"فقام وجاء إلى أبيه.. وإذ كان لم يزل بعيداً رآه أبوه؛ فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله"(لو 15: 20)
جاء يهوذا الإسخريوطي إلى بستان جثماني ليلا ليُسلّم إلهه ومعلمه رب المجد يسوع لرؤساء الكهنة، وتفرق التلاميذ يسوع ماعدا يوحنا الحبيب وبطرس الرسولين، ولكن بطرس خاف وأنكر أمام جارية، وتكرر إنكاره مرة ثانية، وفي المرة الثالثة صاح الديك.
تذكر بطرس تحذير ونبؤة الرب له عن إنكاره للمسيح ثلاث مرات عند صياح الديك.. والتفت يسوع وسط آلامه ونظر إلى بطرس؛ فخرج خارجاً وبكى بكاءً مراًّ.. ولكنه قام من سقطته ليلحق بباقي إخوته من التلاميذ ليشاركهم فرحة وأمجاد قيامة الرب المباركة.. أما يهوذا الإسخريوطي فندم، وذهب لرؤساء الكهنة ليرد لهم الفضة ثمن خيانته، ومضى وشنق نفسه في يأس.. لقد رأى القديس بطرس الرسول في نظرة الرب الحانية له وهو يعاني الآلام قبولاً له ولكل تائب، فالتهب قلبه بالرجاء وقام من سقطته ليحيا الحياة المباركة مرة أخرى، أما يهوذا فلم يستجب لعتاب الرب عندما قال له:"أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟"، وعندما ندم لم يرجع ليقدم للرب توبته..
فالتوبة إذاً ليست فقط ندماً ولا رداًّ ما كسبه الإنسان من وراء خطيئته كما فعل يهوذا الإسخريوطي؛ بل هي أولاً رجوع الخاطئ إلى الله، ليفتح له باب الرجاء فيقوم مرة أخرى، ولا يقع في هوة اليأس كيهوذا الذي شنق نفسه.. فياليته رجع للرب نادماً ليمتلئ رجاءً وليقيمه الرب ليرعى غنمه كمعلمنا بطرس الرسول...
أخي.. أختي:
إن ناداك الله ليجتذبك للتوبة وأدركت بشاعة خطيئتك، لايكفي الندم الشديد فقط لأن ذلك سيقودك لليأس، ولكن يلزمك القيام في الحال، والرجوع له بالصلاة لتتلاقى مع الله الحنان، لتعلن له عن ندمك وسيملأك الله رجاءً لتقوم لتطلبه بعبادة حارة، متقوياً بكلمته ومتمعاً بنعمته من خلال أسرار كنيسته المقدسة مع باقي إخوتك...