المحاكمة
العظمى
يُفتتح
هذا السفر
بإعلان الله
عن محاكمة
شعبه؛ فيها يقف
الله مدعيًا
وقاضيًا. لا
يُريد أن يحكم
عليهم دون
إعطائهم فرصة
للدفاع عن
أنفسهم. يستدعى
الطبيعة
الجامدة
والأحداث
الجارية حتى القضاة
الظالمين
شهودًا ضد
شعبه. يعلن
الاتهام وفي
نفس الوقت
يُقدم فرصة
للحوار ويفتح
باب العفو إن
رجعوا إليه
بالتوبة. يقف
قاضيًا وديَّانًا
وفي نفس الوقت
طبيبًا
ومخلصًا،
يفتح ذراعيه
للنفوس
الساقطة.
1.
مقدمة السفر
[1].
2.
استدعاء
الطبيعة
[2].
3.
استدعاء
الحيوانات
[3].
4. وصف
لحال الشعب
[4-9].
5.
استدعاء
القضاة
[10].
6.
الاتهام:
"العبادة
الشكلية"
[11-15].
7. دعوة
للتوبة
[16-20].
8. عتاب
من واقع
الماضى
[21-23].
9.
الديَّان
يتقدم كمخلص
[24-31].
1.
مقدمة السفر:
"رؤيا
إشعياء بن
آموص التي
رآها على
يهوذا وأورشليم
في أيام عزيا
ويوثام وآحاز
وحزقيا ملوك
يهوذا" [1].
تعتبر
هذه العبارة
مقدمة للسفر
كله الذي يضم مجموعة
رؤى ونبوات
أُعلنت
لإشعياء في
ظروف مختلفة
أيام عزيا
العظيم
ويوثام الملك
الصالح وآحاز
بعهده المظلم
وحزقيا ومنسى
الخ... لكنه
يدعوها
جميعًا
"رؤيا"،
لأنها وإن
كانت رؤى
متباينة إنما
تمثل وحدة
واحدة، لها
هدف واحد هو
إعلان الله عن
فكره ومشيئته
وخطته
الخلاصية من
أجل بنيان
الجماعة
المقدسة أو
لتقديس
البشرية
المؤمنة به.
الرؤى
هنا ليست
أحلامًا تمتع
بها النبي
أثناء نومه،
وإنما هي
إعلانات
إلهية قدمت
للنبي أثناء
يقظته بينما
كانت حواسه
ساكنة بسبب
قصورها وعجزها،
ليقول النبي
مع القديس
يوحنا الرائي:
"كنت في
الروح" (رؤ 1: 10).
وربما قصد
بالرؤيا
الوحي الإلهي
الخاص
بالنبوة.
هذه
الرؤى "على
يهوذا
وأورشليم"،
أي تخص مملكة
يهوذا أو
مملكة الجنوب
(يهوذا وبنيامين)
وتركز على
العاصمة
أورشليم
بكونها مدينة
الله بها
هيكله
المقدس؛
لكنها ضمت أيضًا
نبوات عن
مملكة الشمال
(بقية
الأسباط) وعن
الممالك
المجاورة
التي لها
علاقة بالشعب.
هذه
الرؤى هي كلمة
الله التي لا
تمس يهوذا في
القرن الثامن
ق.م. فحسب
وإنما تمس
حياة كل إنسان
يشتاق نحو
خلاص نفسه
وتمتعه بالشركة
مع الله، وكما
جاء في سفر
التثنية: "الرب
إلهنا قطع
معنا عهدًا في
حوريب، ليس مع
آبائنا قطع
الرب هذا
العهد بل معنا
نحن الذين هنا
اليوم أحياء"
(تث 5: 3)... إنها كلمة
الله
وإعلاناته
لكل نفس
بشرية!
2.
استدعاء
الطبيعة:
"إسمعي
أيتها
السموات
وأصغي أيتها
الأرض لأن
الرب يتكلم:
ربيت بنين
ونشأتهم. أما
هم فعصوا
عليّ" [2].
يبدأ
السفر
بمحاكمة عظمى
طرفاها الله
والإنسان،
تُستدعى فيها
الطبيعة
الجامدة -
السماء والأرض
- لتشهد هذه
المحاكمة.
ربما
استدعى
إشعياء النبي
الطبيعة كما
سبق ففعل موسى
النبي: "انصتي
أيتها
السموات
فأتكلم،
وتسمع الأرض
أقوال فمي" (تث
32: 1). كأن إشعياء
يؤكد لشعبه أن
ما ينطق به
إنما هو
امتداد
لكلمات موسى
النبي الذي
يعتز به كل
يهودي. ولعله
أراد أن يؤكد
مدى قساوة قلب
الإنسان وعمى
بصيرته لذا
يستدعى
الطبيعة الجامدة
للشهادة ضده،
الأمر الذي
أوضحه معاصرة
ميخا النبي:
"اسمعي خصومة
الرب أيتها
الجبال ويا
أُسس الأرض
الدائمة، فإن
للرب خصومة مع
شعبه" (مى 6: 2).
ربما
تمَّ هذا
الاستدعاء من
ملاك من قبل
الرب للشهادة
على الإنسان
في قساوة
قلبه. ولعل
الرب نفسه هو
الذي حقق هذا
الاستدعاء،
إذ لم يستدع
هيكله المقدس
ولا شريعته
لتشهد عليهم
بل طلب
الطبيعة
الجامدة التي حققت
مقاصد الله
وتممّت
رسالتها
بالخضوع له،
أما الإنسان
ففسد تمامًا
بسبب عصيانه.
يقول القديس
يوحنا الذهبي
الفم: [يليق
الآن استدعاء
السماء
(للشهادة) إذ
لا يوجد إنسان
يسمع ويشهد
لهذه الأمور[32]].
يرى
القديس القديس
إكليمنضس
السكندري ان
الله يستدعي
الغنوسيين،
أي المؤمنين
أصحاب
المعرفة
الإلهية
السماوية
(السماء) كما
يستدعي من
انشغلت
قلوبهم
بالزمنيات والأرضيات[33].
"ربيت
بنين
ونشأتهم، أما
هم فعصوا عليّ"
[2].
الله
لا يحمل مشاعر
إنسانية لكنه
ليس كائنًا جامدًا،
إنما هو
"الحب" عينه،
فريد في حبه
لخليقته
السماوية
والأرضية،
خاصة حبه نحو
الإنسان. لهذا
إذ يتحدث معنا
نحن البشر
يُحثنا
بلغتنا
البشرية
معبرًا عن حبه
كما بمشاعر
إنسانية حتى
يمكننا
التلامس معه
واختبار
الاتحاد
والشركة معه.
الله
يعلم أنه ليس
شيء يمكن أن
يحزن الإنسان
ويفقده طعم
الحياة مثل
شعوره بأنه قد
فشل في تربية
أولاده، خاصة
إن قاموا ضده
يعلنون العصيان
عليه. مع
الفارق
الشاسع، يكشف
الله عن
مشاعرة نحو
الإنسان الساقط:
أنه ابن
محبوب، يقدم
له أبوه
السماوي كل
إمكانيات
الحياة
الفائقة،
لكنه يُقابل
الحب
بالعصيان.
لقد
دعى شعبه
"الابن
البكر" (خر 4: 22)،
وهكذا يدعونا
أولادًا له،
إذ لم نأخذ
روح العبودية
بل روح التبني
الذي به نصرخ
أيها الآب
أبانا (رو 8: 15).
يتوقع
الله فينا أن
نحمل روح
النبوة
المتجاوبة مع
أبوة الله
الفريدة
الحانية التي
كلفته الكثير،
مقدمًا ابنه
الوحيد الجنس
ذبيحة ليقتنينا
له أبناء في
مياه
المعمودية.
يقول القديس
غريغوريوس
الناطق
بالإلهيات:
[كراعٍ صالح
سعيت في طلب الضال،
كأب حقيقي
تعبت معي أنا
الذي سقط[34]].
يُحدثنا
القديس
كبريانوس عن
التزامنا
كأولاد لله
نحو أبيهم،
قائلاً: [إن
كنا أولادًا
لله، إن كنا
بالفعل قد
بدأنا أن نكون
هياكله، إن
كنا نتقبل
روحه القدوس،
يلزمنا أن
نحيا
بالقداسة والروحانية[35]].
يُعاتب
الله أولاده
من أجل
عصيانهم، فإن
عصيان البنين
أمرّ من عصيان
الأجراء
والعبيد، جراحات
الأحباء خاصة
البنين أقسى
من تلك التي يُسببها
الأعداء.
يرى القديس
إيريناؤس أن
الله خلق الإنسان
كابن له يمتثل
به، ويتممٍ
إرداته الإلهية
من نحوه، لكنه
إذ يمجد الله
ويقبل مشورة
عدو الخير
يصير ابنًا
لإبليس. لهذا
دعى السيد
المسيح
مقاوميه
"أبناء
إبليس" (يو 8: 44)،
ونفى عنهم
أنتسابهم
الروحي
لإبراهيم (يو 8:
39).
v بحسب
الطبيعة - حسب
الخلقة - يُقال
إننا ابناء
الله، إذ نحن
جميعًا
خليقته. أما
من جهة الطاعة
والتعليم
فلسنا جميعًا
ابناء الله،
إنما الذين
يؤمنون به
ويتممون
إرادته وحدهم
(أبناء). أما
الذين لا
يؤمنون ولا
يطيعون
إرادته فهم
أبناء
الشيطان
وملائكته،
لأنهم يفعلون
أعمال
الشيطان.
القديس
إيريناؤس[36]
v عندما
اضطهد
الفريسيون
ربنا ومخلصنا
بكى بسبب
هلاكهم
القادم. لقد
أساؤا
معاملته،
أما هو فلم
يبادلهم ذلك
ولا
بالتهديد،
حتى عندما
استخفوا به
وقتلوه،
وإنما على
العكس حزن على
تجاسرهم... هذه
الأمور
جميعًا كانت
أمام أعينهم
في الكتب
المقدسة، فقد
تنبأ المرتل،
قائلاً:
"الأبناء
الغرباء
صنعوا بي
باطلاً" (مز 18: 45).
وقال إشعياء:
"ربيت بنين
ونشأتهم وأما
هم فعصوا
عليّ" (إش 1: 2). لم
يعودوا بعد
شعب الله أو
أمة مقدسة
إنما صاروا
ولاة سدوم
وشعب عمورة
(إش 1: 10). تعدوا
خطية أهل سدوم
كما تنبأ
النبي: "سدوم
تتبرر
أمامكم" (راجع
حز 16: 48؛ مرا 4: 6). فقد
قاوم أهل سدوم
ملائكة، أما
هذا الشعب
فهاجموا رب
الكل وإله
الجميع
وملكهم، تجاسروا
فقتلوا ملك
الملائكة ولم
يعرفوا أن المسيح
الذي قتلوه
يحيا حتى
اليوم.
البابا
أثناسيوس
الرسولي[37]
3.
استدعاء
الحيوانات:
"الثور
يعرف قانيه،
والحمار معلف
صاحبه، أما
إسرائيل فلا
يعرف، شعبي لا
يفهم" [3].
إن كان
الله قد دعى
إسرائيل ابنه
البكر (خر 4: 22)؛ فكان
يليق بالابن
أن يعرف أباه
ويدرك أسراره ويتجاوب
مع مقاصده
وإرادته، لكن
الإنسان خلال
عصيانه انحط
منحدرًا إلى
ما هو أدنى من
الحيوانات
العجماوات.
وكما يقول القديس
يوحنا الذهبي
الفم ان
الإنسان انحط
إلى ما هو أقل
من الحيوان،
فأخذ السيد
المسيح
طبيعتنا وصعد
إلى السموات ليرفع
طبيعتنا إلى
ما هو سماوي[38].
لقد
انحط الإنسان
حتى قيل في
سفر الأمثال:
"اذهب إلى
النملة أيها
الكسلان؛
تأمل طرقها
وكن حكيمًا"
(أم 6: 6).
عُرف
الثور
والحمار
بغباؤهما إن
قورنا ببقية
الحيوانات
ومع هذا إن
جاعا يسيران
بالغريزة نحو
صاحبهما عند
موضع الطعام
كأنهما يطلبان
منه أن يأكلا.
أما إسرائيل
فقد تمررت
حياته بالسبي
وصار جائعًا
وعريانًا ومع
هذا لم يرجع
إلى الله أبيه
الذي يرعاه
ويهتم به، ما
تُمارسه
الحيوانات
بالغريزة فاق
تصرفات
الإنسان
العاقل في
شره!
إن كان
الإنسان قد
انحط هكذا إلى
ما هو أدنى من
الحيوان، فقد
وُلد كلمة
الله المتجسد
في مزود حتى
إذ يقترب
الإنسان كما
إلى المزود
يجد السيد
المسيح
مأكلاً له.
يأكل فتنفتح
بصيرته ليدرك
أسرار الله
خلال اتحاده
بالابن
الوحيد العارف
بأسرار أبيه،
إذ يقول: "ليس
أحد يعرف الابن
إلاَّ الآب
ولا أحد يعرف
الآب إلاَّ
الابن ومن
أراد الابن أن
يعلن له" (مت 11: 27).
هنا
دعوة إلهية
موجهة إلينا
نحن الذين
اقتنانا
السيد المسيح
بدمه، وقدم
جسده ودمه
طعامًا
لنفوسنا، لذا
لاق بنا أن
نصغى إلى
كلماته ونستجيب
لدعوته.
يُقارن
القديس
يوحنا الذهبي
الفم بين
اليهود في
العهد القديم
والمؤمنين في
العهد الجديد
من جهة معرفة
الله فيقول بأن
الأولين
عرفوا الله
بفكرهم لكن
ليس بحياتهم
وخبرتهم
وأعمالهم (تى 1:
16).
v خطأهم
ليس في جهلهم
(العقلي)
وإنما في
شرهم، في
إرادتهم
الشريرة،
فإنهم حتى
عندما عرفوا ذلك
أختاروا أن
يكونوا جهلاء[39].
v قبل
الصليب حتى
اليهود لم
يعـرفوا
(الآب)، إذ قيل:
"إسرائيل لم
يعرف"، أما
بعـد
الصليب
فجرى العالم
كله إليه[40].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v بلا
شك كان سرّ
ملكوت
السموات
محجوبًا في العهد
القديم، وكان
يجب أن ينكشف
في ملء الزمان
في العهد
الجديد. يقول
الرسول:
"لأنهم كانوا
يشربون من
صخرة روحية
تابعتهم
والصخرة كانت
المسيح" (1 كو 10: 4)...
المسيح نفسه
رُمِزَ إليه
بالصخرة
عندهم، أما
لنا فأعلن عنه
بالجسد.
القديس
أغسطينوس[41]
v كيف
لا تحسبه
أمرًا مرعبًا
إن كان الذين
يعرفون الله
(عقليًا) لم
يدركوا الرب
(عند مجيئه)،
بينما يعرف الحيوانان
الغبيان -
الثور
والحمار- من
يقوتهما، وقد
وُجد إسرائيل
أكثر منهم
غباوة؟!
القديس
إكليمنضس
السكندري[42]
v لقد
كللوا يسوع ورفعوه
إلى فوق
شاهدين عن
جهلهم.
القديس
إكليمنضس
السكندري[43]
4.
وصف لحال
الشعب:
بعد أن
استدعى
الطبيعة
الجامدة
والحيوانات غير
العاقلة
لتشهد محاكمة
الله مع
الإنسان، كشف
عن الحال الذي
بلغ إليه
الشعب، كأنه
عريضة اتهام،
جاء فيها:
أولاً:
وصفهم بسبع
سِمات في [4]،
وكأنه يقول مع
عاموس النبي
"من أجل ذنوب
يهوذا
الثلاثة
والأربعة... من
أجل ذنوب
إسرائيل
الثلاثة
والأربعة" (عا
2: 4، 6). الثلاثة
تُشير إلى
خطايا النفس
الداخلية التي
على صورة
الثالوث،
والأربعة
تُشير إلى
خطايا الجسد
الظاهرة الذي
أُخذ من الأرض
(أربع جهات
المسكونة).
وكأن الشعب قد
تدنس في
الداخل والخارج،
بخطايا خفية
وظاهرة، في
الجسد والروح.
السِّمات
الأربع
الأولى هنا
تُشير إلى
الخطايا
الجسدية
الظاهرة: "ويل
للأمة
الخاطئة، الشعب
الثقيل
الإثم، نسل
فاعلى الشر،
أولاد مفسدين"؛
والسِّمات
الثلاثة
الأخيرة تمثل
الخطايا الداخلية:
"تركوا
الرب،
أستهانوا
بقدوس
إسرائيل،
ارتدوا إلى
الوراء".
على أي
الأحوال فإن
رقم 7 يُشير
إلى "التمام" Completeness،
وكأن خطاياهم
قد بلغت إلى
تمام الحدّ.
يلاحظ
أن إشعياء
مغرم بالرقم 7
فكثيرًا ما
يُقدم 7 سمات
في وضعه
للأمور
المختلفة.
جاءت
عريضة
الاتهام تعلن
هذه الخطايا،
ملخصها:
أ.
خطايا جماعية:
"ويل للأمة
الخاطئة" [4].
إن كانت خطية
عاخان بن كرمى
سببت هلاكًا
للشعب (يش 7: 11)
فكم بالحرى إن
انحرفت الأمة
كلها إلى الشر؟!
لقد دبَّ
الفساد في
الكهنة كما في
الشعب، في
الأشراف كما
في العامة،
فصارت الحاجة
إلى رجوع
جماعي إلى
الله مثلما
فعل أهل
نينوى. لقد
دُعى هذا
الشعب "الأمة
المقدسة"،
لكنه عزل نفسه
عن القدوس
فحمل سمة،
"الأمة
الخاطئة" مستخدمًا
الكلمة
العبرية goi،
وهو تعبير خاص
بالأمم لعدم
التصاقها
بالله. وكأن
هذا الأمة
انحرفت عن
غايتها لتدخل
في زمرة الأمم
الغريبة عن
الله.
ب.
ثقل إثمهم: "الشعب
الثقيل
الإثم" [4]. إذ
يتنبأ إشعياء
النبي عن
المخلص
والخلاص كان لابد
أن يبرز ثقل
الخطية التي
تنحنى تحت
ثقلها
النفوس... الله
وحده يعرف ثقل
هذا الإثم،
فقد جاء كلمة
الله المتجسد
حمل الله الذي
يحمل خطية
العالم (يو 1: 29، 36).
تحت
ثقل الخطية
تنحنى النفس
حتى تغوص كما
في مياه
العالم فتحمل
طبيعة العالم
لا السماء، لذا
قيل عن فرعون
وجنوده:
"غاصوا
كالرصاص في
مياه غامرة" (خر
15: 10)، وقيل عن
الشر: "طُرح
ثقل الرصاص
على فمها" (زك 5: 8).
يرى القديس
غريغوريوس
النيصى[44] أن
الإنسان الذي
يسلك في
الحياة
الفاضلة يكون
خفيف الوزن
روحيًا، أما
الإنسان
الشرير فيكون
ثقيلاً يغطس
في المياه.
الفضيلة
خفيفة تجعل
الإنسان
كالسحابة
مرتفعًا إلى
فوق وكالحمامة
التي تطير
بأجنحتها
الصغيرة (إش 9: 8).
وقد تحدث العلامة
أوريجانوس في
ذلك باسهاب،
مظهرًا كيف
كاد بطرس أن
يغرق بسبب
الخطية (الشك)
وإذ وهبه الرب
إيمانًا سار على
المياه[45].
ج.
متأصلين في
الشر: "نسل
فاعلي الشر،
أولاد
مفسدين" [4].
دبَّت الخطية
في حياة
أسلافهم،
فجاءت الأجيال
متأصلة في
الشر عن
آبائهم
وأجدادهم.
وكما قال الرب
للكتبة
والفريسيين:
"فاملأوا
أنتم مكيال
آبائكم، أيها
الحيات أولاد
الأفاعي" (مت 23:
32-33).
د.
تركهم للرب
مصدر القداسة:
"تركوا
الرب؛
استهانوا
بقدوس
إسرائيل؛
ارتدوا إلى
الوراء" [4].
ليس شيء أشر
من أن يترك
الإنسان
إلهه، مصدر حياته
وسرّ قداسته.
يقول الرب على
لسان إرميا: "لأن
شعبي عمل
شرين؛
تركونىي أنا
ينبوع المياه
الحية لينقروا
لأنقسهم
آبارًا
آبارًا مشققة
لا تضبط ماءَ"
(إر 2: 13).
إن كان
إشعياء قد رأى
الله القدوس
(إش 6)، فهو "قدوس
إسرائيل"
مصدر تقديس
مؤمنيه،
يهبنا سماته
عاملة فينا!
لقد كرر النبي
هذا التعبير 20
مرة.
هـ. مرض
مستعصي: "علامَ
تُضربون بعد؟!
تزدادون
زيغانًا، كل
الرأس مريض
وكل القلب
سقيم؛ من أسفل
القدم إلى
الرأس، ليس
فيه صحة بل
جرح وإحباط،
وضربة طرية لم
تعصر ولم تلين
بالزيت" [5-6].
بقوله:
"علامَ
تُضربون
بعد؟!" يعلن
الله أن هذا
الشعب قد رفض
النبوة لله
لذا لم يعد
مستحقًا أن
يكون موضع
اهتمام الله
وتأديبه. فقد
سبق فأدبهم
كأبناء له
لكنهم
أزدادوا
زيغانًا، لذا
يود أن يوقف
التأديبات
الأبوية
تاركًا إياهم
لنوال ثمر
فسادهم
الطبيعي، إذ يقول: "لم
يسمع شعبي
لصوتي،
وإسرائيل لم
يرضَ بي،
فسلمتهم إلى
قساوة
قلوبهم،
ليسلكوا في مؤامرات
أنفسهم" (مز 18: 11-12).
وجاء في
إرميا: "لماذا تخاصمونني؟!...
لباطل ضربت
بنيكم؛ لم
يقبلوا
تأديبًا" (إر 2:
30)، "ضربتهم
فلم يتوجعوا.
أفنيتهم
وأبوا قبول التأديب"
(إر 5: 3).
الآن
يتركهم الله
لفسادهم الذي
اختاروه بإرداتهم
فيدبُّ المرض
في جسمهم من
الرأس إلى القلب
إلى القدم.
يدبّ في الفكر
فيصيروا
عاجزين عن التدبير،
وأيضًا في
القلب فتتنجس
عواطفهم وأحاسيسهم
الداخلية،
حتى القدمين
من أسفل فيصيروا
عاجزين عن
التحرك نحو
الله في طريق
ملكوته
الملوكي. دبّ
الفساد
بالرؤساء
والعظماء (الرأس)
كما بالخدام
والكهنة
(القلب)،
وبعامة الشعب
(الجسد) حتى
بالمحتقرين
منهم (أسفل
القدم).
صارت
الجراحات
قاتلة ونزف
الدم غير
متوقف... ليس من
يتحرك لينقذ
ويخلص، ولا من
يُقدم زيت محبة
ليلين الضربة
القاسية!
أصاب
الفساد
الطبيعة
البشرية
ذاتها، وكما يقـول
القديس
كيرلس
الأورشليمى:
[عظيم
هو جرح طبيعة
الإنسان، من
القدم إلى الرأس
لا توجد فيه
صحة[46]].
و. خراب
مطبق: "بلادكم
خربة؛ مدنكم
محرقة
بالنار،
أرضكم تأكلها
غرباء قدامكم
وهي خربة
كانقلاب
الغرباء،
فبقيت ابنة
صهيون كمظلة
في كرم، كخيمة
في مقثأةٍ،
كمدينة
محاصرة" [7-8].
يتحدث
النبي هنا عما
سيحل بيهوذا
بعد غزو سنحاريب
الآشوري،
حاسبًا ما
سيحل بهم في
المستقبل
كأنه حاضر،
لأنه أمر حادث
لا محالة.
يقول القديس
كيرلس
الأورشليمى:
[عاش إشعياء
منذ قرابة 1000
عام، وقد رأى
صهيون كسقفية
(للمواشي)؛
كانت المدينة
في ذلك الوقت
قائمة وجميلة
بمنافعها
العامة
وملتحفة
بالعظمة...
لكنه يقول:
"فبقيت ابنة
صهيون كمظلة
(سقفية للمواشي)
في كرم، كخيمة
في مقثأةٍ".
الآن نجد
الموضع مملوء
بزراعة مقثأة.
أنظر كيف ينير
الروح القدس
القديسين[47]].
الأرض
التي تفيض
عسلاً
ولبنًا، أرض
الموعد التي
وهبها الله
لشعبه، والتي
من أجلها
احتمل الشعب
السير في
البرية
أربعين سنة
صارت خربة.
استولى
سنحاريب على 46
مدينة حصينة
فصارت
أورشليم
مهددة بخطر
مباشر "كمدينة
محاصرة " و
"كخيمة" أو
"مظلة" من
السهل احتلالها...
لقد شاهد
أهلها ما فعله
الغرباء (الأشوريون)
بمدنهم، حيث
أشعلوا النار
فيها، فكانت
تأكل
مخاصيلهم
أمام أعينهم
وهم عاجزون عن
الحركة. صارت
مدنهم خربة
كانقلاب
الغرباء، أي
كما سبق
انقلبت سدوم
وعمورة، أو
كما لو فاض
عليها طوفان
ماء شديد
حطمها.
هذا
الخراب الذي
حلّ هو علامة
على ما ارتكبه
يهوذا من
آثام، وحتمية
طبيعية
لتركهم الله
مقدسهم وارتدادهم
عنه، وعدم
طاعتهم
لصوته، فقد
قيل: "ولكن إن
لم تسمع لصوت
الرب إلهك
لتحرص أن تعمل
بجميع
وصاياه... تأتي
عليك جميع هذه
اللعنات وتدركك؛
ملعونًا تكون
في المدينة،
وملعونًا تكون
في الحقل" (تث 28:
15-16).
هكذا
كل نفس لا
تلتصق بالله
مقدسها يحل
الخراب بكل
مدنها: بالجسد
والنفس
والفكر
والقلب مع كل
الأحاسيس
والمشاعر
الخ... تُنتزع
عنها كل حصانة
وتصير كمظلة
أو خيمة في
العراء،
فريسة سهلة في
أيدى الخطية.
v هؤلاء
هم الذين
يدنسون
أنفسهم
ويحولونها عن
كونها بيت
الآب
السماوي،
أورشليم
المقدسة، بيت
الصلاة، إلى
مغارة لصوص...
يأخذون منها
ما هو ثمين،
ويسلبونها
أفضل ما لديها
لتصير كلا
شيء.
العلامة
أوريجانوس[48]
تعبير
"بقيت ابنة
صهيون" هنا
يُشير إلى
مركز شعب الله
الذي حسبه
شعبه الخاص،
الابنة
العذراء،
والعروس
المدللة، قد
صارت متروكة "بقيت
وحدها"؛ تشعر
بالعزلة Loneliness والترك،
وهذه أقس
عقوبة على نفس
الإنسان! هذه
العقوبة
جلبتها ابنة
صهيون على
نفسها بنفسها.
كانت عروسًا
مدللة فصارت
مهجورة
ومطّلقة. يقول
العلامة
أوريجانوس: [أظن
أن الزوج
(الله) قد كتب
كتاب طلاق
لعروسه القديمة،
وأعطاها إياه في
يدها، وطردها
من بيته[49]].
وسط
هذا الخراب
المطبق يجد
الله بقية
قليلة أمينة
تشهد له،
بسببها لم
يحطم شعبه
الذي فسد، إذ
قيل: "لولا أن
رب الجنود
أبقى لنا بقية
صغيرة لصرنا مثل
سدوم وشابهنا
عمورة" [9]. وقد
اقتبس الرسول
بولس هذه
العبارة في
(رو 9: 29). وكأن ما
حدث في أيام
إشعياء يتكرر
في كل الأجيال
حتى في العصر
الرسولي حيث
قبلت قلة
أمينة من
اليهود
الإيمان
بالسيد
المسيح.
لا
يهتم الله
بكثرة العدد
وإنما
بالبقية القليلة
التي تتقدس له
وسط الفساد
الذي يحل بالكثيرين.
هذه البقية هي
"القطيع
الصغير" الذي
يسر الآب أن
يعطيهم الملكوت
(لو 12: 1)؛ هذه
البقية
أبقاها رب
الجنود لنفسه
بكونها عمله،
يهبها روحه
القدوس
لتقديسها له
فتكون خميرة
مقدسة تخمر
العجين كله.
v أنظر
أن تنتمي إلى
القلة
المختارة،
ولا تسلك
ببرود
متمثلاً
بترخي
الكثيرين؛ عش
كالقلة حتى
تتأهل معهم
للتمتع بالله
لأن كثيرين يدعون
وقليلين
ينتخبون (مت 20: 16).
القديس
يوحنا كاسيان[50]
من أجل
هذه البقية
القليلة يقصر
الله أيام الضيق
خاصة في
الأزمنة
الأخيرة، إذ
قيل: "من أجل المختارين
تقصر تلك
الأيام" (مت 24: 22).
5.
استدعاء
القضاة:
"اسمعوا
كلام الرب
ياقضاة سدوم،
اصغوا إلى شريعة
إلهنا يا شعب
عمورة" [10]. في
شجاعة بلا خوف
ولا مداهنة
يدعو إشعياء
قضاة الشعب
"قضاة سدوم"
ويلقب الشعب
نفسه "شعب عمورة"،
وذلك من أجل
الظلم
والفساد الذي
اتسم به كل من
الرؤساء والمرؤوسين.
لا نجد
في كل السفر
موقفًا
واحدًا يشعر
فيه النبي
بالخوف أو
الضعف سوى عند
رؤيته للسيد
المسيح في
مجده (إش 6)، إذ
يخشى إشعياء
الله لا الناس.
يرى أن
العلاج
الوحيد
للقضاة كما
للشعب هو كلمة
الرب وشريعته.
6.
الاتهام:
العبادة
الشكلية:
الاتهام
الموجّه إليهم
هنا خطير
للغاية؛ فإنه
لم ينسب إليهم
الإلحاد ولا
ممارسة
العبادة
الوثنية إنما
ينسب إليهم
الرياء؛
يمارسون
العبادة لله
بدقة شديدة مع
حرفية قاتلة؛
يقدمون
الكثير من الذبائح
والتقدمات
ويحفظون
الأعياد أما
قلوبهم
فبعيدة عن
الله،وحياتهم
فاسدة.
هذا
الاتهام مُوجّه
ضد مُدّعى
الإيمان عبر
كل الأجيال،
الذين يحفظون
الحرف مع
تجاهل للروح
الداخلي، وكما
قيل لملاك
كنيسة
اللاودكيين:
"لأنك تقول إني
أنا غني وقد
استغنيت ولا
حاجة لي إلى
شيء ولست تعلم
أنك أنت الشقي
والبائس
وفقير وأعمى وعريان"
(رؤ 3: 17)، لأنه
تشبّه
بالفريسي القائل:
"اللهم أنا
أشكرك أني لست
مثل باقي
الناس الخاطفين
الظالمين
الزناة ولا
مثل هذا العشار؛
اصوم مرتين في
الأسبوع
وأعشر كل ما
أقتنيه" (لو 18: 11-12).
هذا
الأتهام أثار
آباء الكنيسة
للكشف عن غاية
العبادة في
حياة الكنيسة
سواء في العهد
الجديد أو
القديم
والالتزام
بعدم
الأنحراف عن
هذه الغاية
الإلهية:
أ.
يقول القديس
إيريناؤس:
[يُظهر الله
أنه ليس في
حاجة إلى شيء
(إش 1: 11)، إنما
يحثهم
وينصحهم كي
يمارسوا هذه
الأمور حتى يتبرر
الإنسان
ويقترب من
الله[51]].
الله
يريد من
عبادتنا أن
نقترب منه
ونتحد به
لنحمل طبيعته
فينا، طبيعة
الحب والرحمة.
فهو يريد رحمة
لا ذبيحة (هو 6: 6؛
مت 9: 13). لهذا
يوبخ اليهود
قائلاً بأنهم
يبسطون أيديهم
للصلاة
بلجاجة فلا
يُسمع لهم،
لأن أيديهم مملوءة
دمًا بارتكاب
جرائم قتل (إش 1:
15)، عوض الحب
حملوا كراهية
وقتل للنفوس
والأجساد،
خاصة قتل
الأنبياء
والمتكلمين
بكلمة الحق.
v لماذا
هذه
الانقسامات؟
لننا نحفظ
العيد لكن
بخميرة الخبث
والشر، فنقسم
كنيسة الله
إلى أجزاء،
نحفظ ما يخص
أمورها
الظاهرة
بينما نستبعد
الأمور
الأفضل:
الإيمان
والحب. لقد
سمعنا من
الكلمات
النبوية أن
مثل هذه
الأعياد
والأصوام لا
تُسر الرب.
القديس
إيريناؤس[52]
v واضح
لكل أحد أن
التقوى التي
تقود إلى
العبادة
والتكريم هي
أقدم العلل
وأعظمها، وان
الشريعة
نفسها تحث على
العدل وتعلم
الحكمة... بالدعوة
إلى خالق
العالم وأبيه.
القديس
إكليمنضس
السكندري[53]
ب. لقد
قدموا ذبائح
كثيرة
ومحرقات في
هيكل الرب،
واختاروا
المسمّنات،
لكن الله لا
يُسر بها،
فإنه لم يطلب
الذبائح في
ذاتها لأنه
غير محتاج
إليها، إنما
يطلبها كرمز
لذبيحة السيد
المسيح
الفريدة، من
أجل مصالحة
الإنسان مع
الله وتمتعه
بالشركة معه. لكن
الهدف ضاع
منهم فإنه لما
جاء المسيح
الذبيحة
رفضوه؛ قدموا
الذبائح
الحيوانية
واحتفلوا
بعيد الفصح
وجحدوا الفصح
الحقيقي، حمل الله
الذي يحمل
خطية العالم.
v في
أيام الرب ظن
اليهود أنهم
يحتفلون
بالفصح لكنهم
فعلوا هذا
باطلاً لأنهم
اضطهدوا الرب.
بشهادتهم لم يعد
يحمل الفصح
اسم الرب، إذ
دعى فصح
اليهود (يو 6: 4) لا
فصح الرب...
لأنهم جحدوا
رب الفصح.
البابا
أثناسيوس
الرسولي[54]
v لقد أُبطلت
هذه (الذبائح)
جميعها حتى
تتحقق شريعة ربنا
يسوع المسيح
الجديدة التي
يتممها ليس تحت
نير الالتزام
(بل بإرداته
إذ قدم نفسه
فدية).
رسالة
برناباس[55]
ج.
كانوا
يجتمعون
للاحتفال
بالأعياد
الأسبوعية
(السبوت)
والشهرية
والسنوية
التي حسبها
الرب أعياده
هـو، يُسر بها
لأنه يجتمع مع
شعبه فيملأهم
من فرحه
الإلهي.
هذه
المحافل صارت
ثقلاً على
الله تبغضها
نفسه (إش 1: 14)،
فلا يعود
يحسبها
محافله.
v لم
ينسب الرب
(هذه
الممارسات
التي حفظوها)
إليه بل حسبها
أعمال الخطاة
(إذ هي مكروهة
بالنسبة له)،
سواء كانت
الشهور
الجديدة أو
السبوت أو
اليوم العظيم
أو الأصوام أو
الأعياد.
في
الشريعة
الخاصة
بالسبت نقرأ
في سفر الخروج:
"... السبت هو
راحة مقدسة
للرب"... "كلوا،
اليوم هو سبت
للرب" (خر 16: 23، 28).
العلامة
أوريجانوس[56]
د. في
أكثر من موضع
يؤكد الله
لشعبه أنه حين
أخرجهم من أرض
العبودية لم
يقدم لهم
شرائع خاصة بالذبائح
(إش 1: 12)، حتى لا
يظنوا أنه
يخرجهم عن عوز
إلى عبادتهم
أو تقدماتهم
إنما
ليتمتعوا هم به...
يقول البابا
أثناسيوس
الرسولي إن
الله أراد أن
يسحبهم
بعيدًا عن
الأوثان
ويجتذبهم
إليه، مقدمًا
لهم الشرائع
في الوقت
المناسب (بعد
خروجهم)، ومع
هذا نسوا الله
الذي صنع معهم
عجائب في مصر
وعادوا يعبدون
العجل (خر 16: 3).
لقد جاءت
الشرائع
الخاصة بالذبائح
بعد استلامهم
الناموس حتى
لا يقدموها للأوثان
بل لله الحق.
كان المطلوب
منهم أن
يتعلموا
أولاً ترك
الأوثان
والاهتمام بوصايا
الله وبعد ذلك
تقديم
الذبائح (إر 7: 22)[57].
v لا
يقبل منكم
الذبائح، ولا
أمركم أولاً
بتقديمها عن
احتياج إليها
إنما بسبب
خطاياكم.
القديس
يوستين
الشهيد[58]
هـ.
يقول: "من طلب
هذا من أيديكم
أن تدوسوا
دوري؟!" [12].
فقد أكثروا
الدخول في
الهيكل
ليقدموا
ذبائح بلا
حصر، فرآهم
الله - في عدم
توبتهم - أشبه
بالحيوانات
التي تدوس
بيته وتدنسه!
تحول تقديم الذبائح
عن المصالحة
مع الله إلى
صبّ غضب الله.
جاءوا
بتقدمات
كالبخور الذي
يرمز إلى
الصلاة، لكنهم
إذ أعطوا الرب
القفا لا
الوجه (إر 2: 27)
صار بخورهم
مكرهة للرب،
لأنه حمل
رائحة ريائهم
وعدم توبتهم.
v الأعمال
التي تُمارس
بطريقة تضاد
إرادة الله،
أو تقدم في
غير وقار لائق
لا تنفع
شيئًا... الله
غير محتاج إلى
شيء، مادام لا
شيء يجعله
دنسًا! لقد
بلغ إلى
النهاية
بسبب
تصرفاتهم
المملوءة
رياءً [11].
البابا
أثناسيوس
الرسولي[59]
v الرب
إلهنا لا يُسر
بحفظ مثل هذه
الأمور؛ إن وجد
بينكم إنسان
حانث بقسمه أو
لصًا فليكف عن
هذا؛ وإن وجد
زانيًا
فليتب؛
وعندئذ يحفظ سبوت
الله العذبة
الحقة. إن كان
لأحد أيد غير
طاهرة
فليغتسل
ويتطهر.
الشهيد
يوستين[60]
7.
دعوة للتوبة:
فضحهم
الله أمام
أنفسهم
مظهرًا بشاعة
الفساد الذي
حلّ بهم دون
أن يُحطمهم
باليأس أو
يجرح نفوسهم
إنما بالحب
الأبوي
السماوي قدم
لهم العلاج
ليستر عليهم
ويردهم إلى
طبيعتهم
الصالحة التي
خلفهم عليها.
هذا العلاج هو
التوبة
النابعة عن
الإيمان
والممتزجة
بالحب، أما
خطواتها فهي:
أ.
الاغتسال:
بقوله "اغتسلوا"
[16] لا يقصد
التطهيرات
الناموسية،
لأنه في
اتهامه لهم
يطلب ألا
يقفوا عند
الشكل الخارجي
للعبادة،
إنما عنى
اغتسال
المعمودية[61] الذي فيه
نخلع الإنسان
العتيق لنحمل
فينا الإنسان
الجديد الذي
على صورة
خالقنا. هذا
ما عناه الرب
بقوله للنفس
البشرية
"حممتك
بالماء" (حز 16: 9)،
إذ جاء في نفس
السفر "وأرشّ
عليكم ماءً
طاهرًا
فتطهرّون من
كل نجاساتكم...
وأعطيكم
قلبًا جديدًا
وأجعل روحًا
جديدًا في
داخلكم" (حز 36: 25-26).
في
العهد القديم
لا يستطيع
الكهنة أن
يدخلوا الهيكل
مالم يغتسلوا
أولاً وإلاَّ
يموتوا (خر 30: 19-21)،
ويقول المرتل:
"أغسل يديّ في
النقاوة
فأطوف بمذبحك
يارب" (مز 26: 6).
إنه غسل
داخلي! يقول القديس
الذهبي الفم: [
لا يقصد غسل
الماء الذي
مارسه اليهود
وإنما غسل
الضمير[62]].
"تنقوا"
[16]، إن كنا
بالمعمودية
نلنا الإنسان
الجديد، إنما
نلنا إمكانية
جديدة
لنمارس
الحياة الجديدة
في المسيح،
التي هي نقاوة
القلب، كشرط
لرؤية الله،
إذ يقول
الرب:
"طوبى
للأنقياء
القلب لأنهم
يعاينون الله"
(مت 5).
v إذ
تدخلون الجرن
الصالح
العظيم المجد
اجروا بوقار
في سباق
الصلاح. فإن
ابن الله الوحيد
الجنس هو حاضر
هنا ومستعد
ليخلصكم، قائلاً:
"تعالوا إليّ
يا جميع
المتعبين
والثقيلي
الاحمال وأنا
أريحكم" (مت 11: 28).
لقد أرتديتم ثوب
معاصيكم
الخشن
ورُبطتم
بحبال
خطاياكم، الآن
اسمعوا قول
النبي:
"اغتسلوا،
تنقوا فتُمحى
خطاياكم من
أمام عيني"
حتى ترنم جوقة
الملائكة
فوقكم قائلة:
"طوبى للذي
غفر اثمه وسُترت
خطيته" (مز 32: 1).
يا من تشعلون
مشاعل الإيمان
احفظوها في
أيديكم غير
مطفأة.
القديس
كيرلس
الأورشليمي[63]
v إذن
إن كنا
بالغتسال (في
المعمودية)
كما يقول النبي،
في ذلك الجرن
السرّي،
تتطهر
إرادتنا
ويُنزع الشر
عن نفوسنا،
فإننا بهذا
نصير أناسًا
أفضل فنبلغ حالاً
أحسن.
القديس
غريغوريوس
النيسي[64]
ب. "اعزلوا
شر أفعالكم من
أمام عينيّ" [16].
إذ ينال
الإنسان
النقاوة التي
بها يُعاين الله
يقدر أن يميز
أعمال الشر عن
العمل
الإلهي،
فيرفض كل ما هو
شر، حتى لا
يعرج بين
الطريقين:
الله والخطية.
نوالنا
سر الاغتسال
والتنقية
يهبنا إمكانية
إلهية للعمل
الجاد في
اكتشاف
أنفسنا بالرب لندخل
في غسل مستمر
(بالتوبة) وتطهير
من كل ما
يتعلق
بداخلنا من
شر... نعترف لله
بخطايانا
فننعم بمصاعد
مستمرة نحوه
حتى نراه
وجهًا لوجه.
v ها
أنتم ترون أنه
في سلطانكم أن
تُودعوا في قلوبكم
إما مَصاعد أي
أفكارًا تخص
الله أو مهابط
أي أفكارًا
منحطة نحو
الجسديات
والأرضيات.
الأب
سيرينيوس[65]
نعترف
بخطايانا
ونعتزل شرنا
فنرى الله
فينا يعلن
ذاته ومجده
داخلنا. وكما
يقول القديس
أغسطينوس:[اظهر
ذاتك لذاك
الذي يعرفك
فيكشف هو ذاته
لك يا من لا
تعرفه[66]].
"كفـوا
عن فعل الشـر"
[16]. إن كنا
بالتوبة
الصادقة نعزل
الشـر عن عيني
الرب،
فإن علامة
إخلاصنا له أن
نكف تمامًا عن
كل عمل شرير.
هذه عطية
إلهية لكنها
لا توهب دون
طلبها بإيمان
والحاح، مع
جهاد ومثابرة.
v إنه
يود أن يقدم
فرصة للتوبة
لكل محبوبيه،
مُثبتًا
إياها
بإرادته
القادرة إذن،
فلنطع إرادته
العظيمة
الممجدة؛ وإذ
نضرع طالبين رحمته
وحنو ترفقه،
تاركين كل عمل
بطال وخصام وحسد
يقود إلى
الموت، نعود
إليه ونلقي
بأنفسنا في
مراحمه.
القديس
إكليمندس
الروماني[67]
ج. "تعلموا
فعل الخير" [17]:
لا يكفي
الجانب
السلبي، أي
نزع كل ما هو
شر والكف عنه
دائمًا وإنما
هنا يوجد
التزام
بالعمل
الإيجابي،
نحمل سمة المسيح
الذي هو
"الحق" فينا.
نطلب "الحق"
أي نطلب
مسيحنا الحيّ
ساكنًا فينا
وعاملاً بنا،
نمارس عمل
المسيح محب
البشر
والمهتم
بالمظلومين
والمحتاجين
والضعفاء.
لهذا يوصينا "اطلبوا
الحق، انصفوا
المظلوم،
اقضوا
لليتيم، حاموا
عن الأرملة".
هذه هي التوبة
الإيجابية
التي خلالها
نرجع إلى الله
لا لنكف عن
الشر والظلم
فحسب وإنما لنمد
أيدينا بالحب
العملي
والرحمة،
خاصة تجاه العاجزين
والأرامل.
v ليتنا
نمد أيدينا
نحن جميعًا -
رجالاً ونساء
- لهن، فلا
نسقط تحت
أحزان الترمل.
لنتعهدهن فنعد
لأنفسنا
مخزنًا
عظيمًا من
الحنان، فإن
دموع الأرامل
تقدر أن تفتح
السماء عينها.
ليتنا لا نطأ
عليهن فتزداد
مصائبهن بل
نساعدهن بكل وسيلة.
القديس
يوحنا الذهبي
الفم[68]
v أنظروا
كيف أنه في كل
موضع يحسب
الله أعمال
الرحمة العظيمة،
فإنها تقف في
صالح
المخطئين.
القديس
يوحنا الذهبي
الفم[69]
د. الحب
العملي تجاه
المتألمين
والمعوزين هو انعكاس
طبيعي
لخبرتنا مع
الله المترفق
بنا، الذي لا
يتعالى علينا
بل يطلب
الحوار معه
كأصدقاء له.
يفتح أبواب
مراحمه أمامنا
نحن الخطاة،
قائلاً: "هلم
نتحاجج يقول
الرب: إن كانت
خطاياكم
كالقرمز تبيض
كالثلج، وإن
كانت كالدودى
تصير كالصوف"
[18].
هذه
دعوة إنجيلية
صريحة تعلن عن
شوق الله نحو خلاص
كل إنسان يقبل
الشركة مع
القدوس خلال
الصليب.
الله
في حبه وإن
كان قد أثبت
دينونة بني
يهوذا
المرعبة لكنه
سرعان ما يطلب
المصالحة. أنه
ليس كالإنسان
يوجه العناد
بالعناد،
والغضب بالغضب،
إنما يسكب
زيتًا مرطبًا
على الجراحات الملتهبة،
ليرد كل نفس
إليه .
الله
يطلب من
الإنسان أن
يدخل معه في
حوار، بينما نجد
أحيانًا بعض
الأباطرة
المسيحيين
أغلقوا الباب
أمام من
أخطأوا، بل
وأحيانًا نجد
الرعاة حتى
الوالدين
يحملوا ذات
الروح الغريب
عن روح الله
محب البشر.
الله
يُريد أن يغسل
دم خطايانا
(القرمز والدودي)
بدمه الطاهر
فنصير كالثلج
في البياض
والصوف في
النقاوة (نش 8: 5)،
نصير ثوبه
المضيىء كما
في تجليه.
يرى
البعض أن كلمة
"نتحاجج Cheyene"
هنا تعني نضع
حدًا للتحاج،
إذ يدرك الله
أنه لم يعد
أمام الإنسان
ما ينطق به
بسبب خطاياه التي
صارت ظاهرة
كاللون
القرمزي الذي
لا يُمحى،
لهذا أراد أن
يخرجه من
المأزق ويفتح
له باب الصفح
الإلهي حتى لا
يجرح مشاعره...
حب إلهي عجيب!
بدعوته
الموجهة
إلينا لكي
نتحاجج معه
يسألنا أن
نحكم على
أنفسنا
بأنفسنا،
فإننا إذ ندرك
خطايانا
ونعترف بها
فهو أمين
وعادل لكي
يغفرها لنا (1
يو 1: 9). نحكم على
أنفسنا فلا
يُحكم علينا.
v ليته لا
ييأس أحد من
نفسه حتى وإن
بلغ أقصى
الشر، حتى وإن
عبر إلى
العادة في صنع
الشر، نعم حتى
وإن حمل طبيعة
الشر نفسها لا
يخف... عظيمة هي
قوة التوبة،
فإنها على
الأقل تجعلنا
كالثلج، نبيض
كالصوف، حتى
وإن كانت قد
ملكت الخطية
علينا وصبغت
نفوسنا.
القديس
يوحنا الذهبي الفم[70]
v إنه لا
يذكر
استحقاقاتنا
الرديئة إنما
لا يزال يتحنن
علينا ويحثنا
على التوبة[71].
v في
سلطان الله
وحده أن يهب
مغفرة
الخطايا وأن يتهمنا
بالمعاصي إذ
يأمرنا أن
نغفر لإخوتنا التائبين
كل يوم "فيغفر
لنا" (مت 6: 14)[72].
القديس
إكليمندس
الروماني
هـ.
تقديس الحرية
الإنسانية:
يفتح الله
أبواب محبته
أمام الجميع
لكنه لا يلزم
أحدًا، فهو يطلب
قلب الإنسان
كتقدمة
اختياريه؛
يقدم له الطريق
ويهبه
إمكانية العمل
وفي نفس الوقت
يترك له حرية
الاختيار، إذ يقول:
"إن شئتم
وسمعتم
تأكلون خير
الأرض، وإن
أبيتم وتمردتم
تؤكلون
بالسيف لأن فم
الرب تكلم" [19-20].
v ها
أنتم ترون أنه
يجب علينا
أولاً أن نطهر
أنفسنا (أي
نحمل إرادة
مقدسة) وعندئذ
يُطهرنا الله[73].
v نحن
سادة، في
إمكاننا أن
نجعل كل عضو
فينا آلة للشر
أو آلة للبر[74].
v يمكن
للإنسان أن
يتغير فجأة
ويتحول من خزف
إلى ذهب. ما
يخص الفضيلة
والرذيلة ليس
(إلزاميًا)
بالطبيعة،
إنما يمكن
تغييرة
بسهولة... إنني
أعلم أن الكل
يرغبون أن
يطيروا إلى
السماء من
الآن، لكن
الحاجة إلى
إظهار الرغبة
بالعمل[75].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v بقوله
هذا [19] يبرهن أن
القبول أو
الرفض يعتمد علينا.
القديس
إكليمنضس
السكندري[76]
يلاحظ
هنا أن خطوات
التوبة
الواردة في [16-17]
سبع: خطوتان
سلبيتان في
عدد 16(
الاغتسال
والكف عن
الشر) وخمس
خطوات
إيجابية وردت
في العدد 17، يلزم
ممارستها.
8.
عتاب من واقع
الماضي:
يقارن
هنا بين ما
كانت عليه
أورشليم
قبلاً وما
صارت عليه خلال
انحرافها
وفسادها،
بأسـلوب
مملوء رثاء
وحزنًا
عميقًا.
إشعياء النبي
صريح كل الصـراحة،
لكنه مملوء
حبًا وعاطفة!
أ.
كانت أورشليم
"القرية
الأمينة" [21]،
وقد صارت
"زانية".
يشبهها
بالعروس التي
كانت مخلصة
لعريسها السماوي،
تحفظ وصاياه
وتعلن بهاءه
ومجده خلال حياتها،
وقد جرت وراء
آخر (العبادة
الوثنية) فتنجّست
بزناها
الروحي مع
محبيها (حز 16: 25،
32، 36). كانت عذراء
(إش 37) تتحد مع
عريسها واهب
القداسة لكنها
تركته واتحدت
بالرجاسات.
v يمكنك
القول بأن
الله الكلمة
ترك مجمع
اليهود
كزانٍ، فارقه
وأخذ لنفسه
زوجة زنا من الأمم،
لأن هؤلاء
الذين كانوا
"صهيون المدينة
الأمينة"
صاروا زناة،
بينما أولئك
صاروا مثل
راحاب
الزانية التي
قبلت جاسوسي
يشوع وخلُصَت
هي وكل بيتها
(يش 6: 5).
العلامة
أوريجانوس[77]
ب. كانت
"ملآنة
حقًا، كان
العدل يبيت
فيها، وأما
الآن فالقاتلون"
[21]. كانت مسكنًا
للقدوس الذي
هو "الحق" و
"العدل"،
يبيت الرب
فيها إذ يجد
فيها راحته،
لكنها صارت
مسكنًا
للقتلة، لذا
يقول الرب
"ليس لابن
الإنسان أين
يسند رأسه" (مت
8: 10، لو 9: 58). حين
تكون مقدسة
تقول: "حبيبي
لي، بين ثديي
يبيت" (نش 1: 13)؛
لكنها متى
تنجست يصير
قلبها "بين
ثدييها"
مسكنًا للشر.
ج. تسرب
الزيف إليها
فصارت فضتها
زغلاً يحمل
لمعان الفضة
ومنظرها لكنه
لا يحمل مادة الفضة
ولا قيمتها.
صار خمرها
مغشوشًا
بالماء [22]
يحمل لون
الخمر لكنه
مغشوش ماءً...
هذه صورة عن
الأهتمام
بشكليات
العبادة
وحرفية تنفيذ
الوصايا
بالمظاهر
الخارجية دون
الاهتمام
بالأعماق.
مسيحنا يحول
الماء خمرًا،
أما الشرير
فيحول الخمر
ماءً.
الفضة
تُشير إلى
كلمة الله (مز 12:
6)، والخمر
يُشير إلي فرح
الروح.
الانسان
الشكلي يتمسك
بكلمة الله،
وربما يحفظها
عن ظهر قلب لكنه
لا يحمل
المسيح "كلمة
الله" في قلبه
ولا في سلوكه.
له منظر الفرح
الروحي وهو
بعيد كل البعد
عن الحياة
السماوية
المفرحة
وشركة الملائكة
والقديسين في
الرب.
تشير
الفضة إلى كنوز
الغني، ويشير
الخمر إلى
الحب
والعاطفة؛ فالشكلي
في إيمانه
يلجأ إلى حكمة
العالم ككنز
غاش له مظهر
الفضة
الثمينة وهو
زغل؛ ويبدو مملوء
حبًا وعاطفة
بينما يحمل
قلبه ماء (بلا
حرارة).
يرى القديس
إيريناؤس أن
الشيوخ
اعتادوا على
خلط خمر وصايا
الله البسيطة
بماء التقليد
البشري
المضاد لكلمة
الحق[78].
ويقول القديس
غريغوريوس
النزينزى: [لسنا
مثل الكثيرين
القادرين على
على افساد كلمة
الحق ومزج
الخمر الذي
يفرح قلب
الإنسان (مز 104: 15)
بالماء، أي
خلط تعليمنا
بما هو مبتذل
ورخيص ودنيَّ
وبال وبلا طعم[79]].
د. "رؤساؤك
متمردون
ولغفاء
اللصوص" [23]، أي
يؤاكلون
اللصوص
ويحفظون
ثيابهم أثناء
السرقة. كان
يليق
بالرؤساء أن
يدبروا أمور
الشعب
ويرعونهم،
فإذا بهم
يحولون
الرعاية إلى سلطة
وعناء، قد لا
يسرقون لكنهم
يتركون عدو
الخير بجنوده يسرقون
الشعب
ويغتصبون
قلوبهم وهم
غير مبالين
بسبب حبهم
للسلطة. يحبون
الرشوة
والعطايا المادية
أو الأدبية،
ولا يبالون
بالأيتام والأرامل،
لأن المجد
الزمني شغلهم
عن التفكير
فيهم. حوّلوا
أورشليم
"كنيسة
المسيح" إلى بيت
للظلم
والقسوة
والعنف.
عوض أن
تكون
القيادات
مثالاً حيًا
للشعب في الخضوع
لكلمة الله
وممارسة
الحياة
التقوية صاروا
عثرة لهم.
يقول القديس
إيريناؤس: [بدأ
الكتبة
والفريسيون
منذ عصور
الناموس يحتقرون
الله ولا
يقبلوا
كلمته، أي لم
يؤمنوا بالمسيح[80]].
9.
الديان يتقدم
كمخلص:
أمام
هذه الصورة
البشعة لا يقف
الله مكتوف الأيدي،
وإنما يقوم
"رب الجنود،
عزيز (قدير)
إسرائيل" [24]
كقائد للجنود
السماوية
اعتزت يده بالقوة
من أجل خلاص
شعبه مما حلّ
بهم.
يلاحظ
هنا الآتي:
أ. دعى
الله بثلاثة ألقاب
[السيد (يهوه)،
رب الجنود،
عزيز (قدير)
إسرائيل]. يرى
بعض الدارسين
انها إشارة
خفية عن الثالوث
القدوس. فالآب
غير المدرك
ولا منظور (يهوه
= أنا هو)،
والكلمة الذي
تجسد ليقود
المعركة ضد
عدو الخير
واهبا لجنوده
كل نصرة
روحية، والروح
القدس القدير
الذي يعمل في
المؤمنين
ليشكلهم على
صورة المسيح
فيجدوا لهم
نصيبًا في حضن
الآب.
وحملت
أورشليم 3
ألقاب: مدينة
العدل،
القرية الأمينة،
صهيون تُفدى
بالعدل [26-27].
ودُعى
الأشرار
بالقاب ثلاثة
أيضًا:
المذنبون،
الخطاة،
تاركو الرب [28].
ب. يحسب
الله من يُتلف
شعبه حملاً
ثقيلاً (إش 23: 24)،
فلا يكف عن
مقاومة الشر
حتى يستريح
ويستريح معه
شعبه: "أستريح
من خصمائي،
وأنتقم من
أعدائي" [24].
تبقى
أحشاء الرب
تحنّ على شعبه
حتى يُحطم الشر!
ج. "يُنقِّي
أورشليم من
الزغل كما
بالبورق (ربما
يقصد بوتاسا
المعادن)"؛ إذ
يعيد خلقة الطبيعة
البشرية ليرد
للكنيسة
جمالها
الأصيل كما
بنار الروح
القدس المطهر.
إنه
ينقينا أيضًا
بالتأديب ولو
ظهر قاسيًا كالنار:
v مغبوط
هو الإنسان
الذي يُؤدب في
هذه الحياة، فإن
الرب لا
يُعاقب عن
أمرٍ ما مرتين
(نا 1: 9 LXX)[81].
v لا يهذب
الأب ابنه لو
لم يكن يحبه،
والمعلم لا يصلح
من شأن تلميذه
ما لم يرَ فيه
علامات نوال الوعد.
عندما ينزع
الطبيب
عنايته عن
مريض يُحسب
هذا علامة
يأسه من شفائه[82].
القديس
جيروم
v الله
يوبخ لكي
يُصلح،
ويُصلح لكي
يحفظنا له.
القديس
كبريانوس[83]
د. "وأعيد
قضاتك كما في
الأول" [26]. إذ
يعيد الإنسان
إلى كرامته
وتعقله كما
كان في بدء
خلقته فيكون
كقاضٍ حكيم.
هـ. يرد
لأورشليم أو
للنفس
البشرية
لقبها: "مدينة
العدل القرية
الأمينة" [26].
إذ تصير الكنيسة
- أورشليم
الجديدة -
مدينة الله -
عامود الحق
وقاعدته،
العروس
الأمينة
لعريسها.
تمتلئ بالمفديين
التائبين
الحاملين برّ
المسيح فيهم،
أما تاركوا
الرب أو
رافضوه فليس
لهم موضع في
الكنيسة
الحقيقية ولا
نصيب لهم في
الكنيسة
السماوية.
هؤلاء
يمتلئون
خزيًا لأنهم
اشتهوا
العالم -
أشجار البطم -
وحسبوه جنتهم
فضاع العالم
وضاعت آمالهم.
يشبّه
العالم هنا
بالبطمة، لأن
اليهود اعتادوا
أن يقيموا
عبادة البعل
والعشتاروت
تحت شجرة
البطمة.
يُشبه
تاركو الرب
بالبطمة التي
ذبل ورقها، وبالجنة
التي بلا ماء
[29]، لماذا؟ خلق
الله الإنسان
كجنة يجد الرب
فيها ثمرته
حلوة في
الداخل. كل ما
يحمله
الإنسان من
طاقات
وامكانيات
وعواطف وغرائز
هي عطايا
إلهية أشبه
بأشجار
مغروسة في جنة
يرويها ماء
الروح القدس
فتثمر بركات
لا حصر لها.
أما إن حُرِمت
منه الروح
فتجف وتحرق بالنار،
وتتحول كما
إلى مشاقة
(نسالة كتان) [31]،
أي ما تبقى من
كتان بعد مشطة
ليستخدم
وقيدًا للنار.
[32]
In Hebr. Hom. 23:8.
[33] Stromata 4:26.
[34] The Coptic Liturge of St. Gregory.
[35] On Jealousy and Enby 14.
[36] Adv. Haer.
[37] Fest. Letters 8.
[38] On the Ascention of Chirst.
[39] In John hom. 50:2.
[40] Ibid, p. 80-1.
[41] On Ps. 78.
[42] Paed. 19.
[43] Ibid, p. 2:8.
[44] On Virginity 18.
[45] In Exod. Hom. 6.
[46] Cat. Lect. 12:7.
[47] Cat. Lect.
[48] Comm. On John, Book 10-18.
[49] Comm. On Matt. Book 14:19.
[50] Institutes 4:38.
[51] Adv. Haer. 4:17:1.
[52] Frag. 38.
[53] Stromata 2:16.
[54] Fest. Letters 6.
[55] Ep. Of Barnabas 2.
[56] In John Book 10:11.
[57] Fest. Letters 12.
[58] Dial. With Trypho 32.
[59] Fest . Letters 12.
[60] Dial with Trypho 12.
[61] Justin: Apology 1:61: Greg. Naz. Oration on the Holy Lights 20: Cyril of Jerusalem: Cat. Lect. 1:1 etc.
[62] In John Hom. 70:2.
[63] Cat. Lect. 1:1.
[64] The Great Catechism 40.
[65] Cassian: Conf. 7:4.
[66] On Ps. 104.
[67] Ep. 1:8,9.
[68] In John hom. 70:3.
[69] In Heb. Hom 12:7.
[70] Ibid.
[71] Exhort. To Heath 10.
[72] Who is the rich that shall be saved? 39.
[73] In Hebr. Hom 12:7.
[74] Ad pop. P.G. 49:66,67.
[75] In John 1:5.
[76] Stromata 1:19.
[77] Comm. On Matt. Book 12:4.
[78] Adv. Haer 4:12:1.
[79] In Defense of His Flight to Pontus 46.
[80] Adv. Haer. 4:1:6.
[81] On Ps. Hom 51.
[82] Ep. 118:1P 22:39.
[83] Ep. 7:5.