لك
المجد يا واهب
البركات!
إذ
يكتشف النبي
عن شوق الله
نحو الدخول في
محاجة مع شعب
ليدفعهم نحو
التمتع بحبه
عوض انغماسهم
في الفساد،
يعلن النبي عن
مرارة نفسه
بسبب الفساد
المتفشي بين
شعبه. لكنه
يعود فيرى خطة
الله للخلاص
فيفرح ويمجد
الله. فإن
كان قد رفع
دعوى قضائية
ضد شعبه،
وأشهد الأرض
كلها عليه،
فإنه ليس
ليعلن عن عدله
قدر ما ليكشف
عن مجد حبه
لكل نفسٍ ترجع
إليه. فهو ليس في
حاجة لمن يشهد
لعدله وبرَّه
وحتى محبته، وإنما
يود أن يهيئ
سكب حبه في
قلوب كل
البشرية.
يبدأ
هذا الأصحاح
بالويل
والمرارة
وينتهي بالفرح
والتسبيح.
1.
اعتراف
بالخطأ
[1-10].
2. وعد
إلهي بالبركات
[11-13].
3.
التماس أخير
لصالحهم
[14-17].
4. مجدلة:
نصرة النعمة
الإلهية [18-20].
في هذه
الدعوى تنفضح
البشرية
كلها، فلا
تقدر أن تبرر
جحودها وعدم
أمانتها أمام
الله الأمين
في حبه لها،
فتعلن
الحقيقة المرّة.
إنها قد صارت
ككرْمٍ بلا
ثمرٍ، وتينةٍ
بلا باكورةٍ.
سرت البغضة في
دماء البشر،
فحملوا
الكراهية،
الشخص ضد
أخيه، وتسلل
سفك الدماء
بينهم بلا
مبرر، وصارت
العداوة بين
أفراد الأسرة
ذاتها.
وَيْلٌ
لِيّ لأَنِّي
صِرْتُ
كَجَنَى
الصَّيْفِ،
كَخُصَاصَةِ
الْقِطَافِ.
لاَ
عُنْقُودَ
لِلأَكْلِ،
وَلاَ
بَاكُورَةَ
تِينَةٍ
اشْتَهَتْهَا
نَفْسِي. [1]
صورة
مؤلمة عن مدى
الجفاف الذي
حلَّ بالمملكة
بسبب الشر.
هذا يتناسب مع
عصر آحاز أشر
ملوك يهوذا أو
بداية عصر
حزقيا قبل
حركة الإصلاح.
ويرى البعض
أنه يتنبأ عما
ستؤول إليه
المملكة في أيام
منسى.
تبدو
يهوذا
وأورشليم
كبستان بعد
القطاف، منظر
الأوراق جميل
للغاية، لكنه
لا يجد الإنسان
عنقودًا
واحدًا ولا
تينة يأكلها.
بقوله:
"ويل ليّ"
يحسب أن ما
حلّ بالمملكة
كلها إنما كما
لو حلّ به
وحده، إذ ينسب
كل مرارة يعيش
فيها الشعب
إنما يذوقها
هو. هذه هي مشاعر
رجال الله
الصادقة،
فنسمع أنات
إرميا النبي:
"أحشائي!
أحشائي!
توجعني جدران
قلبي. يئن
فيَّ قلبي!"
(إر 4: 16). "من
مُفرج عني
الحزن؟ قلبي يئن
فيّ... من أجل
سحق نبت شعبي
انسحقت. حزنت،
أخذتني دهشة"
(إر 8: 18، 21).
v من
المتكلِّم
حين يقول
النبي: "ويل
ليّ يا نفسي،
فقد صرت كمن
يجمع قشًّا في
الحصاد؟"
فهل يجمع
النبي قشًّا
حرفيًّا، أو
حتى يُريد أن
يجمع؟ هل لدى
النبي حقل؟
على أي
الأحوال،
الوحيد الذي بحق
يجمع ممَّا
يزرعه
كمحصولٍ، ليس
النبي بل الرب
المخلِّص
يسوع المسيح.
وحيث توجد
أخطاء كثيرة
بين الأمم
الوثنيَّة بل
وأيضًا بين
الذين يُظن
أنَّهم من
الكنيسة، لهذا
يحزن النبي
وينوح على
خطايانا حين
يقول: "ويل
ليّ، إذ صرت
كمن يجمع
قشًّا" (مي 7: 1).
ليت كل واحدٍ
يفحص بدقَّة
نفسه. هل هو سنبلة
قمح؟ هل يكتشف
ابن الله فيه
شيئًا ليلتقطه
أو يحصده؟ هل
نجد بعضًا
منَّا تحملهم
الرياح؟ حتى
وإن كنا لا
نزال قلَّة
قليلة في
أنفسنا، حبَّتين
أو ثلاثة
حبوب، فإن
خطايانا
كثيرة ضدَّنا.
إذ يتطلع إلى
الكنائس أو ما
تُدعى بالكنائس
مملوءة
بالخطاة يقول:
"ويل ليّ فقد
جئت كمن يجمع
عشبًا في وقت
الحصاد، وكمن
يجمع خصاصة (لقاط)
العنب وقت صنع
الخمر. يأتي
(الرب) يطلب
ثمرًا من
الكرمة، فإن
كل واحدٍ
منَّا قد زُرع
ككرمة في أرض
خصبة (إش 5: 1)، أو
ككرمةٍ نُقلت
من مصر (مز 80: 8)،
لكنها زرعت
لكي تحمل
ثمرًا (إر 2: 21). إنه
يأتي ليلتقط،
فيجد خصاصة
عنب، وعناقيد
قليلة؛ إنها
ليست مزدهرة
ولا مثمرة. من
هو من بيننا
يحمل عناقيد الفضيلة؟[109]
العلامة
أوريجينوس
v يُغرْبل
الأشرار مثل
قشٍ خفيفٍ،
أما الأبرار
فيخلصون مثل
حنطة ثقيلة.
لهذا فلتنتبه
إلى الرب وهو
يقول لبطرس:
"هوذا
الشيطان
طلبكم لكي يغرْبلكم
كالحنطة،
ولكني طلبت من
أجلك لكي لا
يفنى إيمانك"
(لو 22: 31-32). الذين
يُغربَلون
كالقش يفنون،
أما الذي لا
يفنى، هذا
الذي يشبه
البذرة التي
تسقط وتنبت،
فإنها تزيد
وتأتي بثمر
كثير (لو 8: 8).
هكذا يقول
النبي: "ويلي،
فقد صرت كمن
يجمع
الجُذامة
(بواقي الحصاد)
في الحصاد".
هكذا يشبَّه
الشر
بالجُذامة،
الذي يُحرق
سريعًا، مع
التراب. لهذا
قال أيوب:
"يكونون كالقش،
يحملهم
الريح" (أي 21: 18).
وفي الحال
أضاف سطرًا
مختصرًا
قائلاً: "مثل
التراب تحمله
الريح بعيدًا".
حقًا، لكي
يعرف أن
الشريِّر
يتفتَّت سريعًا
ويتبدَّد
كالتراب، تجد
هذا واردًا في
المزمور
الأول:
"كالتراب
الذي يحمله
الريح عن وجه
الأرض"[110].
القدِّيس
أمبروسيوس
قَدْ
بَادَ
التَّقِيُّ
مِنَ
الأَرْضِ،
وَلَيْسَ
مُسْتَقِيمٌ
بَيْنَ
النَّاسِ.
جَمِيعُهُمْ
يَكْمُنُونَ
لِلدِّمَاءِ
يَصْطَادُونَ
بَعْضُهُمْ
بَعْضاً
بِشَبَكَةٍ. [2]
لقد
باد الصالح من
الأرض ولم يعد
يُوجد من هو مستقيم
بين الناس،
فالحكام
يغتصبون
الممتلكات،
والقضاة
يرتشون،
والخيانة
دبٌت بين الأصدقاء،
والكراهية
وسط أعضاء
الأسرة الواحدة.
وهكذا صار
الفساد عامًا
بين الشعب.
لكن يبقى الله
أمينًا يقود
شعبه من
الظلمات إلى
نوره العجيب.
تحولت
المملكة
البشرية إلى
غابة كلٍ يود
أن يفترس
الآخر،
ناموسها
الظلم وسفك
الدماء، يجد
كل شخصٍ
سعادته في
اصطياد أخيه
كما بشبكةٍ.
وكما يقول
المرتل: "خلص
يا رب لأنه قد
انقرض التقي،
لأنه قد انقطع
الأمناء من
بني البشر. يتكلمون
بالكذب، كل
واحدٍ مع
صاحبه بشفاهٍ
ملقة بقلبٍ
فقلبٍ
يتكلمون" (مز 12:
1-2).
v لنحزن
إلى حين فنفرح
أبديًا. لنخشَ
الرب، لنسبق
فنعترف له
بخطايانا.
لنصحح
ارتدادنا، ونصلح
من أخطائنا،
لئلا يُقال
عنا: "ويل ليّ
يا نفسي، لأن
الإنسان
التقي قد باد
من الأرض، وليس
من بين البشر
من يصلح من
أمرهم" (مي 7: 2 Lxx)[111].
القديس
أمبروسيوس
v أقصد
إن كان
السَفرْ في
ذاته مشقة،
فإنه بالأكثر
عندما يكون
المسافر
وحده، ليس من
يشاركه رحلته؛
هذا هو الحال
هنا. بمعنى
آخر الشركة والتشجيع
الأخوي ليس
بالأمر الهين.
لهذا يقول أيضًا
بولس: "ولنلاحظ
بعضنا بعضًا
للتحريض على
المحبة
والأعمال الحسنة"
(عب 10: 24). لهذا
السبب استحق
القدامى أن
يتجملوا
(روحيًا)، ليس
لأنهم مارسوا
الفضيلة، وإنما
لأنهم
مارسوها
بالرغم من
غيابها مع
ندرة من
يفعلها في أي
موضع. هذا،
على أي
الأحوال، ما
يقصده الكتاب
المقدس بقوله:
"كان نوح
رجلاً بارًا
كاملاً في أجياله"
(تك 6: 9).
على
هذا الأساس
نعجب من
إبراهيم، ومن
لوط، ومن
موسى، إذ
أشرقوا
ككواكبٍ وسط
ظلمةٍ دامسةٍ،
كورودٍ وسط
الأشواك،
وكقطيع وسط
ذئابٍ لا حصر
لها، سالكين
الطريق
المضاد لكل
واحدٍ آخر وبدون
تردد. ها أنتم
ترون كم يكون
الأمر صعبًا
في الصحبة
عندما يأخذ واحد
اتجاهًا
مخالفًا
لكثيرين،
وعندما يسافر في
اتجاه مضاد
للجمهور،
فإنه سيعاني
من متاعب
كثيرة. كما
تجد السفينة
صعوبة في
الإبحار حينما
تصدها
الأمواج نحو
الاتجاه
المضاد، والأمر
أكثر صعوبة في
حالة الفضيلة[112].
v "ويل
ليّ... قد باد
التقي من
الأرض" (مي 7: 1-2)
هذا هو دورنا أن
نحزن، أو
بالحري نحتاج
أن نقول هذا
كل يوم. فإذ لا
تنفع صلواتنا
بشيءٍ ولا
نصيحتنا ولا
تحذيرنا بقي
لنا أن نبكي.
هكذا فعل
المسيح، بعدما
حث الذين في
أورشليم ولم
ينتفعوا
شيئًا، بكى
على محنتهم.
هكذا أيضًا
فعل الأنبياء،
وهكذا لنفعل
نحن أيضًا. من
الآن فصاعدًا
إنه وقت للحزن
والدموع
والنحيب. يليق
بنا أيضًا أن
نقول: "ادعوا
النادبات
فيأتين وأرسلوا
إلى الحكيمات
فيصرخن" (إر 9: 17).
ربما بهذا
نستطيع أن
نزيل مرض
الذين يحيطون
أنفسهم
بأراضٍ
يقتنوها
بالسلب[113].
v ليس
شيء مزعجًا
ومثيرًا
للاضطراب
أكثر من الاجتماع
بشعبٍ كهذا،
فإن الدخان
والسخام لا يؤذي
العينين
مثلما تحطم
الشركة مع
الأشرار النفوس[114].
القديس
يوحنا ذهبي
الفم
اَلْيَدَانِ
إِلَى
الشَّرِّ
مُجْتَهِدَتَانِ.
الرَّئِيسُ
وَالْقَاضِي
طَالِبٌ
بِالْهَدِيَّةِ،
وَالْكَبِيرُ
مُتَكَلِّمٌ
بِهَوَى
نَفْسِهِ،
فَيُعَكِّشُونَهَا.
[3]
ما
بلغته
المملكة أبشع
من الغابة،
لأنه توجد خطة
مدروسة، تعمل
القيادات
معًا لكن بدون
روح الحب،
غايتها النهب
والسلب
والقتل. يدا كل
واحدٍ منهم
مجتهدتان في
اصطياد
النفوس
وإهلاكها. فما
تشتهيه قلوبهم،
وما تنغمس فيه
أفكارهم،
تنفذه أياديهم
بكل اجتهاد.
القادة
الذين
اؤتمنوا على
الدفاع عن
الحق، استخدموا
سلطانهم
لاقتناء
المال،
فيطلبون الرشوة
على شكل هدايا؛
فيُلبسون
الرذيلة ثوب
الصداقة
والفضيلة.
يُقصد
بالكبير صاحب
الثروة
والسلطان،
فإنه لا يخجل
من أن يتكلم
بصراحة عما في
نفسه من هوى
محبة المال،
فيفسدون
نفوسهم كما
يفسدون نفوس
من حولهم.
أَحْسَنُهُمْ
مِثْلُ
الْعَوْسَجِ
وَأَعْدَلُهُمْ
مِنْ سِيَاجِ
الشَّوْكِ!
يَوْمَ
مُرَاقِبِيكَ
عِقَابُكَ
قَدْ جَاءَ.
الآنَ
يَكُونُ
ارْتِبَاكُهُمْ.
[4]
لا
يوجد شخص واحد
يُعتمد عليه،
فإن أفضلهم حاد
كالعوسج،
وأحكمهم
كسياج الشوك. من
يقترب منهم لا
ينال منهم
شيئًا سوى
الجراحات
والمتاعب. لقد
صاروا أرضًا
قفرًا، صدر
ضدهم الحكم
الإلهي: "شوكًا
وحسكًا تنبت
لك وتأكل عشب
الحقل" (تك 3: 18)، عوض
أن يكونوا
سماءً مقدسة
تُنتج ثمر
الروح من محبة
وفرح وسلام
وصلاح ووداعة وتعفف
(غل 5: 22-23).
لاَ
تَأْتَمِنُوا
صَاحِبًا.
لاَ
تَثِقُوا
بِصَدِيقٍ.
احْفَظْ
أَبْوَابَ
فَمِكَ عَنِ الْمُضْطَجِعَةِ
فِي حِضْنِكَ.
[5]
مما
أحزن قلب ميخا
النبي أنه
بالرغم من
العمل معًا
إلاَّ انه لا
يأتمن
الإنسان
صديقه ولا زوجته!
تدب الأنانية
حتى بين أفراد
الأسرة فيعمل
كل فرد لحسابه
ويخشى غيره.
هكذا تفقد
الأسرة الدفء
الاجتماعي
والروحي
وينحل
المجتمع خلال
روح الأنانية
والجشع.
إذ
يسود الخداع
حياة الإنسان
لا يعود يأتمن
حتى من هي في
حضنه. يرى الأب
يوسف أن
شمشون إذ تزوج
بامرأة شريرة
مخادعة وكاذبة
لم يستطع أن
ينفذ هذه
الوصية التي
للنبي ميخا،
فأباح بسرٌَه
بعد أن كتمه
زمانًا
طويلاً، فكان
ذلك سبب مرارة
شديدة في
حياته[115].
v قبل كل
شيء يجب أن
نلاحظ بكل
اعتناء
الوصية
الإنجيلية
التي تأمرنا
أن ندخل
مخدعنا ونغلق
بابنا ونصلّي
لأبينا. وهذا
يتحقق كالآتي:
v نصلّي
داخل مخدعنا
عندما ننزع من
قلوبنا
الداخلية
الأفكار
المقلقة
والاهتمامات
الباطلة،
وندخل في حديث
سرّي مغلق
بيننا وبين
الرب.
v نصلّي
بأبواب
مغلقة، عندما
نصلّي بشفاه
مغلقة في هدوء
وصمت كامل لذاك
الذي يطلب
القلوب لا
الكلمات.
v نصلّي
في الخفاء
عندما نكتم
طلباتنا
الصادرة من
قلوبنا وأذهاننا
المتقدة بحيث
لا نكشفها
إلاَّ لله
وحده، فلا
تستطيع
القوات
المضادة
(الشياطين) أن
تكتشفها. لذلك
يجب أن نصلّي
في صمت كامل،
لا لنتحاشى فقط
التشويش على
إخوتنا
المجاورين
لنا وعدم إزعاجهم
بهمسنا أو
كلماتنا
العالية، ونتجنب
اضطراب أفكار
المصلّين
معنا، وإنما لكي
نخفي مغزى
طلباتنا عن
أعدائنا
الذين
يراقبوننا،
وبالأخص في
وقت الصلاة،
وبهذا تتم
الوصية: "احفظ
أبواب فمك عن
المضطجعة في
حضنك" (مي 7: 5)[116].
الأب
إسحق
لأَنَّ
الاِبْنَ
مُسْتَهِينٌ
بِالأَبِ،
وَالْبِنْتَ
قَائِمَةٌ
عَلَى
أُمِّهَا،
وَالْكَنَّةَ
عَلَى
حَمَاتِهَا،
وَأَعْدَاءُ
الإِنْسَانِ
أَهْلُ
بَيْتِهِ. [6]
حقًا
إنه زمن رديء
فيه يهين
الابن أباه،
وتقوم البنت
على أمها،
والكنة على
حماتها. هكذا
يُنزع من الكل
حتى المحبة
الطبيعية.
هذا
وقد أشار
السيد المسيح
إلى موقف غير
المؤمنين من
المؤمنين حتى
وإن كانوا
إخوتهم أو
أبناءهم،
فيقول:
"وسيسلم الأخ
أخاه إلى
الموت، والأب
ولده، ويقوم
الأولاد على
والديهم
ويقتلونهم،
وتكونون مبغضين
من الجميع من
أجل اسمي" (مت 10:
21-22؛ لو 21: 16-17).
v ماذا
يفعل السيف؟
سيف الكلمة يقطع
خلال الدفاع.
إنه يمارس عزل
الشرير عن الصالح
(عب 4: 12).
بالحقيقة
يخلق
انقسامًا بين
المؤمن وغير
المؤمن ( مت 10: 35).
بل قد يثير
الابن
والابنة والعروس
ضد الأب والأم
والحماة،
الصغار النشيطين
ضد الكبار
الوهميِّين[117].
القدِّيس
غريغوريوس
النزينزي
v "أعداء
الإنسان أهل
بيته" (مت 10: 36).
فإنه بالحق
يوجد بين
اليهود شيء
مثل هذا.
بمعنى يوجد
أنبياء
وأنبياء
كذبة، فانقسم
الشعب على
ذاته، وحدث
شقاق في
العائلات،
البعض آمن بواحدٍ
والآخرون
بالآخر. لذلك
ينصحهم النبي:
"لا تأتمنوا
صاحبًا، لا
تثقوا
بصديقٍ، تحفظ
من المضجعة في
حضنك" و"أعداء
الإنسان أهل
بيته" (مي 7: 5-6) [118].
القديس
يوحنا ذهبي
الفم
وَلَكِنَّنِي
أُرَاقِبُ
الرَّبَّ،
أَصْبِرُ
لإِلَهِ
خَلاَصِي.
يَسْمَعُنِي
إِلَهِي. [7]
الفساد
العام لا يبرر
انزلاقنا في
الشر؛ فإن كان
لا يوجد إنسان
واحد مستقيم
بين الناس، يلزمنا
مع ميخا النبي
أن نتطلع إلى
الرب ونترقب خلاصه.
إذ
يعترف
الإنسان بشره
وفساده ينفتح
باب الرجاء في
عمل الله
الفائق. فإن
الله كمحب
للبشر، في
غضبه، إنما
يغضب على
الخطية ولا
يطيقها، أما
عن جهة الخاطي
فهو موضع حبه.
لهذا بالتوبة
الصادقة تميل
أذنا الرب
لتسمع أناته
ويستجيب
لصرخاته.
إذ
تطلع النبي
إلى المجتمع
المحيط به بدا
الأمر خطيرًا
للغاية، إذ
صار كمريضٍ لا
يُرجى شفاؤه،
أما وقد رفع
عيني قلبه
لله، فرأى
أبواب الرجاء
المشرقة
أمامه وترنمت
أعماقه
بالتسبيح
والتمجيد لله
واهب النصرة،
والمشرق
بنوره على
الظلمات
فيبددها.
يعترف
النبي بأن
الله لم
يتغير، هو
الذي خلص في
القديم، يخلص
الآن،
وسيخلص، فإنه
يُسر بالرأفة
ولا يحفظ إلى
الأبد غضبه.
v "طوبى
لمن إله يعقوب
معينه،
ورجاؤه على
الرب إلهه" (مز
146: 5). هل ترون غنى
التشجيع
والنصيحة؟
الآن إذ يُشير
إلى التطويب،
يقصد نوال كل
البركات، ويظهر
آفاق الرجاء.
لهذا بعدما
أشار إلى
تطويب من
يترجى الله،
أظهر قوة
المُعين،
مبينًا أن الكائن
البشري غير
الله، واحد
يهلك والآخر يبقى.
ليس فقط يبقى
هو بل وتبقى
أعماله. لهذا
أضاف الصانع
السماوات
والأرض البحر وكل
ما فيها" (مز 146: 6)...
ويضيف
"الحافظ
الأمانة إلى
الأبد". هذا هو
دوره؛ وهذه هي
عادته؛ هذه هي
سمة الله
الخاصة به؛
أنه لا يتجاهل
المخطئين،
ولا يهمل
الذين في
محنة، إنما
يرفع يده لصالح
ضحايا
المتآمرين،
ويفعل هذا على
الدوام[119].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
هكذا
إذ تظلم
الصورة جدًا
أمام عيني
رجال الله،
يرفعون نظرهم
إلى الله
مترجين عمله،
فهو إله
المستحيلات،
ليس من رجاء
للخلاص إلاَّ
في الله وحده
مخلص العالم.
لم يترجَ ميخا
النبي إنسانًا
ما ليصلح حال
شعب الله، أو
حال البشرية،
إنما يتطلع
إلى مخلص
العالم وحده.
هذا أيضًا ما
عبر عنه
المرتل في
المزمور 146.
v يقول
النبي لكل
شخصٍ بصفة
عامة: لا
تتكلوا على
الرؤساء ولا
على
الأباطرة،
ولا الحكام
ولا قضاة هذا
العالم (راجع
مز 146: 3)... من هم
الرؤساء؟
أبناء البشر.
من هم أبناء
البشر؟ هم
الذين لا خلاص
عندهم (مز 146: 3).
"تخرج روحه
فيعود إلى
ترابه" (مز 146: 4).
عندما يعود
إلى ترابه،
ماذا يحدث؟
"في ذلك اليوم
تهلك أفكاره".
كل اعتماد على
الرؤساء
باطل، كل
خططهم تهلك...
كثيرون
يتكلون على رئيس.
إنه موجود
اليوم، غدًا
لا يعود يوجد[120].
القديس
جيروم
بقوله
"أصبر لإله
خلاصي" يعلن
النبي أنه لا
يلقي باللوم
على الظروف المحيطة
به، ولا على
الله الذي سمح
بالضيق، وإنما
يتقبل تأديب
الرب بصبرٍ
لأجل خلاصه
وخلاص إخوته.
وكما يقول
إرميا النبي
في مراثيه:
"لماذا يشتكي
الإنسان
الحيّ الرجل
من قصاص
خطاياه؟
لنفحص طرقنا
ونمتحنها ونرجع
إلى الرب.
لنرفع قلوبنا
وأيدينا إلى
الله في
السماوات. نحن
أذنبنا
وعصينا" (مرا 3:
39-42). لنشكو أنفسنا
ولا نشكو
الأيام التي
نعيشها.
لنحتمل التأديب
كدافع
للتوبة،
فنتمتع بالشركة
مع "إله
خلاصنا"،
عندئذٍ "يسمعني
إلهي".
لاَ
تَشْمَتِي
بِي يَا
عَدُوَّتِي.
إِذَا
سَقَطْتُ
أَقُومُ.
إِذَا
جَلَسْتُ فِي
الظُّلْمَةِ،
فَالرَّبُّ
نُورٌ لِيّ. [8]
إذ
يعترف
الإنسان
بظلمته ويدرك
أن الرب نور له
لا يعود يخشى
عدوًا ما، ما
دام الرب معه.
فإنه وإن سقط
وكاد أن يتحطم
يجد يديّ الله
تنتشله وتقيمه.
وكما يقول
المرتل: "إذا
سقط لا ينطرح،
لأن الرب مسند
يده" (مز 37: 24). وإن
جلس في الظلمة
يشرق عليه
الرب فينيره.
كما يقول: "يرى
ذلك مبغضيَّ فيخزوا،
لأنك أنت يا
رب أعنتني
وعزيتني" (مز 86:
17). فمع كل عملٍ
إلهيٍ في حياة
التائب يُصاب
عدو الخير
وجنوده بخيبة
أملٍ وخزيٍ
وعارٍ.
v السقوط
في الضعف ليس
فيه خطورة، إن
كان الإنسان
متحررًا من
الرغبة في
(السقوط). لتكن
لك الإرادة أن
تقوم. إنه
مستعد، ذاك
الذي يقيمك[121].
v ليتنا
لا نفرح بخطية
أحدٍ بل بالحري
نحزن، إذ
مكتوب: "لا
تشمتي بي يا
عدوتي، إذا
سقطت أقوم،
إذا جلست في
الظلمة فالرب
نور لي..." (مي 7: 8-10). وهذا
ليس عن عدم استحقاق،
فإن من يفرح
بسقوط آخر
إنما يفرح
بنصرة الشيطان.
حري بنا أن
نحزن عندما
نسمع عن أحدٍ
يهلك هذا الذي
مات المسيح من
أجله. هذا
الذي لا يحتقر
حتى القش في
وقت الحصاد...
فقد قيل: "ويل
ليّ، لأني صرت
كمن يجمع القش
في الحصاد،
وفضلات العنب
في الكرمة"
(راجع مي 7: 1)، لكي
ما يأكل بكور
ثمر نعمته
فيٌَ[122].
القديس
أمبروسيوس
أَحْتَمِلُ
غَضَبَ
الرَّبِّ،
لأَنِّي
أَخْطَأْتُ
إِلَيْهِ،
حَتَّى
يُقِيمَ
دَعْوَايَ
وَيُجْرِيَ
حَقِّي.
سَيُخْرِجُنِي
إِلَى
النُّورِ.
سَأَنْظُرُ
بِرَّهُ. [9]
حلول
الضيق بسبب
انتشار
الفساد دفع
النبي إلى
مراجعة نفسه
ليعترف بخطئه
في حق الرب،
لذا يقبل كل
تأديب،
فيدافع الرب
عن استقامته.
يعترف الشخص
بسقطاته،
ويستره الرب
ببرِّه،
ويحفظه
بنعمته
الإلهية. لا
يرى النبي في
الضيق رفض
الرب له، بل
رغبته
الإلهية في
دفعه إلى
التوبة
وتمتعه
بالشركة معه.
يشعر
بحاجته إلى يد
الله العاملة
لبنيانه. هذه
هي علامة قبول
النور الإلهي:
التسليم
الكامل بين
يدي الله صانع
الخيرات،
وواهب البرّ.
v نحن
أحيانًا
نحتمل مرضًا
عقوبة
(تأديبًا) عن
خطيَّة بقصد
تغييرنا. يقول
الكتاب
المقدَّس: "من
يحبه الرب يؤدبه"
(أم 3: 12). مرة أخرى
يعلمنا
الكتاب
المقدَّس "من أجل
هذا فيكم
كثيرون ضعفاء
ومرضى
وكثيرون يرقدون.
لأننا لو كنا
حكمنا على
أنفسنا لما
حُكم علينا.
ولكن إذ قد حُكم
علينا نؤدَّب
من الرب لكي
لا نُدان من
العالم" (1 كو
11: 30-32). لذلك عندما
نحن الذين
ننتمي إلى هذه
الطبقة نتعرف
على معاصينا.
يصير من
اللائق أن نحتمل
في صمتٍ وبدون
استخدام
أدوية – كل
الأحزان التي
تحل بنا – متذكرين
كلمات النبي: "احتمل
غضب الرب لأني
أخطأت إليه"
(مي 7: 9). علاوة
على هذا
يلزمنا أن
نظهر دليلاً
على تغييرنا
بإظهار ثمارٍ
تليق
بالتوبة،
متذكرين
كلمات الرب:
"ها أنت قد
برئت، فلا
تخطئ أيضًا
لئلاَّ يكون
لك أشر" (يو 5: 14). أحيانًا
أيضًا يحل
المرض بنا
كطلب الشرير،
ويقبل سيدنا
صانع الخيرات
أن يتنازل فندخل
في معركة مع
الشرير،
حاسبًا
إيَّاه كخصمٍ
قدير فيبطل
تشامخه
بواسطة الصبر
البطولي
لخدًّامه[123].
القدِّيس
باسيليوس
الكبير
وَتَرَى
عَدُوَّتِي
فَيُغَطِّيهَا
الْخِزْيُ
الْقَائِلَةُ
لِيّ:
أَيْنَ
هُوَ
الرَّبُّ
إِلَهُكِ؟
عَيْنَايَ
سَتَنْظُرَانِ
إِلَيْهَا.
الآنَ
تَصِيرُ
لِلدَّوْسِ
كَطِينِ
الأَزِقَّةِ.
[10]
صورة
رائعة لحياة
النصرة! فإذ
يتمتع المؤمن
بنور الرب لا
يخشى ظلمة
إبليس ولا لذة
الخطية ولا
ضعف الجسد،
ولا خداع
العالم
الشرير. يبدأ عدو
الخير بتعيير
الساقط،
فيصرخ في
سخرية: "أين
هو الرب إلهك؟"،
وكأن الله
يعجز عن أن
يحفظ أولاده
من السقوط.
لكن إذ يرى يد
الله تُقيمه
يصيبه الخزي.
يتطلع
الإنسان في
سقطته إلى
نفسه
وتعييرات العدو
له، فيرى نفسه
كطين الأزقة
تحت الأقدام للدوس،
لكن إذ تنتشله
النعمة
الإلهية يدرك
إمكانيات
الله العاملة
فيه.
يَوْمَ
بِنَاءِ
حِيطَانِكِ
ذَلِكَ
الْيَوْمَ
يَبْعُدُ
الْمِيعَادُ.
[11]
يتمتع
المؤمن بفيض
من البركات،
فإذ لا يعود يخشى
العدو بكل
مملكة الظلمة
التي له، إذ
يمتلئ رجاء أن
الله نفسه
يكون سورًا إلهيًا
يحميه حتى
النهاية. يسبح
مع المرتل قائلاً:
"الرب حصن
حياتي". "الله
ملجأ وقوة،
عونًا في
الضيقات وُجد
شديدًا" (مز 46: 1).
v "الله ملجأ
وقوة"
(مز 46: 1). توجد
ملاجئ ليس
فيها قوة،
عندما يهرب إليها
أحد يزداد
ضعفًا لا قوة.
كمثالٍ: عندما
تهرب إلى شخصٍ
أعظم منك في
العالم، لكي
تجعل لك
صديقًا
قويًا، هذا
يبدو ليّ أنه
ملجأ. ومع هذا
ما أكثر عدم
ثبات هذا
العالم، فقد
يتحطم صاحب
السلطان
يومًا فيومًا،
فعندما تأتي
إلى مثل هذا
الملجأ تخاف
بالأكثر...
ملجأنا ليس
هكذا؛ ملجأنا
هو قوة. عندما
نهرب إليه
نكون ثابتين[124].
القديس
أغسطينوس
هُوَ
يَوْمٌ
يَأْتُونَ
إِلَيْكِ
مِنْ أَشُّورَ
وَمُدُنِ
مِصْرَ
وَمِنْ
مِصْرَ إِلَى
النَّهْرِ.
وَمِنَ
الْبَحْرِ
إِلَى
الْبَحْرِ.
وَمِنَ
الْجَبَلِ
إِلَى
الْجَبَلِ. [12]
يقدم
لهم النبي
الوعد الإلهي
بالرجوع من السبي
حيث يأتون من
بابل إلى أرض
الموعد، ويتركون
مصر التي هرب
بعضهم إليها
أثناء السبي ليحتموا
فيها. إنهم
يرجعون لا في
مذلةٍ ولا في خوفٍ،
بل ينطلقون "من
البحر إلى
البحر، ومن
الجبل إلى
الجبل"؛ أي
بغير تراجع،
يسيرون من قوة
إلى قوة.
وَلَكِنْ
تَصِيرُ
الأَرْضُ خَرِبَةً
بِسَبَبِ
سُكَّانِهَا،
مِنْ
أَجْلِ
ثَمَرِ
أَفْعَالِهِمْ.
[13]
مرة
أخرى يحذرهم
من الرجوع إلى
الخطية والفساد
بعد عودتهم من
السبي، فالله
الذي يهبهم قوة
وكرامة
بالعودة من
السبي إلى أرض
الموعد يسمح
بخراب الأرض
متى رجعوا إلى
فسادهم
القديم.
يدعو
الله أن يتطلع
إلى قطيعه
وميراثه فإنه
ساكن كما في
أماكن وعرة
على جبل
الكرمل؛ أو
كغنمٍ تائهٍ
في غابة،
يحتاج إلى
راعٍ سماويٍ
قادرٍ بعصا
محبته
الحانية أن
يرده إليه.
يسأله
أن يرعاهم
ويحميهم
بعصاه وليس
بعصا الأعداء،
فإنهم شعبه،
ليس من يهتم
بهم مثله! يردهم
من وسط
الغابات
والجبال
الوعرة إلى
سهول باشان
وجلعاد؛ إنه
راعي الخراف
العظيم (عب 13: 20)
الذي يبذل
نفسه عنهم.
اِرْعَ
بِعَصَاكَ
شَعْبَكَ
غَنَمَ
مِيرَاثِكَ،
سَاكِنَةً
وَحْدَهَا
فِي وَعْرٍ
فِي وَسَطِ
الْكَرْمَلِ.
لِتَرْعَ
فِي بَاشَانَ وَجِلْعَادَ
كَأَيَّامِ
الْقِدَمِ. [14]
إذ
يدرك النبي أن
الالتجاء إلى
الله هو الصلاة،
يرفع قلبه إلى
الله، الراعي
الصالح، ليقود
شعبه بمراحمه
كما في
القديم، في
الأيام المجيدة.
يدعو
النبي الشعب "غنم
ميراث الله"،
إذ هم غنم
رعايته (مز 79: 13؛ 100:
3)، وقطيعه الصغير
(لو 12: 32)، وهم
نصيبه (إر 12: 10)،
وميراثه (مز 94: 5)،
حبل نصيبه (تث 32:
9). وكأنه يطلب
من الله أن
يتطلع إلى شعبه،
بكونه الراعي
المهتم
برعيته،
والمالك الذي
يحفظ ملكيته.
v "نحن
شعبه وغنم
مرعاه" (مز 100: 3)...
هذا القطيع هو
قطيع واحد!
انظروا أي
راعٍ محب لنا!
إنه ترك
التسعة
وتسعين ونزل
يطلب الواحد.
لقد رده على
منكبيه (لو 15: 4-5)،
وفداه بدمه.
هذا الراعي
مات بدون خوفٍ
من أجل
القطيع، هذا
الذي بقيامته
رد قطيعه إليه[125].
القديس
أغسطينوس
كَأَيَّامِ
خُرُوجِكَ
مِنْ أَرْضِ مِصْرَ
أُرِيهِ
عَجَائِبَ. [15]
يستجيب
الله لطلبة
النبي
وشفاعته عن
شعبه، فيقدم
الله عجائب
كما فعل عند
الخروج من
مصر، حيث حلّ
الرعب بالأمم
الوثنية.
v اسمعوا
ما هو أكثر
عجبًا، أن
أسرار
الأسفار القديمة
الخفيَّة
والمحتجبة
الآن إلى حدٍ
ما تعلن
بواسطة
الأنبياء القدامى.
فإن ميخا
النبي تكلم
هكذا: "كأيام
خروجك من أرض
مصر أريه
عجائب" (مي 7: 15)...
خطايانا
تُبتلع
وتنطفئ في
المعموديَّة،
ذلك كما غرق
المصريون في
البحر. "لا
يحفظ إلى
الأبد غضبه،
فإنه يُسر
بالرأفة
الثابتة... أنت
تطرح كل
خطايانا في
البحر" (راجع
مي 7: 19)[126].
القدِّيس
أغسطينوس
يَنْظُرُ
الأُمَمُ
وَيَخْجَلُونَ
مِنْ كُلِّ
بَطْشِهِمْ.
يَضَعُونَ
أَيْدِيَهُمْ
عَلَى
أَفْوَاهِهِمْ
وَتَصُمُّ
آذَانُهُمْ. [16]
ماذا
يفعل الراعي
العجيب؟ يصنع
بشعبه عجبًا. فتتطلع
الأمم
المحيطة
بشعبه والتي
شمتت بهم
وكانت تقف في
وجههم يوم
بليتهم،
فيصطادون
الهاربين
ويبيعونهم
عبيدًا أو يسلمونهم
للسبي. الآن
تقف هذه الأمم
في ذهول أمام
رعاية الله
لشعبه،
فيضعون
أيديهم على أفواههم
ويصمون
آذانهم، إذ لا
يستطيعون
النطق بكلمة
واحدة ضد شعب
الله، ولا
يحتملون أن
يسمعوا
أخبارهم
المفرحة.
هذا هو
عمل الله
الفائق مع
كنيسته، حين
ترجع إليه
بالتوبة، ومع
كل نفس تائبة،
حيث يردها الله
من العار
والخزي إلى
أمجاد داخلية
فائقة.
يَلْحَسُونَ
التُّرَابَ
كَالْحَيَّةِ
كَزَوَاحِفِ
الأَرْضِ.
يَخْرُجُونَ
بِالرِّعْدَةِ
مِنْ حُصُونِهِمْ،
يَأْتُونَ
بِالرُّعْبِ
إِلَى
الرَّبِّ
إِلَهِنَا
وَيَخَافُونَ
مِنْكَ. [17]
إن
كانت الأمم
المقاومة
للحق الإلهي
تشٌَبه بزواحف
الأرض التي
تلحس التراب،
فإن الله في حبه
يسمح لعدو
الخير أن
يجربنا، لكن
في التجربة
يلمس عدو
الخير - الحية
القديمة - ما
فينا من ترابٍ،
لكي ما نتزكى
أمام الله.
وكما يقول القديس
أمبروسيوس[127] في حديثه
عن التوبة أن
بولس الرسول
طلب من أهل
كورنثوس أن
يُسلم الزاني
للشيطان
لهلاك الجسد
لكي تخلص نفسه
(1 كو 5: 5) حيث يلحس
الشيطان ما فيه
من ترابٍ، أما
نفسه فلا
يمسها!
كل ما
يستطيع عدو
الخير وجنوده
أن يفعلوا هو
أن يلحسوا
التراب الذي
يلحق بأرجلنا.
وكما يقول
المرتل:
"وأعداؤه
يلحسون
التراب" (مز 72: 9).
ويقول الرب
نفسه للكنيسة:
"يسجدون لكِ
ويلحسون تراب
رجليكِ،
فتعلمين أنيّ
أنا الرب الذي
لا يخزى،
فتنظروه" (إش 49:
23).
يقول العلامة
أوريجينوس
أنه قد صدر
الحكم على
الإنسان بعد
سقوطه: "أنت
تراب وإلى
ترابٍ تعود"
(تك 3: 19)، أما وقد
تمتع بالشركة
مع آدم الثاني
فيسمع الصوت
الإلهي: "أنت سماء
وإلى سماءٍ
تعود". فعمل
الراعي
الصالح أن
يحولنا من
اللعنة
الأولى في آدم
الأول إلى البركة
في آدم
الثاني،
فنصير سماءً
مقدسة. بهذا
لا تجد الحية
فينا ما
تأكله، إذ لا
تجد التراب
مأكلها.
يختم
النبي السفر
بالمجد له،
مسبحًا الله
الذي من هو
مثله:
أ. إنه
إله الحب
الغافر [18].
ب. إله
القوة
المخلَّصة [19].
ج. إله
الأمانة
الدائمة [20].
مَنْ
هُوَ إِلَهٌ
مِثْلُكَ
غَافِرٌ
الإِثْمَ،
وَصَافِحٌ
عَنِ
الذَّنْبِ
لِبَقِيَّةِ
مِيرَاثِهِ!
لاَ
يَحْفَظُ
إِلَى
الأَبَدِ
غَضَبَهُ،
فَإِنَّهُ
يُسَرُّ
بِالرَّأْفَةِ.
[18]
هذه هي
مسرة الله، أن
يغفر، واهبًا
رحمته، معلنًا
عن حبه.
يستخدم
ميخا اسمه
الذي يعني "من
مثل الله؟"
ليسبح الله
كغافرٍ للخطايا.
يرى الحكيم
سليمان أن
المؤمن
العاقل أو الحكيم
يقتدي بالله
غافر المعاصي
لإخوته المخطئين
إليه: "تعقل
الإنسان يبطئ
غضبه وفخره الصفح
عن معصية" (أم 19:
11).
في
حديث البابا
أثناسيوس عن
مساواة الابن
والآب
ووحدتهما
يقدم هذه
العبارة عن
دور الآب في
مغفرة
الخطايا ثم
يكمل: [ولكن
الابن قال لمن
أراد: "مغفورة
لك خطاياك".
كمثال عندما
تذمر اليهود
أعلن عن مغفرة
الخطايا
بالعمل،
قائلاً
للمفلوج: "قم،
احمل سريرك
واذهب إلى
بيتك" (مت 9: 6)[128]].
v "من
يقدر أن يغفر
خطايا إلاَّ
الله وحده" (مر
2: 7). فإنهم إذ
وضعوا
بأنفسهم هذا
التعريف،
وضعوا القاعدة،
وأعلنوا
الناموس،
أراد أن
يربكهم بذات
كلماتهم.
يقول: "لقد
اعترفتم بأن
غفران الخطايا
خاص بالله
وحده، إذن
فمساواتي له
(للآب) ليست
موضع تساؤل".
فإنه ليس هؤلاء
الرجال وحدهم
أعلنوا هذا،
وإنما قال
النبي هكذا:
"من هو إله
مثلك؟"
وعندئذ أشار
إلى السمة
الخاصة به،
مضيفًا: "غافر
الإثم، وصافح
عن الذنب" (مي 7:
18). إذن إن ظهر
أحد هكذا يفعل
ذات الأمر فهو
الله، هو الله
الواحد.
لنلاحظ كيف
حاورهم المسيح
بوداعةٍ
ورقةٍ وكل حنوٍ[129].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v إن كان
الكلمة
مخلوقًا،
فكيف يمكنه أن
يبطل حكم الله
ويغفر
الخطية،
بينما كُتب في
الأنبياء أن
هذا من عمل
الله؟ فإنه
"من هو إله
مثلك غافر
الإثم
ومتغاضً عن
المعصية؟"
بينما يقول الله:
"إنك تراب
وإلى التراب
تعود" (تك 3: 19)،
ويصير كل
البشرية
مائتين، كيف
في إمكانية
المخلوقين أن
يبطلوا
الخطية؟ لكن
الرب نفسه هو
الذي يبطلها، إذ
يقول بنفسه:
"إن لم يحرركم
الابن" (انظر
يو 8: 36)، فالابن
الذي يحرر
يظهر بالحق
أنه ليس مخلوقًا
ولا من بين
المخلوقات،
بل هو الكلمة
الذاتي،
وصورة جوهر
الآب، الذي أصدر
في البداية
الحكم (بموت
آدم) وهو وحده
يمحو الخطايا.
وإذ قيل
بالكلمة: "أنت
تراب وإلى التراب
تعود" هكذا
صار لائقًا
أنه بالكلمة
ذاته وبه
تتحقق الحرية
ويصير إبطال
الدينونة[130].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
v لكي
تعرف مدى عظمة
معجزة مغفرة
الخطايا، أقدم
لك نبيًا
كشاهدٍ ليّ.
هذا النبي
يظهر أن مغفرة
الخطايا
ليست من عمل
أحدٍ غير الله
وحده عندما
يقول: "من هو
إله مثلك غافر
الإِثْمَ
وصافح
الخطايا؟"
(مي ٧: ١٨). فإن
جلب النفوس
إلى الملكوت
أعظم من تحطيم
الموت. لقد
قاد النفوس
إلى الملكوت،
وقد فعل هذا
بقوته[131].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v ليتنا
لا نصغي إلى
الشيطان
عندما نُقتنص
في متاعب
العالم، سواء
خلال ألمٍ
جسديٍ أو
فقدان أبناء،
أو متاعب أخرى.
ليتنا لا نستمع
إلى الخصم إذ
يقول: "الآن،
أين هو الرب
إلهك؟" (مي 2: 17)،
عندما نعاني
من ألمٍ عنيفٍ
يلزمنا أن نحذر
من تجاربه،
فإنه يحاول أن
يضل النفس
القلقة. إذ
تتطلع النفس
إلى أعمال
الله العجيبة
ترى نفسها
أنها في
السماء
فعلاً، بينما
يزحف الشيطان
حولها مثل
حيَّة على
الأرض. هكذا
يقول النبي:
"من هو الله
مثلك، غافر الآثام
وماحي
المعاصي
لبقيَّة
ميراثك"[132].
القدِّيس
أمبروسيوس
يَعُودُ
يَرْحَمُنَا
يَدُوسُ
آثَامَنَا،
وَتُطْرَحُ
فِي
أَعْمَاقِ
الْبَحْرِ
جَمِيعُ
خَطَايَاهُمْ.
[19]
يطرح
الله خطايانا
في أعماق بحر
محبته الغافرة،
فلا يعود
يذكرها. يقول
إرميا النبي:
"مراحمه
جديدة في كل
صباح" (مرا 3: 23)،
فمع كل صباح
نتطلع إليه
كأبٍ غافرٍ
لخطايا
أبنائه،
وساكب الحب في
قلوبهم،
يردهم دومًا
إليه. إنه
يطرح خطايانا
كما في البحر
الأحمر مع
فرعون وجنوده،
فلا يعود
يذكرها. وكما
قيل عن
الإنسان التائب:
"كل معاصيه
التي فعلها لا
تُذكر عليه؛
في برِّه الذي
عمل يحيا" (حز 18:
22). ويقول الرب:
"قد محوت
كغيمٍ ذنوبك،
وكسحابةٍ
خطاياك. ارجع
إليَّ لأني
فديتك" (إش 44: 22).
v يليق
بنا أن نعطي ثوبًا
لمن ليس لديه
ثوب نهائيًا.
من هو الشخص
الذي بلا ثوب؟
إنه ذاك الذي
ينقصه الله
تمامًا. لذلك
وجب علينا أن
نجرِّد
أنفسنا ونعطي
من هو عارٍ.
واحد له الله،
وآخر ليس له
الله نهائيًا،
لنعطي ذاك
الذي ليس له
الله. يقول النبي
في الكتاب
المقدَّس:
"يلزمنا أن
نطرح خطايانا
في البحر".
يكمل يوحنا:
"من له طعام
فيفعل هكذا"
(لو 3: 11). من معه
طعام فليعطي
من ليس معه
نهائيًا. يليق
به أن يعطيه
بسخاء، ليس
فقط الملبس،
بل أيضًا ما
يمكن أن يأكله[133].
العلامة
أوريجينوس
v إنها
نعمة
المعمودية التي
تُشير إليها
نبوة ميخا:
"يعود
يرحمنا، يدوس
آثامنا،
وتُطرح في
أعماق البحر
جميع خطايانا
(خطاياهم)" (مي 7:
19)[134].
القديس
جيروم
تَصْنَعُ
الأَمَانَةَ
لِيَعْقُوبَ،
وَالرَّأْفَةَ
لإِبْرَاهِيمَ،
اللَّتَيْنِ
حَلَفْتَ
لآبَائِنَا مُنْذُ
أَيَّامِ
الْقِدَمِ. [20]
إنه
أمين، سبق
فوعد إبراهيم
بالرأفة وأكد
وعده ليعقوب،
ويبقى يتمم
وعوده
لآبائنا
القديسين
مادمنا نسلك
بروح الإيمان
العامل بالمحبة.
أقسم
الرب ونحن
نؤمن أنه
حتمًا يتمم
وعوده لنا (عب 6:
18-20).
يا
لغنى نعمتك
العجيبة!
v أحببتني
أنا كرمتك
المحبوبة!
قدمت
ليّ كل
إمكانية
لتقيم فردوسك
في داخلي!
لكن في
غباوة جحدت كل
عطاياك.
صرت
برية قفرة بلا
ثمرٍ!
تحولت
إلى أرض تنبت
شوكًا وحسكًا!
v يدايّ تحولتا
لعمل الشر.
وفكري
انشغل بما لا
يليق بك.
وقلبي
ضاق عن الحب.
لقد
فسد الرئيس
والقاضي
والكبير فيّ.
صرت
عوسجًا
وشوكًا لا نفع
ليّ!
v فقدت سلامي
الداخلي،
فلم
أعد أأتمن
صاحبًا،
ولا
أثق في صديقٍ
أو قريبٍ!
تحولت
أعماقي إلى
أرض معركة.
صراع
بين شهوات
الجسد وشهوات
الروح!
ونزاع
بين العقل
والعاطفة.
كل ما
في داخلي صار
في ارتباك
شديد!
v صوتك
دعاني
وأقامني من
المذلة.
رفعتني
من العبودية
إلى حرية مجد
أولاد الله.
الآن
أصرخ في وجه
الحية
القديمة
قائلاً:
لا
تشمتي بيّ يا
عدوتي،
إذا
سقطت أقوم،
إذا
جلست في
الظلمة فالرب
نور ليّ!
v تحولت تأديبادتك ليّ
إلى عزٍ
ومجدٍ!
أخرجتني
من هاوية الخطية
إلى فردوس
برَّك!
أطلقتني
لأعبر من قوة
إلى قوةٍ،
وأرتفع
بجناحي روحك
القدوس من
مجدٍ إلى
مجدٍ!
ما
أعجب رعايتك
يا أيها
الراعي
الصالح!
v في كل
ضيقاتي لم
تستطع الحية
أن تلدغني،
بل
لحستْ كل تراب
تعلق بقدمي،
صيرتني
سماءً جديدة
يسكنها برَّك!
وهبتني
نصرة فوق نصرة
بنعمتك
العجيبة!
v لك
المجد يا غافر
الإثم والصافح عن
الذنب!
لك
المجد يا كلي
الرحمة
والرأفة!
[109] Homilies on Jeremiah, 15:3:2.
[110] The Prayer of Job and David, 2:5:18.
[111] St. Ambrose: Concerning Repentance, 2:7 (52).
[112] On Ps. 12.
[113] St. John Chrysostom: The Gospel of St. John, Homily 64:4.
[114] On Psalm 120.
[115] St. Cassian: Conferences 17:20.
[116] St. Cassian: Conferences 9:35.
[117] On the Holy Lights, Oration 39:15.
[118] St. John Chrysostom: The Gospel of St. Matthew, Homily 35:2.
[119] On Ps. 146.
[120] Homily 55 on Ps. 145.
[121] Exposition on the Psalms 37:15.
[122] St. Ambrose: Concerning Repentance, 2:8 (78).
[123] The long Rules, 55.
[124] On Ps. 46.
[125] On Ps 100.
[126] Explanation of the Psalms 114:5.
[127] St. Ambrose: Concerning Repentance, 1:13 (60).
[128] De Synods, part 3, 49.
[129] St. John Chrysostom: The Paralytic Let Down Through the Roof, 6.
[130] Four Discourses Against the Arians, 2:67.
[131] On the Incomprehensible Nature of God, homily 10: 23.
[132] Letter 45.
[133] Homilies on the Gospel of Luke, 23:5.
[134] St. Jerome: Letter 69:6.