سقوط
بابل
يكمل
النبي حديثه
عن تأديب بابل
وغيرها من الممالك
المقاومة لله
ولشعبه،
موضحًا أن
غاية الله من
هذا التأديب ليس
سقوط بابل أو
غيرها إنما
تقديم راحة
لشعبه بعدما
تأدب بالسبي.
يُريد تأكيد
تحقيق وعود الله
وعهوده مع
شعبه الذي
أذلته بابل.
يظهر
الله كقائد
للمعركة ضد
بابل يقوم
بتخريبها،
لأنها
بعجرفتها
وكبريائها
تُشير إلى عدو
الخير إبليس.
أما ملكها فهو
أداة للشيطان
وممثل أو رمز
له.
1.
ترفق الله
بشعبه
[1-3].
2. هجو
على ملك بابل
[4-21].
3. خراب
بابل
[22-23].
4. خراب
آشور
[24-27].
5. خراب
فلسطين
[28-32].
1.
ترفق الله
بشعبه:
الله
الذي سمح
لشعبه
بالمذلة خلال
السبي البابلي
هو نفسه الله
الرحوم الذي
اختاره شعبًا
خاصًا له [1]. لقد
سبق أن أخرجه
من مصر وحرره
من فرعون وجاء
به إلى أرض
الموعد بذراع
رفيعة، والآن
يحقق خروجًا
آخر إذ يحرره
من السبي
ويرده إلى أرضه
ليس فارغًا
ولا في ضعف،
إنما في قوة
يجتذب الغرباء
إليهم
ليصيروا
دخلاء يُشاركونهم
ذات الإيمان
والعبادة؛
كما يهب شعبه
قوة فيسبون من
سبقوا أن
سبوهم،
ويتسلطون على
من سبقوا أن
ظلموهم؛ بهذا
يستريح الشعب
من التعب
والعبودية [4].
يرى القديس
يوحنا كاسيان أن
ما حدث قديمًا
مع هذا الشعب
إنما هو رمز
لما يحدث مع
المؤمن الذي
يتقبل "كلمة
الرب" القادر
أن يسير أمامه
ويحرره من جور
"الشهوات الشريرة"
وتسلطها على
جسده هذه التي
تأسره كما في
قضبان
الرذيلة
وتعزله عن
المعرفة
الخفية[200].
إننا
محتاجون إلى
عمل الله
الدائم معنا،
ليخرج بنا لا
من عبودية
فرعون ولا من
سبي
البابليين
إنما ليعتقنا
خلال الصليب
بروحه القدوس
من أسر
الخطية،
ينطلق بنا من
الظلمة إلى
النور، لنعيش
في حرية مجد
أولاد الله .
هذه
الصورة
الرائعة
لمحبة الله
نحو مؤمنيه تعلن
بقوة في طقس
المعمودية
حيث يخلع
الإنسان ثياب
العبودية
والأسر
ويعترف أنه
يجحد الشيطان
وكل جنوده
ويرفض
عبوديته
الداخلية،
متقبلاً الدهن
المقدس ليحمل
بهاء الروح
فيه... ينزل إلى
المعمودية
ليتمتع
بالعضوية في
جسد المسيح
فيصير قادرًا
على الحياة
الجديدة
الغالبة للموت
والظلمة،
ليُسبح الله
قائلاً:
"بنورك يارب نعاين
النور" (مز 36: 9).
v يدهن
الله ملامحكم
ويختم عليها
بعلامة
الصليب. بهذه
الطريقة يكبح
الله كل جنون
الشرير، فلا
يجسر إبليس
على التطلع
إلى منظر
كهذا، إذ
يُصيب عينيه
العمى بالتطلع
إلى وجوهكم،
ويكون كمن
يتطلع إلى أشعة
الشمس فيثب
هاربًا...
لتعرفوا
مرة أخرى أن
الله بنفسه هو
الذي يدهنكم
خلال يد
الكاهن، وليس
إنسان. أصغ
إلى كلمات
بولس القائل:"
الله هو الذي
يثبتكم في
المسيح الذي
مسحنا".
بعد أن
يدهن كل
أعضائكم بهذا
الدهن تصيرون
في أمان
قادرين أن
تُفحموا
الحية ولا
يصيبكم ضرر.
v في كمال
ظلمة الليل
يخلع الكاهن
ثوبك كمن
يقودك إلى
السماء عينها
خلال الطقس،
ويدهن كل جسدك
بزيت الزيتون
الذي للروح
لكي تكون
أعضاؤك قوية
لا تغلبها
السهام التي
يوجهها العدو
ضدك .
القديس
يوحنا الذهبي
الفم[201]
2.
هجو على ملك
بابل:
يتحدث
النبي باسم
الشعب
المتحرر من
سلطان بابل
فيهجو ملكها
واصفًا إياه
هكذا:
أ. "الظالم"
[4]. إن كانت
بابل قد دُعيت
مدينة الذهب
بسبب غناها
الفاحش، فإن
هذا الغنى قد
تحقق خلال ظلم
ملكها
وغطرسته؛ هذا
الظلم لن
يدوم، وهذه
الغطرسة لابد
أن تنكسر: "كيف
باد الظالم
بادت
المغطرسة. قد
كسر الرب عصا
الأشرار قضيب
المتسلطين" [4-5].
في كل
عصر يوجد من
يظلم بغطرسة
مقاومًا الحق
ومضطهدًا
أتقياء الرب،
لكن الظلم
ينتهي والمُذلين
يرتفعون. هذا
ما حدث في
أيام القديس
يوحنا الذهبي
الفم حين
قاوم
أتروبيوس
الكنيسة
وألغى حقها في
حماية
اللاجئين
إليها، وبسبب
سوء تصرفاته واستغلاله
للسلطة ثار
الجيش عليه
وطلب إعدامه،
فلجأ إلى
الكاتدرائية
التي كانت
بالقرب من
القصر، وذهب
إلى المذبح
وتعلق
بالعامود، وظن
الشعب أن ذهبي
الفم ينتقم
لنفسه
وللكنيسة منه
لكن القديس
رفض معلنًا
رحمته ومحبته
حتى للأعداء[202]... انتهي
الأمر بهروبه
من الكنيسة
وقتله بالسيف
في خلقيدونية.
وقد جاء في
عظته الثانية
على أتروبيوس
ما يكشف عن
ضعف كل ظلم
بالنسبة لأولاد
الله .
[من
يُريد
فليطردني
خارجًا، ومن
يُريد فليرجمني
وليبغضني؛
فإن دسائس
الأعداء ضدي هي
الدعامات
لنوال إكليل
النصرة،
وكثرة جزاءاتي
تتوقف على عدد
جراحاتي.
لهذا
لا أخاف من
مؤامرات
الأعداء،
إنما أخاف أمرًا
واحدًا وهو
الخطية. فإن
كان أحد لا
يقدر أن
يجبرني على
الخطية فليقم
العالم كله
بحرب ضدي، لأن
مثل هذه الحرب
تجعلني
بالأكثر
ممجدًا.
أُريد
أن ألقنك
درسًا وهو ألا
تخاف من
خداعات ذوي
السطوة، لكن
خف من سطوة
الخطية. لا
يضرك أحد إن
لم تضر أنت
نفسك بنفسك.
إن كنت
لا تخطىء فإن
عشرات الألوف
من السيوف تهددك،
لكن الله
ينتشلك منها
حتى لا تقترب
إليك. ولكنك
إن كنت ترتكب
شرًا فإنك وإن
كنت داخل
فردوس
فستُطرد منه].
ب. "الضارب
الشعوب بسخطٍ
ضربة بلا
فتور، المتسلط
بغضب على
الأمم
باضطهاد بلا
إمساك" [6]. لم
يتوقف عن
الضرب لذا كسر
الرب عصاه؛
ولم يمسك عن
اضطهاد
الشعوب، يكتم
أنفاس الناس
ويحجر على
حريتهم، لهذا
استحق أن يسقط
في مذلة. وكما
قيل: "كما فعلت
يُفعل بك،
عملك يرتد على
رأسك" (عو 15).
بسبب
هذه السمات
عندما سقطت
بابل استراحت
الأرض وهتفت
ترنمًا [7]،
وقيل ليعقوب: "ويكون
في يوم يريحك
الرب من تعبك
ومن انزعاجك ومن
العبودية
القاسية التي
استعبدت بها"
[3]. تحققت هذه
الراحة
جزئيًا بعودة
الشعب من
السبي، لكن
"بقيت راحة
لشعب الله" (عب
4: 9)، هي الدخول
إلى الحياة
الجديدة التي في
المسيح يسوع
بكونه "سبتنا
الحقيقي" و
"راحتنا
الأبدية".
يحاول
أصحاب الفكر
الألفي أن
يفسروا هذه
الراحة
بكونها تمتع
بهذا الحكم
الألفي حيث
يطلبون راحة
زمنية على
الأرض تحت حكم
المسيح
بطريقة مادية[203]، غير أن
الذي ذاق راحة
المسيح
وتعزيات
الروح القدس
يدرك بحق كيف
نال راحة
فائقة في هذا
العالم هي
عربون الراحة
السماوية.
v كل
البشر رأوا
الله قد خطب
طبيعتنا،
والشيطان رأى
ذلك وتقهقر.
رأى العربون
وارتعب
منسحبًا، رأى
ملابس الرسل فهرب
(أع 19: 11). يا لقوة
الروح القدس!...
تأمل
ماذا فعل
الروح؟ لقد
وجد الأرض
مملوءة من
الشياطين
فجعلها سماءً.
القديس
يوحنا الذهبي
الفم[204]
لقد
أدرك الآباء
أن التمتع
بالعماد هو دخول
إلى الراحة،
وتذوق للحياة
الفردوسية:
v ها
أنتم الآن في
بهو القصر،
ستُقادون
حالاً للملك[205].
v حالاً
سيُفتح
الفردوس لكل
واحد منكم[206].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
بسقوط
بابل شمت
السرو (الملك)
وأيضًا أرز
لبنان
(الرؤساء)؛ قائلين:
"منذ
اضطجعتَ لم
يصعد علينا
قاطع" [8]،
بمعنى منذ
نمتَ في القبر
لم تعد توجد
يد تؤذينا؛
فقد اعتاد
الأعداء أن
يقطعوا
الأشجار في
الحروب
لمقاومة
البلاد التي
يستولون عليها
ولاستخدامها
كوقود، أو
للبناء كما
فعل نبوخذ
نصر... على أي
الأحوال، فإن
الحروب مبددة
للموارد
الطبيعية.
لقد
اضطجع السيد
المسيح على
الصليب
بالجسد لكن
الذي تحطمت
قوته وصُلبت
إمكانياته هو
إبليس... فصرنا
بالصليب
أحرارًا من
عبودية
العدو،
قادرين أن
ندوس على قوته
تحت أقدامنا.
يقول القديس
يوحنا الذهبي
الفم: [لا تخف
من الشيطان
حتى ولو كان
روحًا بلا جسد،
فليس شيء أضعف
منه[207]].
لم يقف
الأمر عند
استهزاء
الملوك بملك
بابل، إنما
يصوره النبي
وهو منحدر في
الهاوية يستقبله
ملوك الأرض
والعظماء -
ربما الذين
سبق أن
اضطهدهم -
يقومون عن
كراسيهم في الهاوية
لا لتكريمه
وإنما
للاستهزاء به
وللسخرية
منه، لكي يجلس
على كراسيهم
كما فعل وهو على
الأرض. يقولون
له باستخفاف:
"أأنت
أيضًا قد ضعفت
نظيرنا وصرت
مثلنا؟!" [10]؛
كنا نحسبك
إلهًا خالدًا
كما ادعيت،
ولم نتخيل أنك
تموت في مذلة
مثلنا!
"أهبط
إلى الهاوية
فخرك رنة
أعوادك؟! تحتك
تُفرش الرمة،
وغطاؤك الدود"
[11]. كنت تفترش
الحرير
وتتطيب بأثمن
الأطياب، فكيف
نزلت إلى
الهاوية
كمخدع لك
تفترش الرمة
وتتغطى
بالدود؟
"كيف
سقطت من
السماء يا
زهرة بنت
الصبح؟! كيف قُطعت
إلى الأرض يا
قاهر الأمم؟!
وأنت قلت في
قلبك: أصعد إلى
السموات،
ارفع
كُرسيِّيَ
فوق كواكب الله،
وأجلس على جيل
الاجتماع في
أقصي الشمال،
أصعد فوق
مرتفعات
السحاب، أصير
مثل العلي" [14].
لقد
تشبهت بإبليس
سيدك الذي كان
كوكبًا عظيمًا
ومرموقًا بين
السمائيين
"زهرة بنت الصبح"،
فتشامخ على
الله خالقه،
وظن أنه يقدر
أن يرتفع على
مستوى الله
نفسه بل ويصير
أعظم منه،
فسقط ليصير
ظلامًا عوض
النور إذ عزل
نفسه بنفسه عن
الله مصدر
النور. أردت
أن تجلس على
جبل صهيون (مز 48:
2)، جبل الله
المقدس، حسبت
نفسك كالله في
العظمة
فتعاليت فوق
السحاب!
هذا هو
سر هلاك ملك
بابل، سقوطه
في الكبرياء وتشامخه
لا على الملوك
المحيطين به
فحسب وإنما
حتى على الله
نفسه، فصار
أداة للشيطان
يحمل سمته
"الكبرياء"؛
هذه هي خطية
أبوينا الأولين
حين كانا في
الفردوس؛
وأيضًا خطية
ملك صور الذي
صار رمزًا
للشيطان (حز 28:
12-16)، وأيضًا سمة
الدجال أو ضد
المسيح أو
إنسان الخطية
إذ قيل عنه:
"المقاوم
والمرتفع على
كل ما يُدعى
إلهًا أو
معبودًا حتى
أنه يجلس في
هيكل الله
كإله مظهرًا
نفسه أنه إله"
(2 تس 2: 3-4).
يقول القديس
يوحنا كاسيان:
[كان
كبرياء القلب
وحده كفيلاً
أن يطرح من
السماء إلى الأرض
بقوة عظيمة
هكذا متحلية
بسمات قديرة كهذه؛
فإن سقوط
(إبليس)
العظيم جدًا
يلزمنا أن ندرك
أي حذر
يجب
أن نكون عليه
نحن المحاطون
بضعف الجسد من
كل جانب...
لقد
أنتفخ فظن أنه
في غير حاجة
إلى العون
الإلهي
ليستمر في
النقاوة التي
كان عليها،
وظن في نفسه
أنه يشبه الله
. بهذا حسب أنه
غير محتاج إلى
أحد، متكلاً
على قوة
إرادته
الذاتية التي
بها يقدر أن
يمد نفسه بكل
ما هو ضروري
لتحقيق
الفضيلة
واستمرارية
البركة
الكاملة. هذا
الفكر وحده هو
علة سقوطه
الأول[208]].
"هكذا
إذ يعرف الله
الخالق طبيب
الكل أن
الكبرياء هي
علة كل الشرور
ورأسها لهذا
يحرص أن يُشفي
الضد بالضد،
فما هلك بواسطة
الكبرياء
يُصلح بواسطة
الاتضاع"...
يقول واحد: "أصير
مثل العلي" [14]،
أما الآخر: "إذ
كان في صورة
الله لم يحسب
خلسة أن يكون
معادلاً لله،
لكنه أخلى
نفسه آخذًا صورة
عبد... وضع نفسه
وأطاع حتى
الموت موت
الصليب" (في 2: 6-8).
يقول واحد: "أرفع
كُرسيِّيَ
فوق كواكب
الله"،
بينما يقول
الآخر:
"تعلموا مني،
لأني وديع ومتواضع
القلب" (مت 11: 28).
واحد يقول:
"أنهاري هي لي
وأنا أصنعها"
(حز 29: 3 Lxx) والآخر:
"لست أفعل
شيئًا من نفسي
لكن الآب
الحال في هو
يعمل
الأعمال" (يو 5:
30، 14: 10)[209]].
يقول القديس
مار إفرآم
السرياني: [في
الإنسان
المتواضع
تستريح روح
الحكمة]، [إذ
ظهرت في أعين
اخوتك كالذهب
النقي فاحسب
نفسك مثل إناء
لا يُحتاج
إليه، فتفلت
من الكبرياء
الممقوتة من
الله والناس]،
[المتكبر مثل
شجرة مرتفعة
وبهِّية لا
ثمر فيها...
والحسود مثل
ثمر بهي من
ظاهره وتالف
من داخله[210]].
هكذا
تُحدد
الكبرياء
الإنسان إلى
الهاوية، لذا
يُحدث النبي
ملك بابل
قائلاً: "انحدرتَ
إلى الهاوية
إلى أسافل
الجب" [15]. لقد
سقطت من قمة
جبل أحلامك،
وهبطت من سحاب
خيالك، لتعيش
في الهاوية مع
إبليس سيدك.
أين
جبروتك يا من
زلزلت الأرض
وزعزعت
الممالك [16]
ببطشك؟! حولت
العالم إلى
قفر وهدمت
المدن لكي
تسبي سكانها
[17]؟!
أين
عزك ومجدك؟
فإن كل ملوك
الأرض اضجعوا
بالكرامة،
حتى أولئك
الذين
أذللتهم
وعذبتهم، فقد
ماتوا في
بيوتهم
ورُفعت صلوات
عنهم وحنطت
بعض أجسادهم،
"وأما أنت
طرحت من قبرك
كغصن أشنع"
(توجد بعض
النباتات
سامة جدًا
وبعضها يضر الجلد
لذا متى سقط
منها فرع في
الخلاء لا
يجسر أحد أن
يقترب إليه)،
كلباس القتلى
المضروبين
بالسيف
الهابطين إلى
حجارة الجب
(أي بلا قيمة،
لا يُفكر أحد
فيك كما لا
يُفكر أحد في
ثياب قتلى
الحرب أثناء
المعركة)، كجثة
مدوسة (يطأها
الإنسان تحت
قدميه)" [19].
هذه
النبوة تُشير
إلى ذبح
بليشاصَّر
ليلة دخول
الماديين
بابل حيث لم
ينشغل أحد
بجثمان الملك
وسط الخراب
الذي حل
بالمدينة.
هكذا
فقد ملك بابل
كل شيء، بل
وقُتل شعبه
وبنوه [20-21]
بكبرياء
قلبه؛ خسر
المدينة
الملوكية والنسل
الملوكي.
3.
خراب بابل:
بسبب
الكبرياء
ينتزع الله من
بابل اسمها،
ولا يترك فيها
بقية ولا
ذُرية (إر 51: 62)،
لتكون مثلاً
أمام العالم كله.
تصير خرابًا
(إش 13) يسكنها
القنفذ وآجام
مياه [23].
يرى
بعض الدارسين
أن القنفذ هنا
"قفد بالعبرية"
لا يقصد به
حيوان القنفذ
المعروف
بشوكه الطويل
وإنما طائر من
الطيور التي
تأوى إلى الأماكن
المهجورة،
وحجتهم في هذا
أن القنفذ لا
يأوى إلى آجام
المياه، غير
أن القائلين
بأن ترجمة
"قفد" تعني
حيوان القنفذ
يقولون بأن
الخراب يحل
بالبلد فيصير قسم
منها آجام
مياه والآخر
مأوى للقنفذ.
على أي
الأحوال فإن
المدينة
الملوكية
العظيمة تتحول
إلى مسكن سواء
للحيوانات أو
الطيور التي
تسكن القفر،
وتُحسب دنسة
مملوءة
رجاسات، تحتاج
إلى الكنس
بمكنسة
الهلاك، أي
الإبادة التامة
للخلاص من
رجاساتها،
حتى لا تفسد
من حولها.
4.
خراب آشور:
يذكر
النبي ما سيحل
بآشور
وفلسطين لكي
يتأكد السامعون
صدق النبوة
الخاصة ببابل
والتي ستتم
بعد حوالي 200
عامًا من
إعلانها.
لقد
تعدى آشور أرض
يهوذا بلا
مبرر، وجدف
على الله،
لهذا يسمح له
الله بالدخول
إلى أرض يهوذا
وجبالها
بكونها أرض
الله وجباله
وهناك يُحطمه،
في المواضع
المقدسة التي
انتهكها [24-25]، فتصير
آشور مثلاً
أمام كل الأمم
التي تفكر في
الاعتداء [26].
يكشف
الله عن خطته
في تأديبه
للأشرار، ألا
وهي أنه يتركهم
يُتممون
إرادتهم
الشريرة
بكامل حريتهم،
فيجنون ثمر
شرهم فسادًا
وهلاكًا، كأن
الخطية تحمل
عقوبتها فيها
كما أن الحياة
المقدسة في
الرب تحمل
مجدها داخلها.
لهذا قيل: "قد
حلف رب الجنود
قائلاً: إنه
كما قصدتَ
يصير وكما
نويتَ يثبت" [24].
5.
خراب فلسطين:
"في
سنة وفاة
الملك آحاز
كان هذا
الوحي: لا تفرحي
يا جميع
فلسطين لأن
القضيب الضار
بك انكسر،
فإنه من أصل
الحية يخرج
أفعوان،
وثمرته تكون
ثعبانًا
سامًا طيارًا"
[28-20].
كانت
فلسطين في ذلك
الحين مكونة
من عدة إمارات،
لهذا يُخاطبها
قائلاً: "يا
جميع فلسطين".
يطلب منها ألا
تفرح لأن
القضيب الضار
بها قد انكسر.
يرى البعض أن
هذا القضيب هو
تغلث فلاسر
الذي استولى
على مدن
فلسطينية،
وقد مات قبل آحاز
بسنة أو
سنتين،
فسيخلفه
شلمناصَّر
وسرجون
وسنحاريب وهم
أشر منه.
يرى
غالبية
الدارسين أن
القضيب
المكسور هو
عزيا الذي ضرب
الفلسطينيين
بقسوة ففرحوا
بموته (2 أى 26: 6).
وأن أصل الحية
هو بيت داود
حيث يأتي
حزقيا الملك
الذي ضربهم
ضربة أقسى من
عزيا جده (2 مل 18:
8)، واستعبدهم.
أما
الحية
الطائرة فهي
مثل الحية النحاسية
التي رفعها
موسى في
البرية، ترمز
لشخص السيد
المسيح
المصلوب،
الحامل سم
خطايانا في
جسده ليبيده
بموته
المحييّ. هكذا
ينتقل النبي
من خلاص شعب
الله من
الأعداء
البشريين إلى
خلاصهم
الأبدي من
إبليس عدو
الخير وذلك خلال
الصليب.
يعلن
النبي أن
فلسطين تواجه
مجاعة قاسية
[30]، وحربًا
مدمرة فتتحول
مدنهم إلى دخان
بينما في
النهاية يحمي
الرب شعبه
ويترفق ببائسيه
[32].
الله -
في صلاحه – لا
يمنع الشر ولا
يلزم الأشرار
على التوبة،
لكنه في
النهاية
يُتمم خطة خلاصه
لمؤمنيه
المتكلين
عليه، محولاً
كل الأمور
لبنيانهم.
[200] Institutionss 5:2.
[201] Whitaker: Documents of the Baptismal Liturgy, p. 37, 40.
[202] للمؤلف: الكنيسة تحبك، للقديس يوحنا الذهبي الفم، 1968 المقدمة.
[203] Bultema, ch. 14.
[204] On Eutropius, hom. 2.
[205] PG. 33:333A.
[206] PG. 33:357A.
[207] هل للشيطان سلطان عليك؟ للقديس يوحنا الذهبي الفم، ص62.
[208] Institutions 12:4.
[209] Ibid 12:8.
[210] القمص سمعان السرياني: سيرة وأقوال مار آفرام السرياني، 1988، ص 132-133.