المسيح
دائس
المعصَرة
ظهرت
الكنيسة في
الأصحاح
السابق كعروس
تتمتع
بانتسابها
لله مخلصها
وعريسها،
الآن يقدم لنا
صورة للعريس
الذي يبذل
حياته من أجل
عروسه.
1.
المسيح
المصلوب
[1-6].
2.
تسبحة من أجل
إحسانات
الرب
[7-9].
3.
تذكير الله
بأعماله
القديمة
معهم
[10-14].
4.
صلاة
التوبة
[15-19].
1.
المسيح
المصلوب:
في
يوم خراب
أورشليم على
يديْ بابل وقف
بنو آدوم
شامتين بل
وقاموا بدور
إيجابي ضد
أورشليم
بإلقاء القبض
على الهاربين
لتسليمهم
أسرى،
ودخولهم
بغنائمهم
للرعي في أورشليم
الخ... لهذا
يصرخ المرتل
قائلاً: "أذكر
يارب لبني
آدوم يوم
أورشليم
القائلين:
هُدّوا هُدّوا
حتى إلى
أساسها" (مز 137: 7)؛
كما يقول
عوبديا النبي:
"من أجل ظُلمك
لأخيك يعقوب
يغشاك الخزى
وتنقرض إلى
الأبد، يوم
وقفت مقابله،
يوم سَبَتِ
الأعاجم
قدرته ودخلت
الغرباء أبوابه
وألقوا قرعة
على أورشليم
كنت أنت أيضًا
كواحد منهم"
(عو 10: 11).
يشير
آدوم (تعني
ترابًا
ومحبًا لسفك
الدماء) إلى
عدو الخير
إبليس لهذا
يظهر المخلص
كقادم من آدوم
بثياب حمر في
جلاله
وعظمته؛ غلب
العدو وداسه
كما في معصرة
ليهب شعبه
نصرة وخلاصًا.
"من
ذا الآتي من
آدوم بثياب
حمر من بصرة؟!
هذا البهي
بملابسه،
المتعظم
بكثرة قوته؟!
أنا المتكلم
بالبر العظيم
للخلاص" [1].
تطلع
النبي إلى
المخلص وقد
ارتفع على
الصليب محطمًا
آدوم الحقيقي وواهبًا
نصرة وبهاء
لمؤمنيه،
فصار يسأله:
من
أنت؟
من
أين أنت قادم؟
ما
هو حالك؟
ما
هو عملك؟ وما
هو هدفك؟
فمن
جهة شخصه
يقول: "أنا
المتكلم
بالبر العظيم
الخلاص" [1].
كثيرون
يتكلمون
بالبر
ويجيدون
الحديث عنه، حتى
بعض القادة
الدينيين في
ذلك الحين كانوا
قادرين على
التعليم
بخصوص البر.
أما المخلص-
ربنا يسوع -
فهو الوحيد
القادر أن
يتحدث بالبر "العظيم
الخلاص"، أي
البر العملي
الذي يهب
خلاصًا من
الأعداء
وتمتعًا
بالأبدية. هو
وحده البار
الذي لم يعرف
خطية (2 كو 5: 21)،
حمل خطايانا
في جسده ليكفر
عنها بدمه المبذول،
مقدمًا لنا
بره برًا لنا.
إنه فريد في بره،
فمن جانب: هو
وحده الذي بلا
عيب مطلقًا، ومن
الجانب الآخر
قادر أن يبرر
الآخرين. أنه
البار الذي
يُسر الآب به،
يحملنا فيه
لنحسب نحن أيضًا
موضع سروره.
يتكلم
السيد المسيح
عن برّ لا
بفمه فقط
وإنما بكل
كيانه وحياته التي
بذلها
بإرادته
المقدسة خلال
حبه الإلهي
لأجل
تبريرنا،
ليُصلح من حال
طبيعتنا الفاسدة
ويهبها شركة
الطبيعة
الإلهية (2 بط 1: 4).
من
جهة الموقع
رآه قادمًا من
"آدوم" التي
تعني
"ترابًا" أو
"دمًا". وكأن
الرب جاء إلى
حيث سقطنا،
إلى آدوم، حيث
عدنا إلى
ترابنا لكي
يحول ترابنا
إلى سماء. لقد
قيل لنا "لأنك
تراب وإلى
تراب تعود" (تك
3: 19)، الآن إذ نزل
مخلصنا السماوي
إلى أرضنا
لنتحد معه
نسمع الصوت
الإلهي: "لأنك
سماء وإلى
سماء تعود".
هذا هو برّ
المسيح الذي
يرفعنا كما من
المزبلة
ليُقيمنا في
سمواته.
من
جانب آخر
فإننا إذ صرنا
"أدوم" (= دم)
محبين للقتال
أو مبغضين
للغير، فإن
مسيحنا جاء
إلى أرض
المعركة
ليغتصبنا من
عدو الخير
المحب لسفك
الدماء لكي
يتسع قلبنا
بالحب والبذل!
من
جهة عمله
يقول: "قد
دستُ المعصرة
وحدي ومن
الشعوب لم يكن
معي أحد" [3].
دخل المعركة -
معركة الصليب
- وحده، وكما
قال لتلاميذه:
"وتتركونني
وحدي وأنا لست
وحدي لأن الآب
معي" (يو 16: 32).
لباسه
محمر وثيابه
كدائس
المعصرة [2]، إذ
ألبسوه ثوبًا
قرمزيًا (مز 15: 17)
ليسخروا به.
كما تُشير إلى
أن جسده كله
قد أفاض دمًا
من الجراحات
الواهبة
الشفاء (إش 53: 5). هذا
البذل هو سرّ
جمال فائق
يدركه من
اختبر الصليب
كقوة الله
للخلاص، لهذا
قيل
"البهي
بملابسه" [1].
v صنع
تدبيرًا
رائعًا للجسد
المتألم، فقد
تزين بالآلام
وتمجد
باللاهوت،
فإنه ليس أكثر
من ذلك عذوبة
وجمالاً.
القديس
غريغوريوس
النزينزي[661]
ما
فعله إنما
بوحي حبه
العظيم
وغيرته نحو
عروسه إذ أراد
أن يُحررها من
العدو إبليس
ويهبها التمتع
بسنة اليوبيل
الدائمة أو
التحرر غير المنقطع
[4].
2. تسبحة
عن إحسانات
الرب:
لم
يجد النبي ما
يمكن للكنيسة
العروس
المفدية
بالدم أن
تقدمه مقابل
إحسانات الله
الدائمة
والتي تجلت في
أعمق صورها
على الصليب
سوى التسبيح
له.
لم
يقدم الله
إحساناته من
أجل مقابل
ما، إنما من
أجل مراحمه
وكثرة
إحساناته،
متطلعًا إلينا
إننا شعبه
وبنوه؛
يُشاركنا
ضيقنا وآلامنا.
"في كل ضيقهم
تضايق وملاك
حضرته
(المخلص)
خلصهم" [9]. إنه
حب عجيب!
3. تذكير
الله لأعماله
القديمة:
إن
كان الإنسان
في غباوته
يأخذ موقفًا
مضادًا من
خالقه
وفاديه، فإن
الله في محبته
يذكر أعماله
القديمة معهم
كيف راعاهم
خلال موسى، وكيف
حل في وسطهم
بروحه القدوس.
شق أمامهم
المياه
ليتمجد اسمه
فيهم... لا يزال
الله هو هو في
حب يود أن
يقود شعبه
بنفسه!
حقًا
إنه يؤدبهم
على موقفهم
العدائي لكنه
يبقى منتظرًا
عودتهم، هذا
ما عناه
بقوله: "ولكنهم
تمردوا
وأحزنوا روح
قدسه فتحول
لهم عدوًا وهو
حاربهم، ثم
ذكر الأيام
القديمة الخ..."
[10-11].
v إن
كنا نصلي
ونردد
المزامير
قدامه في كبرياء
بطريقة
نقدية، في
زهو، إن كنا
نتمم الخدمة
بتشتيت فكر
ليس فقط لا
يصغي إلينا بل
ويسلمنا
للشرير... يرتد
ليصير خصمًا
يُحاربنا؛ بمعنى
آخر يسحبنا من
حضرته
ويسلمنا
للشيطان لتأديبنا
حتى نتوقف عن
التجديف (1 تي 1: 20).
الأب
مارتيروس
السرياني[662]
4. صلاة
وتوبة:
حين
نسقط في الشر
ونقف كمعادين
لله، يبقى الله
منتظرًا
توبتنا. فلا
نبرر أخطاءنا
إنما نستدر
حبه وغيرته
نحونا بكونه
أبانا الذي
يعرفنا أكثر
من إبراهيم أب
المؤمنين
وإسرائيل نفسه
[16].
"تطلع
من السموات
وانظر من مسكن
قدسك ومجدك" [15].
هكذا يشعر
الخاطئ كأنه
قد دنّس الأرض
بخطيته ورجاسته،
وكأن الله قد
فارق الأرض
ليبقى في السماء
حيث مقدسه
ومجده، لهذا
يستدر مراحم
الله، طالبًا
منه أن يتطلع
من سمواته
الطاهرة نحو
النفس
الساقطة
والمشتاقة
إلى الرجوع
إليه والتمتع
بحضرته.
ربما
جاء هذا
الشعور كوليد
لما حل بهيكل
الرب من خراب،
فقد رأى
حزقيال النبي
مجد الرب يُفارق
الهيكل
والمدينة
"أورشليم" بل
والأرض كلها،
إذ يقول: "وخرج
مجد الرب من
على عتبة
البيت ووقف
على
الكروبيم،
فرفعت
الكروبيم
أجنحتها
وصعدت عن
الأرض قدَّام عيني"
(حز 10: 18-19).
"أين
غيرتك؟...
ومراحمك نحوي
قد امتنعت" [15].
تقوم التوبة
على أساس
اكتشاف غيرة
الرب نحو أولاده
وحبه الفائق
العميق "زفير
أحشائك"
ومراحمه نحو
الإنسان مهما
كانت ضعفاته.
كما تقوم على
إدراكه بنوته
له (تث 32: 6؛ إش 63: 16).
"لماذا
أضللتنا يارب
عن طرقك؟!
قسَّيتَ
قلوبنا عن
مخافتك؟! ارجع
من أجل عبيدك
أسباط ميراثك"
[17]. واضح هنا أن
التائب لا
يعني إلقاء
اللوم على الله،
إنما بعدما
اكتشف أبوة
الله في الحال
يُعاتبه،
بأنه كان
ينتظر أن
نعمته تسنده.
حقًا لقد أخطأ
وتمادى في
الخطأ فأسلمه
الله لذهنه المرفوض،
وتركه لقساوة
قلبه (رو 1: 28)،
الآن يطلب نعمته
حتى لا يضل عن
طريق الرب ولا
يبقى في قساوة
القلب. هذا ما
عناه المرتل
بقوله: "بكل
قلبي طلبتك،
لا تضلني عن
وصاياك" (مز 119: 10).
حين
يدخل الإنسان
تحت التأديب
يشعر بالمرارة
لذلك يقف
معاتبًا الله
بكل وسيلة، تارة
يسأله ألا
يسمح بعد أن
يتركه في فساد
ذهنه وقساوة
قلبه، وأخرى
يسترحمه من
أجل قديسيه المباركين
الذين يطلبون
عن البشرية [17]،
وأخيرًا
يسأله أن يسرع
بالنجدة إذ
طالت مدة
التأديب. هذا
ما عبّر عنه
النبي بالقول:
"إلى قليل
امتلك شعب
قدسك،
مضايقونا
داسوا مقدسك، قد
كنا منذ زمان
كالذين لم
تحكم عليهم
ولم يُدع
عليهم باسمك"
[18-19]. لقد حسبوا
المدة التي
امتلك فيها
الشعب الهيكل
"قدس الرب"
قليلة مع أنها
تبلغ حوالي 400
عام من بناء
الهيكل حتى
السبي، أما
مدة السبي (70 سنة)
فحسبوها
طويلة للغاية
بسبب
مرارتها، إذ
يقولون "كنا منذ
زمان...". صاروا
تحت السبي
مثلهم كسائر
الأمم كأن الله
ليس حاكما
عليهم ينقذهم
من هذا
المُرّ، وكأن
اسمه لم يدع
عليهم...
إذ
ذاقوا مرارة
السبي
اشتاقوا أن
يملك الرب عليهم
ويدعو اسمه
عليهم حتى
يخلصهم.
[661] Orat. On Easter 35.
[662] Book of Perfection 77.