محبة الذات
المحبة الحقيقية للذات، تأتى بتدريب هذه الذات على محبة الله، ودوام سكناه فيها، وخضوعها لعمل روحه..
ولا يمكن للذات أن تتمتع بسكنى الله فيها، إلا عن طريق النقاوة، والإتضاع الذى به لا يقاوم عمل الروح فيها، ولا تفضل جهالتها على حكمة الله.
وهكذا تظهر المحبة الحقيقية للذات، فى إنكار الذات.
إنكار الذات فى العمل، حيث تقول \"لا أنا، بل نعمة الله العاملة فى\". وإنكار الذات فى ترك محبة المديح والكرامة \" ليس لنا يارب ليس لنا، لكن لإسمك القدوس أعط مجداً\". وأنكار الذات فى الجهاد، حيث يضحى المؤمن براحته وكل ماله، من أجل بناء ملكوت الله.
إنكار الذات فى التعامل مع الله، ومع الناس.
وفى ذلك يفضل الإنسان غيره على نفسه فى كل شئ، \" مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة \" ومن هنا تأتى كل نواحى المحبة العملية نحو الآخرين، ليس فى الكرامة فقط، إنما أيضاً فى العطاء، والبذل، والتعب لأجل الآخرين، والتضحية من أجلهم إلى بذل الذات عنهم، ولا مانع من أن يحمل خطاياهم وينسبها إلى نفسه، يحرم نفسه من كل شئ، لكى ينالوا هم..
غير أن البعض قد يحب ذاته محبة خاطئة دنيوية، يحاول أن بينيها فيهدمها، وأن يرفعها فيضيعه.
وفى ذلك قال السيد المسيح \" من وجد نفسه يضيعه ومن أضاع نفسه من أجلى يجدها \" الذين تركوا ملاذ العالم من أجل الرب، يحسبهم أهل العالم أنهم ضيعوا أنفسهم، بينما هم قد وجدوا الطريق الحقيقى لبناء الذات. ويدخل ضمن هؤلاء أيضاً الرهبان والسواح، وكل من تكرسوا لخدمة الرب، وكل من قالوا له مع بطرس \" تركنا كل شئ وتبعناك\".
الذى يحب ذاته، هو الذى يسير بها فى الطريق الضيق من أجل الرب، ويحمل الصليب كل يوم.
هذا الإنسان هو الذى يحب ذاته حقاً..
أما الذى يعطيها كل شهواتها الأرضية والجسدية، فإنه لا يحب ذاته، وإنما يحب العالم وشهوته..