الموت يقتحم حياة جميع البشر: الرضعان والأطفال والشباب والكبار رجالًا ونساءً، ولا يقف أمامه عائق. ولكن الله لا يمكن أن يُلام بسبب موت إنسان في طفولته أو شبابه، ذلك لأن الموت أمر سيادي يخص الله واهب الحياة كما سنشرح فيما يلي:
أولًا: الله له السيادة على أمور البشر
إن الله له السلطان على خليقته، وبالطبع على أرواح بني البشر، لأنهم صنعة يديه. إنه يحيي من يشاء، وينهي أيضًا حياة من يشاء كقول الكتاب: "الرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ" (١صم٢: ٦).
وكما أنه له السلطان أن يبارك أعمال الإنسان فهو أيضًا له السلطان أن يرذلها بحسب النبوءة التي نطق بها بلعام قائلًا: "إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أُبَارِكَ. فَإِنَّهُ قَدْ بَارَكَ فَلاَ أَرُدُّهُ. لَمْ يُبْصِرْ إِثْمًا فِي يَعْقُوبَ، وَلاَ رَأَى تَعَبًا فِي إِسْرَائِيلَ. الرَّبُّ إِلهُهُ مَعَهُ، وَهُتَافُ مَلِكٍ فِيهِ" (عد٢٣: ٢٠- ٢١).
فيما يلي نشرح ذلك تفصيلًا:
الله هو مانح أرواح البشر، وهو سبب الوجود كقول الكتاب: "هكَذَا يَقُولُ اللهُ الرَّبُّ، خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَنَاشِرُهَا، بَاسِطُ الأَرْضِ وَنَتَائِجِهَا، مُعْطِي الشَّعْبِ عَلَيْهَا نَسَمَةً، وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا رُوحًا" (إش٤٢: ٥).
وحسب القاعدة المعروفة: "أن المالك له السيادة فيما يملكه"، لذلك لله الواهب الحياة الحق كل الحق في استرداد روح الإنسان وقتما شاء.
إن الله لا يمكن أن يُملي عليه أحد رأيًا في أمر توقييت موت أي إنسان، وليس لأحد الحق في سؤاله عن سبب وفاة أحد. وبالإجمال ليس لأحد الحق في سؤال الله في أمر الموت بالقول لماذا؟! وذلك كقول الوحي الإلهي: "بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟" (رو٩: ٢٠).
وقوله: "لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا" (أي٣٣: ١٣).
- المشيئة الإلهية من حياة الإنسان أو موته
يحفظ الله الإنسان حيًا في أرض الأحياء مدة من الزمن، قد تقصر جدًا لمدة لا تتعدى ثوان معدودة، أو قد تطول لمئات السنين وفق تدبير إلهي لإتمام رسالة معينة خاصة به. إن الله يحدد لكل إنسان زمن الحياة الكافي لإتمام رسالة حياته.
وتنتهي حياة الإنسان على الأرض فورًا عند تمام رسالته المعينة له من قبل إله السماء وفق حكمته العالية والغير المدركة، كقول الكتاب: "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟" (رو١١: ٣٣- ٣٤).
ثانيًا: علاقة القصاص الإلهي بموت الأطفال
غضب الله على شعب إسرائيل، لأنهم عملوا لأنفسهم عجل من الذهب، فأعلن الله لموسى نبيه استحقاقهم للعقاب، ولكن موسى النبي سارع بالإعلان عن استعداده لتحمل العقاب نيابة عن شعبه.
أما الله العادل فأعلن له أن قصاصه لا يقع على البريء مطلقًا قائلًا: "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: مَنْ أَخْطَأَ إِلَيَّ أَمْحُوهُ مِنْ كِتَابِي" (خر٣٢: ٣٣).
ومما يؤيد ذلك أيضًا قول الكتاب: "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.." (رو٦: ٢٣).
- الموت الجسدي ليس عقوبة لخطية بعينها
يصيب الموت الجميع مؤمنين وغير مؤمنين، أبرارًا وأشرارًا حسب عقاب الله لأب البشرية آدم، وكما علمنا أيضًا الوحي الإلهي القائل: "وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عب٩: ٢٧).
إن قضاء الموت عقوبة عامة على جنس البشر، ولكن موت الأطفال في حالة الحروب، أو مثلما حدث في ضربة أبكار المصريين، أو ما شابه ذلك.. لا يمكن اعتباره عقوبة عن خطية معينة، لكن مثل تلك الوقائع تدخل تحت بند التدبير الإلهي ووفق حكمة إلهية فائقة.
- الأبناء لا يدانوا بذنب الآباء
لقد أكد حزقيال النبي أن الابن لا يحمل ذنب الأب، ولا الأب يحمل ذنب الابن، بل كل واحد يحمل ذنبه الشخصي قائلًا: "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ" (حز١٨: ٢٠).ومع هذا فإن شر الأشرار يترجم على أرض الواقع إلى أفعال تؤذي من حولهم، وهذا ما سنوضحه لاحقًا من خلال شرحنا لشريعة البركة واللعنة المذكورة في سفر التثنية، والتي تؤثر على الأبناء بما فيهم من أطفال.
- موت الأطفال نتيجة تلقائية لشر الآباء، وليس قصاصًا إلهيًا
إن من يسلك في الشر يسيء لنفسه ولغيره، ويجلب لنفسه ولمن حوله الألم والفساد والموت، وعلى سبيل المثال نلاحظ أن الإنسان القاسي العنيف يجلب لنفسه غضب وانتقام من يسيئ إليه، وهكذا يأتي عليه الشر، وعلى من معه، وذلك على سبيل رد الفعل، ومن أوضح الأمثلة على ذلك قول الكتاب عن إسماعيل الذي وصفه الوحي الإلهي بأنه إنسانًا وحشيًا: "وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا، يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ، وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ" (تك١٦: ١٢).
- لا علاقة بين موت الجسد والمصير الأبدي للإنسان
لا يوجد علاقة مباشرة بين كيفية الموت، وبين المصير الأبدي. إن موت إنسان ما بطريقة مأساوية لا يعني بالضرورة غضب الله على ذلك الإنسان، وخير مثال لذلك ما رآه إسطفانوس (بينما كان اليهود الحاقدين يقذفونه بالحجارة) من سماء مفتوحة تنتظره، والرب يسوع قائمًا منتظرًا كمال جهاده كقول الكتاب: "فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ" (أع٧: 56).
ثالثًا: الموت المأساوي ليس هو نهاية المطاف
- مفهوم الوحي الإلهي عن الموت
طرد الله أب البشرية وذريته من الفردوس إلى أرض الشقاء على سبيل العقوبة، ومع هذا يغيب عن غير المؤمنين إن الموت ليس هو نهاية المطاف، لذلك يعتقدون أن البقاء في هذه الدنيا هو الأفضل لهم بالرغم من معاناتهم الكثيرة.
ولكن الوحي الإلهي يقدم لنا رؤية مختلفة تمامًا. فالكتاب يؤكد على الدوام أن حياة الإنسان جهاد وتعب، لأنه يعمل كأجير في هذه الدنيا.
ويعطينا الكتاب أيضًا رجاء في الانتقال إلى مكان آخر أفضل أي السماء من خلال موت الجسد لكي ننال المكافأة والعوض عن جهادنا وأتعابنا في الدنيا، كقول أيوب الصديق: "أَلَيْسَ جِهَادٌ لِلإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ، وَكَأَيَّامِ الأَجِيرِ أَيَّامُهُ؟ كَمَا يَتَشَوَّقُ الْعَبْدُ إِلَى الظِّلِّ، وَكَمَا يَتَرَجَّى الأَجِيرُ أُجْرَتَهُ" (أي٧: ١- ٢).
- الله يعوض عن الآلام والأوجاع
إن الله العادل الذي لا يظلم أحدًا أبدًا، قادر أن يعوض البشر بالكثير والكثير من الخيرات الأبدية التي تنسيهم ما تعرضوا له في الدنيا من تعب أو شقاء أو ألم أو.. أو..، وخير مثال لذلك ما ذكره الكتاب عن مكافأة الله يوسف الصديق بحسب قوله: "وَدَعَا يُوسُفُ اسْمَ الْبِكْرِ "مَنَسَّى" قَائِلًا: "لأَنَّ اللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي". وَدَعَا اسْمَ الثَّانِى "أَفْرَايِمَ" قَائِلًا: "لأَنَّ اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِرًا فِي أَرْضِ مَذَلَّتِي" (تك٤١: ٥١- ٥٢). وعن عظمة المكافأة السماوية يقول الكتاب أيضًا: "لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ" (٢كو٤: ١٧- ١٨).
رابعًا: الآباء الأشرار يفسدون حياة أبنائهم ومن حولهم
سلم الرب شعبه في القديم وصاياه، وأعلمهم أن بركته ستشمل من يطيع الوصايا هو وبيته وأولاده، وستمتد البركة لتشمل الصحة، والعمر الطويل، والممتلكات، والأعمال، وبالإجمال يعم الخير كل نواحي الحياة المادية.
وقد أكد لهم الرب أن عدم حفظ وصاياه يجلب اللعنة على الإنسان وعلى بيته وأولاده؛ فيقل الخير وتنتشر الأمراض، ويكثر الأعداء والضيقات والخراب، وهكذا يقصر عمره. لقد أعطى الله الإنسان الحرية في اختيار البركة أو اللعنة قائلًا: "أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ، إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَالَّذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ..." (تث٣٠: ١٩- ٢٠). ولكن يجب ألا ننسي مايلي:
- قانون وشريعة الحياة الأرضية
شريعة البركة واللعنة التي أعلنها الله في سفر التثنية بما فيها من حوادث مأساوية أو قِصر عمر تخص الحياة على الأرض فقط كقوله: "مُبَارَكًا تَكُونُ فِي الْمَدِينَةِ، وَمُبَارَكًا تَكُونُ فِي الْحَقْلِ. وَمُبَارَكَةً تَكُونُ ثَمَرَةُ بَطْنِكَ وَثَمَرَةُ أَرْضِكَ وَثَمَرَةُ بَهَائِمِكَ، نِتَاجُ بَقَرِكَ وَإِنَاثُ غَنَمِكَ. مُبَارَكَةً تَكُونُ سَلَّتُكَ وَمِعْجَنُكَ" (تث٢٨: ٣- ٥).
واللعنات أيضًا المعلنة في السفر نفسه تصيب الخيرات والإمكانيات المادية، وهي تهدف إلى الحد من فعل الشر، والتشجيع على فعل الخير أو الالتزام بحفظ الوصايا الإلهية، وهي لا تحدث فورًا عند الخطأ، لأن الله يتأنى كثيرًا قبلما يوقعها، وهي تعتبر نوع من التأديبات الإلهية التي تأتي على الأشرار خصوصًا الجماعات.
- البركة أو اللعنة تأتي كنتيجة
إنَّ البركة أو اللعنة تحدث على سبيل النتيجة التلقائية للتعدي على الوصايا والقوانين الإلهية الصالحة، والتي تضمن استمرارية الخير في حياة الناس، لأن من يخطئ يفسد، ويدمر ما حوله من خير محيط به، كقول الكتاب: "أَمَّا خَاطِئٌ وَاحِدٌ فَيُفْسِدُ خَيْرًا جَزِيلًا" (جا٩: ١٨).
أما ما يخص دينونة الله وعدله كعقاب على كسر وصاياه فهي لا تقع إلاَّ على المخطئ كقوله: "لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلاَدِ، وَلاَ يُقْتَلُ الأَوْلاَدُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ" (تث٢٤: ١٦).
خامسًا: تأثر مصير وحياة الابن بسلوك وحياة أبيه
- الثمرة تتأثر بما يحدث للشجرة
عندما يصيب المرض شجرة ما قد تمتد عدوى المرض إلى الثمرة، أو قد تتأثر الثمرة بالضرر نتيجة لضعف الجذور والساق والفروع والأوراق.
إن الأطفال هم ثمرة الإنسان ومستقبله. هم امتداد الناس يحملون أسماءهم وصفاتهم، ويتأثرون بأفعالهم وطرق حياتهم وسلوكهم. هم جزء منهم يمشي على الأرض. لهم إرادة حرة، ولكن حياتهم في أرض الأحياء وبقاءهم فيها يتأثر بما حولهم من أهل ومن ظروف. لم يخلق الله الأطفال منفصلين عن آبائهم، لكن وجودهم يرتبط بوجود أهلهم. لقد أوجدهم الله ضمن أسرة وعائلة محيطة بهم.
ولهذا فمصيرهم يرتبط بمصير أهلهم. لقد تأثر آمون بن منسي (أشرّ ملوك مملكة يهوذا) بشر أبيه كقول الكتاب: "وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَسَّى وَكُلُّ مَا عَمِلَ، وَخَطِيَّتُهُ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا.. وَمَلَكَ آمُونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.. وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَمَا عَمِلَ مَنَسَّى أَبُوهُ. وَسَلَكَ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَ فِيهِ أَبُوهُ، وَعَبَدَ الأَصْنَامَ الَّتِي عَبَدَهَا أَبُوهُ وَسَجَدَ لَهَا. وَتَرَكَ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِ وَلَمْ يَسْلُكْ فِي طَرِيقِ الرَّبِّ" (٢مل٢١: ١٧- ٢٢).
إن البركة تعم نسل الإنسان وذريته كما اللعنة أيضًا، لأنهما يدخلان ضمن قانون واحد.
فيما يلي بعض الشواهد الكتابية التي تثبت ذلك:
+ "وَيَزِيدُكَ الرَّبُّ خَيْرًا فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ الرَّبُّ لآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ" (تث٢٨: ١١).
+ "امْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي جَوَانِبِ بَيْتِكَ. بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ.. وَتَرَى بَنِي بَنِيكَ. سَلاَمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ" (مز١٢٨: ٣- ٦).
الأطفال المولودون في دول غنية أو فقيرة، أو دول تعاني من الحروب تتأثر حياتهم ومعيشتهم وحالتهم الصحية سلبًا أو إيجابًا بما نشأوا فيه، وكذلك المولودين لآباء مرضى قد يحملون صفات وراثية مرضية من آبائهم، ويتأثرون بأمراض آبائهم.
وأيضًا المولودين لآباء أشرار يتأثرون بشر آبائهم لا محالة، ومن يترك الشوك ينتشر في حقله لا بد أن يؤذيه الشوك هو ومن له، ومن يزرع زرعًا جيدًا يثمر له ولمن له ثمرًا جيدًا.
إن الناس تدرك تمامًا أن ما يفعلونه من شرور يلحق بأبنائهم الأذى، وخير دليل على ذلك إجابة اليهود بيلاطس البنطي، حين أراد أن يثنيهم عن رغبتهم في صلب الرب يسوع المسيح بقولهم: "فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْب وَقَالُوا: دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا" (مت٢٧: ٢٥).
الاستنتاج
موت أطفال بعينهم، ونجاة آخرون أمر إلهي سيادي يخص الله الخالق، الذي يحدد أعمار البشر حسب ما أوكل الله لكل إنسان من رسالة حياة.
إن طبيعة الموت لا تستثني صغار السن، ومع أن موت الرضع والنساء والعجائز أمر مؤلم جدًا خصوصًا إذا حدث بطريقة مأساوية لكنه جبروت الموت، الذي لا يستثنى منه أحد، وما يعزي الإنسان هو ما وعد الله به من مكافأة سماوية فائقة ستنسينا آلام الأرض وشقائها.
إلاَّ أن من جلب هذا الموت بشروره أو أفعاله الرديئة سوف يحمل ذنب عظيم، لأن الإنسان مسؤول عن جلب الخير أو الشر له، ولمن حوله كقول الرب: "يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هكَذَا فِيهِمْ حَتَّى يَتَّقُونِي وَيَحْفَظُوا جَمِيعَ وَصَايَايَ كُلَّ الأَيَّامِ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ وَلأَوْلاَدِهِمْ خَيْرٌ إِلَى الأَبَدِ" (تث٥: ٢٩).