"لايكن لك آلهة أمامي"(خر 20:3)
جثا الشاب الغني ليسوع وسأله:"أيها المعلم الصالح، ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟" فقال له يسوع ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله".. و لما طالبه يسوع بحفظ الوصايا، أجابه الشاب أنه حفظها منذ حداثته، فلما سمع يسوع قال له:"يعوزك أيضا شيء واحد اذهب بع كل ما لك و أعط للفقراء فيكون لك كنز في السماء، وتعالَ اتبعني حاملاً الصليب".. فاغتم الشاب لأنه كان ذا أموال كثيرة، فقال يسوع لتلاميذه:"ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله".. فلما سمع التلاميذ قول الرب بهتوا قائلين بعضهم لبعض:"فمن يستطيع أن يخلص؟! فنظر إليهم يسوع، وقال:"عند الناس غير مستطاع، ولكن ليس عند الله، لأن كل شيء مستطاع عند الله"...
وصف الشاب الغني يسوع بالمعلم الصالح.. ولكن الرب أراده أن يفكر فيما يقوله؛ فهل هو حقاًّ يناديه بالمعلم الصالح لأنه يؤمن أن يسوع هو الله؟ أم هو لايعني مايقوله؟ ولذلك سأله يسوع لماذا تدعوني صالحاً؟.. فإن كان اعتقاده أن يسوع هو الله - وهذه حقيقة أعلنها يسوع مراراً - وجب عليه أن يحبه من كل قلبه؛ فيطيعه ويهتم بحفظ وصاياه، لأنه ينبغي ان يتربع الله على عرش قلب الإنسان ملكاً ولايشاركه آخر.. ولقد كان يسوع فاحص القلوب والكلى يعرف من هو الإله الذي يملك على قلب ذلك المسكين، ولذلك طلب منه يسوع أن يذهب ويبيع كل ماله إن اراد أن يتبعه، لأنه لايمكن للإنسان أن يعبد إلهين في وقت واحد، ولكن ذلك الشاب كان يعتقد أن المال هو متكله وإلهه الذي لايمكن أن يحيا بدونه؛ ولذلك مضى من أمام الرب حزين.. أما الإنسان الذي يؤمن بالله فهو يثق في قدرة الله على رعايته له فيملكه على قلبه ويتكل عليه في كل أمور حياته، وهو دائماً على استعداد للتضحية بأي شيء لأجل الله ليبقى الله ملكاً على قلبه دون منازع...
أخي.. أختي:
إن عبادة الأصنام لم تنتهِ؛ بعد فكل من يهتم بالمال أو يتكل عليه أو بأي شيء من مقتنيات هذا العالم أكثر من الله هو عابد وثن.. ومن يهتم بذاته أو شهواته أو لذاته على حساب محبته لله هو أيضاً عابد لذاته.. ومن يحب إنساناً ويهتم به أكثر من الله، يكون قد رفض أن يملك الله على قلبه مفضلاً إنساناً على الله إلهه.. ليتك يا أخي تفحص قلبك على الدوام لئلا يتسلل لقلبك آلهة غريبة تحرمك من التمتع بالملكوت، فكثيرون يعبدون أصناماً بدلاً من عبادة الإله الحقيقي.. ولكننا نحن أولاد الله وليس لنا آخر سواه....