الفكر الخاص

كثير من الناس يهوون نشر أفكارهم الخاصة، و تقديم هذه الأفكار كمبادئ روحية للناس، أو عقائد يجب الإيمان بها...

و كلما كانت هذه الأفكار جديدة و غير معروفة، يزيد هذا من سرورهم، و يفرحون إذا عرفوا شيئاً جديداً يقدمونه للناس يجعلهم في نظرهم من أهل العلم و المعرفة !
و كلما كان هذا الجديد مختلفاً تماماً عما يعرفه الناس و يعتقدونه، نرى هؤلاء المفكرين يفرحون بالأكثر، كما لو كانوا يحطمون مفاهيم عامة خاطئة، لكي يقيموا على أساسها الجيد السليم ! ...
و هذا الأمر إذا صلح في أي لون من ألوان المعرفة، فهو لا يصلح في العقيدة، التي لا تحطم إيماناً قديماً تبنى على أنقاضه إيماناً جديدا...ً
العقيدة كلما كان لها قدم، كانت أكثر رسوخاً...
و الجديد في العقيدة قد يكون بدعة، إذا ما كان يحطم إيماناً قديما مسلماً لنا من الآباء.
لذلك فإن المعجبين بفكرهم الخاص، يحاولون بكافة الطرق أن يبحثوا له عن أصول قديمة تسنده... و إن لم يجدوها، يختلقونها اختلاقاً !
هؤلاء لا يقرأون أقوال الآباء، لكي يفهموا فكرهم... إنما يقرأون لكي يتصيدوا نصاً، أي نص، يسندهم...
يقتطعون هذا النص اقتطاعاً، فاصلين إياه عما قيل قبله، و عما قيل بعده، و عن المناسبة التي قيل فيها، و عن الفكر العام للأب الذي أخذوا عنه... و يتخذون هذا الاقتباس وسيلة لإثبات فكرهم. و قد توجد من كتابات القديس الذي نقلوا عنه، أقوال تناقض ما ينسبونه إليه...
إنهم لا يبحثون عن الحقيقة، إنما يبحثون عن إثبات لفكرهم، مهما كان هذا الإثبات مصطنعاً و مغلوطاً ! ...
أما أنت أيها المبارك، ففي أمور العقيدة، لا تحاول أن تنشر فكراً خاصاً، إنما أنشر عقيدة الكنيسة...
و كل فكر جديد يصل إلى مفاهيمك، لا تعرضه على الناس، إنما اعرضه على المسئولين في الكنيسة... لإبداء رأيهم فيه، قبل نشره.
إن التعليم في الكنيسة ليس مجالاً لعرض الأفكار الشخصية، إنما هو مجال للتعليم الواحد الذي يستمد أصوله من التقليد الرسولى، بإيمان واحد للجميع...