المزمور الحادى
والسبعون
صلاة شيخ
مُجرب!
لم
يُذكر اسم
واضع
المزمور،
إنما يشير فيه
أنه شيخ يمر
بضيقاتٍ
كثيرة، يضع
ثقته في الله،
ويطلب منه أن
يذكره في
شيخوخته. إن
كانت الشيخوخة
لم تعفِه من
وجود أعداء
مضايقين له،
لكنها لا
تُضعف عبادته
وثقته في الله
مخلصه.
واضح
من أسلوبه أن
الكاتب هو
داود النبي
حيث يستخدم
ذات
مصطلحاته،
مثل: "أمل
إليَّ أذنك"،
"صخرتي
وحصني"،
"ملجأي"،
"أسرع" الخ.
أقسامه
1. إعلانه عن
ثقته في
الله
1-5.
2. غذاؤه
التسبيح منذ
ولادته إلى
شيخوخته 6-9.
3. مقاومة
الأعداء لا
تهدأ
10-11.
4. صرخة
قلب
12-14.
5. تسبحة
النصرة
15-24.
العنوان
جاء
العنوان في
الترجمة
السبعينية: "لداود.
مزمور تغنَّى
به أبناء
يوناداب،
وللذين
اُقتيدوا
للسبي".
يعلق
القديس
أغسطينوس[1]
على العنوان
بأن أبناء
يوناداب،
أطاعوا وصية
أبيهم،
فرفضوا شرب
الخمر وبناء
بيوت وغرس زرع
وكروم، مع
سكناهم في
خيام كل أيام
حياتهم (إر 35: 5-10).
أطاعوا وصايا
أبيهم كأنها
من قبل الرب إلههم،
مع أن الله لم
يأمر بذلك،
لكنها تحمل روح
الوصية
الإلهية. لقد
باركهم الرب
من أجل طاعتهم
لأبيهم،
موبخًا شعبه
على عصيانهم
له، وهو
إلههم.
1.
إعلانه عن
ثقته في الله
بِكَ
يَا رَبُّ
احْتَمَيْتُ،
فَلاَ
أَخْزَى
إِلَى
الدَهْرِ [1].
جاءت
الافتتاحية [1-3]
مطابقة
لافتتاحية
المزمور 31: 1-3.
إذ
يشعر المرتل
بأن الضيقات
تلاحقه في
شيخوخته يظهر
أمام الله،
ليعلن إيمانه
به، وثقته في مواعيده
الإلهية، وأن
الذين يتكلون
عليه لا يخزون.
إذ
تحل بالإنسان
متاعب
وضيقات، يجد
في الله وحده
الحماية،
فيصرخ:
"ارحمني يا
الله ارحمني،
لأنه بك احتمت
نفسي، وبظل
جناحيك احتمي
إلى أن تعبر
المصائب" (مز 57: 1).
"احفظني يا
الله، لأني
عليك توكلت"
(مز 16: 1). "احفظ
نفسي واَنقذني،
لا أخزى لأني
عليك توكلت"
(مز 25: 20).
v عظيمة
هي قوة الرجاء
في الرب، قلعة
لا تُقهر، سور
واقٍ لا يمكن
مهاجمته،
إمداد عسكري
لا ينهزم،
ميناء هادئ،
برج منيع،
سلاح لا
يُقاوم، قوة
لا تُقهر
قادرة على
اكتشاف ملجأ
في موضع لا
يتوقعه أحد.
بهذه القوة
يصير غير
المسلحين
مسلحين، يكون
حال النساء
أفضل من
الرجال،
ويبرهن
الأطفال أنهم
بسهولة
يصيرون أكثر
قوة من الذين
يمارسون فنون
الحرب. أي عجب
إن كانوا
يغلبون
أعداءً بينما
في الواقع هم
يغلبون
العالم نفسه...
الرجاء بالرب
يُغير كل شيء[2]!
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
يرى
القديس
أغسطينوس أن المرتل
هنا يشعر
بنعمة الله
الغنية التي
تسنده على
الدوام. هذه
هي قصة كل
الكتاب
المقدس، وقصة
كل إنسانٍ
مقدس للرب.
v في كل
الأسفار
الإلهية، نعمة
الله التي
تخلصنا تودع
نفسها فينا،
لكي ما نودع
نحن أنفسنا
فيها. هذا ما
يتغنى به هذا
المزمور... هذه
النعمة التي
يوصي بها
الرسول... إنه
يقول: "لأني
أصغر الرسل،
أنا الذي لست
أهلًا أن
أُدعى
رسولًا، لأني اضطهدت
كنيسة الله" (1
كو 15: 9). يقول:
"لكنني
رُحمت، لأني فعلت
بجهلٍ في عدم
إيمان" (1 تي 1: 13).
يقول بعد ذلك
بقليل: "صادقة
هي الكلمة
ومستحقة كل
قبولٍ، أن المسيح
جاء إلى
العالم ليخلص
الخطاة الذين
أولهم أنا" (1
تي 1: 15)... نعم سبق
كل البشر، ليس
من جهة الزمن،
إنما من جهة
تدبيره
الشرير. يقول:
"لكنني
رُحمت ليُظهر
يسوع المسيح
فيَّ أنا
أولًا كل
أناةٍ،
مثالًا للعتيدين
أن يؤمنوا به
للحياة
الأبدية"،
أي أن كل خاطي
وظالم يائسٍ
من نفسه له
فكر المُجالد
(الشخص الأسير
أو العبد الذي
يقاتل حتى
الموت لكي
يُعطي مُتعة
للناس في روما
القديمة)... هذه
النعمة التي
لله تُودع
فينا في هذا المزمور
أيضًا.
v لقد
خزيت بالفعل،
لكن ليس إلى
الأبد. لأنه
كيف لم يخزَ
ذاك الذي قيل
له: "فأي ثمرٍ
كان لكم حينئذٍ
من الأمور
التي تستحون
بها الآن؟" (رو
6: 21) ماذا إذن
يُفعل حتى لا
نخزى إلى
الأبد؟
"اقتربوا
إليه،
واستنيروا،
ووجوهكم لا
تخجل" (راجع مز
34: 5). أنتم مخزيون
في آدم.
انسحبوا من
آدم، واقتربوا
إلى المسيح،
وعندئذٍ لا
تخزون. "فيك
يا رب أترجى،
فلا أخزى إلى
الأبد" (LXX).
فإنني في نفسي
أنا الآن في
خزي، فيك لا
أخزى إلى
الأبد[3].
القديس
أغسطينوس
بِعَدْلِكَ
نَجِّنِي
وأَنْقِذْنِي.
أَمِلْ
إِلَيَّ
أُذْنَكَ
وَخَلِّصْنِي
[2].
كثيرًا
ما يكرر
المرتل كلمة "برَّك"
في هذا
المزمور، وإن
كانت قد ترجمت
أحيانًا "عدلك".
يعتمد رجاء
المؤمن على
برّ الله،
ببرّه يتمم
وعوده
الإلهية مع
مؤمنيه.
v "ببرِّك
نجني وأنقذني"
[2 LXX]. ليس
ببرِّي الذاتي،
بل ببرَّك.
فإنني فيما هو
لي أكون أحد الذين
يُقال عنهم:
"لأنهم إذ
كانوا يجهلون
برّ الله،
ويطلبون أن
يُثبِّتوا
برّ أنفسهم لم
يُخضعوا لبرّ
الله" (رو 10: 3).
لذلك يقول "في
برِّك" وليس
فيما هو لي؛
فماذا هو لي؟
يتقدمني الإثم.
وعندما أصير
بارًا، إنما
هو برِّك أنت.
فبالبرّ الذي
تعطيني أصير
بارًا...
"أمل
إليَّ أذنك".
هذا أيضًا
اعتراف
بالتواضع. من
يقول: "أمل
إليَّ"،
يعترف أنه
راقد كمريضٍ
ملقى عند
قدميّ الطبيب
الواقف.
أخيرًا،
لتلاحظ أن
المتحدث إنسان
مريض[4].
القديس
أغسطينوس
كُنْ
لِي صَخْرَةَ
مَلْجَأٍ
أَدْخُلُهُ
دَائِمًا.
أَمَرْتَ
بِخَلاَصِي،
لأَنَّكَ
صَخْرَتِي
وَحِصْنِي [3].
إذ
يفحص المرتل
كل حياته يعلن
عن خبرته مع
الله، أنه
بالحق هو
صخرته وحصنه
وملجأه.
"يا
رب ملجأ كنت
لنا في دورٍ
فدورٍ" (مز 901: 1).
"أمل إليّ
أذنك سريعًا،
اَنقذني. كن
صخرة حصن بيت
ملجأ
لتخليصي" (مز 31: 2).
v كن
حاميًا لي" [3].
ليت رماح
العدو لا تبلغ
إليَّ، فإنني
غير قادر على
حماية نفسي...
انظروا فإن
الله نفسه
يصير موضعًا لهروبكم،
هذا الذي كنتم
تهربون منه
خائفين... ارفعني
من الأرض،
فأَتكئ عليك
لكي أرتفع إلى
موضع حصين[5].
v يوجد
ضعف بشري
شديد، لا يزال
يوجد السبي
الأول، كما
يوجد أيضًا
ناموس في
الأعضاء
يحارب ضد ناموس
الذهن، ويود
أن يقود أسرى
إلى ناموس الخطية
(رو 7: 23). لا يزال
الجسد الفاسد
يضغط على النفس
(حك 9: 15). مهما يكن
ثباتك بنعمة
الله، فإنك مادمت
تحمل إناءً
خزفيًا، فيه
كنز الله، يجب
التخوف إلى
حدٍ ما من ذات
الإناء
الخزفي (2 كو 4: 7).
لهذا فإنك "أنت
هو ثباتي"،
كي أحيا
ثابتًا في هذا
العالم ضد كل
التجارب[6].
القديس
أغسطينوس
يَا
إِلَهِي
نَجِّنِي
مِنْ يَدِ
الشِّرِّيرِ،
مِنْ
كَفِّ
فَاعِلِ
الشَرِّ
وَالظَالِمِ [4].
في
رسالة بعثها القديس
جيروم إلى
أوستاخيوم
يعزيها فيها
بعد وفاة
والدتها
القديسة
باولا، كتب
فيها أن بعض
الأشرار شهَّروا
بأمها،
حاسبين
سلوكها
التقوي نوعًا
من الخبل
الفكري. هكذا
صارت القديسة
باولا في نظر
البعض مجنونة وتحتاج
إلى علاج.
v أعرف
أنه عندما
أُرسل إليها
بخصوص أمراض
أطفالها
الخطير خاصة
بخصوص توكستيوس
Toxotius التي
كانت تحبها
جدًا. إذ ضاقت
نفسها أولًا
حققت القول:
"انزعجت فلم
أتكلم" (مز 77: 4).
وبعد ذلك صرخت
بكلمات الكتاب
المقدس: "من
أحب أبنًا أو
ابنة أكثر مني،
فلا يستحقني"
(مت 10: 37). وصلَّت
للرب وقالت:
"يا رب استبقِ
بني الموت"
(راجع مز 79: 11)، أي
الذين يموتون
جسديًا لأجلك
كل يوم. إنني
أعلم أن ناشر
فضائح...
أخبرها مرة إن
البعض يظنون
أنها مجنونة وتحتاج
إلى علاج في عقلها،
وذلك بسبب
غيرتها
المتقدة في
الفضيلة. لقد
أجابت بكلمات
الرسول "صرنا
منظرًا للعالم
وللملائكة
والناس" (1 كو 4: 9)،
"نحن جهال من
أجل المسيح" (1
كو 4: 10)[7].
القديس
جيروم
العدو
الذي يطلب
المرتل
الخلاص منه
يحمل ثلاث سمات:
شرير، وفاعل
شر، وظالم.
كأن لا مجال
للتفاهم معه،
فقد صار بطبعه
شريرًا، يجد
مسرته في ممارسة
الشر مع
استخدام
القسوة
والعنف. لا مجال
للخلاص من شره
إلا
بالالتجاء
إلى الله. وكما
قال داود لجاد
النبي: "قد ضاق
بي الأمر
جدًا. فلنسقط
في يد الرب،
لأن مراحمة
كثيرة، ولا
أسقط في يد
إنسان" (2 صم 24: 14).
للأسف
أحيانًا
يستنجد
الإنسان
بالشيطان أو أحد
قواته ليخلصه
من الشيطان
نفسه!
يميّز
القديس
أغسطينوس بين
نوعين من
الأشرار، واحد
يدعوه عاصيًا،
والآخر يدعوه ظالمًا.
الأول هو من
استلم
الناموس
وعصاه،
والثاني من لم
يستلم الناموس
وأخطأ.
v يوجد
عدو في
الداخل، وهو
الناموس
العامل في الأعضاء.
ويوجد أيضًا
أعداء في
الخارج...
هؤلاء
الأشرار
نوعان: البعض
هم الذين
استلموا
الناموس،
وآخرون لم
يستلموه. كل
اليهود والمسيحيين
استلموا
الناموس. لذلك
فإن التعبير العام
للشرير (يشمل
النوعين) العاصي
للناموس
بالنسبة لمن
استلمه؛ أو الظالم
بدون ناموس،
إن كان لم
يستلمه. يتكلم
الرسول عن
الاثنين،
قائلًا: "لأن
كل من أخطأ
بدون
الناموس،
فبدون الناموس
يهلك، وكل من
أخطأ في
الناموس،
فبالناموس
يُدان" (رو 2: 12).
أما أنت الذي
من النوعين تتنهد.
لتقل لله ما
تسمعه في
المزمور: "يا
إلهي نجني من
يد الشرير" [ع4].
من أي شرير؟ "من
يد ذاك الذي
يعصى الناموس
والظالم"[8].
القديس
أغسطينوس
لأَنَّكَ
أَنْتَ
رَجَائِي يَا
سَيِّدِي،
الرَبَّ
مُتَّكَلِي
مُنْذُ
صِبَايَ [5].
خبرة
داود النبي مع
الله، ورجاؤه
فيه، خبرة
طويلة تمتد
منذ صباه. ففي
حديثه وهو
غلام مع شاول
الملك قال:
"الرب الذي
أنقدني من يد
الأسد، ومن يد
الدب، هو
ينقذني من يد
هذا
الفلسطيني" (1
صم 17: 37).
v بحق إن
رجائي فيك يا
رب، لن أخزى
إلى الأبد "الرب
رجائي منذ
صباي" [5][9].
القديس
أغسطينوس
2.
غذاؤه
التسبيح منذ
ولادته إلى
شيخوخته
عَلَيْكَ
اسْتَنَدْتُ
مِنَ
البَطْنِ،
وَأَنْتَ
مُخْرِجِي
مِنْ
أَحْشَاءِ
أُمِّي.
بِكَ
تَسْبِيحِي
دَائِمًا [ع6].
لا
تعود رعاية
الله لداود
منذ صباه
فحسب، وإنما
ترجع إلى بدء
حياته حين
حملت به أمه
في أحشائها،
وحين تمت
ولادته. "لأنك
أنت جذبتني من
البطن. جعلتني
مطمئنًا على
ثدييْ أمي.
عليك أُلقيت
من الرحم. من
بطن أمي أنت
إلهي؛ لا
تتباعد عني،
لأن الضيق
قريب، لأنه لا
معين" (مز 22: 9-11).
تلامس داود مع
محبة الله
ومراحمه حتى
في أحشاء أمه،
فالبعض صار
لهم الرحم
قبرًا،
والبعض ماتوا
عند خروجهم من
رحم أمهاتهم.
لم
نسمع عن أحدٍ
قدم ذبيحة
شكر، لأن الله
رعاه وهو في
رحم أمه،
وأخرجه إلى
العالم
سالمًا، لكن داود
لا يتجاهل
أعمال الله
معه منذ
الحَبَل به،
بل وربما قبل
الحَبَل، حيث
كان في فكر
الله، وكان
يعده لرسالة
معينة.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
المرتل بدأ
يترجى الله
منذ شبابه،
حيث سلَّحه ضد
الشيطان؛
تسلح
بالإيمان
والمحبة والرجاء
وبكل بقية
العطايا
الإلهية. لكن
الله كان
حاميًا له منذ
كان في رحم
أمه.
v هل
الرب رجاؤك
منذ شبابك؟
أليس هو أيضًا
هكذا منذ صباك؟
أليس هو أيضًا
منذ طفولتك؟
بالتأكيد هو
هكذا. اُنظر
ماذا تبع ذلك...
"فيك تقويت
من البطن"
اسمع أيضًا:
"من بطن أمي
أنت حاميَّ"...
v الآن؛
أنتم تئنون.
الآن أنتم في
مكان آمن تجرون،
حتى تخلصوا
الآن إذ أنتم
ضعفاء
تحتاجون إلى
علاج الطبيب.
ماذا عندما
تبلغون الصحة
الكاملة،
وتصيرون مثل
ملائكة الله
(مت 22: 30)، هل
ستنسون تلك
النعمة التي
تخلصكم؟[10]
القديس
أغسطينوس
"بك
تسبيحي
دائمًا"،
فإنني أسبحك،
لأنك خلقتني،
وكنت ترعاني وأنا
في رحم أمي،
وعند ولادتي
وفي طفولتي
وصبوَّتي وشيخوختي،
وحتى بعد
انتقالي من
العالم. لهذا
أسبحك دائمًا
وإلى الأبد.
خلقتني
كائنًا مسبحًا
على الدوام.
v يا
ابن الله حرك
ألحاني
لتسبيحك،
وبتراتيلها
تُهلل لك كل
حواسي.
منذ
البداية
مُهيأ لساني
لتسبيحك، ولو
بطل من تسبيحك
يستحق القصاص.
ربي
لن أهدأ من
التغني بتراتيلك،
لئلا أُعذب من
قبل العدالة
في الدينونة
العادلة.
فم
الإنسان مهيأ
لتسبيح
اللاهوت، ومن
يهدأ من
التسبيح
يُلام
ويُحتقر.
لما
خلق الخالق
الفم وضع فيه
الصوت
والكلمة ليتحرك
للتسبيح.
وهكذا
يجب على كل من
شعر بوجود
الخالق أن
يسبّح الرب
الذي خلقه.
ليس
فم الإنسان صاحب
سلطان
ليستخدم
الأخبار
التافهة
والكلمات غير
اللائقة.
عندما
خلق الخالق
الفم أتقنه
لتسبيحه،
وليس ليتلفظ
بأمورٍٍ
باطلةٍ.
يقول
الرب لمن
يتوقف عن
تسبيحه: اصرخ
بحنجرتك،
وارفع صوتك
كالبوق.
ربي،
أنا خليقتك،
ساعدني
لأتعجب من
أعمالك، واسمح
لي أن أسبح
كما يليق بخليقتك.
اسمح
للقلب أن
يخدمك بأفكار
القداسة،
لأنك مخوف
للخلائق.
قدّس
لساني من كل
الأخبار
العالمية،
وبعِشرتك
يتحرك
للتسبيح.
ربي،
ها قد فتحتُ
فمي، فاملأه
من تسبيحك كما
وعدتَ، ولا
يمر فيه كلام
باطل ليتفوه
به.
لتتحرك
ألحاني صوب
موهبتك
المملوءة
عجبًا، وأنا
أشكر تسبحتك
يا ابن الله[11].
v ربي
مُلكك هو الفم
والكلمة
واللسان، أعط
للفم الحركة
لتسبيحك وهو
غير مستحق.
مُلكك
هو العقل
والفهم
والتفكير،
فساعد العقل
ليُخبر بقصتك
وهو يتطلع
إليك.
مُلكك
هي حركات
النفس
وأفكارها، فساعد
النفس لترى
جمالك وتصفك.
أيها
الكلمة الذي
جاء ليصير
جسدًا، أعطني
كلمتك لأتكلم
بها عن مجيئك
المملوء
عجبًا.
أتيت
عندنا، ومكثت
في أبيك، أنت
فوق وتحت، والسماء
والأرض
مملوءتان منك
يا ابن الله.
املأ
فمي تسبيحًا
كما قلتَ:
افتحه
واملأه، فافتحه
واملأه، ولو
أنه ليس مفتوحًا
لأنه كسلان.
أنت
فاتح الأفواه
المغلقة
لتتكلم، مَن
يقدر أن يفتح
فمه بدونك؟
مَرةً
حتى الأتان
تكلمت (عد 22: 22-30)،
ليعرف كل أحدٍ
بأنه يسهل
عليك أن تعطي
النطق حتى
للبهيمة[12].
القديس
يعقوب
السروجي
صِرْتُ
كَآيَةٍ لِكَثِيرِينَ.
أَمَّا
أَنْتَ،
فَمَلْجَإِي
القَوِيُّ [7].
إذ
يتطلع الناس
إلى المرتل،
وقد حلت به
الضيقات
بصورة عنيفة
ومتلاحقة،
صاروا ينظرون
إنه إنسان
غريب وشاذ،
مختلف عن كل
البشرية، كأن
الله قد صبّ
كل غضبه عليه.
أما المرتل
ففي أعماقه
كانت تعزيات
الله تعمل
بقوة وسط
الآلام
والمحن.
يرى
بعض الدارسين
في الكلمة
العبرية
المترجمة هنا
"آية" أنها
قد تأخذ
المعنى
الصالح. إذ
كان الناس يتطلعون
إليه في دهشةٍ
وإعجابٍ، كيف
يحتمل المحن
ويجتازها
بسلام. وجاءت
هذه الكلمة في
عظات القديس
أغسطينوس "الهُوّلة"
monster وهو حيوان
أو نبات ذو
صورة غير
سوية، أي مخيف
وغريب الشكل؛
أو "مَسخ"، أي
شخص مشوَّه
وبشع.
v لماذا
يسبونني
ويظنونني
أنني مَسخ؟
لأنني أؤمن
بما لا أراه.
لأنهم سعداء
بالأمور التي
ينظرونها،
يبتهجون
بالشرب
والخلاعة
والطمع والغنى
والنهب
والكرامات
الدنيوية،
تبييض الحوائط
الطينية (أي
الرياء)؛ بهذه
الأمور
يبتهجون.
لكنني أنا أسير
في طريقٍ
مختلفةٍ،
مستخفًا بهذه
الأمور
الحاضرة، بل
وأخاف من ترف
العالم، ولا
أثق إلا في
وعود الله.
أما هم
فيقولون:
"لنأكل ونشرب،
لأننا غدًا
نموت" (1 كو 15: 32)...
اسمعوا
الجانب الآخر:
"نعم، لنصم
ونصلِّ،
لأننا غدًا
نموت". إذ أحفظ
هذا الطريق
الكرب الضيق، أصير
مثل مسخٍ
لكثيرين، أما
أنت فملجأي
القوي.
كن
معي أيها الرب
يسوع، ولتقل
لي: "لا تخشَ
الطريق
الضيق، فأنا
سرت فيه
أولًا. أنا هو
الطريق ذاته
(يو 14: 6)؛ أنا
أقودك، أقودك
فيَّ، وأقودك
إليَّ"[13].
القديس
أغسطينوس
هذه
صرخة تخرج من
قلوب الكثير
من رجال الله.
جاء في حبقوق:
"حتى متى يا رب
أدعو وأنت لا
تسمع. اصرخ
إليك من
الظلم، وأنت
لا تخلص" (حب 1: 1).
وفي إرميا:
"كما تنبع
العين
مياهها، هكذا
تنبع هي شرها.
ظلم وخطف
يُسمع منها.
أمامي دائمًا
مرض وضرب" (إر 6: 7).
يَمْتَلِئُ
فَمِي مِنْ
تَسْبِيحِكَ،
الْيَوْمَ
كُلَّهُ مِنْ
مَجْدِكَ [8].
الإنسان
الجاحد لا
يشكر ولا يسبح
ولا يفرح بعمل
الله حتى في
أوقات الفرج.
وإن قدم الشكر
لا ينبع ذلك
عن أعماقه.
أما في وقت
المحن فيثور في
داخله كما
أحيانًا
بكلماته ضد
الله. أما
أولاد الله
فيجدون فرحهم
وبهجة قلوبهم
في تسبيحهم
وشكرهم الله
حتى في وسط الظلام
الحالك. إنه
لا ينسى مراحم
الله في
الماضي، ويثق
في حكمة الله
وسط الضيق
الحاضر،
ويطمئن في أن
الله ينقذه
ويخلصه
ويمجده في
حينه. إنه سيبقى
يسبحه "اليوم
كله"، أي
الآن وإلى
الأبد.
يرى
القديس مار
يعقوب
السروجي أن
الله في حبه
للإنسان خلقه
كائنًا
موسيقيًّا
متهللًا،
يشارك
السمائيين
فرحهم به، وتسابيحهم
له. يمارس على
الأرض الحياة
السماوية التي
لا تعرف إلا
الفرح الدائم.
يرنم المرتل، قائلًا:
"ابتهجوا
أيها
الصديقون
بالرب، للمستقيمين
ينبغي
التسبيح.
اعترفوا للرب
بقيثارة، وبكينارة
ذات عشرة
أوتار رتلوا
له. سبحوا له
تسبيحًا
جديدًا؛
ورتلوا له
حسنًا
بتهليلٍ" (مز 33:
1-3).
خلق
الله كل كيان
الإنسان
ليسبحه،
فيعزف التسابيح
بجسده كما
بنفسه، أو
بلسانه كما
بقلبه، أو
جهارًا كما
سرًا. يسبح
الصديقون
الرب
بأجسادهم
التي
يقدمونها
ذبيحة حية مقبولة
(رو 12: 1). يقول القديس
أغسطينوس:
[ليته لا يفكر
أحد في الآلات
الموسيقية
التي للمسارح،
فالأمر هنا
يشير إلى أمور
داخلية، كما
قيل في موضع
آخر: "فيّ يا
الله أرّد لك
التسبيح".]
ويقول القديس
جيروم:
[أجسادنا
ونفوسنا هي
قيثارتنا
تعمل في تناغم
معًا بكل
أوتارها في
لحن![14]]
v يا رب لن
أتوقف عن
تسبيحك، حتى
بعد وفاتي.
من يحيا
لك وبك لا
يموت؛ ولا
يقوَ صمت
الموت على
إسكاته.
v ما هو "اليوم
كله"؟ بدون
انقطاٍع!
في وقت
الفرح، لأنك أنت
راحتي.
وفي وقت
الضيق، لأنك
تصحح الأمور.
قبل أن
أوجد أنا،
لأنك أنت هو
الخالق.
وعندما
وُجدت، لأنك
أنت تهب
الصحة.
عندما
أخطئ، لأنك
أنت هو
الغافر.
وعندما
أرجع إليك،
لأنك أنت هو
المعين.
عندما
أثابر، لأنك
أنت تكلل![15]
القديس
أغسطينوس
لاَ
تَرْفُضْنِي
فِي زَمَنِ
الشَّيْخُوخَةِ.
لاَ
تَتْرُكْنِي
عِنْدَ
فَنَاءِ
قُوَّتِي [9].
يتوقع
داود مع
شيخوخته أن
يحل به الهزال
الجسمي، لذا
يطلب من الله
ألا يفارقه
وقت الشيخوخة.
أما الإنسان
الجاحد،
فيترك حتى
الذي خدمه، متى
حلت به الشيخوخة
أو المرض، ولم
يعد قادرًا
على خدمته،
كما فعل الرجل
العماليقي
بالغلام
المصري، الذي قال
لداود: "قد
تركني سيدي،
لأني مرضت منذ
ثلاثة أيام" (1
صم 30: 13).
v ما هو
زمن
الشيخوخة؟
عندما أضعف،
لا تتركني... حتى
يمكنكم أن
تقولوا مع
الرسول:
"حينما أنا ضعيف،
فحينئذٍ أنا
قوي" (2 كو 12: 10).
لا
تخافوا أنكم
تُطردون في
ذاك الضعف، في
زمن الشيخوخة،
لماذا؟ أليس
ربكم صار
ضعيفًا على الصليب؟
ألم يكن قدامه
أناس أقوياء
للغاية وثيران
سمينة،
كإنسانٍ لا
قوة له، أُخذ
أسيرًا وتحت
ضغطة، يهزون
الرؤوس
قائلين: "إن
كنت ابن الله،
فانزل عن
الصليب" (مت 27: 40)
هل تُرك لأنه
صار ضعيفًا،
ذاك الذي فضل
ألا ينزل عن
الصليب، لئلا
يبدو كمن
يستعرض
القوة، وقبل
أن يخضع
لشتائمهم؟
ماذا يعلمكم
بعدم النزول
إلا الاحتمال
بصبرٍ على شتائم
الناس، وأن
تكونوا
أقوياء
بإلهكم؟ ربما
في شخصه قيل:
"صرت مسخًا
لكثيرين، أما
أنت فملجأي
القوي"[16].
القديس
أغسطينوس
3.
مقاومة
الأعداء لا
تهدأ
لأَنَّ
أَعْدَائِي
تَقَاوَلُوا
عَلَيَّ،
وَالَّذِينَ
يَرْصُدُونَ
نَفْسِي
تَآمَرُوا
مَعًا [10].
أعداؤنا
الحقيقيون هم
إبليس وجنوده
الذين لن
يطلبوا أقل من
هلاك نفسه.
موت الجسد لا
يشغلهم قدر
هلاك النفس.
إنهم يكرسون
طاقاتهم
ووقتهم
للترصد والتآمر
ضد أولاد
الله.
يصرخ
المرتل:
"كثيرون
يقولون لنفسي:
ليس له خلاص
بإلهه" (مز 3: 2).
"أعدائي
يتقاولون
عليّ بشرٍ. متى
يموت ويبيد
اسمه" (مز 41: 5).
v علة
الحسد هو سعادة
الإنسان الذي
وُضع في
الفردوس، إذ
لم يطق الشيطان
الامتيازات
التي نالها
الإنسان. مع أنه
تشكل من الطين
اُختير ليقطن
الفردوس. بدأ
الشيطان
يتطلع إلى
الإنسان
كخليقة
سفلية، إلا
أنه كان له
رجاء في
الحياة
الأبدية،
بينما وهو من
طبيعة أسمى
منه سقط وصار
جزءًا من الوجود
السفلي[17].
القديس
أمبروسيوس
v
تحسدنا
الأرواح
الشريرة منذ
أن عرفت أننا
حاولنا أن نرى
عارنا
وخزينا، وقد
بحثنا عن طريقة
للهروب من
أعمالهم التي
يعملونها
معنا، ولم
نحاول فقط أن
نرفض مشورتهم
الشريرة التي
يزرعونها
فينا، بل أن
كثيرين منا
يهزأون
بحيلهم.
والشياطين
تعرف إحسان
خالقها في هذا
العالم، وقد
حُكم عليها
بالموت، وأعد
لها جهنم ليرثوها
بسبب غفلتها
وكثرة خبثها[18].
القديس
أنبا
أنطونيوس
الكبير
v
في
الواقع يوجد
صراع بين الفضيلة
وحسد (إبليس).
واحدة لضبط كل
عصب ليقهر الصلاح،
والثانية
تحتمل كل شيء
لكي يعيش
الإنسان غير
خاضعٍ. واحدة
تعمل لتُسهل
طريق الرذيلة،
والثانية
تتمسك
بالصلاح حتى
وإن عانى الإنسان
متاعب أكثر من
الآخرين[19].
القديس
غريغوريوس
النزينزي
قَائِلِينَ:
إِنَّ اللهَ
قَدْ
تَرَكَهُ.
الْحَقُوهُ
وَأَمْسِكُوهُ،
لأَنَّهُ
لاَ مُنْقِذَ
لَهُ [11].
يُسر
الأشرار حين
يتصورون أن
الله ترك
إنسانًا ما أو
تخلى عنه، إذ
يجدون الفرصة
للهجوم عليه
وسبيه بسهولة.
v يُقال
هذا عن
المسيح، فإن
هذا الذي بقوة
اللاهوت
العظيمة، إذ
هو مساوٍ
للآب، أقام
موتى إلى
الحياة، وفي
لحظة صار
ضعيفًا في أيدي
الأعداء كمن
هو بلا قوة،
وقد أُلقي
القبض عليه...
لقد قال
وهو على
الصليب ما
كانوا يفكرون
فيه عليه:
"لماذا
تركتني؟" (مت 27: 46)
لماذا يفكر
هؤلاء الناس
في شرورهم
فيَّ أنني
متروك وحدي؟
ما هذا، أن
يفكروا فيَّ
أنني متروك
وذلك في شرهم؟
"لأن لو عرفوا
لما صلبوا رب
المجد" (1 كو 2: 8)،
واضطهدوه
وألقوا القبض
عليه.
ليتنا
أيها الإخوة
نأخذ هذا
بالأكثر على
أعضاء
المسيح،
ونتعرف على
صوتنا في هذه
الكلمات. فإنه
(المسيح)
استخدم هذه
الكلمات في
شخصنا نحن،
وليس بخصوص
قوته وجلاله،
ولكن فيما صار
عليه بسببنا،
وليس بحسب ما
هو عليه ذاك
الذي خلقنا[20].
القديس
أغسطينوس
4.
صرخة قلب
يَا
اللهُ لاَ
تَبْعُدْ
عَنِّي.
يَا
إِلَهِي
إِلَى
مَعُونَتِي
أَسْرِعْ [12].
كثيرًا
ما يشعر
الإنسان في
وسط ضيقته كأن
الله قد تخلى
عنه. لهذا
يصرخ إليه لكي
يُسرع لنجدته.
تكررت هذه
الطلبة في مز 22:
11، 19؛ 35: 22؛ 38: 21، 22؛ 70: 1.
v الرب
ليس ببعيد
نهائيًا.
"قريب هو الرب
من المنكسري
القلوب" (مز 34: 18)[21].
القديس
أغسطينوس
v للنعمة
بيت أبدي، وهي
أم رحوم تهتم
به، مثلما
تهتم الأم
بولدها، ولا
يمكنها أن
تتركه، لأن
المرأة لا
تترك جنينها.
ويظن الطفل
أيضًا أنه لا
توجد امرأة
أخرى في العالم
سوى التي
ترضعه. هكذا
تفكر النفس
التي تحب الله
أنه موضعها...
أينما وُجد
المسيحي
الحقيقي، فهو
يسكن في الله،
ويسكن الله
فيه[22].
v أصبحت
النعمة أمًا
للأرض.،.
فتضرعت إلى
الرب قائلة:
كفى الأرض هذا
الجنون! انزل
ونجها من
الضلال. دخل
طلب النعمة
أمام العزة
الإلهية التي
أرسلت الطبيب
الرحوم إلى
المرضى[23].
v شيدت
النعمة - أم
المراحم -
العالم، وهي
تحمله، لو
تركته سيسقط.
تبسط الدجاجة
جناحيها على
صغارها
لتجمعها
وتحببها وتحافظ
عليها. إنها
ترسم مثالًا
للاهوت الذي بسط
مراحمه على
الخلائق مثل
جناحيها،
وحماها[24].
v الطفل
محتاج إلى
المرضعة
ليحيا منها،
والمخلوق
محتاج إلى
الخالق ليقوم
به.
لو
تركت الأم
الطفل عندما
تلده، لكان من
الأصلح له ألا
يأتي إلى
الولادة منها.
ورب
العالم لو
تركه بعد
خلقه، لكان من
الأصلح له
بألا يوجد منذ
البداية.
إنه
لا يتركه،
فالمرأة لا
تترك جنينها،
وإن هي نسيت
هو لا ينسى
المخلوق
أبدًا (عب 6: 10)[25].
القديس
مار يعقوب
السروجي
لِيَخْزَ
وَيَفْنَ
مُخَاصِمُو
نَفْسِي.
لِيَلْبِسِ
الْعَارَ
وَالْخَجَلَ
الْمُلْتَمِسُونَ
لِي شَرًّا [13].
v ماذا
يعني: "مخاصمو
نفسي"؟
مخاصمون كما
لو كانوا في
معركة. فإنه
يُقال إنهم
مخاصمون
هؤلاء الذين
يتحدون
للدخول في معركة.
إن كان الأمر
هكذا لنحذر من
الذين يخاصمون
نفوسنا.
ماذا
يعني: "يخاصمون
نفوسنا"؟ أي
يثيروننا
لنقاوم الله،
حتى أننا
بالشرور التي
نعاني منها لا
نُسر بالله...
كل الناس
الذين
يتعاملون
معكم
ليجعلوكم قلقين
في أحزانكم
وتجاربكم،
لهم هذا
الهدف، إنكم
تستاءون من
الله بسبب ما
تتألمون به،
حتى يخرج من
أفواهكم: "ما
هذا؟ ماذا
فعلت ليحل بي
هذا؟" الآن،
هل لم تفعلوا
شيئًا من
الشر، وأنتم أبرار
وهو (الله)
ظالم؟[26]
القديس
أغسطينوس
أَمَّا
أَنَا
فَأَرْجُو
دَائِمًا،
وَأَزِيدُ
عَلَى كُلِّ
تَسْبِيحِكَ
[14].
كلما
سبَّح
المخلوق –
سواء كان من
البشر أو من الطغمات
السمائية –
وشكر الله على
إحساناته تتجلى
أمامه مراحم
الله تبدو
كأنها جديدة،
أو كأن عينيه
لم تنظرها من
قبل، فيبقى
الكائن
المسبح
مملوءًا
رجاءً، يزداد
تهليلًا
وفرحًا، فلا
يجد مللًا من
التسبيح لله.
إنه يتمتع
دومًا بخبرات
جديدة في علاقته
بالله الكلي
الحب والرحمة
والحنو.
حب
الله لا
يُوصف،
ومراحمه لا
تُحصى، فيبقى
ينبوع
التسبيح
والتهليل لا
ينقطع إلى
الأبد.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
الله مُمجد
ومُسبح في كل
أعماله، لكنه
يليق بالمؤمن
أن يضيف إلى
هذا تطلعه إلى
قيامتنا من
الأموات
بالسيد
المسيح كأعظم
عملٍ يعطي مجدًا
لله،
وكموضوعٍ
عظيمٍ
للتسبيح.
v هل
يوجد شيء يضاف
(إلى تسبيحه)؟
إن كان كل
شيءٍ يسبحه،
فهل تضيفون
شيئًا؟ الله
مُسبح في كل
أعماله
الصالحة، في
كل خليقة له،
في كل تدبيره
في كل الأمور،
في تدبيره للأزمنة،
في أنظمة
المواسم، في
ارتفاع
السماوات، في
إثمار
المناطق التي
للأرض، في
دورات البحر،
في سمو
الخليقة في كل
موضع، في
أبناء البشر
أنفسهم، في
تسليم
الناموس، في
خلاص شعبه من
عبودية
المصريين،
وفي كل أعماله
العجيبة، ولكن
لم يُسبح بعد
في قيامة
الأجساد
للحياة الأبدية.
لهذا
فلتضيفوا هذه
التسبحة
بقيامة ربنا
يسوع المسيح،
حتى ندرك صوته
فوق كل تسبيحٍ
سابقٍ. هذا ما
يليق بنا بحق
أن نفهمه هنا[27].
القديس
أغسطينوس
v يُقدم
ويأتي وترتجف
العوالم أمام
قدومه، وتشرق
علامته
وترتجف منها
كل القبائل.
يبدأ
دربه ويطير
المستيقظون
أمام مجيئه، ويشير
إلى الألوف
وتركض القوات
أمامه.
ترتعب
الطغمات
والربوات،
فيرهبها ويطير
معه أفواج
وصفوف اللهيب.
ترتجف
الأقاصي من
أفواجه
السريعة التي
ترش الجمرات،
وتلقي البروق
والنور
العظيم.
يخرج
بعجبٍ ليصنع
القضاء
والعدل وترى
العوالم
بوضوح غيرته
العظمى.
يطير
الصالحون
للقاء الملك
الذي انتقل من
موضعه
باحتفالٍ،
ويستقبلونه
ليكونوا معه
كما وعد.
يلتقي
فوج سمعان
بفوج آل
جبرائيل،
ويأتي معه
مختاروه
وملائكته.
يرتل
آلاف بولس مع
ربوات آل
ميخائيل
التسبيح
بأبواقهم
وبشعانينهم.
يأتي
رسل النور مع
كرامات
الكراسي
بالمجد مع
الديان
باحتفالٍ
عظيمٍ.
ترعد
الخلقة
بالقوات قدام
ابن الملك
الآتي ليدين
الأحياء والأموات
باستقامة[28].
القديس
مار يعقوب
السروجي
5.
تسبحة النصرة
فَمِي
يُحَدِّثُ
بِعَدْلِكَ
الْيَوْمَ كُلَّهُ
بِخَلاَصِكَ،
لأَنِّي
لاَ أَعْرِفُ
لَهَا
أَعْدَادًا [15].
جاءت
كلمة "بعدلك"
في الترجمة
السبعينية: "ببرِّك".
هنا
يجمع البرّ مع
الخلاص،
فالخلاص الذي
ننعم به هو
ثمر برّ الله
وأمانته في
تحقيق وعوده
الإلهية لنا.
بالنسبة لنا
خلاصنا هو
الترجمة العملية
لبرّ الله غير
المُدرك. يقول
الرب: "أليس أنا
الرب ولا إله
غيري. إله بار
ومخلص، ليس
سواي" (إش 45: 21).
لا
يعرف المؤمن
أعدادًا
لأعمال الله
المملوءة
حبًا ورحمة
وخلاصًا،
فيبقى يسبح
بلا انقطاع
دون نهاية.
v من
ثمَّ، أضيف
إلى كل
تسبيحك، وذلك
لأنني وإن كنت
بارًا، إنما
هذا البرّ هو
برَّك أنت
فيَّ، وليس
برِّي
الذاتي، فإنك
أنت تبرر
الخطاة (رو 4: 5).
"اليوم
كله بخلاصك"
ما هو "خلاصك"؟
ليته لا يحسب
أحد أنه يخلص
بنفسه، "للرب
الخلاص" (مز 3: 8).
لا يخلص أحد
نفسه بنفسه،
"باطل هو خلاص
الإنسان" (مز 60:
11). "اليوم كله
خلاصك"، في
كل الأوقات.
إن حلت محنة،
فلتكرزوا
بخلاص الرب،
إن حلّ فرج
اكرزوا بخلاص
الرب. لا تكرزوا
وقت الفرج،
وتفقدوا
سلامكم وقت الشدة،
وإلا فلا
يتحقق القول "اليوم
كله". فإن
اليوم كله هو
نهار مع ليله...
لذلك ففي اليوم
كله تحدثوا
بتسبيح الله،
أعني في الفرج
كما في الشدة.
في الفرج كما
في وقت
النهار؛ وفي الشدة
كما في وقت
الليل[29].
القديس
أغسطينوس
v ربي،
يشكرك
الصالحون
والطالحون
لأجل محبتك،
لأن العالم
عرف أنها أعظم
من الكل وهي
بدون حدٍ.
ربي،
يشكرك
الأبرار
بسيَرهم،
والأبرار بفضيلة
أفعالهم.
ليشكر
القتلى بالدم
الذي سال من
أعناقهم، وجميع
المضطهَدين
بعذابات
أعضائهم
المتنوعة.
ليسبّح
اسمك
الأنبياء
بجمال إيحاءاتهم،
والرسل
والشهداء
بذبح أشخاصهم.
ليشكر
الأحبار
بذبائح
أفكارهم
المملوءة سلامًا،
وجميع الكهنة
بألبستهم
وبأزيائهم.
ربي،
ليسبّح
الشعوب
والعوالم
بشعانينهم، وكل
الأقاصي
والجهات مع
سكانها.
والبحر
بأمواجه،
واللجة
بأسماكها،
والعلو بوديانه،
والعمق
بطغماته، والسماء
(الجلد)
بنورها،
والأرض
بأبنائها.
والسماء
بالمستيقظين،
والرياح
بالهبوب، والغيوم
بالبروق،
والرعود
بالأصوات،
والأفواه
بالكلمة،
والعقل
بالتعجب.
والأفكار
بالمحبة،
والكاروبيم
بالخوف، والسيرافيم
بالتقديس،
والنار
بالقوة،
والريح
بشدتها،
والكل مع
الكل،
والمبددين
الذي جمعتهم،
والساقطين
الذين
أنهضتهم،
والمنكسرين
الذين
جبرتهم،
والعبيد
الذين حررتهم،
والمطرودين
الذين
أعدتهم،
والصغار
الذين عظمتهم.
والمرضى
الذين
تفقدتهم،
والمعلولين
الذين شفيتهم،
والمسلوبين
الذين
أنقذتهم،
والمتعبين
الذين
أرحتهم،
والغاضبين
الذين صالحتهم،
والدنسين
الذين طهرتهم.
والأسرى
الذين
حللتهم،
والسجناء
الذين حررتهم،
والموتى
الذين
أحييتهم،
يشكرون محبتك دون
أن يوفوها، لك
التسبيح[30].
القديس
مار يعقوب
السروجي
آتِي
بِجَبَرُوتِ
السَّيِّدِ
الرَّبِّ.
أَذْكُرُ
بِرَّكَ
وَحْدَكَ [16].
إلى
أين يأتي داود
النبي ليلتقي
بالسيد الرب القدير
في أعمال
رحمته؟ حقًا
كان لخيمة
الاجتماع
مكانة خاصة في
قلب داود
وفكره. كان
يشتهي أن يبقى
في بيت الرب
كل أيام
حياته، حيث
يشعر أنه في
بيت أبيه! لكن
إذ طُرد من
قصره أو من
مكان إقامته،
وصار مستحيلًا
عليه الدخول
إلى بيت الرب،
لا يستطيع تغيير
المكان أن
يحرمه من
الوجود في
أحضان أبيه القدير.
ما يشغل داود
النبي هو برّ
الله وحكمته
ورحمته
وقدرته
وأمانته في
وعوده. كل
كيانه ممتص في
الله!
v "آتي
بقوة الرب" [16]،
ليس بقوتي
أنا، بل بقوة
الرب. فإنهم
يتمجدون في
قوتهم التي
للحرف... ولأن
الحرف يقتل،
والروح يحيي (2
كو 3: 6)، فإني لا
أعرف الحرف،
بل أدخل في
قوة الرب...
"يا رب،
أذكر برَّك
وحدك" [16]. آه! "وحدك".
إني أسأل:
لماذا أضاف
كلمة "وحده"؟
أما كان يكفي
القول: "أذكر
برَّك"؟ يقول: "وحده"،
فإنني لا أذكر
برِّي أنا. "أي
شيء لك لم
تأخذه؟" (1 كو 4: 7)
برَّك وحده يخلصني،
أما ما هو لي
وحده، فهو ليس
إلا خطايا. ليتني
لا أتمجد في
قوتي، ليتني
لا أبقى في
الحرف، لأرذل
الحرف، أي
تمجيد الناس
للحرف ولقوتهم
الفاسدة،
كأناس
مسعورين[31].
القديس
أغسطينوس
اَللهُمَّ
قَدْ
عَلَّمْتَنِي
مُنْذُ صِبَايَ،
وَإِلَى
الآنَ
أُخْبِرُ
بِعَجَائِبِكَ
[17].
يشعر
رجال الله أن
معلمهم
الحقيقي هو
الرب، يفتح عن
أعينهم،
فيرون أعمال
محبته
العجيبة، خاصة
نحو بني
البشر. قيل:
"(وأجعل)... كل
بنيكِ تلاميذ
الرب" (إش 54: 13).
ما
هو تعليم الله
لداود من
صباه؟ الفرح
بعمل الله
وحكمته
وتدبيره
الخلاصي.
v ماذا
تعلمني؟ أن
أذكر برَّك
وحده. فإنني
إذ أعيد النظر
في حياتي
الماضية أرى
ما أنا مدين
به، وما
استلمته عوض
أن أسدد
المطلوب مني.
مطلوبة
مني العقوبة،
وقد دفعتها
النعمة.
مطلوب
مني الجحيم،
وقد وُهبت لي
الحياة
الأبدية.
"اللهم،
قد علمتني منذ
صباي". منذ
بداية إيماني
الذي به
جددتني.
علمتني أنه
ليس شيء يسبق
هذا، لذلك وجب
عليَّ أن أقول
إنه ما كان
مطلوبًا مني
قد دفعته أنت.
فإنه من يرجع
إلى الله سوى
من الإثم؟ من
خلص إلا من
السبي؟ لكن من
يقدر أن يقول
إن سبيه كان
ظلمًا، إن كان
قد ترك (الله)
قائده وذهب
إلى المدمر؟
الله هو الذي
كان يجب أن
يكون قائدنا،
وإبليس هو
مدمِّر: أعطى القائد
وصية،
والمدمر قدم
خداعًا (تك 2: 17؛ 3: 5).
أين كانت
آذانكم بين
الوصية
والخداع؟ هل
كان الشيطان
أفضل من الله؟
هل كان المخادع
أفضل من
خلقك؟...
"اللهم،
قد علمتني منذ
صباي". منذ
الوقت الذي
فيه رجعت
إليك، وتجددت
بك يا من
خلقتني،
وأعدت خلقة من
أوجدته،
وأعدت تشكيل
من شكَّلته؛
منذ الوقت
الذي فيه
تحولت إليك
تعلمت أنه ليس
عن استحقاق
سابق، وإنما
نعمتك حلَّت
عليَّ مجانًا
لكي أذكر برَّك
وحده[32].
القديس
أغسطينوس
إذ
يكشف الله عن
عجائب حبه
لتلميذه،
تفيض أعماق
التلميذ
بالتسبيح
والشكر،
ويشهد بلسانه أيضًا
عن جميع
عجائبه: "أحمد
الرب بكل
قلبي. أحدث
بجميع
عجائبك" (مز 9: 1).
"لأسمع بصوت
الحمد، وأحدث
بجميع
عجائبك" (مز 26: 7).
"كثيرًا ما
جعلت أنت أيها
الرب إلهي
عجائبك
وأفكارك من
جهتنا" (مز 40: 5).
وَأَيْضًا
إِلَى
الشَّيْخُوخَةِ
وَالشَّيْبِ
يَا اللهُ لاَ
تَتْرُكْنِي،
حَتَّى
أُخْبِرَ
بِذِرَاعِكَ
الْجِيلَ الْمُقْبِلَ،
وَبِقُوَّتِكَ
كُلَّ آتٍ [18].
داود
النبي في
شيخوخته
وشيبته لا
يتكل عن
خبراته
الطويلة، ولا
على حكمته أو
شعبيته أو
إمكانياته
المادية أو
سلطانه
الزمني، لكنه
يبقى متكئًا
على صدر الله،
يسأله ألا
يفارقه!
v أنت
علمتني عن
نعمتك منذ
صباي، وحتى
الآن، بعدما
تعديت صباي "أخبر
بعجائبك". [17].
لأنك أنت معي
حتى لا أموت،
يا من أتيت
لكي أقوم. "وأيضًا
إلى الشيخوخة
والشيب"، أي
حتى آخر نفس
لي، إن لم تكن
أنت معي، لا
يكون لي
استحقاق من
ذاتي، إنما
ليت نعمتك
تبقى معي على
الدوام...
"لا تتركني،
حتى أخبر
بذراعك الجيل
المقبل" [18]:
ذراع
الرب هو
المسيح، لا
تتركني. لا
تدعهم يفرحون
الذين يقولون:
"إنما إلى حين
يُوجد المسيحيون".
ليبقَ أشخاص
يخبرون عن
ذراعك "لكل
جيلٍ مقبلٍ"
[18]، إن كان
سيوجد جيل
مقبل، فهذا
يعني إلى نهاية
العالم. فإنه
إذ ينتهي
العالم، لا
يعود يوجد جيل
مقبل[33].
القديس أغسطينوس
وَبِرُّكَ
إِلَى
الْعَلْيَاءِ
يَا اللهُ الَّذِي
صَنَعْتَ
الْعَظَائِمَ.
يَا
اللهُ مَنْ
مِثْلُكَ! [19].
يحوي
برّ الله هنا
الشعور
بأمانة الله
في تحقيق
وعوده
الإلهية،
خاصة نزول
عمانوئيل
إلينا، يحمل
ما لنا، لنحمل
ما له! جاء
يقدم لنا نفسه
لكي نقتنيه،
فننعم بواهب
الخيرات
الروحية من
غنى حقيقي
وسلامٍ مع
السماء،
ومصالحة
معها، وحبٍ
لإخوتنا.
نلبسه، فيستر
عُرينا
الداخلي. نقتنيه،
فيُحول
جفافنا إلى
الإثمار،
ومرارتنا إلى
عذوبة. نزل
إلينا كمعلمٍ
سماويٍ، ليلهب
قلبنا
بالسماويات،
ويحررنا من
محبة الزمنيات.
من أجلنا غطس
كسبّاح في
أعماق
الجحيم، ليحطمه،
ويطلقنا من
هذا السجن
المظلم إلى ملكوته
المنير. قبل
الموت
بالصليب، ليقتل
بموته الموت.
v ليتني
أخبر كل جيلٍ
مقبلٍ: أنتم
تأتون من السبي،
وتنتمون إلى
آدم (الجديد
واهب الحرية).
لأخبر كل جيلٍ
مقبلٍ أنه ليس
لي قوة من
عندي، ولا برّ
من عندي،
وإنما "قوتك
وبرَّك إلى
العلياء يا
الله الذي
صنعت العظائم"
[19].
"قوتك
وبرَّك"، إلى
أي مدى؟ هل
حتى إلى الجسد
والدم؟ لا، بل
"إلى
العلياء يا
الله الذي
صنعت العظائم".
فإن العلياء
هي السماوات،
وفي الأعالي
الملائكة
والعروش
والسلاطين
والرئاسات
والقوات.
إنهم
مدينون لك بما
هم عليه.
إنهم
مدينون لك
بالحياة التي
لهم.
إنهم
مدينون لك
أنهم يحيون
بالبِرّ.
مدينون
لك بالبركات
التي
يعيشونها...
لا تظنوا
أن الإنسان
وحده ينتمي
إلى نعمة الله،
ماذا كان
الملاك قبل أن
يُخلق؟ ماذا
يكون الملاك
إن تركه ذاك
الذي خلقه؟[34]
القديس
أغسطينوس
v أرسلك
أبوك لتعظم
البشر،
وتقيمهم من
دمار المزبلة.
خلطتك
المراحم
بالبشر الذين
كانوا
هالكين، وباختلاطك
بهم وجدتهم
لكي تردهم.
صرت
منا، وها أنت
معنا بجوارنا.
أنت
عمانوئيل
الذي جاء يحرر
عبيد أبيه، يا
أيها الابن
الحبيب.
ها
أنت معنا،
وأنت إلهنا.
بالنبوة كُتب
عنك أنك
عمانوئيل.
v صار
فقيرًا
لأجلنا،
وجعلنا
أغنياء
بمراحمه.
صار ابن
الإنسان،
وجعلنا أولاد
الله. أصعدنا من
انحطاط
العبيد،
وأقامنا في
درجة الأبناء الأعزاء (2
كو 8: 9؛ يو 15: 15).
صار
ميتًا
بإرادته، وسلمنا
للحياة التي
لا تموت، لئلا
يتسلط الموت
بعد علينا.
أضاء
المسكونة
التي كانت
مظلمة، ومهَّد
طريق الحياة
للبشر،
ليذهبوا عند
أبيه المجيد[35].
القديس
مار يعقوب
السروجي
"يا
الله من مثلك؟"
جاءت غواية
إبليس لآدم
وحواء على
لسان الحية
أنهما يصيران
كالله. أما
المرتل وهو
يتطلع إلى
نعمة الله
سواء بالنسبة
للإنسان أو
الطغمات
السمائية
فيقول: "يا
الله من مثلك؟"
بالعصيان
فقد أبوانا
الأولان ما
فيهما من شبه
لله،
وبالنعمة
يعود الإنسان ليتمتع
بصورة الله
ومثاله، كما
كان عليه آدم قبل
السقوط.
v يتشامخ
الإنسان لكي
ينتسب إلى
السبي الأول، ويسمع
الحية تقترح:
ذق، فتكونان
كآلهة (راجع تك
3: 5). هل البشر
يصيرون
كآلهة؟
"يا الله
من مثلك؟"
ليس أحد في
الحفرة، ليس
أحد في
الجحيم، ليس أحد
في السماء،
لأن هؤلاء
جميعًا أنت
خلقتهم. لماذا
يصارع
المخلوق مع خالقه؟
"يا الله
من مثلك؟"
أما بالنسبة
لي يقول آدم
البائس، آدم
الذي في كل
إنسان، بينما
بإرادة
منحرفة أردت
أن أكون مثلك،
انظر ما قد
صرت عليه. فمن
السبي أصرخ إليك:
أنا الذي كنت
في حالٍ حسنٍ
كملكٍ صالحٍ،
صرت مسبيًا
لدى مخادعي.
أصرخ
إليك، لأنني
سقطت من عندك.
متى سقطت
من عندك؟
عندما طلبت
بفسادٍ أن
أكون مثلك...
بالضلال
الشرير،
وتشامخه
الشرير، حُكم
عليه بالموت
بانسحابه من
طريق البرّ.
انظروا لقد كسر
الوصية، لقد
نزع عن رقبته
نير ضبط
النفس، انتفخ
بروح متعجرف
وكسر لجام
القيادة إربًا
إربًا.
أين هو
الآن؛ إنه
بالحق أسير،
يصرخ: "يا رب
من هو مثلك؟"
في انحراف
أردت أن أكون
مثلك، فصرت
مثل بهيمة!
بالحقيقة
كنت مثلك
حينما كنت تحت
سلطانك وتحت
وصيتك. لكن
"الإنسان في
كرامةٍ لا
يبيت، يشبه
البهائم التي
تُباد" (مز 49: 12).
الآن إذ هو في
شبه بهيمة،
يصرخ مؤخرًا
ويقول: "يا
الله، من هو مثلك؟"[36]
القديس
أغسطينوس
v هو
السبيل التي
يسير عليها
المرء ليرى
أباه، وهو باب
الحياة، ومن
يدخلون فيه
ينتصرون على الموت
(يو 14: 6، يو 10: 9).
هو
الطبيب ومنه
تجري كل
المعونات،
وهو الينبوع
الذي يتدفق
حياة لمن هم
حواليه.
به
يُطرد
الأبالسة
والشياطين من
الإنسانية،
وتُشفي أمراض
وقروح المرضى.
وبه
تتنقى حياة
النفس ومنه
تستنير، وبه
تُذبح خطايا
العالم التي
كانت كثيرة.
هو
يبرر
العشارين
بقوة كرازته،
وبالغفران يجعل
الخطاة
كاملين.
هو
طرد إبليس
الكنعانية
التي طلبت
منه، وهو يطفيء
هوى نفسك إن
كنت تنظر
إليه.
هو
الذي يحمل ثقل
العالم
بجبروته،
وعليه تستند
كل الخلائق،
وبه توجد.
هو
شمس البرّ
والنور
العظيم، وهو
الطبيب والشافي
لجميع المرضى
(مل 2: 4).
هو
الغنى، وابن
الغني، ومثري
الكل، وهو قوة
كل الضعفاء،
وبه يتقوون (2
كو 8: 9؛ أف 2: 4).
هو
الذي يضمد
الأوجاع
والأمراض
ويطرد
الأبالسة، مبارك
من نزل وافتقد
العالم وشفى
أمراضه[37].
القديس
مار يعقوب
السروجي
أَنْتَ
الَّذِي
أَرَيْتَنَا
ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً
وَرَدِيئَة،ً
تَعُودُ
فَتُحْيِينَا،
وَمِنْ
أَعْمَاقِ
الأَرْضِ
تَعُودُ
فَتُصْعِدُنَا
[20].
اليد
الإلهية التي
بحكمة سمحت
بالضيق، هي عينها
بذات الحكمة
والحب ترفعنا
وتنجينا، بل وتحيينا.
v "أنت
الذي أريتنا
ضيقات كثيرة
ورديئة" [20]. عن
استحقاق أيها
العبد
المتكبر. لأنك
بحماقة أردت
أن تكون مثل
إلهك الذي
خلقك على صورة
ربك (تك 1: 27).
هل كنت
تظن أن هذا
حسن لك، عندما
تنسحب من هذا الصلاح؟
حقًا قال الله
لك: إن انسحبت
مني، وإن حسن
هذا عندك، لا
أكون أنا هو
صلاحك. مرة
أخرى إن كان
هو صالح، وعلى
أعلى مستوى
الصلاح، وهو صالح
في ذاته
وبذاته، وليس
بصلاحٍ
خارجيٍ، وهو
نفسه صلاحنا
الرئيسي،
فبانسحابك
منه، ماذا
ستكون عليه
سوى أن تكون
شريرًا؟
أيضًا إن كان
هو طوباويتنا
ماذا يبقى لمن
ينسحب منه سوى
البؤس؟
ارجع إذن
بعد البؤس،
وقل: "يا رب،
من مثلك؟ كم
من ضيقات
ترينا كثيرة
ورديئة".
لكن هذه
(الضيقات) هي
تأديب ونصح
وليست تخليًا.
أخيرًا،
إذ يقدم الشكر،
يقول: "تعود
فتحيينا، ومن
أعماق الأرض
تعود فتُصعدنا"
[20]... من أعماق
الأرض
أرجعتنا، من
أعماق الخطية وغرقها[38].
القديس
أغسطينوس
v عندما
يرى السامي
(الله) الإثم
الحاصل
ويسكت، لا
تفكر بأنه ليس
غيورًا أو
منتقمًا.
وعندما
يؤدب بشدةٍ،
لا تظن بأن
غضبه غصبه،
وتحرك ليؤدب
الإثم الذي
رآه.
هو
كما هو عندما
يؤدب وعندما
يطيل أناته،
لأن الله لا
يتغير عما هو
عليه[39].
القديس
مار يعقوب
السروجي
تَزِيدُ
عَظَمَتِي،
وَتَرْجِعُ
فَتُعَزِّينِي
[21].
لا
ينتظر داود
النبي الخلاص
الأكيد فحسب،
وإنما يرافقه
بركات وأمجاد
وتعزيات أكثر
مما يسأل،
وفوق ما يطلب.
لقد
أصعدنا الرب
من أعماق
الأرض، بل من
القبور،
عندما قام
وقدم بنا
الحياة
المُقامة،
ووهبنا أن
نطلب ما هو
فوق، بهذا
وهبنا الراحة
الحقيقية
والتعزيات
السماوية
وشركة
الأمجاد.
في
شيء من
الإطالة يعلق القديس
أغسطينوس
على كلمة "تعود"
[20]، وأيضًا: "ترجع"
[21]. فإن ما ناله
إنما هو
انعكاس
وامتداد لما
حدث مع السيد
المسيح. إذ
قام يقيمنا
معه، وإذ صعد يصعدنا
معه.
v إننا
نرجع من أعماق
الأرض
بإيماننا به،
ذاك الذي
سبقنا فقام من
أعماق الأرض...
ها أنت تسمع "تعود"،
ثم "ترجع"،
لأن المسيح
يذهب أمامنا،
والآخرون
يترجون (أن
ينالوا)[40].
القديس
أغسطينوس
فَأَنَا
أَيْضًا
أَحْمَدُكَ
بِرَبَابٍ حَقَّكَ
يَا إِلَهِي.
أُرَنِّمُ
لَكَ
بِالْعُودِ
يَا قُدُّوسَ
إِسْرَائِيلَ
[22].
يسبح
المرتل الله
ليس فقط من
أجل أعمال
محبته تجاهه،
وإنما من أجل
كل سماته
الإلهية
العجيبة.
يسبحه من أجل
حقه ومن أجل
أنه القدوس.
فالمؤمن
الحقيقي لا
يخشى الحق
الإلهي، ولا
يضطرب، لأن
الله قدوس.
إنما يجد في
الحق الإلهي
ينبوعًا
ليتعرف على
الحق ويختبره
ويستعذبه.
ويجد في
القداسة الإلهية
ليس رعبًا
بسبب خطاياه
ونجاسات قلبه،
إنما يجد
مصدرًا
مجانيًا
ونعمة فائقة
ليتمتع
بالشركة مع
القدوس،
فتنحل الخطية
وتهرب، إذ لا
تجد لها
مكانًا في
قلبه أو فكره
أو أحاسيسه!
يرنم
المرتل
بالرباب كما
بالعود، أي بالروح
كما بالجسد،
كما يقول
القديس
أغسطينوس.
v ما
هي الرباب؟
إنها آلة من
الخشب
والأوتار.
ماذا يعني
هذا؟ يوجد شيء
من الاختلاف
بينهما وبين العود...
يبدو أنه يقصد
بالرباب
الروح،
وبالعود
الجسد[41].
القديس
أغسطينوس
v البشر
مكونون
ليسبّحوا
كثيرًا،
ولعلهم يذكرون
التسبيح كل
يوم بزيادة!
الشمس
النيّرة ليست
نيّرة لنفسها
أو تسير لنفسها،
لكن لها نور
لتنير البشر.
ولأجلهم
صارت النيرات
في السماء،
ولهم تنفع الأيام
والليالي.
للبشر
يوجد التمييز
والمعرفة
والكلمة والصوت،
ليعطوا
التسبيح
للعلي في
موضعه.
فم
الإنسان متقن
كأنما لتسبيح
الرب، ومن يبطل
من التسبيح
صار ناكرًا
(للجميل).
ولهذا
لك الفم
لتسبّح به
وتشكر به
وتهلل به وتبارك
به.
سبّح
لأن لك الكلمة
المسبِّحة،
وهلل لأن لك الصوت
المملوء
أنغامًا.
اشكر
لأن لك الذهن
والتمييز،
وبارك لأنك
صرتَ إناء
ناطقًا وغير
صامتٍ.
لم
تكن شيئًا
وجعلتك
المراحم
شيئًا
عظيمًا، وبما
أنك صرتَ
موجودًا،
فاشكر بعجبٍ،
لماذا أنت
ساكت؟
ادخل
إلى ذاتك
وانظر إلى
شخصك في
داخلك، ففيك توجد
كل عجائب
القدرة
الخالقة[42].
القديس
مار يعقوب
السروجي
تَبْتَهِجُ
شَفَتَايَ
إِذْ
أُرَنِّمُ
لَكَ،
وَنَفْسِي
الَّتِي
فَدَيْتَهَا
[23].
يسكب
التسبيح لله
فرحًا على كل
كيان الإنسان،
على نفسه
وجسده! يرى القديس
أغسطينوس أن
الشفتين
تعبران
أحيانًا عما
في الداخل، وأخرى
عما في
الخارج. فقد
يبتسم
الإنسان، لكن
ابتسامته لا
تعبر عن سلامه
الداخلي أو
بهجة نفسه.
هنا يؤكد
المرتل أن
بهجته تمس
الخارج
والداخل. شفتاه
تبتهجان،
ونفسه أيضًا،
كما يلهج
لسانه اليوم
كله. يليق
بالمؤمن أن
تتهلل نفسه
وهو يسبح
الله، وأن
يشترك جسده
أيضًا في
البهجة
الداخلية.
وَلِسَانِي
أَيْضًا
الْيَوْمَ
كُلَّهُ
يَلْهَجُ
بِبِرِّكَ.
لأَنَّهُ
قَدْ خَزِيَ،
لأَنَّهُ
قَدْ خَجِلَ
الْمُلْتَمِسُونَ
لِي شَرًّا [24].
كان
المرتل في
يقين أنه
يتمتع
بالنصرة. يغني
بنشيدها وهو
بعد في
التجربة،
متأكدًا أن
الله إلهه
يهبه إياها.
v لسان
الجسد "اليوم
كله يتأمل
برَّك" [24]، أي،
أبديًا بلا
توقف. لكن متى
يحدث هذا؟
فيما بعد عند
نهاية
العالم، عند
قيامة الجسد
وتحوله إلى
حالة ملائكية[43].
القديس
أغسطينوس
من
وحي مز 71
أنت ملجأي
وأنا في أحشاء
أمي
v قبل أن
أعرفك،
وأنا
في أحشاء أمي،
كنت
لي ملجأ وحصنًا
وسندًا.
قبل
أن أعبر إلى
هذا العالم.
كنتُ
في فكرك،
موضوع حبك.
أعددت
لي رسالة
كابنٍ لك.
وقدمت
لي رعايتك،
ملجأ لي.
v عبرت
طفولتي
وصبوتي
وشبابي،
وها
أنا في
شيخوختي،
أصرخ
إليك.
لا
تتركني، ليس
من يسندني
سواك!
v ليس لي
برّ أتكئ
عليه،
إنما
برَّك هو سندي،
حبك
هو سرّ خلاصي.
أنت
صخرتي وحصن
حياتي.
v أنت
تعرف كثرة
أعدائي.
أنت
تعلم شرورهم
وظلمتهم.
يجدون
مسرتهم في
العنف.
قانونهم
هو الظلم
بعينه.
أنت
وحدك رجائي
وخلاصي!
v أنت هو
تسبحتي وقوتي.
أنت
فرحي وبهجتي.
بك
تتهلل أعماقي
اليوم كله.
لا
يشغلني
النهار عنك،
ولا
يسحبني الليل
عن فرحي بك.
النهار
كما الليل،
يدفعانني
للتسبيح لك.
في
وسط النور
أتهلل بنورك.
وفي
وسط ظلمة
الليل ألجأ
إليك، فأنت
نور العالم.
v عندما
أضعف وأخور،
يتخلى
أقرب من لي
عني،
وتبقى
أنت وحدك
ملجأي.
v عدو
الخير
وملائكته لن
يفتروا عن
مقاومتي.
لن
يستريحوا حتى
يحطموا نفسي.
لتسرع
يا إلهي
لمعونتي!
لتملأ
حياتي كلها
بك.
فأنت
نصرتي
وتسبحتي!
v ماذا
يطلب العدو
مني؟
إلا
أن ينزع صورتك
عنيَ!
لن
يكف عن
إثارتي،
كي
أقيم من نفسي
إلهًا،
وأظن
في نفسي أني
بار!
لأرجع
إليك وأتمتع
ببرَّك!
ليس
لي شيء من
ذاتي!
كل
صلاح فيَّ هو
عطيتك!
أنت
تقدس روحي
وجسدي.
فأسبحك
بجسدي كما
بربابٍ.
وبروحي
كما بعودٍ.
كل
كياني يبتهج
بك،
ويشهد
ببرَّك، أيها
القدوس
العجيب!
[1] On Ps. 70 (71).
[2] On Ps. 11.
[3] On Ps. 70 (71).
[4] On Ps. 70 (71).
[5] On Ps. 70 (71).
[6] On Ps. 70 (71).
[7] Letter 108: 19.
[8] On Ps. 70 (71).
[9] On Ps. 70 (71).
[10] On Ps. 70 (71).
[11]
الميمر 1 على
الإرشاد (راجع
نص بول بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[12]
الميمر 10 على
الصلاة التي
علمها ربنا
لتلاميذه:
أبانا الذي في
السماء
ليتقدس اسمك
(راجع نص بول
بيجان
والدكتور بهنام
سوني).
[13] On Ps. 70 (71).
[14] Homilies on the Psalms, 21.
[15] On Ps. 70 (71).
[16] On Ps. 70 (71).
[17] Paradise,12.
[18]
الرسالة
السادسة.
[19] On the Great Athanasius, 18.
[20] On Ps. 70 (71).
[21] On Ps. 70 (71).
[22]
رسالته إلى
نشرياهب
المتوحد.
[23] راجع
الدكتور الأب
بهنام سُوني:
الإنسان في
تعليم مار يعقوب
السروجي
الملفان، 1995، ص
119-120.
[24] راجع
الدكتور الأب
بهنام سُوني:
الإنسان في تعليم
مار يعقوب
السروجي
الملفان، 1995، ص
120.
[25]
الميمر 27 (راجع
نص بول بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[26] On Ps. 70 (71).
[27] On Ps. 70 (71).
[28]
الميمر 8، على
رجوع آدم،
قبطي، الميمر
72 على خلقة آدم
وحياة الموتى
(راجع نص بول
بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[29] On Ps. 70 (71).
[30]
الميمر 63 على
محبة الله
للبشر وعلى
محبة الأبرار
(راجع نص بول بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[31] On Ps. 70 (71).
[32] On Ps. 70 (71).
[33] On Ps. 70 (71).
[34] On Ps. 70 (71).
[35] الرسالة
السابعة (راجع نص
الدكتور
بهنام سوني).
[36] On Ps. 70 (71).
[37]
الميمر 17 على
الكنعانية (مت
15: 21-28؛ مر 7: 24-30) (راجع
نص بول بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[38] On Ps. 70 (71).
[39]
الميمر 1 (راجع
نص بول بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[40] On Ps. 70 (71).
[41] On Ps. 70 (71).
[42] ميمر 96
على قطع رأس
يوحنا
المعمدان
(راجع الأب بول
بيجان – دكتور
سوني بنهام).
[43] On Ps. 70 (71).