"احترزوا أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس.. وأما أنت فمتى صنعت صدقة
فلا تعرف شمالك ما تفعله يمينك"(مت 6)
تعيد الكنيسة في اليوم العاشر من شهر كيهك من كل عام بتذكار القديس البار نيقولاوس أسقف مورا وهذا القديس هو الشخصية الحقيقية وراء قصة سانت كلوز أو بابا نويل الذي يترك الهدايا للأطفال ليلة عيد الميلاد ويذكر كتاب أعمال آبائنا القديسين (السنكسار) عن هذا القديس أنه كان محباًّ للفقراء، مداوماً على تقديم الصدقات.. ومن أروع القصص التي ذكرها السنكسار عن هذا القديس أنه كان يوجد في بلدة مورا رجل غني فقد ثروته فافتقر حتى احتاج للقوت الضروري.. وكان له ثلاث بنات لم يستطع تزويجهن لفقره الشديد، فأخذ القديس من ماله الخاص مائة دينار ووضعها في كيس وتسلل ليلاً دون أن يشعر به أحد وألقاها من نافذة منزل الرجل.. وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس ففرح جداًّ و أخذ يشكر الله.. وكرر القديس ما فعله ثلاث مرات واستطاع الرجل تزويج بناته ولكن في المرة الثالثة حالما شعر الرجل بسقوط كيس النقود أسرع إلى خارج منزله ليعرف من هو الإنسان التقي الذي يلقى له كيس النقود ولا يريد أن يعرفه أحد، وتمكن الرجل من اللحاق به وعرف أنه الأنبا نيقولاوس الأسقف فشكره ولكنه الأسقف القديس أمره أن يشكر الله الذي وضع في قلبه هذه الفكرة.
إن كل صدقة يعطيها الإنسان هي عطية من يد الله سبق الله وأعطاها له، ولذلك يجب على من يعطي صدقة أن يظهر صاحب الفضل لله الرازق و معطي جميع الخيرات الذي أعطاه ليعطي غيره.. لقد كان القديس نيقولاوس يعطي في الخفاء حسب وصية ربنا يسوع المسيح؛ لأن من يعطي صدقته في الخفاء يراه الله الذي يرى في الخفاء.. و حسب وعده في الإنجيل المقدس يجازيه علانية في ملكوت السموات؛ أما من يعطي علانية لكي يمدحه الناس فقد استوفى أجره على الأرض، وقد يسبب له مديح الناس السقوط في خطيئة المجد الباطل.. كما أن العطاء في الخفاء يجنب المحتاجين الحرج من الناس، أو الانشغال بشخص من يقدم العطاء، ويعطي إخوتنا المحتاجين فرصة أعظم ليتأملوا في حب الله، وعنايته بهم فيعم فرحهم بالله صاحب الفضل و يزداد الشكر له.
أخي.. أختي:
إن اختفاء الشخصية الخيالية لسانت كلوز أو بابا نويل وراء الملابس الحمراء و اللحية اليبضاء والشارب الأبيض و الكيس الكبير؛ يجسد فضيلة العطاء في الخفاء التي تحلى بها القديس العظيم نيقولاوس أسقف مورا.. فياليتنا لانكتفي بالإعجاب بمظهر سانت كلوز فقط؛ بل نحرص على العطاء في الخفاء على قدر الإمكان.. وإن لم نتمكن من الاختفاء ونحن نعطي فلنرفض قبول شكر أو مجد باطل من إخوتنا المحتاجين، بل علينا أن نشهد أن الله هو المعطي الحقيقي وأنه هو الذي يستحق الشكر على الدوام.