بيت
الصلاة لكل
الشعوب
قدم
الله دعوة
جماعية
للتمتع
بالخلاص
المجاني
معلنًا التزام
الإنسان
بالتجاوب مع
الدعوة
عمليًا، والآن
يقدم الله
كنيسته بيت
الله المفتوح
لكل الشعوب.
لا يظن أحد في
نفسه انه "ابن
الغريب" أي من
نسل عابدي
الأوثان بل يُحسب
نفسه مُفرزا
لخدمة الرب
والتعبد له،
ولا يُحسب
إنسان أنه خصي
أو شجرة يابسة
بل هو عمود في
بيت الرب.
ليس
عند الله
محاباة؛ يفتح
بيته للجميع،
يأتيه
الغرباء
قابلو
الإيمان،
ويُحرم منه
الذين نالوا
الشريعة
والنبوات
لكنهم جحدوه.
1. بيت
الصلاة لكل
الشعوب [1-8].
2.
رفض جاحدي
الإيمان
[9-12].
1. بيت
الصلاة لكل
الشعوب:
في
الأصحاح
السابق كانت
الدعوة لجميع
العطاش (إش 55: 1)؛
لليهود
والأمم،
للعطاش
والجياع، للعمي
والصم الخ...
لكي ينهلوا من
ينابيع إنجيل
الخلاص
المجاني
وعطية الروح
المقدمة
لكنيسة العهد
الجديد. الآن
إذ خشى أن
يتراجع أحد عن
العطية
حاسبًا نفسه
غريبًا ابن
غريب لأنه ولد
من عائلة
وثنية جاحدة
للإيمان، أو
لأنه عقيم
بالطبيعة
لكونه خصيًا
أو شجرة يابسة،
لهذا أخذ يُشجع
الكل للدخول
من أبواب
مراحم الله
المتسعة:
أ.
خلاص الرب ليس
ببعيد، "لأنه
قريب مجيء
خلاصي
واستعلان بري"
[1]. فمن جهة
الزمن لم يكن
باقيًا سوى
سبعة قرون
لمجيء السيد
المسيح مخلص
العالم، أي
حوالي 700 سنة، وألف
سنة عند الرب
كيوم واحد (مز 90:
4). أما ما هو أهم فإن
خلاص الرب
قريب من كل
أحد، لأن
الكلمة في داخل
القلب، وصليب
الرب ممكن
إعلانه في كل
نفس. وكما قال القديس
أغسطينوس:
[لغباوتي كنت
أبحث عنك
خارجًا... وكنت
أنت في داخلي
عميقًا أعمق
من عمقي
وعاليًا أعلى
من علوي].
طريق
خلاصنا في
أعماقنا لأنه
وهب لنا روح
الله القدس
وعضويتنا في
جسد واحد
السيد المسيح
خلال
المعمودية...
فصرنا مسكنًا
لله وهيكلاً
له، لهذا يقول
الرسول:
"الكلمة قريبة
منك، في فمك
وفي قلبك" (رو 10:
8).
عندما
يتحدث مار
افرام
السرياني عن
ميلاد رب
المجد يسوع
يوجه أنظارنا
إلى داخلنا
حيث اقترب
الرب إلينا
وجاء ليحل
بالإيمان في
قلوبنا (أف 3: 17).
v ليزين كل
إنسان أبواب
قلبه في هذا
العيد، فإن
الروح القدس
يشتاق أن يدخل
ويسكن في
القلب ويقدسه.
إنه يطوف على
كل الأبواب
لكي يرى أين
يدخل!
لتبتهج
أبواب القلب
في هذا العيد
مع أبواب الكنائس،
حتى يفرح
الإله القدوس
في الهيكل المقدس،
وتتهلل أفواه
الأطفال
بالتسبيح،
ويبتهج
المسيح في
عيده كجبار.
مار
افرام
السرياني[599]
ب. بقوله "احفظوا
الحق وأجروا
العدل، لأنه
قريب مجيء خلاصي
واستعلان بري"
[1] يكشف عن
مفهوم
الفضيلة.
فإننا نلتزم
أن نحفظ الحق
وان نمارس
العدل، أي
نسلك حسب
الوصية الإلهية
التي هي حق
وعدل وهذا أمر
صعب بل مستحيل
على الطبيعة
البشرية في
ذاتها. أما إن
أعلن الخلاص
في القلب وتجلى
بّر المسيح
فتصير الوصية
سهلة وممكنة
بل طبيعية
وعذبة، لأن
الذي يتممها
هو الله
الساكن فينا
والعامل
بروحه فينا.
الفضيلة
عند القديس
يوحنا كاسيان
[هي التي خلالها
نُقدم
ملكوت القلب
للمسيح[600]].
إننا
نسلمه القلب
لكي يعمل فيه
فيحولنا إلى شبهه
ومثاله. يقول العلامة
أوريجانوس: [إننا
خُلقنا على
صورة المسيح،
لهذا فالفضائل
في نظره هي أن
نصير واحدًا
معه، هو نفسه
الفضائل التي
نقتنيها[601]]. [هو
العدل
والحكمة
والحق في ذات
الوقت. لذلك
فمن يُمارس
هذه الفضائل
بحق يكون
شريكًا حقيقيًا
في الطبيعة
الإلهية[602]].
يقول
القديس
غريغوريوس
النزينزي:
[يُدعى الله
حبًا
وسلامًا،
بهذه الأسماء
يحثنا أن
نتشكل حسب هذه
الفضائل التي
هي سماته[603]].
الفضيلة
هي عمل الله
في مؤمنيه
قابلي دعوته والمتجاوبين
مع محبته:
v ألا
نلاحظ انه ليس
شيء ما نفعله
بدون المسيح[604].
v لا
نقدر أن نجري
في طريق الله
إلاَّ
محمولين على
أجنحة الروح[605].
v ليس
أقوى من الذي
يتمتع بالعون
السماوي، كما انه
ليس أضعف من
الذي يُحرم
منه[606].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v الله
قدوس ويقدس،
الله بار
ويبرر.
القديس
أغسطينوس[607]
ج.
هذه العطية
الإلهية
مجانية لكنها
لا تُعطى قسرًا
ولا
للمتراخين
وإنما
للمتجاوبين
معها عمليًا. "طوبى
للإنسان الذي
يعمل هذا وابن
الإنسان الذي
يتمسك به،
الحافظ السبت
لئلا ينجسه
والحافظ يده
من كل عمل شر"
[2]. فإن كان
الله قد وهبنا
قيامته أو
حياته المقامة
"سبتًا"، أي
راحة
لنفوسنا،
فيليق بنا أن نعيش
هذه الحياة
ونحفظها، ولا
نعيش في شقاء
الموت وفساده.
لنحفظ يدنا من
ممارسة كل عمل
شرير حتى لا
نخضع لموت الخطية
بل نبقى في
الرب "سبتنا"
الحقيقي.
سبتنا
الحقيقي هو
ربنا يسوع
الذبيح
القائم من
الأموات، فيه
يجد الآب
راحته (سبته)
من جهتنا إذ
نتبرر فيه
ونحسب
أولادًا له؛
وفيه نجد راحتنا
إذ نجد فيه
موضعًا في حضن
الآب.
v نصير
نحن أنفسنا
اليوم السابع
(سبتًا) عندما
نمتلئ ببركات
الله وتقديسه
ونُفعم بها.
القديس
أغسطينوس[608]
د.
تحويل
الغرباء إلى
أبناء بيت
الله: "فلا
يتكلم ابن
الغريب الذي
اقترن بالرب
قائلاً:
إفرازًا أفرزني
الرب من شعبه" [3].
إنما يتمتعون
بالعهد
الإلهي، لهم
حق العبادة
وخدمة بيت
الرب. "وأبناء
الغريب الذين
يقترنون
بالرب ليخدموه
وليحبوا اسم
الرب ليكونوا
له عبيدًا كل
الذين يحفظون
السبت لئلا
ينجسوه
ويتمسكون
بعهدي" [6].
ماذا يعني
قبول الغرباء
كأبناء بيت
الرب والتمسك
بالعهد الإلهي؟
انه تمتع
بالاتحاد مع
السيد المسيح،
للدخول إلى
المقادس
السماوية بلا
عائق، كأبناء
مقدسين فيه
وكأعضاء
جسده، لهم حق
الاتحاد مع
الآب بالروح
القدس خلال دم
العهد، دم السيد
المسيح
الكفاري.
انفتاح
باب الخلاص
أمام الغرباء
لكي يصيروا أبناء
الله، لهم حق
العبادة، كما
الخدمة يُعطي
رجاء للجميع
وكما يقول القديس
هيبوليتس:
[يظهر
"الكلمة"
حنوه مع عدم
محاباته
للوجوه...
يحب
أن يُعلّم
الجاهل، وان
يرد المخطئ
إلى الطريق
الحقيقي.
بسهولة
يجده الذين
يعيشون في
الإيمان،
والذين لهم
العين
الطاهرة
والقلب
المقدس،
الذين يرغبون
أن يقرعوا
الباب؛ فانه
يفتح الباب
سريعًا.
انه
لا يطرد أحدًا
من خدامه كمن
هو غير مستحق للأسرار
الإلهية.
لا
يكرم الغني
اكثر من
الفقير، ولا
يحتقر الفقير
بسبب فقره.
لا
يزدري
بالبربري ولا
يرفض
الخَصِىّ كمن
هو ليس برجل [3-4].
لا
يبغض الإناث
بسبب عصيان المرأة
في البداية
(حواء)، ولا
يرفض الذكور
بسبب عصيان
الرجل.
إنه
يطلب الجميع،
ويرغب في خلاص
الكل، مشتاقًا
أن يجعل الكل
أبناء الله،
داعيًا كل
القديسين
كرجل واحد
كامل[609]].
هـ.
يهب الخصيان
أبناء: "ولا
يقل الخَصِيّ:
ها أنا شجرة
يابسة" [3]. لم
يكن يُسمح
للخصيان
جسديًا أن
يُضموا إلى الكهنوت
(لا 21: 20) ولا أن
يشتركوا مع
الشعب في المحافل...
(تث 23: 1).
الآن
إذ انفتحت
أبواب مراحم
الله لا يوجد
في كنيسة الله
خصي روحي، إذ
ليس بينهم
عقيم بل الكل
مُتئم (نش 4: 2)...
الكل يشهد
لله ويأتي
بأبناء له.
كأن التقاءنا
بالرب لا يقف
عند حقنا في
دخول بيته
والتمتع
بعهده إنما
يهبنا قوة
الشهادة له
والإثمار.
لقد
وعد الله شعبه
إن أطاع
"مباركًا
تكون فوق جميع
الشعوب. لا
يكن عقيم ولا
عاقر فيك ولا
في بهائمك" (تث
7: 14).
و.
يقيم
المؤمنين
أبطالاً
وتبقى ذكراهم
خالدة أبديًا
حتى في
السماء. "إني
أعطيهم في
بيتي وفي
أسواري نُصبا
واسمًا أفضل
من البنين
والبنات،
وأعطيهم
اسمًا أبديًا
لا ينقطع" [5].
يا للعجب فقد
جاء الرب
إلينا
متجسدًا لكي
يموت في أرضنا
ويقوم
ليرفعنا إلى
بيته السماوي
خالدين لا
يقدر الموت أن
يُحطمنا، بل
تصير أسماؤنا
منقوشة في
كتاب الله وعلى
كفه أبديًا.
سرّ
خلود اسمنا في
البيت الإلهي
السماوي هو
اتحادنا
بالسيد
المسيح،
بكوننا
الحجارة
الحية القائمة
على حجر
الزاوية.
"مبنيين
كحجارة حية،
بيتًا
روحيًا،
كهنوتًا مقدسًا
لتقديم
ذبائح روحية
مقبولة عند
الله بيسوع المسيح،
لذلك يتضمن
أيضًا في
الكتاب هأنذا
أضع في صهيون
حجر زاوية
مختارًا
كريمًا،
والذي يؤمن به
لن يخزى" (1 بط 2: 5-6).
ز.
التمتع
بعبادة مفرحة
لنا وموضع
سرور الآب: "وآتى
بهم إلى جبل
قدسي وأفرحهم
في بيت صلاتي،
وتكون
محرقاتهم
وذبائحهم
مقبولة على
مذبحي لأن
بيتي بيت
الصلاة يُدعى
لكل الشعوب" [7].
ماذا
يعني هذا إلاَّ
تمتعنا
بالعبادة لا
كواجب نلتزم
به أو شكليات
وإنما
كارتفاع مفرح
على جبل الرب
المقدس وابتهاج
ببيت الرب
السماوي،
كبيت صلاة
نقدم حياتنا
محرقة حب
وذبيحة مقدسة
ملتحمة
بذبيحة
المسيح
القدوس،
نتهلل نحن ويقبلها
الآب بكونها
حاملة رائحة
المسيح الذكية،
موضع سروره.
يقول العلامة
ترتليان:
[تخرج هذه
الذبيحة من كل
قلب، وتتغذى
على الإيمان،
وتراعى الحق.
تدخل في براءة
ونقاوة، في عفة،
وتتزين بالحب.
يلزمنا أن
نحرسها بعظمة
الأعمال
الصالحة،
مقدمين
مزامير
وتسابيح على
مذبح الله
لننال كل
الأشياء منه[610]].
ح.
انفتاح بيت
الرب أمام كل
الشعوب من
بينهم منفيو
إسرائيل. ربما
قصد
بالمنفيين
هنا عودة الساقطين
أيضا من
المسيحيين
(إسرائيل
الجديد)، فإن
أبواب بيت
الرب مفتوحة
للكل حتى
بالنسبة
للمؤمنين الذين
سقطوا أو
انحرفوا، إذ
رفضت بعض
الهراطقة
قبولهم. وقد
كتب القديس
كبريانوس رائعين
في هذا الأمر
تحت عنوان
التوبة.
هكذا
يُقدم لنا
هذا الأصحاح
صورة حية عن
كنيسة العهد الجديد،
سماتها: إنها
بيت صلاة أي
موضع التقاء
الله مع الناس
حيث ننعم
بشركة حية مع
الله القريب منا،
الذي يُقيم
مسكنه فينا [1].
هي مسكن الحق
والعدل،
مادمنا نتحد
بمسيحنا
البار
والقادر أن يُبرر
الفجّار،
مقدمًا لهم
نفسه حقًا
وعدلاً وبرًا
وحبًا [1]. سمة
هذا البيت
تقديس
الإرادة الحرة:
أبوابه
مفتوحة
للجميع بلا
استثناء لكن
دون قهر أو
إلزام [2-3]، من
يدخله يُنزع عنه
التغرب عن
الله ويصير من
أهل بيت الله،
أما من يرغب
في البقاء
خارجًا فليس
من يلزمه بالدخول.
داخل هذا
البيت يصير
الكل كأشجار
مثمرة لا تعرف
اليبوسة [3]،
لأنه بيت الرب
وفردوسه المثمر.
من يسكنه يحيا
مع مخلصه في
أمجاده إلى
الأبد فيُنقش
اسمه في
السماء ويُقام
له نصب تذكاري
لا يتحطم [5]. في
الداخل فرح أبدي
لا ينقطع
وعبادة مقدسة
علوية
ملائكية (إش 57: 7).
أخيرًا فانه
بيت الرحمة،
من خرج منه لا
تُغلق
الأبواب في
وجهه بل تبقى
أحضان الرب
تنتظر عودته.
2. رفض
جاحدي
الإيمان:
إن
كان بيت الرب
مفتوحًا
للجميع حتى
بالنسبة للمؤمنين
الساقطين،
أيا كان
سقوطهم، لكن
الدخول إليه
هو خلال
"التوبة".
من
يبقى في جحوده
إنما يبقى
خارج بيت
الرب، ليس تحت
رعاية، يتعرض
حتمًا للوحوش
المفترسة وسط
الوعر
الخارجي الذي
اختاره.
يتطلع
النبي إلى
رافضي الإيمان
ليرى
مراقبيهم
عُمْيًا كلهم
بلا معرفة
روحية [10] إذ
لا ينعمون
بعطية الروح
القدس واهب
الاستنارة؛
صاروا ككلاب
عاجزة عن
النبح، لا
تقدر أن تنطق
حتى بكلمة
للبنيان
لخلاص
القطيع، متهاونون
ومتراخون: "حالمون
مضطجعون محبو
النوم" [10]. رُعاتهم
ككلاب تأكل
ولا تنبح،
تهتم بالربح
القبيح لا
بنفع الشعب،
أي طماعون لا
يفهمون الحب
الرعوي
الباذل [11].
يسكرون
ويلهون، بل
ويدعون
الآخرين
ليشاركوهم
سكرهم
وترفهم،
حاسبين أن
حياة اللهو
والترف تدوم
إلى الغد بل
ويتوقعون
ترفًا أكثر
مما هم عليه.
هذه
هي صورة
الرعاية
الفاقدة للحب
الإلهي الحق.
بينما
في بداية هذا
الأصحاح يفتح
الرب بيته الروحي
لكل الشعوب
بلا تمييز،
داعيًا
الغرباء
للتمتع
بالاقتراب
منه والاتحاد
معه لنوال شركة
أمجاده
الأبدية،
يطلب حتى
الساقطين أن يرجعوا
إليه لينعموا
بحبه، إذ به
يقابل ذلك بأنانية
بعض الرعاة
الذين
تقوقعوا حول
"الأنا ego"، ليغلقوا
أبواب مراحم
الله في وجوه
الناس، يطلبون
ما هو للذتهم
الوقتية على
حساب خلاص الآخرين.
[599] Hymns on Nativity 4.
[600] Collationes 1:13.
[601] Fragm. In Joan 1X.
[602] See Henri Crouzel: Théologie de I’image de Dieu chez Origène. Paris 1956, p. 239 ff.
{See T. Spidik: The Spirituality of the Christian East, p. 291}.
[603] Carminum Liber 1.11.9, r 19ff; PG. 37:668.
{See T. Spidik, p. 291}.
[604] In Eph. Hom 1.
[605] In Matt., In Gen. PG. 57:30; 53:228.
[606] In Paralyt. PG. 51:51.
[607] City of God 17:4.
[608] City of God 22:30.
[609] Treat. On Christ and Antichrist, 3.
[610] On Prayer, 28.