كتب معلمنا بولس الرسول يوبخ أهل كورنثوس؛ لأن البعض منهم يذهبون للمشاركة في موائد الوثنيين ويأكلون معهم مما ذبح للوثن وأوضح الرسول لأهل كورنثوس أن اشتراك المؤمنين في القداس الإلهي (مائدة الرب) وأكلهم من الخبز الواحد الذي هو جسد الرب وتناولهم من كأس البركة التي هي شركة دمه الكريم يدخل المتناولون من هذه المائدة المقدسة في شركة مباركة مع الرب يسوع المسيح وأكد الرسول استحالة الجمع بين مائدة الرب ومائدة الشياطين في آن واحد فكما أن النور يستحيل أن يختلط بالظلام كذلك يستحيل على الإنسان أن يكون في شركة مع الله ومع الشيطان في آن واحد.
في القداس الإلهي تتجلى أعظم شركة بين أبناء البشر الضعفاء المساكين وبين الله فهذه الشركة ليست مع بشر مثلنا بل مع ابن الله الكامل القدوس يسوع المسيح الذي السماء والأرض مملوءتان من مجده الأقدس والذي يقف أمامه الملائكة ورؤساء الملائكة ليسبحوه على الدوام ومع كل هذه العظمة غير المدركة التي لإلهنا تنازل إلهنا الحنون وتجسد وشاركنا في طبيعتنا البشرية ثم صلب عنا وفي حب لا يوصف قدم جسده المقدس المكسور عنا ودمه الكريم المسفوك عنا في صورة خبز وخمر لنأكل ونشرب منهما وكما أن الجسد يشبع بتناول الطعام كذلك تشبع أرواح وأنفس المتقدمين للاشتراك في هذه المائدة المقدسة بالاتحاد بالرب. والتناول من الأسرار المقدسة سر من أسرار الكنيسة الضرورية للخلاص لأنه يطهر نفوس وأجساد وأرواح التائبين ويغفر لهم خطاياهم ليصيرهم ضمن جسد واحد هو الكنيسة المقدسة وفي خضوع لرأس واحد هو المسيح الرب وبالاشتراك في هذه المائدة تنسكب نعم وبركات الروح القدس لتملأ قلوب المتناولين من الحب والفرح والسلام السمائيين وترتفع عقول وقلوب البشر الضعفاء إلي السماء وتعد ضمن السمائيين ليس في هذا الزمان فقط بل في الزمان الآتي أيضا عندما يفوزون بالنصيب الصالح وبالميراث الأبدي مع جميع القديسين.
ما أعجب هذه الشركة التي وهبت للمزدرى وغير الموجود نصيب سمائي وغنى يفوق الوصف. فإن كنت حقاً تقدر قيمة هذه الشركة المقدسة فعليك بالمواظبة على حضور القداس الإلهي والتناول من الأسرار لأن الإهمال في ذلك يعني الاستهانة بأعظم المقدسات واستعد بالتوبة واحكم على ذاتك معترفاً بخطاياك وعندما تأتي للكنيسة للتناول من الأسرار احرص على الظهور أمام الله في وقار وحشمة تليق بملك الملوك ورب الأرباب الذي دعاك لتكون شريكاً وعضواً في جسده المقدس.