أولا:ً
لم يحكم الله على أبينا آدم وأمنا حواء بالموت قبلما يعلمهما بخطورة وعقوبة الأكل من شجرة معرفة الخير والشر فقال لآدم أب البشرية: "يوم تأكل منها موتاً تموت" لأن هذه هي النتيجة الطبيعية لتعديهما على الله ووصيته، وذلك مثلما أقول لابني لا تترك يدي أثناء عبورنا للشارع لئلا تصاب بأذى، فهل إن لم يسمع كلامي وحدث له مكروهٌ أكون قد حكمت عليه أنا بماحدث؟ ولكن من المنطقي أن يكون السؤال هكذا:
لماذا نتج الموت عن الخطية؟
أن الخطية تسبب انفصالي عن الله القدوس مصدر الحياة ونعمته التي كانت تدير حياتي بجدارة في طريق السلام والسعادة، وبالتالي حدث اضطراب في حياتي كلها؛ فقدت السلام وضاع مني الأمان، وانتهز عدو الخير الفرصة فقدم لي شهوات أكثر وأكثر؛ فكانت لي سبباً لفساد وضياع أكثر، وهذا مايسمونه في علم اللاهوت بفساد الطبيعة ولتشبيه ذلك نذكر: مثل الحاسب الآلي الذي دخله فيروس فأفسد برامجه وأصبح يعمل بطريقة خاطئة مضرة غير التي صمم لها.
ثانياً:
نعم الموت حكم وقضاء الله بسبب الخطية والعصيان، لكننا هنا نتساءل قائلين: من هو الذي يُقيّم أي حكم قضائي؟ هل كل البشر لهم حق تقييم الأحكام القضائية التى تصدر من المحاكم؟ وما أكثر شكاوى المحكوم عليهم بأحكام قضائية بالرغم من اعترافهم بجرائمهم؟ فهل يُستجاب لهم بمجرد اعتراضهم على الأحكام الصادرة ضدهم؟ فالكثيرون من القتلة عندهم الكثير من المبررات لجرائمهم، ويرون أن ما نالوه من عقاب لا يساوي جرائمهم البسيطة بحسب وجهة نظرهم!!!
ثالثاً:
أي حكم قضائي عادل لابد أن يستند على مواد قانونية شرّعتها السلطة من قبل، وحينما يصدر الحكم تكون له حيثيات هي مواد هذا القانون، فإن كان الله قد سبق وسن قانوناً إلهياً بأن من يأكل من الشجرة سيموت، لماذا إذاً يشكو البشر عندما يصدر الحكم الإلهي مستنداً لهذا القانون؟
رابعاً:
قد يرى البعض الفعل، وكأنه بسيط كهذا التساؤل الذي يختزل القضية كلها في مجرد أكل من شجرة شهية دون التدقيق في نتائج الفعل أو الخطأ، ومثال ذلك أن يرى البعض أن من يلقي بعقب سيجارة صغير في مصنع أثاث، عمل بسيط ليس فيه جرم ولا ينظر لنتيجة الفعل!!! ناسياً أن حيثيات الحكم لا تُبنى فقط على حجم أو مقدار الفعل الخاطئ، ولكنها تُبنى بالأكثر على نتيجة ذلك الفعل.