عمل كلمة الله
يرى البعض أن حزقيال النبي فتح فمه وتقبل من يدَّيْ الله الكتاب المقدس ليأكله، لكنه أبقاه في فمه، لهذا طلب منه الله مرة ثانية أن يأكل السفر ويبتلعه، كى يدخل إلى أعماقه، فيشبع وتمتلىء، عندئذ يدرك مسئوليته كرقيب ينذر ويرشد، يعمل تحت قيادة روح الله، يعرف متى يتكلم ومتى يصمت.
1.
عذوبة كلمة الله
[1-3].
2.
صعوبة العمل
[4-14].
3.
مسئوليته كرقيب
[15-21].
4.
الحاجة للخلوة قبل العمل
[22-23].
5.
للصمت وقت وللكلام وقت
[24-27].
1.
عذوبة كلمة الله:
صدر الأمر لحزقيال النبي أن يأكل السفر (كلمة الله)، كما صدر للقديس يوحنا الحبيب (رؤ 10: 9)
يقول إرميا:
"وجدت كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي" (15: 16)
ويقول السيد المسيح:
"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4:
4). كلمة الله طعام شهي، يهب حياة وفرحًا وبهجة داخلية، نقتدي نعتذى به فنحمله في أعماقنا.
هو حلو، وإن كان يحمل مرارة بسبب تأديبات الله التي لخلاصنا.
إذ تقبل حزقيال النبي من يدي الله كلمته كدرج مفتوح قرأ ما بداخله وما بخارجه فوجده يحوي مراث وويلا مع تسابيح، ففتح فمه لكي يطعمه الله بيده فتشبع أعماقه، وإذا به يجده في فمه كالعسل حلاوة.
ما أعجب حب الله، فإنه يتعامل معنا كمربية أو كأم حنون، يمد يده ليطعمنا نحن الرضع المحبوبين لديه.
نرتمى على صدره كالرضيع على صدر أمه، فنجد وصيته لبنًا نقيًا يصدر من ثدييه (العهدين) وكعسل النحل والشهد.
وصيته صالحة للصغار والكبار الناضجين.
وصية الله صعبة وثقيلة على الإنسان الطبيعي، بل أحيانًا يراها البعض كأنها قيد على الحرية الإنسانية، لكن متى امتدت يد الله لتقدمها لنا في داخلنا نجدها حلوة كالعسل.
ما هي هذه اليد الممدودة
(1: 9) التي نظرها حزقيال إلا ابن الله الذي يُدعى
"ذراع الرب"
وقد صارت منظورة خلال التجسد الإلهي.
هذا الذي قدم لنا الوصية الإلهية ليس خلال الأوامر والنواهي، بل خلال الحب العملي المتبادل بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه، مقدمًا نفسه مثالا ومعينًا، إذ يقول:
"هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم.
أنتم أحبائي...
لا أعود أسميكم عبيدًا، لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكنني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي"
(يو 14: 12-15) بهذا صارت الوصية الإلهية ليست أمرًا نلتزم بطاعته بل انفتاح بصيرتنا الداخلية بالحب لإدراك إرادة محبوبنا، فنطيعه كأحباء تلتقى إرادتنا بإرادته الإلهية اختياريًا! بهذا يمكننا أن نفهم كلماته:
"إحملوا نيرى عليكم وتعلموا مني... لأن نيرى هين (لذيذ) وحملي خفيف" (مت 11:
29-30)، مع أنه سبق فقال: "ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا...
من لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني"
(مت 10: 34، 38) بالحب يصير الألم عذبًا والصليب مجدًا، والوصية حلوة كالعسل.
كلمة الله أيضًا تحمل إنذارات ضد الساقطين لكي يتوبوا، هذه التي تجعل خادم الكلمة في موقف حرج بل ويتعرض للمتاعب والضيقات، لكنها تقدم في نفس الوقت عذوبة وفرحًا للخادم، إذ يدرك مقاصد الله الخلاصية.
حينما كتب الرسول بولس بشدة أحزن أهل كورنثوس، لكنه عاد يوضح لهم أنهم وأن كانوا قد حزنوا لكنه يفرح بهذا الحزن الذي للتوبة فيفرحون هم أيضًا معه، قائلاً:
"لأنه إن كنت أحزنكم أنا فمن هو الذي يفرحني إلا الذي أحزنته، وكتبت لكم هذا عينه حتى إذا جئت لا يكون لي حزن من الذين كان يجب أن أفرح بهم، واثقًا بجميعكم أن فرحي هو فرح جميعكم، لأني من حزن كثير وكآبة قلب كتبت إليكم بدموع كثيرة لا لكي تحزنوا بل لكي تعرفوا المحبة التي عندي ولاسيما من نحوكم"
(2 كو 2: 2-4).
2.
صعوبة العمل:
لم يرسله الله إلى أمم أجنبية ولا إلى شعب غريب اللهجة، بل أرسله إلى شعبه، إلى الأمة التي عندها شريعة الله. لكن للأسف أمة عاصية، رفضت الاصغاء إلى الشريعة التي تسلمها موسى على جبل سيناء، وبقيت ترفض كلمة الله على ألسنة الأنبياء...
حتى جاء الكلمة ذاته فرفضوه.
يعاقبهم الله بطريقة غير مباشرة قائلاً لحزقيال:
"فلو أرسلتك إلى هؤلاء لسمعوا لك" [6]. وبالفعل عندما جاء الكلمة قبلته الأمم الغريبة الجنس.
كانت إرسالية حزقيال صعبة للغاية،
"لأن كل بيت إسرائيل صلاب الجباه وقساة القلوب" [7].
هذا هو فعل الخطيئة في حياة الإنسان، تجعل قلبه قاسيًا كالحجر وجبهته صلبة لا يريد أن يسمع الصوت الإلهي بل يقاومه بعنف بلا حياء. لكن الله يهب خدامه قوة، إذ يقول: "هأنذا قد جعلت وجهك صلبًا مثل وجوههم، وجبهتك صلبة مثل جباههم.
قد جعلت جبهتك كالماس أصلب من الصوان فلا تخفهم ولا ترتعب من وجوههم لأنهم بيت متمرد"
[8-9]. إن كان الشر في طبعه عنيفًا لكنه لا يقدر أن يثبت إلى النهاية، فإن الخير يُحطمه، كما يبدد النور الظلمة والحق الباطل، وملكوت الله يبقى إلى الأبد أما مملكة إبليس فإلى حين.
هكذا كلما اختفى الخادم في الله كملجأ له لا يقدر عدو الخير أن يثبت أمامه.
إذ قبل حزقيال كلمة الله سمع خلفه صوت رعد عظيم [12]، هي الإمكانيات السماوية العاملة في الخفاء داخل قلبه، ترعد لتحطم الشر الذي قسَّى قلوب الخطاة.
لقد سمع صوت أجنحة المخلوقات الحية المتلاصقة.
وكأن الخليقة السماوية التي تعمل معًا بروح واحد تسندنا أيضًا بصلواتها عنا. أما صوت البكرات فهو سلطان الكلمة الإنجيلية التي تأسر القلوب وتجتذبها.
مع كل هذه الإمكانيات:
الإمكانيات الإلهية السماوية ومساندة السمائيين بجانب فاعلية الكلمة ذاتها، فإن الخدمة مملؤة أتعابًا وآلامًا...
يكفي مرارة القلب الداخلي من أجل النفوس المحطمة، إذ يقول النبي: "فحملني الروح وأخذني، فذهبت مُرَّاً في حرارة روحي، ويد الرب كانت شديدة عليَّ" [14]. كأنه يقول المرتل:
"الكآبة ملكتنيى من أجل الخطاة الذين حادوا عن ناموسك"
(مز 118).
كان على حزقيال أن يُعلن الرسالة بين الذين عانوا من السبي، ولهم أن يقبلوا كلمة الله إما رائحة حياة لحياة أو رائحة موت لموت.
للأسف لم ينتفعوا من السبي، ولا لانت قلوبهم بسبب التأديب، ولا انصتوا إلى كلمة الله وسط غربتهم، بل ازدادوا قسوة وعنادًا ضد الله وانبيائه.
لقد أوضح له الله أنهم يرفضون الاستماع له، بل يقاومونه ويضطهدونه...
إنها مسئوليتهم لا مسئوليته.
أما هو فيلزمه أن ينعم بقوة إلهية تجعله صلدًا كالماس ليواجه قساوتهم [8].
حمله روح الرب من أمام العرش ليأتي به إلى المسبيين لخدمتهم [12-15]، ليدرك أن تحركاته ليست حسب إرادته البشرية، لكن حسب خطة الله...
أنه محمول بالروح.
جاء فامتلأت نفسه مرارة، وكانت يد الرب شديدة عليه [14]
لعل سر مرارة نفسه نبع عن مقارنته بين وقفته أمام العرش الإلهي يشارك السمائيين تسابيحهم، وانتقاله إلى المسبيين وقد حطمت الخطية سلامهم وبهجة قلبهم، تمرر في نفسه قائلاً
مع بطرس الرسول:
"جيد يا رب أن نكون ههنا". أنه لا يريد مفارقة العرش الإلهي.
ولعله أيضًا تمرر لأنه شعر بحرمان الشعب مما رآه واختبره بمثوله أمام العرش الإلهي!
3.
مسئوليته كرقيب:
إذ أكل حزقيال كلمة الله وشبع منها بقى وسط المسبيين سبعة أيام في حيرة، لايعرف ماذا يفعل، فكان صوت الرب له
"يا ابن آدم قد جعلتك رقيبًا" [17].
كأن أمرين ضرورين لازمان لإقامة الرقيب:
أن يأكل كلمة الله، وأن يعيش سبعة أيام وسط شعبه.
أما رقم 7 فيشير إلى الكمال أو كمال أيام الأسبوع، وكأن الرقيب ليس موظفًا يؤدي عملاً بالأجرة، يعمل إلى حين ويستريح، لكنه بالحق إنسان محب يلقي بنفسه وسط شعبه كل أيام عمره لا يعرف الراحة لنفسه.
حينما أراد الرسول بولس أن يصف أول قائد للشعب أي موسى النبي قال عنه:
"بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يُدعى ابن ابنه فرعون، مفضلاً بالأحرى أن يذل مع شعب الله على أن يكون له تمتع وقتي بالخطية، حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظر إلى المجازاة"
(عب 11: 24-26) هكذا ألقى موسى بنفسه وسط عار شعبه حاسبًا ذلك أفضل من أن يعيش في راحة القصر الفرعوني، تاركًا كل متعة وقتية من أجل المكافأة الأبدية.
هذه هي سمات الرقيب الروحي.
إنه يعمل وسط شعبه كخادم لهم، يحمل عارهم ولا يطلب ما لنفسه بل ما هو لراحتهم.
أما دعوته
"رقيبًا"
فعلامة وجود حرب روحية، في خدمته يغسل أقدام الآخرين ويحارب الشيطان وجنوده.
قديمًا كانت المدن تُقام غالبًا على تلال ويُبنى برج على أسوار المدينة، ويوجد في البرج رقيب يستطيع أن يتتبع تحركات أي عدو قادم نحو المدينة فينذر الشعب عندئذ تُغلق ابواب المدينة ويستعد الجيش للحرب.
أما وصية الله له فهي:
"اسمع الكلمة من فمي وأنذرهم من قبلي"
[17]. ينبغي كرقيب أن يحمل روح التمييز والإفراز من خلال حفظه كلمة الرب وشركته مع الله، فلا ينذر من عندياته بل بما يسمعه من فم الله، ولا يتكلم باسم نفسه بل باسم الله (من قِبلي).
بهذا يقدر أن ينذر بكل قوة بلا خوف ولا مجاملة ولا مداهنة، لئلا تهلك النفوس ويُطلب دمها منه.
لقد أوضح الله لخادمه مدى مسئوليته عن هلاك كل نفس لا
يُحذّرها متهاونًا معها، الأمر الذي أرعب خدام الله عبر العصور، لهذا حينما شعر القديس أمبروسيوس بخطأ ارتكبه الإمبراطور ثيؤدوسيوس، أسرع بالكتابة إليه يحذره قائلاً له: [هل أستطيع أن أصمت؟! فإن ضميري يصير مقيدًا، ونطقي ينزع عني، وأصير في أبأس حال يمكن أن أكون عليه!... إن كان الكاهن لا يتكلم مع من يخطئ...
يموت الخاطئ في خطيته، ويخضع الكاهن نفسه للعقوبة لأنه لم يحذر من الخطأ[72]]. مرة أخرى يكتب إليه هكذا:
[أتوسل إليك أن تصغي إلى ما أقوله بطول أناة.
فلو أنني لا أستحق أن تسمع لي أكون أيضًا غير مستحق أن أقدم تقدمات عنك، أنت الذي وثقت في بنذورك وصلواتك...
ليس من جانب الإمبراطور أن يرفض حرية الكلام، ولا من جانب الكاهن ألا ينطق بما يفكر فيه[73]].
لقد قدم لنا القديس يوحنا الذهبي الفم مثلاً
رائعًا لاهتمام الرقيب لا بالجماعة ككل بل بكل نفس كما لو كانت الجماعة كلها، إذ يقول:
[كل واحد منكم - في عينيَّ - يساوي المدينة كلها[74]].
مرة أخرى يقول:
[لا يقل لي أحد إن كثيرين قد نفذوا الوصية، فإنني لا أبتغي هذا، بل أريد الكل أن يفعلوا هكذا.
فإنني لا أستطيع أن التقط أنفاسي حتى أرى ذلك قد تحقق! فإنه إن كان واحد قد ارتكب الزنا بين أهل كورنثوس لكن بولس كان يتنهد كما لو أن المدينة كلها ضاعت[75]].
لقد شعر القديس بولس بمسئوليته كرقيب، فيقول لقسوس الكنيسة التي في أفسس:
"لذلك أشهدكم اليوم هذا أني برئ من دم الجميع، لأني لم أؤخر أن أخبركم بكل مشورة الله...
اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين ليلاً ونهارًا لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد"
(أع 20: 26، 27، 31). وكما يقول الآب قيصريوس أسقف آرل:
[من أي دم الرسول برئ؟... دم النفوس طبعًا وليس دم الأجساد[76]]. كما يقول:
[يلزمنا أن نخاف لئلا تهلك نفوس الكثيرين بسبب مجاعة كلمة الله الناجمة عن اهمالنا فتطلب من نفوسنا في يوم الدينونة[77]].
4.
خلوة قبل العمل:
إذ يسلك كرقيب أمره الرب ألا يتسرع في بدء العمل بل يخرج إلى البقعة ليتكلم معه [22]، وهناك أراه مجده السماوي مرة أخرى كما رأى عند نهر خابور.
فإن نجاح الرسالة لا يقوم على كثرة العمل بل على نوعية الخادم، أنه ملزم بالتقديس خلال خلوته مع الله، ليرفع قلبه إلى الأمجاد الإلهية فيقدم للشعب في حياته
"قوة الحياة السماوية".
إن الخروج إلى البقعة لمعاينة مجد الرب أمر ضروري لكل خادم، لهذا بعد أن دُعي الرسول بولس للخدمة التزم بالاقامة ثلاث سنوات في البرية في خلوة طويلة مع الله ليتهيأ للعمل الرسولي.
ويتحدث القديس أغسطينوس عن التزام الخدام بالخلوة الروحية دون أن تعوق الخلوة العمل ولا العمل حياة الخلوة، إذ يقول:
[الذين قد أنيط بهم أعمال الخير ورعاية النفوس ملزمون أن يحملوا للناس شهادة عن الحياة الأخرى (التأمل)، لذلك يجب أن يتفرغوا لدراسة الحق وتأمله والحياة الأبدية.
كما أنه ليس من الإنصاف أن تكون حياة التأمل سببًا في إعاقة إنسان للقيام بالمهام الكنسية[78]].
نحتاج لنجاح خدمتنا أن يتجلى الرب في قلوبنا، وأن ننعم بالحضرة الإلهية، ليس مرة واحدة، وإنما من وقت إلى آخر، فننعم برؤى جديدة مستمرة، تكشف عن مجد الله وقوته وإمكانياته...
فنتأكد أنه عامل فينا وبنا. هو حاضر دومًا في داخلنًا، يتجلى باستمرار في أعماقنا.
5.
للصمت وقت وللكلام وقت
:
تكررت الرؤيا وتكرر سقوط حزقيال النبي على وجهه، وأيضًا دخله الروح الإلهي ليقيمه ويسمع هذه الرسالة:
"اذهب أغلق على نفسك في وسط بيتك...
وألصق لسانك بحنكك فتبكم، ولا تكون لهم رجلاً موبخًا لأنهم بيت متمرد.
فإذا كلمتُك أفتح فمك وتقول لهم هكذا قال السيد الرب" [24-27].
هكذا أراد الرب منه ألا يعمل بالغيرة البشرية لكنه يصمت ولا يتكلم حتى يأذن له بالكلام، فيتكلم في الوقت الذي يراه الرب مناسبًا وبكلمات الرب وباسمه.
إن كان كرقيب، في صمته على الشر يُدان، إلا أنه ينبغي أن يتعلم ما قاله الحكيم
"للسكوت وقت وللتكلم وقت" (جا 3: 7).
وكما يقول القديس أمبروسيوس:
[زن حديثك ولتقس كلماتك]، وأيضًا: [الرجل الحكيم في حديثه يأخذ في اعتباره ماذا يتكلم، ومن الذي يكلمه، وظروف المكان والزمان...
هكذا يلزم أن يكون هناك قياس للاحتفاظ بالصمت كما بالكلام].
يقول الأب غريغوريوس
الكبير:
[لابد أن يكون الراعي حكيمًا في صمته نافعًا في كلامه[79]].
من وحي
حزقيال 3
أطعمني بوصيتك يا شهوة قلبي!
v أطعمني بوصيتك يا شهوة قلبي!
مدّ يدك وقدم لي وصيتك خبزًا سماويًّا.
أني طفل بل ورضيع، لن أقبل طعامًا من آخر غيرك!
أنت أحَّن على من والدّي يا مخلص نفسي!
v وصيتك صعبة يا مخلص نفسي،
صليبك ثقيل، وطريقك كرب ضيق،
لكن من يديك تصير وصيتك خبزًا وعسل نحل،
يصير صليبك مجدًا، وطريقك سماءً جديدة!
v أرسلت نبيك يحمل كلمتك إلى شعبك العنيد،
هب لي أن أحمل وصيتك إلى كل نفس مهما كان عنادها!
مع استلام كلمتك حدث رعد عظيم في السماء.
لترعد السماء ولتزلزل كل قساوة في قلبي وقلوبهم.
لتنزُع عنها الطبيعة الأرضية المتزعزعة،
ولتنعم بحياة سماوية أبدية.
v قدم نبيك كلمتك إلى شعب عنيد فتمررت نفسه.
ألعله كان مُرّ النفس لأنه لا يريد مفارقة التطلع إلى مركبتك؟!
ألعله كان مُرّ النفس لأنه تلامس مع عناد البشرية؟!
أعطني وسط مرارة نفسي أن أرى سمواتك،
هب لي وسط حزني أن أتلامس مع توبة الكثيرين.
فرح قلبي بعملك الإلهي في وفيهم أيها الكلمة الإلهي.
بقى نبيك وسط المسبيين سبعة أيام،
هب لي أن أقضي كل أيام غربتي أعمل في كرمك.
أني لست أجيرًا أحسب الزمن،
لكني ابن أشتاق إلى العمل في كرم أبي.
v علمني أيها الكلمة الإلهي:
متى أختلي بك لأعرف أسرارك؟!
ومتى أعمل في الكرم لأخدم شعبك؟!
هب لي في خلوتي ألا أنسى شعبك،
وفي خدمتى ألا أتوقف عن التأمل في أسرارك.
v ارشدني أيها الكلمة الحقيقية،
فأني لا أعرف متى أصمت ومتى أتكلم،
كيف أصمت وكيف أتكلم؟!
ها أنا بين يديك، كن قائدي العامل فيّ.
[72]
Epistle 51:3.
[73]
Ibid 40:1.
[74]
De Terrac. motu. p 650 ;714.
[75]
Conc. Statutes, Homily 13:12.
[76]
Sermon 1:3.
[77]
Ibid 1:15.
[78]
للمؤلف: الحب الرعوي، 1965، 709، 710.
[79]
للمؤلف: الحب الرعوي، 1965، ص 694.