الإستعداد
للعيد
تحوّلت
المذبحة
العامة
لليهود إلى
عيد مفرح يمتد
في حياتهم إلى
أجيال وقد هيأ
الله لهذا العيد
الأحداث التي
تمت بعد وليمة
أستير، جميعها
تكشف عن مفهوم
العيد
الحقيقي للفوريم.
1.
أستير وبيت
هامان
[1].
2.
مردخاي وخاتم
الملك
[2].
3.
امتثال أستير
أمام الملك
[3-4].
4. إصدار
المرسوم
الملكي
الجديد [5-14].
5.
مردخاي
الممجد
وشعبه
[15-17].
1.
أستير وبيت
هامان:
"في
ذلك اليوم أعطى
الملك
أحشويروش
لأستير
الملكة بيت
هامان عدو
اليهود" [1].
لقد
طلب هامان من
أعوانه أن
يلقوا قرعة
ليحددوا
يومًا يرث فيه
هامان كل ما
لليهود بعد أن
يقتلهم، فإذا
بهامان
يُسلم للموت
ويعطى الملك
بيته في يدي
أستير
اليهودية.
إن كان
هامان
الحقيقي،
إبليس، قد وضع
في قلبه أن
يغتصب قلب
الإنسان
ويرثه بعد أن
يحطمه
ويهلكه،
فخلال وليمة
الصليب
استولى الإنسان
على مركز
الشيطان قبل
السقوط، وصار
كمن قد دخل
إلى الطغمات
السماوية
كواحد منها.
ويرى بعض
الآباء أن
الطغمات
السماوية سبع
بجانب الشاروبيم
والسيرافيم،
وقد صار
الإنسان أشبه بالطغمة
العاشرة عوض
إبليس الذي
كان كوكب الصبح
القائم في
حضرة الله.
سقط العدو إلى
الهاوية
ليقوم
الإنسان
ويرتفع إلى
السماء ويملك
عوض العدو
الساقط!
إن كان
الشيطان قد
أقام نفسه
رئيسًا لهذا
العالم
باغراءات
الخطية (يو 12: 31)،
مغتصبًا بيت
الإنسان الذي
وهبه لنا الله
لنسكن فيه
بسلطان،
فخلال وليمة
الصليب لم
يسترد
الإنسان بيته
فحسب إنما
إرتفع بالرب إلى
الفردوس. في
هذا يحدث القديس
غريغوريوس
النيسي
طالبي
العماد،
قائلاً: [إنكم
خارج الفردوس
أيها
الموعوظون.
إنكم تشاركون
آدم أباكم
الأول في
نفيه. والآن
يُفتح الباب
وتعودون من
حيث خرجتم[44]].
إن كان
عيد الفوريم
هو عيد إبطال
قرعة هامان لإبادة
المؤمنين،
ليعلن الرب
أنهم نصيبه،
وارثو بيت
العدو
الساقط،
ومتمتعون
بالدخول إلى
السماء عينها.
2.
مردخاي وخاتم
الملك:
"ونزع
الملك خاتمه
الذي أخذه من هامان
وأعطاه
لمردخاي" [2].
عندما
عاد الإبن
الضال إلى
أبيه قال
الأب: "إجعلوا
خاتمًا في
يده" (لو 15: 22)،
علامة البنوة
الحقة وتأكيد
لسلطانه
البنوي. هكذا
يتمتع المؤمن
– مردخاي –
بخاتم الملك
كقول
الإنجيلي: "كل
الذين قبلوه
فأعطاهم
سلطانًا أن
يصيروا أولاد
الله، أي
المؤمنون
بإسمه، الذين
ولدوا ليس من
دم ولا من
مشيئة جسد ولا
من مشيئة رجل
بل من الله" (يو
1: 13). هذا هو
الخاتم
الملكي
"السلطان
البنوي" الذي
نناله بالروح
القدس في مياه
المعمودية. لهذا
تحدث آباء
كثيرون عن
المعمودية
كختم للنفس،
مثل القديس
أكليمندس
الروماني[45]،
وهرماس[46]،
والعلامة
ترتليان[47]،
والقديس
يوحنا الذهبي
الفم[48].
يقول القديس
أغسطينوس عن
هذا الختم:
[تمسك بما نلته
فإنه لن
يتغير، إنه
وسم ملكي[49]].
بهذا الختم
ندخل في ملكية
الله كقول الأب
ثيؤدور
المصيصي: [العلامة
التي تتسمون
بها الآن إنما
هي علامة أنكم
قد صرتم قطيع
المسيح[50]].
بهذا الختم
أيضًا ندخل في
الجندية
الروحية،
وكما يقول القديس
كيرلس
الأورشليمي: [يأتي
كل واحد منكم
ويقدم نفسه
أمام الله في
حضرة جيوش
الملائكة غير
المحصية،
فيضع الروح القدس
علامة على
نفوسكم. بهذا
تُسجل أنفسكم
في جيش الملك
العظيم[51]].
بهذا الختم
إذ ننعم
بسلطان
البنوة فنحيا
في ملكية الله
كأولاد له،
ونعيش
مجاهدين
روحيًا كجنود
له ننعم
بالعيد
الأبدي، إذ
نرث المجد
الذي لا يفنى.
وكما يقول
الرسول:
"الروح نفسه
أيضًا يشهد
لأرواحنا
أننا أولاد
الله، فإن كنا
أولادًا
فإننا ورثة
الله،
ووارثون مع
المسيح" (رو 8: 16-17).
3.
إمتثال أستير
أمام الملك:
إن كان
مردخاي قد نال
ختم الملك
علامة التمتع بالعيد
الأبدي، فإن
أستير تمتعت
بالإمتثال أمام
الملك، هذا
الإمتثال في
حضرته هو
"العيد"
الحق، حيث
تنعم الكنيسة
بمعية الله،
وسكناه في
داخلها،
ودخولها إلى
حضنه.
يقول
الكتاب: "ثم
عادت أستير
وتكلمت أمام
الملك وسقطت
عند رجليه
وبكت وتضرعت
إلى أن يزيل
شر هامان الأجاجي
وتدبيره الذي
دبره على
اليهود، فمد
الملك لأستير
قضيب الذهب،
فقامت أستير
ووقفت أمام
الملك" [3-4].
العيد
الحقيقي هو
لقاء مع الرب
أو وقوف قدامه،
إنه قيام بعد
سقوط كقول
الكتاب عن
أستير: "سقطت
عند رجليه...
فمد الملك
لأستير قضيب
الذهب
فقامت...".
بمعنى آخر العيد
هو دخول إلى
خبرة القيامة
خلال الصليب
(القضيب
الذهبي).
ليتنا
ننطلق مع
أستير إلى
الملك وفي
إنسحاق نعلن
سقوطنا عند
رجليه لنبكي
معها ونتضرع
من أجل مرارة
تدابير إبليس
ضدنا، ليمد
الرب يده خلال
صليبه
السماوي واهب
الحياة،
فنقوم ونوجد
معه أبديًا.
4.
إصدار
المرسوم
الملكي
الجديد:
بهامان
صدر المرسوم
الأول الذي
فيه كان الحكم
بالموت والآن
بمردخاي
وأستير، خلال
وليمة أستير
أي وليمة
الصليب، تمزق
المرسوم
الأول (كو 2: 15)
وصدر لحسابنا
مرسومًا
جديدًا فيه
تعلن بنوتنا
لله وهلاك
أعدائنا
(إبليس
وجنوده).
ما
أجمل كلملت
أستير
(الكنيسة)
للملك وهي
تشفع في
شعبها: "لأنني
كيف أستطيع أن
أرى الشر الذي
يصيب شعبي؟
وكيف أستطيع
أن أرى هلاك
جنسي"؟ [6]. هذه
هي مشاعر
الكنيسة نحو
كل نفس، مشاعر
الرعاة
والرعية
وأيضًا فالكل
ملتهب بحب خلاص
الآخرين. هذه
المشاعر قد
تجسمت في
كلمات القديس
يوحنا الذهبي
الفم الذي
لا يكف عن
الصلاة
والعمل من أجل
خلاص كل نفس.
فمن كلماته:
[ليس شيء أحب
إليَّ أكثر
منكم، لا، ولا
حتى النور!
إنيّ أود أن
أقدم بكل سرور
عيني ربوات المرات
وأكثر – إن
أمكن – من أجل
توبة نفوسكم.
عزيز عليَّ
جدًا خلاصكم،
أكثر من النور
نفسه!... لأنه
ماذا تفيدنيّ
أشعة الشمس إن
أظلم الحزن عيني
بسببكم؟!... أي
رجاء يكون ليّ
إن كنتم لا
تتقدمون؟!
وعلى العكس أي
يأس يقدر أن
يدخل إليَّ مادمتم
نامين؟!
فإننيّ إذ
أسمع عنكم
أخبارًا
مفرحة أبدو
كمن قد صار
ليّ أجنحة...
تمحوا فرحي!
هذا هو كل ثقل
صلواتي، إنيّ
مشتاق إلى
نموكم... إنيّ
أحبكم، حتى
أذوب فيكم، وتكونون
ليّ كل شيء،
إبي وأمي
وإخوتي
وأولادي[52]].
خلال
هذا الحب الذي
قدمه مردخاي
وأستير صدر
المرسوم
الملكي
الجديد، ورد
نصه في تتمة
أستير (ص 16)، جاء
فيه:
أولاً: دينونة
هامان كمتكبر:
"إن كثيرين
يسيئون إتخاذ
المجد
الممنوح لهم
فيتكبرون" [2].
ففي المنشور
السابق كان
أحشويروش
يحسب هامان
أبًا له، والآن
يدينه كمتكبر.
هكذا إذ نسقط
في الخطية نحسب
العدو أبًا،
لكن بعد وليمة
الصليب
إنفضحت حقيقته
كخليقة
متكبرة أساءت
عطية الله
لها.
ثانيًا:
حسب
الملك أن ما
أصاب الشعب
أصابه هو
شخصيًا [3-12] وأن
هامان أراد
خداع العظماء
والرؤساء
الذين أقامهم
الملك. هكذا
بالصليب يحسب
الرب كل مقاومة
إبليس لنا وكل
خداع إنما يوجهه
إلى مملكته
وتمس الله
نفسه بكوننا
له.
ثالثًا:
دعا
الشعب: "هم بنو
الله العلي
العظيم الحيّ
إلى الأبد،
الذي بإحسانه
سلم المُلك
إلى آبائنا
وإلينا وما
برح محفوظًا
إلى اليوم" [16].
هكذا خلال
الأحداث لمس
الملك الوثني
يد الله، فصارت
التجربة سرّ
بركة، حتى ترك
الكثيرون
الوثنية
وآمنوا بالله
الحيّ. فإن كان
اليهود قد
خلصوا من
الإبادة حسب
الجسد، فإن الكثيرين
من الوثنيين
خلصوا من موت
العبادة الوثنية.
5.
مردخاي
الممجد:
"وخرج
مردخاي من
أمام الملك
بلباس ملكي
اسمانجوني
وأبيض وتاج
عظيم من ذهب
وحلة من بزّ
وأرجوان
وكانت مدينة
شوشن متهللة
وفرحة" [15].
لم يكن
ممكنًا
لمدينة شوشن
أن ينزع عنها
ثياب الحداد
وتدخل إلى
حياة التهليل
والفرح ما لم يتمجد
مردخاي أولاً
أمام الملك
ويرتدي الباس
الملوكي
والتاج
الذهبي
والحلة التي
من البزّ
والأرجوان.
هكذا ما كان
يمكن للكنيسة
أن تتمتع
بالتهليل
السماوي
والفرح
الروحي ما لم
يتمجد عريسها
المسيح يسوع،
فيرتفع إلى
أبيه، وكما
أنه من أجلنا
أخلى ذاته فمن
أجلنا أيضًا
تمجد لكي يمجدنا
معه، فنلبس
معه الثوب
الملكي
الاسمانجوني
وأبيض، أي
الثوب
السماوي
(الاسمانجوني)
النقي (أبيض).
بالمسيح يسوع
نصير ملوكًا
(رؤ 1: 6) نلبس
الطبيعة
السماوية
المملوءة
نقاوة. به أيضًا
نتمتع بالتاج
السماوي
(الذهبي)،
ونلبس حلة
البر (البزّ)
الملوكية
(الأرجوان
لباس الملوك).
إذ
تمجد مردخاي "كان
لليهود نور
وفرح وبهجة
وكرامة...
كثيرون من
شعوب الأرض
تهودوا لأن
رعب اليهود
وقع عليهم" [16-17]. هكذا
إذ تمجد السيد
المسيح
بالمجد الذي
له من الأزل،
تتمتع
الكنيسة
بالنور أي
الإستنارة، وبهجة
الروح،
والكرامة
الداخلية...
هنا إذ
تتمجد
الكنيسة
بالمسيح
الممجد نذكر الحلم
الذي رآه
مردخاي في
تتمة أستير
وتفسيره (تكملة
ص 10، ص 11). فقد رأى
مردخاي كأن
أصواتًا وضوضاء
ورعودًا
وزلازل في
الأرض، وإذا
بتنينين عظيمين
متهيئان
للإقتتال،
وقد تهيجت
الأمم وصرخ
الأبرار إلى
الله وإذا
ينبوع صغير
تكاثر فصار
نهرًا عظيمًا
وفاض بمياه
كثيرة ثم
إنقلب فصار
نورًا وشمسًا.
ما هذه
الأصوات
إلاَّ أصوات
الناموس
ورموز العهد
القديم التي
سبقت مجيء
الكلمة لتعلن
الحرب
الروحية
القائمة لا
بين هامان
ومردخاي
(التنينين
العظيمين)
وإنما بين
الشيطان
والسيد
المسيح، وهذا
الينبوع الصغير
الذي هو أستير
فصار عظيمًا
على الشعب وصار
نورًا وشمسًا
إنما يُشير
إلى الكنيسة
التي إنطلقت
خلال السيد
المسيح الذي
بتجسده إتضع فصار
كينبوع صغير
حتى يفيض
علينا بروحه
القدوس ويشرق
فينا ببهاء
لاهوته بكونه
نور العالم وشمس
البر.
لقد
حمل الحلم
تفسيرًا
لأحداث
الخلاص في أيام
أستير، وحمل
تفسيرًا
رمزيًا
لأحداث الخلاص
الحقيقي الذي
تحقق بالسيد
المسيح نفسه.
[44] PG 46: 416 C.
[45] Ep. 7: 6.
[46] Sheph. Sim 9: 6: 3.
[47] De Pudic 9: 9.
[48] In 2 Cor. Hom 3: 7.
[49] In Ioan, Tr 16.
[50] Cat. Hom 13: 17.
[51] PG 33: 333 A, 428 A.
[52] In Acts hom3.