القناة الضيقه
لاحظ مراد على وجه أخته إيزيس علامات العبوسة والمرارة, وإذ سألها عن السبب صارت تشتكي من بنت عمتها لأنها تشوه سمعتها وتسئ إليها ظلمًا.
كانت إيزيس تتوقع من أخيها أن يشاركها مرارة نفسها فيهاجم بنت عمتهما, ويأخذ موقفًا منها دفاعًا عن أخته لكنها فوجئت بأنه في لطف بدأ يهدئ من ثورتها. قال لها:
\"إني أشعر بمرارة نفسك, ولست أقبل أن يهينك أحد لكن لنأخذ موقفًا إيجابيًا فنفيض بالحب على بنت عمتنا دون أن نعاتبها. بالحب نحولها إلى جانبنا. وفي نفس الوقت نفتدي وقتنا ووقتها\".
وإذ لم توافق إيزيس أخاها على رأيه أجابها: \"ألم تسمعي عن القصة الشعبية: \"القناة الضيقة\"؟
بدأ مراد يروي لأخته القصة:
في مرارة أنطلق فلاح يتمشى في حقله الذي تحول إلى قفرٍ فقد جفت قناة المياه, ولم يستطع أن يروي حقله, فماتت النباتات التي زرعها.
في حزن شديد وقف الفلاح يهاجم القناة: \"أيتها القناة القاسية القلب ألا تعلمين إنني أنا وزوجتي وأولادي نعيش من هذا الحقل؟ هوذا أشجار الفاكهة كادت تموت. لا أستطيع أن أزرع شيئًا! كفي عن قسوتك, واحضري لي ماء!\"
أجابته القناة: \"أيها الفلاح العديم الفهم, لماذا تهاجمني وأنا قناة صغيرة ليس في دي حل. لتهاجم النهر فإنه يبخل عليّ بمائه!\"
حولت القناة وجهها نحو النهر وصارت تهاجمه بعنف شديد لأنه سبب لها هذه المشكلة مع الفلاح.
في لطف رفع النهر وجهه نحو اله قائلاً: \"اللهم تطلع إلى القناة فإنها تئن بسبب جفافها وأنا أعجز عن أقدم لها ماء إذ لم أتمتع بمياه الأمطار زمانًا طويلاً وهوذا الحقل قد جف وكادت الأشجار تموت وها هو الفلاح المسكين يئن لأنه كاد يموت جوعًا هو وأسرته!
تستطيع يا إلهي أن تهبنا من سحاب حبك مياهًا فتفيض عليّ وأقدم للقناة احتياجاتها.
فجأة اشتدت الرياح جدًا وجاءت السحب لتغطي المنطقة, وهطلت الأمطار. لم يجد النهر وقتًا ليعاتب القناة على قسوة الفاظها معه, بل غمرها بالمياه. ولم تجد القناة وقتًا لتعاتب الفلاح على عنفه في عتابه بل قدمت له مياها. وأما الفلاح فبفرحٍ بدأ يعمل في حقله!
حقًا إن العتاب الكثير بكلمات قاسية علامة الفراغ, فإذا ما فاضت نعمة الله بمياه الحب على أعماقنا, فلا يجد الإنسان وقت لتعنيف متهميه بل يفيض عليهم مما يتمتع به في داخله.