تدنيس
الأرض
في
الأصحاحات
السابقة أبرز النبي
فاعلية
الخطية في
حياة الأمم
والشعوب مقدمًا
نبوات عن سبع
أمم لتأكيد
فساد كل الشعوب
حتى شعبه
الخاص يهوذا
وآفرايم. الآن
يتحدث في
الأصحاحات (24-27)
عن نبوات عامة
تخص الأرض
كلها، ليظهر
شمولية
الفساد. وفي
حديثه يشرق
بعبارات تبعث
الرجاء وتفتح
طريق الخلاص.
تبدأ
النبوات
بإعلان أن
الأرض ذاتها
التي خلقها
الله بصلاحه
من أجل سعادة
الإنسان قد
فسدت،
واحتاجت أن
يفرغها الله
ليُجددها. هذا
ما حدث بالجسد
(لأن الأرض
تُشير إلى
الجسد الترابي)،
فالخطية حطمت
قدراته
وامكانيته بل
وطبيعة
الأمور التي
خلقها الله
صالحة لتعمل
لبنيان
الإنسان
والجماعة،
لقد صرنا
محتاجين إلى تجديد
خلقتنا، أي
الولادة
الجديدة
فيتقدس الجسد
مع النفس بكل
الطاقات
والقدرات
الداخلية.
1.
ضربات عامة
[1-13].
2. فرح
المؤمنين
بالرب [14-16].
3. تسبيح
مع
رعب [17-23].
1.
ضربات عامة:
يشّبه
النبي الأرض
كلها بإناء كل
ما بداخله قد
فسد لذا يقوم
صاحبه
بتفريغه
تمامًا بأن
يقلبه رأسًا على
عقب، فيقول: "هوذا
الرب يخلي
الأرض
ويفرغها
ويقلب وجهها ويبدد
سكانها. وكما
يكون الشعب
هكذا الكاهن؛
كما العبد
هكذا سيده؛
كما الأَمة
هكذا سيدتها؛
كما الشاري
هكذا البائع؛
كما المقرض
هكذا
المقترض؛
وكما الدائن
هكذا المديون"
[1-2].
هكذا
أغلق على
الجميع في
العصيان،
واستحق الكل
الموت،
واحتاج
الجميع إلى
مخلص قادر على
تجديد
طبيعتهم،
يشترك في هذا
الكاهن مع
الشعب،
العظيم مع
المحتقر،
الغني مع
الفقير. هذا
الأمر يحتاج
كما إلى تفريغ
الأرض لتعود
إلى ما قبل
خلقة العالم -
خالية وخاوية
- فيُعيد الرب
نفسه خلقتها .
هذا هو
الأساس
اللاهوتي
للخلاص، أن
الخليقة قد
فسدت تمامًا
واحتاجت إلى
صانعها
لتجديد خلقتها،
وكما يقول البابا
أثناسيوس
الرسولي: [هذا
يشبه صورة
لإنسان رسمت
على لوحة، ثم
حدث أن تشوهت
بأصباغ
خارجية، فصار
لزامًا أن
يحضر صاحب
الصورة مرة
أخرى لتجديد
صورة الوجه
على ذات الخشب
(اللوحة)[263]].
ماذا
فعلت الخطية
أو العصيان
بالبشرية؟
لقد اقتربت
البشرية إلى
نيران الغضب
الإلهي فاحترقت،
أما سرّ
الاحتراق فهو
إرادة الإنسان
العاصية التي
تسحبه نحو
الهلاك.
يقدم
إشعياء النبي
تشبيهًا يكشف
عن حال البؤس
التي وصلت
إليه
البشرية، فقد
اعتاد الناس في
فترة حصاد
الكروم أن
يقيموا حفلات
مبهجة، يشربون
الخمر ويغنون
بفرح ويقدمون
تقدمات للفقراء.
جاء وقت الجني
فاذ بالكروم
تعلن حدادها
إذ لا تحمل
عنبًا، أصحاب
الدفوف
يتوقفون عن
الضرب بها،
ليس من يُغني
ولا من يفرح
فقد هرب كل سرور
من على وجه
الأرض وحلّ
الدمار بنار
غضب الله فصار
كل ما في
العالم
رمادًا [7-12]. هكذا
يشبّه العالم
بمدينة
محترقة تحولت
رمادًا وحقول
حزينة جافة لا
تحمل ثمرًا.
يشبّهه بشجرة
زيتون نفضت
أوراقها
وصارت عارية
بلا ثمر ولا
أوراق [13]،
وككرمة بعد
انتزاع كل
عناقيدها منها.
يليق
بالكاهن أن
يدرك حاجته
للخلاص مثله
مثل الشعب [2]
وكما يقول القديس
غريغوريوس
النزينزي: [بالحقيقة
لا يوجد تمييز
بين الشعب
والكهنة...[264]].
2.
فرح المؤمنين
بالرب:
وسط
هذا الدمار
الذي أفقد
البشرية
سلامها الداخلي
وفرحها توجد
بقية مقدسة
تعلن بهجتها وفرحها
بالرب بواسطة
التسبيح
والترنم.
"هم
يرفعون
أصواتهم
ويترنمون،
لأجل عظمة الرب
يصوتون من
البحر.
لذلك
في المشارق
مجدوا الرب.
في جزائر
البحر مجدوا إسم
الرب إله
إسرائيل.
من
أطراف الأرض
سمعنا ترنيمة:
مجدًا للبار" [14-16].
يتحدث
هنا عن البقية
القليلة في
العالم التي قبلت
الإيمان
ورجعت إلى
الله، هؤلاء
يعيشون في
المشارق أي
يتمتعون بشمس
البر المشرق
عليهم (ملا 4: 3).
ولئلا يظن
بالمشارق هنا
مجرد مكان
قال: "في
جزائر البحر
مجدوا اسم
الرب" ليؤكد
أن الساكنين
في الغرب
(جزائر البحر
الأبيض غرب
أورشليم)
يتمتعون
بالخلاص مع
الشرقيين.
موضوع
التسبيح هو "مجدًا
(للمسيح)
البار!".
3.
تسبيح مع
رعدة:
الخلاص
الذي يقدمه
الله للبشرية
يلهب قلب
المؤمنين
فرحًا
وتهليلاً،
ويبعث رعبًا
بالنسبة لغير
المؤمنين
الجاحدين وأيضًا
للشياطين.
لقد
أدرك عدو
الخير أن
نهبًا قد تم
بالنسبة له،
فقد اجتذب
الصليب
الكثير من
النفوس التي
استعبدها
العدو، وحطمت
القيامة كل
قوات الظلمة
وفتحت أبواب
الفردوس.
يرى
النبي عدو
الخير أشبه
بوحش بري سقط
في الشباك في حفرة،
وفتح فاه يندب
حاله في يأس
مع خوف ورعدة
[16-18]. ارتعب
عندما رأى
نفسه ينحدر
نحو الهاوية كما
في حفرة عميقة
للغاية،
بينما وقفت
السماء والأرض
تشهدان
للصليب: "ميازيب
من العلاء
انفتحت، وأسس
الأرض تزلزلت؛
انسحقت الأرض
انسحاقًا،
تشققت الأرض
تشققًا،
تزعزعت الأرض
تزعزعًا" [18-19]،
"في ذلك
اليوم يخجل
القمر وتخزى
الشمس لأن رب
الجنود قد ملك
على جبل صهيون
في أورشليم" [23].
هكذا
تشهد الطبيعة
عن ثقل الخطية
التي حملها السيد
المسيح عنا،
كأنها كتلة
ثقيلة للغاية دُفعت
نحو الأرض
فشققتها
وزعزعتها
واثارت فيها
زلازل حتى خجل
القمر وخزيت
الشمس مما
فعلته الخطية.
هذا ومن جانب
آخر وقفت
الطبيعة كما
في خزي وخجل
أمام ما فعله
الإنسان
بمخلصه
وفاديه.
بالصليب
دخلنا في
المُلك
الروحي (رؤ 20)
حيث يملك رب
الجنود على
جبل صهيون في
أورشليم [23]؛
يملك بالصليب
على قلوب
المؤمنين،
مقيدًا إبليس ولك
جنوده
الروحيين
كأسرى حتى
يأتي وقت الارتداد
[22]، إذ شهر بهم
جهارًا (كو 2: 15)،
واهبًا إيانا سلطانًا
أن ندوس على
الحيات
والعقارب وكل
قوة العدو.
منظر
الصليب حطم
العدو،
معلنًا المجد الإلهي
أمام الشيوخ
[23]، فقد عاين
الرسل قوة الخلاص
وأدركوها في
حياتهم كما في
كرازتهم.
[263] Against Arians 1:14.
[264] In Defense of His Flight to Pontus.