بين
حلم
نبوخذنصَّر
ورؤيا دانيال:
عوض
تفسير دانيال
لأحلام
الملوك وُهب
رؤى يفسرها له
ملاك؛
والرؤيا التي
بين أيدينا في
هذا الأصحاح
لا تحتاج إلى
تفسيرٍ
تاريخي حيث
قدم للنبي
التفسير.
بصفة
عامة جاءت هذه
الرؤيا تحمل
نفس أساس حلم نبوخذنصَّر
الوارد في
الأصحاح
الثاني، ولكن
بمعانٍ
مختلفة مع
إضافات. فقد
رأى تحول المملكة
من أشور إلى
بابل (سنة 612 ق.م)،
ومن بابل إلى فارس
(سنة 539 ق.م)، ومن
فارس إلى
الإسكندر
الأكبر (سنة 331
ق.م)، ومن
المقدونيِّين
إلى الدولة
الرومانية
التي بدأت في
(سنة 63 ق.م).
رأى
نبوخذنصَّر،
الذي يمثل
الإنسان
الطبيعي،
ممالك العالم
العظيمة
ممثلة في
تمثالٍ لرجلٍ
عظيمٍ، وكان
التمثال
معدنيًا
برأسٍ ذهبيٍ. أما
دانيال،
الإنسان
الروحي،
فرآها ممثلة في
أربعة
حيوانات
مفترسة قاتلة
وجائعة، تتحدث
عن الجانب
الأخلاقي
لإمبراطوريات
العالم. ما
رآه
نبوخذنصَّر
يمثل النظرة
البشرية للممالك
الأربع، إذ
تركز على
الغني
والعظمة والسلطة،
أما ما رآه
دانيال
فيُمثل نظرة
الله إلى هذه الممالك
عينها حيث
يراها وحوشًا
مفترسة تخرج
كل منها
لتفترس
سابقتها[166].
الأول رآها من
الزاوية
السياسية
كملكٍ ممتص بكل
تفكيره في
السلطة، أما
دانيال
فيشغله انتصار
مملكة الحق
وزوال الشرّ
بكل جبروته.
رأى
نبوخذنصَّر
السيِّد
المسيح كحجرٍ
صغيرٍ ينمو
فيملأ الأرض
كلها، أما
دانيال فرآه
بطريقة
مباشرة ابن
الإنسان
الممجد (13-14)، جاء
ليقيم مملكته
الروحية
الأبدية في
حياة البشرية.
لم يرَ
نبوخذنصَّر
ضد المسيح،
أما دانيال فرآه
بكونه الملك
الشرير يظهر
في الأيام
الأخيرة في
شيء من
التفاصيل.
كلاً
من حلم
نبوخذنصَّر
ورؤية دانيال
قد سُجلا لنفع
الشعب
اليهودي
المسبي
والبابليِّين،
كما لنفع
الأجيال
المقبلة. في
هذه الرؤيا تختلف
كل
إمبراطورية
عن الأخرى،
لكن الكل يشترك
معًا في
العُنف
والوحشية
(وحوش أربعة)
وعدم التعقل.
1.
تاريخ الرؤيا
[1].
2. البحر
الكبير
[2].
3. الوحش
الأول:
بابل
[3-4].
4. الوحش
الثاني: مادي
وفارس
[5].
5. الوحش
الثالث:
الإمبراطورية
اليونانية
[6].
6. الوحش
الرابع:
الإمبراطورية
الرومانية
[7].
7. القرن
الصغير
[8].
8.
القديم
الأيام
[9-12].
9. مثل
ابن
إنسان
[13-14].
10. تفسير
الرؤيا
[15-18].
11. مملكة
ضد المسيح
ومملكة
القديسين
[19-27].
12.
اضطراب
دانيال
[28].
1.
تاريخ الرؤيا:
"في
السنة الأولى
لبيلشاصَّر
ملك بابل رأى
دانيال
حُلمًا ورؤى
رأسه على
فراشه.
حينئذ
كتب الحلم،
وأخبر رأس
الكلام" [1].
وُهب
دانيال هذه
الرؤيا خلال
السنة الأولى
من ملك
بيلشاصَّر آخر
ملوك بابل (556-539
ق.م)، فمن
الجانب
التاريخي يأتي
هذا الأصحاح
قبل
الأصحاحين [5-6]؛
أي أن زمن هذه
الرؤيا عام 555
ق.م.
2.
البحر الكبير:
"أجاب
دانيال وقال:
كنت
أرى في رؤياي
ليلاً،
وإذا
بأربع رياح
السماء هجمت
على البحر
الكبير" [2].
في الليل،
أي في هذا
العالم قبل أن
يُشرق عليه
شمس البرّ، في
ظلام الفساد
الذي لا نور
له، رأى
البحر الكبير
الذي ندعوه
حاليًا البحر
الأبيض
المتوسط.
1. كانت
حدود الأربع
ممالك
العظيمة هو
البحر الأبيض
المتوسط،
وجاءت عاصمة
المملكة
الأخيرة
"روما" على
ساحله، لذا
فمن المناسب
أن تظهر
الحيوانات
الأربعة
صاعدة منه.
2. يُشير
البحر في
الكتاب
المقدس
رمزيًا إلى شعوبٍ
وجماهيرٍ
وأممٍ
وألسنةٍ (رؤ 17: 15؛
لو 21: 25؛ إش 57: 20).
3. يرمز
البحر العظيم
بأمواجه إلى
حالة الاضطراب
الدائم أو عدم
الاستقرار...
هذه سمة اشتركت
فيها الممالك
الأربع.
يرى
البعض أن
البحر الكبير
هنا ليس هو
البحر الأبيض
المتوسط كما
في (يش 9: 1)، وإنما
هو الهاوية مسكن
إبليس، الذي
في كل جيل
يبعث بخدامه
للعمل لحساب
ملكوته،
ومقاومة
ملكوت الله.
والبحر أيضًا
يمثل
الاضطراب،
فإن عدو الخير
تقوم مملكته
على بث روح
الاضطراب
والقلق، لذا
في السماء
الجديدة
والأرض
الجديدة لا
يكون بحر بعد
(رؤ 21: 1).
يرى
اليهود أن
التنِّين،
رمز إبليس،
يسكن في البحر
(إش 27: 1). وأن
الكنيسة
المستيقظة
اللآبسة القوة
التي تعمل
بذراع الرب
تجفف البحر
وتطعن التنِّين:
"استيقظي،
استيقظي، ألبسي
قوة يا ذراع
الرب... ألستِ
أنتِ القاطعة
رهب، الطاعنة
التنِّين؟!"
(إش 51: 9، 10). لذا
تترنم قائلة:
"أنت شققت
البحر بقوتك،
كسرت رؤوس
التنانين على
المياه. أنت
رضضت رؤوس
لوياثان" (مز 74:
13-14).
رياح
السماء
الأربع:
تُشير
إلى وكالات
الله الخفية
العاملة. هذا وتُشير
الريح إلى
الروح القدس
الذي يعمل في
الخفاء (يو 3: 8)،
إذ "ريح"
و"روح" في
العبرية كما
في اليونانية
كلمة واحدة.
وكأن ما يراه
النبي هنا
صادر من
السماء بسماحٍ
إلهيٍّ، حيث
يعمل روح الله
لحساب ملكوته
السماوي حتى
وإن بدت
الأحداث
مُرّة أو مقاومة
لعمل الله.
v أظن
أن الأربع
رياح السماء
هي قوات
ملائكية عُهدت
إليها
الرئاسات،
وذلك في توافق
مع ما جاء في
سفر التثنية:
"حين قسَّم
العليّ
للأمم، حين
فرق بني آدم
نصب تُخومًا
لشعوب حسب عدد
الملائكة؛ إن
قسم الرب هو
شعبه؛ يعقوب
حَبْلُ نصيبه
(ميراثه)" (تث 32: 8LXX ). لكن البحر
يعني هذا
العالم
والزمن
الحاضر، وقد غطّته
الأمواج
المالحة
المُرّة،
وذلك كتفسير
الرب عن
الشبكة
المُلقاة في
البحر (مت 13).
هكذا أيضًا
يُوصف ملك كل
الخلائق
القاطنة في
المياه
كتنِّينٍ،
تُضرب رؤوسه
في البحر كقول
داود (مز 73).
ونقرأ في
عاموس: "وإن
اختفى في قعر
البحر فمن
هناك آمر
التنِّين
فيعُضه" (عا 9: 3 LXX)... أما
عن الرياح
الأربع التي
تهب على البحر
العظيم،
فتُدعى "رياح
السماء" لأن
كل ملاك يمارس
في حدود
اختصاصه ما هو
ملتزم به[167].
ولعله
يقصد برياح
السماء
الأربع أن ما
سيحدث بخصوص
الإمبراطوريات
الأربع إنما
هو في مهب الريح،
لا تحمل
الممالك
استقرارًا،
وليس في يد
إنسان أن
يُغيِّر
الأحداث التي
يعلنها الله
له.
3.
الوحش الأول:
بابل:
"وصعد
من البحر
أربعة
حيوانات
عظيمة هذا مخالف
ذاك.
الأول
كالأسد وله
جناحا نسرٍ.
وكنت
أنظر حتى
أنتتف
جناحاه،
وانتصب على
الأرض،
وأوقف
على رجلين
كإنسان،
وأُعطي
قلب إنسان" [3-4].
في [17]
تُشير
الحيوانات
الأربعة إلى
أربعة ملوك
بينما في [23]
يُشير
الحيوان
الرابع إلى المملكة
الرابعة. واضح
أن كل مملكة
من الممالك
عُرفت بملك
خاص له دوره
الرئيسي في
المملكة ككلٍ.
فنبوخذنصَّر
يمثل مملكة
بابل، بينما
كورش يمثل مملكة
فارس،
والإسكندر
الأكبر يمثل
المملكة
اليونانية
(المقدونية)،
أما المملكة
الرومانية
فأُشير إليها
في سفر الرؤيا
بالوحش (رؤ 13).
يُشار
إلى مملكة
بابل بأسدٍ
مجنحٍ، أي يمتاز
بالقوة
والافتراس مع
سرعة الحركة،
إذ كادت
الدولة
البابلية أن
تستولي على
العالم كلُّه
في فترة
وجيزة. في
حزقيال 17
أُشير إلى
بابل بالنسر
الطائر، حيث
تلتقط
فريستها
بسرعة، ولا
يستطيع أحد
اللحاق بها.
يقول القديس
جيروم: [أما عن
حقيقة أن لها
جناحا نسر،
فهذا يُشير
إلى كبرياء
المملكة
الكلية
القوة، والحاكم
الذي أُشير
إليه في
إشعياء: "أرفع
كرسيّ فوق
كواكب
السماء، أصير
مثل العليّ"
(إش 14: 14). لذلك قيل:
"إن كنت ترتفع
كالنسر... فمن
هناك
أُحدِرك" (عد 4).
علاوة على
هذا، كما يحتل
الأسد رتبة
ملوكية بين
الوحوش، هكذا
يحتل النسر
بين الطيور[168]].
نظر
دانيال النبي
المملكة
البابلية وقد
اُنتُتف
جناحاها
وانتصب على
الأرض، أي
بدأت تنهار،
حيث صارت
عاجزة عن
الطيران.
حينما
يُعرف إنسان
بشجاعته يقال
عنه "صاحب قلب
الأسد Lion-hearted"، مثل
الملك ريتشارد،
أما هنا فنجد
أسدًا صاحب
قلب إنسان. من
الخارج يبدو
أسدًا شجاعًا
وسط الوحوش،
وفي الداخل
مملوء خوفًا
كإنسان أعزل
وسط وحوش
مفترسة. هذا
ما حدث مع
بابل في أيام
بيلشاصَّر.
يترجم القديس
جيروم
الكلمة
الأرامية aryeh
لبوة بالمؤنث.
ويقول: [لم
تُدع مملكة
البابليِّين
أسدًا بل
"لبؤة"، وذلك
بسبب وحشيتها
وقسوتها، أو
بالأحرى بسبب
ترفها واتسام
حياتها بالانغماس
في الشهوات[169]]. كما يقول:
[يؤكد كتَّاب
التاريخ
الطبيعي أن اللبؤات
أكثر شراسة من
الأسود، خاصة
متى كن يُرضعن
فهودًا، وهن
شهوانيات على
الدوام في
العلاقات
الجنسية[170]].
يقول
القديس
هيبوليتس
الروماني:
[عند
الحديث عن
لبؤة صاعدة من
البحر يعني
صعود مملكة
بابل، وهي
بعينها رأس
التمثال
الذهبي. وأما
الحديث عن
جناحي نسر
فيعني الملك
نبوخذنصَّر
الذي تعالى
وتشامخ بمجده
ضد الله.
عندئذ قيل
"اُنتُتف
جناحاه"، أي
تحطم مجده، إذ
طُرد من
مملكته. أما
الكلمات "وأُعطيَ
قلب إنسان
وأوقف على
رجلين كإنسان"
فيعني أنه رجع
إلى نفسه وعرف
أنه مُجرَّد
إنسان،
مُعطيًا
المجد لله[171]].
يقول القديس
جيروم:
[إن
فهمنا ذلك عن
نبوخذنصَّر،
واضح جدًا أنه
بعد أن فقد
مملكته
اُنتزعت عنه
قوته، ثم أعيد
إلى حاله
الأصلي
وتعلَّم ليس
فقط أن يكون
إنسانًا
بدلاً من
لبؤة، بل
ويسترد قلبه
الذي فقده. من
جانب آخر يمكن
فهم ذلك
وتطبيقه على
مملكة
الكلدانيِّين
بوجه عام،
فيعني هذا أنه
بعد قتل
بيلشاصَّر
حيث احتل مادي
وفارس السلطة
الإمبريالية
تحقق رجال بابل
أن طبيعتهم
واهية ووضيعة
أكثر من الكل[172]].
مملكة
بابل:
أ.
أسَّسها
نابوبلاسر
الأول بعد أن
تمرد على
مملكة أشور في
الشمال
واستقل عنها وكوَّن
مملكة بابل
الجديدة. وفي
عام 612 ق.م دمرَّ نينوى
وحرقها.
ب.
نبوخذنصَّر
(606-562)، قام
بفتوحات
كثيرة،
وأسَّس مدينة
بابل ومعابد
مردوخ، وغزا
أورشليم على ثلاث
مرات (606، 599، 587 ق.م).
وفي المرة
الأخيرة هدم
الهيكل
وأحرقه
وخرَّب
أورشليم،
فأُوقفت
المحرقة
الدائمة طوال
مدة الأسر.
ج. وآبل
مردوخ (562-560 ق.م)،
عفي عن
يهوياكين ملك
يهوذا.
د.
نرجال شالاسر
(560-556 ق.م)، وهو زوج
أخت الملك
السابق.
هـ.
نابونيدس
والد
بيلشاصَّر (556-539
ق.م)، حيث انتهت
دولة بابل في
أيامه. تنازل
عن المُلك
لابنه،
وعندما غزا
كورش بابل قتل
بيلشاصَّر
واستبقى
والده الذي
كان غالبًا خارج
مدينة بابل،
وبقي معتزلاً
العمل السياسي
إلى يوم
وفاته.
4.
الوحش الثاني:
مادي وفارس:
"وإذا
بحيوان آخر
ثانٍ شبيه
بالدب،
فارتفع
على جنبٍ
واحدٍ،
وفي
فمه ثلاث
أضلعٍ بين أسنانه،
فقالوا
له هكذا:
قمْ
كُلْ لحمًا
كثيرًا" [5].
أهم
سمات الدب قوته
وشراسته مع
جبنه. وقد عرف
عن مملكة فارس
ومادي أنها لم
تغلب أعداءها
خلال المهارة
العسكرية
وسرعة التحرك،
وإنما خلال
اقتحام
البلاد
بأعداد ضخمة
من المقاتلين،
ففي حرب
أحشويرش ضد
اليونان حارب حوالي
2.5 مليون
مقاتلاً،
بجانب 2.5
مليونًا من
الحلفاء
التابعين له،
فكان معسكره
يضم حوالي 5
مليونًا،
فمتى دخلوا
مدينة يسببون
لها دمارًا بسبب
كثرة العدد،
يسببون
مجاعات
لاستيلائهم على
المواد
الغذائية
لاحتياجات
الجيش[173].
ارتفع
على جنب واحد،
لأن المملكة
تتكون من أمتين
هما مادي
الأقدم
وبعدها فارس،
لكن بعد فترة بسيطة
سيطرت فارس
على مادي.
ويرى القديس
جيروم أن
ارتفاع الدب
على جنب واحد
يُشير إلى أن
مملكة فارس
وإن كانت شرسة
مع الشعوب
لكنها كانت مُترفقة
مع اليهود.
تعامل الشعوب
الأخرى
بطريقة
واليهود
بطريقة أخرى،
أي تقف على جانب
واحد[174].
الثلاثة
أضلع التي بين
أسنانه هي
المدن البابلية
الرئيسية
بابل
وإكباتانا Ecbatana
وبورسيبا Borsippa.
هذه المدن
افتتحتها
جيوش كورش.
وربما تُشير إلى
الممالك التي
التهمتها:
ليديا وبابل
ومصر[175].
ويرى القديس
هيبوليتس
الروماني
أنها تُشير
إلى ثلاث أمم:
"مادي وفارس
وبابل"[176]
حيث التقت
معًا تحت لواء
الإمبراطورية
الفارسية.
أما
ملوك فارس
فهم:
أ. كورش
الثاني Cyrus II (559-530 ق.م)، دعاه
إشعياء النبي
"كورش مسيح
الرب"، لأنه
عفي عن اليهود
وأصدر أمرًا
بالرجوع الأول
من سبيّ بابل
في عهد زربابل
وتصريحه له
بإعادة بناء
الهيكل في
أورشليم،
وأعاد إليهم
كل آنية
الهيكل التي
كان قد نهبها نبوخذنصَّر.
وكورش هذا كان
قد بدأ ملكه
في الجزء
الشمالي عام 559
ق.م. لكنه تمكن
من ضم بابل،
وهي الجزء
الجنوبي في
عام 539 ق.م. بعد أن
هزم بيلشاصَّر
آخر ملوك بابل
الذي كان يقوم
في ذلك الوقت بفتوحات
جديدة في
الجزيرة
العربية.
ب.
قمبيز Cambyses (530-522 ق.م).
ج. المدعو
أسميردس Smerdis-Pseudo (522
ق.م).
د.
داريوس الأول Darius I (522-486
ق.م).
هـ.
أحشويرش
الأول Xerxes I (486-465 ق.م) سفر
إستير.
و.
أرتحشتا
الأول Artaxerxes I (465-424 ق.م).
سفر نحميا.
ز.
أحشويرش
الثاني Xerxes II (424-423 ق.م).
ح.
داريوس
الثاني Darius II (423-404 ق.م).
ط.
أرتحشتا
الثاني Artaxerxes II (404-8/359 ق.م).
ي.
أرتحشتا
الثالث Artaxerxes III (8/359-7/338 ق.م).
ك.
أرسيس Arses (7/338-5/336 ق.م).
ل.
داريوس
الثالث Darius III (6/337-5/336 ق.م).
5.
الوحش الثالث:
الإمبراطورية
اليونانية:
"وبعد
هذا كنت أرى
وإذا بآخر مثل
النمر،
وله
على ظهره
أربعة أجنحة
طائرة.
وكان
للحيوان
أربعة رؤوس،
وأُعطيَ
سلطان" [6].
مع أنه
أصغر من الأسد
في حجمه لكن
له أربعة أجنحة
وأربعة رؤوس.
إن
كانت
إمبراطورية
اليونان أقل
من إمبراطورية
بابل كما أن
النمر أصغر من
الأسد لكن
إسكندر
الأكبر كان
أكثر حركة
وأسرع من
الأباطرة
البابليِّين،
لذا ظهر في
النمر 4
أجنحة؛ كمن
يطير في كل
جهات العالم
الأربع.
الأجنحة
الأربعة
تُشير إلى
سرعة مضاعفة
في التحرك
والنصرة، ففي
حوالي عشرة
سنوات هزم الإسكندر
الأكبر مؤسس
الإمبراطورية
اليونانية
عام 333 ق.م. قوات
فارس، وأخضع
كل العالم
الممتد في ذلك
الحين ومنها
مصر وفلسطين[177]، والأربعة
رؤوس تُشير
إلى تقسيم
المملكة إلى
أربعة أقسام
بعد موت
الإسكندر
الأكبر في الرابعة
والثلاثين من
عمره مباشرة
على قواده الأربعة:
سلوقس الذي صار
ملكًا على
سوريا
وبطليموس
الذي ملك على
مصر وإسرائيل
وفلسطين.
والثالث ملك
على مقدونية،
والرابع على
تراثيا Thrace.
وكما
يقول القديس
جيروم: [لم
تحدث أية نصرة
أسرع من تلك
التي
للإسكندر،
فقد عبر كل
الطريق من
الليرقيوم Illyricum
والبحر
الأدرياتيكي
إلى المحيط الهندي
ونهر جانجز Ganges، ليس
مجرد يدخل
في معرك بل
ينال نصرات
مصيرية قوية،
وفي ست سنوات
أخضع لحكمه
نصيبًا من
أوروبا وكل أسيا[178]].
مع
ذكائه الحاد
وقدراته
العسكرية لكن
ما حققه إنما
لأنه أُعطي
سلطان من قبل
الله. وكما يقول
القديس
جيروم:[
بالقول "فأُعطى
سلطانًا"
يظهر أن
الإمبراطورية
لم تقم ثمرة
شجاعة الإسكندر
وإنما بإرادة
الله[179]].
6.
الوحش الرابع:
الإمبراطورية
الرومانية:
احتل
الحديث عن
الإمبراطورية
الرومانية النصيب
الأكبر من
الأصحاح. على
خلاف
الحيوانات
السابقة،
رُمز إليها
بحيوان لم يَر
له دانيال
النبي
شبيهًا، ولم
يسمع عنه،
فإنه لا يوجد
في عالم
الوحوش
المفترسة ما يحمل
سمة الشراسة
والعنف مثل
هذه
الإمبراطورية.
يقول القديس
جيروم: [رأينا
في الحيوانات
السابقة
رموزًا
متنوعة للرعب،
لكن تركزت هذه
كلها في هذا
الحيوان
الواحد[180]].
ويقول
أيضًا: [ربما
كان ذلك ليظهر
الحيوان بشكلٍ
مرعبٍ؛
بالحقيقة لم
يعطِه اسمًا،
حتى نفهم من
ذلك أن
الرومان قد
شاركوا في
أبشع السمات
شراسة يمكن أن
نفكر فيها
بالنسبة
للوحوش... إنهم
كحيوانٍ
يفترس ويسحق
ويدوس كل
الباقين
بقدميه. هذا
يعني أن
الرومان إما
يذبحون
الأمم، أو
يخضعونهم
للجزية
والعبودية[181]].
بدأت
مملكة
الرومان من
سنة 63 ق.م
وامتدت فتوحاتها
حتى احتلت
أراضي
مملكتيّ بابل
وفارس القديمة
ومصر سنة 47 ق.م.
"بعد
هذا كنت أرى
في رؤى الليل،
وإذا
بحيوانٍ
رابعٍ هائلٍ
وقويٍّ
وشديدٍ جدًا،
وله
أسنان من
حديدٍ كبيرة.
أكل
وسحق وداس
الباقي
برجليه.
وكان
مخالفًا لكل
الحيوانات
الذين قبله.
وله
عشرة قرون" [7].
هذا
الحيوان أكثر
قوة من
الحيوانات
السابقة: "هائل
وقوي وشديد جدًا،
وله أسنان من
حديدٍ ومخالب
من نحاسٍ"
(الترجمة
السبعينية).
يُقابل قدميّ
التمثال الذي
رآه
نبوخذنصَّر
"بعضهما من
حديد والبعض
من خزف" (دا 2: 33).
يقول القديس
هيبوليتس
الروماني أن
أصابع
القدمين
العشرة التي
بعضها من حديد
والأخرى من
خزف تُقابل
العشرة قرون
التي لهذا
الحيوان، وهي
تُشير رمزيًا
للملوك العشرة
الذين قاموا
من هذه
المملكة[182].
وُصف
هذا الحيوان
بأنه هائل
وقوي وشديد
جدًا، لأنه لا
يُقارن
بالنسبة
للمالك
السابقة. حقًا
لقد أخضع
الإسكندر
الأكبر أغلب
دول العالم،
لكنه كان يطلب
الشهرة لا
السيطرة، وإذ
تحققت أحلامه
وهب الدول
الخاضعة له
الكثير من
الحرية. أما
الرومان
فأخضعوا
العالم
وصاروا سادته
العنفاء. أخضعوا
آسيا الصغرى
وسوريا
وكيليكية
واليونان ومقدونية
وأسبانيا
وبلاد الغال
وجزء من ألمانيا.
خضعت كل دول
البحر الأبيض
المتوسط لها. حقًا
كان لمصر
ملوكها،
لكنهم خضعوا
للجزية؛ وكل قانون
يصدره
الرومان
يُطبق فورًا
في مصر. لقد تركوا
ولاة في آسيا
الصغرى،
لكنهم كانوا
جواسيس لحساب
الرومان.
يوليوس قيصر
هو أول من دخل
بريطانيا بعد
إخضاع الغال
الخ. لهذا كله
دعاها دانيال
بالوحش
الهائل
والقوي
والشديد جدًا.
"وله
أسنان من حديد
كبيرة" [7]،
إشارة إلى
افتراسها
العنيف مع
طمعها الشديد.
كانت أفضل
محاصيل
العالم
وموارده
تُنقل إلى
روما، دون أن
تشبع. لم تكن
الإمبراطورية
تهتم
باحتياجات
الدول المستعمرة
بل تسحقها
وتدوسها
بأقدامها. كان
الأباطرة
يبعثون
سفراءهم إلى
الدول بحجة الحفاظ
على أمن
الدولة
وسلامها،
وكان همّهم الأول
التجسُّس
لحساب
الأباطرة،
ونقل كل ما هو ثمين
إليهم.
يظن
بعض النقاد
الحديثين أن
هذا الحيوان
يُشير إلى
السلوقيِّين،
ورؤوسه
العشرة هم
الملوك: سلوقس
الأول،
أنطيوخس
سوتير، أنطيوخس
الثاني،
سلوقس
الثاني،
سلوقس
الثالث، أنطيوخس
الثالث،
سلوقوس
الرابع،
هليودورس،
بطليموس
السادس،
ديمتريوس،
والقرن القوي هو
أنطيوخس
أبيفانيوس
الذي داس
الثلاثة ملوك
الأخيرين. لكن
الرأي الأرجح
هو أن الحيوان
الرابع يُشير
إلى
الإمبراطورية
الرومانية.
وهو حيوان غريب
لا شبيه له،
لأن الدولة
الرومانية لم
تفرض ثقافتها
على الدول
التي
استعمرتها.
كان كل ما
يشغلها هو
السلطة
العسكرية
وجمع الجزية.
امتازت
بالإدارة
والتنظيم ولم
تُبالِ بفكر ثقافي
معين، لذا
صارت الدولة
تحمل ثقافات
متنوعة، كل
بلد حسب
رغبته.
يرى
البعض في
القرون
العشرة إشارة
إلى الاضطهادات
العشر التي
مارسها
الرومان ضد
الكنيسة،
ويرى آخرون
أنها تمثل
ممالك سوف
تبرز إلى الوجود
خلال المرحلة
الثانية من
تاريخ الحيوان.
ولا يستتبع
ذلك بالضرورة
أن هذه
الممالك يجب
أن تقوم بعد
ضعف روما. إذ
جل ما يستنتج
من ذلك كون
هذه الممالك
يمكن رد أصلها
إلى روما، وهي
متعاصرة فقط
بمعني وجودها
في حقبة
معينة، فليس
من الضروري أن
تكون متعاصرة
بالفعل[183].
ظن بعض
اليهود أنه
يعني هنا قيام
عشرة ملوك يحكمون
معًا في روما،
لكن واضح أن
رقم 10 في
الكتاب
المقدس يعني
الكثرة، فقد
أقام
الأباطرة
الرومان ولاة
كثيرين على
مستعمراتهم،
واليًا على
سوريا وآخر
على مقدونية
وثالث على
أسبانيا الخ.
وكان لهم حقوق
أشبه بحقوق
الملوك،
يفعلون ما
يريدون،
لكنهم يخضعون
للإمبراطور،
ويُطيعون
قوانينه التي يصدرها،
الذي كان يحسب
نفسه ملك
الملوك أو أشبه
بإله.
7.
القرن الصغير:
"كُنت
مُتأملاً
بالقرون،
وإذا بقرنٍ
آخر صغير طلع
بينها،
وقُلعت
ثلاثة من
القرون
الأولى من
قدامه،
وإذا
بعيون كعيون
الإنسان في
هذا القرن،
وفم
مُتكلِّم
بعظائم" [8].
في رأي
بورفيري أن
القرن الصغير
الذي ظهر بعد
العشرة قرون
هو أنطيوخوس
ابيفانيس،
وأن الثلاثة
قرون التي
اقتلعت من
العشرة هو بطليموس
السادس
(فيلومايتر Philometer)
وبطليموس
السابع
(أورجيتيس Euergetes)
وArtaraxias ملك
أرمينيا.
رفض القديس
جيروم هذا
التفسير
قائلاً: [إن
بعض المفسرين
المسيحيِّين
قالوا بأنه
إبليس أو
شيطان ما، أو
ربما إنسان قد
ملك عليه
الشيطان
تمامًا، ابن
الخطية، ابن
الهلاك الذي
يتجاسر ويجلس
في هيكل الله جاعلاً
نفسه مثل الله
(2 تس 2)[184].
يقول
أيضًا أنه لو
كان القرن
الصغير هو
أنطيوخس الذي
هزمه يهوذا
المكابي، فهل
يمكن القول عن
يهوذا أنه
يأتي على
السحاب كابن
إنسان [13]، وأنه
يُقدم أمام
"القديم
الأيام" [13]،
وكيف يُقال
عنه أنه يُمنح
سلطانًا وقوة
ملوكية وأن
تتعبد له كل
الشعوب
والقبائل
والألسنة وأن
سلطانه أبدي
لا ينتهي [14]؟[185]. [لو أنه
يُشير إلى
المكابيِّين،
فليشرح المدافعون
عن هذا الوضع
كيف تكون
مملكة
المكابيِّين
لها سمة
الديمومة [14] [186].
يذكر
جون كالفن في
تفسيره سفر
دانيال أن في
أيامه ظن
البعض أن
القرن الصغير
هو بابا روما
أو ظهور
الأتراك، وقد
رفض هذا الرأي[187]. لقد نادى
بأن يوليوس
قيصر وما خلفه
من قياصرة أي
أوغسطس
وتيباريوس
وكاليجيولا
وكلوديوس
ونيرون
وغيرهم هم القرن
الصغير،
مدللاً على
ذلك بأن هؤلاء
القياصرة مع
ما لهم من
سلطان لكن
يشاركهم في
السلطة مجلس
الأشراف senate الذي يحد
من سلطانهم،
لذا دُعوا
بالقرن الصغير[188].
إن
كانت الرؤى
والنبوات قد
هدفت نحو
الكشف عن مجيء
السيِّد المسيح
ليُقيم
ملكوته
الروحي في
القلوب،
مُحطمًا
العُنف من
القلب، فإن
عدو الخير لا
يقف مكتوف
اليدين بل
يُقاوم
السيِّد.
تتجلى هذه
المقاومة في
أبشع صورها في
آخر الأيام
حين يأتي ضد
المسيح، أو
إنسان الخطية
أو النبي
الكذاب. هذا
ما سبق أن
تنبأ عنه
دانيال النبي
هنا تحت رمز
"القرن
الصغير"، كما
حدثنا عنه
السيِّد
المسيح بوضوح
وصراحة في
حديثه عن
نهاية الأزمنة
(مت 24)، وأيضًا
القديس بولس (2
تس 3: 8)، والقديس يوحنا
الرائي (رؤ 13).
يُشير
القرن الصغير
هنا إلى ضد
المسيح. وقد
تحدث عنه
العهد القديم
كما العهد
الجديد (مت 24؛ 2 تس
2: 2-8؛ رؤ 13؛ دا 7)،
ليؤكد أنه وإن
كانت تعيش
الكنيسة في
ضيقٍ شديدٍ
خاصة في
الأيام
الأخيرة، لكن
هناك خطة
إلهية تنتهي
بنصرة ملكوت
الله. مهما قاوم
إبليس وكل
جنوده، حتمًا
سيملك
القديسون مع
الله، لا على
أرض زائلة بل
في السماويات.
وقد جاء وصف
ضد المسيح هنا
مطابقًا لما
ورد في العهد
الجديد.
أما
سمات هذا
القرن الصغير
فهي:
أ. صغير
وغامض وعنيف
[8]، يظهر فجأة،
ويُحطم ممالك،
ويُقيم لنفسه
مملكة تقاوم
كنيسة الله [25]، بسببه
يحدث فزع شديد
[28].
ب. يقوم
كملك آخر [8]
قابل للموت
(رؤ 13: 2؛ 2 تس 2: 9)،
يحمل قوة
شيطانية،
يجعل نفسه
إلهًا.
ج. تبدأ
قوته بالغلبة
على ثلاثة
ملوك [8، 24].
د. ذكي
ومخادع يعرف
كيف يخطط... له
عيون كثيرة.
هـ.
مُجدف، يقاوم
الله، له قدرة
على الكلام [8].
و.
منظره مُثير [20].
ز.
مملكته
زائلة، تدوم
فقط زمانًا
وزمانين ونصف
زمان. يظن أنه
يُحطم مملكة
الله
ويُغيِّر الأزمنة
والأوقات [25]،
كأنه لا يعلم
عن وجود خطة
إلهية خفية
تُحطم كل
شرُّه.
ح. سرّ
الغلبة عليه
هو مجيء
السيِّد
المسيح:
1.
المجيء الأول:
حيث حطم عمل
إبليس بصليبه.
2.
المجيء
الثاني: ليملك
قديسوه معه في
السماء بعد
تحطيم ضد
المسيح.
3. مجيء
الرب في القلب
ليُحطم مملكة
الشرّ في
الداخل.
8.
القديم
الأيام:
"كُنت
أرى أنه وُضعت
عروش وجلس
القديم الأيام.
لباسه
أبيض كالثلج،
وشعر رأسه
كالصوف النقي،
وعرشه لهيب
نار، وبكراته
نار متقدة.
نهر
نار جرى وخرج
من قدامه.
ألوف
ألوف تخدمه،
وربوات ربوات
وقوف قدامه.
فجلس
الدّيان وفُتحت
الأسفار.
كُنت
أنظر حينئذ من
أجل صوت
الكلمات
العظيمة التي
تكلم بها
القرن.
كُنت
أرى إلى أن
قُتل
الحيوان،
وهلك جسمه، ودفع
لوقيد النار.
أما
باقي
الحيوانات
فنُزع عنهم
سلطانهم، ولكن
أُعُطوا طول
حياة إلى
زمانٍ ووقتٍ"
[9-12].
بعد أن
تحدث عن
الإمبراطوريات
الأربعة التي
انتهت بمجيء
السيِّد
المسيح ليقيم
مملكته على
القلوب، تحدث
عن إدانة هذه
الإمبراطوريات
الشرسة، فقد
رأي الله
الأزلي
الجالس على
العرش وقد
ألقى بعروش
الإمبراطوريات
أيضًا ونزع
عنها
سلطانها، وإن
كان أعطاهم "طول
حياة إلى زمان
ووقت" [12].
يتحدث
هنا عن الله
كديان، يدعوه
"القديم
الأيام"،
ليؤكد أنه ليس
شيء من
الأحداث
الماضية تفلت
من بين عينيه.
أنه الديان
الأزلي، لكنه
في طول أناته
ينتظر الوقت
المناسب. أنه
منذ بدء خلقتنا
يقدم لنا
الفرص للتمتع
بمراحمه،
ومنذ سقوطنا
يترقب رجوعنا
إليه، لكنه
يأتي وقت يجلس
فيه على عرش
الدينونة
ليحكم بالعدل
والبرّ.
يرى
البعض تعبير "وُضعت
عروش"
بالعبرية
يعني "نُزعت
عروش" الملوك
والعظماء
ليجلس ملك
الملوك الذي
وحده له أن
يدين. غير أن
البعض يرى أن
المعنى هنا "أُقيمت
عروش"، حيث
يجلس الله
وحوله
السمائيُّون
يشاهدون
الدينونة،
ويتهلَّلون
بنصرة المؤمنين
وتحطيم إبليس
وكل جنوده.
ولعل
العروش هنا
تُشير إلى وعد
السيِّد المسيح
لتلاميذه
إنهم سيدينون
بني إسرائيل.
فإن الله
الكلي العدل
يُدين
البشرية،
يُدين الأبرار
الغالبين
الأشرار
الذين هم بلا
عذر، يوبخهم
برّ العبيد
زملائهم
الذين عاشوا
معهم في هذا
العالم.
وصف
الله الديان
هنا يطابق ما
جاء عن
السيِّد المسيح
في الرؤيا (1: 2-4 الخ.)!
وقد تحدث
السيِّد
المسيح عن
نفسه كديان للأمم
(مت 30: 25-46).
v كلما
أسرع إنسان
إلى النهاية
يكون بالأكثر
وقورًا،
ويكون الله
وحده هو
الأكبر منه،
إذ هو الأزلي
القديم
الأيام، هو
أقدم من كل
شيء[189].
v إن
كان الذي
يُحاكم بلا شك
سيكون
بائسًا، إلاَّ
أن ذاك الذي
لأجله يجلس
الله
(ليكافئه) فهو سعيد[190].
v يحل
قضاء الله
لإذلال
الكبرياء.
لهذا فإن الدولة
الرومانية
ستهلك، لأنها
هي القرن الذي
ينطق
بالكلمات
المتعجرفة[191].
v لأنه
في دينونة
الله التي
يصفها دانيال
نجده جالسًا،
ويُشير إلى
الكتب التي
فُتحت (دا 7: 10)،
بدون شك هذه
الأسفار التي
تحوي خطايا
البشر. نحن
بأنفسنا نكتب
هذه
المستندات
التي تُديننا
وذلك بالأمور
التي نرتكبها[192].
إننا
نعلم أن الله
لا يمكن أن
يُرى كما هو،
لكنه يُعلن
ذاته حسبما
نستطيع أن نراه،
وبالطريقة
التي فيها
بنياننا. هنا
إذ تُقدم
الرؤيا
الصراع بين
مملكة
السيِّد المسيح
في قديسيه
ومملكة ضد
المسيح، يظهر
الله بلباسٍ
أبيض كالثلج
وشعر رأسه
كالصوف النقي.
البياض
والنقاوة
يرمزان إلى
الحياة
السماوية التي
بلا دنس. وكأن
سلاحنا في
المعركة هو
تمتعنا
بالحياة
السماوية
الطاهرة.
ارتفاع القلب
إلى السماء،
وانشغالنا
بالأبديات،
وطهارة نفوسنا
هي أسلحتنا
التي لحساب
مملكة المسيح.
أما
الحديث عن
العرش
الملتهب
الناري
والبكرات
النارية
المتقدة،
فتعني
التزامنا أن
تتحول
أعماقنا إلى
عرشٍ روحيٍ
متقدٍ بنار
الحب الإلهي،
فلا يكون
للخمول أو
للتراخي موضع
فينا، بل نكون
كالشاروبيم
الملتهبين
بنار الروح.
يخرج
من أمامه نهر
نار يجري
متدفقًا،
فيروي نفوسنا
لا بالمياه بل
بالنار
المقدسة،
فتتحول
أعماقنا إلى
جنة تحمل ثمر
الروح الناري.
إن كان ضد
المسيح مرهب
ومخيف، فإن أولاد
الله الذين
يفيض عليهم
النهر
السماوي بنار
فائقة يصيرون
مرهِبين، لا
يقدر العدو أن
يقف أمامهم!
أخيرًا
يُعلن أنه يقف
أمامه أعداد
بلا حصر، ألوف
ألوف وربوات
ربوات،
يشتهون أن
يخدموه. في اختصار
يقف
السمائيُّون
ومعهم
المؤمنون حاملين
السمات
التالية:
* الفكر
السماوي
والطهارة.
* لهيب
الحب والغيرة
المتقدة.
* نار
القلب الجريء
الذي لا يفشل
ولا يخزى.
* يقفون
في أعدادٍ بلا
حصر.
يرى العلامة
أوريجينوس
أن سفر الحياة
أو الكتاب
الإلهي يُذكر
بالمفرد كذاك
الذي رآه
القديس يوحنا
اللاهوتي والذي
مفتاحه في
يديّ الأسد
الخارج من سبط
يهوذا (رؤ 5: 1-5؛ 3: 7)،
الكتاب الذي
قال عنه موسى
النبي: "والآن
إن غفرت
خطيتهم،
وإلاَّ
فامحني من كتابك
الذي كتب" (خر 32:
32). بينما
تستخدم صيغة
الجمع
بالنسبة
للأسفار التي
فيها تُسجل
الذين هم محفوظون
للدينونة[193].
v الكتب
التي تكون
مغلقة إلى ذلك
الوقت تقدم حسابًا
عن كل ما
نصنعه، كل
كلمة نطقنا
بها وكل فكرٍ،
حتى كل كلمة
بطالة (مت 12: 36)،
كل ما يُسجل
في أسفار
الله. يظن
البعض أنه
توجد كتب
حقيقية في السماء
تنقش فيها
خطايانا. أظن
أن هذه الكتب
هي ضمائرنا
التي ستُعلن
في ذلك اليوم،
وسيرى كل واحد
ما قد فعله من
أجل نفسه[194].
v تكشف
أمام الكل
ضمائر الناس
وأعمال
الأفراد التي
تُساهم في كل
شخصية، سواء
كانت صالحة أو
شريرة. أحد
هذه الكتب هو
الكتاب
الصالح الذي غالبًا
ما نقرأه، أعني
كتاب الأحياء.
الكتاب الآخر
هو الكتاب الشرير
الذي يمسك به
المشتكي
بيده، الذي هو
منتقم وخبيث
للغاية، نقرأ
عنه في الرؤيا
"المشتكي على
الاخوة" (رؤ 12: 10).
هذا هو الكتاب
الأرضي الذي
يقول عنه
النبي: "في
التراب
يكتبون" (إر 17: 13)[195].
9.
مثل ابن
إنسان:
"كُنت
أرى في رؤى
الليل،
وإذا
مع سحب السماء
مثل ابن إنسان
أتى وجاء إلى
القديم
الأيام،
فقربوه
قُدامه.
فأُعطي
سُلطانًا
ومجدًا
وملكوتًا
لتتعبد له كل
الشعوب
والأمم
والألسنة.
سُلطانه
سُلطان أبدي
ما لن يزول،
وملكوته ما لا
ينقرض" [13-14].
يأتي
ليملك إلى
الأبد، حيث
يتمتع
القديسون بشركة
المجد معه. في
حوار العلامة
ترتليان مع
اليهود أوضح
أن دانيال سبق
فتنبأ عن
مجيئين
للسيِّد
المسيح، جاء
أولاً كحجرٍ
صغيرٍ يصدم
تمثال
الممالك
الزمنية
ويُحطمها،
جاء مُتجسدًا
مُخليًا
ذاته، وفي المجيء
الثاني يأتي
في مجده
الملوكي
السماوي على
السحاب[196].
v هو
ابن الله،
ربنا، إذ هو
كلمة الآب؛
وهو ابن الإنسان،
إذ وُلد حسب
ناسوته من
مريم، فنزل من
الجنس
البشري، وهو
كائن بشري إذ
صار ابن الإنسان[197].
القديس
إيريناؤس
v لقد
أُظهر كل
سلطان أُعطي
بواسطة الآب
للابن الذي
عُيِّن ربًا
لكل ما في
السماء وما
على الأرض وما
تحت الأرض
وديانًا
للجميع (في 2: 10).
هو رب
الذين في
السماء لأنه
كلمة الله المولود
قبل الدهور؛
ورب الذين على
الأرض لأنه
أُحصي بين
الأموات
كارزًا
بالإنجيل
لنفوس
القديسين (1 بط 3:
19)، وقد غلب
الموت بالموت[198].
10.
تفسير الرؤيا:
في
البداية
اضطرب دانيال
جدًا بخصوص
هذه الرؤيا،
فاقترب إلى
واحد من
الوقوف،
غالبًا ما كان
ملاكًا، يطلب
منه تفسيرًا
لما يراه. لكن
تمتع دانيال
بالسلام
بعدما أدرك أن
هذه الممالك
بالرغم مما
تناله من
سلطان ومع
شراستها لكن
ينتهي الأمر
بمملكة
القديسين في
السماء التي
يسبقها
الضيقة
العظيمة التي
يسببها ضد المسيح.
"أما
أنا دانيال
فحزنت روحي في
وسط جسمي، وأفزعتني
رؤى رأسي.
فاقتربت
إلى واحدٍ من
الوقوف،
وطلبت منه الحقيقة
في كل هذا.
فأخبرني
وعرَّفني
تفسير الأمور.
هؤلاء
الحيوانات
العظيمة التي
هي أربعة هي أربعة
ملوكٍ يقومون
على الأرض.
أما
قديسو العليّ
فيأخذون المملكة
ويمتلكون
المملكة إلى
الأبد وإلى
أبد الآبدين"
[15-18].
رأى
دانيال النبي
كل جموع
السمائيِّين
يقفون أمام
العرش
يتأهبون
لخدمته بفرح،
إذ يقول: "ألوف
ألوف تخدمه
وربوات ربوات
وقوف قدامه"
(دا 7: 10)، الأمر
الذي يُثير
فينا أن نجتمع
معًا على مثال
السمائيِّين
لخدمة الله.
يقول
القديس
أكليمنضس
الروماني:
[ونحن أيضًا
إذ نجتمع مع
بعضنا البعض
باتفاق، نصرخ
بغيرة كما من
فمٍ واحدٍ،
لنصير شركاء مواعيده
العظيمة
الممجدة]،
[ليكن فخرنا
واطمئناننا
بالرب،
ولنخضع
لإرادته،
ونُدرك أن كل جموع
ملائكته
يقفون حوله
متأهبين
لخدمة إرادته[199]].
ويرى
القديس
غريغوريوس
النيسي أن
هذه الصورة
تُثير فينا
الاشتياق
للتشبه بالملائكة
خلال عمل
المسيح
الخلاصي
فينا، فيقول:
[إننا نحيا مع
المسيح
كنتيجة
لصلبنا معه،
ونتمجد أيضًا
معه ونملك
معه. أما
نتيجة حضورنا
لله فهي إننا
نتغير من رتبة
الطبيعة
البشرية
والكرامة الإنسانية
إلى تلك التي
للملائكة،
وهكذا يقول
دانيال "ألوف
ألوف وقوف
قدامه"[200]].
v يليق
جدًا بالذين
هم بيض وبلا
غضن في الداخل
أن يستخدموا
ثيابًا بيضاء
وبسيطة. يقول
دانيال بكل وضوح
وجلاء:
"وُضعت عروش
وجلس القديم
الأيام،
لباسه أبيض
كالثلج" [9].
وتقول الرؤيا
أن الرب نفسه
ظهر مرتديًا
ثوبًا كهذا،
كما تقول:
"رأيت نفوس
الذين
استشهدوا تحت
المذبح وقد
أُعطيت لكل
منهم ثوب
أبيض" (رؤ 6: 9، 11).
وإن كان هناك
ضرورة للبحث
عن لون آخر
فيكفي اللون
الطبيعي للحق[201].
11.
مملكة ضد
المسيح
ومملكة
القديسين:
"حينئذٍ
رُمت الحقيقة
من جهة
الحيوان
الرابع الذي
كان مُخالفًا
لكلها،
وهائلاً
جدًا، وأسنانه
من حديد،
وأظافره من
نحاس، وقد أكل
وسحق وداس الباقي
برجليه، وعن
القرون
العشرة التي
برأسه وعن
الآخر الذي
طلع فسقطت
قدامه ثلاثة
وهذا القرن له
عيون وفم
مُتكلِّم
بعظائم
ومنظره أشدُ
من رُفقائه.
"وكُنت
أنظر وإذا هذا
القرن يُحارب
القديسين
فغلبهم.
حتى
جاء القديم
الأيام
وأُعطي
الدّين
لقديسي
العليّ وبلغ
الوقت فامتلك
القديسون
المملكة" [19-21].
اشتاق
دانيال النبي
أن يتعرف على
حقيقة هذا الحيوان
الغريب
والمختلف عن
بقية
الحيوانات ليُدرك
سرُّه. لقد
كرر وصفه بسبب
دهشته، ولشعوره
بخطورة دوره
وعمله
الجنوني
القاتل.
الملك
الآخر الذي
يقدم بعد
الملوك
العشرة هو
القرن الصغير
الذي يُعرف
بضد المسيح.
هذا يملك "إلى
زمان وأزمنة
ونصف زمان" [20]،
أو "زمان
وزمانين ونصف
زمان". في رأي
القديس جيروم
أن الزمان هنا
معناه "سنة"،
أي يملك ضد
المسيح ثلاث
سنوات ونصف [16-23].
v سيثير
ضد المسيح
حربًا ضد القديسين
وسيغلبهم،
ويمجد ذاته
إلى مثل هذا العلو
من العجرفة،
محاولاً
تغيير نفس
نواميس الله
والطقوس
المقدسة
أيضًا. سيرفع
نفسه ضد كل ما
يُدعى إلهًا،
مخضعًا الذين
له[202].
v الأربعة
ممالك التي
تحدث عنها
قبلاً هي
ممالك أرضية في
سماتها. "كل ما
هو من التراب
إلى التراب
يعود" (جا 3: 20).
أما القديسون
فإنهم سوف لا
ينالون مملكة
أرضية، إنما
سمائية فقط.
تبًا بالفكر
التافه عن
الملك الألفي![203]
"فقال
هكذا. أما
الحيوان
الرابع فتكون
مملكة رابعة
على الأرض
مُخالفة
لسائر
الممالك،
فتأكُل
الأرض كُلها
وتدوسها
وتسحقها.
والقرون
العشرة من هذه
المملكة هي
عشرة ملوك يقومون،
ويقوم
بعدها آخر،
وهو مُخالف
الأولين ويذل
ثلاثة ملوك.
ويتكلَّم
بكلام ضد
العليّ،
ويُبلى قديسي
العليّ،
ويظُن
أنه يُغير
الأوقات
والسُّنة،
ويُسلِّمون
ليده إلى
زمانٍ
وأزمنةٍ ونصف
زمانٍ.
فيجلس
الدّين
وينزعون عنه
سُلطانه
ليفنوا ويبيدوا
إلى المنتهى.
والمملكة
والسلطان
وعظمة
المملكة تحت
كل السماء
تُعطى لشعب
قديسي العليّ.
ملكوته
ملكوت أبدي
وجميع
السلاطين
إياهُ يعبدون
ويطيعون" [22-27].
12.
اضطراب
دانيال:
"إلى
هنا نهاية
الأمر.
أما
أنا دانيال
فأفكاري
أفزعتني
كثيرًا، وتغيرت
على هيئتي،
وحفظت الأمر
في قلبي"[28].
يعلن
دانيال النبي
عجزه عن إدراك
التفسير الكامل
للرؤيا لهذا
حفظ الأمر في
قلبه [28].
من
وحيّ دانيال 7
v هوذا
العالم كبحرٍ
مضطربٍ،
تخرج
منه وحوش
مفترسة،
تفترس
وتُسيطر!
لكن
ملكوتك قادم
حتمًا!
تملك
في قديسيك إلى
الأبد!
لا على
أرضٍ زائلةٍ،
بل في
سماء جديدة
خالدة!
v أنها
الساعة
الأخيرة!
أنت
قادم حتمًا
لتملك!
لكن ضد
المسيح يدخل
إلى ساحة
المعركة،
أنها
معركة حاسمة،
هي
حياة أو موت!
ليمت
الشرّ،
ولتبطل
الظلمة،
ولتقِمْ
ملكوت النور
في داخلنا!
v ليأتِ
ضدّ المسيح،
أنه
عنيف للغاية
ومُحطم
للنفوس!
لكنك
أنت أقوى
وأعظم.
لتحمِ
كنيستك، فقد
بدأت نهاية
الأزمنة!
[166] See Clarence Larkin: The Book of Revelation, 1919, p. 111.
[167] PL 25:663A, B; 664
[168] PL 25:664.
[169] PL 25:664.
[170] PL 25:664
[171] AN Frs., vol. 5. p. 178, 209.
[172] PL 25:664C.
[173] Clarence Larkin: The Book of Revelatien, 1919, p. 109.
[174] PL 25:665.
[175] Ibid 109.
[176] AN Frs., vol. 5. p. 178-9.
[177] Clarence Larkin, p. 110.
[178] PL 25:666.
[179] PL 25:666.
[180] PL 25:666.
[181] PL 25:666.
[182] AN Frs., vol. 5. p. 178.
[183] منشورات النفير: دراسات في الكتاب المقدَّس، ج4، ص 344.
[184] PL 25:667A-668.
[185] PL 25:670-671.
[186] PL 25:671.
[187] John Calvin: A Commentary on Daniel, 1986, vol. 2, Oxford, p. 26.
[188] Ibid 27.
[189] Paed. 3:3.
[190] On Ps. hom.. 26.
[191] PL 25:669D.
[192] In Gen. hom. 13:4.
[193] Comm. on John, book 5,7.
[194] On On Ps. hom. 14.
[195] PL 25:669D.
[196] Cf. An Answer to the Jews, 14.
[197] Adv. Haer. 3:19:3.
[198] Treatise on Christ and Antichrist, 26.
[199] 1Cor. 34:7,5.
[200] On Virginity, ch. 24.
[201] Paed. 2:11.
[202] PL 25:671,671A.
[203] PL 25:671.