خضوع
موآب ليهوذا
في
أيام حزقيا
يُقدم إشعياء
النبي مشورة
لموآب أن تفي
بالجزية التي
تعهدت بها
أمام يهوذا فترسل
إليه حملان،
وهي جزية
مناسبة لأن
موآب مشهورة
بقطعانها (عد 32:
4). قدمت موآب
فيما بعد جزية
أيضًا
لإسرائيل (2 مل 3:
4). بهذه
المشورة
تتمتع موآب
بالحماية عوض
أن تصير كطائر
تائه لا يجد
عشًا. وإذ خشى
النبي ألا تقبل
موآب مشورته
كشف لها
جراحاتها
المهلكة ألا
وهي الكبرياء.
هذه
دعوة مقدمة
لكل نفس كي
تخضع للسيد
المسيح الملك
الخارج من سبط
يهوذا، لكي
تقدم حياتها كحمل
ذبيح من أجل
الرب، فتنعم
بالسلام
الداخلي عوض
أن يُحطمها
جحود الإيمان
والكبرياء.
1.
مشورة للخضوع
ليهوذا
[1-5].
2.
الكبرياء
محطم
للإنسان
[6].
3. ولولة
على
موآب
[7-14].
1.
مشورة للخضوع
ليهوذا:
سبق أن
رأينا قلب
إشعياء النبي
يتحرك بحنان شديد
نحو موآب فصار
يصرخ من
أجلهم. الآن
يُقدم للموآبيين
مشورة صالحة
لإصلاح حالهم
وتمتعهم
بعلاقات طيبة
مع بني يهوذا
وتذوقهم
للسلام
والحماية،
بتقديم
الجزية
(حملان)
لحزقيا
الملك؛ كرمز
لدعوة الأمم
إلى الخضوع
للسيد
المسيح،
الأسد الخارج
من سبط يهوذا،
فإنه لا سلام
ولا حياة
أبدية دون
قبوله ملكًا
في حياتنا
الداخلية.
في
نهاية
الأصحاح
السابق قيل:
"على الناجين
من موآب أسدًا
وعلى بقية
الأرض" (إش 15: 9)،
ويرى البعض أن
الأسد ربما
يكون حزقيا،
أو السيد المسيح
الأسد الخارج
من سبط يهوذا
ليملك على
الأمم روحيًا[218].
يتقدم
النبي نفسه
ليعلن
استعداده أن
يكون وسيطًا
أو شفيعًا لدى
يهوذا عن
موآب،
مطالبًا الموآبيين
بدفع الجزية: "أرسلوا
خرفان حاكم
الأرض من سالع
نحو البرية
إلى جبل ابنة
صهيون، ويحدث
أنه كطائر
تائه كفراخ
منفّرة تكون
بنات موآب في
معابر أرنون"
[1-2].
"سالع"
Sala
اسم عبري
معناه
"صخرة"، دعاة
اليونانيون
بترا Petra والتي
تحمل ذات
المعنى، إذ هو
موقع حصين في
أرض أدوم؛ كان
الأدوميون
يهربون إليه
أثناء الحصار
العسكري
كقلعة طبيعية
حصينة لا
تُقهر، لأنها
قائمة على قمة
جبل (عو 2)،
تُسمى حاليًا
أم البيَّارة.
كأن
النبي يدعو
الموآبيين
الذين
التجاؤا إلى
أدوم وتحصنوا
في سالع أن
يتقدموا مع
بقية الموآبيين
الذين في
البرية
ليهوذا، وأن
يقدموا
الحملان في
أورشليم "جبل
ابنة صهيون".
إنها
دعوة لكل
إنسان ألا يظن
في الذراع
البشري أو
الإمكانيات
الطبيعية
ملجأ له. إنما
يكمن سلامه في
بلوغه
أورشليم،
وتقديم حياته
ذبيحة حب لابن
داود، الأسد
الخارج من سبط
يهوذا. جاء
الأسد كحمل
ليصلب خارج
أورشليم حتى
نتقدم نحن
كحملان -
ذبائح حية -
نُشاركه
آلامه، فندخل
إلى أورشليمه
السماوية.
v "فأطلب
إليكم أيها
الإخوة برأفة
الله أن تقدموا
أجسادكم
ذبيحة حية
مقدسة مرضية
عند الله عبادتكم
العقلية" (رو 12:
1)...
ربما
يُقال: كيف
يصير الجسد
ذبيحة؟ دع العين
لا تنظر الشر،
فتصير ذبيحة!
لا ينطق لسانك
بدنس فيصير
ذبيحة! لا
تمارس يدك
عملاً محرمًا
فتصير محرقة
كاملة!... بهذا
لا نحتاج إلى
سكين أو مذبح
أو نار،
بالحرى نحتاج
إلى هذه كلها لكنها
ليست مصنوعة
بالأيدي،
إنما تأتينا
من فوق. نحتاج
إلى نار
علوية، وسكين
كهذه؛ مذبحنا
هو اتساع
السماء.
إن كان
إيليا إذ قدم
ذبيحة منظورة
نزلت نار من
فوق التهمت كل
الماء والخشب
والحجارة،
فكم بالأكثر
يحدث هذا
بالنسبة لك؟!
القديس
يوحنا الذهبي
الفم[219]
v أحضر
تقدماتك ...
تقدمات نفسك!
القديس
جيروم[220]
خارج
السيد المسيح
يرى النبي
بنات موآب
تعبرن نهر
أرنون كطائر
تائه ليس له
عش يستقر فيه،
أو كفراخ
منفرة تفتقر
إلى ظل
الجناحين
والدفء
والحماية [2]،
أما بقبوله
فنصير تحت
جناحي صليبه،
نجد راحتنا
وسلامنا
وشبعنا
الداخلي.
يُقدم
النبي أيضًا
مشورة لشيوخ
يهوذا، مطالبًا
إياهم أن
يستقبلوا
الموآبيين
اللاجئين إليهم
ليقدموا لهم
ظلاً وسط
الظهيرة،
فيصير لهم
الوقت كأنه
ليل للراحة من
شمس التجارب
والضيقات؛
وأن يستروا
المطرودين
والهاربين إليهم
بدون خداع،
فلا يسلموا
عبيدًا
للأعداء [3-4].
يليق
برجال يهوذا
أن يحملوا
رمزًا للسيد
المسيح
الملجأ
الحقيقي،
فيفتحوا
قلوبهم ومدنهم
للهاربين،
ويستقبلوهم
بإخلاص؛ بهذا
تعلن مملكة
المسيح
القائمة على
كرسي الرحمة
أبديًا: "فيثبت
الكرسى
بالرحمة،
ويجلس عليه
بالأمانة في
خيمة داود
قاضٍ ويطلب
الحق ويبادر
بالعدل" [5].
هكذا
يُقدم لنا
النبي نصًا
مسيانيًا،
معلنًا أن
الكنيسة -
خيمة داود - هي
موضع النجاة،
يملك فيها
المسّيا
ليجتذب الأمم
إليه فيجدوا
فيه الحق
ويتمتعوا
بالمراحم
الإلهية،
مترنمين:
"العدل والحق
قاعدة كرسيك؛
الرحمة
والأمانة
تتقدمان
وجهك... لأن
الرب مجننا
وقدوس
إسرائيل
ملكنا" (مز 89: 14، 18).
2.
الكبرياء
محطم للإنسان:
قدم
إشعياء النبي
المشورة
الصالحة
لموآب، كما
قدم دانيال
النبي مشورته
أيضًا لنبوخذ
نصَّر (دا 4: 27)...
وقد كشف في
نفس الوقت عن
ضعفهم الروحي
أي الكبرياء
كعائق لهم عن
قبول المشورة.
"قد سمعنا بكبرياء
موآب
المتكبرة
جدًا عظمتها
وكبريائها
وصلفها بُطل
افتخارها" [6].
لقد سمع النبي
عن كبرياء
الموآبيين
وتشامخهم
الزائد
وكلماتهم
الفارغة
(الباطلة)!
الكبرياء
محطم للإنسان
كما للأمم،
يحرم صاحبه من
قبول المشورة
الصالحة،
ويفقده
التمتع بنعمة
الله ورحمته.
3. ولولة
على موآب:
لم
يسمع قادة
موآب لصوت
إشعياء النبي
بسبب كبريائهم
واعتدادهم
برأيهم لهذا
سقطوا تحت العقوبات
المُرّة
واستحقوا
الويلات التي
يُلاحظ فيها
الآتي:
أ. حدوث
ولولة شاملة: "لذلك
تولول موآب
على موآب كلها
يولول" [7]؛ إذ
صارت الولولة
سمة عامة في
كل موآب.
ب. شملت
الولولة أكبر
المدن مثل قير
حارسة [7] التي
ضُربت،
وأيضًا
الحقول التي
ذبلت كحقول حشبون
وكرمة سبمة Sibmah
ويعزير [8-9]؛
شملت المدن
والقرى؛
المتعلمين والجهال،
الأغنياء
والفقراء
الخ...
اشتهرت
حشبون وسبمه
ويعزير بغنى
كرومها.
ج.
تحولت أفراح
الحصاد إلى
بكاء ونوح؛
عوض صيحات
العيد
المبهجة
سُمعت صرخات
المعركة
المُرّة [10].
د.
انطلق
الموآبيون
إلى المرتفعة
للصلاة في هيكل
الإله كموش
بلا جدوى [12].
هـ.
تحدد ميعاد
العقوبة
بثلاث سنوات
خلالها تنهار
موآب أمام
سنحاريب ملك
آشور، ويذل
الموآبيين
ويتحطم مجدهم
[14].
هذه هي
نهاية
الإنسان
المتكبر،
يصير كموآب تحل
الولولة
بحياته ككل،
في الأمور
الكبيرة وأيضًا
الصغيرة، لا
يعرف الفرح
الداخلي ولا بهجة
القلب،
أعياده تتحول
إلى أحزان،
عبادته تكون
بلا نفع،
ينهار يومًا
فيومًا ليفقد
مجده تمامًا.
وسط
هذه الصورة
القاتمة يكشف
إشعياء النبي
عن جانبين
مبهجين: الأول
مشاركة النبي
بنى موآب
متاعبهم، إذ
يقول: "لذلك
ترن أحشائي
كعود من أجل
موآب وبطني من
أجل قير حارس"
[11]. لا تحتمل
أحشاؤه
الداخلية أن
تنظر نفوسًا
متألمة حتى
وإن كانت
آلامها ثمرة
خطاياها.
الجانب
الثاني وجود
بقية قليلة
جدًا وضعيفة
للغاية [14]، ففي
القديم تمتعت
راعوث الموآبية
بالخلاص، إذ
جاءت تحتمي
تحت ظل الله، وفي
العهد الجديد
جاء الأمم إلى
الإيمان ليتمتعوا
بالحياة
الجديدة في
المسيح يسوع.
[218] Cf. Bultema, p. 177.
[219] In Rom, hom 20.
[220] On Ps, hom, 23.