مبارك
شعبي مصر
في
الأصحاح
السابق حث
النبي ملك كوش
ومصر على تقديم
هدية لرب
الجنود في جبل
صهيون عوض أن
يبعث برسله
طالبًا التحالف
مع شعب الله
ضد آشور. أما
في هذا الأصحاح
فيقدم وحيًا
من جهة مصر
بكونها تمثل
بفرعونها عنف
العالم
وقسوته،
وبخصوبة
أرضها إغراءات
العالم
وترفه،
وبأوثانها
وهياكلها الاتكال
على الحكمة
البشرية
والقدرات
الإنسانية...
لقد رأى النبي
الرب نفسه
قادمًا إلى
مصر محمولاً
على يديْ
القديسة
مريم،
السحابة البيضاء
الخفيفة
السريعة ،
يأتي في
طفولته ليُحطم
ببساطته
أوثانها
وحكماءها
وسحرتها،
وليقيم
مذبحًا له في
وسطها،
وعمودًا عند
تخومها. نبوة
صريحة عما حدث
بخصوص
العائلة
المقدسة وأيضًا
عن إقامة
الكنيسة
المسيحية
الحية في مصر
كشعب مبارك
للرب.
1.
هروب العائلة
المقدسة
[1].
2. تأديب
مصر
[2-17].
3. إقامة
مذبح للرب
[18-25].
1.
هروب العائلة
المقدسة:
لا نجد
بلدًا يتحدث
عنه الكتاب
المقدس مثل
مصر وذلك بعد
كنعان،
والسبب في هذا
أن إسرائيل
كأمة وكشعب
أقامت في مصر،
وعاش اليهود هناك
حوالي 400 سنة
وأخيرًا
خرجوا بذراع
رفيعة. بخروجهم
خلال دم
الحملان
صاروا رمزًا
للعالم كله
المتحرر من
عبودية إبليس
خلال دم
المسيح الذبيح
الفريد. صارت
مصر تمثل قوة
العالم بصفة
عامة وبيت
العبودية
الذي يخلص
شعبه منه.
افتتح
إشعياء نبوته
عن مصر بصورة
مفرحة تخص مصر،
قائلاً: "هوذا
الرب راكب على
سحابة سريعة
وقادم إلى مصر
فترتجف أوثان
مصر من وجهه
ويذوب قلب مصر
داخلها" [1].
يرى القديس
كيرلس الكبير أن
السحابة
الخفيفة
السريعة (الترجمة
السبعينية) هي
القديسة مريم
التي قدسها روح
الرب فصارت
خفيفة
ومرتفعة تحمل
رب المجد يسوع
لتهرب به إلى
مصر من وجه
هيرودس (مت 2: 13- 15)...
بدخوله
ارتجفت
الأوثان
واهتزت
العبادة
الوثنية،
وذاب قلب
المصريين
حبًا ليقبلوه
ساكنًا فيهم؛
إذ يقول:
[السحابة
المتألقة
التي حملت
الرب يسوع إلى
مصر هي أمه
العذراء مريم
التي فاقت
السحاب نقاء
وطهرًا. أما
المذبح الذي
أٌقيم للرب في
وسط أرض مصر
فهي الكنيسة
المسيحية
التي قامت على
أنقاض
الهياكل الوثنية
على أثر تزلزل
أوثانها
وانهيار
برابيها أمام
وجه الرب يسوع[237]]. لهذا تسبح
الكنيسة في
عيد دخول
السيد المسيح
مصر، قائلة:
[افرحي وتهللي
يا مصر مع
بنيها وكل
تخومها، لأنه
قد أتى إليك
محب البشر،
الكائن قبل كل
الدهور].
إن
كانت مصر
بفرعونها
وعبادتها
الوثنية مثلت
العالم
الوثني
القديم في
عنفه
ورجاساته لكنها
أيضًا كانت
ملجأ
للكثيرين
خاصة في فترات
الجوع، فجاء
إليها أبونا
إبراهيم (تك 12:
10)، واستقبلت
يوسف
المُضطهد من
إخوته ليصير
الرجل الثاني
بعد فرعون
يقدم من
مخازنها لكل
البلاد المحيطة
بها، وإليها
جاء أبونا
يعقوب وبنوه
حيث بدأت نواة
شعب الله
القديم
والأسباط الاثنى
عشر في
داخلها؛ وظهر
أول قائد لهم
هو موسى
العظيم في
الأنبياء
يسنده أول
رئيس كهنة. ومن
بين الأنبياء
الذين جاءوا
إلى مصر أرميا
النبي الذي حث
الشعب ألا
يهربوا إلى
مصر فأرغموه
على مرافقتهم
في رحلتهم
إليها (إر 41: 1؛ 43: 7)
وقد نطق
بنبواته
الأخيرة في
تحفنيس في مصر
(إر 43: 8-44). أما مجيء
السيد المسيح
السماوي إلى
أرضنا فقد
أقام كنيسته
فيها تصطبغ
بروح البركة
الربانية،
فجاءت
عبادتها
وطقوسها وألحانها
تحمل نغم
الحياة
السماوية.
مصر،
التي امتلأت
بالعبادة
الوثنية حيث
أقامت عجل
أبيس والقطط
والتماسيح
والضفادع...
آلهة،
استقبلت رب
المجد فيها
فأقام من قلوب
المصريين
مقدسًا له.
تحولت مصر من
كونها أكبر
معقل للوثنية
إلى أعظم مركز
للفكر
المسيحي
والعبادة
الروحية
والحياة
الإنجيلية في
فترة وجيزة.
تلألأ نجم
كنيسة مصر
بمدرسة
الإسكندرية معلمة
اللاهوت
وتفسير
الكتاب
المقدس
للعالم المسيحي
الأول،
وقائدة حركة
الدفاع عن
الإيمان
المستقيم على
مستوى مسكوني.
ومن مصر
انطلقت حركة
الرهبنة
المسيحية بكل
صورها لتسحب
قلب الكنيسة
إلى البرية،
فتمارس
الحياة
الداخلية
الملائكية في
نفس الوقت
الذي فيه
انفتحت أبواب
البلاط
الإمبراطوري
لرجال الدين،
وكان الخطر
يلاحق
الكنيسة حيث
يختلط العمل
الروحي الكنسي
بالسلطة
الزمنية
والسياسية.
حملت كنيسة مصر
صليب عريسها
عبر الأجيال
وقدمت
أعدادًا بلا
حصر من
الشهداء
والمعترفين،
فاستشهدت أحيانًا
مدن بأسرها
وتسابق
الكثيرون على
نوال أكاليل
الاستشهاد
بفرح وبهجة
قلب[238]...
2.
تأديب مصر:
هروب
العائلة
المقدسة إلى
مصر وإقامة
مذبح للرب
هناك لا يعني
التغطية على
شرورها،
وإنما على
العكس كشف
الرب عن
ضعفاتها
وجراحاتها الروحية
حتى ينزع عنها
كل ضعف (مملكة
الشر) ويقيم
ما هو جديد
(ملكوت الله).
مجيء الرب إليها
يعني هدم
أوثانها
وإزالة
رجاساتها
لأجل تقديس
شعبها.
لقد
أبرز ثمار
الرجاسات
القديمة، ألا
وهي:
أولاً: قيام
حروب أهلية، "وأهيج
مصريين على
مصريين
فيحاربون كل
واحد أخاه وكل
واحد صاحبه
مدينة مدينة
ومملكة مملكة،
وتهراق روح
مصر" [2-3]. هذه
ثمرة طبيعية
لاعتزالها
الله واهب
السلام
الداخلي
والحب
والوحدة، إذ
تحدث حروب على
مستوى
الأشخاص حتى
بين الأصدقاء
وعلى مستوى
المدن
والممالك [إذ
وجدت مملكة في
مصر العليا
وأخرى في مصر
السفلى]. الشر
يُحطم النفس
الداخلية
ويدخل بها إلى
حالة يأس وإحباط.
اعتزالنا
الله يفقدنا
انسجامنا الداخلي،
فتتحول
حياتنا
الداخلية إلى
أرض معركة،
فيصارع الجسد
ضد الروح، ولا
تنسجم الطاقات
الداخلية
معًا... فيصير
القلب جحيمًا
لا يُطاق.
وعلى العكس
عندما يتسلم
روح الله
القيادة يخضع
الإنسان
بكليته له
فيعيش في
انسجام وتناغم،
يسند الجسد
النفس في
تعبدها،
وتتقدس الحواس
والعواطف
لتعمل معًا مع
الفكر النقي بإرادة
مقدسة صالحة
في الرب.
ثانيًا:
فقدان
الحكمة
الحقيقية،
فقد عرف
المصريون كشعب
ذكي جدًا[239]،
ويشهد الكتاب
المقدس أن
موسى قد تهذب
بكل حكمة
المصريين (أع 7:
20)، لكن
اعتزالهم الله
أفقدهم كل شيء
فلم تسعفهم
حكمتهم ولا
علمهم وحضارتهم
فلجأوا إلى
الأوثان
يطلبون المشورة:
"وأفني
مشورتها،
فيسألون
الأوثان
والعازفين
وأصحاب
التوابع
والعرافين" [3].
ثالثًا:
المعاناة
من حكام عتاة [4]
يميلون إلى
التسلط والسيطرة
لا إلى خدمة
الشعب وبنيان
البلد. فإذ
تتقسى قلوب
الشعب ببعدهم
عن الله واهب
اللطف
والصلاح يسمح
لهم بقيادات
عنيفة، حتى
كما يفعلون
يُفعل بهم.
عندما
يتقسى قلبنا
الداخلي نحو
الغير لا نتوقع
إلاَّ أن
يُكال لنا من
ذات الكيل
الذي به نكيل
للغير، لذا
يسمح لنا أن
نسقط تحت
قيادات عنيفة.
هذا ما يحدث
حتى في حياتنا
اليومية في
العمل
والأسرية
وحياتنا
الشخصية... فإن
من يقسو على
والديه نجد
جسده عنيفًا
في حربه
الشهوانية ضد
النفس. ما
نزرعه للغير
إنما نحصده في
حياتنا
الشخصية.
رابعًا:
المعاناة
من حالة جفاف،
"وتنشف
المياه من
البحر ويجف
النهر وييبس،
وتنتن
الأنهار وتضعف
وتجف سواقي
مصر ويتلف
القصب
والأسل... والصيادون
يئنون وكل
الذين يلقون
شصًا في النيل
ينوحون...
ويخزى الذين
يعملون
الكتان
المُمشط
والذين
يحيكون
الانسجة
البيضاء،
وتكون عمدها
مسحوقة وكل
العاملين
بالأجرة
مكتئبي النفس"
[5-10].
كأن
الشر يحمل
ثمرة المرّ
حتى في حياة
الإنسان
اليومية
واحتياجاته
الضرورية، إذ
يجف نهر النيل
[لا يزال
يُدعى في كثير
من بلدان
الصعيد
"البحر"] فلا
يجد الناس
ماءً للشرب
وأيضًا للزراعة
كما يفقد
صيادو السمك
عملهم
لينوحوا بلا
جدوى؛ ويؤثر
ذلك على
الصناعة
والتجارة...
فينسحق
العظماء
الذين هم عُمد
مصر وتكتئب نفوس
العبيد
العاملين لدى
الأغنياء.
خلال
الشر يدب
الخراب
والفساد في
الموارد الطبيعية
(المياه)
والطاقات
البشرية من كل
الطبقات! يفقد
الإنسان
الماء الذي
يروي نفسه،
والسمك الذي
يشبعه
داخليًا،
وثياب الكتان
التي تستر أعماقه،
وسلامه
الداخلي؛
وهكذا يُعاني
من العطش
والجوع
والعري
والخزي!
خامسًا:
فقدان
الحكماء
والمشيرين،
فلا يُعاني
الإنسان فقط
من حالة حرمان
مادي وإنما من
معينين حكماء
يسندونه وسط
ضيقه. لذا قيل:
"إن رؤساء
صُوعن
أغبياء،
حكماء مشيري
فرعون مشورتهم
بهيمية. كيف
تقولون
لفرعون أنا
ابن حكماء ابن
ملوك قدماء،
فأين هم
حكماؤك
فليخبروك
ليعرفوا ماذا
قضى به رب
الجنود على
مصر" [11-12].
عوض
الحكمة التي
عرفت بها مصر
حلت الغباوة
حتى في صُوعن،
عاصمة شمال
مصر القديمة.
لقد قيل:
"وفاقت حكمة
سليمان حكمة
جميع بني المشرق
وكل حكمة مصر"
(1 مل 4: 30)... لكن هذه
الحكمة تزول باعتزال
الإنسان إلهه
مصدر الحكمة،
لذا يقدم
الحكماء
مشيرو فرعون
مشورة
بهيمية، أي
أفكارًا
جسدانية (1 كو 2).
أما علامة
حرمانهم من
الحكمة، فهي
عجز الحكماء
عن إدراك خطة
الله رب
الجنود من جهة
مصر (إش 18: 12)؛
فكيف يثق شعب
الله إذن في
مشورة فرعون
الخاصة بالتحالف
معًا ضد
آشور؟!
"رؤساء
نوف انخدعوا
وأضل مصر وجوه
أسباطها" [13].
هذه كارثة مصر
أنها قبلت
الضلالة على
أنها حكمة،
فقد أنخدع
رؤساء عاصمة
مصر العليا
(جنوبي مصر) منوف
(ممفيس)
بواسطة
الحكماء
الشرفاء،
الذين يقابلون
الأنبياء
الكذبة
المنافقين
الذين كثيرًا
ما تحدث عنهم
إرميا النبي.
سادسًا:
فقدان
الوعي
والدخول في
حالة سكر؛ "مزج
الرب في وسطها
روح غىّ
فأضلوا مصر في
كل عملها
كترنح
السكران في
قيئه" [14].
لما
كانت الخطية
مُسكرة تُفقد
الإنسان وعيه
وهدفه في
الحياة لهذا
متى شرب كأسها
يسمح الله أن
يحل به روح
الضلال
ليترنح
كالسكران بلا
هدف. لا يكون
له عمل جاد
لبنائه وبناء
الغير، سواء
كان عظيمًا أو
محتقرًا،
نخلة أو أسلة
(حلفاء). وهذا
هو أخطر ما
يصل إليه
الإنسان، إذ
يفقد بذلك
كيانه
الإنساني
ليعيش أشبه
بميت، لا طعم
للحياة عنده.
سابعًا:
الارتباك
بحالة من
الخوف، "في
ذلك اليوم
تكون مصر
كالنساء
فترتعد وترجف من
هزة يد رب
الجنود الذي
يقضي به عليها"
[16]. فرعون الذي
يُحسب نفسه
منقذًا
لإسرائيل ويهوذا
من يد آشور في
عجرفة
وكبرياء
يرتعب هو ورجاله
ويصيرون
كالنساء أمام
رب الجنود
وأمام يهوذا [17].
كأن
الرب يشجع
يهوذا ألا
يرتعب من
كلمات فرعون
ولا يدخل معه
في تحالف كما
في إسرائيل
وآرام، فإن
فرعون نفسه
يرتعب لا أمام
آشور بل أمام يهوذا
نفسه.
3.
إقامة مذبح
للرب:
بعد أن
كشف الله عن
جراحات مصر
وما فعلته
الخطية بها من
فقدان للوحدة
الداخلية والحكمة
الحقة مع
معاناة من
قسوة الحاكم
وقسوة الطبيعة
(الجفاف)
وارتباك في
اقتصادياتها
(الزراعة
والصناعة)
وعجز في
الطاقات
البشرية القيادية
بل ودخول في
حالة من
اللاوعي
والسكر مع الخوف
والارتباك
حتى أمام
يهوذا
المملكة الصغيرة،
فإن الله
يتدخل ليشفي
جراحاتها
ويخلصها،
مقدمًا لها
البركات
التالية:
أ. لغة
جديدة: "في
ذلك اليوم
يكون في أرض
مصر خمس مدن
تتكلم بلغة
كنعان وتحلف
لرب الجنود
يقال لإحداها
مدينة الشمس"
[18]. ما هذه
المدن الخمسة
إلاَّ حواس
المؤمن؛ فإذ يُقبل
الأمم على
الإيمان
بالسيد
المسيح
يسلمون
الحواس الخمس
في يديه
لتقديسها
لتتكلم بلغة
الروح عوض لغة
الجسد، فيقال
لها كما قيل
لبطرس الرسول:
"لغتك تظهرك"
(مت 26: 73؛ مر 14: 70).
يرتفع
قلب المؤمن
إلى كنعان
السماوية ليس
فقط أثناء
اشتراكه في سر
الأفخارستيا
وكل الليتورجيات
الكنسية
الحّية،
وإنما أيضًا
أثناء عبادته
الخاصة، بل
وفي خلال
حياته
اليومية حتى
في لحظات أكله
وشربه ونومه.
هذا هو عمل
روح الله
القدوس في حياتنا
يحملنا إلى
السماء
لنختبرها في
أعماقنا
وتصير لغتنا
كنعانية أي
سماوية، لغة
الحب والفرح
الداخلي.
نشارك
السمائيين
ليتروجياتهم
وفرحهم
الدائم، ولا
نكون شعبًا
"غامض اللغة"
(حز 3: 5).
ب.
القسم باسم رب
الجنود؛ ماذا
يعني: "تحلف
لرب الجنود"
[18]؟
كان
القسم دليل
الثقة
والإيمان بمن
يقسم الإنسان
باسمه؛ فعوض
القسم
بالآلهه
الوثنية يقبل
الأمم - وعلى
رأسهم مصر -
الإيمان برب
الجنود
ويتمسك المصريون
باسمه،
حاسبين ذلك
سرّ قوتهم.
ج. دعوة
إحدى المدن "مدينة
شمس" [8]، يقصد
بها
"هليوبوليس"
التي كانت
مركزًا لعبادة
الشمس، فقد
تحولت عن
العبادة
للشمس المادية
إلى العبادة
لشمس البر
الذي يشرق على
الجالسين في
الظلمة.
جاءت
في الترجمة
السبعينية
"المدينة
البارة" إذ
تحمل برّ
المسيح فينا.
د.
إقامة مذبح
للرب: "في ذلك
الوقت يكون
مذبح للرب في
وسط أرض مصر وعمود
للرب عند
تخمها" [19].
يقصد بهذا
مذبح كنيسة
العهد
الجديد، إذ
كان مذبح
العهد القديم
في أورشليم
ولا يجوز
تقديم ذبائح
للرب خارجها.
لقد عبرت
العائلة
المقدسة إلى
صعيد مصر
واختفت حوالي
ستة شهور في
الموضع الذي أقيم
عليه الآن دير
العذراء
الشهير
بالمحرق، وهو
يعتبر في وسط
مصر، فيه
أُقيمت كنيسة
للرب وتقدم
عليه ذبيحة
الأفخارستيا،
التي هي تمتع
بذبيحة
الصليب عينها.
أما
العمود الذي
في تخمها فهو
القديس
مارمرقس
الرسول الذي
جاء إلى
الإسكندرية
(على تخم مصر)
يكرز
بالإنجيل، ويُقيم
مذبح كنيسة
العهد
الجديد، لكي
يتمتع المصريون
بالخلاص من
عدو الخير
مضايقهم، ويكون
الرب نفسه
محاميًا
وشفيعًا
ومنقذًا لهم [20].
هـ.
المعرفة
الروحية: "فيُعرف
الرب في مصر،
ويعرف
المصريون
الرب في ذلك
اليوم" [21].
اهتم الصريون
بالمعرفة
الروحية،
واقيمت مدرسة
الإسكندرية
لهذه الغاية،
نشر معرفة الرب
لا خلال أفكار
عقلانية
مجردة، وإنما
خلال حياة
تعبدية نسكية
وخبرة شركة مع
الله الآب في ابنه
يسوع المسيح
بروحه القدوس.
امتزجت
المعرفة
بالعبادة، إذ
يكمل النبي: "ويقدمون
ذبيحة وتقدمة
وينذرون للرب
نذرًا ويوفون
به " [21].
لعل
أروع من كتب
عن ارتباط
المعرفة
بالعبادة كما
بالسلوك
الإنجيلي في
الحياة
اليومية هو القديس
إكليمندس
الاسكندري،
إذ جاء هذا
الفكر خطًا
ذهبيًا في كل
كتاباته[240].
فمن كلماته عن
المعرفة
(الغنوسية):
[هذه هي
العلامات
التي تميز
غنوسيتنا:
أولاً التأمل،
ثم تنفيذ
الوصايا،
وأخيرًا
تعليم الصالحين.
متى وُجدت هذه
السمات في
إنسان ما يُحسب
غنوسيًا
كاملاً. إذ
فقد الإنسان
إحدى هذه السمات
تعطلت
غنوسيته[241]].
و. شفاء
داخلي: "ويضرب
الرب مصر
ضاربًا
فشافيًا
فيرجعون إلى الرب
فيستجيب لهم
ويشفيهم" [22].
يسمح
الله بضربها
أي بتأديبها
عن الضعف الذي
فيها لكي
تكتشف ذاتها
وتدرك حاجتها
إلى المخلص،
فترجع إليه
لتجده الطبيب
القادر وحده
أن يشفي
جراحات النفس
ويرد لها
سلامها... جاء
مسيحنا
طبيبًا
ودواءً في نفس
الوقت:
v مبارك
هو "الطبيب"
الذي نزل وبتر
بغير ألم، شفى
جراحاتنا
بداء غير
مرير، فقد
أظهر ابنه "دواء"
يشفي الخطاة!
القديس
مار إفرآم
السرياني[242]
جاء
الرب إلى مصر
وضرب أوثانها
ليجد المصريون
فيه وحدة سر
شفائهم.
ز. إذ
كان الصراع
العالمي في
ذلك الحين
قائم بين آشور
ومصر، وكانت
الدول الأخرى
من بينها إسرائيل
ضحية هذا
الصراع، فإن
مجيء رب المجد
يسوع يُعطي
للكل سلامًا،
ويشعر الكل -
في المسيح
يسوع - أن
الأرض للرب
ولمسيحه،
وليست مركزًا
للنزاع،
ويشترك الكل
معًا في
العبادة.
في
تصوير رائع
لهذا السلام
يقول النبي: "في
ذلك اليوم
تكون سكة من
مصر إلى آشور
فيجىء الآشوريون
إلى مصر
والمصريون
إلى آشور، ويعبد
المصريون مع
الآشوريون. في
ذلك اليوم
يكون إسرائيل
ثلثا لمصر
ولآشور بركة
في الأرض، بها
يبارك رب الجنود
قائلاً: مبارك
شعبي مصر وعمل
يدي آشور وميراثي
إسرائيل" [24].
ماذا
يعني "في ذلك
اليوم" التي
تكررت حوالي خمس
مرات في
الأعداد [18-25]،
إلاَّ ملء
الزمان الذي فيه
جاء السيد
المسيح ليحقق
لنا هذه
البركات، جاء
بكونه
"الطريق"
الذي فيه
تجتمع الأمم لتتمتع
بروح الوحدة
الروحية وفيض
البركة.
ماذا
يعني اجتماع
مصر وآشور
وإسرائيل
معًا في
التمتع
بالبركة
الإلهية
والميراث
الأبدي؟ أنها
صورة رمزية
للكنيسة
الجامعة التي
ضمت الأعداء
معًا بروح
الحب والوحدة.
لقد كانت إسرائيل
في ذلك الحين
في صراع بين
التحالف مع مصر
أو آشور
القوتين العالميتين
المتضادتين
في ذلك الحين.
لكن مجيء
السيد المسيح
عالج المشكلة
إذ صار الكل
أعضاء في
كنيسة واحدة
تتمتع بالعمل
الإلهي، فدعى
المصريون شعب
الله، وآشور
عمل يديه،
وإسرائيل
ميراثه.
[237] Fr. T. Malaty: Introduction to the Coptic Orthodox Church, Ottawa 1088, ch 1.
[238] للمؤلف: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية، أتاوا، كندا، ص 5-6.
[239] Bultema, p. 195.
[240] للمؤلف: آباء مدرسة الإسكندرية الأولون.
[241]
للمؤلف:
الكنيسة
القبطية
الأرثوذكسية،
1986ا، ص 14.
[242] On Nativity, hymn 2.