أصحاب هذا السؤال يركزون على لاهوت المسيح، وينسون ناسوته! إنه ليس مجرد إله فقط، وإنما أخذ طبيعة بشرية مثلنا، ناسوتاً كاملاً، بحيث قال عنه الكتاب إنه شابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية (عب2: 17). ولولا أنه أخذ طبيعتنا، ما كان ممكناً أن يوفى العدل الإلهى نيابة عنا. إنه صلى كإنسان، وليس كإله. لقد قدم لنا الصورة المثلى للإنسان. ولو كان لا يصلى، ما كان يقدم لنا ذاته مثالاً. لذلك صلى... وفى صلاته علمنا أن نصلى، وعلمنا كيف نصلى. وأعطانا فكرة عملية عن أهمية الصلاة وقيمتها فى حياتنا.. وفى بعض صلواته – كما فى بستان جثسيمانى، عرفنا كيفية الجهاد فى الصلاة (لو22: 44). ولو كان المسيح لا يصلى، لاعتبرت هذه تهمة ضده. ولاعتبره الكتبة والفريسيون بعيداً عن الحياة الروحية، وصار لهم بذلك عذر فى أن لا يتبعوه، إذ ليست له صلة بالله! وبنفس الطبيعة البشرية كان يتعب ويجوع ويتألم. لأنه لو كان لا يتعب ولا يجوع ولا يعطش ولا يتألم، ولا ينعس وينام، ما كنا نستطيع أن نقول أنه ابن الإنسان، وإنه أخذ الذى لنا، وأخذ نفس الطبيعة المحكوم عليها بالموت، لكى بها ينوب عنا فى الموت، ويفدى الإنسان. إنه لم يتعب كإله. فاللاهوت منزه عن التعب. ولكن هذه الطبيعة البشرية التى اتحد بها لاهوته، والتى لم ينفصل عنها لحظة واحدة ولا طرفة عين، هى التى تعبت، لأنها طبيعة قابلة للتعب.. والسيد المسيح لكى يكون تجسده حقيقة ثابتة، يمكنها القيام بالفداء، سار على هذه القاعدة: لم يسمح أن لاهوته يمنع التعب عن ناسوته. وذلك لكى يدفع ثمن خطايانا، ويكفر عن خطايا الشعب (عب2: 17). ونحن نشكره إذ تحمل التعب والألم لأجلنا. وبتعبه قدس التعب، وصار كل إنسان يكافأ بحسب تعبه (1كو3: 8).