المزمور
المائة
والرابع
المجد
للخالق
المُبدع
جاء
هذا المزمور
في بعض النسخ
كتكملة
للمزمور
السابق. وقد
نُسِبَ لداود
في الترجمات
السبعينية
والسريانية
والفولجاتا
والعربية والأثيوبية.
يُعْتَبَر
أنشودة خاصة
بـ "يهوه"، أي
كلمة الله،
الخالق،
والمدبر
للخليقة،
والمخلص. لا
يتحدث عن
طبيعة الله
غير المدركة،
إنما يمجده،
حسبما يعلن
الله عن نفسه
لأجل بنيان خليقته
المحبوبة
جدًا لديه،
خاصة الإنسان.
كان الشعب
اليهودي ينشد
هذا المزمور
في صباح يوم
الكفارة أو
اليوم الكبير yom kipper .
وهو اليوم
الفريد في
العام كله حيث
كان يُسْمَحُ
لرئيس الكهنة
أن يخترق
الحجاب ويدخل
قدس الأقداس
مرة واحدة في
السنة، كرمزٍ
لدخول البشرية
المؤمنة
السماوات.
هو يوم
كفارة وغفران
عام للكل لكي
يبدأوا حياة
جديدة، كما لو
كانوا بلا
خطية، لذا
يتغنون بمزمور
الخالق
العجيب في حبه
واهب الحياة
الجديدة.
يرى بعض
الدارسين أنه
يوجد تشابه
أخاذ بين هذا
المزمور
وتسبحة
أخناتون
الموجهة
للشمس (القرن 14
ق.م)، خاصة في
تصوير خلائق
الليل
والنهار [20-23]، والعناية
بالبهائم
والطيور [10 الخ]
والبحار بسفنها
[25 الخ]،
والحياة
والموت
واعتماد كل
المخلوقات
على خالقها [27-30].
غير أنه في
غير هذا تنفصل
القصيدتان،
كل منهما في
اتجاه. فمثلًا
على نقيض
تسبحة
أخناتون
المتطرفة نحو
الشمس: "حينما
تشرقين
يحيون،
وعندما تغربين
يموتون"،
يتحدث
المزمور عن
الحقيقة السامية
لتدبير الله
لكل الحياة[1].
بين
المزمور 104
وسفر التكوين
يتحدث
هذا المزمور
عن قصة الخلق
البديعة، وهو
نسخة شاعرية
تُسَجِّل ما ورد
في سفر
التكوين
الأصحاحيْن
الأول والثاني،
دون تكرارٍ
لما ورد في
التكوين.
اليوم
الأول: النور [1-2].
اليوم
الثاني:
الجَلَد [2-4].
اليوم
الثالث: تمييز
الأرض عن
المياه [5-9].
اليوم
الرابع:
النوران
كحافظي الزمن
[19-20].
اليوم
الخامس:
الحيوانات
البحرية [25-26].
اليوم
السادس:
الحيوانات
والبشر [27-28].
تدبير
التغذية
للجميع [29-30].
لم
ينسخ المرتل
ما ورد في سفر
التكوين.
بينما يُسَجِّل
لنا سفر
التكوين ماذا
خلق الله، إذا
بالمرتل
يُرَكِّز على
الكيفية،
ولماذا؟ كما
أعلن عن
العلاقة
الحميمة بين
الخالق والعالم،
وهو يركز على
الخالق أكثر
من الخليقة،
كما يُظهِر
الله العطوف
أكثر منه
القدير.
المزمور
السابق
يُقَدِّم
الله سيد
التاريخ، هنا
يُقَدِّم
الله سيد
الطبيعة
وراعيها.
1. الخالق
الإلهي
1-9.
2.
العناية
الإلهية
10-23.
3.
امتلاء الأرض
بغناه 24-30.
4.
تسبيح المرتل
للخالق
31-35.
v يجب أن
تعلم أيها
المؤمن أن هذا
المزمور لما يتضمنه
من الأسرار
والتضرعات،
نتلوه نحن الشرقيين
في كل مساءٍ.
لأنه يخبر عن
ما مُنِحَ لنا
بتجسد ربنا
الذي صار في
ملء الزمان،
وبانقضاء عمر
كل منا.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
1. الخالق
الإلهي
يبدأ
المزمور
بالدعوة
لتسبيح عظمة
الرب ومجده في
عرشه السماوي.
يشير القسم
الافتتاحي بشكلٍ
واضحٍ إلى
العمل الذي تم
في اليومين
الأول
والثاني كما
عرضه الأصحاح
الاستهلالي
في الكتاب
القدس (تك 1).
في اليوم
الأول جاء في
التكوين أن
الله قال:
ليكن نور،
فكان نور. أما
هنا فيرى
المرتل وراء
النور
المنظور نور
الله غير
المنظور. "اللابس
النور كثوبٍ"
[2].
في اليوم
الثاني "قال
الله: ليكن
جلد في وسط
المياه" (تك 1: 6)،
أما هنا فيرى
المرنم الله
ينشر
السماوات
كشقةٍ (قماش
الخيمة)،
ويسقف علاليه
(جمع علية، أي
حجرة علوية)
بالمياه،
ويجعل من
السحاب مركبته.
يا له من
تعبير شاعري
جميل!
في اليوم
الثالث
تجتمع المياه
تحت السماء
كمحيطات
وتظهر اليابسة
(القارات). أما
هنا
فيُصَوِّر
الخالق برعدٍ،
فتهرب المياه
من صوت رعده،
وتنزل إلى البقاع
التي عينها
لها، فقد أقام
للمياه حدًا
لا تتجاوزه
(أي 38: 9-11). إن كان
يفعل هذا مع
المياه التي
هي خليقته
الصالحة،
فبالأولى
يكبح الشر،
فيلتزم حدوده
(إر 5: 22).
بَارِكِي
يَا نَفْسِي
الرَّبَّ.
يَا
رَبُّ
إِلَهِي قَدْ
عَظُمْتَ
جِدًّا.
مَجْدًا
وَجَلاَلًا
لَبِسْتَ [1].
جاء عن
الترجمة
السبعينية والقبطية:
"الاعتراف
وعظم الجلال
تسربلت".
ماذا
يعني: "قد
عظمت جدًا"؟
هل يزداد الله
في العظمة،
وهو المطلق في
عظمته لا يزيد
ولا ينقص؟
العظمة
التي لله هنا
لا تعني جوهره
الذي لا يَقْدِرُ
أحد أن يعاينه
في ذاته، إنما
ما يعلنه من
مجد وجلال
لخليقته لأجل
مسرتهم وبنيانهم.
لذلك يكمل: "مجد
وجلالًا
لبست". يقول
السيد المسيح:
"الله لم يره
أحد قط، الابن
الوحيد الذي
هو في حضن
الآب هو
خبَّر" (يو 1: 18).
v "باركي
يا نفسي الرب".
ليت نفسنا
جميعًا تصير
واحدًا في
المسيح،
وتقول هذا؟ "يا
رب إلهي قد
عظمت جدًا"
أين عظمت؟ "الاعتراف
والجمال
لبست"
اعترفوا لكي
ما تصيروا
جميلين،
فيلبسكم. "اللابس
النور
كالثوب". إنه
يلبس كنيسته،
وإذ صارت
نورًا فيه،
هذه التي كانت
ظلمة في ذاتها
كما يقول
الرسول: "لأنكم
كنتم قبلًا
ظلمة، وأما
الآن فنور في
الرب" (أف 5: 8)[2].
القديس
أغسطينوس
v كلمة
"الاعتراف" Confissio يُمكن أن
تُفهَم
بطريقيْن.
يمكن أن
تُستخدَم في
تسبيح الله،
كمثال: "بالجلال
تسربلت"،
وكما يقول
المخلص نفسه
في الإنجيل:
"اعترف لك
أيها الآب"
(راجع مت 11: 25)، أي
"أحمدُ".
وأيضًا يمكن
تشير إلى
الاعتراف
بخطايانا
للرب، فإننا نُقَدِّم
التسبيح
والمجد لله
عندما نعترف بخطايانا
أمامه[3].
القديس
جيروم
v هذا
المزمور هو
عبادة
مُقَدَّمة من
الخليقة المُسَبِّحة
لخالقها
وتباركه (تطلب
بركته)
بالنبي. وهو
مزمور مشابه
للمزمور
الثامن عشر (19)،
القائل:
"السموات
تمجد الله
والجَلَدْ
يخبر بعمل
يديه"[4].
القديس
جيروم
v يبارك
الله الإنسان
عندما يؤيده،
ويعطيه الأمان
من أعدائه،
ويشرفه ويعظم
تعقله كما بارك
إبراهيم.
وأيضًا يبارك
الإنسان الله
عندما يشكره
على كل أمرٍ.
وذلك كما كتب
الرسول: "وكل
ما عملتم
بقولٍ أو
فعلٍ، فاعملوا
الكل باسم
الرب يسوع،
شاكرين الله
والآب به" (كو 3:
17). وفي
الحالتيْن
يكون الربح
للإنسان، أعني
إن بارك الله
الإنسان، أو
بارك الإنسان
خالقه، لأن
الله لا يحتاج
إلى خيراتنا.
وذلك مثل الذي
يلعن الله،
والله يلعنه،
فإن المضرة
تقع على ذلك
الإنسان ولا
يُمَس الله
بأذى...
قوله: "عظمت
جدًا"، لا
يعني أن الله
قد زادت فيه
العظمة بدل أن
كان صغيرًا.
حاشا لله،
الدائم
العظمة
والجلال،
والفائق على
كل عظمةٍ.
إنما يعني أن
الإنسان إذ
صنع أعمالًا
نجيبة وحميدة
يتعظم الله
به، أي تتضح
عظمته في
أتقيائه.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v كما
أن الملك إذا
وجد فتاة
لابسة أسمالا
بالية لا
يستنكف منها،
بل يجردها من
ثيابها الدنسة
(إش 64: 6؛ زك 3: 4؛ مر
1:1)، ويغسل
سوادها (نا 2: 10)،
ويُلبِسها
حُلَّة بهيجة
(لو 7: 25)،
ويُصَيِّرها
أليفته
وجليسته في
مائدته وحظه،
كذلك الرب وجد
النفس مجروحة
مضروبة، فداواها
وجرَّدها من
ثيابها
المظلمة، ومن
دنس الخطية،
وألبسها
الحُلَّة
الملوكية
السماوية
الإلهية (مز 104: 1)
اللامعة
المجيدة،
ووضع عليها
التاج،
وصيَّرها
جليسته في
المائدة الملوكية
فرحًا لها
وكفاية.
القدِّيس
مقاريوس الكبير
اللاَّبِسُ
النُّورَ
كَثَوْبٍ،
الْبَاسِطُ
السَّمَاوَاتِ
كَشُقَّةٍ [2].
غالبًا
ما يصاحب
إعلان الله عن
نفسه النور والنار
(تك 15: 17؛ خر 3: 2؛ 19: 18؛
مت 17: 2). فهو نار
آكلة (تث 4: 24؛ إش 30:
33؛ إر 21: 12، 14)، ونور
لشعبه (مز 27: 1؛ إش
10: 17). يدعوه
يعقوب الرسول
أبي الأنوار
(يع 1: 17).
يرى القديس
أغسطينوس أن
ثوب السيد
المسيح هو
الكنيسة،
لهذا عندما تجلَّى
السيد المسيح
أضاءت ثيابه
بالنور، لأن
شمس البرّ حال
في كنيسته.
يتمجد
الله في
كنيسته،
ويتعاظم جدًا
حين تصير
روحًا
واحدًا،
وبنفسٍ
واحدةٍ تعترف
فتلبس الجمال
الإلهي.
أما
قوله الباسط
السماوات
كشقةٍ (الغطاء
الجلدي
للخيمة)، فيرى
القديس
أغسطينوس أن
التفسير
الحرفي لها هو
كما أن
الإنسان يبسط
شقة الخيمة
بسهولة، هكذا
يبسط الرب
السماوات.
والتفسير
الرمزي هو أن
الأسفار
الإلهية التي
تُقَدِّم لنا
الحياة
السماوية
تنتشر في كل
أنحاء الأرض،
التي تحوي
البشر
القابلين
للموت مثل جلد
الحيوانات
الميتة
والمستخدمة
كشقةٍ لخيمة.
فكلمة الله
تهب الحياة
السماوية
للقابلين
الموت.
v لاحظوا
الترتيب،
فالشخص يعترف
أولًا فيتقبل
الجمال
والنعمة،
وبعد ذلك
يتقبل النور.
فالكلمات
التالية في
المزمور هي: "اللابس
النور
كالثوب" (مز 104: 2)[5].
v أنت
هو إله الكل،
إلهي أنا على
وجه الخصوص،
لأنني لستُ
عبدًا للخطية.
إني أستحق أن
أُدعَي عبدك.
"عظيمٌ أنت
بالحق. عندما
أتطلع إلى
السماء والأرض
والطيور
والحيوانات
ذوي الأربع
أرجل، والحيات
وكل خليقتك
أتعجب من
الخالق
وأمجده[6].
القديس
جيروم
v نزوله
مزدوج، واحد
يأتي فيه
مختفيًا،
"مثل المطر
على الجزاز"
(مز 72: 6)، والآخر
مجيء واحد
مُنتظَر.
في
مجيئه الأول
كان ملفوفًا
بقماطات في
المذود، وفي
ظهوره الثاني
يظهر "اللابس
النور كثوبٍ"
(مز 104: 2).
في
مجيئه الأول
"احتمل
الصليب
مستهينًا بالخزي"
(عب 12: 2)، وفي
الثاني تحوطه
جيوش
الملائكة مُمَجَّدًا[7].
فنحن
لا نستند على
مجيئه الأول
فحسب، وإنما ننتظر
مجيئه الثاني
أيضًا.
وكما
قلنا في مجيئه
الأول: "مبارك
الآتي باسم الرب"
(مت 21: 9؛ 23: 39)، سنردد
أيضًا هذا في
مجيئه الثاني،
فإذ نتقابل مع
سيدنا
وملائكته،
نتعبد له قائلين:
"مبارك الآتي
باسم الرب".
سيأتي
لا ليُحكَم
عليه، بل
ليدين من
حاكموه.
ذاك
الذي صمت
أثناء
محاكمته،
يقول للأشرار
الذي فعلوا
معه هذه
الجسارة: "هذه
الأشياء صنعتم
وسكت" (مز 50: 21).
إذن،
قد جاء بتدبير
إلهي معلمًا
الناس بالإقناع،
أما هذه المرة
بالضرورة
يقبلونه
ملكًا حتى
الذين لا
يريدون![8]
القديس
كيرلس
الأورشليمي
v يليق
بنا أن نضيف
أن الثوب الذي
نرتديه هو ربنا
يسوع المسيح،
الذي ينسدل
حتى أقدامنا،
والألوان
المتعددة التي
لهذا الثوب هي
ألوان زهور
الحكمة والأسفار
المقدسة
والأناجيل
المتنوعة
التي لا تبهت
ولا تضيع
ألوانها مع
الزمن... كما
قيل: "اللابس
النور
كثوبٍٍ" (مز 104: 2).
لذا يليق بنا
عند تفصيل
ملابسنا أن
نبتعد عن كل
ما هو غريب.
وعندما نستخدم
تلك الملابس
نراعي
الاقتصاد،
وننأى عن
الإسراف[9].
القدِّيس
إكليمنضس
السكندري
v يوجد
انفصال بين
الذين يسكنون
السماء أو الذين
يلبسون
الإنسان
السماوي وبين
الشر، لأن الله
في بسطه
للسماوات فصل
الأشياء
الفاسدة عن
الأشياء
الصالحة، حتى
لا يتدنس
الإنسان البار
الذي
يُعتَبَر هو
نفسه سماء.
فلذلك قيل: "وبفهمه
بسط
السماوات".
كيف
إذًا تم بسط السماوات؟
الحكمة هي
التي تبسطها.
تشير هنا الآية
إلى كيفية بسط
السماوات
بواسطة
الحكمة: "لقد
بسطت كلامي،
وأنتم لم
تنتبهوا
إليه".
فالأمر هنا
يتعلق ببسط
كلام[10].
بهذه الطريقة
تم بسط
السماوات.
وقد قيل أيضًا
في المزمور: "الباسط
السماوات
كشقةٍ
(كخيمةٍ)" (مز 104 :2).
كذلك نحن
أيضًا، فإن
نفوسنا التي
كانت قبلًا منكمشة،
سوف تُبسَط
حتى تستطيع أن
تستقبل حكمة
الله.
نرجع
الآن إلى
موضوعنا. فقد
قلنا كيف أن السماوات
خُلِقَتْ بالفهم.
وأن الذين
لبسوا
الإنسان
السماوي هم
أيضًا سماوات.
في الواقع
بما أنه قيل
للخاطئ: "أنت
تراب وإلى
التراب تعود"،
أفلا يمكننا
بالأولى أن
نقول للبار: "أنت
سماء، وإلى
السماء
تعود"؟
كما
يقال أيضًا
للإنسان
الترابي الذي يحمل
صورة الإنسان
الترابي: "أنت
تراب وإلى التراب
تعود"، أفلا
يقال لك إذا
كنت تحمل
صورة الإنسان
السماوي: "أنت
سماء وإلى
السماء
تعود؟"
كل
إنسانٍ منا له
أعمال سماوية
وأخرى أرضية.
الأعمال الأرضية
هي التي تؤدي
إلى الأرض،
لأنها تحمل الطبيعة
الأرضية، مثل
ذاك الذي يكنز
في الأرض
بدلًا من أن
يكنز في
السماء. وعلى
العكس، فإن
أعمال
الفضيلة تؤدي
إلى المواضع
التي تحمل نفس
طبيعتها أي
إلى السماوات،
فالإنسان
الذي يكنز في
السماء هو
الذي يحمل
صورة السماوي[11].
العلامة
أوريجينوس
v النور
هنا هو
العِلْمُ الواضح
البيان، أي
معرفة
الأشياء
جهارًا وبيانًا
مثل إيضاح
النور. هذه
المعرفة
يلبسها مثل
الثوب، أعني
من كل ناحية
يبصر، ولا
يختفي عليه
شيء.
قال آخر:
إن ثوب النور
هو الجسد
الطاهر الذي لبسه
ابن الله،
فجاع وعطش.
ومرارًا كان
يذوي الثوب
ويظهر لاهوته
يسيرًا، وذلك
عندما كان
يصنع العجائب.
قال آخر:
إن هذه الكلمة
تدل على النور
الذي خلقه
الله في أول
أيام الخليقة
الذي كان
ينشره ويعمل
النهار قبل
إبداع
الكواكب،
ويضمه فيصير
ليلًا. لذلك
ألحق النبي
لقوله ما قد
خلقه الله في
اليوم
الثاني، وقال:
"الباسط
السماء مثل
الخيمة". وهي
السماء
الثانية التي
جعلها فاصلًا
للمياه، أي بين
الماء الذي
أخذه فوق،
وبين الماء
الذي أبقاه
أسفل. وقد
شبهها
بخيمةٍ،
ليخبر ببهاء
عمل الله، أنه
مدَّ السماء
الجسيمة كما
يمد الإنسان
خيمة. وأيضًا
أننا نحن في
هذا العالم
كأننا في ظل
خيمة.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
الْمُسَقِّفُ
عَلاَلِيَهُ
بِالْمِيَاهِ.
الْجَاعِلُ
السَّحَابَ
مَرْكَبَتَهُ.
الْمَاشِي
عَلَى
أَجْنِحَةِ
الرِّيحِ [3].
عندما
يبني الإنسان
حجرة أعلى
بيته (عليه)
يغطيها بسقفٍ
من مادة صلده
لتحميه من
حرارة الشمس
ومن الأمطار.
أما الله
فيغطي عليته –
إن صح التعبير
– بالسحاب
المملوء
مياهًا.
إنه
يستخدم
السحاب
كالخيل
يُحَرِّك
مركبته كيفما
شاء، ويقودها
حسب مسرته.
كأن كل شيء
حتى السحاب
والرياح
يطيعانه.
كثيرًا
ما يُقَدِّم
لنا المرتل
السحاب كرمز للسماء،
لهذا يرى في
السحاب مركبة
إلهية. عند صعود
السيد المسيح
لم يكن
محتاجًا إلى مركبة،
لأنه هو خالق
السماء،
ويحسبها
مركبته.
يقدم
لنا القديس
أغسطينوس
تفسيرًا
رمزيًا
للعبارة: "المسقف
علاليه
بالمياه"،
فيقول إن
الحديث هنا عن
السماوات
التي هي الأسفار
الإلهية، أما
علاليه فهي
وصية الحب، [وصية
الحب التي لا
يوجد ما هو
أعظم منها (مر 12:
31). ولماذا
يُقارَن الحب
بالمياه؟
"لأن محبة
الله قد
انسكبت في
قلوبنا
بالروح القدس
المُعطَى لنا"
(رو 5: 5). من أين
الروح القدس
هو مياه؟ لأنه
"وقف يسوع
ونادى،
قائلًا إن عطش
أحد
فليُقْبِلْ
إليّ ويشرب،
من آمن بي كما
قال الكتاب
تجري من بطنه
أنهار ماء حي"
(يو 7: 37-38)... "الماشي
على أجنحة
الريح"، أي
فوق فضائل
النفوس؟
الحُب ذاته.
ولكنه كيف
يمشي فوقه؟
لأن محبة الله
نحونا أعظم من
محبتنا نحن له[12].]
v لماذا
"أخذته
سحابة" (أع 2: 9)؟
هذه أيضًا
كانت علامة
أكيدة أنه صعد
إلى السماء.
إذ لم تأخذه
نار، ولا
مركبة نارية
كما في حالة
إيليا، وإنما "أخذته
سحابة"، رمز
للسماء. وكما
يقول النبي: "الجاعل
السحاب
مركبته" (مز 104: 3).
كما يُقال عن
الآب نفسه.
لذلك يقول نبي
آخر: "الرب
جالس على
سحابة خفية"
(إش 19: 1) [13].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v بهذا
القول يخبر
النبي أن
عناية الله
تُدَبِّر
المياه
والسحاب
والرياح،
ويمنح منافع
من هذه كلِّها
للعالم.
وأيضًا أن
طبيعة الله
سريعة الحضور
كأنها على
أجنحة الرياح.
أما علاليه
فهي الأسرار
الكنسية التي
يشيدها
ويسقفها
بمياه
المعمودية.
جعل
مركبته
السحاب أيضًا
عندما ظهر
لبني إسرائيل...
وأيضًا عندما
صعد ربنا من
على جبل الزيتون
إلى السماء،
رفعته سحابة
من تحت قدميه.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
لا بد
أن يكون هناك
ملائكة
مسئولين عن
الأعمال
المقدسة، يرشدون
إلى فهم النور
الأزلي، إلى
معرفة سرائر الله
وعِلْم
ألوهيته.
الملائكة
أيضا مُبَشِّرون.
الصَّانِعُ
مَلاَئِكَتَهُ
رِيَاحًا،
وَخُدَّامَهُ
نَارًا
مُلْتَهِبَةً
[4].
يليق
بنا أن نعمل
تحت قيادة
الله، الذي
يقيم منا أشبه
بملائكة،
نتسم بسرعة
الحركة
كالرياح،
لأننا نعمل
بنعمته
الفائقة.
ونحمل روح
القوة، فنصير
بالحق خدامه
الملتهبين
نارًا مقدسة.
لم
يذكر الكتاب
المقدس أن
للسمائيين أي
نوعٍ من
الأجساد، بل
قيل عنهم بوجه
عام: "الصانع
ملائكته أرواحًا،
وخدامه لهيب
نار" (عب 7:1؛ مز4:104).
الملائكة
أرواح (حب 7:1، 14؛
رؤ 14:16). يميل رأي
آباء الكنيسة
إلى القول بأن
الملائكة
أجسام روحانية،
فهم إن قورنوا
بالبشر
يُحسَبون
أرواحًا، لأنهم
بلا جسد مادي
ملموس مثل
البشر، ولا
يحتاجون أن
يأكلوا أو
يشربوا أو
يستريحوا أو
يتزوجوا الخ.
وإن قورنوا
بالله "الروح"
فيُحسبون
أجسادًا
روحانية.
قرَّر مجمع
نيقية Nicea
عام 784م أن
للملائكة
أجساد أثيرية
أو نورانية،
غير أن مجمع
اللاتيران
عام 1215م قرر أن
الملائكة بلا
أجساد
نهائيًا، ومع
هذا فإن بعض
اللاهوتيين
الكاثوليك
والأرمن
واللوثريين
والمصلحين
ينسبون
للملائكة
أجسامًا نقية[14].
يرى القديس
غريغوريوس
الثيؤلوغوس
أن الملائكة
أرواح بلا
أجسام.
يرد القديس
كيرلس الكبير
على ديؤدور
وثيؤدور،
قائلًا:
[الملائكة هم
أرواح ومن
السماء،
وليسوا
أجسامًا. بما
أنهم ليسوا
مُجَسَّمين،
فقد ظهروا
ويظهرون
للكاملين
بأشباه
مختلفة جسمية
متخيلة. ظهروا
لإليشع شبه
مركبة وخيل،
ولبلعام
كرجلٍ مستلٍ سيفه،
ولجدعون
كرجلٍ ممسكٍ
بعصا،
ولدانيال كرجل
يلبس ثياب
الكرامة
ومتمنطق
بزنارٍ من ذهب
الأوفير
وجسمه أبيض
اللون، ووجهه
كمنظر البرق،
وعيناه
كمصابيح
النار،
وذراعاه
كالنحاس
اللامع، وصوت
كلامه كقواتٍ
كثيرة. وكان
الملائكة
يطيرون إلى
القبر الإلهي
وهم متمنطقون
بثيابٍ
بيضاءٍ[15].]
"خدامه
نار ملتهبة"،
هذه هي طبيعة
السمائيين
الذين يخدمون
السماوي،
النار الآكلة.
فإنهم إذ
يلتقون بنا
يلهبون
حياتنا بالشوق
نحو الخالق،
خلال عمل
نعمته
الفائقة، فيحترق
ما فينا من
خشب أو عشب أو
قش، بينما
يتلألأ ما
فينا من ذهب
أو فضة أو
حجارة كريمة.
هذه هي النار
الإلهية
العاملة في
السمائيين،
كما تعمل
بنعمته في
المؤمنين.
أما
بخصوص النار المتواصلة،
فقد قيل عن
الله نفسه إنه
نار آكلة (عب 12:
29)، خدامه
أيضًا لهيب
نار (مز 4:104).
فبظهور المركبة
الإلهية خلال
نار متواصلة
يُعلِن عن حضرة
الله النار
المتقدة،
الذي يحرق
الأشواك الخانقة
للنفس، وفي
نفس الوقت يهبها
استنارة
داخلية لتضيء كالبرق، فيكون
لها "لمعان
ومن وسطها
كمنظر النحاس
اللامع من وسط
النار".
نزل
الرب علي جبل
سيناء كنار
آكلة، كان
يتحدث مع موسى
والجبل
يُدَخِّن
"وصعد دخانه
كدخان أتون،
وارتجف كل
الجبل جدًا"
(خر18:19). يقول
المرتل عن
الله: "قدامه
تذهب نار" (مز
3:79)، إذ هو نفسه
نار آكلة،
وخدامه حوله
ويتقدمونه
كنارٍ
ملتهبةٍ (مز 4:104)
يحرقون من كان
خشبًا أو
عشبًا أو
قشًا، كما
ينقون من كان
ذهبًا أو فضة
أو حجارة
كريمة.
v ما
لم يبشر
الخادم
بنارٍ، فانه
لا يُلْهِبُ من
يكرز لهم[16].
القديس
أغسطينوس
v "وخدامه
لهيب نار".
هذا يشير إلى
نقاوتهم وإلى
حقيقية أنهم
لا يخضعون
للخطية. يوجد
تفسير آخر: إن
كان إنسان
مؤمنًا
كمثال، فإن
ملاكًا
صالحًا
يُرسَل إليه،
ملاك من نور.
إن كان خاطئًا
يُرسَل إليه
ملاك غضب
متوهج يعذبه[17].
v هذه
هي النار التي
اضطرمت في
قلوب
التلاميذ، فألزمتهم
بالقول: "ألم
يكن قلبنا
ملتهبًا فينا،
إذ كان يكلمنا
في الطريق،
ويوضح لنا
الكتب!" (لو 24: 32)[18]
القديس جيروم
v لا يتحدث
عن أحدهم
(الملائكة)
كابن. "الجاعل
ملائكته
رياحًا،
وخدامه لهيب
نار" (مز 104: 4). أما
بالنسبة
للابن،
فيتحدث بما
يليق به،
ويقول أمورًا
كثيرة عنه في
الأنبياء[19].
v "لأنه قد
عيَّن
ملائكته
حولك،
ليحفظوك في كل
طرقك" (مز 91: 11)...
فإن البار يحتاج
إلى معونة
ملائكة الله،
حتى لا تطرحه
الشياطين،
ولا يخترق
قلبه "سهم
يطير في الظلام"[20].
v يعلن
كاتب
"الراعي"
(هرماس)،
قائلًا إن
ملاكيْن (واحد
صالح والآخر
شرير) يلازمان
كل إنسانٍ؛
وكلما جاءت
أفكار صالحة
إلى عقولنا
يُقال إنه
يُقَدِّمها
الملاك
الصالح، وإن
جاءت أفكار
عكسية قيل
إنها من تأثير
الشرير[21].
v "لأن كل
واحدٍ يتأثر
بملاكيْن،
واحد للبرّ والآخر
للدنس. فإن
وُجِدَتْ
أفكار صالحة
في قلوبنا، ما
من شك أن ملاك
الرب يتحدث
إلينا، ولكن
أن أتتْ على
قلوبنا أفكار
شريرة، فإن ملاك
الشر هو الذي
يخاطبنا![22]
v توجد
ملائكة قد
وُضِعَ لهم أن
يتولوا
الأعمال
المقدسة، وهم
الذين
يُعَلِّمون
فهم النور الأبدي،
ومعرفة أسرار
الله وعِلْم
الإلهيات[23].
v كان
للرسل ملائكة
تسندهم في
إتمام خدمتهم
الكرازية وفي
تكميل عملهم
الإنجيلي[24].
v إن
كان من بين
الناس من
نالوا كرامة
الخدمة
كإنجيليين،
وإن كان يسوع
المسيح نفسه
قد جاء
بالأخبار الصالحة
السارة، وكرز
بالإنجيل
للمساكين، فإنه
بكل تأكيد لن
يستثنى خدامه
الذين هم ملائكته
الرياح
وخدامه النار
الملتهبة (مز 4:104)
من أن يكونوا
هم أيضًا
مُبَشِّرين.
لذلك
جاء الملاك
إلى الرعاة،
ومعه "مجد
الرب الذي
أضاء حولهم"،
وقال لهم: "لا
تخافوا، فها
أنا أبشركم
بفرحٍ عظيمٍ،
يكون لجميع
الشعوب. إنه
وُلِدَ لكم
اليوم في
مدينة داود
مخلص هو المسيح
الرب" (لو 10:2-11).
وفي وقت لم
يكن بين الناس
معرفة بسرّ
الإنجيل،
هؤلاء الذين هم
أعظم من الناس
الساكنين في
السماوات،
جيش الله، قد
سبَّحوا الرب
قائلين:
"المجد لله في
الأعالي،
وعلى الأرض
السلام،
وبالناس
المسرّة". وإذ
سبحوه عادوا
إلى السماء،
تاركين إيّانا
لنتأمل كيف أن
الفرح الذي
جاء به ميلاد
المسيح هو مجد
لله في
الأعالي. لقد تنازلوا
إلى الأرض،
ثم عادوا إلى
موضع راحتهم،
ليُمجدوا
الله في
الأعالي
بيسوع المسيح.
يتعجب
الملائكة أيضًا
للسلام الذي
يحل بميلاد
المسيح على
الأرض مهد
الحروب،
والتي إليها
يسقط إبليس
كوكب الصبح من
السماء،
ليدخل في حربٍ
مع يسوع ثم
يندحر منها[25].
v عندما
تَثْبُتُ في
اتحاد مع
المؤمنين
باسمه، لابد
أيضًا أن
تَعْبُرَ إلي
السموات،
مجتازًا إلي
ما وراء الأرض
ومجاهلها، بل
إلي ما فوق
السماوات
أيضًا وما يخصها،
لأن الرب يسوع
قد اختزن لنا
في الله – كما في
كنزٍ - آيات
وعجائب أعظم
بكثير مما ورد
ذكره. ولا
يمكن أن
نستوعبها
ونحن في
طبيعةٍ ترتبط
بالجسد، بل
لابد أن نترك
كل ما للجسد. وإني
مقتنع أن الله
قد ادَّخر لنا
في نفسه أشياء
تفوق روعتها
كل ما رأته
العيون
كالشمس والقمر
والكواكب، بل
أكثر وأبهى
مما اطلع عليه
الملائكة
القديسون
الذين صنعهم
الله أرواحًا
ونارًا
ملتهبة (مز 4:104؛
عب7:1). وسوف يكشف
لنا عن هذه
العجائب
عندما تخلص
الخليقة من عبودية
العدو إلي
حرية مجد
أولاد الله
(رو 21:8)[26].
العلامة
أوريجينوس
v هو
الله نفسه
صانع
الملائكة
وبارئهم
ومُخرِجهم من
العدم إلى
الوجود، وقد
خلقهم على
صورته
الخاصة،
طبيعة لا
جسمية، على
مثال ريح ما
ونارٍ لا
مادية. كما
يقول داود
الإلهي:
"الصانع ملائكته
رياحًا
وخدامه لهيب
نار" (مز 104: 4). وقد
صمَّم الله فيهم
الخفَّة
والتوقد
والحرارة
وسرعة النفاذ
والحدة في
تلبية أوامره
وخدمته
والتسامي بذواتهم
ونفوذهم من كل
فكرٍ ماديٍ[27].
الأب
يوحنا
الدمشقي
v بقول
النبي أرواح
عن الملائكة،
لأنهم غير
منظورين
بأعين جسدية،
ولسرعتهم في
قضاء أوامر
الله. وقوله نار،
لأنهم أقوياء
مثل النار...
أيضًا
الرسل هم
ملائكة،
لأنهم أخبروا
العالم
بالعهد
الجديد. وهم
أرواح لأنهم
روحيون، ونار
تلتهب، لأنهم
أخذوا نعمة
الروح القدس
التي حلَّت
عليهم شبه نار
وأحرقوا عدم الإيمان
وأضاءوا
العالم.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v هذه
النار
الإلهية
أشعلتْ عظام
الأنبياء، كما
قال إرميا:
"كان في قلبي
كنارٍ محرقة
محصورة في
عظامي، فمللت
من الإمساك،
ولم أستطع" (إر
20: 9)[28].
القديس
أمبروسيوس
v قوات
السماء ليسوا
مقدسين
بطبيعتهم،
لأنه لو كان
الأمر هكذا
لما اختلفوا
عن الروح
القدس. لكنهم
مقدسون
نسبيًا
كامتياز لهم
من التقديس
بالروح القدس.
فالحديد
المُحَمَّى
بالنار نراه
كما لو كان
نارًا، إلا
أنه شيء
والنار شيء
آخر. هكذا
الحال مع
القوات
السمائية
يبدو جوهرهم كأنه
ريح في العلا
أو نار غير
مادية[29].
القديس
باسيليوس
الكبير
v أول
كل شيء قَبلَ
الله تقدمة
هابيل بسبب
نقاوة قلبه،
ورُفضتْ
تقدمة قايين
(تك4: 4). كيف نعرف
أن تقدمة
هابيل
قُبلتْ،
بينما رُفضتْ
تقدمة قايين؟
وكيف شعر
هابيل بقبول
تقدمته؟ وكيف
تأكَّد قايين
من رفض تقدمته؟
سأحاول قدر
استطاعتي شرح
ذلك.
أنت
تعلم يا عزيزي
أن علامة
التقدمة
المقبولة من
الله هو نزول
نار من السماء
وحرق التقدمة.
عندما قدَّم
هابيل وقايين
تقدماتهما
معًا، نزلت
النار
الحيَّة التي
تخدم أمام
الله (مز 104: 4)
والتهمت
ذبيحة هابيل
النقيَّة،
بينما لم تمس
ذبيحة قايين
غير النقيَّة.
وهكذا عرف هابيل
قبول تقدمته،
وقايين رفْض
تقدمته. لقد
عُرفتْ ثمار
قلب قايين بعد
ذلك حين
اُختبِر، ووُجِدَ
أن قلبه مملوء
غشًا، حين قتل
شقيقه، وهكذا
فما حبل به في
فكره ولدته
يداه. ولكن
نقاوة قلب
هابيل كانت
أساس صلاته[30].
القديس
أفراهاط
الحكيم
الفارسي
v يبقى
لنا أن نقارن
بولس
بالملائكة.
لنترك الأرض
ونصعد إلى
أبواب السماء.
لا يقل أحد إن
كلماتنا تحمل
جسارة فائقة إن
كان الكتاب
المقدس يدعو
يوحنا ملاكًا
وأيضًا
الكهنة،
فلماذا تتعجب
حين نقول إن
بولس يستحق أن
يُدعَى هكذا
لتفوقه في هذه
الفضائل؟!
ما
هو سبب عظمة
الملائكة؟
طاعتهم لله،
هذا ما أعجب
داود فيهم:
"أقوياء في
الفضيلة،
يطيعون
كلمته" (مز 20:102).
لكن طاعة بولس
لا تُقاَرن
حتى بالكثير
من الكائنات
غير
المتجسدين. ما
يجعلهم
مباركين هو
طاعتهم لوصية
الله ورفضهم
التام
لعصيانه. هذا
ما فعله بولس
بإخلاص تامٍ.
لقد تمم كلمة
الله ووصاياه
أيضًا. ليس
فقط وصاياه،
بل ما هو
أكثر، كما
أفصح قائلًا:
"إذ وأنا
أُبَشِّر
أجعل إنجيل
المسيح بلا نفقة"
(1 كو 18:9).
ماذا
يرى النبي في
الملائكة ما
يستحق الإعجاب؟
"الصانع
ملائكته
رياحًا،
وخدامه نارًا
ملتهبة" (مز 4:103).
هذا أيضا نراه
في بولس،
كنارٍ وريحٍ
عبْر الأرض طولًا
وعرضًا في
ترحاله...
هذا
ما يجعل الأمر
مميزًا
بالأكثر،
بينما كان
بولس على
الأرض في
الجسد الفاني
أظهر مثل هذه
الشجاعة وهزم
القوات غير
المنظورة.
كم
نُحسَب في
لومٍ إذًا إن
لم نجاهد
متمثلين بمثل
هذا الإنسان
على وجه
الخصوص الذي
اجتمعتْ فيه
كل الصفات
الجليلة في
إنسانٍ واحدٍ.
لنفكر
مليًا في هذه
الاعتبارات،
فنكون بلا لومٍ.
لنجاهد
لكي تكون لنا
مثل غيرته،
فنشاركه ذات البركات
بنعمة ربنا
يسوع المسيح
ومحبته الحانية،
الذي له المجد
والقوة، الآن
وكل أوان، آمين[31].
v "الصانع
ملائكته
أروحًا،
وخدامه لهيب
نار" (مز 104: 4).
فبولس
يُقَدِّم لكم
المشهد عينه.
فهو كالروح
والنار، يطوف
الأرض كلها
ويُطَهِّرها،
حين لم يكن
بعد قد اقتنى
السماء، وفي
ذلك أعجب العجب،
من كونه وهو
لا يزال حيًا
في هذا العالم
ولابسًا
جسدًا
مائتًا، قد
ماثل القوات
المُجرَدة عن
الجسد[32].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v إله
الكل الذي خلق
ملائكته
(أرواحًا) هو
روح، "وخدامه
لهيب نار".
لهذا عند
الرحيل من مصر
أمر الجموع
عَدَم لمْس
الجبل حيث كان
الله يُسَلِّمهم
الناموس،
لأنهم لم
يكونوا قد اتسموا
بهذه السمة.
لكنه دعا موسى
الطوباوي
ليتسلمه، إذا
كان متقدًا
بالروح، وكان
ذا نعمة لا تُطفَأ،
قائلًا:
"يقترب موسى
وحده" (خر 24: 2).
وقد دخل
السحابة
أيضًا. وحينما
كان الجبل
يدخن لم ينله
أذى، بل
بالحري نزل
مُطهرًا من
خلال كلمات
الرب التي هي
"فضة مصفاة في
الأرض" (مز 12: 6)...
v عندما
رغب بولس
الطوباوي
ألاَّ تبرد
نعمة الروح
المعطاة لنا،
حذرنا قائلًا:
"لا تطفئوا
الروح" (1 تس 5: 19)،
حتى نبقى
شركاء مع
المسيح. ذلك
إن تمسكنا حتى
النهاية
بالروح الذي
أخذناه، إذ
قال: "لا تطفئوا..."
ليس من أجل أن
الروح موضوع
تحت سلطان الإنسان
أو أنه يحتمل
آلامًا منه،
بل لأن الإنسان
غير الشاكر
يرغب في إطفاء
الروح
علانية، ويصير
كالأشرار
الذين
يضايقون
الروح بأعمال غير
مقدسة...
فإذ
هم بلا فهم،
مخادعين، ومحبين
للخطية، وما
زالوا سائرين
في الظلام، فإنه
ليس لهم ذلك
النور الذي
يضيء لكل
إنسان آت إلى
العالم (يو 1: 9).
لقد
أَمسكت نار
كهذه بإرميا
النبي عندما
كانت الكلمة
فيه كنارٍ،
قائلًا إنه لا
يمكن أن يحتمل
هذه النار (إر 20:
9)...
وجاء
سيِّدنا يسوع
المسيح المحب
للإنسان لكي
يلقي بهذه
النار على
الأرض، قائلًا:
"ماذا أريد
لو اضطرمت؟"
(لو 12: 49).
لقد
رغب الرب – كما
شهد حزقيال
(حز 18: 23، 32) - توبة
الإنسان أكثر
من موته، حتى
ينتزع الشر عن
الإنسان
تمامًا،
عندئذ يمكن
للنفوس التي تَنَقَّتْ
أن تأتي بثمر.
فتثمر البذور
التي بذرها
(الرب) البعض
بثلاثين
والبعض بستين
والآخر بمائة.
وكمثال،
أولئك الذين
مع كليوباس
(لو 24: 32) مع أنهم
كانوا ضعفاء
في بداية
الأمر بسبب
نقص معلوماتهم،
لكنهم أصبحوا
بعد ذلك ملتهبين
بكلمات
المخلص،
وأظهروا ثمار
معرفته.
وبولس
الطوباوي
أيضًا عندما
أمسك بهذه النار
لم ينسبها إلى
دمٍ ولحمٍ،
ولكن كمُخْتَبرٍ
للنعمة أصبح
كارزًا
بالكلمة
(المسيح)[33].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
v في كهفٍ
حجريٍ في
القبر الجديد
الذي لنيقوديموس
وضعوا ابن هذه
الطوباوية.
وأيضا
هذه الطاهرة
أم ابن الله
وضعوها في قبر
في كهفٍ من
الحجر.
كل جموع
الرسل
اجتمعوا،
ووقفوا
بجوارها بينما
في الواقع سيدهم
هو الذي وضعها
معهم في
القبر.
طغمات
وأفواج وفرق
من أبناء
النور وحشد من
الكائنات
الملتهبة
نارًا (مز 104: 4)،
السيرافيم
الناريون
بأجنحتهم
المغطاة
باللهيب،
الكاروبيم
الذين يحملون
العرش تحركوا
جميعًا
ليُسَبِّحوا
أوصنا.
أتباع
جبرائيل، الجمع
المتوهج
نارًا يتحركون
بطرق متنوعة
بطبيعتهم.
أتباع
ميخائيل
الذين ينزلون
باحتفالٍ
وبفرحٍ
ويسبحون
"هليلويا" من
أجل هذا
اليوم.
امتلأت
السماء
والهواء من
تسبيح
السماويين الذين
أتوا ونزلوا
إلى موضع
الأرض.
امتلأ
الجو برائحة
بخور عطرة
وطاهرة من
مباخر
الملائكة
الذين نزلوا.
القديس
مار يعقوب
السروجي
v لم
تكن الوصية
لمجرد أن يعيش
الإنسان تلك
الحياة
الطبيعية
التي قدَّمها
له الله، بل
لكي يحيا
الفضيلة، أي
في علاقة مع
الله ووصيته.
لذلك
فقد وهبه أن
يعيش عندما
شكَّله في نفس
حية؛ وأوصاه
أن يعيش في
حياة الفضيلة
عندما أمره
بطاعة الوصية.
هكذا
يظهر أن الله
لم يخلق
الإنسان لكي
يموت... إنما
الإنسان هو
الذي جبل
الموت لنفسه،
ليس عن ضعفٍ
أو جهلٍ
لئلاَّ يُلام
الخالق.
فالذي
خدع الإنسان
كان من قَبل
ملاكًا، ولكن الإنسان
- ضحية تلك
الغواية - كان
حُرًًا، له السيادة
على نفسه،
بكونه على
صورة الله
ومثاله، فكان
أقوى بكثير من
أي ملاك، كذلك
بكونه نفخة
من فم الله
كان أعظم من
الكيان الروحي
الذي
للملائكة، إذ
يقول: "الصانع
ملائكته
رياحًا
(أرواحًا)،
وخدامه نارًا
ملتهبة" (مز 104: 4).
فلو
كان الإنسان
أضعف من
الملائكة في
السلطان وأقل
منهم، ما كان
قد جعل كل
شيءٍ خاضعًا
له، الأمر
الذي لم يعطهِ
للملائكة. وما
كان يضع عليه
عبء الوصية،
لو لم يكن
الإنسان
قادرًا على
احتمالها
بدرجة عظيمة،
وما كان يهدد
بعقوبة الموت
لمخلوقٍ يعرف
الله أن لا
ذنب له بسبب
عجزه.
بالاختصار،
لو أن الله
خلقه ضعيفًا
ما كان قد أعطاه
حريةً
واستقلالًا
لإرادته، بل
بالأحرى كان
قد نزع عنه
حقل هذه
المواهب.
العلامة
ترتليان
الْمُؤَسِّسُ
الأَرْضَ
عَلَى
قَوَاعِدِهَا،
فَلاَ
تَتَزَعْزَعُ
إِلَى
الدَّهْرِ
وَالأَبَدِ [5].
يقف
العلماء في
دهشة بخصوص
الأرض، من جهة
تحرُّكها
المستمر، وفي
نفس الوقت
يشعر الساكنون
عليها أنها ثابتة
ومستقرة،
وأيضًا من جهة
الجاذبية
الأرضية. الله
خالق الأرض
وهبها قوانين
طبيعية لراحة
الإنسان
وخدمته.
إن كان
الإنسان
الأول قد
خُلِقَ من
التراب (الأرض)،
فإن الخالق
يهتم أن
يكرَّمه
ويسنده حتى لا
يتزعزع.
v ما
هو أساس
الكنيسة إلا
ذاك الذي يقول
عنه الرسول: "لا
يستطيع أحد أن
يضع أساسًا
آخر غير الذي
وُضع الذي هو
يسوع المسيح"
(1 كو 3: 11)... لقد
أسَّس الكنيسة
على المسيح
الأساس.
تتزعزع
الكنيسة إن
تزعزع الأساس[34].
القديس
أغسطينوس
v بالحقيقة
إنه لأمر عجيب
كيف ثِقَل
الأرض العظيم
يستقر على
قوة، فلا
تتزعزع إلى
الأبد. خلال
عناية الله
تبقى غير
مضطربة[35].
القديس
جيروم
v يقول
النبي عن
الإنسان أنه
أرض، لأنه قد
أسسه على
اشتياق
الإيمان، ولن
يزول إلى دهر
الدهور، أي
إلى الدهر
العتيد.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
كَسَوْتَهَا
الْغَمْرَ
كَثَوْبٍ.
فَوْقَ
الْجِبَالِ
تَقِفُ
الْمِيَاهُ [6].
يرى
البعض أن
الحديث هنا
يخص الطوفان
الذي حلّ
بالأرض في
أيام نوح، كما
ورد في سفر
التكوين 7: 18-19.
ويرى آخرون
أنه يخص ما
حلّ بالأرض
أثناء الخليقة
(تك 1: 9).
إن
كانت البحار
(المحيطات)
عميقة
للغاية، وتمثل
رعبًا
للإنسان
الساكن على
اليابسة،
لكنها تسكب
على الأرض
نوعًا من
الجمال كثوبٍ
يزينها
ويفيدها.
يرى القديس
أغسطينوس أن
الكنيسة تغمر
بطوفان
الاضطهادات
في كل
المسكونة حتى
أن الجبال
العالية أو
القادة
يختفون.
v هذه
العبارة تعني
تدبير الله
غير الموصوف
مع العجز عن
إدراك حكمته
غير
المُدْرَكة.
فكما أن
عيوننا هذه
تعجز عن النظر
إلى العمق
(الغمر) الذي
لا يُسبَر
غوره، هكذا لا
يمكننا أيضًا
أن نتأمل في
جلال الله
وحكمته...
بحسب
النص العبري،
يلزمنا أن
نفهم "الثوب"
أنه ثوب
الأرض، فيكون
المعنى أن
الغمر (العمق)
يدعونه
محيطًا يحيط
بالأرض كلها،
بمعنى أن المياه
تحول كل
الأرض، وأن
الأرض تشبه
جزيرة...
"فوق
الجبال تقف
المياه". من
الجانب
الرمزي فإن
المياه تشير
إلى التعاليم
والجبال إلى
القديسين[36].
القديس
جيروم
v جاء في
ترجمة أكيلا
وثاودونيون:
"جعلت رداءها
لجة (غمرًا).
فيكون معناه
أن مياهًا
كثيرة اكتنفت
الأرض من
جوانبها
كثوبٍ تغطيها.
ومن شدة هبوب
العواطف
ترتفع أمواج
البحار،
وتكبر مثل
الجبال،
لكنها لا تفوق
الأرض لأن
أمرك يا رب
مثل انتهار
وكصوت الرعد
يخيفها
ويردها.
الأب أنسيمُس
الأورشليمي
مِنِ
انْتِهَارِكَ
تَهْرُبُ،
مِنْ
صَوْتِ
رَعْدِكَ
تَفِرُّ [7].
يكشف
المرتل عن
سلطان الله،
فإن كان قد
خلق المحيطات
لخدمة
الساكنين على
الأرض،
وتُمَثِّل
زينة جميلة
لليابسة، إلا
أنها مع
أعماقها واتساعها
تهرب من
انتهار الرب
لها. يقول
الإنجيلي: "فخافوا
خوفًا
عظيمًا،
وقالوا بعضهم
لبعض: من هو
هذا، فإن
الريح أيضًا
والبحر
يطيعانه" (مر 4: 41).
إن كان
الله يسمح
بالضيقات على
الكنيسة حتى تغطي
الجبال، فإنه
إذ ينتهر مياه
هذا الطوفان تتراجع
إلى الوراء،
ولا تعود تضغط
على الجبال،
أو
تُغَطِّيها.
كمثال بطرس
وبولس
العملاقيْن
قد غطاهما
الطوفان إلى
حين لكنهما
الآن
مُكَرَّمان
من الأباطرة.
v الرعد
هو صوت الرب،
فهو أعطى
أمرًا،
والمياه أطاعته
وانسحبتْ إلى
موضوع واحد
(تك 1: 9-10)[37].
القديس جيروم
تَصْعَدُ
إِلَى
الْجِبَالِ.
تَنْزِلُ
إِلَى
الْبِقَاعِ،
إِلَى
الْمَوْضِعِ
الَّذِي
أَسَّسْتَهُ
لَهَا [8].
يظن
البعض أن الحديث
هنا عن الجبال
التي تصعد فوق
سطح البحر، والوديان
التي تنزل
أحيانًا تحت
سطح البحر، لكن
من الواضح أن
الحديث هنا
خاص بالمياه.
نراها تصعد
إلى الجبال،
حيث تكتسي بعض
الجبال بالثلوج
التي تذوب في
بعض البلاد،
وتتحول إلى بحيرات
عند قمم
الجبال كما في
كاليفورنيا "big Bear"، وتنحدر
أحيانًا من
الجبال كما في
الشلالات مثل
نياجرا فول
بكندا.
يرى القديس
أغسطينوس أن
الحديث هنا عن
المياه، فإن
الأمواج تثور
وترتفع كما
إلى الجبال ثم
تهبط كما إلى
الوديان. هكذا
مياه
الاضطهادات
ترتفع لكي
تغطي الجبال
مثل الرسل
والخدام
لكنها تعود فتهبط
هذه الموجات
من الضيق.
v "تصعد
إلى الجبال،
تنزل إلى
البقاع
(الوديان)"؛
إشارة إلى قوة
المياه،
فإنها ترتفع
إلى العُلا
كما إلى
الجبال ثم
تغطس إلى أسفل
إلى الوديان[38].
القديس
جيروم
وَضَعْتَ
لَهَا
تُخُمًا لاَ
تَتَعَدَّاهُ.
لاَ
تَرْجِعُ
لِتُغَطِّيَ
الأَرْضَ [9].
عندما
يقف الإنسان
أمام هياج
أمواج البحار
والمحيطات
يبدو له أنه
ليس من قوة
تقف أمام هذا
الهياج. لكن
الله قد وضع
لها حدًا،
والعجيب أن
هذا الحد
يُحَقِّقه
بالرمل الذي
يبدو تافهًا
ولا قدرة له
على المقاومة.
لن
تتعدى
الأمواج
حدودها بدون
سماح خالقها.
إن كان
الله يسمح
بالضيقات
والاضطهادات
أن تثور لتصير
الأمواج
الهائجة
والمرتفعة
كالجبال،
فيبدو كأنه لا
يستطيع أحد أن
يقف أمامها،
غير أنه يلزمنا
ألا نخاف، فإن
الله يصنع لها
حدودًا لا تتعداها،
فتصير كأمواج
البحار التي
لا تُغَطِّي
الأرض.
v "وضعت
لها تخمًا لا
تتعداه". هذا
يسبب
بالحقيقة
دهشة، أن تسمع
هدير البحر وثورته
الهائجة
واندفاع
الأمواج إلى
أعلى كما إلى السماء،
وتراها
مندفعة كما لو
كانت ستغرق العالم
كله، وبكل
قوتها تندفع
نحو الشاطئ،
وبعد ذلك
تنسحب وتقف
عند الحدود
التي عينها
لها الله، أما
الناس فلا
يحفظون أوامر
الله[39].
القديس
جيروم
2. العناية
الإلهية
في
القسم السابق
[1-9] تغنى المرتل
بالخلقة التي تشهد
لمجد الله
وعظمته حيث
نرى خلالها
الله اللابس
النور،
والمقيم
السماوات
كخيمة،
والسحاب
كسقفٍ من
الماء في
العلية،
يمتطي السحاب
كمركبة إلهية،
صوته يرهب
المياه،
فتلتزم
الحدود التي وضعها
الله لها. أما
في هذا القسم،
فيكشف عن عناية
الخالق
الفائقة.
فالخليقة
مدينة له، ليس
فقط بوجودها
ذاته، وإنما
باستمرار
وجودها الدائم.
يُفَجِّر
عيون مياه في
وفرة،
مُقَدِّمًا
إياها مجانًا
لحيوانات
البرية.
يُلَبِّي احتياجات
خليقته
مجانًا في
مُنْتهَى
العطف! فالطيور
بما وُهِبَتْ
من حدْسٍ فطري
تبني أعشاشها
في آماكن
آمنة،
وحيوانات
البرية تجد أوجرة
تعيش فيها.
"للثعالب
أوجرة،
ولطيور
السماء أوكار،
أما ابن
الإنسان فليس
له أين يسند
رأسه". يا
للعجب، يطلب
راحة
الحيوانات
والإنسان وإشباع
احتياجاتهم
بينما يختار
لنفسه الفقر والعوز
من أجل حبه
لخليقته!
يُحَدِّثنا
المرتل عن
الماء
المجاني [10]
والخبز [14]
والخمر الذي
يُفَرِّح قلب
الإنسان [15]
والزيت،
والسكن المجاني
حتى للعصافير
[17] والوعول [18]
الخ. هذه جميعها
تحمل رمزًا
لعطايا الله
الفائقة
للإنسان.
يُقَدِّم
روحه القدوس
ماءً
مجانيًا، وجسده
المبذول ودمه
المسفوك
خبزًا،
وخمرًا ليُشبع
ويُروي
ويُفَرِّح
قلب الإنسان.
يهب زيت
نعمته،
ويُقَدِّم
الأحضان
الإلهية مسكنًا
لمؤمنيه!
اَلْمُفَجِّرُ
عُيُونًا فِي
الأَوْدِيَةِ.
بَيْنَ
الْجِبَالِ
تَجْرِي [10].
يهتم
الله حتى
بحيوانات
البرية،
فيُفَجِّر عيونًا
في الأودية
كما في
الجبال.
في
مناطق كثيرة
في العالم
ينعم الإنسان
برؤية حركة
المياه وسط
الجبال، حتى
يدعوها البعض
بالمياه المتهللة
أو الضاحكة أو
الراقصة،
وكأنها تجرى وسط
الجبال
تُسَبِّح
الله
وتُرَنِّم له
بأصواتها
العذبة غير
المُتوقِفة
ليلًا
ونهارًا.
v ربما
يقول أحد: إن
كان كل شيء
صُنِعَ لخدمة
البشرية، فما
المنفعة من
وجود ماء يفيض
في البرية؟
هذا أيضًا قد
وُضِعَ
بتدبير لأجل
نفعنا ولكي
يمد
الحيوانات
بما ينعشهم،
وذلك لخدمتنا
أو يمكننا
القول: الله
الذي خلق كل
شيء بعنايته،
فكل الخليقة
هي خليقته،
يهتم بأن يمد
الحيوانات
غير العاقلة
باحتياجاتها[40].
القديس
جيروم
تَسْقِي
كُلَّ
حَيَوَانِ
الْبَرِّ.
تَكْسِرُ
الْفِرَاءُ
ظَمَأَهَا [11].
في وسط
المناطق
القفر نجد
ينابيع تفيض
ماءً عذبًا
كما في دير
القديس أنبا
انطونيوس
وأيضًا دير
أنبا صموئيل
المعترف، وفي
مناطق لا
يقطنها
إنسانٍ، كأن
الله يُعْلِن
لنا أنه يهتم
حتى بحيوانات البرية
حتى تجد ماءً
لتشرب في وسط
الصحراء. كثيرٌ
من هذه
الينابيع لم
يكتشفها
الإنسان على
زمن طويل،
بينما
اكتشفتها
الحيوانات
غير العاقلة،
وعرفتْ
الطريق إليها.
إن كان
الله يهتم أن
يُقَدِّم
ماءً
لحيوانات البرية،
فكم بالأكثر
يهتم بتقديم
مياه الروح
للبشرية.
يرى القديس
أغسطينوس في
حيوانات
البرية رمزًا
للأمم الذين
لم يتركهم بل
قدَّم لهم
كلمة الخلاص
ليتمتعوا
بالإيمان.
فَوْقَهَا
طُيُورُ
السَّمَاءِ
تَسْكُنُ.
مِنْ
بَيْنِ
الأَغْصَانِ
تُسَمِّعُ
صَوْتًا [12].
إذ
تسكن الطيور
بين أغصان
الأشجار تشعر
كما تحت حماية
خالقها،
فتُقَدِّم له
صوت التسبيح. وكأن
الخليقة غير
العاقلة، حتى
الطيور التي ليس
لها بيوت ولا
كهوف صلدة
تشكر
وتُسَبِّح،
كم بالأكثر
يليق بنا نحن
البشر أن
نسبحه ونمجده.
يرى القديس
أغسطينوس في
طيور السماء
النفوس
الروحية التي
تجد مسكنها
وراحتها فوق
الجبال، أي
خلال
الأنبياء والرسل
والكارزين
بكلمة الحق.
v كل
منها
يُسَبِّح
الله
بأغنيتها
التي لها[41].
القديس
جيروم
يُبْدِع
المرتل في
تصوُّره
للخليقة غير
العاقلة وهي
تُسَبِّح
الله، كل حسب
لغته وأسلوبه.
فإن كان الله
قد خلق
للإنسان فمًا
ليسبحه ويعَّبر
به عن بهجة
قلبه بالخالق
المُعْتَنِي
به، كثيرًا ما
يقف ليمارس
دور الجاحد
المتذمر على
خالقه، غير أن
الأرض
الجامدة
ترتدي المحيطات
كثوب يكسوها
بالجمال
فتُمَجِّد خالقها.
وتحرُّكات
المياه على
الجبال وبين
الجبال وفي
الأودية تشبه
رقصات متهللة
وتسابيح للخالق.
وحيوانات
البرية تتعرف
على ينابيع
المياه
الخفية وسط
الصحراء،
والطيور التي
ليس لها مخازن
تُغَنِّي على
أغصان
الأشجار. توجد
طيور يحلو لها
أن تُغَنِّي
بصوتٍ عذب في
منتصف الليل،
وسط الظلمة.
السَّاقِي
الْجِبَالَ
مِنْ
عَلاَلِيهِ.
مِنْ
ثَمَرِ
أَعْمَالِكَ
تَشْبَعُ
الأَرْضُ [13].
يستخدم
كل وسيلة
ليروي ظمأ حتى
حيوانات البرية،
تارة خلال
العيون التي
يُفَجِّرها
وسط البرية،
أو الأمطار
التي تسقط على
الجبال، فتصير
مجاري مياه
تشرب منها الحيوانات.
يهتم
الله بالجبال
فيكسوها
بالجمال،
تارة بالثلوج
التي تغطيها
قممها، وأخرى
بالغابات أو
العشب، وحتى
وهي قاحلة.
كما يهتم
بالأرض لخدمة
الإنسان
والحيوانات
والطيور.
إن
كانت الجبال
كما رأينا
ترمز
للأنبياء والرسل
والكارزين،
وأن الله من
الأعالي
يُقَدِّم لهم
مياه الكلمة
لكي يرويهم،
وهم بدورهم
يقدمونها
للأرض، أي
للبشرية، فإن
الثمر لا من
عمل الكارزين
أنفسهم، بل هو
من عمل الله
نفسه. "من ثمر
أعمالك تشبع
الأرض".
يرى القديس
جيروم أن
أعمال الله
هنا التي
تُشْبِع
الأرض هي الرسل
الذين
يُشبعون
البشر بكلمة
الكرازة.
الْمُنْبِتُ
عُشْبًا
لِلْبَهَائِمِ،
وَخُضْرَةً
لِخِدْمَةِ
الإِنْسَانِ،
لإِخْرَاجِ
خُبْزٍ مِنَ
الأَرْض [14].
حيث
لا يُوجَد بشر
يقومون
بالزراعة
يسمح الله
بظهور العشب
ليعول
الحيوانات،
وإن وُجِد البشر،
فإنهم يقومون
بالزراعة
"الخضرة"، لكن
حتى هذه
المزروعات
تتدخل فيها
عناية الله
ورعايته.
ولعله يقصد أن
الله يسمح
بالعشب ليعول
الحيوانات،
ويُعطي
الإمكانية
للبشر
للزراعة لكي
يجد الإنسان
قوته من حنطة
وخضروات
وفواكه الخ.
حمل
الرسل وهم بعد
في الجسد
السيد
المسيح، الخبز
النازل من
السماء، كقول
الرسول بولس:
"لنا كنز في
أوانٍ خزفية".
عملهم أن
يُقَدِّموا
هذا الخبز لمن
يكرزون لهم،
لكي يتمتعوا
به.
v "لإخراج
خبز من الأرض".
يشير هذا إلى
الرب الذي
دبَّر أن يصير
إنسانًا، كما
هو مكتوب: أنا
هو الخبز
النازل من السماء"
(يو 6: 41)[42].
القديس
جيروم
v لم
يعطهم الخبز
المادي
الأرضي، بل
الخبز الذي من
فوق من السماء[43].
v تقتات
النفس
العاقلة على الطعام
الروحي بكلمة
الله
(اللوغوس)،
لأن الطعام
الذي تعطيه
الأرض لا
يُغَذِّي
الروح[44].
القديس
كيرلس الكبير
v قَوِّ
قلبك، اشتركْ
في ذلك الخبز
كشيءٍ روحيٍ،
وليكن لنفسك
وجه مبتهج[45].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
ِوَخَمْرٍ
تُفَرِّحُ
قَلْبَ
الإِنْسَانِ،
لإِلْمَاعِ
وَجْهِهِ
أَكْثَرَ
مِنَ الزَّيْتِ،
وَخُبْزٍ
يُسْنِدُ
قَلْبَ
الإِنْسَان [15].
العنب
من الثمار
التي وردت
كثيرًا في
الكتاب المقدس.
عندما أراد
يشوع بن نون
وكالب أن
يُبْرِزا
للشعب خصوبة
أحضرا لهم
زرجونة
بعنقود واحد
من العنب (عد 13: 23).
كان
استخدام
الزيت أساسًا
في المسحة
للتكريس
والفرح بالله
(خر 30: 22-25). وكان
عادةً يُدهَن
الضيوف
القادمون
لمناسبة
اجتماعية على
جباههم بالزيت
علامة البهجة.
والمزمور كله
أحد التسابيح
المُفْرِحة
لصلاح الله
وحنانه
وسخائه
العجيب على
خليقته.
كلما
تطلع المؤمن
إلى الله واهب
النور ومُعطي
الخيرات
والمُشرِق
بمجده على
خليقته يصير
هذا زيتًا
ومسحة، تهب
وجهه
لمعانًا،
ويشع فرح خلاص
الله على
أعماقه.
يرى العلامة
أوريجينوس
أن الخمر هنا
تشير إلى نعمة
التعليم التي
تُفَرِّح قلب
الإنسان،
بينما تشير
كروم الأمم
وخمرهم (مز 105: 33)
إلى التعاليم
السامة
الغريبة عن
الإيمان
بالله.
ما
هو هذا الخبز
الذي يسند قلب
الإنسان،
والخمر الذي
يفَّرح قلبه
لإلماع وجهه،
إلا السيد المسيح
القائل "أنا
هو الخبز
النازل من
السماء"،
وأيضًا: "أنا
هو الكرمة
الحقيقية" (يو
15: 1). إنه المأكل
الحق والمشرب
الحق؛ من
يتمتع بجسده
ودمه، يمتلئ
بالقوة الإلهية،
وتفرح
أعماقه،
ويشرق نور شمس
البرّ عليه.
يرى القديس
مار افرام
السرياني
الخبز الذي
يسند قلب
الإنسان هو
حفظ الوصايا.
والخمر الذي
يُفرح قلبه هو
من يلتمس
الغفران، والزيت
هو التوبة
التي تنقي
النفس، وتسكب
عليها جمالًا
وتؤهلها
للتناول من
جسد الرب ودمه[46].
يرى
القديس
غريغوريوس
النزينزي أن
الخمر الذي
يفرح قلب
الإنسان هو
التعليم الصحيح،
الذي يَلزم
ألا يكون
مغشوشًا
بخلطه بالماء
(إش 1: 22)، أي
التعاليم
الخاطئة[47].
v "وخمر
تفرح قلب
الإنسان".
هذا هو الخمر
الذي وعد به
الرب أنه لا
يشرب منه إلا
بعد القيامة
(مت 25: 29؛ مر 14: 22-25؛ لو
22: 18-20).
"لإلماع
وجهه أكثر من
الزيت". وجه
الله يجعل
الأبرار
يشعون فرحًا.
لكنه ليس
دهنًا لرأس
الخطاة (مز 140: 5).
"وخبز
يسند قلب
الإنسان"،
الخبز الذي
نزل من السماء[48].
القديس
جيروم
v دعا (ربنا)
ذاته حبة
حنطة، فإذًا
تعليمه
يُشَدِّد
قلوبنا
ويفرحها مثل الخبز
والخمر،
ويُبهج وجوه
نفوسنا مثل
الزيت. وأيضًا
نفهم أن جسده
القدوس هو خبز
وخمر، الذي
خرج من الأرض
الطاهرة
البتول، ودمه
الكريم. فهما
يشددان القلب
ويفرحانه.
وأما الزيت فهو
مواهب الروح
القدس.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v لا
يمكن للأنفس
أن تحيا إلاَّ
إذا كانت تولد
ثانية في أرض
الأحياء
(بالمعموديَّة)،
وتتربِّى
فيها بالروح،
وتنمو قدَّام
الرب نموًا روحيًا
(بالتوبة
والاعتراف)،
وتكتسي من
اللاهوت بحلل
الجمال
السماوي التي
تفوق الوصف
كلُّه، وبدون
تلك القوَّة
لا تستطيع أن
تعيش
متعزِّية
مكتفية. لأن
الطبيعة
الإلهيَّة فيها
خبز الحياة
حقًا، هذا
الذي قال: "أنا
خبز الحياة"
(يو ٦: ٣٥) وماء
الحياة (يو ٤: ١٠)،
والخمر الذي
يفرح قلب
الإنسان (مز ١٠4:
1٥)، ودهن
البهجة (مز ٤٥: ٤).
وجميع أصناف
طعام الروح
السماوي،
وحلل النور
السمائيَّة
التي من الله.
بهذه تعيش
النفس... وويل
للجسد الذي
يقف عند قاع
طبيعته،
فإنَّه يفسد
ويموت. وويل
للنفس التي
اِستندت على
قوَّة
طبيعتها، ولم
تتَّكل إلاَّ
على أعمالها،
بحيث لا تكون
لها شركة
الروح الإلهي
(١ يو ١: ٢)،
فإنَّها تفسد
وتموت حقًا
بعدم
تأهُّلها لحياة
اللاهوت الأبديَّة
(يو ١٧: ٣).
"القديس
مقاريوس
الكبير"
v البيت
الذي تسكن فيه
الكنيسة هو
كتابات الآباء
والناموس
والأنبياء.
لأن هناك توجد
غرفة الملك
المملوءة بكل
غِنَى الحكمة
والمعرفة. هناك
أيضًا بيت
الخمر،
التعليم،
سواء السري أو
الأخلاقي،
هذا الذي يفرح
قلب الإنسان[49].
العلامة
أوريجينوس
v الكنيسة
وهي حاملة نعمة
عظيمة بهذا
المقدار تخص
أولادها
وأصدقاءها أن
يقبلوا إلى
الأسرار
قائلة: "كلوا
يا أصحابي
واشربوا
واسكروا يا
إخوتي" (1 بط 1: 2). إن
ما نأكله وما
نشربه قد
أوضحه الروح القدس
في موضوع آخر
بواسطة النبي
القائل: "ذوقوا
وانظروا ما
أطيب الرب،
طوبى للرجل
الذي يضع رجاءه
فيه" (مز 34: 9). وفي
هذا السرّ
يوجد المسيح،
لأنه جسد
المسيح، لذلك
فهو ليس
طعامًا
جسديًا بل روحيًا.
لذلك يقول
الرسول عن
مثال هذا
الطعام:
"آباؤنا
أكلوا طعامًا
روحيًا
وشربوا شرابًا
روحيًا" (1 كو 10:
3)، لأن جسد
الله جسد
روحي، جسد المسيح
هو جسد الروح
الإلهي، لأن
الروح هو
المسيح كما
نقرأ: "الروح
الذي أمامنا
هو مسيح الرب"
(مرا 4: 20). وفي
رسالة بطرس نقرأ:
"المسيح مات
عنَّا"،
وأخيرًا فهذا
الطعام يشدد
قلوبنا، وهذا
الشراب "يفرح
قلب الإنسان"
(مز 104: 15)، كما
يسجل النبي.
القدِّيس
أمبروسيوس
v
وهذا
أيضًا هو المعنى
المقصود من
الكرمة
المُزدَهِرة،
التي يُفرِح
خمرها القلب
(مز 104: 15)، وفي يوم
من الأيام يملأ
كوب الحكمة.
وسوف
يُقَدَّم
مجانًا
لهؤلاء الذين
يشربون من
المواعظ
العالية،
ويستمتعون
بها، وكأنهم
سكارى منتشين
بوعيّ جميل.
وأعني به
الغيبة التي
يمر بها الشخص
بثباتٍ من
دائرة
الماديات إلى
الروحانية
المقدسة. والآن
تزهر الكرمة
بواسطة
براعمها،
ويخرج منها
عبير عطر حلو
ناعم يملأ
الجو ويحيط
بنا.
وأنت
تعرف هذه
الرائحة
الزكية من
القديس بولس (2
كو 2: 16)، وتعرف
كيف تنطبق على
كل الذين
يُخَلَّصون.
يوضح
كلمة الله هذه
الأشياء للعروس
كتذكار لأيام
الربيع
الجميلة
للنفس. ثم يحثها
على التمتع
بما يوجد
أمامها،
ويشجعها قائلًا:
"التينة
أخرجت
فجَّها،
وقُعال الكروم
تُفيح
رائحتها. قومي
يا حبيبتي يا
جميلتي وتعالي"[50].
v
عندما
وصفت ارتقاء
العروس في
العظات
السابقة،
ذكرت أنها
نالت النعمة.
لقد تعرفت على
التفاحة ذات
المذاق
الحلو،
وفرَّقت بينها
وبين الوعل
غير المثمرة.
لقد اشتاقت
إلى ظل
عريسها،
واستمتعت
بمذاق فاكهته
الحلوة، ودخلت
إلى الحجرات
الداخلية
للفرح.
ولقَّبت هذا
الفرح
"بالخمر"
الذي يُفرِّح
قلوب من يشربونه
(مز 104: 15). وبعد ما
ثبتت العروس
في الحب زادت
قوته بدعم
الروائح
الزكية من
التفاح الذي
كان يظللها،
ثم استقبلت
سهم الحب في
قلبها وتلا
ذلك أيادي
مُصَوِّب
السهم،
وأباحت هي
نفسها سهما
مُصَوَّبًا
إلى معرفة
الحق بواسطة
الأيادي
القوية
لمُصَوِّب
السهم (مز 127: 4)...
لا
تربكوا
أنفسكم هكذا
كثيرًا
بالخبز. لكن
قولوا لذاك
الذي يُخرج
الخبز من
الأرض، والذي
يطعم الغربان
(مز 147: 9)، ويُعطي
طعامًا لكل ذي
جسدٍ (مز 136: 25)،
ويفتح يده
فُيشبع كل حي
بكل بركة (مز 145: 16):
حياتي هي منك،
ومنك أيضًا
أنال كل احتياجات
الحياة[51].
القديس
غريغوريوس
النيسي
v يكفى
الحب ليقتات
به الإنسان
عوض الطعام
والشراب. هذا
هو الخمر الذي
يبهج قلب
الإنسان[52].
القديس
مار اسحق
السرياني
v إن لم
تولد النفس
الآن في "أرض
الأحياء" (مز
13:27)، وتستمد
غذاءً روحيًا
منها، وتنمو
أمام الرب،
وتكتسي من
اللاهوت بحلل
الجمال
السماوي التي
تفوق الوصف،
فإنها بدون
هذا القوت لن
تقدر أن تحيا
بذاتها في
فرحٍ وراحةٍ.
تحوي
الطبيعة
الإلهية خبز
الحياة الذي
قال: "أنا هو
خبز الحياة"
(يو 35:6)، و"الماء
الحيّ" (يو 10:4)،
و"الخمر الذي
يفرح قلب
الإنسان" (مز
15:104)، و"زيت
الابتهاج" (مز
7:45)، وجميع
أصناف طعام
الروح السماوي
المختلفة،
ولباس النور
السماوي الذي من
عند الله[53].
القديس
مقاريوس
الكبير
v "صارت
لي دموعي خبزًا
نهارًا
وليلًا، إذ
قيل لي كلَ
يوم: أين إلهك؟"
(مز 42 :3)، وبحق دُعيتْ
الدموعُ هنا
خبزًا، حيثُ
الجوع إلى
البرّ. "طوبى
للجياع
والعطاش إلى
البرّ، لأنهم
يُشبعون" (مت 5
:6)، لهذا توجد دموع
بمثابة خبزٍ،
تقَّوي وتسند
قلبَ الإنسان
(قابل مز 104 :15)،
ومقولة الجامعة
المأثورة
تناسب
المقامَ هنا
أيضًا "الِق
خبزك على وجه
المياه" (جا 11 :1 LXX)، لأن
خبزَ السماء
هناك، حيث
مياه النعمة.
حقا إن أولئك
الذين تتدفق
من بطونهم
أنهار ماء
حَّية (قابل
يو 7: 38؛ 4 :10)، سوف
ينالون عون
الكلمة (الإلهي)
وتعضيده،
وقوتًا من
نوعٍ سري (باطني).
أيضا هناك هذا
الخبز الحي،
(قابل يو 6 :51)، حيث
هنا مياه
الدموع
والبكاء،
بكاء التوبة.
لأنه لهذا
كُتب:
"بالبكاء
يأتون،
وبالعزاء أعيدهم"
(إر 31 : 9LXX ).
لهذا طوباهم
الذين خبزهم
الدموع؛
لأنهم
يستحقون أن
يضحكوا؛ لأنه
"طوبى للباكين"
(لو 6 :21)[54].
v لنتعلم
أي طعام
وإنتاج
يُقَدِّمه
الله وليمة
لمن يجد فيهم
مسرته. إنه
يجد مسرته في
هذا: إن كان
أحد يموت عن
خطيته، ويمحو
معصيته،
ويُحَطِّم آثامه
ويدفنها.
فالمُرّ يمثل
دفن الموتى
(نش 5: 5)، لكن
الخطايا هي
موتى، إذ لا
تقدر أن تحوي
عذوبة الحياة.
علاوة على
هذا، فإن
جراحات
الخطاة تُرَطَّب
بدهن الكتاب
المقدس، والطعام
الأقوى الذي
للكلمة هو
الخبز (مز 104: 15)،
وهو يُغمَس
بكلمة الله
العذبة مثل
العسل[55].
القديس
أمبروسيوس
v يخبرك
أحكم رجل، أي
سليمان،
قائلًا:
"أعطوا مسكرًا
لهالكٍ
وخمرًا لمرّي
النفس، يشرب
وينسى فقرهُ
ولا يذكر
تعبهُ بعدُ"
(أم 6:31-7). بمعنى أن
أولئك الذين
قد صاروا في
ضيق الحزن
والأسى بسبب
أعمالهم الماضية،
أسندهم
بأفراح
المعرفة
الروحية بوفرة
وذلك مثل
"خمرٍ تفرّح
قلب الإنسان
لإلماع وجههِ
أكثر من
الزيت، وخبز
يسند قلب
الإنسان" (مز
15:104). هؤلاء
أصلحهم
بالشرب القوي
لكلمة
الخلاص، لئلا
يغرقوا في
الحزن
المستمر،
ويسقطوا في اليأس
الذي للموت،
لئلا يبتلعوا
من الحزن
المفرط (2 كو 7:2).
أما الذين لا
يزالون في
برود واستهتار،
غير مضروبين
بالحزن
القلبي، هؤلاء
نقرأ عنهم
"كلام
الشفتين إنما
هو إلى الفقر"
(أم 23:14)[56].
الأب
نسطور
v إنني
أقول أن هذا
هو الناموس
المنغرس في
أعضاء البشر
جميعًا الذي
يحارب ناموس
أذهاننا ويعوقها
عن رؤية الله. إذ
بعدما
لُعِنَتْ
الأرض
بأعمالنا بعد
معرفتنا
للخير والشر،
صارت تنبت حسك
الأفكار
وأشواكها
التي تخنق
بذور الفضائل
الطبيعية،
حتى أنه بغير
عرق جبيننا لا
نستطيع أن نأكل
خبزنا
"النازل من
السماء" (يو 33:6)،
والذي "يسند
قلب الإنسان"
(مز 15:104). لذلك فإن
البشر عامة،
بغير
استثناء،
خاضعون لهذا
الناموس[57].
الأب
ثيوناس
v إذ
قد تعلَّمنا
هذه الأشياء،
وتأكدنا
تمامًا أن ما
يبدو خبزًا
ليس خبزًا،
ولو أنه مُساغ
في الطعام
لكنه جسد المسيح.
وأن ما يبدو
خمرًا ليس
خمرًا ولو أن
مذاقه كذلك
لكنه دم
المسيح. وعن
هذا ترنم داود
البار قديمًا
"لإخراج خبز
تفرح قلب
الإنسان لإلماع
وجه أكثر من
الزيت" (مز 104: 15).
"قوِّ
قلبك
باشتراكك
روحيًا،
واجعل وجه
نفسك يلمع"،
ومع جعل وجهك
مكشوفًا
بضميرٍ طاهرٍ
تعكس كمرآة
مجد الرب،
وتنتقل من
مجدٍ إلى مجدٍ
في المسيح
يسوع ربنا،
الذي له المجد
والكرامة والقوة
من الآن وإلى
دهر الدهور.
آمين[58].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
v لم يخلق
الله الخمر
إلا ليفرح قلب
الإنسان كما
قال النبي،
أما السكيرون
فيضيعون
بهجته.
v يحدث
السُكر
بالتأكيد ليس
من الخمر بل
من الإفراط
فيه. لقد وُهب
الخمر لنا لا
يغرض سواء الصحة
الجسدية، لكن
هذا الهدف
أيضًا يُعاق
بالاستخدام
المفرط[59].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v بعد أن
انتهت وجبة
الفصح
الرمزي،
وأَكَلَ لحم
الفصح مع
تلاميذه، أخذ
الخبز الذي
يقوي القلوب
البشرية (مز 104:
15)، وانتقل إلى
السرّ
الحقيقي
للفصح. بكونه
مثل ملكي
صادق، كاهن
الله العلي
الذي كان رمزًا
للمسيح
بتقديم الخبز
والخمر (تك 14: 18)،
هكذا صبغ هذا
بجسده
الحقيقي ودمه[60].
v خمر
الجسد لا
يُبهج قلب
الإنسان بل
يستبد به ويجلب
جنونًا. مكتوب
أنه ليس
للملوك أن
يشربوا خمرًا
(أم 31: 4). يكتب
أيضًا يأكل
لحمًا ولا
يشرب خمرًا
(رو 14: 21)، ومع هذا
قيل لنا إن
ذاك الخمر
يُفَّرح قلب
الإنسان (مز 104: 15).
هذا يعني الخمر
الروحي، الذي
إن شربه أحد
يصير للحال
ثملًا[61].
القديس
جيروم
v من يقتات
بكلمة المسيح
لا يحتاج إلى
طعام أرضي،
ولا من يقدر
أن يقتات بخبز
المخلص يشتهي
طعام العالم.
الرب له خبزه،
بالحقيقة
الخبز هو المخلص
نفسه، كما
علَّمنا
قائلًا: "أنا
هو الخبز النازل
من السماء" (يو
6: 41). عن هذا
الخبز يقول
النبي: "وخبز
يسند قلب
الإنسان" (مز 104:
15) [62].
الأب
مكسيموس أسقف
تورين
v بلياقة
تُدعَى
الدموع خبزًا
هناك حيث توجد
مجاعة للبرّ.
"طوبى للجياع
والعطاش إلى
البرّ، لأنهم
يُشبعون" (مت 5: 6).
هكذا هناك
توجد الدموع التي
هي الخبز الذي
يقوِّي قلب
الإنسان (مز 104: 15).
حكمة الجامعة
أيضًا تتناسب
مع هذا
النقاش، "أرم
خبزك على وجه
المياه" (جا 11: 1).
لأن خبز
السماء يوجد
هناك، حيث
توجد مياه
النعمة. إنه
بحق هؤلاء
الذين تفيض من
بطونهم مياه
حية (يو 7: 38)
يتقبلون عون
الكلمة ويقتاتون
على طعامٍ سري[63].
القديس
أمبروسيوس
في
مباركة إسحق
لابنه يعقوب
قال له:
"فليُعطك
الله من ندى
السماء، ومن
دسم الأرض،
وكثرة حنطة
وخمر" (تك 27: 28).
وجاء تعليق القديس
كيرلس الكبير
على هذه
البركة
موضحًا ما
تشير إليه
الحنطة والخمر.
v هذه
الأمور تليق
بالمسيح،
وأيضًا تليق
بالشعب
الجديد.
"فليُعطك
الله من ندى
السماء، ومن
دسم الأرض،
وكثرة حنطة
وخمر" (تك 27: 28).
ندى السماء
ودسم الأرض،
أي الكلمة قد
أُعطي لنا
بواسطة الآب،
مع شركة
الروح. لهذا
صرنا شركاء
الطبيعة
الإلهية
خلاله (2 بط 1: 4).
وقد تسلمنا
كثرة من
الحنطة
والخمر، أي من
القوة والسعادة.
بالحقيقة
يقال إن الخبز
يقوي قلب
الإنسان،
والخمر
يفَّرح قلبه (مز
104: 15). الخبز هو
رمز للقوة
الروحية،
والخمر للقوة
الجسمانية.
وهما يُعطيان
للذين هم في
المسيح. بأية
طريقة أخرى
نصير راسخين
وثابتين في التقوى،
لا نتزعزع،
مدركين
التفكير في
الأمور
الصالحة؟
بالحقيقة وهب
لنا السلطان
أن ندوس على
الحيات
والعقارب وكل
قوة العدو (لو 10:
19). هذا كما
اعتقد معنى
الكثير من
الحنطة. لكننا
تسلمنا أيضًا
خمرًا، إذ
نفرح في
الرجاء (رو 12: 12)،
ونصير
مبتهجين (مز 126:
3)، حسب الكتاب
المقدس. نحن
نتوقع
المساكن
السماوية،
الحياة الأبدية
في عدم فساد،
وأن نملك مع
المسيح. بهذا
فإن هذه
الأمور قيلت
لأجلنا[64].
القديس
كيرلس الكبير
تَشْبَعُ
أَشْجَارُ
الرَّبِّ
أَرْزُ لُبْنَانَ
الَّذِي
نَصَبَهُ [16].
يرى القديس
أغسطينوس أن
خمر السيد
المسيح وزيته
وخبزه يبلغ
إلى رجال
الدولة
والنبلاء
والملوك
بكونهم أشجار
السهول
فيشبعوا.
أولًا يشبع
المتواضعون
وبعد ذلك
أشجار أرز لبنان،
التي يغرسها
(الرب)، الأرز
التقي، أي المؤمنين
الورعين،
لأنه هو الذي
يغرسهم، لذلك
يقول "الذي
نصبه".لأن
الأشرار
أيضًا يدعون
أرز لبنان حيث
قيل: "يكسر
الرب أرز
لبنان" (مز 29: 5).
فمن
جهة لبنان هي
جبل يوجد عليه
أشجار الأرز التي
تعيش طويلًا،
وهي أشجار
رائعة. ومن
جهة أخرى فإن "لبنان"
تفسيرها "لمعان"،
هذا اللمعان
يبدو على
العالم
الحاضر الذي يضيء
متألقًا
بمعرياته. هذه
هي أشجار أرز
لبنان.
يدعو
المرتل أرز
لبنان "أشجار
الرب"،
تُعتَبر "مجد
لبنان" (إش 35: 2؛ 60:
13)، تتسم
بالقوة (مز 29: 4-5)،
والعلو
الشامخ (عا 2: 9)،
مع روعة
الجمال (نش 5: 15).
قيل إن الصديق
ينمو "كأرز في
لبنان" (مز 92: 12).
مازال
السوريون
يدعونه إلى
اليوم "أرز
الرب".
حَيْثُ
تُعَشِّشُ
هُنَاكَ
الْعَصَافِيرُ.
أَمَّا
اللَّقْلَقُ
فَالسَّرْوُ
بَيْتُهُ [17].
جاء عن
الترجمة
السبعينية
والقبطية "البلشوم"
عوض اللقلق،
وجاء في جيروم
"مالك الحزين Heron". ويرى القديس
جيروم أنه
طائر ليس له
استقرار في
عشٍ معين،
وإنما أينما
حل الليل ينام
في أي موضع.
وأنه يدخل عادة
في معركة مع
النسر، ملك
الطيور،
ويغلبه. إنه
يمثل الراهب
الذي ليس له
قلاية خاصة
به، يحارب
الشيطان
وينتصر عليه.
إن كان
شجر الأرز
يشير إلى
الصديقين،
فإنهم يحتضنون
صغار النفوس
والضعفاء "العصافير".
كما يحتضنا
الله ويترفق
بضعفنا، هكذا
يليق بنا أن
نحتضن إخوتنا.
أما
السرو في
فلسطين، فهو
عالٍ ينافس
الأرز، وهو
دائم
الاخضرار.
v بهذا
القول يخبر
النبي بأن
الطيور كما
تختلف في
مأكولاتها
كذلك تختلف في
أعشاشها.
أيضًا
يقول
"عصافير" عن
النفوس التي
حاول الشيطان
أن يصطادها،
وكسر الرب
فخاخه
ونجَّاها من
الهلاك. هذه
العصافير
المعنوية
تُعَشِّش على
الأشجار
العالية التي
هي التعاليم
الرفيعة،
وتقوت فراخها
بتناولها ما
استفادته لأتباعها.
أما اللقلق
(الهيرودي)
وهو طير يعشش
في أعلى
الأشجار، وإذا
وقع في شباك
الصياد
يُمَزِّقها
ويهرب، وإذا
صار مألوفًا
لأحد الناس
يتبعه ولا
يفارقه. هكذا
كان رسما
لبطرس الرسول
الذي سقط في
شرك الأفكار،
لكنها مزقها
وهرب، فصار
رسولًا ملازمًا
اتباع المسيح.
الأب
أنسيمُس الأورشليمي
الْجِبَالُ
الْعَالِيَةُ
لِلْوُعُولِ.
الصُّخُورُ
مَلْجَأٌ
لِلْوِبَارِ
[18].
الوعول
هي ذكور
الأيائل.
غالبًا
ما يُقَدِّم
الله لكل نوع
من المخلوقات
ما يناسبه
فالعصفور
الذي يتسم
بالضعف وعدم
قدرته على
الدفاع عن
نفسه يُسكنه
في وسط فروع
الأشجار،
خاصة الأرز
بكونه أشجار
الرب. وكأن
الله خلق
الأرز بجماله
وإمكانياته
الكثير من أجل
العصفور الذي
ليس له من
يدافع عنه. واللقلق
يجد بيته
غالبًا في شجر
السرو. أما
الوعول (تيس
الجبل Ibex) السريعة
الحركة
بطريقة عجيبة
ذات النشاط القوي
فجعل لها
الجبال
العالية
مسكنًا تجري فيه
بحرية وقوة،
أما الوبار
(نوع من
الأرانب) إذ
تتعرض لهجوم
الكثير من
الحيوانات
المفترسة
يجعل الصخور
ملجأ لها.
إن كان
الله قد أعد
للطيور
والحيوانات
ما يناسبها
فكم بالأكثر
يهتم
بالإنسان،
وبكل احتياجاته
مع حمايته من
الشيطان
وقواته وكل من
يُسَبِّب له
أذى؟!
إنه يُقَدِّم
لنا نفسه صخرة
الدهور،
نختبئ فيه فلا
تقدر رياح
العالم
وعواصفه أن
تُحَطِّمنا،
مادمنا في
داخله
مستترين.
يقول القدّيس
جيروم: [على
هذه الصخرة
أسّس الله
كنيسته،
ومنها استمدّ
الرسول بطرس
اسمه: "أنت
بطرس وعلى هذه
الصخرة أبني
كنيستي" (مت 16: 18). على
هذه الصخرة لا
يوجد أثر
للحيّة، لذا
يقول النبي في
ثقة: "وأقام
على صخرة
رجليّ" (مز 40: 2)،
وفي موضع آخر
يقول: "الصخور
ملجأ للوبار"
(مز 104: 18). فالوبار
يلجأ إلى
الصخور بكونه
خائفًا...
(وموسى النبي
إذ كان
كالوبار
صغيرًا) قال
له الرب بعد
خروجه من أرض
مصر: "إني أضعك
في نقرة من
الصخرة،
وأسترك بيدي
حتى أجتاز ثم
أرفع يدي
فتنظر ورائي"
(خر33: 22-23)[65].]
هكذا
إذ نشعر أننا
صغار في حاجة
إلى صخرة نلتجئ
إليها
نتقدَّم إلى
المسيح يسوع
صخر الدهور نحتمي
فيه، وعليه
يقوم بناؤنا
الروحي، هاربين
من الحيَّة
التي لا تقدر
أن تجد لها
موضعًا في
الصخرة
الحقيقيّة
فلا تقترب
إلينا.
v هذا
الحيوان
(الوعل) يقتل
الحيات
ويأكلها. لهذا
فالجبال هي
المسكن
اللائق بالذي
يقتل الحية الحكيمة،
أي في جنة
الفردوس،
الحيَّة التي
كانت أحكم كل
الحيوانات،
وقد خَدعتْ
حواء[66].
القديس
جيروم
v إن
سُئلتَ: لماذا
صارت الجبال
ملجأ، تقول إن
الله جعلها
مهربًا
وسترًا
للحيوانات
الضعيفة متى
طاردتها
الحيوانات
الأقوى منها.
الإيل تخاصم
الحيات
وتهلكها. هكذا
رسل المسيح
كانوا
يخاصمون
اليهود الذين
قيل عنهم إنهم
حيات طائرة
وأولاد أفاعي.
لذلك شُبَّه
الرسل بالإيل
الذين بسرعة
عدوهم
ارتفعوا إلى أعالي
التعاليم.
وأما من كان
ضعيف القوة من
المؤمنين
وصغير
المنزلة،
فملجأه
الصخرة التي هي
ربنا وإلهنا
يسوع المسيح.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v لاحظنا
فعلًا وحقًا
أن الوعول
تشير إلى القديسين
الذين جاءوا
إلى هذا
العالم لكي
يبيدوا سُم
الحيَّة. لكن
لنرى ما هي
الجبال
العالية التي
تبدو محفوظة
للوعول
وحدها، والتي
لا يُمكن أن
يتسلقها من لا
يكون وعلًا.
في اعتقادي
الشخصي إنها
معرفة
الثالوث، هي التي
تُدعَى
بالجبال
العالية، فما
من أحدٍ يبلغ
هذه المعرفة
ما لم يكن
وعلًا[67].
العلامة
أوريجينوس
صَنَعَ
الْقَمَرَ
لِلْمَوَاقِيتِ.
الشَّمْسُ
تَعْرِفُ
مَغْرِبَهَا
[19].
في سفر
التكوين
تحدَّث عن
خلقة الشمس
والقمر في
اليوم
الرابع، أما
هنا فيكشف عن
غاية خلقتهما،
حيث يقيم الله
فصول السنة
لخدمة
الإنسان. لقد
عيَّن الله
النهار
والليل كما
فصول السنة...
كلها لنفعنا.
بينما
يُكرِم
العالم
الوثني
الشمس، حتى
أقام الكثير
من الأمم منها
إلهًا، كما
فعل المصريون،
إذ عبدوا
الإله رَعْ،
وتطلع البعض
إلى الليل كما
لو كان رمزًا
للشر، فإن المرتل
يرى في عناية
الله عجبًا،
فيُقَدِّم القمر
عن الشمس حتى
لا نستخف به.
هذا
وقد اهتم الله
أن يجعل عيدًا
شهريًا يرتبط
برأس الشهر
والقمر،
فالنهار
والليل لخدمتنا،
يمكن أن يكونا
مُقَدَّسين
لله. هذا وبعض
الأعياد
كالفصح
والخمسين
(الأسابيع)
يحكمها أيضًا
القمر.
يرى
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
أن القمر يشير
إلى اليهود،
وقد صُنع
لتحديد وقت
معين، لأن
الديانة
اليهودية
تقوم بدورها إلى
حين مجيء
السيد المسيح
شمس البرّ.
وأن الشمس
تعرف غروبها،
إذ يعرف السيد
المسيح شمس البرّ
يوم آلامه
وصلبه وموته.
يُقَدِّم
لنا الأب أنسيمُس
الأورشليمي
لماذا ذكر
موسى النبي
وأيضًا داود
النبي هنا الحديث
عن الأشجار
قبل الحديث عن
الشمس والقمر
والكواكب.
يقول: [إن
الجهال من
الناس عندما ينظرون
النبات ينمو
ويزهر من حركة
الكواكب يتوهمون
أن الكواكب هي
التي خلقت
الأشجار، لذلك
قدَّم النبي
إبداع
الأشجار على الكواكب
ليُعَرِّفهم
بأن الله وحده
هو خالق كافة
الأشياء،
وبأمره
تُعِين
الخلائق
بعضها بعضًا
وتساعدها.]
جاء عن
الترجمة
السبعينية
والقبطية: "الجبال
العالية
للآيائل،
الصخور ملجأ
للأرانب".
v الآيائل
هم الأقوياء
الروحيون
الذين يعبرون
في حياتهم فوق
كل المناطق
المملوءة
أشواكًا في
الأدغال
والغابات.
"الذي يجعل
قدمي كالإيل،
وعلى
المرتفعات
يقيمني" (مز 18: 33). ليتمسكوا
بالجبال
العالية،
وصايا الله
المرتفعة؛
ليفكروا في
الأمور
العلوية،
ليتمسكوا
بالأمور التي
في الأسفار
المقدسة.
ليتبرروا في
الأعالي، فإن
الجبال
العالية هي
للآيائل.
ماذا
بالنسبة
للحيوانات
المتواضعة؟
ماذا بالنسبة
الأرانب
البرية؟ ماذا
بالنسبة للقنفذ؟
الأرانب
البرية صغيرة
وضعيف،
القنفذ أيضًا
مملوء
بالأشواك.
واحد جبان
والآخر مُغَطَّى
بالأشواك.
ماذا تعني
الأشواك إلا
الخطاة؟ من
يخطئ يوميًا،
حتى وإن كانت
ليست خطايا عظيمة،
مُغَطَّى
بأشواك صغيرة.
في ضعفه هو
أرنب بري وفي
تغطيته
بالخطايا
الصغيرة هو
قنفذ، ولا يستطيع
يتمسك بتلك
الوصايا
العالية
الكاملة. لأن "الجبال
العالية
للآيائل".
ماذا إذن هل
تهلك هذه
الحيوانات؟
لا، فإن "الصخرة
ملجأ للقناقذ
وأرانب
البرية". فإن
الرب ملجأ
المساكين[68].
v "صنع
القمر
للمواقيت".
نفهم روحيًا
الكنيسة التي
تنمو من الحجم
الصغير وتكبر
كما من موت
هذه الحياة،
إذ تقترب نحو
الشمس (ربنا
يسوع). لستُ
أتحدث عن هذا
القمر
المنظور
للعين. وإنما
إلى ما يعنيه
هذا الاسم.
عندما
كانت الكنيسة
في الظلمة،
عندما لم تكن قد
ظهرت بعد، كان
البشر في
ضلال، وكان
يُقال: هذه هي
الكنيسة، هنا
المسيح. هكذا.
عندما كان
القمر مظلمًا.
فوقوا
سهامهم
ليرموا
الأبرار في
قلوبهم" (راجع
مز 11: 2). كم يكون
أعمى ذاك الذي
يضل بينما
القمر في كماله؟
"صنع القمر
للمواقيت"[69].
القديس
أغسطينوس
v ما
قاله المرتل: "الشمس
تعرف مغربها"
، ألا يُؤخذ
عن شمس البّر
بأشعته
الشافية الذي
نقرأ عنه في
سليمان أن الأشرار
سيقولون:
"الشمس لم
تشرق لنا!"
لهذا فإن
المسيح هو شمس
البّر
الحقيقي،
يعرف ساعة مغربه،
حينما أسلم
ذاته للآلام
لأجل خلاصنا،
لأنه لما
صُلِبَ
استبدت
الظلمة
والليل بنفوس تلاميذه[70].
الأب
قيصريوس اسقف
آرل
تَجْعَلُ
ظُلْمَةً،
فَيَصِيرُ
لَيْلٌ.
فِيهِ
يَدِبُّ
كُلُّ
حَيَوَانِ
الْوَعْرِ [20].
من أهم
مبادئ الغنوسيين
"الثنائية"،
فيحسبون أنه
يوجد الله
الكائن
الأسمى، كما
يوجد الخالق
للمادة،
والتي في
نظرهم عنصر
ظلمة، لذا
فالخالق بالنسبة
لهم إله شرير،
أو أدنى من
الكائن
الأسمى. هنا
لم يذكر
المرتل أن
الله خالق
الليل أو الظلمة
إنما أوجدها
بغياب الشمس
أو النور.
فالظلمة ليس
لها كيان في
ذاتها، ولا
تحتاج إلى
خلقة، إنما هي
غياب النور.
يتحدث
المرتل هنا عن
الظلمة
والليل
بكونهما من
عطايا الله.
فإنهما
ضروريان
لحياة الإنسان
لأجل راحته،
وأيضًا
للحيوانات
والنباتات. فبعض
الحيوانات
خاصة حيوانات
البرية المفترسة
لا تُمَارِس
حياتها في
النهار، بل
غالبًا ما
تختبئ في
الكهوف والعرين،
لتخرج في
الليل تبحث عن
الفريسة.
يرى القديس
أغسطينوس أن
شمس البرّ إذ
يغرب في حياة
الإنسان تحل
الظلمة في
أعماقه، ويدب
كل حيوان
الوعر، أي يخرج
الشيطان
كأسدٍ ليفترس
هذه النفس.
وكما قال السيد
المسيح لبطرس:
"سمعان،
سمعان، هوذا
الشيطان
يطلبكم لكي
يُغَرْبلكم
كالحنطة.
ولكني طلبت من
أجلك لكي لا
يفنى إيمانك"
(لو 22: 31-32). عندما
أنكر بطرس
سيده ثلاث
مرات (مت 26: 70-71)،
ألم يكن بين
أنياب الأسد؟
كثيرًا
ما يتحدث
الآباء مثل القديس
يوحنا الذهبي
الفم عن
بركات الليل،
والسماح بغياب
الشمس لأجل
راحة الإنسان
واسترداد طاقته
بالنوم.
فيحسبون
الليل عطية
إلهية نافعة للحياة.
v إذ
تُشرق الشمس،
ينسحب كل وحشٍ
مفترسٍ، ويلجأ
إلى عرينه.
هكذا أيضًا
عندما تشرق
الصلاة مثل
شعاع الشمس،
تشرق من
ألسنتنا،
وتخرج من أفواهنا،
يستنير
ذهننا، وتهرب
الأهواء المتوحشة
التي تحطم
عقلنا وتلجأ
إلى عرينها. ذلك
متى كانت
صلاتنا يقظة،
وتصدر عن نفس
ساهرة وعقلٍ
صاحٍ. متى كان
الشيطان
حاضرًا فإنه
ينسحب عندما
نصلي[71].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v بقوله: "تجعل
ظلمة فتصير
ليل" [20]، يبكم
شيعة مرقيون
الذي زعم أن
النور خلقه الإله
الصالح، وأما
الظلمة
فخلقها
الشيطان...
الظلمة
ليست خلقة
جوهرية بل هي
غياب النور.
كما أن الشر
هو غياب
الخير. لذلك
لم يقل "خلق
الظلمة"، بل
قال "جعل
الظلمة"،
كما كتب موسى،
قائلًا: "فصل
الله بين
النور والظلمة،
ودعا الله
النور
نهارًا،
والظلمة دعاها
ليلًا" (تك 1: 4-5).
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v بالمعنى
الرمزي،
عندما يغيب
شمس البرّ
عنا، نصير في
ظلمة تامة،
عندئذ تهجم
علينا
الحيوانات
ويزأر الأسد
في البرية لكي
يخطفنا
ويفترسنا[72].
القديس
جيروم
v لا
يَقِلُ الليل
عن النهار في
منفعته وخيره
للبشرية...
فحين نحظى
بالكثير من
ضوء النهار نحتاج
أيضًا إلى
سكون الليل.
وحين نشبع
بهدوء الليل
نشتاق إلى نور
الصباح
وضيائه... يقود
الليل الناس
إلى بيوتهم،
لينعموا بالنوم
الحلو
اللذيذ،
ويسحب أيضًا
الحيوانات المُفترِسة
للغذاء
ويعطيها
الحرية والمَرعى[73].
ثيؤدوريت
أسقف كورش
v إذا
أراد ابن
الظلمة أن
يجعلنا أبناء
الظلمة مثله (1
تس 5: 5) موقعنا في
النوم، سوف
يضغط علينا بقوه
عندما يسود
الليل "يجول"
(1 بط 5: 8) كما
يقول الكتاب
كالحيوان
المفترس (مز 104: 20)
وبكونه ظلمة
ومحبًا لها
يرانا في نور
الصلاة
ساهرين مع
الرب متمثلين
بملائكة
النور، "بأغاني
روحية
مترنمين" (أف 5:
19)، مُعطِين
المجد لله
خالقنا،
الشيطان وهو
يحترق بغيرة
غاضبة ومملوء
حسدًا لمنظر
البشريين
الذين
يتشبهون بسهر
الملائكة،
سوف يغمرنا
بثقل النوم،
مشاركًا لنا
في ظلمته[74].
مارتيريوس
– Sahdona
v الزمن
الذي فيه
تُهاجَم
نفوسنا هو ليل
وظلمة دائمة.
إنه زمن الليل
كما يخبرنا
النبي حينما تحاول
حيوانات
البرية أن
تقتات طعامًا
دنسُا
بافتراسها
قطعان الرب[75].
القديس
غريغوريوس
النيسي
الأَشْبَالُ
تُزَمْجِرُ
لِتَخْطُفَ،
وَلِتَلْتَمِسَ
مِنَ اللهِ
طَعَامَهَا [21].
مع ما
للأشبال من قوة،
إلا أنها
تلتمس طعامها
كما من الله
نفسه.
v يريد
ابن الظلمة أن
يجعلنا أبناء
الظلمة مثله،
فنغوص في
سُبات عميق،
ويفترسنا
بشدةِ، خصوصًا
وقت الظلمة،
حينما يملك
الظلام،
فيخرج مهرولًا
ليفترس خلسة.
خصوصًا وكما
يقول الكتاب
المقدس عن
الوحش
المفترس (مز 104: 21)
إنه هو نفسه
الظلمة، محب
الظلام، لكنه
يرانا في نور
الصلاة
ساهرين مع
ربنا،
متشبهين بملائكة
النور
بتسابيحنا
الروحية
وأغانينا، نمجد
الله خالقنا.
إنه يلتهب
بغيرة متقدة،
ويمتلئ
حسدًا، إذ يرى
البشر
يمارسون سهر
الملائكة،
فيحاول أن
يغمسنا في ثقل
النوم لكي
نشاركه ظلمته[76].
الأب
مرتيروس
السرياني[77]
v عند
صُلِبَ
المسيح، حيث
استبدت ظلمة
الشك بنفوس
رسله، راحت
تلك الوحوش
الروحية تجول
لتفترس
النفوس. وبينما
هي تجول تشرق
الشمس فتنسحب.
ما هو معنى هذا؟
ما معنى أن
الشمس تشرق
فتنسحب تلك
الوحوش، إلا
أن المسيح قد
قام، فاجتمعت
الوحوش الروحية
معًا؟ "وفي
مآويها تربض"
[22] حقًا عندما
أشرقتْ الشمس
بدأ نور
الإيمان يسطع
شرقًا من جديد
في الرسل، أما
تلك الوحوش
الروحية فقبعت
في مآويها، أي
في قلوب
اليهود[78].
الأب
قيصريوس أسقف
آرل
تُشْرِقُ
الشَّمْسُ
فَتَجْتَمِعُ
وَفِي
مَآوِيهَا
تَرْبِضُ [22].
العجيب
في محبة الله
أنه إذ تشرق
الشمس ينطلق الإنسان
للعمل بعد
فترة الراحة
والسكون أثناء
الليل. وعلى
العكس فإن
الحيوانات
المفترسة
بشروق الشمس
ترجع إلى
أماكن سكناها
لتجتمع معًا
وتستريح وهذا
من عناية الله
الفائقة، حتى
لا تتعرض حياة
الإنسان
للمخاطر.
إذ
يشرق شمس
البرّ في حياة
المؤمن تجتمع
الشياطين
معًا وتختفي
في جحورها،
لأنها تفقد
سلطانها على
المؤمن
الحقيقي.
v الإنسان
الذي يسقط في
خطية يلزمه ألا
يكتئب، بل
يتوب. فإن شمس
البرّ ستشرق
مرة أخرى، وكل
الحيوانات
المفترسة
تهرب، ومعها خطاياه،
وسيعود إلى
الحالة التي
كان عليها قبل
السقوط[79].
القديس
جيروم
الإِنْسَانُ
يَخْرُجُ
إِلَى
عَمَلِهِ،
وَإِلَى
شُغْلِهِ
إِلَى
الْمَسَاءِ [23].
سمح
بحدوث الظلمة
لأجل راحة
الإنسان
ودوائه. ولكي
تكون فرصة
للوحوش أن تخرج
للصيد، ويفزع
منها الأشرار
ولا يسرقوا.
وجعل أيضًا
الوحوش تكره
نور الشمس حتى
لا تخرج في
النهار،
وتؤذي
الإنسان الذي
يخرج إلى عمله
منذ شروق
الشمس إلى
المساء.
v ماذا
تفعل يا إنسان
الله؟ يا
كنيسة الله؟
ماذا عنك يا
جسد المسيح
الذي رأسه في
السماء؟ ماذا
تفعل يا إنسان
في الاتحاد
معه؟ لذلك
فليعمل
الأعمال الصالحة
في أمان سلام
الكنيسة،
ليعمل حتى المنتهى[80].
القديس
أغسطينوس
v بعد
أن يُشرق شمس
البرّ يلزمنا
أن نرجع إلى
عملنا حتى
المساء، أي
إلى يوم موتنا
بالطبع. إنه
لأمر في غاية
الأهمية أن
نتبع أعمال
البرّ في كل
دقيقة من
حياتنا[81].
القديس
جيروم
v بعد
هذا يتقدَّم
المرتل فيقول:
"الإنسان
يخرج إلى
عمله، وإلى
شغله إلى
المساء" [23].
هذا الإنسان
الذي يخرج إلى
عمله يُفهم
أنه هو
الكنيسة جسد
المسيح، الذي
كان آنذاك
يتكون من
التلاميذ
وحدهم. قبل
قيامة
المسيح، إذ سألتْ
الجارية بطرس
أنكر الرب
ثلاث مرات،
لكن إذ قامتْ
الشمس، أعني
عند قيامة
الرب، تقوى بطرس،
فأراد أن
يُجلَد
ويُقتَل من
أجل اسم
المسيح. من
ثَمَّ عند
قبول نعمة الروح
القدس يخرج
الإنسان إلى
عمله، أي تبدأ
كنيسة المسيح
في أداء
عملها. وهي لا
تبدأ فقط بل
وتُكَمِّل
العمل "إلى
شغله إلى
المساء"، أي
حتى نهاية
العالم. ولكي
يعزي هذا إلى
نعمة الله
وليس إلى جهاد
الإنسان يذكر
فورًا: "ما
أعظم أعمالك
يا رب!" حقًا
إنها أعماله
وليست
استحقاقاتنا.
يكمل المرتل: "كلها
بحكمةٍ صُنعت"،
أي أكملتَ كل
شيء بالمسيح
قوتك وحكمتك،
وأيضًا: "ملآنة
الأرض من
خلائقك"[82].
الأب
قيصريوس أسقف
آرل
3. امتلاء
الأرض بغناه [24-30]
الرب هو سيد
الحياة
والموت، عليه
تعتمد الدورة
من حياة إلى
موت ثم حياة
جديدة. ما أعجب
حكمته
المُعْلَنة
في كل خليقته
وأعماله. ليس
من صدفة عمياء
كما يظن
الإنسان في
ظلمة فكره
البشري. كل
الخليقة تحمل
لمسات خالقٍ
قديرٍ مُحبٍ
ومُدَبِّر
الأمور. فالأرض
ملآنة من
غناه، تحمل
غنى نعمته
الفائقة
وتكشف عن عظمة
مجده. أما عن
الإنسان
فلماذا يخاف
من الشيطان
وقد جعله
ألعوبة يسخر
به، وقد تمتع
البشر بروح
الله الذي
يجدد وجه
الأرض[83].
مَا
أَعْظَمَ
أَعْمَالَكَ
يَا رَبُّ!
كُلَّهَا
بِحِكْمَةٍ
صَنَعْتَ.
مَلآنَةٌ
الأَرْضُ
مِنْ غِنَاكَ
[24].
v ما
أعظم أعمالك
يا رب! بحق
عظيمة
وسامية!...
"كلها بحكمة
صنعت"؛ لقد صنعتَ
هذه كلها في
المسيح[84].
القديس
أغسطينوس
v يفيض
قلب النبي
بالامتنان. إذ
لا يجد كلمات
كافية
يُسَبِّح بها
الرب يصرخ: "ما
أعظم أعمالك يا
رب! أعمالك
تفوق كل فهمٍ
بشري. كلها
بحكمةٍ صنعت"؛
في ربنا يسوع
المسيح إذ هو
حكمة الله. وذلك
كقول الرسول،
لأن به كل
الأشياء
خُلقتْ (كو 1: 16).
"ملآنة الأرض
من خليقتك".
بالحقيقة
حقًا كل أعمال
الرب ترتبط
بالحكمة. عندما
ندرك أن
النملة تعرف
أن الشتاء
قادم فتخزن طعامها،
والناموسة
وهي مخلوق
تافه لها
عينان وبطن
وبقية
الأعضاء
مثلنا،
وأيضًا
البرغوث وكل
المخلوقات
الأخرى.
وعندما نرى الفيل
أيضًا،
الحيوان
الضخم هكذا
بالمثل كما نحن...
والنحلة تصنع
عسلًا وشمعًا.
ألا تستحق هذه
العجائب
الدهشة،
أليست هذه
مملوءة حكمة؟[85]
القديس
جيروم
v الله
هو الينبوع السرمدي
لحكمته
اللائقة به،
إن كان
الينبوع
سرمديًا،
فالحكمة
أيضًا يلزم أن
تكون سرمدية.
فإنه بها
خُلقتْ كل
الأشياء، كما
يقول داود في
المزمور بالحكمة
صنعت الكل.
ويقول سليمان:
بالحكمة كوَّن
الرب الأرض،
وبالفهم له
الكلمة. وكما
يقول يوحنا:
"كل شيء به كان
وبغيره لم يكن
شيء مما كان"[86].
القديس
أثناسيوس
الرسولي
v الحكمة
الحقيقية
والمشورة – في
نظري – ليست إلا
الحكمة التي
تدرك أنها قبل
المسكونة.
إنها الحكمة
التي بها خلق
الله (الآب) كل
شيء، كقول النبي:
"كلها
بحكمةٍ
صُنعت" (مز 104: 24)،
و"المسيح هو
قوة الله
وحكمة الله" (1
كو 1: 24)، به صار
كل شيء، ووُضع
في تدبير[87].
v
من
هو باني
المعبد، الذي
وضع أساساته
على الجبل
المقدس، أي
على الأنبياء
والرسل؟ هو
بناه كما يقول
الرسول (أف 2: 20)
على أساس
الرسل
والأنبياء،
وهم حجارته
الحية. وينسجم
محيط الحجارة
الدائري مع
الجدران حسب
ما يقوله
النبي زكريا
(زك 9: 16). وتوضع
بترتيب خاص
يجعلها وحدة
كوحدة الإيمان
وبنموهم في
رابطة السلام
قد يكوِّنوا
معبدًا
مقدسًا،
مسكنًا للرب
في الروح.
يشير سليمان
في حكمته إلى
الحكمة
الحقيقية ولا
يعارض أي شخص
يدرس التاريخ
والحق هذه
حقيقة. يشهد
التاريخ أن
سليمان فاق
حدود الحكمة
البشرية. حيث
حفظ المعرفة
لكل الأشياء
في قلبه. فسبق
جميع من عاشوا
قبله ولم
يماثله أي
واحد ممن
عاشوا بعده.
إلا أن الله
هو أصل القوة
والحق والحكمة
ويقول داود:
"ما أعظم
أعمالك يا رب.
كلها بحكمة
صنعت" (مز 104: 24).
ويُفَسِّر
الرسول
المزمور
السابق
قائلًا: "الكل
به وله قد
خُلق" (كو 1: 16) أي
أنها
خُلِقَتْ من
خلال حكمة
الله[88].
v ذاك
الذي جوهره
يفوق كل
طبيعة، غير
المنظور ولا
مُدرَك، يمكن
رؤيته
وإدراكه
بالحكمة التي
تنعكس في
الكون...
وحينما نتأمل
نظام الخلق لا
نُكوِّن صورة
عن الجوهر، بل
عن حكمة ذاك
الذي صنع كل
شيء بالحكمة[89].
القديس
غريغوريوس
النيسي
v كل واحدٍ
من الحكماء
يشارك في
المسيح، قدر
ما له القدرة
على الحكمة،
مادام المسيح
هو الحكمة.
ذلك كما أن كل
واحدٍ له قوة
يقتني قوة
أعظم قدر ما
يشارك المسيح،
مادام المسيح
هو القوة[90].
العلامة
أوريجينوس
v إذ
نحني رُكَبنا
بوقار صالح
أمام صانع
العوالم،
أقصد عالم
الحس والفكر،
ما يُرَى وما
لا يُرَى،
فإنك
تُمَجِّد الله
بلسان مقدس،
يلهج
بالمعروف،
وشفتيْن لا
تسكتان،
وقلبٍ لا
يَمِّل،
قائلًا: "ما
أعظم أعمالك
يا رب. كلها
بحكمة
صَنَعْتَ" (مز
104: 24)، يليق بك
الإكرام
والمجد
والجلال من الآن
خلال كل
الدهور. آمين[91].
القديس
كيرلس الأورشليمي
v ما
من عمل من
أعماله يتم
إلا وقد صنعه
بالحكمة،
لأنه يسوس كل
الأمور
النافعة، كل
في حينه اللائق
وبطريقة
مناسبة[92].
القديس
كيرلس الكبير
v ما
هو اللسان
الذي يمكنه أن
يُرَنِّم
بتسابيح
الخالق كما
يليق؟ أي حديث
يمكن بالحق أن
يفي وصف
خالقنا؟ أي
كلمات يمكنها
أن تصف بدقة
أعضاء النطق؟
من تبلغ به
الحكمة أن
يدرك بالكامل
حكمة الخالق؟[93]
ثيؤدورت
أسقف كورش
v أي
لغة تليق
بالحديث عن
عجائب
الخالق؟ أي
أذنٍ تقوى على
سماعها؟ أي
وقتٍ يكفي
لإدراكها؟ لنَقُلْ
إذن مع النبي:
"ما أعظم
أعمالك يا رب،
كلها بحكمةٍ
صنعت![94]"
v هل
عبر اليوم؟
أشكر ذاك الذي
قدَّم لنا الشمس
لخدمة عملنا
النهاري،
ويهبنا نارًا
لكي تنير
الليل وتخدم
احتياجاتنا
الأخرى في الحياة.
ليت الليل
أيضًا يوحي
لنا بما
يدفعنا للصلاة.
عندما
تتطلع إلى
السماء وترى
جمال النجوم
صلِّ إلى رب
كل الأشياء
المنظورة،
خالق المسكونة
الذي بحكمة
صنع الكل (مز 104 :24).
وعندما
ترى كل
الطبيعة تغُط
في النوم، مرة
أخرى أسجد
لذاك الذي حتى
بغير إرادتنا
يعتقنا من ضغط
العمل
المستمر،
وبفترة راحة
صغيرة يردنا
مرة أخرى إلي
نشاط قوتنا.
لا
تسمح لليل
بأكمله أن
يكون للنومِ
لا تسمح لنصف
عمرك أن ينقضي
بلا فائدة في
نوم ببلادة وسباتٍ.
بل قسم وقت
الليل بين
النوم
والصلاة.
وليكن نومك
الخفيف ذاته
تداريب
للتقوى. فإن
أحلامنا
أثناء النوم
غالبًا ما
تكون
انعكاسات
لأفكارنا في النهار[95].
القديس
باسيليوس
الكبير
v هل
هناك جمال
يفوق روعة
السماء، إذ
تتلألأ بأشعة
الشمس، كأنها
قد تلألأت
بقطرة حب
ملتهبة، تنير
الأرض بعدد لا
يُحصَى من
النجوم، تقود الربابنة
والمسافرين،
كأنها تمسك
بيدهم[96]...
أيّ
شيء يفوق جمال
السماء، وقد
امتدت فوق
رأسك تارة
كغطاء طاهر
شفاف، وأخرى
كسهلٍ منبسطٍ
تزينه الورود!
المتعة
بجمال الورود
نهارًا لا
يفوق تأمل جمال
السماء ليلًا
وقد تلألأتْ
بآلاف زهور
النجوم التي
لا تذبل!
إن
كنتَ لا تسأم
التأمل
تستطيع أن
تتطلع إلى عناية
الله في شهود
كثيرين:
السحاب فصول
السنة،
البحار وما
فيها، الأرض
وما عليها...
هل
يوجد أصغر من
الفراشة
وأحقر منها؟
أو مثل النمل
أو النحل؟ ومع
هذا فهذه
جميعها تتحدث
عن عناية الله
وقدرته
وحكمته!
من
أجل هذا إذ
تأهل النبي
بالروح
للتأمل في الخليقة
في كليتها صرخ
قائلًا: "ما
أعظم أعمالك
يا رب كلها
بحكمة صنعت!" (مز
104: 24)
حقًا
إن أهوية
السماء
خُلِقَتْ من
أجلك... ترطب
أجسامنا
المُتعَبة
وتُجَفِّف
المناطق الوحلة،
وتُخَفِّف
حِدَّة
الصيف، وتنمي
الزروع،
وتساعد على
الإبحار الخ...
وإن
أردت البحث في
الليل فإنك
تنظر فيه
عناية الله
القديرة، فإنه
يُعِين جسدك
المتعب،
ويُهَدِّئ
أعصابك
المُجْهَدة...
ينقذك من آلام
النهار،
واهتماماته
المملوءة
قلقًا... فمن
يُحرَم من
راحة الليل
يخسر النهار،
ومن لا يعطي
لعقله هدوءًا
واسترخاء
يفسد عمله.
هذا كله من
أجلك يا إنسان[97]...
الآن
وقد فهمتَ
عناية الله
أنها تفوق
أشعتها ضياء
نور الحياة،
لا تفحصْ
بفضول الأمور التي
تعلو قامتك
ولا تسلك فيما
لا ينفعك... فوجودنا
ذاته هو هبة
معطاة لنا من
قبيل حبه
الفائق، إذ هو
ليس محتاجًا
إلى عبوديتنا[98].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
هَذَا
الْبَحْرُ
الْكَبِيرُ
الْوَاسِعُ الأَطْرَافِ.
هُنَاكَ
دَبَّابَاتٌ
بِلاَ عَدَدٍ.
صِغَارُ
حَيَوَانٍ
مَعَ كِبَارٍ
[25].
كلمة "حيوان"
هنا معناها
"كان حي". فإن
كان البحر
الكبير أو
المحيطات
تُرعب
الإنسان،
فيشعر كأنه
مقبرة عن
يقتحمه، لكنه
يحتضن دبابات
صغيرة
وكائنات حية
كبيرة وصغيرة،
لا تُحصَى لا
تقدر أن تعيش
إلا في مياه البحار
والمحيطات.
v يتحدث
عن البحر
بكونه مرعبًا.
الفخاخ تزحف
في هذا
العالم،
وتفاجئ المُهمِلين،
إذن من يُحصِي
هذه التجارب
التي تزحف؟
إنها تزحف،
لكن لنحذر
لئلا تصطادنا
فجأة. لتتطلع
إلى الخشبة
(الصليب)
أيضًا ونحن في
المياه وسط
الأمواج نحن
في أمان. لا
نَدَع المسيح
ينام، لا نترك
الإيمان
ينعس، إن نام
فلنوقظه. إنه
سيأمر
الرياح،
ويُهَدِّئ
البحر (مت 8: 24-26).
فستنتهي
الرحلة ونفرح
في وطننا.
لأنني أرى في
هذا البحر
المُرعِب لا
يزال يوجد غير
مؤمنين،
فإنهم يعيشون
في مياه قاحلة
ومُرَّة، لكنهم
صغار وعظماء.
فإننا نعرف
هذا، كثير من
الصغار في هذا
العالم لا
يزالوا غير
مؤمنين، وأيضًا
كثير من
العظماء هم
هكذا. إنهم
مخلوقات حية
صغيرة وعظيمة
في هذا البحر. أنهم
يبغضون
الكنيسة،
واسم المسيح
ثقيل عليهم.
أنهم ثائرون
لأنه لم
يُسمَحْ لهم
أن يطلقوا
القسوة في
أعمالهم التي
هي في قلوبهم...
لا تخافوا من
الخطر![99]
القديس
أغسطينوس
v "البحر
أيضًا ضخم
ومتسع". أليس
هذا عن حكمة
مدهشة أن يوجد
فيه دبابات (زحافات)
لا يُحصَى
عددها،
وأسماك من كل
نوعٍ،
العظيمة
والصغيرة. هذه
توجد في
الأعماق،
وهناك
تُجَدَّد
حياتها، بينما
لو سقط إنسان
فيها يموت؛
وعلى العكس إن
خرجت هذه إلى
الأرض تموت؟[100]
القديس
جيروم
v الحكمة
التي خلق بها
الله كافة
الأشياء هي ابنه
الوحيد الذي
به كان كل
شيءٍ. وهو
كلمة الله وقوته،
وبه خلق الأرض
وكل ملئها
وسائر المخلوقات.
وقد ذكر
الأرض، لأن
ابن الله طأطأ
السماوات
ونزل إلى
الأرض، وجعل
الناس خليقة
جديدة، وأعاد
خلقتهم
بالإيمان
الحقيقي
والمعمودية
المقدسة.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v في
هذا البحر
العظيم
المتسع تعيش
كائنات بلا عدد
(مز 104: 25)، من يقدر
أن يصف روعة
الأسماك التي
تعيش فيه؟! من
يقدر أن يتصور
عظمة الحيتان
وطبيعة
الحيوانات
البرمائية:
كيف تعيش تارة
على أرضٍ صماء
وتارة أخرى
وسط المياه؟!
من يستطيع
أن يخبر عن
أعماق البحار
وسعتها وقوة
أمواجها
الهائلة؟! ومع
هذا فهي تقف
عند حدود
مرسومة لها،
إذ قيل: "إلى
هنا تأتي ولا
تتعدى، وهنا
تتخم كبرياء
لُججك" (أي 38: 11)
فيُظهِر
البحر الطاعة
بوضوح، إذ
يجري ليقف عند
حدود الشاطئ
في خطٍ واضح
صنعته
الأمواج، مُعلِنًا
لناظريه أنه
لا يتعدى
الحدود المرسومة
له[101].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
v أضاف
النبي كلماته:
"هذا البحر
الكبير
الواسع
الأطراف،
هناك كائنات
حية (دبابات)
بلا عدد".
يُفهَم البحر
بأنه العالم،
المملوء
بالعواصف
والأمواج
العاتية
الخطرة، بل
ومملوء مرارة
وملوحة، وفيه
أسماك كبيرة
لا تكف عن
التهام السمك
الصغير. وفيه
أيضًا العديد
من
الدبَّابات
(التي تزحف
على الأرض).
لهذا فإن
الشهوانيين
المغُرَمين
جدًا
بالعالم، إذ
يفكرون في
الحياة الحاضرة
وحدها،
ويلتصقون
دومًا
بدروبها حبًا
فيها، سمعوا
عن الدبابات...
كذلك
يقول: "هذا
البحر الكبير
الواسع
الأطراف...
هناك تجري
السفن". لا
يُفهَم منها
السفن
المصنوعة من
الأخشاب التي
تمخر عباب
البحر بقوة
الريح، لكنها
تعني الكنيسة
التي تريد
بلوغ شاطئ
الفردوس بالأعمال
البارة
المقدسة. فإن
أمواجًا
عاتية تلاطمها
بالضيقات،
ورياح
العواصف
المختلفة. وبالرغم
من ارتطامها
بتلك الرياح
العاتية الهادرة،
توجِّها
مجاديف
التداريب
المُقَدَّسة،
وتقودها
أنفاس الروح
القدس،
فتحملها إلى
الحياة
الأبدية بنفس
الخصوم الذين
يقفون ضدها.
في
هذا البحر
أيضًا التنين
الذي كُتِبَ
عنه: "هذا
التنين
البحري (لوياثان) الذي
خلقته ليلعب
فيه".
هذا
التنين هو
الشيطان،
يلعب بطريقة
ما في الأشرار،
لا لكي يخطئوا
فحسب، بل
ويستخدمهم خدامًا
له يضطهدون
القديسين
والأبرار على
الدوام. هذا
الوحش كان
مخلوقًا
كملاك صالح بيدي
الله، لكنه
حينما رفع
ذاته ضد الله
بالكبرياء،
هوى من تلك
الحالة
الملائكية
المطوَّبة.
وإذ يخدع نفسه
بالكبرياء
يخدع بمكره
المستهترين،
بسماحٍ من
الله وبواسطة
قضائه العادل
المخفي[102].
الأب
قيصريوس أسقف
آرل
هُنَاكَ
تَجْرِي
السُّفُنُ.
لَوِيَاثَانُ هَذَا
خَلَقْتَهُ
لِيَلْعَبَ
فِيهِ [26].
يرى
البعض في قصة فلك
نوح أن الله
هو الذي علَّم
الإنسان أن
يكون له أسطول
بحري.
إن كان
البحر
بمخاطره كان
يُنظَر إليه
كمسكن للوياثان،
أي للتنين
البحري، رمز
الشيطان، فإن
الله يعطي
المؤمنين
سلطانًا على
قوات الظلمة،
فيصيرون أشبه
بألعوبة
يستخف بها حتى
الصبيان
الصغار.
البحر
الذي يرعب
الإنسان
بهيجانه
وأمواجه
ودواماته هو حلقة
الصلة بين
البلدان خلال
السفن أو
الأسطول
البحري
التجاري.
في
إحدى رسائل
الفصح
يُقَدَّم لنا القديس
أثناسيوس
الرسولي رجل
الآلام صورة
حية للمؤمن
المملوء رجاء
في الرب والذي
لا يخشى حتى لوياثان -
الشيطان. إذ
كتب لشعبه بأن
العالم
يُشبِه
بحرًا، ونحن
نسير كما في سفينة
تحت قيادة
الكلمة
الإلهي، نسير
بكامل حريتنا
إلى الميناء
بسلام ولا
نهاب لويثان
الذي خُلِقَ
لنلهو به[103].
v هوذا
السفن تطفو
فوق ما
يزعجكم، ولا
تغرق. نفهم
بالسفن
الكنائس.
فإنها تبحر
وسط العواصف،
وسط التجارب
الهائجة، وسط
أمواج
العالم، وسط الوحوش،
الصغيرة والكبيرة.
المسيح
على خشبة
صليبه هو
الربان. "هناك
تجري السفن".
ليت السفن لا
تخاف، ليتهم
لا يرتكبون
أين يبحرون،
وإنما يهتمون
مَنْ الذي
يدير الدفة؟ "هناك
تجري السفن".
أية رحلة
يجدونها
مُمِلَّة متى
شعروا أن المسيح
هو ربانهم؟
إنهم يبحرون
في أمان.
ليبحروا باجتهاد،
فيبلقون
ميناءهم
الموعود به،
سيُقادون إلى
أرض الراحة[104].
v هوذا
المُجَرِّب
يأتيني كجيشٍ
قويٍ، لكنه لا
يقدر أن
يغلبني، لأنك
كسرتَ
مهابته،
وأعطيتني
شجاعة أمامه[105].
v يقول
كثيرون: "لقد
أخذ الشيطان
سلطانًا
عظيمًا هكذا،
حتى يحكم في
هذا العالم
ويسود كثيرًا،
فهل يقدر أن
يفعل الكثير؟
إلى أي مدى يسود؟
ماذا يقدر أن
يفعل، ما لم
يُعطَ له سماح
لا يقدر أن
يفعل شيئًا.
لتعملوا هكذا
بحيث لا
يُسمَح له أن
يُجَرِّبكم،
بل يهرب
منهزمًا، ولا
يقتنيكم. فإنه
يُسمَح له أن
يُجَرِّب بعض
القديسين
خدام الله،
لكنهم يغلبون
لأنهم لا
يهربون من
الطريق،
هؤلاء الذين
يلاحظون
العقب فلا
يسقطون...
يا
إخوتي من يرغب
أن يلاحظ رأس
الحية يعبر
هذا البحر في
أمان...
إن
كنتم تخافون
جهنم، وتحبون
ملكوت الله،
فإنكم
ستلاحظون رأس
الحية "لأنه
ليس سلطان إلا
من الله" (رو 13: 1).
فمما تخاف؟
ليبق التنين
في المياه.
ليبق في
البحر، وأنتم
تعبرون خلاله.
لقد جُعِلَ
هكذا تلعبون
له، لقد
دُبِّر له أن
يسكن هذا
المكان؛ لقد
أُعطِيَ له
هذا الموضع.
أنتم تظنون إن
هذا المسكن
أمر عظيم
بالنسبة له،
ذلك لأنكم لا
تعرفون أنه
سُكنَى للملائكة
عندما سقطوا.
ما تظنون أنه
مجد له، هو إدانة
له[106].
v هذه
الحية تريد أن
تفترس، أما هو
(الله) فلا يفترس
من يرغب فيه...
v أتريدون
ألا تكونوا
طعامًا
للحية؟ لا
تكونوا
ترابًا!
تجيبون: كيف
لا تكون
ترابًا؟ إن لم
يكن لديكم
تذوق للأمور
الأرضية.
اسمعوا للرسول
كي لا تكونوا
ترابًا...
"اهتموا بما
فوق لا بما على
الأرض" (كو 3: 2) [107].
القديس
أغسطينوس
v إن
رآك الشيطان
مرتبطًا
بالسماء،
ساهرًا، فإنه
لن يجرؤ قط
حتى أن يحدق
فيك[108].
v السيرة
الطاهرة تسد
فم الشيطان
نفسه وتبكمه[109].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v قال القديس
باسيليوس
الكبير: إن
سفنًا هي نفوس
الصديقين
الذين بقلوع
الفضائل
يرتفعون فوق
بحر هذا
العالم.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
كُلُّهَا
إِيَّاكَ
تَتَرَجَّى
لِتَرْزُقَهَا
قُوتَهَا فِي
حِينِهِ [27].
كل
الخليقة
السماوية
والأرضية
تنظر إلى الله
بروح الرجاء،
فهو الذي خلق
الكل، ويعتني
بالكل،
ويُدَبِّر
للكل أمورهم
في حينه، أي
في الوقت
المناسب.
تُعْطِيهَا
فَتَلْتَقِطُ.
تَفْتَحُ
يَدَكَ
فَتَشْبَعُ
خَيْرًا [28].
الله
من جانبه
يُقَدِّم
بفيضٍ،
ليُشبعنا، ونحن
من جانبنا
يلزم ألا نقف
في سلبية، بل
نلتقط مما
يُقَدِّمه
لننال ونشبع.
يُدعَى
الربُ الصلاح
ذاته أو الخير
ذاته، وهو كلي
الصلاح، لهذا
إذ يبسط يديه
لنا، خاصة على
الصليب، يفيض
علينا
بالخيرات،
فنصير به صالحين،
وبدونه لن
ننعم بالصلاح
الحقيقي.
v المسيح
هو يده. "لمن
أُستعلنتْ
ذراع الرب؟"
(إش 53: 1).
تُستعلَن لمن
تُفتَح له،
فإن الإعلان
هو انفتاح. "تفتح
يدك فتشبع
خيرًا".
عندما تعلن عن
مسيحك،
يشبعون
جميعهم خيرًا.
لكن ليس لهم
خير من ذواتهم[110].
القديس
أغسطينوس
v ما
هو صالح من
الله، وما هو
من الله صالح[111].
القديس
أمبروسيوس
v بقوله:
تفتح يدك
فيمتلئ الكل
خيرًا، يدل
على سهولة
منحه الطعام
لها. وأيضًا
يشير إلى فتح
يدي ربنا على
الصليب
وامتدادهما،
لأن بصلبه
امتلأتْ
السماء
والأرض وكافة
الخلائق من
خير الله
ورحمته.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v لا
تخف أيها
القطيع
الصغير.
بقوله: "لا
تخفْ" يعني
أن أباهم
السماوي يهب
بكل يقين دون
أدنى شك
الحياة للذين
يحبونه، فهو
لن يهمل
خاصته، بل
بالحري يفتح
لهم يده التي
تملأ الكون
أبدًا بالخير[112].
القديس
كيرلس الكبير
تَحْجُبُ
وَجْهَكَ
فَتَرْتَاعُ.
تَنْزِعُ
أَرْوَاحَهَا
فَتَمُوتُ،
وَإِلَى
تُرَابِهَا
تَعُودُ [29].
كل
حياة
المخلوقات
التي على
الأرض هي عطية
من الله،
وتعتمد عليه.
متى سُحِبتْ
الروح يرجع الجسم
إلى أصله، أي
تراب.
إذا
حجب الرب وجهه
عن خليقته، أي
نزع رعايته
عنها، ترتعب.
v الإنسان
الذي يتوب عن
خطاياه يكشف
نفسه، أنه ليس
له قوة من
ذاته، ويعترف
لله قائلًا
إنه تراب
ورماد. أيها
المتكبرون
إنكم تعودون
إلى ترابكم،
تُنزَع
أرواحكم، فلا
تعودون
تفعلون ما
تفتخرون به.
ها أنتم ترون
أنكم مخلوقون
من تراب،
وعندما يحجب
الرب وجهه،
ترجعون إلى
ترابكم. لذلك
صلوا
واعترفوا
بترابكم وضعفكم[113].
القديس
أغسطينوس
v يتحدث
المغبوط داود
في موضعٍ آخر
من المزامير
عن الذين على
الأرض: "يأخذ
روحهم
فيموتون، ويعودون
إلى ترابهم،
ترسل روحك
فيخُلقون، وتجدد
وجه الأرض".
يقصد بوجه
الأرض
جمالها، ويفهم
من جمال الطبيعة
البشرية عدم
فسادها[114].
v أولئك
الأموات الذين
أحياهم
المسيح أكبر
شاهد على
قيامة الأموات...
وقد أشار
الأنبياء
المُقَدَّسون
إلى هذه
الحقيقة، إذ
قيل: "تحيا
أمواتك تقوم
الجُثَث.
استيقظوا
ترنموا" (إش 19:26).
يُراد
بالاستيقاظ حياة
المسيح التي
يهبها بقوة
الروح القدس.
وأشار أيضًا
المرتل إلى
ذلك بعبارات خاطب
بها الله مخلص
العالم: "تحجب
وجهك فترتاع،
تنزع أرواحها
فتموت وإلى ترابها
تعود" (مز 29:104).
كانت معصية
آدم سببًا في
إقصاء وجوهنا عن
رؤية الله
والتصاقها
بتراب الأرض،
لأن الله حكم
على الطبيعة
البشرية
بالقول: "لأنك
تراب وإلى
تراب تعود" (تك
19:3). ولكن عند نهاية
العالم يتجدد
سطح الأرض،
لأن الله الآب
يهب بابنه
حياة لجميع ما
في الكون.
الموت جلب على
الناس
الشيخوخة
والفساد... أما
المسيح فهو
المحيي
والمجدد لأنه
هو الحياة[115].]
القديس
كيرلس الكبير
تُرْسِلُ
رُوحَكَ
فَتُخْلَقُ.
وَتُجَدِّدُ
وَجْهَ
الأَرْضِ [30].
كل
الخليقة هي من
عمل الله، فقد
خلق العالم، وهو
لا يزال يعتني
به كمن
يُجَدِّد وجه
الأرض.
v ما ورد في
الآية 29 يخص
الحياة
الخاصة
بالحواس، أما
العبارة 30
فتخص نفوس
البشر التي
تتمتع بالقيامة
الأولى
كعربون
للتمتع
بالقيامة الأخيرة.
يقول ايسيشيوس
إن الله أرسل
الروح القدس،
وخلق الأمم
بكرازة الرسل
القديسين.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
v يقول
الرسول:
"لأننا نحن
عمله،
مخلوقين في المسيح
يسوع لأعمال
صالحة" (أف 2: 10).
ننال نعمة من
روحه، كي نحيا
في البرّ،
لأنه هو الذي
يُبَرِّر الفجّار
(رو 4: 5)... عندما
يأخذ أرواحنا
نرجع إلى ترابنا،
ونتطلع إلى
ضعفنا لأجل
بنياننا، وعندما
نقبل روحه
نتجدد[116].
القديس
أغسطينوس
v إن كان
الخلق هنا
يعني إحياء
الموتى
ثانية، فكيف لا
تكون أعمال
الروح القدس
قديرة، هذا
الذي يُعَد
بالنسبة لنا
واهب الحياة
التي بعد
القيامة،
والذي يناغم
نفوسنا مع
الحياة
الروحية في
الدهر الآتي؟
أو إن كان
الخلق هنا
يعني التغيُّر
إلى حالة أفضل
للذين سقطوا
في الخطية في
هذا العالم
الحاضر (لأنه
كان هكذا
تُفهَم بحسب
الكتاب
المقدس كما
جاء في كلمات
بولس: "إن كان
أحد في المسيح
فهو خليقة
جديدة").
والتغيُّر
الذي يحدث في
هذه الحياة،
والتحوُّل من
حالتنا
الأرضية
الحسية إلى
السيرة
السماوية، والذي
يحدث فينا
بالروح
القدس، ومن ثم
تُرفَع
نفوسنا إلى
أعلى حالات
الإعجاب[117].
القديس
باسيليوس
الكبير
v إن كان
الآب بالكلمة
في الروح
القدس يخلق كل
الأشياء
ويجددها، فأي
شبه أو قرابة
بين الخالق
والمخلوقات؟
إن مثل هذا
الكلام
الرديء يقود
إلى التجديف
على الابن،
حتى أن أولئك
الذين يقولون
إن الروح
مخلوق،
يقولون أيضًا
إن الكلمة
الذي خُلقتْ
به كل الأشياء
مخلوق[118].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
v تحدَّث
الرسول بولس
عن هذا
بكلماتٍ
واضحةٍ: "إن
كان الخارج
يفنى،
فالداخل
يتجدد يومًا
فيومًا" (2 كو 4: 16).
يُخبرنا بأن
هذا التجديد
يتحقق إذ ننمو
في معرفة
الله، بمعنى
أن نتأمل
ونُثَبِّت
أفكارنا في
شخص الله،
الذي هو عادل
وقدُّوس (2 كو 4: 17).
بممارستنا هذا
فإن كل ما هو
باطل وزمني
يفقد التصاقه
بنا، وبالتالي
نبدأ نقاوم كل
ما يُفسِد
صورة الله
فينا، ونحتقر
هذه الأمور.
هذا
هو التغيير
الداخلي
لنفسك
والتقدُّم المستمر
نحو الأبدية.
توقفْ عن ثقتك
في أسس العالم
المنظور أكثر
من ثقتك في
أسس العالم
غير المنظور،
هذا يكون له أثره
على الفكر
الروحي
المتجدد.
التغيير
الداخلي يعني
توقُّف تبديد
طاقتك والانشغال
بالأمور التي
تجلب ملذات
جسدية، وذلك
بالرجاء في أن
تُشبِع
أعماقك وتجد
الفرح الحقيقي
الدائم داخلك
الصادر عن
ينابيع الروح.
خلال
الجهاد
المستمر
يمكننا أن
نضبط ونقلل من
رغبتنا في الحياة
حسب شهوات
جسدنا، حسب
الأسس
الأرضية. هذا
يعني أن نرتبط
بما هو روحي
بحبنا لله،
والتصميم على
أن نتبعه
بالروح.
أخيرًا،
يعتمد نجاحنا
في هذا كله
على العون الإلهي.
فإن كلمة الله
هي التي تهب
راحة وتعلمنا:
"بدوني لا
تقدرون أن
تفعلوا
شيئًا" (يو 15: 5).
هذا
يصف لنا العمل
اليومي الذي
يتحقق في
الذين يتقدمون
روحيًا كما
ينبغي[119].
القدِّيس
أغسطينوس
v يليق
بالروح القدس
أن يرفرف على
الأرض، ليجعلها
تأتي بثمرٍ؛
لأنه بعون
الروح تأتي
ببذور الميلاد
الجديد الذي
يتجدد حسب
كلمات النبي: "ترسل
روحك فتخلق،
وتجدد وجه
الأرض" (مز 104: 30)[120].
القديس
أمبروسيوس
4. تسبيح
المرتل
للخالق
يدعونا
التفسير
التلمودي
والمدراش إلى
ملاحظة أننا
نجد أول
هللويا في سفر
المزامير هنا
في نهاية هذا
المزمور. فهو
مزمور مجد
الخالق،
العامل في
الخليقة كلها
لحساب
الإنسان. يهب
الحيوانات
والطيور
احتياجاتها،
ويُجَدَّد
وجه الخليقة،
ويجعل من
الشيطان
ألعوبة يسخر
منه المؤمن.
إنه مزمور
التهليل
بالله محب البشر.
لقد لاق
بالمؤمن أن
يتغنى بلا
انقطاع: "باركي
يا نفسي الرب".
فإن اكتشاف
المؤمن للنور
الساكن فيه
إلهه والسحاب
الذي هو مركبة
ربه وخدامه
اللهيب النار
يُفَرِّح قلب
المؤمن. لأنه
ينعم بصورة
خالقه،
فينسكب النور
الإلهي عليه
بالبهاء،
ويحمل قوة
فائقة حيث
تعمل الطبيعة
لحسابه، بل
ويصير مع خدام
الله السمائيين
نارًا متقدة
بالحب الإلهي.
يَكُونُ
مَجْدُ
الرَّبِّ
إِلَى
الدَّهْرِ.
يَفْرَحُ
الرَّبُّ
بِأَعْمَالِهِ
[31].
كل ما
خلقه الله
صالح وحسن.
إنه يُسَر
بعمله، أما
الخطية التي
ليست من عمله
فلا يُسَر
بها. يفرح بنا
فيما هو صنعه،
ولا يسر بما
صار دخيلًا
إلى الطبيعة التي
خلقها.
v "يفرح
الرب
بأعماله"
ليس في أعمالك
بكونها لك،
لأنه إن كانت
أعمالك
شريرة، فهي
بسبب شرك؛ وإن
كانت صالحة،
فهي بنعمة
الله[121].
القديس
أغسطينوس
v كثيرون
يَدْعون
أنفسهم "رجالًا"
(أناسًا)،
لكنهم ليسوا
بالحق هكذا.
فالبعض يعيشون
بسلوك بهيمي،
بينما آخرون
بسلوك
الزواحف،
يبثون حنقهم
كوحوش مفترسة.
لهذا يقول
داود نفسه:
"والإنسان في
كرامةٍ لا يبيت
يشبه
البهائم" (مز 49:
12)...
لكن
بالتأكيد
تُستخدَم
كلمة "إنسان"
على من يحمل
صورة الله (تك 1:
27) هذا الذي
يحمي كرامته
بطريقة
لائقة، ويعرف
الخيار بين
الخير والشر،
ويهب مجده
لخليقته التي
تبتهج به،
وتجد مسرتها فيه
(مز 104: 31).
هكذا
"كان رجل في
أرض عوص اسمه
أيوب". فقد
كانت المنطقة
قفرًا
موحشًا، لكن
به غرس أليف
(هو أيوب)...
كان
أيوب كنزًا لا
ينقصه شيء.
كان مملوءً من
عنب مغروس.
كان كاملًا
كخليقة الإله
الحق، إذ استخدم
فضائله لحساب
الحق بغير
رياء، متممًا
وصايا الله...
فقد عبد الله
حسبما يريد
الله[122].
الأب
هيسيخيوس
الأورشليمي
النَّاظِرُ
إِلَى
الأَرْضِ
فَتَرْتَعِدُ.
يَمَسُّ
الْجِبَالَ
فَتُدَخِّنُ
[32].
يرى
كثير من آباء
الكنيسة مثل القديسين
أغسطينوس
وجيروم إن
الله يريد أن
يقيم منا
سماءً جديدة.
فإن قَبِلنا
عمله فينا ننعم
بنظراته
إلينا، ونجد
فيها فرحنا
وشبعنا. إن
صممنا أن نعيش
كأرضيين
مرتبطين
بالزمنيات لا
الأبديات فإن
نظراته تُرعب
ما هو أرضي
فينا،
وتزلزله
لعلنا نرجع
إليه ونصير
سماءً.
إن
تشامختْ
نفوسنا،
فحسبنا
أنفسنا
جبالًا، يلمسنا
فندخن!
v أيتها
الأرض، لقد
كنت تفتخر
بصلاحك، تنسب
لنفسك كمالك
وغناك
(الروحي).
انظرْ، هوذا
الرب يتطلع
إليك، ويجعلك
ترتعب، فإن ارتعاب
التواضع أفضل
من ثقة
الكبرياء...
لذا فلتعملْ
برعدة. لتسمع
مزمور آخر:
"اعبدوا الرب
بخوفٍ،
واهتفوا
برعدةٍ" (مز 2: 11)...
"يمس
الجبال
فتدخن"، ماذا
يعني دخان
الجبال؟ أنهم
يُصَلُّون
للرب.. أنه
جبل، أنه
محتاج أن يلمسه
الله لكي
يدخن. عندما
يبدأ يدخن
يقدم صلوات لله،
إذ هي ذبيحة
قلبه. إنه
يدخن نحو
الله، عندئذ
يقرع قلبه،
ويبدأ يبكي،
فإن الدخان
يسبب دموعًا[123].
القديس
أغسطينوس
v يتوقف
وضع الأرض على
قوة الله. هذا
يمكنكم أن تتعلموه
من المكتوب: "الناظر
إلى الأرض
فترتعد" (مز 104: 32).
وفي موضع آخر:
"مرة أخرى أنا
أُحَرِّك
الأرض". لهذا
تبقى الأرض
ثابتة لا
بتوازنها،
وإنما تتحرك
غالبًا بناء
على موافقة
الله وإرادته
الحرة. يقول
أيوب أيضًا:
"يزعزع الرب
الأرض من
مقرها" (راجع
أي 9: 6)... أقام
الرب الأرض
بمساندة إرادته،
لأن في يديه
كل أقاصي
الأرض (مز 95: 4)[124].
القديس
أمبروسيوس
v أراد
النبي أن
يُعَرِّفنا
عظم قدرة الله
فقال: "الناظر
إلى الأرض
فترتعد". إن
جسم الأرض
العظيم
وثقلها، إذا
نظر الله إليها
بغضبٍ ترتعد
مثل ورقة
الشجر أمام
هبوب الريح.
وإذا مسّ
الجبال تلتهب
وتدخن، كما
حدث مع جبل
سيناء، إذ كان
يسطع دخانًا
عندما كان يشرع
الله الشريعة
القديمة... قال
القديسان
أثناسيوس واسيشيوس
في يوم
القيامة
ترتعد جميع
الأمم الموجودة
على الأرض من
خوفهما.
وأيضًا
الجبال، أعني
القوات
المضادة
تضطرم وتدخن.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
أُغَنِّي
لِلرَّبِّ
فِي حَيَاتِي.
أُرَنِّمُ
لإِلَهِي
مَادُمْتُ
مَوْجُودًا [33].
من
يلتصق بالرب
يتمتع
بالحياة
الجديدة المتهللة،
فيتغنى كل
كيانه بالرب
حياته.
v "أغني
للرب في
حياتي".
بماذا يعني؟
بكل ما يرغب
فيه... حياتنا
في الوقت
الحاضر هي
رجاء فقط،
حياتنا ستكون
أبدية فيما
بعد... إذ هو
يُحَب إلى
الأبد، فإنه
يُسَبَّح
بواسطتنا
أبديًا[125].
القديس
أغسطينوس
v أغني أن
الذي يردد بعقله
إحسانات الله
السابقة
واللاحقة،
وعنايته
واهتمامه
بتدبير
العالم،
ويفكر بنظم قدرته
وحقه وعدله،
ومجازاته في
يوم الدينونة
لكل واحدٍ حسب
أعماله ينخشع
ويسبح الله
ويرتل له، ليس
بالقول فقط،
لأن الذهبي
الفم قال: إنك
يا هذا لو
أنفقت نهارك
بجملته في
التوسل والتضرع،
وإن صلَّى من
أجلك العالم
كله، وكانت
سيرتك غير
مرضية، فلا
تفعل الصلاة
شيئًا البتة.
وأما إن كان
العمل
مطابقًا
للصلاة، فذاك
يلذ لله
خطابه،
ويرتقي إلى
منزلة
الملائكة،
وينال مطلوبه،
ويترجى نوال
منح أخرى،
ويفرح بالرب.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
فَيَلَذُّ
لَهُ نَشِيدِي،
وَأَنَا
أَفْرَحُ
بِالرَّبِّ [34].
جاء عن
الترجمة
السبعينية
والقبطية: "فيلذ
له كلامي
(محادثتي).
يُسَر
الله بنفوسنا
المتهللة به،
وتُسَر نفوسنا
بالتسبيح له.
v ما
هي محادثة
الإنسان مع
الله سوى
الاعتراف بالخطايا؟
اعترفْ لله
بما أنت عليه
فتدخل في محادثة
معه. تحدَّث
معه ومارس
الأعمال
الصالحة، وحاوره.
يقول
إشعياء:
"اغتسلوا،
تنقوا" (إش 1: 16).
ما هي المحادثة
مع الله؟
اكشفْ نفسك
لذاك الذي
يعرفك، لكي
يكشف نفسه لك
يا من لا
تعرفه.
انظروا
هذه هي
محاورتكم
التي تلذ
الرب: تقدمة التواضع
التي لك، تعب
قلبك،
مُحرَقة حياتك،
هذه تلذ الله.
لكن
ما هو الذي
يرك أنت؟ "وأنا
أفرح بالرب".
هذه هي
المحادثة
التي أعنيها
التي بين الله
وبينك: أظهر
ذاتك لذاك
الذي يعرفك،
وهو يظهر نفسه
لك يا من لا
تعرفه. ما
يسره هو
اعترافك: وعذبة
لك هي نعمته.
أنه يتحدث
معك؛ كيف؟
بالكلمة. أية
كلمة؟ المسيح![126]
القديس
أغسطينوس
v حلو
هو صوت النفس
حينما تنطق
بكلمة الله،
حينما تشرح
إيمان الحق وتعليمه،
حينما تكشف عن
معاملات الله
وأحكامه[127].
v يقول
داود النبي
الحكيم
العظيم: "يلذّ
له نشيدي" (مز
34:103). يصير صوت
النفس عذبًا
حينما يردد كلمة
الله، ويفسر
الإيمان
وتعاليم
الحق، ويكشف
عن معاملات
الله وأحكامه[128].
v عندما
صارت (العروس)
أهلًا أن
يُقال لها ما
قيل أيضًا
لموسى: "وموسى
يتكلم والله
يجيبه" (خر 19: 19)،
حينئذ يتحقق
فيها ما
يقوله:
"أسمعيني صوتك"
(نش 2: 14). حقًا إنه
لمدح عظيم لها
يتضح من هذا القول:
"صوتكِ حلو"
(نش 2: 14). هكذا
أيضًا قال
النبي العظيم
في الحكمة
داود: "ليلذ
له كلامي"
(راجع مز 104: 34).
بكون صوت
النفس لذيذًا
له، عندما تنطق
بكلمة الله،
وتشرح
الإيمان
وتعاليم
الحق، عندما تكشف
معاملات الله
وأحكامه[129].
العلامة
أوريجينوس
v لتعلموا
أن هذه الصلاة
هي حديث مع
الله، اسمعوا
النبي يقول: "فيلذ
الله حواري"
، أي ليكن
كلامي جالبًا
للسرور أمام
عيني الله.
ألا يستطيع أن
يخدمنا قبل أن
نسأل؟ إنه ينتظر
حتى نُقَدِّم
له الفرصة،
فيجعلنا
أهلًا لعنايته.
وسواء نلنا ما
طلبناه أم لا،
فلنواظبْ على
صلواتنا،
ولنشكره لا
حينما ننال
طلبتنا فحسب،
بل وحينما لا
ننالها. وإذا
ما شاء الله
ذلك ألا يجيب
سؤالنا لأن
ذلك فيه خير
لنا، نشكره كما
لو كنا قد
نلنا ما نطلبه
في الصلاة.
فإننا لا نعرف
ما هو الخير
بالنسبة لنا
كما يَعْلم
هو. لهذا يليق
بنا أن نشكر،
سواء نلنا طلبتنا
أو رُفضتْ[130].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
لِتُبَدِ
الْخُطَاةُ
مِنَ
الأَرْض،
وَالأَشْرَارُ
لاَ
يَكُونُوا
بَعْدُ.
بَارِكِي
يَا نَفْسِي
الرَّبَّ.
هَلِّلُويَا
[35].
يُعْلِن
هذا المزمور
عن صلاح
العَالَم
الذي خلقه
الله، فلا
موضع للخطية
فيه، ويُباد
الخطاة [35]. فإن
روح الله يعطي
قوة للتطهير،
فيعود الشر إلى
التراب الذي
منه يصنع الله
خليقة جديدة.
يرى
القديس
جيروم[131] أن
المرتل لم
يقل: "لتُبد
الخطاة
أبديًا" وإنما
"من الأرض"،
فالمرتل لا
يطلب هلاكهم
في نار جهنم،
إنما يطلب
رجوعهم عن
الشر،
مشتهيًا ألا
يوجد أشرار على
الأرض.
v "لتُبد
الخطاة من
الأرض".
ليُبادوا
تمامًا،
لتنُزَع
روحهم منهم،
كي يرسل (الرب)
روحه
فيتجددوا.
"والأشرار
لا يكونوا
بعد" كيف لا
يكونوا بعد
إلا بكونهم
أشرارًا؟
ليتبرروا،
فلا يكونوا
بعد أشرارًا.
لقد رأى المرتل
ذلك، فامتلأ
فرحًا وكرر
العبارة
الأولى من المزمور:
"باركي يا
نفسي الرب"[132].
القديس
أغسطينوس
v لتبد
الخطاة من
الأرض". لا
يصلي النبي
لكي يهلك
الخطاة، بل أن
تُبطَل
الخطية. عندما
لا تظهر بعد
الخطية، لا
يوجد بعد
خطاة، ويكون
الكل أبرارًا.
"الأشرار لا
يكونوا بعد"،
فلا يكونوا
بعد خطاة، بل
يصيروا
أبرارًا[133].
القديس
جيروم
v يضرع
المرتل
طالبًا إبادة
الظلم
والخطية، لأن
الإنسان ليس
عدوًا
للإنسان، لكن
حركة الشر
التي في
الإرادة
الحرة... يتحدث
القديس بولس
عن هذا بإسهاب
عظيم حينما
يقول إن حربنا
هي ضد
السلاطين، ضد
القوات، ضد
رؤساء هذا
العالم، ضد
أرواح الشر في
العلويات (أف 6: 12)[134].
القديس
غريغوريوس
النيسي
v قال يوحنا
الذهبي الفم:
إن النبي
المضبوط
بقوله: "لتُبد
الخطاة من الأرض،
والأثمة حتى
لا يوجدوا
فيها"، ليس
مراده هلاكهم
وعدم وجودهم، لأن
الله
وأتقياءه لا
يريدون هلاك
الخاطئ، بل
خلاصه
وإصلاحه.
فقوله لتُبد
من الأرض،
تعني لتبطل
رغبتهم في
الأرضيات
وتُباد،
وتصلح سيرتهم،
ويُعدم
وجودهم في
السوء.
وقال ديديموس:
إنه في يوم
الانقضاء،
السماء
والأرض
تتجددان،
وتكونان
بريئتيْن من
كل فسادٍ
وحزنٍ، ومملوءتيْن
من الفرح
والسرور،
وتصيران
مسكنًا للصديقين.
أما الخطاة
والأثمة
فيُبادون من
الأرض،
ويذهبون إلى
نار جهنم التي
لا تُطفَأ.
فإذ عرفتِ هذا
يا نفسي باركي
الرب، وواظبي
على الصلاة
مسنودة بسيرة
حميدة.
الأب
أنسيمُس
الأورشليمي
من وحي
المزمور 104
عجيب أنت يا
خالقي في
رعايتك!
v تُسَبِّحك
أعماقي،
وتشكرك لأجل
رعايتك الفائقة.
في
تواضعك سمحت
لنا أن نتطلع
إلى نورك
البهي!
لبستَ
النور غير
المنطوق به،
لكي
ننعم بانعكاس
بهائك علينا.
حقًا
ليس من خليقة
في السماء ولا
على الأرض تُدْرِك
جوهرك.
لكن
برعايتك
الفائقة تدخل
بنا إلى نورك!
v أي
ثوب تحتاج
إليه، يا أيها
الغير
مُدْرََك؟
تَقْبَل
كنيستك كثوبٍ
ترتديه،
فتُشرِق
في داخلها
بنورك!
وتقيم
منها سحابًا
خفيفًا
بهيًا،
فتجعل
منها كرسيًا
ومركبة تجلس
فيها.
v جعلتَ
ملائكتك
رياحًا بلا
أجساد ثقيلة
مادية،
وخدامك
لهيب نار لا
يقدر العدو أن
يُطفئها!
لتضطرم
نار روحك
القدوس فينا،
فتلتهب
قلوبنا بنار
حبك،
وتستنير
أعيننا،
فندرك
أسرارك
الإلهية.
v الأرض
الدائمة
الحركة،
ثابتة كما على
قواعد قوية،
ينعم
الإنسان
بالسُكْنَى
فيها، كما لو
كانت ثابتة
لراحته.
خلقتني
من تراب،
لكنك
وهبتني نسمة
حياة من لدنك.
بخطيتي
صرت تحت الحكم
أن أعود إلى
التراب.
لكن
بخلاصك
رفعتني،
لأعود إلى
السماء، وأحيا
معك!
v تصغر
نفسي جدًا
أمام الأرض
بكل اتساعها،
وأمام
الجبال
بجبروتها،
والمحيطات
بأعماقها،
والرياح
بقوتها
وقدرتها!
لكنني
إذ أجد لي
موضعًا في
أحضانك،
أرى
الطبيعة بكل
عظمتها تنحني
لخدمتي!
أراك
يا من تعتني
بي تأمر
فتطيعك كل
الطبيعة،
ولا
تتعدى
الطبيعة
حدودها بدون
إذنك.
لك
القوة والمجد
من أجل عظمة
عنايتك بي.
v يا
لرعايتك
الفائقة بكل
خليقتك.
تهتم
بحيوانات
البرية،
فتفجر
لها عيونًا في
البرية لتروي
ظمأها.
وتهب
الطيور مواضع
آمنة تعشش
فيه!
تنبت
عشبًا
للبهائم،
ومزروعات
لتُقَدَّم
طعامًا لبني
البشر!
تُقَدِّم
لنا الأرض
كرومًا
لصُنْعِ
الخمر.
وهبتنا
عقلًا، فلا
نسكر ونفقد
اتزاننا وسلامنا.
تُقَدِّم
لنا الأرض
زيتًا للبهجة
والفرح.
لم
يعوز أجسادنا
شيء،
فهل
تترك نفوسنا
في عوز؟!
تهبنا
بروحك القدوس
خمر الروح،
فتسكر
نفوسنا بحبك!
وتُقَدِّم
لنا جسدك ودمك
حياةً أبديةً!
نأكل
من وليمة
السماء،
وننعم بخبز
الملائكة.
v هيأت
للحيوانات
والطيور
مساكن مختلفة.
تعشش
الطيور وسط
أغصان
الأشجار،
ويجد اللقلق
مسكنًا في
السرو.
وتأوى
الوعول وسط
الجبال،
ويلجأ
الوبار إلى
الصخور.
أنت هو
مسكننا
الأبدي يا صخر
الدهور!
حضنك
الإلهي يهبنا
استقرارًا
دائمًا.
v نبتهج
بنور الشمس،
فنعمل وسط
النهار.
وننتظر
الليل،
لتستريح
أجسادنا إلى
حين.
تشرق
على نفوسنا
بنورك يا شمس
البرّ.
وتستريح
نفوسنا في
أحضانك!
v أتطلع
إلى البحار
والمحيطات،
فأصغر في عيني
نفسي!
يظن لوياثان
(إبليس) التنين
أنه قادر أن
يفترسني.
لكنك
أنت مُحَطِّم
كل قوى
الشيطان.
تجعل
منه ألعوبة،
يسخر به
أولادك
وبناتك!
نسير
في وسط بحار
هذا العالم
ومحيطاته،
نبحر
في سفينة
كنيستك
المقدسة.
أنت هو
قائدها، في
وسطها فلن
تتزعزع.
تبحر
بنا إلى ميناء
السلام،
أورشليم
العليا!
v لن
ننشغل
بتيارات
العالم، ولا
نرتبك بدواماته.
ما
يشغلنا روحك
القدوس الذي
يُجَدِّد مثل
النسر شبابنا.
يهبنا
روح الفرح
والتسبيح.
فنُقَدِّم
على الدوام
ذبائح الشكر.
نُغَنِّي
لك ونرتل مع
مصاف
السمائيين.
v لك
المجد يا غافر
الخطايا،
لك
المجد يا واهب
الخيرات،
لك
المجد يا
مقدِّس حياة
أولادك!
[1] Kidner, p. 372
[2] On Ps 104
(103).
[3] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[4] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[5] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[6] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[7] ربما
اقتبس القديس
كيرلس
المقارنة بين
المجيئين عن الشهيد
يوستينوس
(دفاعه 1: 52؛ مع
تريفو 110). أنظر
أيضًا ترتليان
(ضد اليهود 14) وهيبوليتس
(ضد المسيح 44).
[8] مقال
15: 1.
[9] Paed 2:11.
[10] إن
"السماء
المنبسطة"
بين الخير
والشر تتمثل
في كلمات
الحكمة التي
تمكن الإنسان
من التمييز
بين الخير
والشر.
[11] عظات
للعلامة
أوريجينوس
على
سـفر إرميا
ترجمة جاكلين
سمير كوستى، 2:8.
[12] On Ps 104
(103).
[13] On Acrs of Apostles, homily 2.
[14] cf. Charles Hodge: Systematic Theology, vol. 1, p. 637-8;
L. Berkhof: Systematic Theology, p. 144.
[15] ابن
العبري: ركن 5،
باب 3، فصل 2،
مقصد 1.
[16] On Ps 104
(103).
[17] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[18] Epistle 52:3.
[19] On Luke, Hom. 31: 4: 5.
[20] In Num. hom 5:3.
[21] In Luc, hom 35.
[22] In Luc, hom 35.
[23] In Num. hom. 14:2.
[24] In Lum. hom 11:4.
[25] Comm. on John 1:13 (ANF).
[26]
رسالة إلي
الشهداء
(ترجمة موسى
وهبة مينا)، فصل2.
[27] Orthodox Faith 2: 3
ترجمة
الاشمندريت
ادريانوس
شكور
[28] In luke 12:49-50.
[29] The Holy Spirit, 16:38
[30] Demonstrations, 4:2.
[31] في
مديح القديس
بولس، 1.
[32] الأب
الياس، ص 268.
[33] Paschal Letters, 3:4.
[34] On Ps 104
(103).
[35] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[36] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[37] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[38] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[39] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[40] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[41] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[42] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[43] Commentary on Luke, Homily 10.
[44] Commentary on Luke, Homily 12.
[45] Mystagogic, 4:9.
[46] تفسير
خر 27: 1- خر 28: 1.
[47] In Defense of His Flight, Oration 2: 46.
[48] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[49] Commentary on Songs 3:13.
[50] عظة
5 على نشيد
الأناشيد
ترجمة
الدكتور جورج
نوّار.
[51] The Lord’s Prayer, Sermon 4.
[52] Ascetic Homilies, 46.
[53] عظة 11: 1.
[54] Prayer of David 4:2:7.
[55] Death as a God 5: 20.
[56] Cassian, Conferences 14:17.
[57] Cassian, Conferences 23:11.
[58] الأسرار
4، 9.
[59] Hom. On Eph. 19: 5. 17.
[60] Commentary on Matt 4: 26: 27.
[61] On Psalms, homily 42 (Ps. 127).
[62] Fr. Maximus of Turin: Sermons 51: 2.
[63] Prayer of Job and David 4: 2: 7.
[64] Glaphyra on Genesis, 3: 5
[65] In Matt. 7:25.
[66] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[67] Commentary on Songs 3:12.
[68] On Ps 104
(103).
[69] On Ps 104
(103).
[70] Sermon 136:3.
[71] On the Incomprehensible Nature of God, homily 7: 59.
[72] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[73] On Divine Providence, Discourse 1: 25-27.
[74] كتاب
الكمال، 70.
[75] Commentary on Songs 6:7.
[76] The Book of Perfection.
[77]
مرتيريوس أو Sahdona
(الاسم
السرياني) ولد
على مقربة من
كركوك في
العراق
الحديثة،
بالقرب من
نهاية القرن
السادس.
[78] Sermon 136:4.
[79] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[80] On Ps 104
(103).
[81] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[82] Sermon 136:5.
[83] cf. Gaebelein, p. 386.
[84] On Ps 104
(103).
[85] Homily 30 on Ps. 103 (104).
[86] Four Discourses against the Arians, 1: 16.
[87] Homilies on Ecclesiastes, 5 .
[88] عظة
7 على نشيد
الأناشيد
ترجمة
الدكتور جورج
نوّار.
[89] On the Beatitudes, Sermons 6.
[90] Commentary on John, 1: 244-246.
[91] مقال
9: 16.
[92] Commentary on Luke, Homily 130.
[93] On Divine Providence, Discourse 3.
[94] Hexameron 9:3.
[95] Cf.. Reg. Brev. 32.
[96]
أفاض القديس
في الحديث عن
فائدة الشمس
والقمر
والنجوم.
[97]
تحدث عن الموت
كعطية حسنة،
معلم لنا
للنمو الروحي،
وينقلنا إلى
عدم الفساد...
[98] The Divine Providence
[99] On Ps 104
(103).
[100]Homily 30
On Ps 103 (104).
[101] مقال
9: 11.
[102] Sermons, 136: 6.
[103] Cf. Paschal Letters 19: 7 (Easter 347 A, D).
[104] On Ps 104
(103).
[105]
مناجاة 16.
[106] On Ps 104
(103).
[107] On Ps 104
(103).
[108] In Incompr., homily 4.
[109] الحب
الأخوي، 1964، ص 84.
[110] On Ps 104
(103).
[111] Flight from the World, 6: 36.
[112] Commentary on Luke, Homily 91.
[113] On Ps 104
(103).
[114] Commentary on Luke, Homily 136.
[115]
عظة 36.
[116] On Ps 104
(103).
[117] On the Spirit, 19 (49).
[118] الرسائل
عن الروح
القدس إلى
الأسقف
سرابيون 1: 24
(ترجمة مؤسسة
القديس
أنطونيوس).
[119] On Seeing God, 17
[120] Hexameron, 1: 8.
[121] On Ps 104
(103).
[122] Homilies on Job, homily 1.
[123] On Ps 104
(103).
[124] Six Days of Creation 1: 6: 22.
[125] On Ps 104
(103).
[126] On Ps 104
(103).
[127] Commentary on Songs 3:15.
[128] Origen: Comm. on the Songs of Songs, book 3 (4):14 (ACW).
[129] Commentary on Song of Songs 3: 15.
[130] In Gen. Homily 30. PG 53:280.
[131] Against the Pelagians, 1: 28.
[132] On Ps 104
(103).
[133]Homily 30
On Ps 103 (104).
[134] The Lord’s Prayer, Sermon 1.