أولًا: فكرة الرسائل
تهدف الرسائل لترويج أفكار عقائدية غير أرثوذكسية من خلال نشرها لأكبر عدد ممكن، وذلك بإصدار أوامر باسم العذراء القديسة المحبوبة، والمكرمة جدًا عند شعبنا الأرثوذكسي. وقد استخدم ناشر الرسالة أسلوب التهديد والوعيد ليضمن انتشار أفكاره لأكبر عدد ممكن من الناس. وغالبًا ما يتخذ من فئة صغار السن هدفًا لترويج ونشر أفكاره.
ثانيًا: العقائد الخاطئة التي تضمنتها الرسالة
١- استغلال رصيد حب العذراء في قلوبِ الناس بطريقة خاطئة.
٢- المفهوم المادي للبركة واللعنة.
٣- الاهتمام الكبير بالوعود المادية (الطعام البائد).
٤- ادعاء معرفة ميعاد المجيء الثاني للرب.
٥- استخدام قول الكتاب "الرب قريب" بطريقة خاطئة.
٦- ادعاء الراسل النبوءة، وأنه صاحب إعلان سماوي.
٧- الاعتماد على أسلوب التهديد والتخويف.
٨- استعمال أسلوب التسلط والتخويف.
٩- الاعتماد على أسلوب الإغراء والوعد بالمكافآت المادية.
١٠- بث مفاهيم خاطئة عن الله، وأمه العذراء القديسة مريم.
ثالثًا :تفنيد ضلال المعتقدات الخاطئة على ضوء تعاليم الكتاب المقدس
- استغلال رصيد حب العذراء في قلوب الناس بطريقة خاطئة.
فكرة تقديم خدمة باسم العذراء القديسة أو لأجلها فكرة تبدو جيدة، لأنها تحمل في مضمونها حبًا للعذراء القديسة أم ابن الله، لكن الكتاب المقدس يعلمنا أن ما يسر العذراء، أو أي قديس آخر هو صنع مشيئة الله، وذلك كقول العذراء: "قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ" (يو٢: ٥). إن التقرب لله وإرضاءه لا بد أن يكون وفق المبدأ الإنجيلي الذي أرساه الرب القائل: "لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي" (مر٣: ٣٥).
لذلك يجب علينا أن لا نغتر بما يردده البعض قائلين: "أن العذراء أو أي قديس آخر يريد منا خدمة"، لكن علينا أن نبحث، ونفحص أولًا هل هذه الخدمة حسب مشيئة الله أم لا؟ لأن إرضاء الله يجب أن يكون أولًا قبل كل شيء، وصنع مرضاته أيضًا هي سرور القديسين.
- المفهوم المادي للبركة واللعنة
صاحب الرسالة يشجع على نشر رسالته بتقديم حوافز تتمثل في سماع خبر مفرح جدًا بعد خمس دقائق فقط من تنفيذ أمره، ويهدد بتعاسة للمخالفين له.
إن الاعتقاد بأن كتابة رسائل للعذراء، ونشرها يجلب النفع المادي للإنسان، وأن عدم فعل ذلك يجلب عليه ضررًا هو ارتداد لأزمنة العهد القديم التي تركز على انتظار، وطلب البركات المادية. أما العهد الجديد فقد وضع الوحي الإلهي أمام عيوننا أهمية نوال البركات الروحية السماوية، كقول الكتاب: "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ" (أف١: ٣).
- الاهتمام الكثير بالجسد والماديات (الطعام البائد)
يروّج صاحب الرسالة لمبدأ الانشغال بالأمور المادية وطلبها، والتثقل بالهموم العالمية، وذلك بالتخويف من مصائب قادمة في حالة عدم الطاعة للراسل، أو بالإغراء بمكافآت مادية في حالة الخضوع للراسل.
إن أولاد الله يثقون في محبة الله لهم وفي تدبيره كل أمور معيشتهم واحتياجهم. لقد علمنا الرب يسوع عدم الانشغال بالأمور الجسدية، لأنه متكفل برعايتنا، وتدبير حياتنا. أما البركات السمائية وملكوت السماوات فهي الأهم والأنفع لنا، لذا يجب علينا أن ننشغل بطلب السماويات على الدوام، لأنها لن تُعطي إلاَّ لمن يطلبها بلجاجة كقول الكتاب: "فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ. بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ" (لو١٢: ٣٠- ٣١).
- ادعاء معرفة ميعاد المجيء الثاني للرب
يَدَّعي الراسل معرفته عن قُربِ مجيء الرب من خلال إعلان سماوي من فم العذراء مباشرة؛ فهل يعني الراسل أن الرب سيأتي للدينونة في الأيام المقبلة؟ أم في الشهور القادمة؟! أم في السنوات القليلة القادمة؟! أم أن الراسل يكرر المقولة التي سبق وأخبر بها الكتاب المقدس في أكثر من موضع؟ وهي: "أن الرب قريب".
لقد علمنا الكتاب أن تحديد ميعاد مجيء الرب أمر لا يخص البشر، ولا يمكن أن يستنتجه البشر كقول الرب: "وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ" (مر١٣: ٣٢).
- استخدام قول الكتاب "الرب قريب" بطريقة خاطئة
قول الراسل في رسالته أن مجيء الرب قريب هو قول غامض، ولا نعرف مدى فهم مَن يقرأ الرسالة في تحديد ما هو المقصود بقرب مجيء الرب، ولكن القول بأن الرب قريب مُعلن في الكتاب المقدس منذ زمان، ولا يحتاج لرسالة جديدة كقول الكتاب: "لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ" (في٤: ٥).وأيضًا قوله: "طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ" (رؤ١: ٣). وقوله: "وَقَالَ لِي: لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ" (رؤ٢٢: ١٠). وأيضًا قوله: "لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ" (عب١٠: ٣٧). وقوله أيضًا: "هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ" (رؤ٣: ١١).
إن أولاد الله في شوق دائم وانتظار لمجيئ الرب على الدوام. وهذا ما قصده الوحي الإلهي منذ أوائل عصور المسيحية بقوله "الرب قريب"، فهل هذا ما قصده الراسل؟ وإن كان هذا ما قصده الراسل؛ فماذا أضاف الراسل من جديد؟
- ادعاء الراسل النبوءة، وأنه صاحب إعلان سماوي
الراسل غير معروف، وهو مجهول الهوية تمامًا، ولكن هل من المنطقي أن يرسل الله إنسان مجهول الهوية برسالة هامة وخطيرة من أمه العذراء، ويأمره بنشرها للعالم كله؟! إن تعليم الكتاب المقدس القويم يؤكد على ما يلي:
- ضرورة التأكد من شخصية الرسول.
يؤيد الله من يقيمهم كرسل أو أنبياء له قبل إرسالهم للبشر بشهادات قوية تقنع الناس بصدقهم، وصدق مضمون ما يحملونه من رسائل سماوية، وذلك كقول الكتاب: "فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ؟ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِه" (عب ٢: ٣- ٤).
2- إنَّ من يرسله الله لا بد أن يكون معلوم الهوية I.D)) من جهة شخصه، ومعتقداته، ومدى صدقه كقول الكتاب المقدس: "وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ" (٢تي٣: ١٤).
رئيس جند الرب لا يمانع في إظهار هويته
لقد ظهر رئيس جند الرب ليشوع النبي، لكن النبي لم ينبهر بظهور الملاك، بل سارع نحوه ليسأله قائلًا له: "... هَلْ لَنَا أَنْتَ أَوْ لأَعدَائِنَا؟ فَقَالَ: "كَلاَّ، بَلْ أَنَا رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ. الآنَ أَتَيْتُ. فَسَقَطَ يَشُوعُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، وَقَالَ لَهُ: بِمَاذَا يُكَلِّمُ سَيِّدِي عَبْدَهُ؟" (يش٥: ١٣- ١٤).
مثال حي من الكتاب المقدس
يذكر سفر الرؤيا أن الرب سيرسل في آخر الأيام نبيين ليقاوما ضد المسيح، ولكن الله سيؤيدهما بمقدرة صُنع المعجزات والحكمة، التي ستشهد لهما كقول الكتاب: "وَسَأُعْطِي لِشَاهِدَيَّ، فَيَتَنَبَّآنِ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا، لاَبِسَيْنِ مُسُوحًا. هذَانِ هُمَا الزَّيْتُونَتَانِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامَ رَبِّ الأَرْضِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، فَهكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ. هذَانِ لَهُمَا السُّلْطَانُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ حَتَّى لاَ تُمْطِرَ مَطَرًا فِي أَيَّامِ نُبُوَّتِهِمَا، وَلَهُمَا سُلْطَانٌ عَلَى الْمِيَاهِ أَنْ يُحَوِّلاَهَا إِلَى دَمٍ، وَأَنْ يَضْرِبَا الأَرْضَ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ كُلَّمَا أَرَادَا" (رؤ١١: ٣- ٦).
- الاعتماد على أسلوب التهديد والتخويف
التهديد والتخويف لا يترك فرصة لمتلقيه للتفكير، أو الاقتناع، لأن الخطر الذي يتوقعه متلقي الرسالة في حالة عدم الاستجابة يحرمه من فرصة الفحص، والبحث المتأني فيما يطلبه منه من يهدده. وكيف يمكنني أن أمتحن فكر وعقيدة من يتكلم معي، وأنا تحت التهديد خائف من المصيبة، التي تنتظرني في صباح الغد؟!!
إن استخدام التهديد والوعيد ضد تعليم الرب يسوع المسيح بالتأمل، وفهم الأمور وفحصها وتمييز الصالح منها كقول الرب: " حِينَ كَسَّرْتُ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ لِلْخَمْسَةِ الآلاَفِ، كَمْ قُفَّةً مَمْلُوَّةً كِسَرًا رَفَعْتُمْ؟ قَالُوا لَهُ: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. وَحِينَ السَّبْعَةِ لِلأَرْبَعَةِ الآلاَفِ، كَمْ سَلَّ كِسَرٍ مَمْلُوًّا رَفَعْتُمْ؟ قَالُوا: سَبْعَةً. فَقَالَ لَهُمْ: كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ؟" (مر٨: 19- ٢١).
وقوله: "يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَمَّا هذَا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لاَ تُمَيِّزُونَهُ؟" (لو١٢: 56).
وأيضًا قول الكتاب: "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ" (١يو٤: ١).
- استعمال أسلوب التسلط والتخويف
أعلن الرب يسوع أننا أبناء لله، ولسنا عبيد كقوله: "لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي" (يو١٥: ١٥).
إن الأب يتعامل مع ابنه بالحب، ويشرح له ما هو مفيد حتى يفهم، ويعرف إرادة أبيه، أما العبد فيخيفه سيده ويهدده بالعقاب القاسي، لذلك فهو ينفذ أوامر سيده دون مناقشة. لقد نهى معلمنا بولس الرسول أولاد الله عن استخدام أسلوب التهديد قائلًا: "وَأَنْتُمْ أَيُّهَا السَّادَةُ، افْعَلُوا لَهُمْ هذِهِ الأُمُورَ، تَارِكِينَ التَّهْدِيدَ، عَالِمِينَ أَنَّ سَيِّدَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي السَّمَاوَاتِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُحَابَاةٌ" (أف٦: ٩).
- استخدام الرسالة أسلوب الإغراء المادي في الرسالة
لقد رفض الكتاب المقدس هذا الأسلوب، لأنه نوع من الرشوة التي تُعمي العينين عن الخطأ كقوله: "وَلاَ تَأْخُذْ رَشْوَةً، لأَنَّ الرَّشْوَةَ تُعْمِي الْمُبْصِرِينَ، وَتُعَوِّجُ كَلاَمَ الأَبْرَارِ" (خر٢٣: ٨).
أسلوب الإغراء كما جاء في الرسالة يُرسي مبدأ ضرورة مكافأة من يطيع الله بمكافآت أرضية، وأيضًا عدم تعرضه لضيقات زمنية، وهذا ضد تعليم الكتاب، الذي أكد تعرض المؤمنين لصعوبات وضيقات كثيرة، ولكنها تتحول للخير بنعمة الله وتدبيره. فيما يلي بعض الأمثلة، التي تؤكد هذا المبدأ الكتابي:
- "اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِب مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ" (يع١: ٢- ٤).
- "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ" (رو٨: ٢٨).
رابعًا: خطورة تأثير الرسالة على المعتقدات الإيمانية
إن أمر الراسل المجهول بإرسال الرسالة لـ٢٠ شخصًا، ثم العشرون شخصًا كل منهم يرسل الرسالة لعشرين آخرين، وهكذا... يتسبب في ضرر كبير لأعداد كبيرة من المخدومين، ولهذا يجب علينا البحث في التأثير الخطير، التي تحدثه الرسالة في نفوس من يتلقى الرسالة دون وعي، وكأنها من العذراء مباشرة. فيما يلي نشرح ذلك بالتفصيل:
- تضليل الكثيرين عن طريق تقديم مفاهيم عقائدية خاطئة
وهذا قد تم شرحه بالتفصيل في النقطة السابقة.
- بث روح الخوف (العبودية) نتيجة استخدام الراسل المجهول التخويف والتهديد
بَالَّغ الراسل في تغليظ العقوبة، وعَجَّلَ ميعاد حدوثها في القول: "لو ما كتبتهاش تعيش١٢ سنة في تعاسة تبدأ من صباح الغد". لقد وضع الراسل من يتلقى رسالته المُضلة في ورطة إذا لم يطع تعليماته.
فمن لا يطيع يعيش في تعاسة مدة ١٢ سنة كاملة أو ١٢× ١٢=١٤٤ شهر، أو باليوم ٣٦٥× ١٤٤=... وللأسف.. لم يترك الراسل فرصة من الوقت لمن تصله رسالته ليتأكد من صدق الرسالة. وذلك بغرض أن يُربكه بضرورة إطاعة الأمر سريعًا ودون تفكير، وإن لم يفعل ذلك يلاحقه الخوف من عقاب العذراء القديسة له، لأن التعاسة ستبدأ من الصباح.
- إلصاق تهمة القسوة بالله وبالعذراء القديسة
يكشف الكتاب المقدس ما تتميز به العذراء القديسة من رقة مشاعر وحنان تجاه كل أحد. لقد ذهبت العذراء بسرعة في رحلة طويلة عبر جبال اليهودية لتخدم أليصابات، عندما علمت من الملاك بحبلها في شيخوختها، وأشفقت العذراء على أهل العروسين في قانا الجليل؛ فذهبت طالبة من الرب يسوع لأجلهم.
لم نسمع مطلقًا عن العذراء القديسة أنها تذمرت وسط آلامها الكثيرة، أو أنها هددت، وتوعدت، لكن كاتب الرسالة يُظهر العذراء القديسة بصورة مُنفرة نتيجة قسوة وشدة وسرعة عقاب من يخالف ما تريده، لم يكتف بالقول أن العذراء لن تكون غير راضية مثلًا بغير ذلك؟ لكنه قرر العقاب حالًا، وكأن السبب هو مخالفة العذراء القديسة.
لقد أعلن الرب يسوع رفضه التام للقسوة والعنف، عندما انتهر تلميذيه، اللذين طلبا منه أن تنزل نار من السماء لتحرق أهل إحدى مدن السامرة، لأن أهلها رفضوا قبول الرب في مدينتهم قائلًا لهما: "فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهًا نَحْوَ أُورُشَلِيمَ. فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: يَا رَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضًا؟ فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ. فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى" (لو٩: ٥٣- ٥٦).
خامسًا: موقف خدام وخادمات الكنيسة من هذه الرسائل
- كشف الضلال
إن عمل الخدام في كشف ضلال وزيف هذه الرسائل أمام المخدومين ضرورة مُلحة، لأن أمثال هذه الرسائل الزائفة تعمل على محور التشكيك والتخويف من احتمال أن تكون صادرة من العذراء. ومع أن القارئ قد يُدرك أن مُحتوى الرسالة وأفكارها لا يتناسب مع عظمة وروحانية وحنان العذراء، إلاَّ أن بعض الخدام قد يتعاملون مع هذه الرسائل بطريقة سلبية، فلا يُبدون رأيهم من الرسائل، أو قد يحذر الخدام المخدومين من إرسال الرسائل لآخرين دون تفنيد الرسالة، وكشف ضلالها، وفي كلتا الحالتين يشعر المخدومون بالحيرة والخوف والارتباك في إتخاذ القرار السليم في التعامل مع الرسالة.
- ضرورة تفنيد وكشف ضلال أمثال هذه الرسائل
إن تفنيد ضلال الرسائل بكشف ما فيها من تعاليم خاطئة، ومخالفتها لمبادئ الكتاب المقدس تعطي أساسًا متينًا لرفض هذه الرسائل المضلة بضمير مستريح، دون خوف أو تشكك من مخالفة أمنا العذراء القديسة، التي لا تمت بها أمثال هذه الرسالئل بصلة من قريب أو بعيد.