كوش
تقدم هدية
الله
يعتبر
هذا الأصحاح
من أكثر
الأصحاحات
غموضًا في
الكتاب
المقدس. يرى
قلة من
الدارسين أن
الحديث هنا
يخص آشور أما
الغالبية
فترى أن
الحديث أما
الغالبية
فترى أن
الحديث إما
يخص مصر أو
أثيوبيا. وقد
رفض البعض
نسبته إلى مصر
بحجة أن الوحي
الخاص بمصر جاء
في الأصحاح
التالي
مبتدئًا
بالقول "وحي
من جهة مصر"
(إش 19: 1).
يُقصد
بكوش جنوب
مصر، حاليًا
النوبة
والسودان
وأثيوبيا،
وكان ملكها
القدير
ترهاقة (2 مل 19: 9)
قد ملك على
كوش ومصر؛ هذا
بعث برسل على
سفن صغيرة
مصنوعة من حلف
البردي إلى
يهوذا طالبًا
التحالف معه
ضد سنحاريب
ملك آشور.
لقد
أراد النبي أن
يؤكد أن كان
كوش يطلب
تحالفًا ضد
قوى آشور المتزايدة،
فإن كوش ومعها
مصر ستأتي إلى
أورشليم مع
بقية الأمم
لتتعبد خاضعة
لرب الجنود. بمعنى
آخر الله لا
يحتاج إلى
تحالفات
بشرية ضد قوى
الشر إنما هو
حصن منيع لكل
الأمم التي
تترجاه
وتتعبد له .
1.
إرسالية من
كوش [1-6].
2. كوش
تقدم هدية لله
[7].
1.
إرسالية من
كوش:
يوجه
النبي حديثه
إلى كوش
قائلاً: "يا
أرض حفيف
الأجنحة التي
في عبر أنهار
كوش" [1].
ماذا
يقصد بأرض
حفيف
الأجنحة؟
أ. يرى
البعض أنها
إشارة إلى
السلطان
الإمبراطوري
الذي كان يبسط
جناحيه على كل
أرض كوش وما
حولها. وقد
استخدم
الكتاب
المقدس هذا التشبيه
مرارًا
كثيرة، فقيل
عن ملك آشور
"يكون بسط
جناحيه ملء
عرض بلادك يا
عمانوئيل" (إش 8:
8). كما شبه ملك
آشور بنسر
عظيم ذي
منكبين (حز 17).
ب. يرى
بعض الدارسين
أن حفيف
الأجنحة
يُشير إلى
سلطان مصر
وعظمتها،
وآخرون يروا
إنها بريطانيا
العظمى التي
حملت أمجادًا
عظيمة عبر البحار
وآخرون
حسبوها
الولايات
المتحدة الأمريكية
التي تتخذ
النسر شعارًا
لها[231].
ج.
يُشير حفيف
الأجنحة إلى
الحشرات، لذا فهي
ترمز إلى كوش
كبلاد تشتهر
بحشراتها
الطائرة؛
خاصة وأن
الكلمة
العبرية هنا silsal
استخدمت في
(تث 28: 42) عن
الحشرات
(الصرصر)[232].
د. كلمة sel
تعني "ظلاً"،
لذا فهي تُشير
إلى بلاد
قريبة من خط
الاستواء حيث
يكون الظل
مضاعفًا (أو
ذات أهمية
لشدة الحر)[233].
هـ.
اعتمد البعض
في تفسيرهم
على ما جاء في
الترجمة
السبعينية
والترجوم أن
حفيف الأجنحة
يُشير إلى
السفن؛ وكأن
النبي يقول
بأن سفن أثيوبيا
تبحر باسطة
شراعاتها
كأجنحة
الحشرات. اعتاد
البحارة أن
يدعو الشراع
جناحًا[234].
على أي
الأحوال بعث
ملك أثيوبيا
رسلاً خلال سفنه
المصنوعة من
البردي، وكان
على عجلة، لأن
العدو على
الأبواب
ويمثل خطرًا
على العالم كله
في ذلك الحين.
لقد عُرف
الأثيوبيون
بقدرتهم على
التجسس على
مواقع
الأعداء
وتحركاتهم
بواسطة سفنهم
الصغيرة السريعة،
لهذا لم يتوان
الملك في
التحرك ليدعو
يهوذا إلى
التحالف ضد
خطر آشور
المتزايد.
كانت
إرسالية
الملك هي
للتحالف،
لكنها ليست إرسالية
سلام، وإنما
إرسالية دعوة
للحرب ضد آشور
وثورة ضد
سنحاريب،
الأمر الذي
تترقبه كل الشعوب،
إذ قيل: "يا
جميع سكان
المسكونة
وقاطني الأرض
عندما ترتفع
الراية (راية
الحرب) على
الجبال
تنظرون، وعندما
يُضرب بالبوق
تسمعون" [3].
ليت
رسل الإنجيل
يحملون ذات
الغيرة التي
لملك أثيوبيا
ورسله، فقد
دعوا
للانطلاق كي
يتحالف الكل
معًا لا ضد
آشور وإنما ضد
عدو الخير حين
ترتفع راية
الصليب
ويُضرب بوق
كلمة الله،
فتدور
المعركة
الروحية تحت
قيادة الكلمة
الإلهية
المتجسد
المصلوب،
يحملنا فيه ويخفينا
في جنبه
المطعون
واهبًا إيانا
روح الغلبة
والنصرة. لقد
دخل المعركة
خلال تجربته على
الجبل وانتصر
باسمنا
ولحسابنا،
وبقى يُجاهد من
أجلنا حتى
أكمل جهادة
بالصليب.
v أعطانا
الرب بمثاله
كيف نستطيع أن
ننتصر حين جُرب
هو.
الأب
سرابيون[235]
v يسوع
قائدنا سمح
لنفسه
بالتجربة حتى
يعلم أولاده
كيف يحاربون.
القديس
أغسطينوس[236]
يقول
النبي: "اذهبوا
أيها الرسل
السريعون إلى
أمة طويلة وجرداء،
إلى شعب مخوف
منذ كان
فصاعدًا، أمة
قوة وشدة ودوس
قد خرقت
الأنهار
أرضها" [2].
يرى
البعض أن
الوصف هناك
ينطبق على
الأثيوبيين
أو الآشورين
أو الماديين...
لكن
الإرسالية كانت
موجهة إلى شعب
الله الذي
دُعى "شعب
مخوف"، لأن
إلهه إله مخوف
(خر 23: 27؛ 34: 10، تث 28: 58؛
يش 2: 9؛ مز 139: 14). إنه
شعب مخوف منذ
كان، أي منذ
بداية نشأته،
إذ خرج من مصر
بيد قوية
وذراع رفيعة.
أما قوله "قد
خرقت الأنهار
أرضها" [2]
فيُشير إلى
خطورة
موقفها، لأن
العدو مزمع أن
يُهاجمها
فيكون كنهر
جارف، ووصفها
"أمة طويلة
(ممدودة)
وجرداء (حادة)"
[2]، جاء في
الترجمة
السبعينية
"أمة مسحوقة
وممزقة"... إذ
يسحب العدو
الشعب كالغنم
ويجرونهم إلى
السبي
فيصيروا
مسحولين.
إن كان
النبي يطلب من
الشعب ألا
يقبل إرسالية
ملك كوش
للتحالف
معًا، فما هو
موقف الله من
هجمات آشور
على شعبه؟
"لأنه
هكذا قال لي
الرب: "إني
أهدأ وأنظر في
مسكني كالحر
الصافي على
البقل، كغيم
الندى في حرّ
الحصاد" [4].
يبدو كأن الله
هادئًا
ساكنًا لا
يعبأ بأمورنا،
وقد يترك الله
ملك آشور
المتجبر يدمر
ويهلك ويُحطم
مدنًا حتى
يبلغ إلى
أبواب أورشليم
عندئذ يعلن
الله عن دوره
الخفي ويرد
ملك آشور
خائبًا
محطمًا
كبرياءه
وجيشه.
الله
ضابط الكل
يهتم بكل
صغيرة
وكبيرة، لكن في
طول أناته
نظنه قد نسينا
أو لا يعبأ
بحالنا،
فنقول مع
المرتل: "لا
تتركنا إلى
الغاية (كثيرًا)"،
فإنه حتى فيما
يبدو كأنه
تركنا إنما هو
يدير الأمر
لخلاصنا
وبنياننا.
يُشبه القديس
يوحنا الذهبي
الفم الله
بمربية تضع
يديها في يديْ
الطفل الصغير لكي
تُدربه على
المشي؛ وفجأة
تنزع يديها
عنه فيسقط
ليرفع عينيه
نحوها
يُعاتبها
بدموعه، أما
هي فتعود تمسك
بيديه... بهذا
يتدرب على
المشي. إنها
تتركه من
يديها لكنها
لن تتركه عن
فكرها أو
قلبها.
ما
ندعوه تركًا
هو رعاية، فإن
الله ينظر
إلينا وسط
ضيقتنا فيحول
المّر إلى حرّ
يعطى نضوجًا
للبقول، أو
كغيم في حرّ
الحصاد يُعطي
رطوبة وظلاً...
من الظاهر
آلام ومن
الداخل بنيان
وراحة!
يرى
أيضًا في
الضيقات
نوعًا من
"تقليم الشجر"
أي نزع الفروع
الزائدة حتى
تأتي الشجرة
بثمر متكاثر [5].
أخيرًا
بعد أن سمح
لسنحاريب
بالنصرة على
كثير من مدن
يهوذا حطمه
وحطم جيشه قبل
دخوله أورشليم،
فصارت جثثهم
مأكلاً
للوحوش
والطيور الجارحة
[6]، إذ مات في
يوم واحد 185
ألفًا من جيش
سنحاريب.
2.
كوش تقدم هدية
لله:
إن
كانت كوش أو
مصر أو غيرها
من الأمم
يحسبون أنهم
قادرون على
حماية شعب
الله من آشور
فستكتشف
الأمم جميعًا
أنها في حاجة
إلى الخارج من
سبط يهوذا لكي
يحميهم من
إبليس وكل
أعماله الشريرة؛
فتأتي الأمم
التي كانت
مضروبة
بالتشامخ في
خضوع لتقدم
هدية لرب الجنود
[7] في جبل
صهيون، أي في
كنيسته.
رأى
إشعياء النبي
أعدادًا بلا
حصر من الملوك
والرؤساء
والعظماء
يأتون إلى
أورشليم يسجدون
للملك
الحقيقي الذي
لم يحمل على
رأسه إكليلاً
زمنيًا بل
إكليل شوك.
رأى المؤمنين
كملوك روحيين
يخضعون لملك
الملوك رب
المجد يسوع
الخارج من سبط
يهوذا.
[231] Ironside: The Prophet Isaiah, p. 103/4.
[232] Oswalt, p. 359.
[233] Ibid.
[234] Ibid.
[235] Cassian: Conf 5:5,6.
[236] Serm, on N.T. Lessons 1; On the Holy Trinity 4:13.