المزمور السادس والثمانون

استجب لي يا رب

 

يتغنى الشعب اليهودي بهذا المزمور في "اليوم الكبير" بكونه يوم الكفارة العظيم عن الشعب كله، كما عن كل مؤمنٍ. إنه أشبه بمرثاة شخصية، تصدر عن قلب كل مؤمنٍ صادقٍ في علاقته بالله، كما يضم تسبحة شكر لله، مع صرخة من القلب صادرة عن نفس مُرة بسبب الاضطهاد والضيق. إنه يناسب كل مؤمن حين تئن نفسه من الألم، أو يشعر بمرارة الاضطهاد.

ورد اسم الرب "أدوناي" سبع مرات في هذا المزمور. كما يدعو المرتل نفسه عبد الرب [2، 16].

1. صرخة مؤمنٍ متألمٍ            1-7.

2. تسبيح للرب المخلص        8-13.

3. استغاثة من الأعداء           14-17.

 

العنوان

صَلاَةٌ لِدَاوُدَ

جاء عنوان هذا المزمور "صلاة لداود"، وهو يناسب حياة داود وشخصيته، فمع ما بلغه من قمة التقوى والنجاح غير أن سقوطه في الخطية كان رهيبًا، حوَّل حياته إلى صلوات توبة لا تنقطع، كما شعر بضعفه الشديد، وحاجته المستمرة لمساندة الله له.

يوجد اتفاق بين الكثير من الكتَّاب اليهود والمسيحيين، أنه من وضع داود النبي، يرى البعض أنه سجله حين كانت نفسه مُرة بسبب اضطهاد شاول الملك له، أو تمرد ابنه أبشالوم عليه.

 

1. صرخة مؤمنٍ متألمٍ

أَمِلْ يَا رَبُّ أُذْنَكَ.

اسْتَجِبْ لِي،

لأَنِّي مَِسْكِينٌ وَبَائِسٌ أَنَا [1].

كثرًا ما تكررت الطلبة "أمل يا رب أذنك"، ففي مرارة نفس صرخ حزقيا الملك إلى الرب الجالس فوق الكاروبيم: "أمل يا رب أذنك واسمع. افتح يا رب عينيك وأنظر" (2 مل 19: 16). كثيرًا ما كرر المرتل هذه العبارة (مز 17: 6؛ 31: 2؛ 45: 10) وهو تعبير يصدر من شخصٍ يشعر أنه أشبه بطفلٍ على صدر أبيه يود أن يهمس في أذنيه. إنه يصدر عن شخصٍ وديعٍ متواضعٍ، يُسر به الرب القائل: "تعلموا مني، فإني وديع ومتواضع القلب".

بقوله: "أمل يا رب أذنك"، يود المرتل أن يقول له، إنني عاجز عن أن أعبر عما في داخلي بفمي ولساني، وليس من أحدٍ يقدر أن يسمع تنهدات قلبي، ويدرك ما في أعماقي، ويشاركني مشاعري سواك.

لعل المرتل شعر بأنه قد حُرم في كثير من الأوقات من الشركة الجماعية في العبادة بسبب اضطهاده وهروبه. لكن الله وحده يقَّدر ما في أعماقه!

يرى القديس أغسطينوس أن المتحدث هنا ربنا يسوع المسيح الذي من أجلنا صار مسكينًا وبائسًا، لكي يغنينا به. يقول [يصلي لأجلنا، بكونه كاهنًا، ويصلي فينا بكونه رأسنا، ويُصلى إليه منا بكونه إلهنا. ليتنا نعرف كلماتنا فيه، وكلماته فينا... إننا نصلي إليه، وبه وفيه؛ ونتحدث معه وبه وفيه[1]].

v   إنه يميل بأذنه إن كنت لا ترفع رقبتك، فإنه قريب من المتواضعين، وبعيد عن المرتفعين...

إنه هو في الأعالي، ونحن أسفل، لكننا لسنا متروكين. "نحن خطاة مات المسيح لأجلنا، فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بارٍ. ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضًا أن يموت" (رو 5: 7، 8). لكن ربنا مات لأجل الأشرار. إذ لم يتقدمنا أي استحقاق لنا من أجله مات ابن الله، بل بالحري إذ لا توجد استحقاقات ظهرت رحمته عظيمة... "لأني مسكين وبائس أنا". لا يميل أذنه للغني، بل للمسكين والبائس، أي للمتواضع الذي يعترف إليه أنه محتاج إلى رحمته، وليس إلى المكتفي الذي يرفع نفسه ويفتخر، كمن لا يحتاج إلى شيءٍ. هذا الذي يقول: "أشكرك أني لست مثل هذا العشار". فقد افتخر الفريسي باستحقاقاته، واعترف العشار بخطاياه (لو 18: 11-13)...

لا يأخذ أحد يا إخوتي ما قلته كما لو كان الله لا يسمع للذين لديهم ذهب وفضة وأسرة وحقول. فإبراهيم في غناه كان مسكينًا ومتواضعًا، يحترم كل الوصايا ويطيعها. بالحق كان يحسب كل غناه كلا شيءٍ، وبحسب وصية الله كان مستعدًا أن يقدم ابنه ذبيحة (تك 22: 10)، الذي لأجله كان يحفظ كل ثرواته. لتتعلموا أن تكونوا مساكين ومحتاجين سواء كان لديكم شيء في هذا العالم أو لم يكن لديكم[2].

القديس أغسطينوس

v   أضعفت خطاياي نفسي، وأخفض الحياء صوتي، لذا أرجوك أيها الطبيب الرحوم أن تتنازل إلى تواضعي، وتميل سمعك، لأني متعدي على أعمال الصلاح وخالي من العون البشري. لكنني لست استعين بالناس بل بك وحدك،... وأنا استغفر ذاتي لكي ما استحق الطوبى التي تقولها للمساكين بالروح[3].

الأب أنسيمُس أسقف أورشليم

احْفَظْ نَفْسِي لأَنِّي تَقِيٌّ.

يَا إِلَهِي خَلِّصْ أَنْتَ عَبْدَكَ الْمُتَّكِلَ عَلَيْكَ [2].

الكلمة المترجمة هنا "احفظ" تستخدم أحيانًا كتعبير حربي عن الحراسة والدفاع والحماية. فالمرتل يشعر دومًا بالحاجة إلى حماية الله له: "احفظني يا الله، لأني عليك توكلت" (مز 16: 1). إنه في حاجة إلى حماية إلهية لحياته المهددة بالدمار، ولنفسه الخالدة حتى لا تفقد مجدها الأبدي.

بقوله "لأني تقي" أو لأني مقدس، لا يعني أنه يبرر نفسه أمام الله، لكنه يدافع عن نفسه، حيث يتهمه من هم حوله بالشر بسبب ما يلحق به من متاعبٍ وتجاربٍ وضيقاتٍ. هذا ما حدث مع داود النبي كما مع غيره مثل أيوب البار القديسين بطرس وبولس ويوحنا وغيرهم: "عزيز في عيني الرب موت أتقيائه" (مز 116: 15).

"تمسكت ببرَّي ولا أرخيه، قلبي لا يعير يومًا من أيامي" (أي 27: 6).

"نعم يا رب أنت تعلم إني أحبك" (يو 21: 16).

"ألست أنا رسولًا؟! ألست أنا حرًا؟! أما رأيت يسوع المسيح ربنا؟! ألستم أنتم عملي في الرب؟!" (1 كو 9: 1).

يحلو للمرتل أن يدعو نفسه عبدًا لله، مكررًا هذه التسمية في نفس المزمور، فإن من ذاق التحرر من عبودية الخطية يشعر بعذوبة العبودية لله، التي تهب النفس نوعًا من الحرية وفرحًا وسلامًا.

مع دعوة نفسه أنه تقي لا يعتد بتقواه، بل يتكل على نعمة الله، إذ يصرخ: "يا إلهي خلص أنت عبدك المتكل عليك".

يرى القديس أغسطينوس أن المتحدث هنا السيد المسيح الذي وحده قدوس (تقي) بلا خطية. وإذ نلبس المسيح (غل 3: 27)، يحق لنا ككنيسة جامعة وكأعضاء فيها أن نقول إننا به قديسون وأتقياء، لكن ليس من عندنا، إنما كعطية من عنده.

ارْحَمْنِي يَا رَبُّ،

لأَنِّي إِلَيْكَ أَصْرُخُ الْيَوْمَ كُلَّهُ [3].

في دالة مع ثقة في عمل الله يصرخ اليوم كله مرة فأخرى بغير يأس. ومع دعوة نفسه أنه تقي يطلب مراحم الله طول النهار. وهذا اعتراف ضمني أنه خاطي ومحتاج كل النهار إلى غفران خطاياه.

جاء الفعل "أصرخ" في صيغة المستقبل، وكأنه يعلن أنه يبقى يصرخ كل يوم بلا توقف لأنه محتاج دومَا إلى مراحمه.

يرى القديس أغسطينوس أن الكنيسة جسد المسيح كأنها إنسان واحد، يصرخ إلى نهاية العالم، ويسمع الرب صوته، ويشفع رأسنا الواحد فينا لدى الآب.

v   ليس ليومٍ واحدٍ، إنما لنفهم "كل يوم" بمعنى الاستمرارية، فإن الوقت الذي فيه يئن جسد المسيح في آلام إلى نهاية العالم. فإلى أن تعبر الضيقات تنهد الإنسان ويدعو الله. كل واحدٍ منا يساهم في تلك الصرخة التي للجسد كله حسب قياسه[4].

القديس أغسطينوس

فَرِّحْ نَفْسَ عَبْدِكَ،

لأَنَّنِي إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي [4].

لا يطلب أن ينزع الله منه الحزن والمرارة فحسب، بل يطلب أن يملأ نفسه بفرح الروح. إنه يرفع نفسه أو يقدم نفسه لله مصدر الفرح الحقيقي. إنه يرفع نفسه إلى الرب، كمن لا يأتمن قضيته في يدٍ أخرى سوى يد إلهه.

لقد طلب من الرب أن يفرِّح نفسه، كما يرفع نفسه إليه، فما يشغله لا الخلاص من متاعب جسدية، إنما تمتع أعماقه بفرح الرب، وارتفاع نفسه كمن تطير إلى مصدر خلاصها.

v     ساهموا معي في تعبي، لأنكم ترون ما قد تعهدت به، ومن أكون أنا الذي قد تعهدت به. إنكم ترون ما أرغب الحديث عنه، وأين، وما هو حالي سوى أني في "الجسد البالي يُثقل النفس، والمسكن الأرضي يُثقل العقل الكثير الاهتمام" (حك 9: 15). لهذا أجرد فكري من الأشياء العديدة، وأجمعه في الإله الواحد، الثالوث غير القابل للانقسام، حتى أستطيع أن أرى شيئًا أتحدث عنه. فليعرفوا أنني في ذلك الجسم (الذي) يثقل النفس أستطيع أن أقول: "إليك يا رب أرفع نفسي" (مز 86: 4)، ذلك لكي ما أستطيع أن أحدثكم عن أمور جديرة في الموضوع. فليساعدني الرب وليرفع نفسي معي. لأنني ضعيف جدًا بالنسبة له، وهو قدير جدًا بالنسبة لي[5].

v     أنت وحدك هو البهجة، والعالم كله مملوء بالمرارة. بسبب حسن ينصح بالتأكيد أعضاءه أن ترفع قلوبها... فالقلب الذي يرتفع إلى الله لا يفسد... لا يرتفع القلب مثل الجسد، فالجسد يرتفع بتغيير الموضع، أما القلب فيرتفع بتغيير الإرادة[6].

القديس أغسطينوس

لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ صَالِحٌ وَغَفُورٌ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ،

لِكُلِّ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ [5].

رجاؤنا في الرب وثقتنا فيه واعتمادنا عليه إنما يقوم على إدراكنا لسماته، كما تعلنها لنا كلمة الله، ويشهد لها التاريخ وخبرتنا الماضية في التعامل معه.

v   لم يُوجد قط أي ملك عادل وفي نفس الوقت مخَّلص ووديع وجاء إلى أورشليم راكبًا على أتان إلا ذاك وحده الذي هو ملك الملوك، الله المخلَّص، يسوع. إنه لطيف وغني في الرحمة لكل الذين يدعونه (مز 86: 5)[7].

القديس ساويرس الأنطاكي

v   "لأني إليك يا رب أرفع نفسي" [4]. كيف أرفع نفسي؟ قدر ما استطعت، إذا أعطيتني قوة؛ قدر ما أمسكت بها عندما هربت... بالضعف أنا أغرق، لتشفني فأقف. قوّني فأتقوى. إلى أن تفعل هذا احتملني. "لأنك أنت يا رب صالح ورءوف وكثير الرحمة" [5]. فكلما كثرت آثامنا هكذا تزداد رحمتك "لكل الداعين إليك" [5][8].

القديس أغسطينوس

أِصْغَ يَا رَبُّ إِلَى صَلاَتِي،

وَأَنْصِتْ إِلَى صَوْتِ تَضَرُّعَاتِي [6].

يتوسل المرتل إلى الله كي يتعهد قضيته بنفسه، فليس له معين سواه.

v   يا لعظم غيرة ذاك الذي يصلي! بمعنى لا تسمح لصلاتي أن تذهب بعيدًا عن أذنيك؛ ثبتها في أذنيك... ليُجب الله ويقول لنا: "أتريد أن أثبت صلاتك في أذني؟ ثبت أنت ناموسي في قلبك![9]

القديس أغسطينوس

فِي يَوْمِ ضِيقِي أَدْعُوكَ،

لأَنَّكَ تَسْتَجِيبُ لِي [7].

هذه هي خبرته في تجاربه الماضية، ليس من إنسانٍ بلا يوم ضيقٍ، مهما بلغ مركزه أو كانت إمكانياته.

v   ليته لا يقول إنسان مسيحي إنه يوجد يوم لم يتضايق فيه. فبالقول: "اليوم كله" [3] يُفهم كل الزمن... لأننا "ونحن مستوطنون في الجسد، فنحن متغربون عن الرب" (2 كو 5: 6). مع كل ما سنذخر به هنا إلا أننا لسنا في المدينة التي نسرع إليها. فمن يجد عذوبة في أرض الغربة لا يحب مدينته، لو أن مدينته حلوة فالسفر مُر، وإن كان السفر مرًا فإنه في ضيق اليوم كله[10].

القديس أغسطينوس

 

 

2. تسبيح للرب المخلص

لاَ مِثْلَ لَكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ،

وَلاَ مِثْلَ أَعْمَالِكَ [8].

أعمال الله في الطبيعة وفي رعايته الفائقة للبشرية تشهد لوجوده وحبه، أما من لا يلمس ذلك فمهما حدثت من معجزات لا يؤمن بالله كما ينبغي. ليس من وجه للمقارنة بين الله، وأي كائن آخر، فهو وحده قادر أن يخلص إلى التمام، بإرادته وحكمته وحبه.

يرى القديس أغسطينوس أن المرتل يوبخ الوثنيين الذين يعبدون الأصنام كما يعبدون الملائكة أو أية طغمة سماوية.

v   لسنا نعرف الملائكة كما هم تمامًا. يتعبد الملائكة لله الواحد، ولا يؤيدون الناس الذين يرغبون في عبادة الملائكة لا الله. إذ نجد ملائكة من طغمة عالية يمنعون البشر من التعبد لهم، ويوصوهم أن يعبدوا الله الحقيقي (رؤ 19: 10)[11].

القديس أغسطينوس

v   كمثال، لا يقارن أحد الله بالإنسان، وأيضًا الإنسان بالحيوان، ولا الخشب بالحجارة، لأن طبائعهم مختلفة، ولكن الله فوق كل مقارنة، أما الإنسان فيقارن بإنسانٍ، والخشب بخشبٍ، والحجر بحجرٍ[12].

القديس أثناسيوس الرسولي

v   لما جاء ربشاقي مع عساكر الأشوريين، كان يجدف على الله قائلًا إن آلهة البلاد لم تستطع على خلاص بلادها فكيف يخلص إلهكم أورشليم من صولة الأشوريين. فلما بلغت هذه التجاديف مسامع حزقيا الملك جُرح قلبه وتنهد إلى الله، وهتف قائلًا: ليس لك شبيه في الآلهة يا رب...

قال القديس أثناسيوس إن المزمور يدعو الأنبياء آلهة، هؤلاء الذين صار فيهم كلام الله. فيقول النبي إنه ليس في الأنبياء من يقدر أن يصنع خلاص البشرية كما تقدر أنت أيها الإله الحقيقي، ولا مثل أعمالك، وذلك كما جاء الأنبياء. إنه ليس شفيع ولا ملك إلا رب خلاصهم. فالقديسون صنعوا أيضًا آيات، لكنهم لم يصنعوها بقدرتهم الذاتية، وإنما بالتماسهم قدرة الله. أما المسيح فيصنعها بقدرة لاهوته.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

كُلُّ الأُمَمِ الَّذِينَ صَنَعْتَهُمْ يَأْتُون،َ

وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ يَا رَبُّ،

وَيُمَجِّدُونَ اسْمَكَ [9].

بين الحين والآخر تكشف كلمة الله عن دعوة كل الأمم لقبول الإيمان: "تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض، وتسجد قدامك كل قبائل الأمم. لأن للرب الملك، وهو المتسلط على الأمم (مز 22: 27-28).

يرى البعض في هذه العبارة نبوة عما سيحدث حين تقبل كل الأمم الإيمان، ويحل السلام على كل المسكونة، ويتمجد اسم الله كما جاء في العبارات التالية:

"وشعب سوف يُخلق يسبح الرب" (مز 102: 18).

"اجتمعوا يا كل الأمم معًا، ولتلتئم القبائل" (إش 43: 9).

"سبحوا الرب يا جميع الأمم، وامدحوه يا جميع الشعوب" (رو 15: 11).

"من لا يخافك يا رب ويمجد اسمك، لأنك وحدك قدوس، لأن جميع الأمم سيأتون ويسجدون أمامك، لأن أحكامك قد ُأظهرت" (رؤ 15: 4).

v     قبل أن يصير الكلمة جسدًا كان العالم كله يحكمه الشيطان، الشرِّير، الحيَّة، المرتدّ. وكان المخلوق يُعبد دون الخالق الصانع. ولكن إذ صار كلمة الله الابن الوحيد الجنس إنسانًا، امتلأت الأرض كلها من مجده. إذ تخضع كل ركبة له، وكل قبيلة ولسان يعترف له ويخدمه، كما يقول الكتاب (في 2: 10-11). تنبَّأ أيضًا داود عن هذا بالروح، إذ قال: "كل الأمم الذين صنعتهم يأتون، ويسجدون لك يا رب" (مز 86: 9). هذا قد تحقق عندما دُعيت جموع الأمم، وانحنى الكل لذاك الذي لأجلنا صار مثلنا، والذي لأجله بقي في سموُّه فوق كل الأشياء[13].

v     أبصر كل إنسان خلاص الله الآب، لأنه أرسل ابنه فاديًا ومخلصًا من غير أن يقتصر الأمر على قوم دون آخرين... لأن رحمة المخلص غير محدودة، لم تخلص أمة دون أخرى، بل افتدى المسيح جميع الأمم وأضاء بنوره على كل الذين في الظلمة[14].

القديس كيرلس الكبير

v   المعلم الصالح، الحكمة، كلمة الآب الذي خلق الإنسان، يهتم بكل طبيعة خليقته، طبيب كل الجنس البشري بما فيه الكفاية، المخلص، شافي الجسد والنفس[15].

القديس إكليمنضس السكندري

v   إنه يُعلن عن الكنيسة: "كل الأمم!"[16]

القديس أغسطينوس

v   هذا القول هو نبوة عن دخول الأمم إلى الإيمان بالله حين ظهوره على الأرض... وهذا ما قد حُرر أن الذي يقوم من أصل يسى يرأس الأمم. وفي نبوة إرميا يقول يأتي الأمم إليك من أقاصي الأرض. مجيئهم ليس بانتقالهم من مكان إلى مكانٍ، لأن الله موجود في كل مكان، بل باقتراب إرادتهم وقلبهم بالإيمان.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

لأَنَّكَ عَظِيمٌ أَنْتَ وَصَانِعٌ عَجَائِبَ.

أَنْتَ اللهُ وَحْدَكَ [10].

الله غير محدود، أبدي كلي القدرة، لا يخضع لقياسٍ ما. ليس في الله ما هو محدود، أو مُدرك بالفكر البشري أو الملائكي المجرد دون إعلان الله نفسه لخليقته.

v   ليته لا يدعو أحد نفسه عظيمًا. يدعو البعض أنفسهم عظماء وقد قيل هذا ضدهم: "أنت وحدك الله العظيم"[17].

القديس أغسطينوس

v   كلمة "وحدك" هناك لا تحصر اللاهوت في أقنومٍ واحدٍ، لكنها تميز الطبيعة الخالقة عن المخلوق.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

عَلِّمْنِي يَا رَبُّ طَرِيقَكَ،

أَسْلُكْ فِي حَقِّكَ.

وَحِّدْ قَلْبِي لِخَوْفِ اسْمِكَ [11].

جاءت عبارة "وحِّد قلبي لخوف اسمك" في الترجمة السبعينية بما معناه: "فليفرح قلبي عند خوفه من اسمك" [11].

هنا يعترف المرتل أنه بدون الله لا يعرف الطريق. يعترف بجهله وحاجته إلى قيادة الله نفسه ليعرف طريق الرب ويسلك فيه. يشعر أنه أشبه بأعمى لا يقدر إنسان ما ولا ملاك ولا خليقة سماوية أن تهبه الاستنارة وتوضح له الرؤية. كما يرى أن الله أقرب إليه من أي كائن آخر، قادر أن يهبه الحكمة، ويقوده في طريق الخلاص. إنه يضع كل رجائه فيه، يهبه المخافة الربانية وروح التقوى، وينزع عنه الانقسام الداخلي والتذبذب.

v   إذن يوجد خوف في البهجة. كيف يمكن أن توجد بهجة إن كان هناك خوف؟ أليس الخوف ينزع إلى الألم؟ إنه يوجد بعد ذلك بهجة بدون خوف، الآن توجد بهجة مع خوف، فإنه لا يوجد ضمان كامل ولا بهجة كاملة. إن لم توجد بهجة نخور، وإن وجد ضمان كامل نفرح بطريقة خاطئة. لذلك فإنه يسكب علينا البهجة، ويضربنا بالخوف. فبعذوبة البهجة يقودنا إلى التمتع بالضمان. وإذ يهبنا الخوف يجعلنا لا نفرح بطريقة خاطئة وننسحب من الطريق...

طريقك، وحقك، وحياتك هي المسيح... تعلم الطريق شيء، والسلوك فيه شيء آخر. لاحظوا أن الإنسان في كل موضع مسكين، في موضع يحتاج إلى عونٍ.

الذين بجوار الطريق ليسوا مسيحيين. وإذ يُجلبون إلى الطريق، ويصيرون منتمين للكنيسة الجامعة في المسيح يلزمهم أن يسلكوا بواسطته في الطريق ذاته لئلا يسقطوا[18].

القديس أغسطينوس

v   طريق الله هو اجتناب المعاصي وملازمة الفضائل هذا الطريق يؤدي إلى الحق، ولن يسلكه إنسان إلا بهداية الله وقوته. لكن الهداية لا تُكتسب إلا بخوفه. لأن رأس الحكمة مخافة الرب، وكل من يكتسب هذا الخوف الذي هو مقدمة الفضائل يفرح قلبه.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ إِلَهِي مِنْ كُلِّ قَلْبِي،

وَأُمَجِّدُ اسْمَكَ إِلَى الدَّهْرِ [12].

إذ يختبر المؤمن مع الرسول بولس الجلوس مع المسيح في السماويات، يملأ الفرح السماوي القلب، ويشارك السمائيين التسبيح الدائم وتمجيد اسم الله القدوس إلى الأبد!

لأَنَّ رَحْمَتَكَ عَظِيمَةٌ نَحْوِي،

وَقَدْ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْهَاوِيَةِ السُّفْلَى [13].

لن يتوقف المؤمن عن التهليل، فقد رفعته المراحم الإلهية كما من الهاوية إلى السماء، وقدمت له الحياة الجديدة المُقامة عوض الموت والفساد. هذا الخلاص العجيب يدفع المؤمن للانطلاق من يومٍ إلى يومٍ للتمتع بمراحمٍ جديدةٍ لا تنقطع، مقتربًا إلى الله في علاقة فريدة.

يقدم لنا القديس أغسطينوس رأيين بخصوص الهاوية السفلى، الأول أنه توجد هاوية سفلى وأخرى عليا نسبيًا، لكنْ كلاهما سفليان. وكأن السيد المسيح نزل إلى الهاوية السفلى لكي لا نبقى في الجحيم أيا كان حالنا. والرأي الثاني وهو مطابق للرأي الأول إلى حدٍ ما، وهو أنه يُوجد في الجحيم درجات.

v   تحدر الخطية الإنسان إلى أعماق الجحيم، كما جاء في الأصحاح الرابع عشر من سفر الأمثال: "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 14: 12).

أيضًا هذا القول نبوة عن قيامة المسيح من الأموات، وتخليصه نفوس الصديقين من الجحيم.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

 

3. استغاثة من الأعداء

اَللهُمَّ الْمُتَكَبِّرُونَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ،

وَجَمَاعَةُ الْعُتَاةِ طَلَبُوا نَفْسِي،

وَلَمْ يَجْعَلُوكَ أَمَامَهُمْ [14].

كلما تهللت نفس المؤمن، والتصقت نفسه بمراحم الله، وانفتحت أمامه أبواب السماء، ثار عدو الخير وقوات الظلمة ضده. هؤلاء هم المتكبرون وجماعة العتاة الذين لن يطلبوا أقل من نفسه، وتدميرها تمامًا، غير واضعين في اعتبارهم أن نفسه محفوظة في يدي الله، وخلاصه قد دُفع ثمنه على الصليب.

لا نخشى هذه المعركة الشرسة، فإن العدو لم يتوقف قط عن إعلان الحرب ضد الآباء الأولين والأنبياء والرسل والتلاميذ وكل مؤمني العهدين القديم والجديد، بل وضد المسيح الخالق نفسه!

جاء في الترجمة السبعينية: "اللهم إن مخالفي الناموس قد قاموا عليّ". وكما يقول القديس أغسطينوس إن مخالفي الناموس ليسو الأمم، إذ كانوا بلا ناموس، بل هم اليهود.

v   إنهم لم يحفظوا الناموس، واتهموا المسيح كما لو كان مخالفًا للناموس. ونحن نعرف ما احتمله الرب. أتظنون أن جسده لا يعاني من هذا الآن؟ كيف يمكن أن يكون هذا؟ "إن كانوا قد لقبوا رب البيت بعلزبول، فم بالأحرى أهل بيته. ليس التلميذ أفضل من المعلم، ولا العبد أفضل من سيده" (مت 10: 24، 25). الجسد يعاني أيضًا من مخالفي الناموس، ويقومون على جسد المسيح...

"ومجمع العتاة طلبوا نفسي". مجمع العتاة هم جماعة المستكبرين... قاموا على الرأس، أي على ربنا يسوع المسيح، صارخين وقائلين بفمٍ واحدٍ: اصلبه، اصلبه (يو 19: 6). هؤلاء الذين قيل عنهم: "بني آدم أسنانهم أسنة وسهام، ولسانهم سيف ماضٍ" (مز 57: 4).

القديس أغسطينوس

v     لقد بلغنا الاحتفال بالخلاص الذي كنا نشتهيه. إنه يوم قيامة السيد المسيح، يوم السلام والمصالحة، اليوم الذي فيه بطل الموت وانهزم الشيطان. في هذا اليوم انضم البشر إلى الملائكة. اليوم يقدم البشر تسابيحهم مع القوات الروحية. اليوم أُبطلت أسلحة الشيطان، انفكت قيود الموت، وأُبيد جبروت الجحيم.

اليوم سحق ربنا يسوع المسيح الأبواب النحاسية، وأزال شوكة الموت. اليوم نستطيع أن نقول مع النبي: "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" (1 كو 55:15)

لقد غير حتى اسم الموت، فلا يدعى بعد موتًا، بل نومًا ورقادًا. كان اسم الموت مخيفًا قبل ميلاد المسيح وصلبه، لأن الإنسان الأول عندما خُلق سمع: "يوم تأكل من هذه الشجرة موتًا تموت" (تك 17:2). وداود النبي يقول: "الشر يميت الإنسان" (مز 21:34). كما كان انفصال النفس عن الجسد يُدعى موتًا وهاوية، ويقول يعقوب أب الآباء: "تنزلوا شيبتي بحزنٍ إلى الهاوية" (تك 38:42). وإشعياء يقول: "وسعت الهاوية نفسها، وفغرت فاها بلا حدود" (إش 14:5). وأيضًا: "لأن رحمتك عظيمة نحوي، وقد نجيت نفسي من الهاوية السفلى" (مز 13:86). هذا المفهوم عن الموت نجده في مواضع أخرى كثيرة من العهد القديم، غير أنه منذ أن قدم المسيح ذاته ذبيحة من أجل كل البشرية، وقام من الأموات ألغى كل هذه الأسماء، وقدم للبشرية حياة جديدة لم تعرفها من قبل، فلا يُسمى بعد الخروج من هذا العالم موتًا بل نومًا أو انتقالًا[19].

القديس يوحنا الذهبي الفم

v   يقول النبي "المنافقون" عن القوات الشيطانية الشريرة. وأما "جماعة الأعزاء" فعن رؤساء الشعب الذين طلبوا قتل المسيح الإله، لأنهم لم يجعلوا الله أمامهم، أي لم يخافوه ولا هابوه.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَهٌ رَحِيمٌ ورءوف،

طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ [15].

قدر ما يثور العدو علينا ويهيج لتحطيمنا معه أبديًا في عنفٍ شديدٍ وقوةٍ، نمتلئ بالأكثر رجاء في الله الرءوف الرحيم الطويل الروح وكثير الرحمة والحق. فالمعركة في حقيقتها هي بين الله القدوس وإبليس المحتال.

v   لماذا هو طويل الروح وكثير الرحمة والحق؟

لأنه عندما عُلق على الصليب قال: "يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23: 34)... الابن يصلي للآب وهو مصلوب من أجل الأشرار، في وسط إهاناتهم له ذاتها، لا بالكلمات بل بالموت، مُعلقًا على الصليب. وكأنه قد بسط يديه أجل هذا، أن يطلب عنهم، وأن صلاته تتوجه كالبخور نحو الآب، يديه مثل ذبيحة مسائية (مز 141: 2)[20].

القديس أغسطينوس

الْتَفِتْ إِلَيَّ وَارْحَمْنِي.

أَعْطِ عَبْدَكَ قُوَّتَكَ،

وَخَلِّصِ ابْنَ أَمَتِكَ [16].

مادامت المعركة في جوهرها هي بين طرفين أحدهما الله نفسه والثاني إبليس، فما على المؤمن إلا أن يطلب من الله أن يلتفت إليه ويسنده برحمته، بل ويهبه أن يلتحف بقوته، لأنه ابن أمته.

هنا يميز الآباء بين السيد المسيح ابن الله الوحيد، قوة الله، وبين المؤمنين أبناء الله بالتبني يتمتعون بقوة الله بالنعمة الإلهية المجانية! ما نناله من قوة هو هبة مجانية ننالها لا عن استحقاقنا الشخصي، بل خلال سؤالنا له! من جانبنا نحن أبناء أمته، نلتزم بالطاعة لأننا نحبه، ومن جانبه سبق فأحبنا وقدم لنا نفسه ملجأ وحصنًا حصينًا!

v   في صلاة داود، يظهر الروح القدس التمييز ذاته، قائلًا في المزامير: "أعطِ قوتك لابنك، وعونًا لابن أمتك. فإن الابن الطبيعي الحقيقي لله غير أبناء الأمة أي طبيعة الأشياء الناشئة. الأول هو الابن له قدرة الآب، أما الباقون هم في حاجة إلى خلاص[21].

القديس أثناسيوس السكندري

اصْنَعْ مَعِي آيَةً لِلْخَيْرِ،

فَيَرَى ذَلِكَ مُبْغِضِيَّ فَيَخْزُوا،

لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ أَعَنْتَنِي وَعَزَّيْتَنِي [17].

مع ما حمله المزمور من صراخٍ من كل القلب، لكنه قي الخاتمة يعلن المرتل ثقته بالتمتع بالخلاص والعون والتعزيات السماوية، وما يصيب عدو الخير من خزيٍ وعارٍ! هذه هي مشاعر المؤمن الصادق حتى قبل تحقيق الخلاص من الشدة والضيقة؛ إنه يشكر الله مقدمًا على ما سيقدمه من عون أكيد!

يرى القديس أغسطينوس في هذا المزمور أن المتحدث هو السيد المسيح، وقد ختم بأن يصنع معه الآب آية للخير، ألا وهي قيامته من الأموات فيخزى الصالبون الذين يرفضون الإيمان.

v     أَتريد، يا حبيبي، أن تكون مكرَّمًا في أعين الناس والله؟ افعل الخير خفيةً (مت 6: 4)، وسيرى الله، ويصنع معك آيةً صالحةً (مز 86: 17 حسب الترجمة القبطية في الإجبية)، وسيمجِّدك كما تمجِّده أنت (اُنظر 1 صم 2: 30)[22].

أنبا ثيؤفيلس البطريرك

v   جعل الله قديمًا علامة (آية) لقايين لكي لا يقتله كل من يصافه، تلك العلامة كانت علامة سوء... لذلك يقول النبي في طلبته: اصنع معي علامة صالحة (آية للخير)، يراها مبغضوك فيخزون، مثل علامة الإسرائيليين في مصر، التي كان يراها المهلك على عتبة أبوابهم فيهرب.

أيضًا طلبته هي علامة صالحة، أعني آية تثبت له ما قد نظره بعين النبوة. وهي أن العذراء تلد وتبقى بتولًا، كقول إشعياء النبي، هذا الذي أعان الجنس البشري عزاه.

الأب أنسيمُس الأورشليمي

 

من وحي المزمور 86

تعهدني أيها الصالح برحمتك

v   أمل يا رب أذنك وأنصت إليَّ،

فإني كطفلٍ صغيرٍ عاجز حتى عن رفع رأسي.

إني مسكين، محتاج إلى رحمتك.

ليس لي ما أبرر به نفسي،

لكني التجأ إلى حبك ورأفتك الكثيرة.

v   طول النهار أصرخ إليك،

ليس لي ملجأ سواك.

وليس من يدرك أعماقي غيرك.

ليس لك شبيه في أبوتك وحكمتك وقدرتك.

v   تعدني أيها الصالح، أيها العجيب في أعمالك.

فإليك ترجع كل الأمم التي خلقتها.

بالفرح والتهليل يسجدون أمامك.

v   املأ حياتي بالبهجة السماوية،

فلا يتسرب اليأس إلى قلبي.

سمَّر خوفك في قلبي،

فلا أنحرف يمينًا ولا يسارًا!

نجني من هاوية الإحباط المُرْ.

v   أعدائي لا يطلبون أقل من نفسي.

فإن إبليس وكل قواته لن يكفوا عن مقاومتي.

التفت إليّ وخلصني من موت الخطية.

أقمني، فأنت هو القيامة والحياة!

 


 

[1] On Ps. 86 (85).

[2] On Ps. 86 (85).

[3] راجع تفسير المزامير لأنثيموُس أسقف أورشليم، أعده للنشر الراهب القس صموئيل السرياني، 1988.

[4] On Ps. 86 (85).

[5] Sermon on NT Lessons, 2:3.

[6] On Ps. 86 (85).

[7] Cathedral Sermons, Homily 20.

[8] On Ps. 86 (85).

[9] On Ps. 86 (85).

[10] On Ps. 86 (85).

[11] On Ps. 86 (85).

[12] Four Discourses Against the Arians, 1: 13: (57).

[13] Is 1:4 PG 70:176B.

[14] In Luc. Ser. 3.

[15] Paedagogus 1: 2.

[16] On Ps. 86 (85).

[17] On Ps. 86 (85).

[18] On Ps. 86 (85).

[19] PG 52:765-772. ترجمة: د. سعيد حكيم يعقوب (المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة)

[20] On Ps. 86 (85).

[21] Four Discourses Against the Arians, 2:19 (50).

[22] رسالة القديس أنبا ثيئوفيلس إلى الرهبان، 6 (فردوس الآباء).