من له أذنان
هكذا قال السيد المسيح: (من له أذنان للسمع، فليسمع) (مت 13: 43) ذلك لأن هناك من لهم آذان، ولكنهما لا تسمعاً. وعن أمثال هؤلاء قال السيد:) لأنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون) فقد تمت فيهم نبوة إشعياء القائلة (قلب هذا الشعب قد غلظ. وآذانهم قد ثقل سمعها) (إش 6: 10).
فما السبب فى أن هؤلاء لهم آذان ولكنها لا تسمع؟
السبب الأول هو أن قلوبهم قد غلظت، محبتهم قلت..
الذى يحب الله، يحب أن يسمع عنه. والذى يحب الخير يحب أن يسمع عنه. فإن فقد هذا الحب، وانشغل قلبه بمحبة مضادة، فإنه لا يحب أن يسمع عن الله، ولا عن الفضيلة.. يصير السماع ثقيلا على أذنيه.وإن قيل له شئ، لا يدخل أذنيه، ولا يدخل فكره ولا قلبه. انه ليس على مزاجه.. كالشاب الغنى (مت 19: 22).
(سامعين لا يسمعون) مثل أهل سادوم، حينما انذرهم لوط (وكان كمازح فى أعين أصهاره) (تك 19: 14). ومثل الابيقوريين والرواقيين الذين كلمهم بولس الرسول، فقالوا: (ترى ماذا يريد هذا المهذار أن يقول؟!) (أع 17: 18).
لعل هذا المثل يذكرنا أن الكبرياء تمنع الأذن من السماع
(الذات) الـEgo تقف حائلا دون سماع كلمة الله هكذا كان كلام السيد المسيح يكشف رياء الكتبة والفريسين، ويقدم تعليما أعلى من تعليمهم، كما كان كلام الرب فيه الروح، بينما كلامهم فيه الحرفية لذلك كانوا لا يريدون أن يسمعوه.
إن العناد أيضا والتشبث بالرأى، يمنع الأذن من السماع.
مهما كان الرأى قويا ومقنعا، فإن الأذن لا تسمعه، مادام الإنسان متشبثا برأيه. ولذلك فإن بعض كلام المسيح ما كان يرفضون سماعه فحسب، بل كانوا يرفعون الحجارة ليرجموا قائله (يو 10: 31) وكانوا يصفونه بأنه ضال، ومضل ومجدف!!
الخوف أيضا يمنع الأذن من أن تسمعاً.
كان بيلاطس يعتقد أن السيد المسيح برئ، بل وأنه بار (مت 27: 24) ومع ذلك منعه الخوف من أن يستفيد من نصيحة زوجته له: إياك وهذا البار) (مت 27: 19) ولعل الخوف أيضا منع كثيرا من ولاة الرومان من الإيمان. الخوف سد آذانهم.
ما أجمل قول الرب لتلاميذه الأطهار: (أما أنتم فطوبى لآذانكم لأنها تسمع) (مت 13: 16).
إنها الأذن التى ينبع سماعها من قلب فيه إيمان وتسليم، وفيه حب، وفيه أتضاع قلب لا يعاند ولا يرفض ولا يتشبث بحكمة بشرية وبمعرفة خاصة.