المزمور
الرابع
والسبعون
هل
ترفضنا
تماما؟
عاش
آساف في أيام
داود النبي،
حوالي سنة ١٠٠٠
ق.م. كتب هذا
نبوة عما
سيحدث حين
يحاصر نبوخذنصر
مدينة
أورشليم (٢ مل ٢٥:
١-١٧). يمثل هذا
المزمور
مرثاة
جماعية، أو
صلاة بسبب
خراب أورشليم
والهيكل، ولم
يكن هناك رجاء
في أي علاج
سريع. اعتاد
اليهود أن
يذكروا خراب
أورشليم
وتدنيسه في ٩
آب.
هذه
المرثاة تمثل
صلاة كنسية،
يليق بالمؤمنين
ألا يكفوا عن
الصلاة بها من
كل القلب بسبب
الضيق الذي
يحل دائمًا
عليها.
1.
يرجح
الكثيرون أنه
من وضع آساف
الرائي، أو
ومن وضع داود
النبي وقد سلمها
لآساف كي
يلحِّنها
ويترنم بها مع
فرقته الموسيقية.
بهذا فإن
المزمور
نبوي، وقد
كُتب في صيغة
الماضي
ليُظهر أن ما
يتنبأ به
سيكون حقيقة
أكيدة.
جاء
في النسخة
السريانية،
أن واضع
المزمور هو
آساف، بخصوص
ما حدث مع
داود حين ظهر
له الملاك
القادم لهلاك
الشعب، فبكى،
وسأل أن يحل
التأديب به
لأنه هو الذي
أخطأ وقام
بتعداد
الشعب، ولا
يحل التأديب
بالشعب، القطيع
البريء.
يرى
البعض أن
المزمور هو
نبوة عما سيحل
باليهود
حوالي عام 70م
حيث قام تيطس
بتدمير
أورشليم وذبح
ربوات من
اليهود وتم
خراب الهيكل.
2.
يرى Patrick أن آساف
هنا يقصد به
"حارس فردوس
الملك" في أيام
نحميا (نح 2: 8).
3.
يرى آخرون أن
آساف هنا يشير
إلى أحد سلالة
آساف المعاصر
لداود النبي.
4.
قلة حسبوا أن
الكاتب هو
إرميا النبي،
لكن كثيرين
رفضوا هذا
الرأي.
أقسامه
١.
صرخة
الأبرار
١-٣.
٢.
شرح للأحداث
المفجعة
٤–٩.
٣.
إلى متى يا
الله؟
١٠–١١.
٤.
العمل
الإلهي
١٢–١٧.
٥.
صلاة من أجل
المساعدة
١٨–٢١
٦.
خاتمة
٢٢–٢٣.
قَصِيدَةٌ
لآسَافَ
١. صرخة الأبرار
لِمَاذَا
رَفَضْتَنَا
يَا اللهُ
إِلَى الأَبَدِ؟
لِمَاذَا
يُدَخِّنُ
غَضَبُكَ
عَلَى غَنَمِ
مَرْعَاكَ؟ [1].
يفتتح
المرثاة
بقوله:
"لماذا؟"،
وقد استخدمت
في كثير من
مزامير
المراثي، مثل ١٠:
١؛ ٢٢: ١؛ ٤٤: ٢٤؛
٧٩: ١٠ الخ. هنا
التساؤل ليس
علامة الشك،
وإنما بالأكثر
علامة
الإيمان. ما
حلّ بالشعب
سواء من الكلدانيين
أو من أنطيخوس
إبيفانوس
(أيام المكابيين)
أو من تيطس
جاء كتأديب
إلهي. كان
أشبه بالدخان
الذي يخرج من
الحيوانات
الضخمة المفترسة
مقابل الغنم
الضعيف
العاجز عن
الدفاع عن
نفسه.
إذ
تحل
بالمؤمنين
ضيقة، خاصة من
قبل الأشرار،
يرفعون
أعينهم إلى
الله بالتوبة،
حاسبين أن ما
حلّ بهم هو
تأديب منه.
ليس للأشرار
سلطان عليهم
لو لم يسمح
لهم الله
بذلك. قيل
بعاموس النبي:
"هل تحدث بلية
في مدينةٍ،
والرب لم
يصنعها" (عا 3: 6)؟
v إنه لا
ينتقد (يلوم)
ما حدث، إنما
يتساءل: "لماذا"،
لأي هدف فعلت
هذا بنا؟ ماذا
تفعل؟ "رفضتنا
يا الله إلى
النهاية".
ماذا يعني
"إلى
النهاية"؟
ربما إلى
نهاية العالم.
هل رفضتنا حتى
مجيء المسيح
الذي هو النهاية
لكل مؤمنٍ (رو 10:
4)؟ [2]
القديس
أغسطينوس
ليست
خطية أن ندخل
مع الله في
حوارٍ نعاتبه
فيه، أو
نستفسر منه عن
سبب ما حلّ
بنا. هذا ما
فعله أيوب
البار حين حلت
به التجارب.
اذْكُرْ
جَمَاعَتَكَ
التِي
اقْتَنَيْتَهَا
مُنْذُ
القِدَمِ،
وَفَدَيْتَهَا،
سِبْطَ
مِيرَاثِكَ
جَبَلَ
صِهْيَوْنَ،
هَذَا
الذِي
سَكَنْتَ
فِيهِ [2].
ليس
للمرتل ما
يقدمه في
صلاته سوى
مراحم الله
نفسها. فهو الذي
اقتنى شعبه أو
اشتراه منذ
القديم، يوم
أخرجهم من أرض
مصر بيدٍ
قويةٍ وذراعٍ
رفيعة. وهو
الذي بحنوه
تجلى معلنًا
ذاته لهم على
جبل صهيون.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
رعاية الله
لشعبه ترجع
إلى ما قبل
الخروج من
مصر، إلى عصر
الآباء.
فتعامل الله
مع هذه
الشخصيات
إبراهيم
وإسحق
ويعقوب،
وأيضًا يوسف
وغيرها لحساب الشعب
القادم من
الأسباط
الإثنى عشرة.
ارْفَعْ
خَطَوَاتِكَ
إِلَى
الخِرَبِ
الأَبَدِيَّةِ.
الكُلَّ
قَدْ حَطَّمَ
العَدُوُّ
فِي المَقْدِسِ
[3].
عندما
يقال "رفع
صوته" (تك 39: 18)،
وعندما يقال:
"رفع يده" (إش 26: 11)
يعني يضرب
ويؤدب. هنا "يرفع
قدميه أو
خطواته"
معناه
"يأتي"، أو
يُسرع في
قدومه.
إنه
يدعو الله أن
يأتي وينظر
بنفسه ما حلّ
بمقدسه، فقد
صار خِربًا
أبدية.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
المرتل يصلي
إلى الرب أن
يرفع يديه على
الصليب في
الأماكن التي
تدنست وصارت
خرابًا.
بالصليب يجتذب
ملوك الأرض
وكل الأمم لكي
تتعبد له وتخدمه
(مز 72: 11). هذا هو
طريق إصلاح
الخِرب
الأبدية، وأن
تتحول الأمم
من عبادة
الأوثان إلى
عبادة الله
الحقيقي.
٢. شرح
للأحداث
المفجعة
قَدْ
زَمْجَرَ
مُقَاوِمُوكَ
فِي وَسَطِ مَعْهَدِكَ،
جَعَلُوا
آيَاتِهِمْ
آيَاتٍ [ع4].
يصوّر
المرتل
الأعداء وقد
اقتحموا شعب
الله، بأسود
تزمجر على
الفريسة. كما
يصور الموقف بأن
الأعداء
دخلوا في
معركة مع
الشعب،
فاقتحموا
المقدسات،
ووضعوا
راياتهم في
الموقع علامة
السيطرة
الكاملة عليه.
v لاحظوا
عبيد الشياطين،
خدام
الأوثان، إذ
كان الأمم في
ذلك الحين
هكذا، وقد
هدموا الهيكل
ومدينة الله "وافتخروا"
في وسط عيدك.
تذكروا ما
قلته إن
أورشليم خربت في
نفس الوقت
الذي كان فيه
احتفال
بالعيد. اجتمعوا
معًا
باحتداد،
اجتمعوا معًا
ودمروا. لقد "وضعوا
علامات،
علاماتهم،
ولم يعرفوا".
كان لهم
علامات،
راياتهم،
نسورهم،
تنانينهم
العلامات
الرومانية. بل
ووضعوا
تماثيلهم أولًا
في الهيكل.
ولعل
علاماتهم هي
الأشياء التي
سمعوها من
أنبياء
شياطينهم. "ولم
يعرفوا". ما
هو الذي لم
يعرفوه؟ أنه
"لم يكن لك
عليّ سلطان
البتة لو لم
تكن قد أُعطيت
من فوق" (يو 19: 11)...
أي
صلاح عظيم
منحه الله لنا
من خلال شر
يهوذا الخائن!
بذات وحشية
اليهود كيف
مُنح خير عظيم
بقبول الأمم
الإيمان! لقد
ذُبح المسيح
على الصليب،
لكي ما يتطلع
إليه ذاك الذي
عضَّتهُ الحية[3].
القديس
أغسطينوس
v عبَّر
الشيطان عن
حمو غضبه
(هياجه)،
ليدوسَ الذين
يؤمنون بمجيء
الرب،
فأصابهم
بضيقاتٍ متنوعة
وبلايا. لهذا
يصلي داود لكي
يُحفِّزَ الربُ...
بشكوى ذات
صبغةٍ نبوية،
ليحثُّه على
الإسراع،
ويسأله أَن
يأتي بعونه
(ولا يؤجل).
نجد
تماثلًا لتلك
الصلاة في نصٍ
لاحق أيضًا،
إذ يقول
المرتل بنفس
الأسلوب:
"لماذا رفضتنا
يا الله إلى
الأبد؟" (مز 74 :1)،
في
هذا النص ناح
بدموع، وأعلن
جهارًا أنَ
اللهَ قد نسيَ
شعبه، وطرح
عنه صولجان
ميراثه، وأعلن
أن الأعداء
قاموا ضد شعب
الله (قابل مز 73
(74): 2-3). وعن تلك
يقول: "قد
زمجر كارهوك
في وسط جلالك
(مقدسك)" (مز 74 :4).
وربما يشير
هذا النص
القصيرُ إلى
الآشوريين،
الذين
انتصروا على
الشعب
اليهودي، وإلا
ما كان أردف
قائلًا:
"أقاموا
شاراتهم راياتٍ،
ولم أعرفهم!"
توجد
دائمًا
راياتٌ في
الحرب، وهي
دائمًا ما تسبق
الذاهبين إلى
المعركة،
وتقف على رأس
الحشد
العسكري. وكل
فريقٍ أو
لواءٍ يتبع
رايته الخاصة.
وإذا ما
تفرقوا في
ساحةِ الوغى،
يتجمعون
ثانيةً، حيث
تقف رايتهم[4].
القديس
أمبروسيوس
يبَانُ
كَأَنَّهُ
رَافِعُ
فُؤُوسٍ
عَلَى
الأَشْجَارِ
المُشْتَبِكَةِ
[5].
إذ
يهجم الغزاة
على الهيكل
المقدس، يبرز
واحد منهم
كبطلٍ يحمل
فأسًا ليقود
الباقين
لتحطيم
النقوش الخشبية
(1 مل 6: 18)، كمن
يضرب أشجارًا
كثيفة
متشابكة؟
يرى
القديس
أغسطينوس أن
الغزاة إذ
قاموا بتخريب
الهيكل
أمسكوا بالفؤوس
ليحطموا
الأبواب
والأثاثات
الخشبية الجميلة
بوحشية وغباوة
كمن يضرب
أشجار غابة
متشابكة.
وَالآنَ
مَنْقُوشَاتِهِ
مَعًا،
بِالفُؤُوسِ
وَالمَعَاوِلِ
يَكْسِرُونَ [6].
جاء
وصف تدمير
الهيكل في (2 مل 25:
8-17؛ إر 52" 12-23). "جاء
نبوزردان
رئيس الشرط
عبد ملك بابل
إلى أورشليم، وأحرق
بيت الرب وبيت
الملك وكل
بيوت أورشليم وكل
بيوت العظماء
احرقها
بالنار...
وأعمدة النحاس
التي في بيت
الرب
والقواعد
وبحر النحاس
الذي في بيت
الرب كسَّرها
الكلدانيون
وحملوا نحاسها
إلى بابل..." (2 مل
25: 8 الخ).
v بهذه
الطريقة، إذ
لا يجد
الشيطان الحق
في جانبه
يهاجم، ويقوم
بتكسير أبواب
الذين يسمحون له
بالدخول،
وذلك بالفؤوس
والمعاول. أما
مخلصنا
فلطيف،
يعلمنا هكذا:
إن أراد أحد
أن يتبعه ويكون
له تلميذًا،
يأتي إليه ولا
يلزمه، بل يسأله:
"أختي
وعروسي". فإن
فتح له يدخل،
وإن تأخر ولم
يريد أن يفتح،
يفارقه[5].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
أَطْلَقُوا
النَارَ فِي
مَقْدِسِكَ.
دَنَّسُوا
لِلأَرْضِ
مَسْكَنَ
اسْمِكَ [7].
يتناسب
القول هنا مع
تدنيس
المدينة
المقدسة بواسطة
الكلدانيين
وأنطيخوس
إبيفانوس والرومان.
لم يحرق
أنطيخوس
الهيكل، لكنه
أحرق أبوابه
ودنس المذبح
بتقديم خنزير
عليه. أما الغزاة
الآخرون
فقاموا بحرقه
وتدميره.
لقد
هدم
الكلدانيون
الهيكل حتى
أتوا به إلى الأرض.
أما تيطس
الروماني فلم
يترك حجرًا
على حجرٍ إلا
ونقضه.
قَالُوا
فِي
قُلُوبِهِمْ:
لِنُفْنِيهُمْ
مَعًا.
أَحْرَقُوا
كُلَّ
مَعَاهِدِ
اللهِ فِي الأَرْضِ
[8].
لم
يقف الأمر عند
هدم الهيكل
وأورشليم،
وإنما وضع
الغزاة في
قلوبهم أن
يبيدوا كل
موضع للعبادة.
ربما يقصد
بمعاهد الله
هنا المجامع
اليهودية حيث
كانت تُقام فيها
العبادة
وتُقرأ
الشريعة.
كان
الشعب
ملتزمًا أن
يظهر في
أورشليم في
الهيكل ثلاث
مرات في السنة
(تث 12: 5-6). ولم يكن
يسمح للأسباط
تقديم أية
ذبيحة خارج
أورشليم،
إنما تقدم على
المذبح
النحاس في
الهيكل.
يرى
البعض أنه لم
يكن يُسمح
للأسباط
بتقديم ذبائح
خارج الهيكل،
لكن كان يسمح
بذلك في ظروف معينة
للأفراد أو
العائلات،
مقدمين
الدليل على
ذلك بإقامة
إيليا النبي
مذبحًا
وتقديم ذبيحة
خارج الهيكل (1
مل 18: 30-38).
آيَاتِنَا
لاَ نَرَى.
لاَ
نَبِيَّ
بَعْدُ.
وَلاَ
بَيْنَنَا
مَنْ
يَعْرِفُ
حَتَّى مَتَى [9].
يرى
القديس
أغسطينوس أن
الحديث هنا
يمثل حال
اليهود بعد
السبي. لقد
فقدوا كل شيء،
لم يعودوا
يرون آيات
تكشف عن حضور
الله في وسطهم
ولم يعد يوجد
أنبياء إلا
قلة قليلة
جدًا، وصاروا
كما في ظلمة
لا يعرفون متى
يتحررون من
هذا السبي.
هذا هو وحالهم
كما ورد في (1 مك 4:
46؛ 9: 27؛ 14: 41). ينطبق
أيضًا هذا على
حال اليهود
منذ أيام
ملاخي النبي
حتى مجيء القديس
يوحنا
المعمدان،
ومن أيام تيطس
إلى يومنا الحاضر[6].
جاء
في حزقيال:
"ستأتي مصيبة
على مصيبةٍ،
ويكون خبر على
خبرٍ،
فيطلبون رؤيا
من النبي، والشريعة
تُباد عن
الكاهن،
والمشورة عن
الشيوخ" (حز 7: 26).
وفي مراثي
إرميا: "لا
شريعة،
أنبياؤها أيضًا
لا يجدون رؤيا
من قبل الرب"
(مرا 2: 9).
ويقول
عاموس النبي:
"هوذا أيام
تأتي يقول
السيد الرب
أرسل جوعًا في
الأرض، لا
جوعًا للخبز، ولا
عطشًا للماء،
بل لاستماع
كلمة الرب" (عا
8: 11).
ويقول
ميخا النبي:
"لذلك تكون
لكم ليلة بلا
رؤيا، ظلام
لكم بدون
عرافة، وتغيب
الشمس عن الأنبياء،
ويظلم عليهم
النهار" (مي 3: 6).
٣. إلى متى
يا الله؟
حَتَّى
مَتَى يَا
اللهُ
يُعَيِّرُ
المُقَاوِمُ،
وَيُهِينُ
العَدُوُّ
اسْمَكَ
إِلَى الغَايَةِ؟
[10].
يقف
المرتل في
دهشة أمام طول
أناة الله على
الأشرار،
فإنهم
يعيرونه
ويجدفون على
اسمه بلا توقف،
وهو في صمت
يطيل أناته
عليهم لعلهم
يتوبون
ويرجعون إليه
فيغفر لهم
ويحتضنهم.
لِمَاذَا
تَرُدُّ
يَدَكَ
وَيَمِينَكَ؟
أَخْرِجْهَا
مِنْ وَسَطِ
حِضْنِكَ.
أَفْنِ
[11].
إذ
يئن المرتل من
طول أناة الله
على الأشرار حتى
صاروا يجدفون
على اسمه حتى
النهاية،
الآن يصرخ إلى
الله أن يمد
يده وينقذ
شعبه ويعاقب الأشرار.
وكأنه يقول
له: لا تقف
صامتًا كمن لا
يبالي بضيقة
شعبه.
يقصد
بيمين الله
قوته القادرة
أن تخلص، كما
تشير إلى كلمة
الله الأزلي،
والخالق، إذ
كل شيء به
كان، وبغيره
لم يكن شيء
مما كان" (يو 1: 3).
فالمرتل يطلب
سرعة تجسده
ومجيئه ليخلص
العالم من
إبليس عدو
البشرية ومن
الخطية.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
كاتب السفر
عاد بذاكرته
إلى ما حدث مع
موسى: "قال له
الرب أيضًا
اَدخل يدك في
عبَّك، فأدخل
يده في عبِّه،
ثم أخرجها
وإذا يده
برصاء مثل
الثلج. ثم قال
له: رُدّ يدك
إلى عبك، فردّ
يده إلى
عبِّه، ثم
أخرجها من
عبِّه، وإذا
هي قد عادت
مثل جسده" (خر 4:
6-7).
في
خروج اليد
للمرة الأولى
كانت برصاء
كالثلج إشارة
إلى مجيء
السيد المسيح
الأول، حيث حمل
خطايانا في
جسده على
الصليب لكي
يخلصنا، فالدعوة
هنا أن يأتي
السيد المسيح
ليجدنا في مجيئه
الأخير قد
تقدسنا
وتبررنا،
وتأهلنا للعرس
السماوي.
يأتي
مسيحنا ليجد
كنيسته قد
تهيأت للعرس،
ولا يعود يختلط
الأشرار
بالأبرار، بل
يفصل الرب
هؤلاء عن
أولئك.
في
مقالاته ضد
الأريوسية
يشير البابا
أثناسيوس
السكندري
إلى هذه
العبارة حيث
يطلب من الآب
أن يبسط يده
اليمنى
ويخرجها من
حضنه. ما هي
هذه اليد اليمنى
سوى الابن
الأزلي في حضن
الآب،
وبتأنسه يقول:
"من عند الآب
خرجت" (يو 16: 27).
وكأن هذه
العبارة تشير
إلى تأنس كلمة
الله.
·
v الابن
هو الكلمة،
والحياة الذي
مع الآب. ماذا قيل
في يوحنا
نفسه: "الابن
الوحيد الذي
في حضن الآب"،
مظهرًا أن
الابن كان منذ
الأزل. فمن يدعوه
يوحنا الابن يشير
إليه داود في
المزمور أنه
يد الله، قائلًا:
"لماذا لا
تبسط يمينك،
أخرجها من
حضنك" [١١ LXX] [7].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
٤. العمل
الإلهي
وَاللهُ
مَلِكِي
مُنْذُ
القِدَمِ،
فَاعِلُ
الخَلاَصِ
فِي وَسَطِ
الأَرْضِ [12].
إذ
يسأله المرتل
عن سرعة مجيئه
الأخير ليتمتع
المؤمنون
الحقيقيون
بملكوت الله،
يرى كل مؤمنٍ
أن مخلصه هو
ملكه، يملك
على الكل، لكن
له معزّة خاصة
عنده، وموضع
خاص في حضنه
الإلهي.
قدم
الخلاص
للبشرية كلها
كما في وسط
الأرض، وقدمه
بصفة خاصة لكل
مؤمنٍ كما لو
كان الوحيد
موضع اهتمام
الملك المخلص.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
السيد المسيح
هو مخلص
الأرض كلها،
لكن يشعر
المرتل في وسط
الضيق كمن قد
نسيه المخلص،
فيصرخ إليه!
v من جهة،
نحن نصرخ: "لا
نبي بعد، ولا
بيننا من يعرف
حتى متى" [ع9]،
ومن الجانب
الآخر. إلهنا،
ملكنا هو قبل
العالم. إذ هو
نفسه الكلمة
الذي في البدء
(يو 1: 1)، به خلق
العالم، "فاعل
الخلاص في وسط
الأرض" [ع12]...
ومع هذا أصرخ
كمن هو منسي...
الآن قد
استيقظت الأمم
ونحن نغط في
النوم، كمن قد
نسانا الله، إننا
كمن نهذي في
الأحلام[8].
القديس
أغسطينوس
v لقد
بسط يديه على
الصليب حتى
يعانق العالم
أجمع، إذ
الجلجثة هي
مركز العالم.
هذا ليس من
عندي، بل يقول
النبي: "فاعل
الخلاص في
وسط الأرض"
(مز 74: 12). بسط يديه
البشريتين
هذا الذي
بيديه الروحيتين
أوجد السماء.
وسُمرتا
بالمسامير، حاملًا
آثام البشر،
حتى إذ سُمر
على خشبة مات،
فيموت الإثم
لنقوم في برّ.
"لأنه
بإنسانٍ
واحدٍ دخل
الموت، وهكذا
بإنسانٍ
واحدٍ تكون
الحياة" (رو 5: 12،
17)، بإنسانٍ
واحد – المخلص -
مات بإرادته.
لعلك تذكر ما
قاله: "لي
سلطان أن أضع
نفسي، ولي
سلطان أن
آخذها" (يو 10: 18) [9].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
أَنْتَ
شَقَقْتَ
البَحْرَ
بِقُوَّتِكَ.
كَسَرْتَ
رُؤُوسَ
التَنَانِينِ
عَلَى المِيَاهِ
[13].
يتكرر
ذكر "التنين"
في سفر الرؤيا
ثلاث عشرة
مرة، يظهر
فيها أنه يعني
"إبليس".
كالقول:
"فطُرح التنين
العظيم، الحية
القديمة
المدعو إبليس
والشيطان،
الذي يُضل
العالم كله"
(رؤ 12: 9). كما قيل:
"فقبض على
التنين،
الحية
القديمة الذي
هو إبليس
والشيطان، وقيَّده
ألف سنة" (رؤ 20: 2).
دُعي "التنين
الأحمر
العظيم" (رؤ 12:
3)، لأنه سافك
الدماء.
في
رسالته
لأوشينوس Oceanus كتب القديس
جيروم عن
بركات
المعمودية
التي تُحطم
قوى إبليس، وعن
بركات
المياه، جاء
فيها:
[كان
روح الله يرف
عاليًا،
كسائق مركبة،
فوق وجه
المياه (تك 1: 2)،
وأخرج منها
(الأرض
الخاوية والخالية)
عالمًا طفلًا the infant world ، رمزًا
للطفل
المسيحي
الخارج من جرن
المعمودية.
تكوَّن
الجلد بين
السماء
والأرض، وخصص
له اسم
"سماء"، وفي
العبرية
شمايم أو "الخارجة
من المياه"
وانفصلت
المياه التي
فوق السماوات
عن غيرها لمدح
الله.
لذلك
أيضًا في رؤيا
النبي حزقيال
نرى فوق الشاروبيم
منظر البلور
منتشرًا (حز 1: 32)،
وهو عبارة عن
مياه مضغوطة
وكثيفة.
والكائنات
الأولى خرجت
من المياه.
والمؤمنون
يحلقون
خارجين من
الجرن بأجنحة
ترتفع إلى
السماء.
خُلق
الإنسان من الطين (تك
2: 7)، وأمسك الله
بالمياه
السرية في جوف
يده.
في
عدن غُرست
جنة، وينبوع
في وسطها له
أربعة رؤوس
(تك 2: 8، 10).
هذا
هو ذات
الينبوع الذي وصفه
عن الهيكل،
ويفيض نحو
شروق الشمس
حتى يشفي
المياه
المرّة،
ويحيي الموتى
(حز 47: 1، 8).
عندما
سقط العالم في
الخطية، لم
يكن سوى طوفان
المياه
القادر أن
يغسله مرة
أخرى...
إذ
أُكره فرعون
وجيشه على ترك
شعب الله أن
يخرج من مصر،
غرقوا في
البحر الأحمر
كرمز لمعموديتنا[10].]
v لم يعتمد
(السيد
المسيح) لأنه
كان في حاجة
إلى تطهير،
إنما اعتمد
لكي يجعل
تطهيري
تطهيره؛ كي
يحطم رؤوس
التنانين في
المياه (مز 74: 13)،
يغسل الخطية
ويدفن كل ما
لآدم القديم، معلنًا
سرّ الثالوث،
ويصير لنا نموذجًا
ومثالًا
لقبول
المعمودية[11].
الأب
يوحنا
الدمشقي
v التنين
الذي هو عظيم
وأحمر وماكر
ومتشعب الجوانب
وله سبعة رؤوس
وقرون، ويجر
ثلث النجوم إلى
أسفل، ويقف
مستعدًا
ليلتهم طفل
المرأة التي
تلد (رؤ 12)، هو
الشيطان الذي
يتربص ليُحطم
ذهن
المعمَّدين
الذين يقبلون المسيح،
وصورة الكلمة
وملامحه
الواضحة التي
تتجلي فيهم.
لكنه يفشل في
اقتناص
فريسته التي
تتجدد وتصعد
إلى عرش الله[12].
الأب
ميثوديوس
v ليتنا لا
نخجل من
الاعتراف
بالمصلوب.
لنرسم
علامة الصليب
ختمنا
بشجاعة،
بأصابعنا على
جباهنا وعلى
كل شيءٍ: على
الخبز الذي
نأكله، وعلى
الكأس التي
نشربها، في
دخولنا وفي
خروجنا، قبل
النوم وعندما
نركض وعندما
نستيقظ، في
الطريق
وحيثما حللنا.
عظيم
هو هذا
الفعّال. هو
مجانًا من أجل
الفقراء، يتم
بغير عناء من
أجل المرضى.
إنه علامة
المؤمنين،
ورعب الشياطين،
إذ غلبهم
ظافرا بهم
جهارًا (كو 2: 15).
لأنهم إذ يرون
الصليب
يتذكرون
المصلوب، فيرتعبون
من ذاك الذي
كسر رؤوس
التنانين (مز
74: 13) [13].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
v جاء
في أيوب أنه
كان في المياه
الوحش الذي
"اندفق الأردن
في فمه" (أي 40: 23)، وكان يلزم
تحطيم رؤوسه (مز
74: 14)،
لهذا نزل
(السيد) وربط
القوي في
المياه، حتى نال
قوة فيها، إذ
يكون لنا
سلطان أن ندوس
على الحيات
والعقارب (لو
10: 19).
كان
الوحش عظيمًا
ومرعبًا، لا
يقدر أي قارب
صيد أن يقاوم
ضربة واحدة من
ذيله[14]،
ثائرًا على كل
من يلتقي به.
لقد نزل
"الحياة" إليه
ليلتقي معه،
فيسد فم الموت
هناك، عندئذ إذ
نخلص نقول:
"أين شوكتك يا موت؟! أين
غلبتك يا
قبر؟!" (راجع 1
كو 10: 55) لقد
نُزعت شوكة
الموت
بالعماد[15].
القديس
كيرلس
الأورشليمي
v رأت
الذئاب السحب,
والمطر
والإعصار.
نادت
بعضها بعض،
وهجموا
كالضواري،
تهيجوا.
مُحدقين
بهم تمامًا،
كانوا جميعهم
مملوئين غيظًا.
وأحاطوا
بالقطيع
المبارك.
لكن
الصولجان الذي
أبهجهم
انكسر،
وقادهم للندم.
قصبه
مرضوضة كانت
هي دعامة اليد
اليسرى (إش 36: 6).
فارتدوا
إلى كهوفهم,
المظلمة
والعتيقة
(البدائية).
خافوا
أن يكونوا قد
تعرُّوا،
فلبسوا مرة
أخرى من
عرائهم.
والخليقة
التي كانت
مكتئبة،
أشرقت
وتهللت،
لكن
المتمردين قد
ديسوا.
ورؤوس
الحوت الضخم
قد دُمرت في
وسط البحر (مز 74: 13-14)،
وتفتت
ذيله الزاحف
في وسط الأرض
الجافة[16].
القديس
مار أفرآم
السرياني
أَنْتَ
رَضَضْتَ
رُؤُوسَ
لَوِيَاثَانَ.
جَعَلْتَهُ
طَعَامًا
لِلشَعْبِ
لأَهْلِ البَرِّيَّةِ
[14].
يوضح الأب
ثيؤدور كيف
يتحرر
المعمدون من
سلطان إبليس
ليدخلوا في
ميثاق مع الله
كأولاد له،
متمتعين
بالحرية.
وتحدث القديس
كيرلس
الأورشليمي
عن عطية
المعمودية
كتحريرٍ من
سلطان إبليس، الوحش
الساكن في
أعماق
المياه،
قائلًا: [جاء في
أيوب أنه كان
في المياه
الوحش الذي "اندفق
الأردن في
فمه" (أي 40: 23)،
وكان يجب
تحطيم رؤوسه
(مز 74: 14). لهذا نزل
(السيد) وربط
القوي في
المياه حتى
ننال فيها
القوة، إذ
يكون لنا
السلطان أن ندوس
على الحيات
والعقارب (لو 10:
19). كان الوحش عظيمًا
ومرعبًا، "لا
يقدر إناء
سميك أن يحتمل
حرشفة واحدة
من ذيله" (أي 41: 7 LXX )، ثائرًا
ضد كل من
يلتقي به. لقد
نزل "الحياة" إليه
ليلتقي معه
فيسد هناك فم
الموت،
وعندئذ نخلص
نحن، قائلين:
أين شوكتك يا
موت؟! أين غلبتك
يا قبر؟! (1 كو 10: 55).
لقد نزعت شوكة
الموت
بالمعمودية!
ها أنتم
تدخلون
المياه
حاملين
خطاياكم، وبابتهال
النعمة إذ
نختم نفوسكم،
لا يعود
يبتلعكم الوحش
المرعب[17].]
يرى
العلامة
أوريجينوس[18] أن الشعب
اليهودي تمتع
بثلاثة أنواع
من الطعام:
الأول عند
خروجهم من مصر
حيث أخذوا
المعاجن وبها
العجين في
ثيابهم، وذلك
للأكل لفترة
قصيرة (خر 12: 34).
والثاني أمطر
عليهم المن
اليومي في البرية
(مز 74: 14). والثالث
حين توقف
إنزال المن
وبدأوا
يأكلون من
ثمار أرض
الموعد (يش 5: 11-12). الطعام
الأول هو
التعليم
البسيط الذي
نتقبله عند
خروجنا من عدم
الإيمان، وهو
طعام مؤقت. والثاني
هو دخولنا إلى
أعماق
الناموس
الإلهي،
كالمن النازل
من السماء.
أما الثالث
فهو طعامنا
حين نرى
مسيحنا وجهًا
لوجه في
الأبدية.
هناك نتمتع
بما لم تره
عين، ولم تسمع
به إذن، وما
لم يخطر على
بال إنسانٍ ما
أعده الله
للذين يحبونه
(1 كو 2: 9).
v كان
الإنسان يميل
إلى أسفل، لا
يتغذى إلا بالخطية،
وهكذا يصف
الروح القدس
الخطاة
ويتكلم عن
غذائهم، وذلك
حينما يشير
إلى الشيطان
قائلًا عنه:
"جعلته
طعامًا…" (مز
74: 14) فالشيطان هو
طعام الخطاة!
وإذ ربنا ومخلصنا
هو الخبز
السماوي،
لهذا فهو غذاء
القديسين،
لهذا قال: "إن
لم تأكلوا
جسدي وتشربوا
دمي…" (يو 6: 53).
بينما
الشيطان هو
غذاء الدنسين،
الذين لا
يصنعون أعمال
النور، بل
أعمال الظلمة.
ولكي يجذبهم
الله، ويردهم
عن شرورهم، يوصيهم
أن يقتاتوا
بالفضيلة،
خاصة تواضع
العقل،
والمسكنة،
واحتمال
الإهانات،
والشكر لله[19].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
v تأمرنا
الوصية أن
نشترك في
(الحمل) في
بيتٍ واحدٍ
فقط، لئلا نظن
أن الحمل
يُمكن أن
يُقدم خارج
الكنيسة. واضح
من هذا أن
اليهود
والهراطقة وكل
الاجتماعات
الخاصة
بالتعاليم
المنحرفة، إذ
لا يأكلون
الحمل في
الكنيسة، لا
يأكلون لحم
الحمل، بل لحم
التنين[20].
القديس
جيروم
v نحن نعلم
أنك تدبر
العالم
بسياسة
ملوكية يا الله.
قبل
الدهور
وقديمًا صنعت
لنا خلاصًا في
وسط الأرض،
أعني جهارًا
وعلانية بين
الناس كلها. ذلك
عندما يبست
البحر
الأحمر،
وأجزت شعبك،
وسحقت رؤوس
وقواد
المصريين
المتمردين
مثل تنانين في
مياه البحر.
وفرعون
التنين
الكبير رضضت رأسه،
أي مُلكه...
نقول
أن ابن الله
هو إله وملك
قبل كل
الدهور، مساوٍ
للآب والروح
القدس في
الأزلية
والجوهر، لما
تجسد في ملء
الزمان صنع
الخلاص لجميع
العالم
بأورشليم
التي يقال أنها
وسط الأرض.
أيضًا
تدعى حياة
البشر بحرًا
لكون أمورها
كثيرة التموج
والاضطراب.
وقد سكَّن
الله أمواجها
وملاطمتها
بقوة. أما
التنانين فهي
الأرواح
الشريرة
والقوات
المضادة،
ورؤوسها هي
رؤساؤهم، أو
تكون من
رؤوسها السحر
والعرافة
والعيافة
وعبادة
الأصنام وما
شاكلها. هذه
التنانين
كانت تقلق
وتحرك بحر
العالم برؤوسها
المذكورة. وقد
رضضها ربنا
يسوع المسيح
بالمياه،
أعني عندما
اعتمد في
الأردن، ومنحنا
موهبة
الاصطباغ
بالمياه. وأما
التنين الكبير
الذي دبّ ودخل
في الفردوس
وخدع أجدادنا،
فذاك أيضًا
رضض رأسه
وأماته...
الذين بعدما
آمنوا
اصطبغوا
بمياه
المعمودية
نالوا
سلطانًا وقوة
أن ينزعوا لحم
التنين
القديم أي
شره، ويرضوا
رأسه يبيدوه.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
أَنْتَ
فَجَّرْتَ
عَيْنًا
وَسَيْلًا.
أَنْتَ
يَبَّسْتَ
أنهارًا
دَائِمَةَ
الجَرَيَانِ [15].
إن
كان السيد
المسيح قد
كسَّر بعماده
رؤوس التنانين
على المياه [13]،
ففي سلطانه أن
يجفف الأنهار،
كما فعل حين
شقّ طريقًا
لشعبه في بحر
سوف وأيضًا في
نهر الأردن.
وفي سلطانه أن
يفجرّ ينابيع
مياه من
الصخور كما
حدث بعصا موسى
التي دُعيت
أيضًا عصا
الله.
يرى
القديس
أغسطينوس أن
الله يخرج من
الأمم غير
المؤمنين،
الذين كانوا
كالحجارة
ينابيع مياه
الحكمة
والغنى الروحي.
v "أنت
فجرت عيونًا
(ينابيع)
وسيولًا" [ع15]،
لكي ما يفيض
بمجرى
الحكمة، وغنى
الإيمان،
وتتحول ملوحة
مياه الأمم
غير المؤمنين
إلى عذوبة الإيمان
بمياههم...
تصير كلمة
الله في بعض
الناس بئر
مياه ينبع إلى
حياة أبدية
(يو 4: 14). وآخرون
إذ يسمعون
الكلمة ولا
يحفظونها
بالحياة
الصالحة، وفي
نفس الوقت لا
يبكمون
ألسنتهم
يصيرون
سيولًا. يليق
بهم أن يُدعوا
سيولًا لأنهم
غير دائمين...
الينابيع
تفيض دومًا،
والسيول تجري
(وتنتهي) [21].
القديس
أغسطينوس
يرى
القديس
أغسطينوس أن
إبليس وقد جعل
من المياه
مسكنًا له،
فإن السيد
المسيح ييبس
الأنهار التي
يسكنها العدو
ليحطمه في
بيته، أو كما
يقول السيد
نفسه: "أم كيف
يستطيع أحد أن
يدخل بيت
القوي وينهب أمتعته،
إن لم يربط
القوي أولًا"
(مت 12: 29). كما يقول:
إن السيد يجفف
أنهار الأمم
الوثنية أي
تعاليمهم
الخاطئة حتى
تفيض عقولهم
بإنجيل الحق.
يقدم
لنا الأب أنثيموس
الأورشليمي الآراء
التالية:
1. تشير
العيون
والأودية إلى
المياه التي
انفجرت من
الصخرة في
البرية،
وارتوى منها
شعب إسرائيل،
وأنهار إيثام
(كما جاءت في
الترجمة
السبعينية) هي
أنهار تصب في
نهر الأردن.
2. إيثام
تشير إلى
غابات كثيفة
بأشجارها
وغزيرة
بمياهها، كان
يذهب سليمان
الملك
ليتصيد، ويرى
يوسيفوس
المؤرخ أنه إذ
غضب الله على
اليهود يبست
المياه هناك.
3. إيثام
معناها دم،
فقد أزال الله
دم ذبائح الأصنام
عن شعبه.
4. المعنى
الرمزي
للعبارة [إن
أقوال
الأنبياء كانت
ينابيع
وأودية جارية
تشفي قلوب
اليهود وترطبها،
لكن لأجل
نفاقهم
يبَّسها
ومنعها عنهم.
ومثل أنهار
إيثام نزع
منافعها عنهم.
أما الأمم
الذين كانوا
قبلًا برية
قفرة عديمة
الماء فقد
فجَّر منهم
مياه مواهبه
الإلهية
كأنهار
جارية].
إذ
نلجأ إلى الله
يحول حياتنا
إلى أودية
تفيض فيها
ينابيع مواهب
الروح القدس،
فنجمل ثماره،
ونصير جنه
مقدسة للرب،
لا تقدر أنهار
ضلالة إبليس
أن متسلل
إلينا.
لَكَ
النَهَارُ
وَلَكَ
أَيْضًا اللَيْلُ.
أَنْتَ
هَيَّأْتَ
النُورَ
وَالشَمْسَ [16].
يرى
القديس
أغسطينوس أن
السيد المسيح
يشتاق إلى
خلاص الجميع؛
يعمل في الذين
استناروا به،
ويطلب أن يعمل
حتى في أبناء
الليل
ليحوِّل
ظلمتهم إلى
نور.
v "لك
النهار". من هم
هؤلاء؟ أنهم
الروحيون. "ولك
الليل". من هم
هؤلاء أنهم
الجسدانيون. "أنت
كمّلت الشمس
والقمر"؛
الشمس هم
الروحيون،
والقمر هم
الجسدانيون. إنه
لا ينسى
الجسداني، بل
يريد أن يجعله
كاملًا.
الشمس
كما لو كانت
الإنسان
الحكيم، هذا
الذي أنت لا
تنساه. مكتوب:
"الإنسان
الحكيم يثبت
مثل الشمس،
والغبي مثل
القمر يتغير"
(سي 27: 11)... يقول
الرسول: "إني
مديون
للحكماء والجهلاء"
(رو 1: 14) [22].
القديس
أغسطينوس
v بعد أن
عدد النبي
أنواع
إحسانات الله
إلى اليهود،
يورد
إحساناته إلى
جميع الخلائق.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
v سأل أخٌ أحد
الآباء
قائلًا: "إذا
حدث أن غلبني
النوم وفاتني
وقت الصلاة ثم
انتبهتُ،
وبسبب حزني لم
تنبسط نفسي
للصلاة،
فماذا أفعل؟"
فقال له الشيخ:
"حتى لو غلبك
النوم إلى
الصباح،
فقُمْ وأغلق
بابك، وتمِّم
قانونك،
فالنبي داود
يقول مخاطبًا
الله: "لك
النهار ولك
أيضًا الليل"
(مز 74: 16). إنّ
إلهنا لكثرة
جوده ورحمته
في أي وقت دُعيَ
استجاب".
فردوس
الآباء
أَنْتَ
نَصَبْتَ
كُلَّ
تُخُومِ
الأَرْضِ.
الصَيْفَ
وَالشِتَاءَ
أَنْتَ
خَلَقْتَهُمَا
[17].
الله
يعرف حجم
الأرض بكل دقة
وشكلها، وحجم
اليابس ومياه
المحيطات
والبحار
والأنهار، وحدود
كل دولة وأمة،
فهو القدير
المهتم بكل
دقائق الأرض
وسكانها. حتى
الأزمنة
كالصيف
والشتاء في
يديه. هو خالق
كل الطبيعة
وأب كل الأمم.
"حين قسَّم
العلي للأمم حين
فرَّق بني آدم
نصب تخومًا
لشعوب حسب
عدَّد بني
إسرائيل" (تث 32:
8).
"للرب
الأرض وملؤها.
المسكونة وكل
الساكنين
فيها. لأنه
على البحار
أسسها، وعلى
الأنهار
ثبتها" (مز 24: 1-2).
"وصنع
من دمٍ واحدٍ
كل أمة من
الناس يسكنون
على كل وجه
الأرض، وحتم
بالأوقات
المعينة وبحدود
مسكنهم" (أع 17: 26).
v
ما
أجمل أن يصف
خالق الربيع
حُسن هذا
الفصل. يقول
داود: "أنت
نصبت كل تُخُوم
الأرض، الصيف
والشتاء أنت
خلقتهما" (مز 74:
17). هو الذي أزاح
كآبة الشتاء،
وأعلن أن الأمطار
التي أرهقتنا
قد مضت. ثم
أشار إلى أن
الحقول قد
أينعت
وازدانت
بالزهور. وأن
الزهور تفتحت
وجاهزة لمن
يقطفها ليعمل
منها مجموعات للزينة
أو لتجهيزها
لاستخلاص
العطور. إن صدى
الصوت يجعل
الفصل
ممتعًا،
ويتردد غناء
الطيور في
بساتين
الفاكهة،
ويصل صدى صوت
اليمامة
الشجي إلى
آذاننا.
ويتكلم
العريس أيضًا
عن شجرة التين
والكرم التي
يُنبئ مظهرها
الحاضر بالفرح
بما ستنتجه في
المستقبل
القريب. فيظهر
التين الصغير
وغيره على
الفروع
الملساء وكلاهما
يمتع حاسة
شمنا
بالرائحة
الزكية. وهكذا
يُظهر الكتاب
المقدس مقدار
الفرح في وصفه
لصورة الربيع
الغنية. أنه
يضع الكآبة
جانبًا، فنتمتع
بجمال الوصف.
إنني اعتقد
أنه بالإضافة
إلى ذلك، يلزم
لنا ألاَّ
نتوقف عن وصف
هذه الأشياء
التي تُدخل
السرور إلى
النفس.
وبالأحرى يجب
أن تقودنا هذه
إلى الأسرار
التي تتضح من خلال
هذه الكلمات
حتى نكشف ما
تخفيه من كنوز[23].
القديس
غريغوريوس
أسقف نيصص
٥. صلاة من
أجل المساعدة
اُذْكُرْ
هَذَا: أَنَّ
العَدُوَّ
قَدْ عَيَّرَ
الرَبَّ،
وَشَعْبًا
جَاهِلًا قَدْ
أَهَانَ
اسْمَكَ [18].
مع
هذه الرعاية
الفائقة
لضابط الكل
المعتني حتى
بالأرض وكل ما
عليها وما
تحتها وفصول
السنة
والأزمنة من
أجل سلام
الإنسان، إلا
أنه يوجد
أشرار يعيرون
الرب، وجهال
يجدفون على
اسمه.
لقد
عيَّر
الأشرار كلمة
الله المتجسد
نفسه وادعوا
أنه خاطئ
وسامري بل
وبعلزبول
رئيس
الشياطين.
v يحزن
آساف على
العمى القديم
في الفهم "العدو
قد عيّر الرب"
لقد قيل
للمسيح وهو في
أُمَّته: "نحن
نعلم أن هذا
الإنسان
خاطئ" (يو 9: 24).
"نحن نعلم أن
موسى كلَّمة
الله؛ وأما
هذا فما نعلم
من أين هو" (يو 9:
29). إنه سامري (يو
8: 48)...
"وشعبًا
جاهلًا قد
أهان اسمك" [18]،
فهل كل
أولئك؟ حاشا...
فإنه حتى
الرسول بولس الذي
انكسر بسبب
عدم الإيمان
قد أُصلح
بالإيمان في
جذوره[24].
القديس
أغسطينوس
لاَ
تُسَلِّمْ
لِلْوَحْشِ
نَفْسَ
يَمَامَتِكَ.
قَطِيعَ
بَائِسِيكَ
لاَ تَنْسَ
إِلَى
الأَبَدِ [19].
تُدعى
الكنيسة هنا
بيمامة الله
العاجزة عن الدفاع
عن نفسها، لا
تحب الخصام،
ولا تقدر أن تمارسه،
وديعة وهادئة
تهرب من
الضجيج، لا
سلاح لها،
ومحبوبة من
الله الذي
يحبها
ويرعاها.
يرى
القديس
أثناسيوس أن
هذا القول
النبوي يخص
اليهود الذين
تابوا وآمنوا
بالمسيح، فإنه
لا يهملهم إلى
الانقضاء.
v إذا
كان الله لم
يشفق على شعبه
المختار، فكم
بالأكثر لا
يشفق علينا
نحن أيضًا.
إننا
إذا لم ننفذ
وصية الله
وكلام
الإنجيل سوف
يقول من جديد: هلم
اجمعوا كل
حيوان الحقل
إيتوا بها
للأكل"، لكننا
نتجرأ لنقول
في صلواتنا: "لا
تُسَلِم
للوحش نفس
يمامتك" (مز 74:
19)، أو "لا تسلم
للوحوش
المفترسة
النفس التي
تعترف لك
بخطاياها". فلنعترف
إذًا
بخطايانا
تائبين عنها،
فلا نُسلِّم
نفوسنا
للوحوش،
وإنما
للملائكة
القديسين
الذين
سيكونون
بمثابة
مرضعين لنا،
يحملوننا على
صدورهم،
ويساعدوننا
على العبور من
هذا العالم
إلى العالم
الآتي في يسوع
المسيح، الذي
له القوة
والمجد إلى
الأبد آمين[25].
v الحيوانات
الروحية
الشريرة هي
التي يسميها الرسول
"أجناد الشر
الروحية في
السماويات" (أف
6: 2). عن هذه
الحيوانات
يقول الكتاب: "الحية
كانت أمكر من
جميع الوحوش
التي على
الأرض" (تك 3: 1)…
كما قيل:
"إبليس خصمكم كأسد
زائر يجول
ملتمسًا من
يبتلعه هو
فقاوموه راسخين
في الإيمان" (1
بط 5: 8-9). إن أردت
أن تعرف
حيوانات أخرى
رديئة يعلمك
إشعياء النبي
إذ دعاها في
رؤى أنها
الدابة في
البرية،
قائلًا: "في أرض
شدَّةٍ
وضيقةٍ منها اللبوة
والأسد،
الأفعى
والثعبان
السام الطيَّار،
يحملون على
أكتاف الحمير
ثروتهم، وعلى
أسنمة الجمال
كنوزهم إلى
شعبٍ لا ينفع"
(إش 30: 6). هل يتم
هذا مع حيوانات
البرية
المادية؟! كيف
يمكن للبوة والأسد
والأفعى
والثعبان
السام أن
يحملوا ثروتهم
على ظهر حمار
أو جمل؟! واضح
إذن أن النبي
المملوء
بالروح القدس
يعدد القوة
العدوانية
التي لأفظع
الشياطين. يود
أن يقول بأن
الشياطين تضع
ثروتها التي
هي خداعها
للنفوس، وذلك
خلال الحماقة
(الحمار)
والدنس
(الجمل)، ولكي
لا نُسلم لهذه
الوحوش يلزم
للنفس التي
تخاف الله أن
تقول: "لا
تسلم للوحش
نفس يمامتك"
(مز 74: 19)
[26].
العلامة
أوريجينوس
v "وكان
مع الوحوش،
وصارت
الملائكة
تخدمه" (مر 1: 13).
كان يسوع مع
الوحوش،
ولهذا جاءت
الملائكة تخدمه.
يقول الكتاب:"لا
تسلم للوحوش
نفس المعترف
لك" (مز 74: 19). هذه
هي الوحوش
التي وطأ
عليها الرب
بقدم الإنجيل:
الأسد
والتنين (مز 91: 13) [27].
v يليق بنا
أن نلتزم في
سلوكنا
بطريقة بحيث
لا نُطرد قط
من هذا البيت،
ونُطرح فريسة
للوحوش. كما
يصرخ النبي في
رعبٍ: "لا
تسلم للوحوش
نفس من يتكل
عليك" (مز 74: 19) [28].
القديس
جيروم
v نقرأ:
"أبيد الوحوش
الرديئة من
مدينتكم" (راجع
لا 26: 6). هذه
الوحوش
المادية ليست
شريرة تمامًا ولا
صالحة بالكامل،
بل بالحري هي
في الوسط،
لأنها
حيوانات عجماوات.
على أي
الأحوال، تلك
الوحوش
الأخرى هي
الشرور
الروحية،
يدعوها
الرسول:
"أجناد الشر
الروحية في
السماويات"
(أف 6: 12). هذا هو
الوحش الشرير
الذي يقول عنه
الكتاب
المقدس: "كانت
الحية أحيل
جميع حيوانات
البرية" (تك 3: 1).
هذا هو
الوحش الشرير
الذي يَعد
الله أن يبيده
من أرضنا إن
حفظنا وصاياه.
أتريدون
أيضًا أن تروا
وحشًا شريرًا
آخر؟ أصغِ إلى
الرسول بطرس:
"إبليس خصمكم
كأسدٍ زائرٍ
يجول ملتمسًا
من يبتلعه هو،
فقاوموه
راسخين في
الإيمان" (1 بط 5:
8-9)... لكي لا
يُسلم (الشخص)
لتلك الوحوش
النفس التي
تخاف الله إلى
الرب: "لا
تسلم للوحش
(النسر) نفس
يمامتك" (مز 74: 19) [29].
الأب
قيصريوس أسقف
آرل
انْظُرْ
إِلَى
العَهْدِ.
لأَنَّ
مُظْلِمَاتِ
الأَرْضِ
امْتَلأَتْ مِنْ
مَسَاكِنِ
الظُلْمِ [ع20].
هذه
التي دعاها
يمامته
الوديعة التي
لا سلاح لها
سوى الله
نفسه، يدعوها
العروس
السماوية التي
دخل معها الرب
في عهدٍ
مقدسٍ. أنها
محتاجة إلى
رعايته لأنها
لا تزال تعيش
على الأرض التي
صارت مظلمة
بسبب الظلم
الذي يسودها.
لقد
مارس
الكثيرون
العنف سواء في
الطرق كقطاع
الطرق، أو في
المغاير
وشقوق الأرض
والغابات وحتى
وسط المدن.
العالم امتلأ
بالعنف في كل
موضع،
والكنيسة
تصرخ إلى الله
ليتعهدها
ويحفظها من
الأشرار
المقاومين
للحق.
v اُنظر
إلى عهدك لا
العهد القديم.
لست من أجل أرض
كنعان اسأل.
ولا من أجل
الخضوع
المؤقت للأعداء،
ومن أجل
الأثمار
الجسماني
للأبناء، ولا
من أجل الثروات
الأرضية، ولا
الغنى
الأرضي، ولا
لأجل السعادة
المؤقتة،
إنما "اُنظر
إلى عهدك"،
الذي به وعدت
بملكوت
السماوات[30].
القديس
أغسطينوس
v اُذكر ما
قد عاهدت به
آباءنا،
واُنظر إلى
الأرضيين
المولعين
بالأرضيات،
والمظلمين
بسواد
عبادتهم
للأوثان، فقد
امتلأت بيوتهم
من المال الذي
ينهبوه منا
ظلمًا.
المظلمون
هم أيضًا
الشياطين
التي اغتنمت
نفوس البشر
قبل مجيء
المسيح. فيقول
النبي: اُذكر
يا رب ما قد
عاهدت به وقلت
به بأنبيائك
إنك تخلصهم من
الجحيم،
مساكن الأثمة.
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
لاَ
يَرْجِعَنَّ
المُنْسَحِقُ
خَازِيًا.
الفَقِيرُ
وَالبَائِسُ
لِيُسَبِّحَا
اسْمَكَ [21].
يتحدث
هنا عن الفقر
أو المسكنة
بالروح الذي به
يتكئ المؤمن
على الله
ليصير الله
نفسه كنزه وغناه،
فتتهلل نفسه
على الدوام،
ولا تتوقف
أعماقه عن
التسبيح.
المسيح
يحب الفقر
v تواضع
لأجلنا
إراديًا،
وجاء إلى أقصى
حد الفقر حتى
قال:
للثعالب
أوجرة وللطير
مظلَّة، وليس
لابن الإنسان
موضع حيث يسند
رأسه.
أحِب
الفقر بكل هذه
(القوة) بحيث
لا يريد أن يقتني
مَن يحبه
شيئًا.
من
لم يرد أن
يقتني شيئًا في
العالم، هذا
عرفه وهذا
أحبه من كل
قلبه.
النفس
التي أبغضت
زينة العالم
وشهواته هي بيته
ومنزله وفيها
يسكن.
الفِلسان
الموجودان في
بيت الأرملة
لم يحلّ عندها
إلى أن
أخرجتهما
وأعطتهما.
سمعان
كان يقتني
شبكة صغيرة،
حالما ألقاها
تبع ابنَ
الله.
الرسل
لم يقتنوا سوى
شِراك السمك
على الأرض
وتركوها، وها
أنهم أغنياء
في الملكوت.
زكا
العشار الذي
كان بيته
مملوءًا غنى
عندما دخل
المسيح ليأكل
فيه وزعه
حالًا.
زكا
لم يترك شيئًا
في بيته دون
أن يوزعه،
لأنه رأى بأن
ربه يحب
الفقر.
لا
يدخل إلى بيت
يجد فيه
الذهب، لأنه
خطف مكانه منه
وهو لا يلزم.
قام
الذهب وصار
سيدًا حيثما
وُجد، ولو دخل
إليه سيد آخر
احتقره ورذله.
لا
تقدر أن تخدم
بكل قوتك
ربَين اثنين:
الله والمال.
واحد
يُكرم وآخر
يُحتقر، لأنك
لا تقدر أن
تُكرم
الاثنين
بالتساوي.
أمر
أن تحب الرب
ربك من كل
قلبك، فلو
اقتنيت معه
الذهب فإنك لا
تحبه.
الذهب
يسلب كل قلبك
ويجعله
مُلكه، ويظَل
الله بدون
محبتك من كل
قلبك[31].
القديس
مار يعقوب
السروجي
v يجدر
بالذهن أن
يلتصق بهذه
العبارة على
الدوام،
فيتقوى
باستخدامها
الدائم،
والتأمل المستمر
فيها، بهذا
يطرد عنه كل الأفكار
الأخرى
الغبية
مستهينًا
بها... مكتفيًا
بفقر هذه
العبارة
الوحيدة.
وهكذا يبلغ
بأقصى سرعة
إلى التطويب
الوارد في
الإنجيل، محتلًا
مكان الصدارة
بين
التطويبات،
إذ يقول: "طوبى
للمساكين
بالروح، لأن
لهم ملكوت
السماوات" (مت
5: 3).
وإذ
يصير الإنسان
مسكينًا للغاية
بفقرٍ كهذا،
يتحقق فيه قول
النبي:
"الفقير والبائس
ليسبحا اسمك"
(مز 74: 21). حقًا أيّ
فقر أشد من أن
يعرف إنسان عن
نفسه أنه بلا
قوة ليدافع بها
عن نفسه،
طالبًا العون
اليومي من جود
غيره. وهكذا
يعلم أن كل
لحظة من لحظات
حياته تعتمد
على العناية
الإلهية...
فيصرخ إلى
الرب يوميًا:
"أما أنا
فمسكين
وبائس، الرب
يهتمُّ بي" (مز
40: 17).
هكذا
يصعد بواسطة
الاستنارة
الروحية إلى
معرفة الله من
جوانب
متعددة،
ويتقوّت
بأسرار عالية
مقدسة، كقول
النبي:
"الجبال
العالية للوعول،
الصخور ملجأ
للوبار
(للقنفذ)" (مز 104: 18).
هذا
ينطبق تمامًا
على المعنى
الذي نقدمه،
لأن من يسلك
في بساطة
وبراءة لا
يؤذي أحدًا،
مكتفيًا
بالجهاد
لحماية نفسه
من أذية
أعدائه. ويكون
مثل قنفذ روحي
يتدرع دائمًا
متحصنًا في
صخرة الإنجيل،
أي محتميًا
بتذكر آلام
الرب... ولقد
جاء في سفر
الأمثال عن
هذا القنفذ
الروحي
"الوبار (القنفذ)
طائفة ضعيفة،
ولكنها تضع
بيوتها في الصخر"
(أم 30: 26)…
[32]
الأب
إسحق
v تحدث
الكتاب
المقدس عن
الغنى
والممتلكات
بطرق ثلاث: ما
هو صالح، وما
هو رديء، وما
هو ليس بصالحٍ
ولا رديء.
فالممتلكات
الرديئة تلك
التي قيل
عنها:
"(الأغنياء)
الأشبال
احتاجت
وجاعت" (مز 34: 1).
"ويل لكم أيها
الأغنياء،
لأنكم قد نلتم
عزاءكم" (لو 6: 24).
الزهد في هذا
الغنى فيه سمو
في الكمال، إذ
يقول الرب عن
الفقراء:
"طوبى
للمساكين
بالروح، لأن
لهم ملكوت
السماوات" (مت
5: 3)، وجاء في
المزمور: "هذا المسكين
صرخ، والرب
سمعه" (مز 34: 6)
وأيضًا: "الفقير
والبائس
يسبحان اسمك"
(مز 74: 21).
الغني
الصالح هو ما
يمتلكه من
يسعى إلى عمل
الفضيلة
العظيمة عن
استحقاق،
صانع البرّ
الذي يمدحه
داود، قائلًا:
"نسله يكون
قويًا في
الأرض، جيل
المستقيمين
يُبارَك، رغد
وغنى في بيته
وبرّه قائم
إلى الأبد" (مز
112: 2-3). وقيل أيضًا:
"فدية نفس رجل
غناه" (أم 13: 8).
وعن هذه
الثروات كُتب
في سفر الرؤيا
عن ذاك
المفتقر
والمُعدم من
هذا الغنى...
"أنا مزمع أن
أتقيأك من
فمي، لأنك تقول
أنا غني وقد
استغنيت ولا
حاجة لي إلى
شيء، ولست
تعلم أنك أنت
الشقي
والبائس
وأعمي
وعريان، أشير
عليك أن تشتري
مني ذهبًا
مُصفى بالنار
لكي تستغني،
وثيابًَا
بيضًا لكي
تلبس، فلا
يظهر خزي
عريتك" (رؤ 3: 16- 18).
يوجد
أيضًا الغنى
الذي ليس
بصالحٍ ولا
رديء،
فيُمكن أن
يكون صالحًا
أو رديئًا حسب
رغبة مستخدمه
وشخصيته. في
ذلك يقول
الرسول
الطوباوي:
"أوصِ
الأغنياء في
الدهر الحاضر
أن لا
يستكبروا ولا
يلقوا رجاءهم
على غير
يقينية
الغنى، بل على
الله الحيَ
الذي يمنحنا
كل شيءٍ بغنى
للتمتع، وأن
يصنعوا
صلاحًا، وأن
يكونوا
أغنياء في
أعمال صالحة،
وأن يكونوا
أسخياء في
العطاء،
وكرماء في
التوزيع، مدَّخرين
لأنفسهم
أساسًا حسنًا
للمستقبل، لكي
يمسكوا
بالحياة
الأبدية" (1 تي 6:
17-19).
هذا
الغني احتفظ
به الغني
المذكور في
الإنجيل ولم
يقبل أن يعطي
الفقراء،
بينما كان
لعازر المسكين
ملقى عند بابه
يرغب أن يقتات
بالفتات
الساقط من
مائدته، لذلك
حُكم عليه
بالنيران غير
المحتملة
ولهيب جهنم
الأبدية (لو 14: 19
الخ) [33].
الأب
بفنوتيوس
v يقدم
كل واحدٍ
للهيكل حسب
قدرته. فالبعض
يقدمون
ثيابًا ثمينة
برفيربة،
والبعض
ثيابًا مواشاة،
والبعض
ثيابًا
حريرية، أما
أنا فإنني أسر
إن أمكنني أن
أُقدم لهيكل
الرب جلود
الماعز.
فالذين قد ارتفعوا
إلى كمال تام
قليقدموا لله
فضائلهم السامية
وتأملاتهم
الرفيعة، وأما
أنا فيكفيني
أن أقدم له
ذلي ودناءتي
باعترافي
أنني إنسان
خاطئ مملوء من
الزلات والنقائص،
وخالٍ من كل
خيرٍ مطلقًا.
القديس
جيروم
٦. خاتمة
قُمْ
يَا اللهُ.
أَقِمْ
دَعْوَاكَ.
اذْكُرْ
تَعْيِيرَ
الجَاهِلِ
إِيَّاكَ اليَوْمَ
كُلَّهُ [ع22].
دعوى
قديسيه هي
دعوى الله
نفسه. كل
أهانه أو اضطهاد
موجه ضدهم
يُحسب كأنه
ضده هو
شخصيًا. هذا
ما أعلنه
السيد المسيح
نفسه حين قال
لشاول الطرسوسي:
"لماذا
تضطهدني؟" (أع
9: 4)
v بقوله
"قضاؤك"
و"تعييرك"
يخبر بأن ما
يحل عليهم (من
أهوال) يعود
إلى الله
(أبيهم).
الأب
أنثيموس
الأورشليمي
لاَ
تَنْسَ
صَوْتَ
أَضْدَادِكَ
ضَجِيجَ
مُقَاوِمِيكَ
الصَاعِدَ
دَائِمًا [ع23].
إذ
يطلب المرتل
تدخُّل الله،
متوسلًا أن
ينقذ شعبه من
الأعداء
المقاومين،
يسأله ألا
ينسى اللهجة
التي
يستخدمها الأشرار،
والعنف
والضجيج ضد
اليمامة
الوديعة الهادئة.
فإنه لا رجاء
لها إلا في
الله ليقف سندًا
لها ضد
الجماهير
المسلحة
والثائرة بلا
سبب!
من وحي مز 74
إلى متى يا
رب تنسانا!
v
هوذا
إبليس
المفترس يصب
كل طاقاته
ضدنا!
لن
ييأس ولن
يهدأ،
مترجيًا أن
يقتنينا له!
أنت
مخلص العالم
كله.
من قبل
أن نوجد خططت
لخلاصنا.
أعمالك
منذ القدم
تشهد لحنوك
نحونا.
v
أنت
نصيبنا ونحن
نصيب ميراثك!
نعتز
بك لأنك متَّ
وخلصتنا،
وأنت
تعتز بنا لأنك
الحب كله!
جعلتنا
مقدسًا لك.
لكن
العدو مصمم أن
يقتحم مقدسك.
يود أن
يُلحق الخراب
بنا كما لحق
به.
إنه
يزمجر
ليقاومك في
أشخاصنا!
v
يضرب
العدو كما
بفؤوس
ومعاولٍ،
ليحطم
كل ما صنعته
يدك فينا!
يطلق
نيران شره
علينا.
لقد
نزلت إلينا
كيد الآب
القوية.
بسطت
يديك على
الصليب
واقتنيتنا.
وهبتنا
البنوة
لأبيك، فننعم
بشركة
الأمجاد
الأبدية.
v
هوذا
التنين - في
المياه – يود
أن يفترسنا.
نزلت
إليه في
المياه وشققت
البحر وجففت
الأنهار.
كسرت
رؤوس إبليس من
أجلنا.
جعلته
أضحوكة، يسخر
به الأطفال
الصغار.
لم يعد
للوحش سلطان
على اليمامة
البسيطة.
أطلقتنا
كيمامةٍ تطير
كما في السماء.
لم يعد
للعدو أن يلحق
بنا،
وليس
له سلطان
علينا.
ليخزَ
العدو،
ولتنكسر كل
شباكه، وتبطل
كل حيله.
لك
المجد يا منقذ
المساكين
ومنسحقي
القلوب.
لك كل
تسبيح يا مخلص
البؤساء
الضعفاء.
أنت هو
قوتنا
وتسبحتنا
وتهليل
نفوسنا الدائم!
[1] W.S.Plumes: Ps 74.
[2] On Ps. 74.
[3] On Ps. 74.
[4] Prayer of David 4:7:26.
[5] History
of the Arians, 33.
[6] Plumer, Ps. 74.
[7] Four Discourses against the Arians 4: 26.
[8]On Ps. 74.
[9] مقال
13: 28.
[10] Letter 69, to Oceanus, 6.
[11] Orthodox Faith, 4: 9.
[12] Ibid. 10.
[13] مقال 13: 36.
[14]
الترجمة
السبعينية أي
40: 26 عوض أي 41: 7.
[15] مقال 3: 11.
[16]
ترانيم ضد
جوليان الملك
الذي ارتد عن
الإيمان وضد
الهراطقة
واليهود 1،
تعريب عايدة
بشاي.
[17] Cat. Lect. 3:11,12.
[18] On Joshua, homily 6: 1.
[19]Paschal Letters, 1.
[20] Homily 91, On the Exodus, The Vigil of Easter.
[21]On Ps. 73.
[22]On Ps. 74.
[23] عظة 5 على
نشيد
الأناشيد
ترجمة
الدكتور جورج
نوّار.
[24]On Ps. 74.
[25]
عظات للعلامة
أوريجينوس على
سـفر إرميا
ترجمة جاكلين
سمير كوستى، 8:10.
[26] In Lev. Hom 16:6.
[27] Homily 76 on Mark 1: 13-31.
[28] Homily 93, On Easter Sunday.
[29] Sermon 105: 7.
[30]On Ps. 74.
[31]
الميمر 66 على
شجرة معرفة
الخير والشر
وعلى الصدقات
وعلى الفقر
(راجع نص بول
بيجان
والدكتور
بهنام سوني).
[32] Cassian, Conferences 10:11.
[33] St. John Cassian: Conference 3:9.
(See also Conf. 6:3 Abbot Theodore).