تسبحة
المفديين
اجتاز
إشعياء النبي
حالة الضيق
التي أصابت نفسه
بسبب ما بلغ
إليه الشعب من
فساد، الأمر
الذي لأجله
سمح الله
بتأديبه
بواسطة آشور
وتلامس مع عمل
الله الخلاصي
لا بإعادة
المسبيين إلى
يهوذا وإنما
ما هو أعظم:
ظهور ابن يسى
راية للأمم
يجمع بحبه
الفائق
مؤمنيه من كل
الشعوب
ليتمتعوا
بسلامه
السماوي. لم
يكن أمام النبي
إلاَّ أن
يُسجل على
لسان هؤلاء
المفديين بدم
المخلص تسبحة
مفرحة تعتبر
امتدادًا
للنبوة
الواردة في
الأصحاح
السابق التي
تشدو بمجد
المسيح وشخصه
وعمله
وملكوته
وشعبه.
1.
مراحم الله
وسط غضبه
[1].
2. يهوه
سر خلاصنا
وقوتنا
وفرحنا
[2-3].
3.
الشهادة
لأعمال الله
[4-6].
1.
مراحم الله
وسط غضبه:
"وتقول
في ذلك اليوم:
أحمدك يارب
لأنه إذ غضبت عليّ
ارتدَّ غضبك
فتُعزيني" [1].
تبدأ
الترنيمة
الجديدة التي
ينطق بها كل من
يتمتع بعمل
السيد المسيح
الخلاصي
بالكلمات: "وتقول
في ذلك اليوم".
أي يوم هذا؟
إنه يوم
الصليب أو يوم
الكفارة العظيم
الذي فيه نحمد
الرب الذي
حوّل الغضب إلى
خلاص وتعزية
ومجد. لقد
تجسم الغضب
الإلهي على
الخطية التي
نرتكبها بصلب
السيد المسيح
- كلمة الله
المتجسد -
ليرفعنا من
الغضب إلى
المجد. ظهرت
تعزيات الله
العجيبة إذ
حررنا لا من
السبي
البابلي وإنما
من أسر إبليس
وجنوده
وأعماله
الشريرة ليملك
البر فينا.
هكذا
نُقدم الحمد
والشكر لله لا
كالفريسي الذي
وقف في الهيكل
مفتخرًا على
الآخرين،
وإنما كاللص
اليمين
المطرود خارج
المحلة من أجل
خطاياه فيجد
في صحبته
المسيح الرب
مصلوبًا
لأجله، يفتح
له أبواب
الفردوس. هكذا
يرتد غضب الله
علينا إلى
تعزيات
سماوية إلهية
فائقة. في ذلك
اليوم صار هو
نفسه سلامنا (أف
2: 14)، وفيه صالح
الله العالم
لنفسه (2 كو 5: 19).
2.
يهوه سرّ
خلاصنا
وقوتنا وفرحنا:
"هوذا
الله خلاصي
فأطمئن ولا
أرتعب، لأنه
ياه يهوه قوتي
وترنيمتي،
وقد صار لي
خلاصًا، فتستقون
مياهًا بفرح
من ينابيع
الخلاص" [2-3].
اقتبست
الكنيسة
القبطية
جزءًا من هذه
التسبحة
لتنشدها للرب
المصلوب في
يومي خميس
العهد وجمعة
الصلبوت، وهو:
"قوتي
وتسبحتي (ترنيمتي)
هو الرب، وقد
صار لي
خلاصًا. الله
هو سر قوتنا
وتسبيحنا
وخلاصنا! في
وسط مشاركة الكنيسة
عريسها آلامه
تسبح وتنشد؛
أما تسبحتها
أو أنشودتها
فهو المسيح
نفسه، هو كل
شيء بالنسبة
لها.
بالمسيح
المصلوب
عرفنا الهتاف
(مز 89: 15)؛ هتاف الغلبة
على إبليس
وأعماله
الشريرة! هتاف
الخلاص الذي
به ننتقل من
الشمال إلى
اليمين ننعم
بشركة
الملكوت
السماوي المفرح.
بالصليب
تفجَّر ينبوع
دم وماء من
الجنب المطعون
لنتقدس
ونتطهر، ولكن
نشرب ونفرح،
إذ وجدنا
ينبوع خلاصنا
الأبدي.
هنا
يدعو الله "ياه
يهوه"؛ "ياه"
هي اختصار
للإسم "يهوه"،
وكأن التسبحة
تكرر هذا
اللقب الإلهي
"يهوه"
لتأكيد أنه
الله السمردي
غير المتغير،
يتكىء عليه
المؤمن فيجد
فيه قوته
وفرحه وخلاصه إلى
الأبد،
فيطمئن على
الدوام دون
تخّوف. وكما
يقول القديس
أغسطينوس: [إن
شئت أن يكون
فرحك ثابتًا
باقيًا،
التصق بالله
السرمدي، ذاك
الذي لا
يعتريه
تغيير، بل
يستمر ثابتًا
على حال واحد
إلى الأبد[189]].
3.
الشهادة
لأعمال الله:
يرى
البعض أن
العبارات
السابقة [1-3]
تمثل تسبحة مستقلة
عن العبارات
التالية [4-6]
التي تمثل تسبحة
ثانية. على أي
الأحوال إن
كانت الأولى
تعلن انبعاث
الحمد
والتسبيح في
النفس خلال
التمتع بخلاص
الرب، فإن
الثانية
مكملة لها
تعلن
الالتزام
بالشهادة لله
المخلص أمام الأمم.
فما نختبره
خلال اتحادنا
مع الله مخلصنا
يثير فينا
شوقًا نحو
تمتع الغير
بذات الخلاص. "وتقولون
في ذلك اليوم:
احمدوا الرب،
ادعوا باسمه،
عرِّفوا بين
الشعوب
بأفعاله،
ذكّروا بأن
اسمه قد
تعالى. رنموا
للرب لأنه قد
صنع مفتخرًا،
ليكن هذا
معروفًا في كل
الأرض. صوِّتي
واهتفي يا
ساكنة صهيون،
لأن قدوس
إسرائيل عظيم
في وسطك" [4-6].
كيف
نكرز بالرب؟
أ.
بالتبشير: "عرفوا
بين الشعوب
بأفعاله"،
وكما يقول
الرب
لتلاميذه:
"اذهبوا إلى
العالم أجمع
واكرزوا
بالإنجيل
للخليقة
كلها" (مر 16: 5). كل
مؤمن يلتزم
بالشهادة
لمخلصه، إذ
نرى المرتل داود
وهو يعلن
توبته في
المزمور
الخمسين يقول:
"امنحني بهجة
خلاصك فأعلم
الخطاة طرقك".
ب.
بالفرح
المقدس: "رنموا
للرب لأنه قد
صنع مفتخرًا،
ليكن هذا
معروفًا في كل
الأرض". ليست
شهادة للمخلص
أعظم من تلامس
الغير مع فرحنا
الداخلي
بالرب الذي
يجتاز كل
الأحداث والمتاعب.
يقول المرتل:
"حينئذ
امتلأت
أفواهنا
فرحًا
وألسنتنا
ترنمًا،
حينئذ قالوا
بين الأمم: إن
الرب قد عظم
الصنيع معنا"
(مز 26: 2).
صوت
التهليل
الداخلي يشهد
لسكني القدوس
فينا!
الفرح
المقدس يعلن
عن ملكوت الله
المفرح في داخلنا.
جاء في سيرة القديس
أبوللو
الكاهن
بطيبة على
حدود
هرموبوليس
(أشمونين)، أن
وجهه كان دائم
البشاشة،
مجتذبًا بذلك
كثيرين إلى الحياة
النسكية
كحياة مفرحة
في الداخل،
ومشبعة للقلب
بالرب نفسه.
كثيرًا ما كان
يُردد القول:
[لماذا نُجاهد
ووجوهنا
عابسة؟! ألسنا
ورثة الحياة
الأبدية؟
اتركوا
العبوس
والوجوم للوثنيين
والعويل
للخطاة
(الأشرار)،
أما الأبرار
والقديسون
فحري بهم أن
يمرحوا
ويبتسموا لأنهم
يستمتعون
بالروحيات[190]].
[189] للمؤلف: الروح القدس بين الميلاد الجديد والتجديد المستمر، 1981، ص 130.
[190]
للمؤلف: قاموس
آباء الكنيسة
وقديسيها، ج 1
1986، ص113