"أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة؟ ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب، تذخر لنفسك غضباً فى يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" (رو2: 4، 5)
إنزعج نبوخذ نصر الملك من حلم رآه في منامه، وطلب حكماء مملكته ليفسروا له حلمه، ولكنهم لم يستطيعوا أخيراً دخل دانيال إلى الملك. ليفسر الحلم فأعلمه أن إله السماء يناديه للتوبة، وأن الشجرة التى رآها في حلمه قد كبرت وقويت وبلغ علوها إلى السماء ومنظرها إلى كل الأرض ترمز إليه هو شخصياً، وأن الحلم يعبر عن مدى ما بلغه الملك من عظمة وسلطان ،وأن قطع الشجرة يعبر عن قضاء الله بطرده من الملك سبعة أزمنة حتى يعلم أن الله العلي له السلطان الحقيقي فى مملكة الناس، وهو يعطيها لمن يشاء وأخيراً نصحه دانيال بالاتضاع والتوبة عن خطاياه عسى أن يرحمه الله ويعفو عنه، ومر عام بعد هذا الحلم وظل نبوخذ نصر يزداد شراً حتى جاء يوم تحقق قضاء الله عليه بطرده من المملكة وانقضت سبعة أعوام والملك طريد من ملكه إلى أن اتضع أمام الله، وأعطاه المجد وأقر أن الله له كل السلطان في مملكة الناس حينئذ رده الله إلى ملكه ثانية.
- لقد حذر الله نبوخذ نصر الملك بحلم مفزع وكان الحلم فرصة عظيمة مهيئة من الله لحث هذا الملك المتعجرف على التوبة وأيضاً فرصة مناسبة وسهلة لإنذار الملك وتحذيره من خطورة التمادي فى الشر قبل وقوع قضاء الله عليه. وفى حب أبوي تمهل الله على الملك لمدة عام ليعطية فرصة للتوبة لعله يرجع، ولكنه قسى قلبه وأضاع المهلة المقدمة له من الله فتحقق قضاء الله عليه.
- إن الله فى محبته الغير المحدودة لا يشاء موت الخاطئ، لكنه يريد خلاص الجميع ولهذا يتمهل الله ويطيل أنآته وفيما هو يتأنى يدعو الخطاة للتوبة، بطرق شتى وليس معنى طول أناة الله أنه قد ترك الخاطئ ليفعل ما يشاءه لكنه بطول أنآته يعطيه الفرصة الكاملة للتوبة حسب مراحمه الكثيرة، ولكن الخاطئ الذي يصر على عدم التوبة لا يستغل طول أناة الله حسناً فكلما تمادى فى الخطيئة والشر ادخر لنفسه غضباً ناسياً أن الله يرى ويراقب ولن يهمل أبداً.
- إن كثرة مراحم الله لا تتعارض أبداً مع عدله فباب التوبة ليس مفتوحاً إلى الأبد بل إلى حين وحتماً سيأتي وقت يغلق فيه الباب ليجازي الله الإنسان بحسب أعماله.
أخي ..... أختي:
افرح عندما تستيقظ من نومك كل صباح. واشكر الله على طول أناته وإمهاله لك عالماً أنه قد وهبك منحة وفرصة جديدة للنجاة من الهلاك الأبدي، فاحرص إذاً أن تستغل كل يوم جديد يمنحه لك الله فى تقديم توبة عن خطايك، ولتكن طون أناة الله سبباً لاقتنائك حياة أبدية. لا سبباً فى نفاذ قضاء وحكم الديان العادل عليك.