المسيا
والعصر
المسياني
لم
يكن ممكنًا
لإشعياء
النبي أن
ينحصر في الأحداث
المعاصرة له
ولا الخاصة
بالمستقبل
القريب
بالنسبة له وإنما
اتجه نحو
الخلاص
الأبدي، ليرى
عمل الله
العجيب لا
بسقوط آشور
ولا بعودة
القلة الأمينة
إلى يهوذا،
وإنما بسقوط
عدو الخير
إبليس واجتماع
المؤمنين من
اليهود
والأمم
كأعضاء في جسد
واحد يتمتعون
بالملكوت
المسياني العجيب.
1.
ظهور ابن يسى
[1].
2.
المخلص وروح
الرب
[2].
3. أعمال
المخلص
[3-4].
4. سمات
العصر
المسياني
[5-9].
5. سلام
بين الشعوب
[10-16].
1.
ظهور ابن يسى:
في
الأصحاح
التاسع تحدث
عن المخلص
بكونه المولود
العجيب: "لأنه
يولد لنا ولد...
ويدعى اسمه عجيبًا
مشيرًا إلهًا
قديرًا أبًا
أبديًا" (إش 9: 6)،
أما هنا فيؤكد
ناسوته بكونه
الملك ابن يسى:
"ويخرج قضيب
من جذع يسى
وينبت غصن من
أصوله" [1]. لم
يقل ابن داود
مع أنه شرعًا
هو ابن داود،
لكنه أراد
تقديمه بصورة
متواضعة
جدًا، كقضيب
وغصن من يسى
الذي عاش ومات
قليل الشأن.
والعجيب أن
نسل داود
الملك ضعف
جدًا حتى جاء
يوسف
والقديسة
مريم فقراء
للغاية.
بينما
يتحدث الوحي
في الأصحاح
السابق عن آشور
- يمثل عدو
الكنيسة -
كأغصان
مرتفعة وقوية
(إش 10: 33) يظهر
المسيا كقضيب
أو غصن
متواضع. أراد أن
يسحق
الكبرياء
محطم البشرية
باتضاعه. وكما
تقول عنه
الكنيسة في
جمعة الصلبوت:
"أظهر بالضعف
(الصليب) ما هو
أعظم من
القوة".
v هذا هو
المسيح، فقد
حُبل به بقوة
الله بواسطة العذراء
من نسل يعقوب،
أب يهوذا، وأب
اليهود، من
نسل يسى...
الشهيد
يوستين[182]
2.
المخلص وروح
الرب:
"ويحل
عليه روح
الرب، روح
الحكمة
والفهم، روح المشورة
والقوة، روح
المعرفة
ومخافة الرب"
[2].
إذ جاء
السيد المسيح
ممثلاً
للبشرية حلّ عليه
الروح القدس
الذي ليس
بغريب عنه،
لأنه روحه.
حلول الروح
القدس على
المسيح يختلف
عن حلوله
علينا؛
بالنسبة له
حلول أقنومي،
واحد معه في
ذات الجوهر مع
الآب، حلول
بلا حدود. أما
بالنسبة لنا
فهي عطية
مجانية ونعمة
تُمنح لنا في
المسيح يسوع
قدر ما تحتمل
طبيعتنا ليعمل
على تجديدها
المستمر. لذا
قيل عن السيد
المسيح "فيه
سُرّ أن يحل
كل الملء" (كو 1:
19، 2: 9)، ومن ملئه
الذي يملأ
الكل ينال
جميع
المؤمنين
نعمة فوق نعمة
(يو 1: 16).
كلمة
الله هو
الحكمة عينها
والفهم
والقوة... فحلول
الروح القدس
ليس حلولاً
زمنيًا بل هو
اتحاد أزلي
بين الأقانيم
الثلاثة.
بالتجسد
الإلهي قَبِل
ربنا يسوع
ظهور الروح
القدس حاّلا
عليه لكي
يهبنا نحن
فيه، كأعضاء
جسده، عطية
الروح القدس
واهب الحكمة
والفهم
والمشورة
والقوة والمعرفة
ومخافة الرب.
ربما
يسأل البعض:
لماذا حلّ
الروح القدس
على السيد
المسيح عند
عماده؟ نُجيب[183]: الروح
القدس هو الذي
شكّل ناسوت
السيد المسيح
منذ لحظة
البشارة
بالتجسد
الإلهي. ولما
كان لاهوت
السيد لم
يفارق
ناسوته، لهذا
لم يكن الناسوت
قط في معزل عن
الروح القدس،
ولا في حاجة
إلى تجديد
الروح له،
لأنه لم يسقط
قط في خطية
ولا كان
للإنسان
القديم موضع
فيه، إنما طلب
السيد أن
يعتمد "لكي
يكمل كل بر"، أي
يقدم لنا برًا
جديدًا نحمله
فينا خلال
جسده المقدس.
حلول الروح
عليه في
الحقيقة كان
لأجل الإنسانية
التي تتقدس
فيه، فتقبل
روحه القدوس.
في هذا
يقول القديس
غريغوريوس
النيسي:
[اليوم اعتمد
(يسوع) من
يوحنا لكي
يظهر الذي تدنس،
ولكي يجعل
الروح ينحدر
من فوق فيرفع
الإنسان إلى
السماء،
ويقيم الساقط
الذي انحدر وصار
في عار. لقد
أصلح المسيح
كل الشرور،
فأخذ البشرية
الكاملة لكي
يخلص
البشرية،
ولكي يصبح
مثالاً لكل
واحدٍ منا.
لذلك فهو يقدس
باكورة وثمار
كل عمل يقوم
به لكي يترك
لعبيده غيرة
حسنة بلا شك
في اقتفاء
أثره[184]].
يتحدث القديس
غريغوريوس
النزينزي عن
عمل الروح
القدس في
حياتنا
كينبوع
صلاحنا،
قائلاً:
[يُدعى
روح الله وروح
المسيح... وهو
نفسه الرب.
روح
النبوة والحق
والحرية،
روح
الحكمة
والفهم
والمشورة
والقدرة
والمعرفة
والصلاح
ومخافة الله.
إنه
صانع كل هذه
الأمور،
يملأ
الكل بجوهره
ويحوي كل
الأشياء،
يملأ
العالم في
جوهره ومع هذا
فلا يمكن
للعالم أن
يدرك قوته.
صالح
ومستقيم،
ملوكي
بطبيعته وليس
بالتبني.
يُقدس
ولا يتقدس،
يقيس
ولا يُقاس،
يهب
شركة ولا
يحتاج إلى
شركة،
يملأ
ولا يُملأ،
يحوى
ولا يُحوى،
يورث
ويمجد... مع
الآب والابن.
هو
أصبع الله،
نار كالله
(الآب)...
الروح
الخالق الذي
يخلق من جديد
بالمعمودية والقيامة.
هو روح
العالم بكل
شيء، يهب حيث
يشاء،
يرشد
ويتكلم ويرسل
ويفرز ويحزن،
يعلن
وينير
ويحييّ، أو
بالحري هو ذات
النور والحياة.
يخلق
هياكل ويؤله
(يعطي شركة مع
الله)،
يهب
كمالاً حتى
قبل العماد
(كما في حادث
كرنيليوس أع 10:
9)،
تطلبه
بعد العماد
كعطية... يفعل
فينا العمل الإلهي،
ينقسم
في ألسنة
ناريِّة
مُقسِّمًا
المواهب،
يقيم
الرسل
والأنبياء
والإنجيليين
والرعاة
والمعلمين.
يُفهم
بطرق متعددة،
واضح، وينخس
القلوب...[185]].
3.
أعمال المخلص:
"ولذّته
تكون في مخافة
الرب، فلا
يقضي بحسب نظر
عينيه ولا يحكم
بحسب سمع
أذنيه، بل
يقضي بالعدل
للمساكين،
ويحكم
بالإنصاف
لبائسي
الأرض، ويضرب
الأرض بقضيب
فمه، ويُميت
المنافق
بنفخة شفتيه"
[3-4].
أ.
يُقدم لنا
السيد المسيح
صورة حيّة عن
التعامل مع
الآخرين، وهي
ألا تقوم على
المظاهر الخارجية
المجردة،
وألا تكون حواسّنا
هي الحكم خاصة
الشم والنظر
والسمع.
يقول "لذته
His breath تكون في
مخافة الرب" [3].
حاسة الشم هي
أسرع حاسة في
حياة
الإنسان، يلزم
أن تمتص مع
بقية الحواس
بالمخافة
الإلهية. هنا
يجب أن نميز
بين ثلاثة
أنواع من
الخوف: خوف
العبيد، خوف
الأجراء،
وخوف البنين.
فالعبيد
يخافون
سادتهم لئلا
يقتلوهم،
والأجراء
يخافون
العاملين
لديهم لئلا
يحرموهم الأجر
أو المكافأة،
أما الأبناء
فيخافون لئلا
تجرح مشاعر
آبائهم. هذا
الخوف السامي
الذي يهبه روح
الرب لنا حتى
نهاب الله ليس
خشية العقوبة
ولا الحرمان
من المكافأة
وإنما لأننا
أبناء لا نريد
أن نجرح مشاعر
محبته.
ب. "لا
يقضي بحسب نظر
عينيه" [3]،
إنما حسب
الأعمال
الداخلية
بكونه فاحص
القلوب
والعارف
بالأفكار
والنيات. يأخذ
السيد المسيح
موقفًا
مضادًا لما
حدث في أيام
إشعياء إذ كان
القضاة
يحكمون حسب
الوجوه. هذه
الضربة "المحاباة"
كثيرًا ما
تُصيب
الملتزمين
بمسئوليات
قيادية، وقد
وقف الرب حازمًا
ضد هذا
الوباء، فكان
يوبخ
القيادات الدينية
التي أُصيبت
بالمحاباة
والرياء مثل الفريسيين
والصدوقيين
والكتبة،
بينما كان يدعو
الأطفال إليه
بلطف ويترفق
بالخطاة والعشارين.
ج. رفض
الوشايات
البشرية: "لا
يحكم بحسب سمع
أذنيه" [3].
د.
اهتمامه
بالمساكين
والبائسين
والمظلومين [4].
هـ. "ويضرب
الأرض بقضيب
فمه" [4]. جاء
رب المجد يضرب
بكلمته (قضيب
فمه) أو بسيف فمه
(رؤ 2: 16؛ 19: 6)، سيف
الكلمة ذي
الحدين (عب 4: 3) كل
من التصق
بمحبة
الأرضيات
فصار أرضًا.
غايته أن يُحطم
فينا محبة
الزمنيات
ليرفع كل
طاقاتنا نحو
السمويات.
جاء
لكي يُميت
الرياء
والنفاق
بروحه القدوس
(نفخة شفتيه)،
فيعيش
المؤمنون
بالروح القدس
العامل في
داخلهم دون أن
ينشغلوا
بالمظاهر الخادعة.
و. "ويكون
البر منطقة
متنيه
والأمانة
منطقة حقويه"
[5]. كان
الأغنياء في
الشرق يلبسون
منطقة مزركشة بالخيوط
الذهبية
كزينة علامة
العظمة والبهاء
ولكيما ترفع
الثوب
الفضفاض. أما
الفقراء خاصة
العبيد
فيلبسون
منطقة زهيدة
تساعد الانسان
على سرعة
الحركة في
خدمته لسيده
وضيوفه، كما
تستخدم
المنطقة
أثناء السفر
لرفع الثياب،
ويستخدمها
الجند... على أي
الأحوال جاء
ربنا يسوع
المسيح إلى
العالم ملكًا
روحيًا
يتمنطق بالبر
والأمانة
علامة غناه
وجماله بكونه
القدوس واهب
الحياة
القدسية،
وجاء كخادم
يتمنطق لكي
يغسل الأقدام
البشرية حتى
يُطهر كل من يقبل
إليه.
كثيرًا
ما يُشبّه
البر بالثوب
أو المنطقة،
إذ ببر المسيح
نستتر ونتحرك
للعمل والجهاد
(أى 29: 14؛ مز 109: 18، 19،
أف 6: 13- 17؛ رؤ 19: 8).
4.
سمات العصر
المسياني:
بعد أن
تحدث عن عمل
السيد المسيح
استطرد ليتحدث
عن العصر
المسياني،
مقدمًا لنا
صورة حية عنه
أبرزها اتسام
البشرية
المؤمنة
بالاتحاد معًا
في جسد واحد،
يحملون طبيعة
الحب والسلام،
فتختفي من
حياتهم كل
ثورة أو عنف
أو حب لسفك الدماء
والقتل أو
التخريب
والتدمير.
يصوّر
هذا العصر
قائلاً:
"فيسكن
الذئب مع
الخروف" [6]؛
لا يوجد تضاد
أعظم من هذا،
يسكن سافك
الدم مع الحمل
الوديع
العاجز عن الدفاع
عن نفسه. يعيش
صاحب القلب
الذئبي المحب
للافتراس مع
الإنسان
الوديع
كالحمل، يحملان
طبيعة جديدة
دستورها الحب
والوفاق. لم
يعد من كان
ذئبًا يهدد
الحمل، ولا
الحمل يخشى من
كان قبلاً من
فئة الذئاب،
إذ صار الكل
قطيعًا واحدًا
يحمل الخليقة
الجديدة التي
في المسيح
يسوع.
"ويربض
النمر مع
الجدي" [6].
الأول حيوان
يترقب
الفريسة
ليُهاجمها
غدرًا
والثانى يلهو
بلا اكتراث
فهو مثير
للنمر كي ينقض
عليه... لكن
طبيعة العنف
والافتراس قد
نُزعت عن
النمر ليربض
مع الجدي.
"والعجل
والشبل
والمسمن معًا
وصبي صغير
يسوقها" [7].
قطيع عجيب غير
متجانس، تحت
قيادة عجيبة.
من يتخيل
صبيًا صغيرًا
يقود عجلاً في
رفقته شبلاً
ومسمنًا! هذا
الصبي الصغير
يُشير إلى
القيادات
الروحية
الكنسية التي
تستطيع بروح
البساطة أن
تخلق بروح
الرب من
المؤمنين
القادمين من
أمم وشعوب
مختلفة
والذين
يحملون مواهب
متعددة قطيعًا
وديعًا يخضع
بورح الإنجيل
كما لصبي
صغير.
حقًا
إن القيادات
الوديعة-
كالصبي- التي
لا تعرف حب
السيطرة تعرف
أن تحول
الأشبال إلى
قطعان وذلك
بعمل روح
الرب.
"والبقرة
والدبة
ترعيان" [7].
يرى القديس
إكليمندس
الاسكندري[186] أن
البقرة تُشير
إلى اليهود
لأنها من
الحيوانات التي
تحت النير وهي
طاهرة حسب
الشريعة
بينما الدبة
تُشير إلى
الأمم
والشعوب
الوثنية إذ هي
مفترسة
(عنيفة) وبحسب
الناموس غير
طاهرة. وكأنه
من سمات العصر
المسياني أن
يجتمع أعضاء
من أصل يهودي
مع آخرين من
أصل أممي في
"رعية" واحدة،
تحت قيادة
الراعي
الواحد
الصالح.
لما
كانت الدبة مع
اتسامها
بالافتراس
إلاَّ أنها
بطيئة الحركة
لذا فإن
البقرة
الحلوب تُحسب
فريسة ثمينة
وسهلة تقدر
على افتراسها
دون أن تفلت
منها، على عكس
الثور الصغير.
مع هذا الإغراء
نجد مصالحة
عجيبة بينهما
وصداقة بينهما
كما بين
صغارهما، إذ
قيل: "تربض
أولادهما
معًا" [7]. هذا
ما حدث فعلاً
إذ جاءت
الأجيال
التالية في
كنيسة العهد
الجديد لا
تحمل تمييزًا
بين من هم من
أصل يهودي أو
أممي.
"والأسد
كالبقر يأكل
تبنًا" [7]، إذ
فقد طبعه
الوحشي
وتغيرت
طبيعته فصار
كالحيوان
المستأنس لا يطلب
لحمًا بل
تبنًا.
"ويلعب
الرضيع على
سرب الصل" [8]؛
لا يعود
الرضيع ينزعج
لأنه قد بطل
سم الصلِّ.
"ويمد
الفطيم يده
على جحر
الأفعوان" [8].
يمد الفطيم
يده إلى فم
الأفعوان ولا
يُصاب بشيء.
في
اختصار عمل
السيد المسيح
هو تغيير
الطبيعة
البشرية
الشرسة خلال
خدامه
المتسمين
بروح
الوداعة،
فتحمل
الكنيسة كلها
- خدامًا
ومخدومين -
روح الحب
والوحدة. بهذا
لا يُصيب
الكنيسة - جبل
قدس الرب -
فساد "لأن
الأرض تمتلىء
من معرفة الرب"
[9]، لا معرفة
فلسفية
عقلانية
بحتة، إنما
معرفة التلاقي
والاتحاد
والخبرة
العملية
للحياة الجديدة
في الرب. هذه
المعرفة
الروحية تملأ
حياة المؤمنين
كأمر طبيعي
تتحقق بتجسد
كلمة الرب
الذي جاء يُعرفنا
الحق، وبعمل
روحه القدوس،
فصارت المعرفة
تملأ الأرض "كما
تُغطي المياه
البحر" [9].
يقول رب المجد
نفسه: "إنه
مكتوب في
الأنبياء: ويكون
الجميع
متعلمين من
الله" (يو 6: 45؛ إش
54: 13؛ إر 31: 34؛ مى 4: 2؛
عب 8: 10؛ 10: 16).
يحدثنا
القديس
مقاريوس
الكبير عن
هذه المعرفة
الروحية
العملية،
قائلاً: [إذ
تتحد (النفس)
مع الروح
المُعزي
بألفة لا توصف،
وتختلط
بالروح
تمامًا تُحسب
أهلاً أن تصير
هي نفسها
روحًا،
باختلاطها
معه حينئذ
تصير كلها
نورًا وكلها
عينًا وكلها
روحًا وكلها
فرحًا وكلها
راحة وكلها
بهجة وكلها
محبة وكلها أحشاء
وكلها صلاحًا
ورأفات[187]].
5.
سلام بين
الشعوب:
أ. جاء
السيد المسيح
ليُقيم
ملكوته من كل
الأمم
والشعوب،
واهبًا
سلامًا
للمؤمنين
الحقيقيين "ويكون
في ذلك اليوم
أن أصل يسَّى
القائم راية للشعوب
إياه تطلب
الأمم ويكون
محله مجدًا" [10].
اقتبس الرسول
بولس هذه
النبوة عندما
تحدث عن تمجيد
الأمم لله من
أجل رحمته
عليهم (رو 15: 6، 12)
مبينًا أن
قوله "في ذلك
اليوم" تحقق
بمجيء المسيا الذي
ضم الأمم في
ملكوته. لقد
صار رب المجد
يسوع "راية"
تجمع حولها
أبناء الله
المتفرقين إلى
واحد (يو 11: 52)،
فصاروا رعية
واحدة لراعٍ
واحد. صار
السيد راية
تعلن الحب
الإلهي في
أعمق صوره
برفعه على
الصليب
باسطًا يديه
ليضم العالم
كله في أحضانه
(يو 12: 32)، كارزًا
بفرح إنجيل
الخلاص الذي
ردّ للإنسان
كرامته
الأولى
وغلبته على
قوات الظلمة،
فاتحًا لهم
أبواب
الفردوس.
يقول "إياه
تطلب الأمم"؛
إنه مشتهى
الشعوب، بحث
عنه
اليونانيون
(يو 12: 20-21)؛ وأرسل
قائد المئة
كرينليوس
الأممي إلى بطرس
لكي يسمع عن
السيد المسيح
(أع 10).
"ويكون
محله مجدًا"؛
جاء في
الترجمة
اليسوعية
"يكون مثواه
مجدًا"؛ لعله
يقصد أن صليبه
الذي كان
عارًا صار بقيامته
مجدًا، إذ صار
قبره الفارغ
مقدسًا للمؤمنين
فيه يدركون
حقيقة مسيحهم
واهب الحياة
والقيامة.
ب. ضم
السيد المسيح
إلى كنيسته
البقية التي
قبلت الخلاص،
وقد جاءت من
أماكن متفرقة
(أع 2؛ يع 1: 1؛ 1بط 1:
1)؛ لذلك يقول
النبي: "ويكون
في ذلك اليوم
أن السيد
يُعيد يده
ثانية ليقتني
بقية شعبه
التي بقيت من
آشور ومن مصر
ومن فِتْروس
(مصر العليا)
ومن كوش ومن
عيلام (مملكة
في شرق نهر
دجلة وشمال
شرقي الخليج
الفارسي) ومن
شنعار (سهل
بابل) ومن
حماة ومن
جزائر البحر"
[11]. تحققت هذه
النبوة في عيد
العنصرة
وأيضًا خلال
خدمة الرسل
وعبر
الأجيال،
وستتحقق مرة
أخرى بصورة
أوسع في
الأيام
الأخيرة
حينما يقبل اليهود
الإيمان
بالسيد
المسيح كقول
الرسول بولس
(رو 11: 11-27). في ذلك
اليوم ينضم
قابلوا
الإيمان
القادمون من
اليهود إلى
الكنيسة التي
سبق أن ضمت
الأمم ويكون
الكل أعضاء في
جسد واحد: "ويرفع
راية للأمم
ويجمع منفييّ
إسرائيل ويضم
مُشتتي يهوذا
من أربعة
أطراف الأرض"
[ 12].
يحاول
بعض المفسرين
أن يحسبوا ذلك
مجدًا لأمة
إسرائيل
بطريقة حرفية[188]، إنما هنا
إعلان عن مجد
الكنيسة التي
تضم من الأمم
واليهود معًا
تجمع الكل من
أقاصي المسكونة
إلى أقاصيها
دون تمييز في
الجنس... إذ يصير
الكل كنيسة
واحدة تحمل
راية مسيحها
الواحد.
ح.
يُقدم
الاتحاد الذي
تم بين
إسرائيل
(أفرايم)
ويهوذا عند
عودتهم من
السبي بعد أن
استحكمت
النزاعات بل
والعداوة
بينهما
قرونًا طويلة
صورة للاتحاد
بين الأمم
واليهود [13].
في
القديم كان
الفلسطينيون
وبنو المشرق
وأدوم وعمون
وموآب ومصر
مقاومين
للشعب لذا وهب
الله شعبه
إمكانية
النصرة عليهم
[14-16]، أما في العهد
الجديد فتكون
الغلبة لا
بانتصارات
حرببية وإنما بقبول
هذه الأمم
للإيمان
الحيّ فتصير
أدوات للبناء
لا للمقاومة
والهدم. الله
الذي سبق فحول
البحر لخلاص
شعبه إذ
أجازهم فيه
بعد أن فتح
لهم فيه
طريقًا
للعبور هكذا
يجفف كل
مقاومة في
قلوب الأمم
لينفتح طريق
الملكوت
المسياني.
بمعنى
آخر الذي أصعد
شعبه من مصر
مجتازًا بهم وسط
مياه البحر
الأحمر، هو
الذي يعبر بهم
من آشور بعد
السبي [16]، وهو
الذي يعبر
بالأمم إلى ملكوته
بالرغم من كل
العقبات
والصعوبات
التي تقف
أمامهم.
[182] Apology 1:32.
[183] للمؤلف: الروح القدس بين الميلاد الجديد والتجديد المستمر، 1981، ص 215.
[184] De Bapt. Christii.
[185] Oration 5 on the Holy Spirit, 29.
[186] Strom. 4:6.
[187] Hom. 18:10.
[188] Bultema, p. 149.