"... من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً، ومن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبداَ، كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبدل نفسه فدية عن كثيرين" (مت20: 26- 28)
كان إبراهيم جالساً وقت الظهيرة فى باب خيمته عند بلوطات ممرا. فرفع عينيه وإذا ثلاثة رجال واقفون، فركض لاستقبالهم، وسجد أمامهم واستأذنهم فى قبول دعوته بالبقاء عنده بعض الوقت حتى يأتي بماء ويغسل أرجلهم، ثم طلب منهم أن يستريحوا تحت الشجرة إلى أن يعد لهم طعاماً وأسرع إبراهيم وطلب من سارة أن تعجن وتخبز لهم خبزاً، واختار من أفضل ماشيته عجلاً وأعطاه لأحد غلمانه، وطلب منه أن يسرع ويذبحه، ويعد منه طعاماً لضيوفه، ووقف إبراهيم يخدم الرجال، ويقدم لهم واجب الضيافة وهم يأكلون، وبعدما أكل الرجال كانت المفاجأة وهى أن أحد الرجال الذين استضافهم هو كلمة الله الأقنوم الثاني ظاهراً فى شكل رجل والأثنان الآخران ملاكان.
- وضع إبراهيم نفسه لأجل راحة ضيوفه، فالتمس منهم أن يقبلوا دعوته بإلحاح كمن هو محتاج، وليس كسيد يتفضل بتقديم خدمة لبعض الغرباء، وفي اتضاع غسل أرجلهم، وانشغل هو وزوجته وعبيده في الإسراع بإعداد أفضل وأفخم طعام لديه. لقد افترض أن ضيوفه جائعون ووقف أمامهم وهم يأكلون كما يفعل العبيد والخدم أثناء تناول سادتهم الطعام.
- سجل لنا الوحي الإلهي ما فعله إبراهيم كمثال يقتدي به كل إنسان محب يريد أن يرضي الله بخدمته وتعبه من أجل الآخرين، ولكن الكتاب المقدس سجل لنا عن ربنا وإلهنا يسوع كلي العظمة ما هو أعظم من هذا بكثير. ففي ليلة آلامه قام السيد والمعلم عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة وأتزربها وصب ماء في مغسل (إناء) وقدم لخليقته اتضاعاً يفوق الوصف بغسله لأرجل تلاميذه، ثم أوصاهم قائلاً: "فإن كنت أنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلهم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض"
أخي.... أختي:
إن اردت أن ترضي الله بتقديم خدمة ما لحبيب أو لصديق أو لجار أو لغريب لا تعرفة أو حتى لعدو فلا تقدم خدمتك كسيد يتعالى ويتفضل على محتاج ولا تخدم على سبيل من يقدم دين أو جميل ينتظر عنه عوضاً أو تخدم بطريقة روتينية لا روح فيها أو بثقل وتذمر أو تتخذ من الخدمة فرصة للتسلط على المحتاج ظاناً بهذا أنك تكتسب عظيمة، ولكنك غير عالم أنك تسبب لذاتك ضرراً بمعاملتك السيئة للمحتاج والمسكين، فياليتك تتعلم الأتضاع من سيدك وتسرع بوداعة لتخدم غيرك كما لو كنت أحد الخدم المستعدين لبذل كل الجهد لإرضاء سادتهم. فإن الخدمة المقبولة، عند الله هى روح قبل أن تكون عملاً.