"إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله، إن كان يخدم أحد فكأنه من قوة يمنحها الله، لكي يتمجد الله في كل
شيء بيسوع المسيح الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين.. آمين"( 1بط 4)
جاء يوحنا إلى الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا، و يقول:"يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أنحني وأحل سيور حذائه.. أنا عمدتكم بالماء، أما هو فسيعمدكم بالروح القدس" و كان يشهد لشعب اليهود قائلاً:"قد وضعت الفأس على أصل الشجرة.. فكل شجرة لاتصنع ثمراً جيداً تقطع، وتلقى في النار، فتوبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات.. وكانت الجموع تفكر في قلوبهم هل يوحنا هو المسيح؟ فسأله كهنة ولاويون من أورشليم قائلين:"من أنت".. فاعترف وأقر:"إني لست أنا المسيح".. ولما نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه ، قال:" هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم! هذا هو الذي قلت عنه:"يأتي بعدي رجل صار قدامي، لأنه كان قبلي.." ،وشهد يوحنا أيضاً قائلاً:"لست أنا المسيح؛ أنا مرسل أمامه.. ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص"..
شهد يوحنا المعمدان للحق بقوة.. وقد وصفت كرازته بأنها صوت صارخ في البرية، وذلك إشارة لقوة كرازته التي أيقظت المتوانين، والمتهاونين.. ولم يحدث قط أن ضعف يوحنا، وجامل سامعيه بكلام معسول لينال رضاهم، لكنه أعلن لهم صراحة خطورة عدم التوبة، لأن الديان قد وضع الفأس على أصل الشجرة؛ ليقطع كل شجرة غير مثمرة، ويلقيها في النار.. وشهد المعمدان للمسيح بقوة ؛ فأكد مراراً بكل صراحة أنا لست المسيح، و أن الذي يأتي بعدي هو أقوى منى وقد صار قدامي لأنه هو المسيح.. وأعلن يوحنا فرحه بالمسيح، لأنه العريس الذي أتى ليتحد بعروسه الكنيسة.. ورغم تقدير الناس والتفافهم حوله لم ينخدع يوحنا بذلك؛ بل ظل يؤكد أنه ينبغي أن ينقص هو، ويزيد المسيح، وأصر أنه ليس مستحقاًّ لفك سيور حذاء المسيح، ولم يضعف، أو يضطرب أمام سلطان هيرودس الذي ألقاه في السجن، فلم يتراجع عن الشهادة للحق، وظل يقول له:"لا يحل لك أن تأخذ هيروديا زوجة أخيك زوجة لك"، و ظل يوحنا يشهد للحق حتى قطع هيرودس رأسه ثمناً لشهادته للحق..
أخي.. أختي:
لقد امتلأ القديس يوحنا المعمدان بالقوة قبل نزوله للخدمة، ففي البرية حيث تعلم الصلاة والجهاد.. تزود المعمدان بكل ما يلزمه لنجاح أعظم مهمة أسندت لبشر، وهي تهيئة الطريق أمام المسيح الرب الآتي للعالم.. فإن أردت أن تقدم خدمة، أو شهادة لله، فاحرص على طلب نعمة الله لتمتلئ من قوة الله أولاً، و لتضمن نجاح العمل، لأن هذا هو سر القوة في خدمة المعمدان..