [2].
لقد أخطأ
أبوها، لأنها
تعجل في الأمر
مسلمًا ابنته
لصاحب زوجها
قبل أن يطلقها
رجلها أو حتى
ينذره بذلك،
وقد ظن أن صغر
سن أختها أو
جمالها يعوض
شمشون عن حبه
لامرأته، لكن
الحب لا يُرشى
بالجمال ولا
بصغر السن!
على أي الأحوال
كان ذلك علة
لينطلق شمشون
وقد حلّ عليه
روح الرب وحرق
حقول الأعداء
بأخذ مشاعل
ووضعها بين
ذنبي كل
ثعلبين (ابن
آوي) مربوطين
معًا بعد أن
أمسك 300 ثعلبًا
لهذا الهدف.
وإذ أحرق
حقولهم
ومخازنهم
أغتاظ
الأعداء
فانطلقوا إلى
امرأة شمشون
وأحرقوها
وأباها
بالنار. لكن
هذا العمل لم
يرضِ شمشون إذ
حسبه إهانة له
بحرق امرأته،
لذلك أراد أن
يعود فينتقم
منهم ثانية
حتى يكف عن
الانتقام. "وضربهم
ساقًا على فخذ
ضربًا عظيمًا"
[8]، أي جعلهم
بضرب السيف
قطعًا بعضهم
فوق بعض فصار
الساق فوق
الفخذ والقدم
فوق الرأس وما
إلى ذلك.
وأخيرًا "أقام
في شق صخرة
عيطم" [8].
يعلق القديس
أغسطينوس
على هذا
الحديث بقوله:
[قيل أن غضب
شمشون قد حمى
لأن صاحبه
تزوج امرأته (14:
19-20). هذا الصاحب
هو رمز لكل
الهراطقة.
حقًا أنه لسرّ
عظيم أيها
الأخوة،
فالهراطقة
الذين يقسمون
الكنيسة
يريدون
الزواج بزوجة
الرب وحملها
بعيدًا عنه.
بانفصالهم عن
الكنيسة
والأناجيل
يحاولون
بشرهم أي
زناهم اقتناء
الكنيسة
كنصيب لهم،
لهذا يقول
الخادم
الأمين، صديق
عروس الرب: "لأني
خطبتكم لرجل
واحد لأقدم
عذراء عفيفة للمسيح"
(2 كو 11: 2). وبغيرة
إيمانه أدرك
الصديق
الشرير (الذي
يود اغتصاب
العروس له)،
إذ يقول
"ولكنني أخاف
أنه كما خدعت
الحية حواء
بمكرها هكذا
تفسد أذهانكم
عن البساطة
التي في
المسيح (يسوع)"
(2 كو 11: 3)... الآن،
لنرى كيف فعل
شمشون عمله
السري عندما
أُصير بواسطة
صاحبه في شخص
امرأته. لقد
أخذ الثعالب،
أي أصدقاءه
الزناة الذين
قيل عنهم في
نشيد الأنشاد:
"خذوا لنا
الثعالب
الصغار
المفسد
للكروم" (نش 2: 15).
ماذا يعني
بقوله
"خذوا"؟ أي
امسكوها،
دينوها،
اضغطوا
عليها، حتى لا
تفسد كروم
الكنيسة. ماذا
يعني بقوله:
"خذوا
الثعالب" إلاَّ
إدانة
الهراطقة
بسلطان
القانون
الإلهي، لنسرع
ونقيدهم
بشهادة
الكتاب
المقدس كما بقيود!
لقد أمسك
شمشون
الثعالب ووضع
مشاعل نار وسط
أذيالهم بعد
أن ربطهم
اثنين اثنين.
ماذا يعني
رباط أذيال
الثعالب؟ ما
هي أذيال
الهراطقة
إلاّ ما بلغوه
من نتائج
هرطقتهم (كذيل
لهم). هذه
تربط، أي تقيد
وتدان وتُلهب
النار في أذيالها،
إذ أفسدوا
الثمار
والأعمال
الصالحة للذين
سقطوا تحت
خداعاتهم[120]].
إذ
أحرق شمشون
مزارع
الأعداء
وضربهم حتى
جعلهم قطعًا
بلا ترتيب هرب
إلى شق (كهف) في
قمة صخرة
بعيطم. "عيطم"
كلمة عبرية
تعني (مآوى
للكواسر)، تقع
على بعد حوالي
ميلين جنوب
غربي بيت لحم
بأرض يهوذا.
على أي
الأحوال إن
كنا مع شمشون
نرفض كل فكر يفسد
كنيسة الله،
ونلهب ذيله
بالنار ليحطم
ثمر الشر
ومملكة إبليس
فإنه يليق بنا
أن نهرب إلى
الشق أو الجنب
المطعون الذي
للسيد المسيح
الصخرة
الحقيقية.
لنذهب إلى
عيطم، إلى (مآوى
الكواسر)،
فندخل في
جراحات
المسيح
ونحتمي فيها!
2. قتله
ألف رجل:
إذ
أحرق شمشون
حقول
الفلسطينيين
وقتل الكثيرين
منهم شعر أهل
يهوذا
بالتزام أن
يسلموا شمشون
في أيدي
الفلسطينيين
الذين
يسودونهم حتى
يأمنوا شرهم.
لقد حسبوا أنه
من الأفضل أن
يموت شمشون عن
الشعب كله،
وكأنه رمز
للسيد المسيح
الذي قيل عنه
من خاصته: "خير
لنا أن يموت
إنسان واحد عن
الشعب ولا
تهلك الأمة
كلها" (يو 11: 50).
وهكذا كما
قيدّ رجال يهوذا
شمشون بحبلين
جديدين
وأسلموه
للأعداء دون
أن يقتلوه بعد
أن اتهموه أنه
مجدف وصانع
شر، وكأنهم
أرادوا أن
يوثقوه بحبلين
جديدين.
التقى
شمشون
بالأعداء وهو
مقيد
بالحبلين الجديدين،
"فحلّ عليه
روح الرب،
فكان الحبلان
اللذان على
ذراعيه ككتان
أُحرق بالنار
فانحلّ
الوثاق عن
يديه" [14]. كأنه
بالسيد
المسيح الذي
واجه العدو
على الصليب،
إذ هو
"القيامة" لم
يستطع الموت
أن يمسك به،
ولا الجحيم أن
يعوقه، فحطم
بنار لاهوته
حبليّ الموت
والجحيم،
وأعلن كسر
سلطانهما عن
مؤمنيه المتحدين
معه.
عوض أن
يقتله
الأعداء أمسك
بلحي حمار أي
فْكه وكان
طريًا فقتل به
ألف رجل [15]. ماذا
يعني هذا إلاَّ
أن الإنسان
وقد نزل خلال
الخطية إلى
الحيوانية
غير العاقلة،
وقد حطمه
الموت
تمامًا،
وأمسك به
السيد من جديد
كما يمسك بفك
حمار، وأعطاه
كلمة الإيمان الحيّ
الذي به يقتل
القوات
الشريرة
المقاومة أو
عمل إبليس
الذي يُرمز له
بألف رجل
شرير.
لقد
أراد أن يحقر
من العدو
المغلوب فقال
مترنمًا "بلحيّ
حمار كومة
كومتين،
بلحيّ حمار
قتلت ألف رجل"
[16]. وكأنه يقول
أنه بفك حمار
حوّل العدو
إلى كومة،
كومتين، ثلاث
كومات... إلخ،
وهكذا صار
يحصي أكوام
الموتى... هذه
هي تسبحة
النصرة !
إذ
صارت المنطقة
أكوامًا من
القتلى تحققت
بفك أو لحيّ
حمار سميت
المنطقة "رمت
لحيّ" أي
(مرتفعات
الفك).
3.
خروج ماء من
الكفة:
"ثم
عطش جدًا فدعا
الرب وقال:
إنك قد جعلت
بيد عبدك هذا
الخلاص
العظيم،
والآن أموت من
العطش وأسقط
بيد الغلف.
فشق الله
الكفة التي في
لحيّ، فخرج
منها ماء فشرب
ورجعت روحه
فانتعش، لذلك
دعا اسمها عين
هقوري" [18-19].
يرى
البعض أن
شمشون يستخدم
هنا التورية،
فإذ دعا
المكان "رمت
لحيّ" دعا
العين التي
أخرج له الله
منها ماءً بـ
"الكفة"
وتعني (منبت
السن)، وكأن
الله أخرج له
ماءً من
المنبت السن
الذي في فك
الحمار.
إن كان
قد قتل ألف
رجل شرير
بالفك فإنه يشير
إلى عمل الله
الخلاصي
وتحطيم قوى
الشيطان، فإن
فيض الماء من
كفة الفك يشير
إلى ما تبع
هذا العمل
الخلاصي على
الصليب من فيض
مياه الروح
القدس التي
تنعش النفس
وتجددها في
المعمودية.
يعلق القديس
أغسطينوس
على تصرفات
شمشون بالفك
وخروج ماء من
كفة الفك
بقوله: [أهلك
شمشون ألف رجل
بفك من جسم
حمار؛ فقد
مُثل الأمم
بالحمار، إذ
يتحدث الكتاب
عن اليهود والأمم
قائلاً:
"الثور يعرف
قانيه
والحمار معلف
صاحبه" (إش 1: 3).
فقبل مجيء
السيد المسيح
مزق الشيطان
الأمم إلى قطع
وتبعثروا
كعظام جافة من
جسم حمار، لكن
لما جاء
المسيح –
شمشون
الحقيقي –
أمسك بهم
جميعًا بيديه
الطاهرتين. أصلحهم
بقوته، وبهم
غلب خصومه.
هكذا نحن الذين
سلمنا
أعضاءنا
للشيطان
قبلاً حتى
قتلنا، أمسك
بنا المسيح
وجعلنا برّ
الله بالرغم
من جفافنا
لعدم وجود ندى
نعمة الله
غيّرنا إلى
ينابيع
وأنهار.
قديمًا صلى
شمشون فانطلق
ينبوع من
الفك، وتحقق
ذلك فينا
بوضوح إذ يقول
الرب نفسه: "من
آمن بيّ تجري
من بطنه أنهار
ماء حيّ" (يو 7: 38)[121]].
أخيرًا
إذ شرب شمشون
من العين دعا
اسمه "عين هقوري"
[19]، أي (عين
الداعي)
تذكارًا
لدعائه إلى الله
واستجابة
الله لدعائه.
[120] Caesarius, Ser. 118:4.
[121] Ibid. 119:4.