دعوة
للتسبيح للرب!
مثل
المزمور
السابق هو
تسبحة
ليتورجية
يتغنى بها
الشعب في
مناسبة
مفرحة، ربما
تكون عيد الفصح.
يمثل
هذا المزمور
دعوة لكل
البشرية لكي
تسبِّح الله
وتمجده على
أعماله
العجيبة
معها، ومحبته
الفائقة.
يسبِّح
الشعب الله
على أعماله
السابقة، مثل عبورهم
بحر سوف الذي
حوَّله
لآبائهم إلى
يابس لكي
يعبروه،
واجتيازهم نهر
الأردن. بهذا
عبروا من حياة
العبودية
المُرَّة في
مصر إلى ورثة
لأرض الموعد.
حديثه
عن بيت الرب [13]
لا يعني
بالضرورة أن
هيكل سليمان
كان قد بُني،
فقد دُعيت
خيمة الاجتماع
أيضًا بيت
الرب (خر 23: 19؛ يش 9:
23؛ قض 18: 31؛ 19: 18).
يرى
البعض أن
حزقيا الملك
هو واضع هذا
المزمور بعد
أن أرسل الله
إليه إشعياء
النبي يقول: "قد
سمعت صلاتك.
قد رأيت
دموعك. هأنذا
أضيف إلى أيامك
خمس عشرة سنة،
ومن يد ملك
أشور أنقذك
وهذه
المدينة" (إش 38:
5-6).
يقول القديس
أثناسيوس
الرسولي إن
هذا المزمور
يحتوي على
نبوة عن قيامة
النفوس التي
تحققت بظهور
السيد المسيح.
كما يخبرنا عن
الأحزان التي
تحل بالرسل
حين كرزوا
بالإنجيل
المقدس. وأن
أحزان هذا
العالم تدخل
بنا إلى
الراحة الأبدية.
ويخبرنا
أيضًا عن رفض
اليهود قبول
السيد المسيح.
وحدة
المزمور
يدَّعي
بعض النقاد أن
هذا المزمور
مكوَّن من
نصفي
مزمورين، وحجتهم
في هذا أن
الجزء الأول
للمزمور [1-12] جاء
بصيغة
الجماعة،
بينما الجزء
الثاني [13-20] جاء
بصيغة المفرد.
لا
يمكن قبول هذا
الادعاء
لمجرد اختلاف
الضمير في
الجزئين، فقد
يكون الجزء
الأول هو تسبحة
تنشدها
الجماعة
معًا، والجزء
الثاني
ينشدها قائد
فرقة
المُرَنِّمين
باسم الجماعة.
لو
كان الجزءان
قد جمعهما شخص
ما من
مزمورين، ما
كان قد فات
عليه أن يغير
الضمير في
إحدى القسمين.
هذا ويلاحظ
وجود تناغم في
الفكر في المزمور
كله.
أقسامه:
1.
دعوة كل
البشرية
للتسبيح
1-5.
2.
تذكر أعماله
الخلاصية
6-7.
3.
تسبيح الله
لخلاصه
لشعبه
8-12.
4.
إيفاء نذور
باسم
الشعب
13-15.
5.
دعوة خائفي
الرب
لتسبيحه
16-20.
العنوان
لإِمَامِ
الْمُغَنِّينَ.
تَسْبِيحَةٌ. مَزْمُورٌ
المزموران
66، 67 هما
الوحيدان بين
المزامير اللذان
لم يذكر في
عنوانيهما
واضع المزمور.
يُدعى
أيضًا بمزمور
القيامة كما
جاء في الترجمة
السبعينية
والفولجاتا.
وأنه يتنبأ عن
قيامة ربنا
يسوع المسيح
البار [9، 16].
1.
دعوة كل
البشرية
للتسبيح
اِهْتِفِي
لله يَا كُلَّ
الأَرْضِ [1].
يليق
بالأرض كلها
أن تسبِّح
الله، بكونه
ملك الملوك
ورب الأرباب.
فيقف حتى غير
المؤمنين في
دهشة أمام
عجائبه
العظيمة. أما
المؤمنون فيتحركون
بالتسبيح
الدائم كرد
فعل طبيعي
للحياة
المطوَّبة
التي
يختبرونها.
فقد قيل: "طوبى
للشعب
العارفين الهتاف"
(مز 89: 15).
الهتاف
الذي رفع
أصوات
الجماعة معًا
بالسرور
والبهجة لله،
هو أفضل كل
الذبائح
المقدمة لله،
وهو شهادة
صادقة عن
نقاوة القلب
وتقوى الحياة.
يليق
بكل مؤمن أن
يدعو الأرض
كلها بحياته
العملية كما
بلسانه أن
تسبِّح الله،
وتتأمل أعماله
القديرة
والعجيبة. هذا
هو دور الكاهن
كما كل فرد في
الشعب خاصة القادة
من آباء
وأمهات
ومرشدين أن
يحثوا الكل على
تمجيد الله
محب البشر!
v التهليل هو
صوت الفرح
بالغلبة،
والترنيم هو صوت
الصلاة
باتفاق
الأنغام
وآلات العزف.
أما اسم الله
الآب ومجده هو
الابن، واسم
الابن هو الآب،
لأننا كما
نعرف الناس
بأسمائهم
كذلك عرفنا الله
الآب بالابن
والابن
بالآب، لقوله
له المجد: إني
أتيت باسم
أبي، وأنا
مجدت اسمك على
الأرض.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
يرى
القديس
أغسطينوس أن
هذا المزمور
هو أغنية أو
تسبيح مقدَّم
بخصوص
القيامة. وأن
اليهود كانوا
يترجون
القيامة من
الأموات،
وإنهم وحدهم
يقومون من الأموات
للتمتع
بالحياة
المطوَّبة
بسبب أعمال
الناموس
والتبرير
بالأسفار
المقدسة التي
لهم دون
الأمم. وقد
جاء المزمور
تسبحة تُقدَّم
من أجل تمتع
الأمم
بالقيامة في
المسيح يسوع.
v انظروا
يا إخوة بأي
نوع جامعية
الكنيسة،
تنتشر في
العالم كله... "اهتفي
يا كل الأرض".
أي هتاف
(بهجة)؟ هتاف
ليس بكلمات،
بل بالصوت الخارج
فقط من أناس
متهللين، كما
من قلبٍ عاملٍ،
يُخرِج صوت
سرورٍ لأمر
يحسب أنه لا
يُمكن التعبير
عنه. "اهتفي
لله يا كل
الأرض". لا
يهتف أحد
منفصلاً، بل
لتهتف كل
الأرض. لتهتف
الكنيسة
الكاثوليكية
(الجامعة).
الكنيسة
الكاثوليكية
(الجامعة)
تحتضن الكل.
أما من ينفرد،
وتقطع نفسه عن
الكل، فيلزمه
أن يولول لا
أن يهتف.
القديس
أغسطينوس
رَنِّمُوا
بِمَجْدِ
اسْمِهِ.
اجْعَلُوا
تَسْبِيحَهُ
مُمَجَّدًا [2].
جاء
عن التسبيح في
السماء: "وهم
يرتلون
ترنيمة موسى
عبد الله،
وترنيمة
الخروف،
قائلين: عظيمة
وعجيبة هي
أعمالك أيها
الرب القادر
على كل شيء،
عادلة وحق هي
طرقك، يا ملك القديسين"
(رؤ 15: 3).
هكذا
تلتحم تسبحة
العهد القديم
مع تسبحة العهد
الجديد. ففي
القديم سبح
الشعب الله من
أجل خلاص الله
لهم هذا الذي
أنقذهم من
عبودية
فرعون،
وانطرح فرعون
ورجاله في عمق
البحر. تبقى
هذه الأنشودة
قائمة في كل
العصور
والأجيال،
على مستوى
الجماعة كما
الفرد. وبمجيء
كلمة الله
متجسدًا صارت
لنا تسبحة
جديدة حيث فتح
أبواب الرجاء
أمام كل الأمم
لينالوا
النصرة على
إبليس وكل
قوات الظلمة،
ويتمتعوا بأن
يملك السيد
المسيح نفسه على
قلوبهم. وكما
قيل بملاخي:
"لأنه من مشرق
الشمس إلى
مغربها اسمي
عظيم بين
الأمم، وفي كل
مكان يُقرَّب
لاسمي بخور
وتقدمة
طاهرة، لأن اسمي
عظيم بين
الأمم، قال رب
الجنود" (مل 1: 11).
من
يُرَنِّم
لمجد نفسه
يأخذ أجرته في
العالم أما من
يُرَنِّم لمجد
اسم الله،
فيتقبل أجرة
من أبيه الذي
في السماوات.
الترنُّم
لا يقف عند
التسبيح
باللسان،
وإنما
يترنَّم
المؤمن عندما
يمارس بكل
كيانه الصالحات.
فمن يعمل
الخير لمجد
نفسه يفقد
مكافأته
السماوية.
يرى
القديس
أغسطينوس
أننا إذ
نسبِّح الله
بالكلام كما
بالعمل،
ويكون كل
هدفنا في
حياتنا هو مجد
الله لا مجد
أنفسنا، فإن
الله من جانبه
لن يترك أمرًا
يَعبُر إلا
ويمجدنا فيه. وكأن
تمجيدنا لله
من كل قلوبنا
يرتد إلينا.
يقدم
لنا القديس
أغسطينوس
مثلاً رائعًا
لذلك، فإن
الله اختار
أولاً صيادي
سمك يُحسَبون
أغبياء
العالم، لكن
هوذا
الإمبراطور
عند ذهابه إلى
مبنى تذكاري
لصيادي السمك
في روما، يضع
تاجه جانبًا،
ويبكي في خشية
أكثر مما كان
يبكيه صياد
السمك أمام
الإمبراطور!
فيما
هو يطالبنا
ألا نطلب مجد
أنفسنا، يسكب
مجده علينا!
v انظروا
كيف ينزع عنا
ما هو لنا،
لكي يعطينا ما
هو له، يهبنا
مجده!
يجعلنا
فارغين لكي
يعطينا
الملء،
يجعلنا متزعزعين
لكي ما يهبنا
الثبات...
رنِّم
لا لأجل اسمك
بل لأجل اسم
الرب إلهك.
رنِّم
لكي يتمجد هو.
عِش
حسنًا، دَعه
يتمجد! إن كنت
تفعل هذا من
أجل الأبدية،
لن تحيا في
الشر.
إن
كنتم تفعلون
هذا من أنفسكم
(أعماقكم)،
فإنكم لن
تفعلوا إلا
لتحيوا حسنًا.
"أعطوا
مجدًا
لتسبيحه".
ليكن كل
اهتمامنا هو
تسبيح الله
حسب توجيهه،
فلن يترك
شيئًا به نحن
نتمجد.
إذن
لنمجد
بالأكثر
ونفرح. لنلتصق
به، ونتمجد نحن
فيه!
القديس
أغسطينوس
قُولُوا
لله: مَا
أَهْيَبَ
أَعْمَالَكَ.
مِنْ
عِظَمِ
قُوَّتِكَ،
تَتَمَلَّقُ
لَكَ
أَعْدَاؤُكَ
[3].
v قولوا
لله: ما أهيب
أعمالك!" [3]...
لتسمعوا
أيضًا صوت
مزمور آخر:
"اعبدوا الرب
بخوفٍ،
واهتفوا
برعدةٍ" (مز 2: 11).
اسمعوا صوت الرسول،
يقول: "تمموا
خلاصكم بخوفٍ
ورعدةٍ" (في 2: 12).
لماذا بخوفٍ
ورعدةٍ؟ يقدم
لنا السبب: "لأن
الله هو
العامل فيكم
أن تريدوا وأن
تعملوا من أجل
المسرة" (في 2: 13).
فإن كان الله
يعمل فيكم، فإنكم
بنعمة الله
تعملون
حسنًا، ليس
بقوتكم. لهذا إذ
تفرحون،
خافوا أيضًا،
لئلا ينزع عن
المتكبرين ما
يُعطَى للمتواضعين.
القديس
أغسطينوس
يُسبِّحه
الشعب من أجل
عِظَم قوته
التي يختبرونها:
"الله لنا
ملجأ وقوة.
عونًا في
الضيقات وُجد
شديدًا" (مز 46: 1).
"لكي أبصر
قوتك ومجدك
كما قد رأيتك
في قدسك" (مز 63: 2).
ومن جانب آخر
فإن أعداءه في
مذلة يخضعون
له ويتملقونه
(مز 18: 44؛ 81: 15).
"تتملق
لك" جاءت في
الترجمة
السبعينية
"يكذبون
عليك". هذا
ينطبق على
فرعون الذي
كان يخضع للرب
حين يسقط في
ضربة من
الضربات، لكن
ما أن تُرفع
الضربة يعود
إلى ما كان
عليه بقسوة
قلب أكثر من
الأول.
""من
عظم قوتك،
تتملق لك
أعداؤك" [3].
يقول القديس
أغسطينوس إن
كذب شهود
الزور عند
قيامة السيد
أكَّد بالأكثر
قيامته،
وعظَّم الناس
قوة المخلص،
إذ تذكروا ما
قاله لليهود:
"انقضوا هذا
الهيكل، وفي
ثلاثة أيام
أقيمه" (يو 2: 18).
كما قال: "لأني
أضع نفسي، ولي
سلطان أن
آخذها أيضًا"
(يو 10: 17).
كُلُّ
الأَرْضِ
تَسْجُدُ
لَكَ وَتُرَنِّمُ
لَكَ.
تُرَنِّمُ
لاِسْمِكَ.
سِلاَهْ [4].
v قوله: "كل
الأرض" يدل
على الأمم
الذين يملأون
المسكونة
بكثرتهم.
قوله
أولاً:
"يسجدون" وبعد
ذلك "يرتلون"
يدل على أنه
أولاً يكون
الإيمان
بالله وثانيًا
الصلاة
والابتهال
لله الذي نؤمن
به.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v انظروا
فقد رسمتم
صورة وملامح
لأعضاء الله
من جسد بشري.
وقد يعرض على
تفكيركم أن
هذا يوافق
الجسد الذي
منه نحن صورة
الله. سأقبَل
هذا إلى لحظات
حتى نتبصر في
ذلك ونفحصه
ونختبره
بالجدل. الآن
إن كان هذا
يبهجكم
فلتسمعوا لي
فيما قد سمعت
لكم. يجلس
الله في
السماء
ويقيسها
بالشِبْرِ،
ماذا؟ هل تتسع
السماء
بكونها كرسي
لله وتضيق عند
قياسها؟ هل
يبقى الله
محدودًا عند
جلوسه بقدر
راحة يده؟ لو
كان الله كذلك
فإنه لم
يخلقنا على
شبهه، لأن
راحة يدنا
أصغر بكثير من
الجزء الذي
نجلس به. ولكن
إن كانت راحة
يده تتسع عند
جلوسه، فإنه
لم يصنع
أعضاءنا على
شبهه. ليست
هنا مماثلة.
ليخجل
المسيحي من أن
يقيم تمثالاً
كهذا في قلبه.
لهذا
فلتفكروا في
السماء إنها
كل القديسين.
لأنه يقال عن
سكان الأرض
"كل الأرض
تسجد لك" (مز 66: 4)،
فإن قلنا بحق
عن كل سكان
الأرض "كل الأرض
تسجد لك"،
فإننا نقول أيضًا
يحق عن سكان
السماء كل
السماء
تحملك، لأنه
حتى القديسين
الذين يقطنون
الأرض يقطنون
السماء
بقلوبهم رغم
أنهم يسيرون
على الأرض بأجسادهم
فليس باطلاً
تنبيههم
"ارفعوا
قلوبكم"[41]. فعند
تذكيرهم بهذا
يجيبون أنهم
قد رفعوها. لم يقل
باطلاً "فان
كنتم قد قمتم
مع المسيح،
فاطلبوا ما
فوق حيث
المسيح جالس
عن يمين الله،
اهتموا بما
فوق لا ما على
الأرض" (كو 3: 1-2).
فبمقدار اختلاطهم
بالسماويات
يحملون الله
ويكونون سماء
لأنهم كمرسى
الله، وعندما
يعلنون كلام
الله فإن
"السماوات
تُحَدِّث
بمجد الله"[42].
القديس
أغسطينوس
هَلُمَّ
انْظُرُوا
أَعْمَالَ
اللهِ.
فِعْلَهُ
الْمُرْهِبَ
نَحْوَ بَنِي
آدَمَ [5].
يرى
البعض أن كلمة
"انظروا" هنا
كما في
المزمور 46: 8
تعني الدعوة
للتطلع في داخل
القلب لنرى
ملكوت الله.
أيضًا الدعوة
للتطلع إلى
الكنيسة التي
أقامها في كل
المسكونة،
حيث ملك الرب
على الأمم،
وأقام مملكته
في قلوب
الكثيرين! هذا
ومن يتأمل ما
فعله الرب
قديمًا مع
شعبه مثل
اجتياز بحر
سوف ونهر الأردن،
يدرك كيف أنه
إله مهوب.
v كل من يؤمن به
ويُفكِّر في
أعماله يفهم
أنه أشد رهبة
في آرائه.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
2.
تذكر أعماله
الخلاصية
حَوَّلَ
الْبَحْرَ
إِلَى
يَبَس،ٍ
وَفِي
النَّهْرِ
عَبَرُوا
بِالرِّجْلِ.
هُنَاكَ
فَرِحْنَا
بِهِ [6].
سرّ
فرحنا، كما
يرى القديس
أغسطينوس أن
نفوسنا تتحول
من بحر إلى
يابس،
وتَعبُر كما
بالأقدام على
النهر. بمعنى
آخر إذ نؤمن
بالسيد
المسيح
مخلصنا يحول
نفوسنا من بحر
مملوء مرارة
واضطرابات
وعواصف، إلى
أرض تعطش
دومًا إلى
مياه الحب
الإلهي، بهذا
العطش تعبر مع
مسيحها فوق
نهر العالم،
أي فوق كل
محبة
للزمنيات
الفانيات.
كان
اليهود
يتطلعون إلى
عبورهم بحر
سوف ونهر الأردن
كأعظم أعماله
الخلاصية.
"أنت شققت البحر
بقوتك؛ كسرت
رؤوس
التنانين على
المياه" (مز 74: 13).
"شق البحر
فعبَّرهم،
ونصب المياه
كندٍّ" (مز 78: 13).
الله الذي
يبَّس البحر
ليَعبُر موسى
ومعه بنو
إسرائيل
بأرجلهم،
وخلَّصهم من
اضطهاد
المصريين،
وأجازهم نهر
الأردن تحت
قيادة يشوع بن
نون إنما كان
ذلك رمزًا لاجتياز
الأمم
المعمودية
والتمتع
بالفرح بالخلاص.
يرى
أيضًا القديس
أغسطينوس أن
النهر الذي
تعبر عليه
النفس
بالأقدام هو جسدنا
القابل للموت.
فقد قبل
قائدنا أن
يشرب من هذا
النهر، فمات
وقام. لهذا إذ
نتحد به نفرح
حيث نعبر على
الموت
بالأقدام،
ونتمتع
بالخلود.
لم
يقل: "هناك
فرحوا به"، بل
قال "فرحنا
به"، حاسبًا
فرح الأجيال
القديمة عند
خلاصهم هو فرح
للمرتل كما
للجماعة
الحاضرة. يحسب
المرتل في كل
العصور أن
عبور الشعب
القديم البحر
عبوره هو، وفرحهم
فرحه هو. وحدة
عجيبة، وحب
فائق، وشركة تتحدى
الزمن!
v كان
البحر هو
العالم، مُر
بملوحة،
مضطرب بعواصفٍ،
تأثر بأمواج
الاضطهادات.
لقد كان بحرًا.
بالحق
تحول إلى
يابس، الآن
يعطش إلى مياه
عذبة هذا الذي
كان ملآنًا
بمياه مالحة.
مَنْ
فعل هذا؟ ذاك
الذي "حوَّل
البحر إلى
يابسٍ" الآن
ماذا تقول
نفوس كل
الأمم؟ "نفسي
نحوك كأرضٍ
يابسة" (مز 143: 6).
"وفي
النهر عبروا
بالرجل" [6]. نفس
الأشخاص
الذين
يتحولون إلى
يابسٍ، هؤلاء
الذين كانوا
قبلاً بحرًا
يعبرون النهر
بالأرجل.
ما
هو النهر؟
النهر هو كل
موت العالم.
تطلعوا إلى
النهر، أمور
تأتي وتعبر،
وتحل مكانها
أمور أخرى... في
هذا النهر لا
يلقي أحد
بنفسه فيه بطمع،
ليت النفس لا
تلقي بذاتها
بل تقف بثبات.
وكيف
تعبر فوق
ملذات الأمور
التي مصيرها
الدمار؟
لتؤمن
بالمسيح،
فتعبر
بالأرجل، تعبر
معه كقائدٍ،
تعبر بالأرجل.
القديس
أغسطينوس
مُتَسَلِّطٌ
بِقُوَّتِهِ
إِلَى
الدَّهْرِ.
عَيْنَاهُ
تُرَاقِبَانِ
الأُمَمَ.
الْمُتَمَرِّدُونَ
لاَ
يَرْفَعُنَّ
أَنْفُسَهُمْ.
سِلاَهْ [7].
ما
فعله في
الماضي يشهد
لقدرته
ولعنايته بمؤمنيه.
هذه القدرة
وهذا الحب لا
يحدهما زمن ولا
ومكان. فالله
يعمل كل يوم
إلى انقضاء
الدهر، ويعمل
في كل الأمم
وفي حياة كل
إنسان!
يقول
المرتل:
"مُلكك مُلك
كل الدهور
وسلطانك في كل
دورٍ فدورٍ"
(مز 145: 13).
هنا
نفرح به على
رجاء
القيامة، أما
في الأبدية
فنفرح به على
مستوى أبدي!
لذلك يقول
المرتل: "متسلط
أو يحكم بقوته
إلى الأبد" [7]
v لنكون
شركاء في
قوته، فبقوته
نصير أقوياء،
أما هو فقوي
بذاته. نحن
مستنيرون،
وهو النور الذي
ينير. نحن إذ
تركناه صرنا
في الظلمة،
أما هو فلا
يترك ذاته.
بحرارته
نستدفئ،
بانسحابنا منه
نصير في بردٍ،
وإذ نقترب
إليه من جديد
نصير في دفءٍ.
لهذا ليتنا
نتحدث معه لكي
يحفظنا في
قوته، فإننا
فيه نفرح،
الذي يملك
بقوته إلى
الأبد.
القديس
أغسطينوس
v بقوله: "يسود
بقوته
إِلَى
الدهر" يعني أنه
سيد على الدهر
وكل ما فيه،
وبقدرته يستطيع
أن يُنَجِّي
المؤمنين من
شرور الدهر
كقول الرسول:
لينجينا من
الدهر الحاضر
الشرير...
قوله: "عيناه
تراقبان
الأمم"
معناه أن الله
يعتني بكافة
الناس ليس
بإسرائل فقط.
بمعنى من حيث
أن
الإسرائيليين
قد عصوا، رفع
الله نظره
عنهم وجعله
ينظر إلى
الأمم.
إن
الله الذي
اهتم باليهود
فقدم لهم الناموس
والوعود
الإلهية
بالخلاص،
تراقب عيناه
بالحب جميع
الأمم، ليقدم
لكل البشرية
من فيض عطاياه
الإلهية.
قوله "المتمردون"
يدل على
الإسرائيليين
الذين أولاً
تمردوا على
الله في
البرية،
وثانيًا لما
تجسد ابنه تمردوا
بأفعالهم
وأقوالهم.
وأيضًا حين
كان مصلوبًا
سقوه خلاً
ومرًا. وقد
سبق الله وقال
عنهم في نبوة
دانيال: امضِ
يا ابن
الإنسان إلى
بيت إسرائيل
الذي تمرد
عليّ.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
أما
عن رعاية الله
للجميع فيقول
الحكيم: "في كل
مكان عينا
الرب
مراقبتين
الطالحين
والصالحين"
(أم 15: 3).
"المتمردون
لا يرفعن
أنفسهم"
بمعنى أن
المتمردين
على الله لا
يرفعون قرنهم
ولا يقدرون
على مقاومة
مشيئة الله.
3.
تسبيح الله
لخلاصه لشعبه
بَارِكُوا
إِلَهَنَا
يَا أَيُّهَا
الشُّعُوبُ،
وَسَمِّعُوا
صَوْتَ
تَسْبِيحِهِ
[8].
إنها
دعوة متجددة
للأمم للتمتع
بعمل الله وخلاصه،
فتمتلئ بحياة
الفرح والتسبيح.
v بعد أن أحاط
علمكم أيها
الأمم
بالعجائب
التي صنعها
الله سابقًا
ولاحقًا
فمجدوه
وأخبروا أيضًا
خلفاءكم
بعجائبه
ليكون صوت
تسبحة مسموعًا
في الأجيال
القادمة.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v الآن
يأتي نسل
إبراهيم الذي
فيه تتبارك
جميع الأمم
(تك 12: 3). "باركوا
إلهنا يا أيها
الشعوب،
وسمِّعوا صوت تسبيحه"
[8]. لا تمدحوا
أنفسكم بل
سبحوه. ما هو
صوت تسبيحه؟
إنه بنعمته
صرنا ما نحن
عليه من صلاح.
القديس
أغسطينوس
الْجَاعِلَ
أَنْفُسَنَا
فِي
الْحَيَاةِ،
وَلَمْ
يُسَلِّمْ
أَرْجُلَنَا
إِلَى الزَّلَلِ
[9].
يطلب
المرتل من
الشعوب أن
تتطلع إلى
الواقع العملي،
فالكنيسة عبر
كل العصور
تعاني من الاضطهادات
والمحن حتى
تبدو كأن
رجليها
تُسَلَّمان
للزلل، لكن
الله يرد لها
الحياة،
فتختبر
الحياة
الجديدة
المقامة!
v جعل الله
أنفسنا في
الحياة، ليس
فقط لما نفخ في
وجه آدم ومنحه
روح حياة، بل
أيضًا لما
أعطاه وصيته
إن حفَظها
يكون في حياة
ولا تزل
قدماه...
عندما
آمن الأمم
بالمسيح،
صارت نفوسهم
فيه، الذي هو
الحياة
الحقيقية.
تثبتت
أقدامهم على صخرة
إيمانه فلا
تزل. وقد قال
عنهم في نشيد
الأناشيد: "ساقاه
عمودا رخام
مؤسستان على
قاعدتين من
إبريز، طلعته
كلبنان، فتى
كالأرز" (نش 5: 15).
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v انظروا
صوت تسبيحه "الجاعل
نفسي في
الحياة". لقد
كانت في
الموت، كانت
في ذاتها... أين
تصير في
الحياة إلا في
ذاك الذي قال:
"أنا هو
الطريق والحق
والحياة" (يو 14:
6)؟... لقد جعلنا
للحياة،
جعلنا نُحفَظ
حتى النهاية،
حتى نعيش أبديًا.
القديس
أغسطينوس
لأَنَّكَ
جَرَّبْتَنَا
يَا اللهُ.
مَحَصْتَنَا
كَمَحْصِ
الْفِضَّةِ [10].
إذ
يدعو المرتل
الشعوب
والأمم
للإيمان بالله
والتسبيح
يؤكد لهم أنه
إن كان شعب
الله قد عانى
محن وتجارب،
فإنما بسماح
إلهي لكي ينقيهم
كالفضة
والمعادن
النفيسة
بالنار لتتخلص
من شوائبها.
قيل:
"وأدخل الثلث
في النار،
وَأَمْحَصُهُمْ
كَمَحْصِ
الفضة،
وأمتحنهم
امتحان
الذهب" (زك 13: 9).
"وأرد يدي
عليكِ، وأنقي
زغلك، كأنه
بالبورق،
وأنزع كل
قصديرك.
وأُعيد قضاتك
كما في الأول،
ومشيريك كما
في البداءة.
بعد ذلك
تُدعين مدينة
العدل القرية
الأمينة" (إش 1:
25-26).
v كما أن
الفضة... تُمحص
بالبودقة في
النار، كذلك
النفس تتنقى
بالأحزان.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
يُعَلِّق القديس
أغسطينوس
على كلمات
المرتل:
"قدامه تذهب
نار" )مز 3:97(
قائلاً: [هل
تخاف؟ لنتغير
فلا نخف! ليخف
التبن من
النار، لكن
ماذا تفعل
النار للذهب؟![43]". كما يعلق
على العبارة:
"لأنك جربتنا
يا الله، محصتنا
كمحص الفضة"
(مز 10:66)، هكذا:
"لا لتحرقنا بالنار
كالهشيم بل
كالفضة.
فباستخدام
النار لا تصيرنا
رمادًا بل
تغسلنا من
الدنس[44]".]
v لا
تكن النار
بالنسبة لنا
كما بالقش،
وإنما كما
بالفضة.
باستخدام
النار لا
تتحولوا إلى
رماد، بل
تغتسلوا من
الدنس.
القديس
أغسطينوس
أَدْخَلْتَنَا
إِلَى
الشَّبَكَةِ.
جَعَلْتَ
ضَغْطًا
عَلَى
مُتُونِنَا [11].
يسمح
الله أحيانًا
لأولاده أن
يدخلوا في الشبكة
التي ينصبها
العدو، وأن
يُثقل عليهم
فينحنون في
مذلة، ولكن
إلى حين، لأجل
تأديبهم وتنقيتهم،
أو لأجل
تزكيتهم
وتكليلهم.
هذا
ما حلّ بالشعب
قديمًا حين
خرج من مصر،
فتبعهم فرعون
وجيشه. وجد
الشعب نفسه
كما في شبكة،
فالبحر
أمامهم،
والجبال عن
يمينهم
ويسارهم،
وفرعون وجيشه
خلفهم، وكأن
لا مفرّ لهم.
صاروا أشبه
بحيوان قد سقط
في فخٍ أو
شبكةٍ.
v قوله: "وضعت
أحزانًا على
ظهورنا" يدل
على الأثقال
التي كانوا
يحملونها
خلال السخرة.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v مع أن
طريق الملكوت
ضيِّق وكرب
بالنسبة
للإنسان، لكن
متى دخل
الإنسان رأى
اتساعًا بلا
قياس،
وموضعًا فوق
كل موضع، إذ
شهد بذلك
أولئك الذين
رأوا عيانًا
وتمتعوا بذلك.
يقول البشر في
الطريق: "جعلت
ضغطًا (أحزانًا)
على قوتنا" (مز
66: 11)، لكن عندما
يرون فيما بعد
الفرج عن
أحزانهم،
يقولون
"أخرجتنا إلى
الخصب"،
وأيضًا "في
الضيق رحبت
لي" (مز 4: 1).
حقًا
يا إخوتي نصيب
القدِّيسين
هنا هو الضيق،
إذ هم يتعبون
متألمين بسبب
شوقهم إلى
الأمور
المستقبلية،
مثل ذاك الذي
قال: "ويل لي
فإن غربتي قد
طالت". إذ
يتضايقون
وينفقون بسبب
خلاص
الآخرين، كما
كتب بولس
الرسول إلى
أهل كورنثوس
قائلاً: "أن
يذلني إلهي
عندكم إذا جئت
أيضًا، وأنوح
على كثيرين من
الذين أخطأوا
من قبل ولم
يتوبوا عن
النجاسة
والزنا
والعهارة التي
فعلوها" (2 كو 12: 21).
كما ناح
صموئيل بسبب
هلاك شاول،
وبكى إرميا من
أجل سبي الشعب.
هؤلاء
عندما يرحلون
من هذا
العالم،
فإنهم بعد
الحزن
والكآبة
والتنهد
ينالون سعادة
وسرورًا
وتهليلاً
إلهيًا،
ويهرب منهم
البؤس والحزن
والتنهد.
البابا
أثناسيوس
الرسولي
v إن
كانت الشباك
تُنصَب
للطيور ليس
ظُلمًا (بدون
هدف) كما جاء
في الأمثال (1: 17)؛
وبعدلٍ يقود
الله البشر
إلى الشبكة
كما يُقال:
"أدخلتنا إلى
الشبكة" (مز 66: 11)؛
وإن كان حتى
العصفور،
أكثر الطـيور
تفاهة، لا
يسـقط في
الشبكة بدون
إذن الآب (مت 10: 29)...
ليتنا إذن
نصلي ألا نفعل
شيئًا يتطلب
أن الله لعدلٍ
يُدخلنا في
تجربة. هذا هو
مصير من يترك
الله لشهوات
قلبه في نجاسة[45].
العلامة
أوريجينوس
v كل
هذه الأشياء
تعاني منها
الكنيسة
باضطهادات
عديدة
ومتنوعة. إنها
تعاني منها في
أشخاص أعضائها،
وإلى الآن
تعاني. فإنه
لا يوجد واحد
في هذه الحياة
يمكنه أن يقول
أنه مُستثني
من تلك
التجارب.
القديس
أغسطينوس
رَكَّبْتَ
أُنَاسًا
عَلَى
رُؤُوسِنَا.
دَخَلْنَا
فِي النَّارِ
وَالْمَاءِ
ثُمَّ
أَخْرَجْتَنَا
إِلَى
الْخِصْبِ [12].
صورة
مرعبة لما قد
يحل بالإنسان
لأجل تأديبه أو
تزكيته، إذ
يبدو كأن
الأشرار
يركبون على رؤوسهم،
أي يتسلطون
عليهم بلا
رحمة. يعاني
أحيانًا من
الحريق
وأحيانًا من
الغرق، أي من
الضدين. لكن
الله يحول كل
هذه المرارة
إلى عذوبة
وراحة. "إذا اجتزت
في المياه
فأنا معك، وفي
الأنهار فلا
تغمرك. إذا
مشيت في النار
فلا تُلدغ،
واللهيب لا
يحرقك. لأني
أنا الرب إلهك
قدوس إسرائيل
مخلصك" (إش 43: 2-3).
"أخرجني إلى
الرحب. خلصني،
لأنه سُرّ بي"
(مز 18: 19).
"دخلنا
في النار
والماء ثم
أخرجتنا إلى
الخصب" [12]. إن
كان الله يسمح
بنيران
التجارب
ومياهها،
فإنها تؤول
بالأكثر إلى
إكليلنا.
بالتجارب نَعبُر
إلى الراحة
الإلهية.
والعجيب
إن كانت التجارب
تُشبَّه
بالنار
والماء، فإن
الله من جانبه
يسمح بحلول
روحه القدوس
على شكل ألسنة
نارية، لنصير
على صورته
ومثاله
"النار
الآكلة"،
ونتشبه
بخدامه
"اللهيب نار".
ننعم بروحه القدوس
في مياه
المعمودية،
حيث ننعم
بالميلاد
الثاني،
ويصير لنا
الخصب العجيب:
"ورثة الله، ووارثون
مع المسيح".
v النار
والماء
خطيران في هذه
الحياة.
بالتأكيد
يبدو أن الماء
يطفئ النار،
والنار تجفف
الماء. لكن
النار تحرق،
والماء
يُهلك، يلزم
الخوف من
كليهما، من
الاحتراق
بالتجارب ومن
مياه الفساد...
انظروا
فإن النار لن
تحرقكم،
والمياه لن
تهلككم. تعبرون
خلال النار
إلى الماء،
حتى تعبروا من
الماء أيضًا.
لهذا فإنه في
الطقوس
السرائرية... تُستخدَم
أولاً النار...
وبعد ذلك
تأتون إلى المعمودية،
حتى تعبروا من
النار إلى
الماء ومن الماء
إلى التجديد.
القديس
أغسطينوس
v "رفعت الناس
على رؤوسنا" معناه
سلطتهم على
خلاف
إرادتنا...
لقد دعا
الأحزان
نارًا لأنها
تحرق الفؤاد،
والاغتصاب
ماء لجريانه
بلا توقف،
كقول الله في
نبوة إشعياء
النبي: "إذا
اجتزت في
المياه فأنا
معك، وفي
الأنهار فلا
تغمرك، وإذا
مشيت في النار
فلا تُلدغ،
واللهيب لا
يحرقك لأني
أنا الرب إلهك
قدوس إسرائيل
مخلصك" (إش 43: 2-3).
جزنا في
النار والماء
معناه نجيتنا
من الحريق
والغرق. هذا
القول كأنه
صادر عن الرسل
الأطهار
وكافة
القديسين
والشهداء
الذين دخلوا
في فخاخ، أي
في الحبس
والنيران
والمياه كما
نقرأ في
سيّرهم. لكن
بعد هذا كله
أخرجهم الله
إلى الراحة
الأبدية التي
هي ملكوته،
لقوله له
المجد إنه
بأحزان كثيرة
تدخلون إلى
ملكوت الله.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v ولا
تدخلنا في
تجربة". هل
هذا ما يعلمنا
الرب أن نصلي
لكي لا
نُجرَّب
أبدًا؟ فكيف
إذن يُقال في
موضع آخر:
"الرجل غير
المُجرَّب،
يعلم قليلاً"
(سي 34: 10، رو 5: 3-4)،
وأيضًا يقول
يعقوب:
"احسبوه كل
فرح يا أخوتي
حينما تقعون
في تجارب
متنوعة" (يع 1: 2).
لكن
هل يعني
الوقوع في
التجربة ألا
يدع التجربة
تغمرنا
وتجرفنا؟ لأن
التجربة كسيل
الشتاء يصعب
عبوره. لذا
فهؤلاء الذين
لا يغرقون فيها
يمرّون
مظهرين
أنفسهم
سبّاحين
ممتازين، ولم يُجرفوا
في تيارها
أبدًا. بينما
الآخرون يدخلون
فيها ويغرقون.
مثلاً دخل
يهوذا
الإسخريوطي
في تجربة حب
المال، فلم
يَسبح فيها بل
غَرق، وشنق
نفسه بالجسد
والروح (مت 27: 5).
وبطرس دخل في تجربة
الإنكار،
لكنه دخل ولم
يُسحق بها.
لكن كرجل سبح
فيها ونجا
منها. أنصت
ثانية في موضع
آخر إلى جماعة
من القديسين
لم يُصابوا
بضررٍ يقدمون
الشكر
لنجاتهم من
التجربة. جربتنا
يا الله -
جربتنا
بالنار
كتجربة الفضة
- وضعتنا في
الشبكة، وضعت
عذابات على
ظهورنا. جعلت
الناس يركبون
على رؤوسنا.
"جزنا في
النار والماء
لكن أخرجتنا
إلى موضع
راحة" (مز 65: 10-12).
فخروجهم إلى
موضع راحة
يعني نجاتهم
من التجربة[46].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
v يقول
الكتاب:
"دخلنا في
النار والماء
ثم أخرجتنا
إلى الخصب" (مز
66: 12). الذين
يريدون أن
يُرضوا الله
يجب أن
يجتازوا في
شدائد قليلة.
كيف نسمِّي
الشهداء
القديسين
مبارَكين
بسبب الآلام
التي
تحمّلوها من
أجل الله إن
كنا لا نتحمّل
الحُمَّى؟
قُلْ للنفس
المتضايقة:
"أليست
الحُمَّى
أفضل لكِ من
الجحيم؟"
ليتنا لا نجزع
في المرض لأن
الرسول قال: "حينما
أنا ضعيف
فحينئذٍ أنا
قـوي" (2 كو 12: 10).
اُنظر فإنّ
الرب هو "فاحص
القلوب
والكُلى" (مز 7: 9).
ليتنا
نتحمّل،
ليتنا نصمد،
فلنصر
تلاميذَ للرسول
عندما يقول: "صابرين
في الضيق" (رو 12:
12).
القديس
برصنوفيوس
v إن
كان جسدكِ
ملتهبًا كما
بنارٍ، بحمّى
شديدة، وقد
تثقّل بعطش
غير قابل
للارتواء
وغير مُحتمَل،
وإن كنتِ
تحتملين أنتِ
الخاطئة تلك
العذابات؛
فتذكري
العقاب
المزمع، أي
النار الأبدية،
والعقوبات
التي يتطلبها
العدل الإلهي،
وأنتِ لن
تضعفين أمام
الظروف
الحاضرة.
افرحي
لأنّ الرب
يفتقدكِ،
واحتفظي بهذا
القول المبارك
على شفتيكِ:
"تأديبًا
أدّبني الرب
وإلى الموت لم
يسلِّمني" (مز
118: 18).
إن
كنتِِ
حديدًا،
فبالنار
تتنقين من
صدأكِ. وحتى
لو رقدتِ
بالمرض، فمع
أنكِِ بارّة
فإنكِ تتقدّمين
من قوةٍ إلى
قوة!
اذكري
المكتوب: "إن
كنا نتألم
معه، لكي
نتمجّد أيضًا
معه" (رو 8: 17).
إن
كنتِ بالفعل
ذهبًا،
فبالنار
تصيرين أعظم قيمةً!
إن
كان قد أُعطيَ
لكِِ شوكةً
في جسدك "ملاك
الشيطان" (2 كو 12:
7)، فتفكّري
فيمن صرتِِ
مشابهةً له،
لأنكِِ قد حُسِبتِ
مستحقةً لشرف أن تكون
لك نفس آلام
القديس بولس!
هل جُرِّبتِِ
بالحُمّى؟
هل تعلّمتِِ
من أمراض
البرد؟
يقول
الكتاب::
"دخلنا في
النار
والماء، ثم
أخرجتنا إلى
الخصب (أو
الرحب)" (مز 66: 12).
فإن مكان
الراحة قد
أُعِدَّ هناك.
فإن
كنتِ قد
ذقتِِِِِِِِِِِِِِِِِ
النصيب
الأول (أي
ضيقات
الحاضر)،
فانتظري
الثانية
(الراحة الأبدية).
وبينما
أنتِ تمارسين
فضيلتكِ،
ارفعي صوتكِ بكلمات
داود النبي:
"أما أنا
فمسكين
ومكتئب" (مز 69: 29)،
فتصبحين
كاملةً بهذه
الشدائد. فإنّ
الكتاب يقول:
"في الشدّة
فرّجتَ عني"
(مز 4: 3 السبعينية)
"اِفغر
فاك" (أي وسِّع
فمك) لكي
تتعلّم
بواسطة
ممارسات (أو
اختبارات)
النفس هذه مع
الأخذ في
اعتبارنا
أننا تحت نظر
عدونا.
القديسة
الأم
سنكليتيكي
4.
إيفاء نذور
باسم الشعب
أَدْخُلُ
إِلَى
بَيْتِكَ
بِمُحْرَقَاتٍ،
أُوفِيكَ
نُذُورِي [13].
هنا
ينتقل
المتكلم من
صيغة الجمع
حيث يتحدث باسم
الجماعة، أو
تشترك كل
الجماعة في
التسبيح معًا،
إلى الحديث
بصيغة المفرد.
يرى
البعض أن
المتحدث هنا
المَلِكُ
الذي يدخل إلى
بيت الرب،
ليقدم محرقات
ونذور تعهد
بها أثناء
المحنة. إنه
يقدم الشكر
والتسبيح لله
الذي أنقذ
الشعب من
الضيق.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
الإيفاء بالنذر
هنا يعني أن
المؤمن وهو
يقدم كل حياته
محرقة حب لله،
يعترف بأن
الله لا يحتاج
إلى المحرقات.
إنها لا تضيف
إليه شيئًا،
وإن كل ما يفعله
الله لصالح
المؤمن. إن
أدرك المؤمن
هذا يكون قد
أوفى نذره
الذي نطقت به
شفتاه.
v ما
هي
المُحرَقة؟
الذبيحة
التي تُحرَق بكاملها
ولكن بنارٍ
إلهية. فإن
الذبيحة تُسمَّى
مُحرَقة
عندما تُحرَق
بالكامل...
كل
مُحرَقة هي
ذبيحة، ولكن
ليس كل ذبيحة
هي مُحرَقة.
فالمُحرَقات
إذن قد وعد هو
بها.
الذي
يتحدث هو جسد
المسيح، وحدة
المسيح تتكلم...
كل ما هو لي
لتحرقه نارك،
ولا تترك شيئًا
يتبقى لي،
ليكن الكل لك.
هذا
يحدث في قيامة
الصديقين،
عندما يلبس
هذا الفاسد
عدم الفساد،
وهذا المائت
عدم الموت، عندئذٍ
يتم المكتوب:
"قد ابتُلع
الموت في غلبة"
(1 كو 15: 54). الغلبة
كنارٍ إلهية،
عندما تبتلع
الموت تصير
مُحرقَة. لا
يبقى شيء قابل
للموت في الجسد.
لا يبقى أي
شيء مستحق
للوم في
الروح.
ستهلك
كل الحياة
المائتة، حتى
تزول في الحياة
الأبدية، حتى
نحفظ من الموت
في الحياة.
هذه
هي إذن
المُحرقَات.
القديس
أغسطينوس
v النذر
euche هو
وعد بشيء
ليُكرَّس
لخدمة الله.
أما الصلاة proseuche فهي تقدمة
طلبة لله من
أجل أمورٍ
صالحة. لذلك إذ
نحتاج إلى ثقة
لنقترب إلى
الله ونطلب ما
هو نافع لنا،
لهذا فإن
تنفيذ النذر
يلزم أن يأتي
أولاً. فعندما
نحقق ما هو من
جانبنا نثق في
نوال ما يعطيه
الله من
جانبه... النذر
هو وعد بتقديم
تقدمة شكر؛
أما الصلاة
فتعني
الاقتراب من
الله بعد تحقيق
الوعد... يليق
بالشخص أن
ينذر أولاً،
وبعد ذلك
يصلي. يزرع
أولاً وبعد
ذلك يحمل
الثمر هكذا[47].
القديس
غريغوريوس
النيسي
الَّتِي
نَطَقَتْ
بِهَا
شَفَتَاي،َ
وَتَكَلَّمَ
بِهَا فَمِي
فِي ضِيقِي [14].
كثيرًا
ما نصرخ لله
في وسط الضيق،
وننساه عند حلول
الفرج. ما
يطلبه الله
ليس النذور
المادية إنما
تكريس القلب
لله. فمع
تقديم النذور
الملموسة
يليق بنا أن
نُقدِّم
أجسادنا
ذبيحة حية
مقدسة مرضية
عند الله،
عبادتنا
العقلية (رو 13: 1).
v إن الأسرى
الذين كانوا
في بابل قد
دخلوا بعد رجوعهم
منها إلى بيت
إلههم الحيّ
أي الأرضي، وقرَّبوا
مُحرقَات
حسية هذه التي
نَذَروها حينما
كانوا في
الحزن
والضيقة. أما
الرسل الأطهار
وكافة
المؤمنين،
فحين دخولهم
بين الله الروحي،
الكنيسة
المقدسة، أي
جماعة
المسيحية، التي
هي مسكن الله،
فقرَّبوا
أنفسهم
كذبائح مُحرَقة
بجملتها في
النار أي
احتمال
لأحزان الطاهرة
والمرضية
أمامه. كذلك
جماعة الحافظين
البتولية
والعفة
يقدمون
ذواتهم لله
كمُحرَقات
مقبولة.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
أُصْعِدُ
لَكَ
مُحْرَقَاتٍ
سَمِينَةً
مَعَ
بَخُورِ كِبَاشٍ.
أُقَدِّمُ
بَقَرًا مَعَ
تُيُوسٍ.
سِلاَه [15].
إن
كانت المُحرَقات
تشير إلى
تكريس القلب
بالكامل، حيث
يلتهب بنيران
المحبة
الإلهية، فإن
"بخور
الكباش" أي
إصعاد البخور
مع تقديم
ذبيحة
السلامة، فإنه
يشير إلى
الصلاة
الدائمة.
v أمر الله
بتقديم هذه
الحيوانات
المذكورة
بشرط أن تكون
صحيحة بريئة
من كل عيب...
لهذا يقول
المزمور: "مُحرَقات
سمان" أما
الرسل
وخلفاؤهم
الشهداء
فقرَّبوا لله نفوسهم
بعمل الفضائل.
وعوض ثيران
حارثة للأرض
قدَّموا
أجسادهم
المجبولة
منها، وذلك
بالشهادة
والاعتراف
بالإيمان،
وآخرون
قرَّبوا
جداء، أعني
أعمال التوبة
وأتعابها،
لأن القدماء
كانوا
يقرِّبوا
جداء
لتطهيرهم على
خطاياهم.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v "تكلم
بها فمي في
ضيقي" [14]. يا
لعذوبة
التجربة في
أغلب الأوقات!
يا لضرورتها!
في تلك الحالة
بماذا يتكلم
لسان نفس المتحدث
الذي في ضيقة؟
"أصعد لك محرقات
سمينة (حتى
نخاع العظام)"
[15] ما معنى نخاع
العظام؟ أحفظ
حبك في داخلي،
وليس على
السطح. أحبك
من نخاع
عظامي. فإنه
ليس شيء أكثر
عمقًا
(داخليًا) من
نخاع العظام.
العظام في
الداخل أكثر
من الجسد،
والنخاع في
الداخل أكثر
من العظام
نفسها. لذلك
من يحب الله
من السطح يطلب
بالأكثر أن
يُسر الناس،
ولكن إذ له شيء
من العاطفة في
الداخل لا
يقدم محرقات
نخاع العظام،
أما من يتطلع
(الله) إلى
نخاع عظامه فإنه
يتقبل منه
الكل.
v "مع
بخورٍ وكباش":
الكباش هم
قادة الكنيسة:
كل جسم
الكنيسة يتحدث؟
هذا هو ما
يقدمه لله.
"البخور"، ما هو؟
الصلاة. فإن
الكباش على
وجه الخصوص
تُصلِّي لأجل
القطيع.
"أقدم
ثيران (عجول)
تيوس"... يقول
الرسول عن
الكارزين
بالإنجيل
إنهم يُشبَّهون
بالثيران: "لا
تكم ثورًا
دارسًا. ألعل
الله تهمه
الثيران؟" (1
كو 9: 9).
لهذا
يا لعظمة
الكباش، ويا
لعظمة
الثيران.
وماذا
عن البقية
التي ربما
تشعر ببعض
الخطايا،
الذين ربما
انزلقوا في
الطريق،
وجُرحوا، وشُفوا
بواسطة
الندامة؟ هل
هؤلاء
يستمرون ولا
يقدمون
مُحرَقات؟
ليتهم لا
يخافون فقد أضاف
الماعز أيضًا.
القديس
أغسطينوس
5.
دعوة خائفي
الرب لتسبيحه
هَلُمَّ
اسْمَعُوا
فَأُخْبِرَكُمْ
يَا كُلَّ
الْخَائِفِينَ
اللهَ،
بِمَا
صَنَعَ
لِنَفْسِي [16].
إذ
يفي الملك أو
المرتل نذوره
التي نطق بها
أثناء الضيق،
يوجه أنظاره
إلى الشعب
ليشهد لله أمامهم،
أن الخلاص من
الضيق أو
المحنة لم يكن
بقوته أو
حكمته أو
مشورة رجاله،
وإنما هو عمل الله
معه!
ويرى
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
أن المؤمن وهو
يشكر الله على
عمله معه،
ينطلق بفكره
إلى خائفي
الرب الذين
سبقوه ليقول
لهم إن الله
الذي صنع معكم
عجائب قديمًا
لا يزال بمحبته
يعمل حتى
الآن.
v يدعو المرتل
كافة خائفي
الله رؤساء
الآباء والأنبياء
والصديقين
الذين قبل
مجيء المسيح
ليشاركوا
المسيحيين
الفرح لأجل
خلاصهم.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v "هلم
اسمعوا
فأخبركم يا كل
الخائفين
الله" [16]... لمن
نأتي ونسمع؟...
إن كنتم لا
تخافون الله، لست
أخبركم. لا
يمكن أن
يُخبَر أي شخص
لا يخاف الله.
لتفتح مخافة الله
الآذان، لكي
ما يدخل شيء
ما، وأخبركم
عن الطريق
الذي تدخلونه.
ولكن ماذا
يخبرنا؟ "كم
هي عظيمة
الأمور التي
صنعها لنفسي؟"
القديس
أغسطينوس
صَرَخْتُ
إِلَيْهِ
بِفَمِي،
وَتَبْجِيلٌ
عَلَى
لِسَانِي [17].
يصرخ المؤمن
بفم قلبه
ويرفع صوته
بلسان الداخلي.
فالمرأة الزانية
صرخت بقلبها
وفي صمت خارجي
قدَّمت طيبًا
لقدمي
المخلص، وحنة
أم صموئيل
صرخت بتحريك
شفتيها فقط
دون كلمات
مسموعة.
الأولى نالت غفران
خطاياها،
والثانية
حملت في
أحشائها جنينًا
مباركًا.
"تبجيل
على لساني"
يترجمها
البعض:
"تبجيله تحت
لساني"،
بمعنى إن كنت
أصرخ إليه
بفمي علانية،
فإن ما وراء
هذه الصرخات
تمجيد وتبجيل
لله في
أعماقي، تحت
لساني، أعجز
عن التعبير
عنه بكلمات
بشرية.
v أنا
إنسان كنت
أصرخ إلى
حجرٍ، إلى جذع
شجرة أصم، إلى
صنم أصم
وأخرس، الآن
عادت صورة
الله إلى
الخالق. أنا
هو الذي كنت
أقول "للعود
أنت أبي، وللحجر
أنت ولدتني"
(إر 2: 27)، الآن
أقول: "أبانا
الذي في
السماوات" (مت
6: 9)... يخبرنا عن
كل تلك الأمور
الأخرى التي
صنعها لنفسي
بنعمته.
القديس
أغسطينوس
إِنْ
رَاعَيْتُ
إِثْمًا فِي
قَلْبِي،
لاَ
يَسْتَمِعُ
لِيَ
الرَّبُّ [18].
لم
ينطق المرتل
بهذا عن
كبرياء أو تبرير
ذاتي، لكن ثقة
ويقين أنه في
بساطة قلب يطلب
الله بإخلاص.
"أصغِ إلى
صلاتي من
شفتين بلا غش"
(مز 17: 1).
"إن
راعيت إثمًا
في قلبي"،
بمعنى "إن
رأيت في قلبي
إثمًا"
وتعرفت عليه،
وتجاهلته أو
شجعته، وسررت
به.
مهما بلغ
صراخ الإنسان
ما لم يجتنب
الإثم والظلم
فلا يُسمَع
له، ولا يقبل
الله صلاته.
v سأل أخٌ أنبا
أنطونيوس:
"وعد الله
بالسعادة للنفس
التي تهذُّ
على الدوام في
الأسفار المقدسة،
فلماذا لا
تريد النفس أن
تبقى في
السعادة، بل
تنهمك في
المسرات
الوقتية
السريعة الزوال
والنجسة؟"
أجابه الشيخ:
"هذا هو الذي
يفسّر كلام
المرتل: "إن
راعيتُ إثمًا في
قلبي لا يستمع
لي الرب" (مز 66: 18).
أَلا تعلم أن
الخطايا
الكثيرة تثور
عندما تكون
البطن مليئة
بالطعام؟
هذه الخطايا
التي أشار
إليها الرب في
مستهل إنجيله
قائلاً: "ليس
ما يدخل الفم
ينجِّس الإنسان
بل ما يخرج من
القلب هو الذي
يُهلك
الإنسان"
(راجع مت 15: 11).
لاحظ جيدًا
أنه يقصد هنا
في المقام
الأول
الأفكار النجسة
والقتلة
والمخادعين
والغشاشين
والزناة
والسارقين
وشهود الزور
والمجدِّفين.
فالذي ليس له
تذوُّقٌ كافٍ
لعذوبة
الأمور السماوية
لكي يطلب الله
من كل قلبه
فهو يعود إلى
حالته في
نجاساته. مَنْ
يستطيع أن
يقول حقًا:
«صرتُ كبهيمٍ
عندك، ولكني
دائمًا معك؟!"
(مز 73: 22-23).
بستان
الرهبان
v ارجع
إلى نفسك في
الداخل وكن
لنفسك ديانًا.
تطلع إلى
حجالك
الداخلي، إلى
أعماق قلبك
ذاتها، التي
لا يراها أحد
غيرك أنت
والله. لتدع
هناك الإثم لا
يُسرك، فتصير
أنت نفسك موضع
سرور الله. لا
تراعيه، أي لا
تحبه، بل
بالحري
لتحتقره أي
تزدري به،
وتهرب منه.
القديس
أغسطينوس
لَكِنْ
قَدْ سَمِعَ
اللهُ.
أَصْغَى
إِلَى صَوْتِ
صَلاَتِي [19].
هنا
يؤكد المرتل
أن استجابة
الله لصلاته
ليست عن
استحقاق شخصي
أو برّ ذاتي،
وإنما بفضل
رحمته
المجانية.
"مبارك الرب،
لأنه قد جعل
عجبًا رحمته
لي في مدينة
محصَّنة" (مز 31:
21).
v "لكن
قد سمع الله
لي"، لأنني
لا ألاحظ
إثمًا في
قلبي. "أصغِ
إلى صوت صلاتي"
[19]... هكذا قد بلغ
المتكلم إلى
القيامة، هذه
التي نحن
نترجاها
فعلاً.
القديس
أغسطينوس
مُبَارَكٌ
اللهُ
الَّذِي لَمْ
يُبْعِدْ صَلاَتِي،
وَلاَ
رَحْمَتَهُ
عَنِّي [20].
إن كنا في
أوقات الشدة
نطلب من الله
الفرج، فإننا
إذ نناله يليق
بنا أن نقدم
الشكر
والتسبيح
لله، ونذكر
ونذكر دومًا
رحمته علينا.
إذ
يطلب المرتل
من كل الأمم
أن تهتف لله،
يود أن يؤكد
أن هذا الهتاف
يحمل ترنيمًا
بمجد اسمه،
بمعنى أن هذا
الهتاف لا
يضيف شيئًا
إلى مجده،
إنما هو لخير
البشرية كي
تتعرف على
اسمه وتتمتع
بالفرح به.
v عندما
ترى أن طلبتك
لم تُستبعَد
عنك، فلتطمئن
أن رحمته لم
تُستبعَد عنك.
القديس
أغسطينوس
من
وحي مز 66
أهتف
لك مع كل بشر!
v أعماقي
تصرخ إليك:
متى يأتي كل
بشرٍ إليك؟
متى
تصير الأرض
سماءً؟
متى
تهتف كل الأرض
لك، يا مخلِّص
العالم؟
v هتاف
الأشرار
لعنات، لأنه
هتاف لأبيهم
إبليس الشرير.
وهتاف
أولادك
بركات، لأنه
مُقدَّم لك يا
واهب البركات.
متى
يرجع كل البشر
إليك،
فيقدِّمون
هتافات سماوية
مقدسة.
v إن
كان الأعداء
يكذبون،
كما
فعل فرعون في
كل وعوده مع
موسى،
لكن
لتخضع الأرض
كلها لك.
عوض
الكذب،
يلتصقون بك،
يا أيها الحق!
تملأهم
بقوتك،
وتشبعهم بفرحك،
فلا
يكفون عن
التسبيح
لاسمك!
v حولت
بحر سوف إلى
يابس،
وعَبَرَ
شعبُك نهر
الأرض
بأقدامهم.
أنت
هو هو أمسًا
واليوم وإلى
الأبد.
تُحوِّل
البحار
المضطربة إلى
يابسٍ!
تنزع
عنا القلق،
وتُسكِّت
العواصف
والأمواج
الثائرة.
تملأ
أعماقنا
بسلامك
الفائق.
جسدي
كنهرٍ جارفٍ
يود أن
يستعبِد نفسي
لشهواته.
ليخضع
جسدي بروحك
القدوس.
ويتحول
إلى نهر يفيض
بمياه مقدسة.
عوض
أن يُغرق
النفس
بشهواته،
يُنزع
عنه الجفاف،
ويتحول إلى
جنة روحية مثمرة!
v من
يُطفي الفرح
على نفوسنا
وأجسادنا
سواك؟
تملك
بقوتك في
داخلي، وتقيم
فيه ملكوتك الإلهي.
v عيناك
عليّ من أول
السنة إلى
آخرها.
عيناك
تراقبان كل
البشر.
من
يستحق أن
تتطلع إليه يا
كلي الحنو؟
نظراتك
تحطم كل قسوةٍ
في أعماقي،
تنظر
إليّ مع
تلميذك بطرس،
فأخرج
خارج دهليز
مشاغل الحياة.
وأبكي
معه بكاءً
مرًا،
هو
بكاء التوبة
مع دموع
الرجاء فيك!
أشهد
دومًا إني
أحبك!
v إن
كان الأشرار
ليس لهم عمل
إلا تحطيمنا.
بروحك
القدوس
الناري تدخل
بنا كما إلى
مياه الراحة.
لتشتعل
نيران
التجارب،
ولتسكب مياه
لإهلاكنا.
لكن
نيران روحك
القدوس
وأمطاره،
تقيم
منا خدامًا
ناريين،
وتجعل منه جنة
مثمرة!
v ماذا
أُقدِّم لك
أمام عملك
معي، كما مع
كل الأرض؟
أقدم
لك محرقات
الحب الناري،
أنذر
لك أن أعيش كل
حياتي لك.
تبقى
أعماقي تهتف
لك مع كل
السمائيين!
لك
المجد، يا محب
البشر!
[41] القداس الإلهي.
[42] Sermon on NT Lessons, 3:14.
[43] On Ps. 66;10.
[44] المؤلف: رؤيا يوحنا اللاهوتي ، 1979، ص62-66.
[45] On Prayer 2: 29: 16.
[46] الأسرار 5، 17.
[47] The Lord's Prayer,
Sermon 2.