"تعالوا إلى يا جميع ألمتعبين والثقيلي الأحمال، وانا أريحكم." (مت11: 28)
كتب معلمنا بولس الرسول لأهل كورنثوس ليعزيهم في ضيقهم، وأكد لهم أن الله لايترك المتألمين من أجله، لكنه يعزي وينجى، وأخبرهم القديس عن الضيقة الشديدة التي أصابته في آسيا، ووصفها بأنها كانت فوق الطاقه، واعترف القديس بضعفه أمام هذه الضيقة التي أدت به لليأس، واعتبر نجاته من هذه الشدة إقامة من الأموات، ولم ينس معلمنا ما تعلمه من خلال هذه الضيقة فكتب لهم قائلاً:" مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفة وإله كل تعزية، الذى يعزينا في كل ضيقاتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله".
- يتعرض الإنسان طوال أيام غربته على هذه الأرض لضيقات ومشقات كثيرة لاتنتهي إلا بانتقاله إلى السماء، وقد سبق الرب وأعلم أحباءه المؤمنين قائلاً:" في العالم سيكون لكم ضيق" وفي وقت الضيق يحتاج الإنسان لمن يعزيه ويشدده حتى لايخور أويفشل، والرب هو أعظم سند لمن هم في الشدائد، وقد اختبر داود النبي هذه الحقيقة فترنم بالمزامير قائلاً:" اسندني فأخلص"
- وفي فترة تجسد ربنا يسوع على الأرض كان هو سنداً وعزاءً لتلاميذه. وعند صعوده للسماء وعدهم بإرسال الروح المعزي الذي سيمكث معهم على الدوام ليعزي ويشدد المؤمنين.
- إن يوسف الصديق خير مثال لمن اختار الله -إله كل تعزيه- عوناً وسنداً له كل أيام حياته. لقد عزاه الله وشدده حينما ألقاه إخوته في البئر، ولم تتمكن منه الكراهية بالرغم من إيذاء إخوته له بل ظل يوسف بنفسية سوية سليمة قادرة على التعامل مع الآخرين وكسبهم، وتقوى يوسف بالله الذي سنده وهو عبد غريب في بيت فوطيفار فلم تعطله المعاناة عن حياة التقوى والطهارة، بل وضع أمامه الأمانة والنجاح هدفاً فصار رجلاً ناجحاً، وقاسى يوسف آلام السجن ظلماً وبنعمة الله وتعزيته لم يفقد رجاءه في الخلاص من ضيقه، ولكنه صبر إلى أن جاء الوقت المحدد من الله ليطلقه من الأسر ويجعله المدبر والرجل الثاني في مملكة مصر بعد فرعون، وهكذا صارت حياة يوسف شهادة صادقة تؤكد أن إلهنا هو إله كل تعزية.
أخي....أختي:
اعلم أنك في حاجة شديدة لمن يسندك ويعزيك وسط شقاء هذا العالم، فإن أردت أن تكمل أيام غربتك على الأرض بسلام لتصل للنهاية منتصراً فخذ الله- إله كل تعزية- لك عوناً وسنداً ومعزياً وملجأ لأنه هو عزاء صغيري القلوب وميناء الذين هم في العاصفة. وهو وحده القادر أن يصل بسفينتك بسلام إلى بر الأمان.