يقدم
لنا الوحي
الإلهي هذه
القصة ليكشف
عن مدى العمى
الروحي الذي
أصاب الشعب،
فإذ أرادت سيدة
أن ترضي الرب
أقامت أفودًا
وترافيم في بيتها،
وطلب ابنها
ميخا من أحد
أولاده أن
يكون كاهنًا، حتى
زارهم غلام من
بني لاوي
فحسبوه رضى من
الله وعلامة
سروره أن
يستأجروا
اللاوي في
بيتهم كاهنًا.
1.
إقامة
التمثال
[1-6].
2.
استئجار لاوي
كاهنًا
[7-13].
1.
إقامة
التمثال:
"كان
رجل من جبل
أفرايم اسمه
ميخا" [1].
حدثت
هذه القصة قبل
أيام شمشون؛
يبدو أن ميخا
كان يدعى "ميخيهو"
أي (من مثل
يهوه) أو
"ميخائيل" أي
(من مثل الله)،
ويرى علماء
اليهود أنه قد
صار اسمه "ميخا"
بدل "ميخيهو"
لأنه عبد
الأوثان. اسمه
الأول يدل على
أن والديه
كانا تقيين
يعتقدان أن ليس
مثل يهوه، لكن
والدته
انحرفت إلى
العبادة
الوثنية
جنبًا إلى جنب
مع عبادة الله
فجعلت من
الصنم مثلاً
لله، وهذا
يخالف اسم ابنها.
ويبدو
أن ميخا هذا
سرق من والدته
الغنية ألفًا
ومئة شاقل من
الفضة، وإذ
لعنت السارق،
لم يستطيع
الابن أن يسمع
اللعنة
بأُذنيه فجاء
بالفضة إلى
أمه معترفًا
[1]، أما هي فرفضت
أن ترد الفضة
إلى خزينتها
بل أرادت تقديسها
للرب بعمل
تمثال منحوت
وتمثال مسبوك
تسلمها
لابنها
ليضعهما في
بيته في موضع
مقدس. هذه هي
صورة إنسانة
تقية أرادت أن
تقدس فضتها
المسروقة
للرب فتُقدم
بها تمثالين
في بيت ابنها...
وإن كان البعض
يرى أنها لم
تقصد العبادة
الوثنية
وإنما عبادة
الله الحيّ
خلال التمثالين...
بهذا ظنت أنها
تنزع اللعنة
عن ابنها، وتجعل
من بيته
مقدسًا للرب.
فعمل ميخا
أفودًا أي
ثيابًا
للكهنة، كما
عمل ترافيم
وهي تماثيل
آشورية
تستخدم كآلهة
خاصة بكل
عائلة. وملأ ميخا
يد أحد من
بنيه [5] أي
أعطاه تقدمات يقدمها
للرب ككاهن
للرب؛ هكذا
أُقيم أحد أبناء
ميخا كاهنًا
ليس من قبل
الرب بل من
قبل أبيه،
فكان العمل
كله يكشف عن
جهل العائلة
وغباوتها
سواء في إقامة
آلهة أو ملابس
الكهنة أو الكهنة
أنفسهم. لكن
ما حدث في هذه
العائلة كان مثلاً
للفساد العام
حتى تكرر
القول: "وفي تلك
الأيام لم يكن
ملك في
إسرائيل، كان
كل واحد يعمل
ما يحسن في
عينيه" [6].
إن كان
ميخا قد أقام
من فضته لنفسه
إلهًا، ومن
ابنه كاهنًا
حسب هواه، فإن
كثيرين إلى
يومنا هذا
يريدون أن
يقيموا آلهة
حسب أهواءهم
الخاصة، منهم
الذين تحدث
عنهم الرسول
بولس: "آلهتهم
بطونهم" (في 3: 19)،
ومنهم من كانت
آلهتهم
كرامتهم
الزمنية إلخ...
أما بالنسبة
للكهنة
فكثيرون لا
يطلبون كهنة
مدعوين من
الله يفصلون
كلمة الحق باستقامة
وإنما يريدون
من أبنائهم
كهنة حتى يقدمون
لهم الوصية
حسب أهوائهم
ويشوهون الحق
بما يشبع
رغباتهم
وملذاتهم.
2.
استئجار لاوي
كاهنًا:
لم يقف
الفساد عند
الشعب وحدهم
إذ أقام الكثيرون
ترافيم في
بيوتهم كآلهة
يقدمون
العبادة لله
خلالها،
فامتزجت
العبادة
الوثنية بعبادة
الله الحيّ،
وإنما حتى
الكهنة
واللاويين نسوا
رسالتهم
كأُناس
نصيبهم الرب
وعملهم خدمة
الهيكل
المقدس نيابة
عن الجماعة كلها،
وخرجوا
يبحثون عن
المال،
فصاروا في وسط
الجماعة
يسألون عمن
يستأجرهم
ليكونوا كهنة
خصوصيين لهم.
وفي أيام
نحميا نجدهم
يعملون في
الحقول (نح 13: 1).
هذه هي
الخميرة التي
كان يجب أن تحمل
في داخلها عمل
الله لتخمير
العجين كله، قد
انهمكت بأمور
العالم،
وصارت مستأجرة
للعمل لا
لحساب الله بل
لحساب بطونهم.
من بين هؤلاء
اللاويين. وجد
غلام أقام في
بيت لحم
بيهوذا حتى
حُسب من عشيرة
يهوذا وهو
لاوي متغرب [7]،
لم يجد هناك
من يستأجره
فترك بيت لحم
وذهب إلى جبل
أفرايم حيث
التقى بميخا
الذي سأله أن
يقيم عنده
ليكون اللاوي
أبًا له وكاهنًا
مقابل عشرة
شواقل فضة
وحلة ثياب بخلاف
قوته اليومي.
هكذا حسب ميخا
نفسه سعيدًا
إذ يقيم
اللاوي
كاهنًا عوض
ابنه الذي كان
له كاهنًا [5].
وجد الغلام
اللاوي العرض
سخيًا بالنسبة
للظروف التي
كان اللاويون
يعيشون فيها
فقبله.
فرح
ميخا إذ صار
لديه الآلهة
والأفود
والكاهن
لاويًا... صورة
مؤلمة للفساد
الذي دبّ في
حياة إسرائيل
في ذلك الوقت،
كثمرة لالتصاقهم
بالوثنيين
ومشاركتهم
عبادتهم
متجاهلين
الشريعة
الإلهية.